Skip to main content

Full text of "الرحيق المختوم pdf"

See other formats




بعَنَث بي اتير البو ااصاحبها أفضّل ا لصَّلادَوالسَلامٌ 


وار 6 


مِحَةٌأَلتَلفِيّة. الهنْد 





د دارة ار اه 
دَولةقطر 








قر ىر . حَقوق الطيع موه 2 ناظة 


الم كع ه-ل7. 5 


مسانارعاتم 


كلمة 
معالى الشيخ محمد على الحركان 


الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي 


الحمد لله رب العالمين » خالق السموات والأرض ». وجاعل الظلمات والنور » وصل الله 
على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والرسل أجمعين , بسر وأنذر » ووعد وأوعد » أنقذ الله به البشر من 
الضلالة » وهدى الناس إلى صراط مستقيم » صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض 
ألا إلى الله تصير الأمور , وبعد : 

فلما أعطى الله سبحانه وتعالى لرسوله ع الشفاعة والدرجة الرفيعة » وهدى المسلمين إلى 
حبته » وجعل اتباعه من محبته تعالى فقال تعالى # قلَإن كسمت تون الله فَأََعُونِ يُحر15 
أله وَيضْ لك كروب » فكان هذا من الأسباب التي صيرت القلوب عبفو إلى محبته علق , 
وتتلمس ”9 التي توثق الصلة فها بينها وبينه عه » فمنذ فجر الإسلام والمسلمون يتسابقون 
إلى إبراز محاسنه » ونشر سيرته العطرة عت » وسيرته عه هي أقواله وأفعاله وأخلاقه الكريمة » 
فقد قالت السيدة عائشة زو- ج النبي عَيَه رضي الله عنها : و كان خلقه القران » والقران كتاب 
الله وكلساته الشامة » ومن كان كذلك كان أحسن الناس وأكملهم وأحقهم بمحبة خلق الل 
جميعاً . 


ول يزل المسلمون متمسكين بهذه المحبة الغالية التي انبغق فق عنها امور الإسلامي الأول للسيرة 
النبوية الشريفة الذي عقد بباكستان سنة 75١ه‏ , حيث أعلنت الرابطة في هذا الموؤمّر عن 
جوائز مالية مقدارها مائة وخمسون ألف ريال سعودي . توزع على أحسن خمسة بحوث في السيرة 
النبوية بالشروط الآتية : 
)١(‏ أن يكون البحث متكاملاً مع ترتيب الحوادث التاريخية حسب وقوعها . 


ده 0ه 


(1) أن يكون جيداً ولم يسبق نشره من قبل . 

(7) أن يذكر الباحث جميع امخطوطات والمصادر العلمية التي اعتمد عليها في كتابة البحث . 

0( أن يكتب الباحث ترجمة كاملة ومفصلة عن حياته ظ ع تر مو هلاته ودين ل 
وجدت . 
)2( أن يكتب البحث خط واضح ؛ ويستحسن نسحخه نه عل الآلة الكاتبة . 

(1) تقبل البحوث باللغة العربية واللغات الحية الأخرى . 

(0) يبدا قبول البحوث من غرة ربيع الآخر 117957١هء‏ 55 موعد القبول بغرة المحرم 
1" اها. 

)2( سم البحوث إلى الأمانة العامة الرابطة العالح الإسلامي بمكة المكرمة في ظرف مختوم » 
وتضع الأمانة عليه رقم تسلسليا خاصاً . 

(84) تقوم بفحص البحوث لخنة عليا من كبار العلماء في هذا الشان . 

٠‏ فكان هذا الإعلان حافزاً لتسابق العلماء الذين وهبهم الله حب رسوله عَْيلُهِ » واستعدت 
رابطة العالم الإسلامي لاستقبال هذه البحوث باللغات العربية والإنجليزية والأردية وأية لغة 
أخرى . . ظ 

' وبداً الإخوان الكرام في إرسال بحوثهم ببذه اللغات » وقد بلغ عددها واحدا وسبعين ومائة 
بحث منها : 

4 بحثاً باللغة العربية » 4 بحثاً باللغة الأردية » 5١‏ بحثاً باللغة الإنجليزية » وبحث واحد 
فقط باللغة الفرنسية » ويحث واحد فقط باللغة الهوساوية  .‏ ظ 
وقد كونت الرابطة لحنة من كبار العلماء لدراسة هذه البحوث. وتزتيا سبوب الحقاق 

الفائز للجائزة ؛ وقد كان الفائزون بالحوائر حسب الكرتيب الآني : 

. القائر بالجائزة الأولى الشيخ صفي الرحمن امباركفوري السلفية بالهند‎ )١( 

ومقدار جائزته خمسون ألف ريال سعودي . [ 0 
(؟) الفائز بالجائزة الثانية الدكتور يجيد على نحان من الجامعة اللحلمة الاسلامية نيودلهي الند » 
ومقدار جائزته أربعون ألف ريال سعودي . 


(؟) الفائز بالحائزة الثالثة الدكتور نصير أحمد ناصر رئيس الجامعة الإسلامية بباكستان » ومقدار 
جائزته ثلاثون ألف ريال سعودي . 
(4) الفائز بالجائزة الرابعة الأستاذ حامد محمود محمد منصور لهود من جمهورية مصر العربية , 
ومقدار جائزته عشرون ألف ريال سعودي . 
(5) الفائز بالجائزة الخامسة الأستاذ عبد السلام هاشم حافظ من المدينة المنورة / المملكة العربية 
0 »؛ ومقدار 9 عشرة الاف ريال سعودي . 
ا و وا ا اه 
وبهذه المناسبة أقامت الأمانة العامة للرابطة بمقرها بمكة المكرمة حفلا كبيرأ » تحت إشراف 
صاحب در اللكي الأمير و0 كيل امام 
حيث 06 بتورزيع الحوائر على أصحابها 0 وذلك سباح يوم السبت الموافقق ؟ ١‏ ربع الأول 
سئة 99 اه وف هذا الحفل أعلنت الأمانة العامة أها ستقوم بطبع البحوث الفائزة ونشرها 
بجعدة لغات 34 وتنفيذأ لذلك داهي ذي نضع بين يدي القارىء الكريم با كورة طبعات تلك 
البحوث » وهو بحث الشيخ صفي الرحمن المباركفوري » من الجامعة السلفية بالهند لأنه الفغائز 
بالحائزة الأولى 3 وستوالمي طبع بقية البحوث الفائزة حسب ترتيبها » سائلين لله سبحانه وتعالى أن 
يتقبل منا جميعاً أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ‏ إنه نعم المول ونعم النصير . وصلى الله على سيدنا 
محمد وعلى اله وصحبه وسلم . 
الأمين العام 
لرابطة العالم الإسلامي 
محمد بن علي الحركان 





























ستظل سيرة الرسول عَم هي الرصيد التاريخي الأول الذي تستمد منه الأجيال المتلاحقة 
من ورثة النبوة وحملة مشاعل العقيدة زاد مسيرها .2 وعناصر بعامها (' وأصول امتدادها . 

ومن درس تاريحه عه وأعطاه حقه من النظر والفكر والتحقيق رأى نسقا من التاريخ 
العجيب ٠‏ استعلى به الرسول عتم والفئة المؤمنة معه على عناصر المادة وعوامل الجذب الأرضي » 
وارتقوا بالإنسانية إلى درجات دل تشهدها على امتداد عصورها وأزماتها . 

ومن يعمق النظر في سيرته ع - محاولاً أن يتتبع السر الذي وقع في التاريخ القفر الجدب 
فأخصب به » وأنبتت الدنيا أزهاره الانسانية الجميلة فأنشأ عََْهِ رجالاً إن عبتهم بشيء لم تعبهم 
إلا أنهم دون الملائكة » يجدها تقول له  :‏ إن ههنا دنيا الصحراء التي ترلى في أحضانها الرجال 
الذين دخلوا بالاسلام على ما دخل عليه الليل . 

ولو تأملت في أفعاله عَيكُه وجدتها تقول لك : 

إني أصنع أمة لها تاريخ الأرض من بعد . 

ولم يكن مثله عه في الصبر على البلاء والثبات على الحق واستقرار النفس واطمئناتها على 
زلازل الدنيا » ولا في الرحمة ورقة القلب والسمو فوق معاني البقاء الأرضي » فهو قد مُحلق 
كذلك ليغلب الحوادث ويتسلط على المادة . 
وبذلك كان عَْكُه منبع تاريخ في الانسانية كلها دائماً » وللدنيا رأس نظام أفكارها 
الصحيحة . 


ولقد طبع الله سبحانه وتعالى على قلب الرسول به » فباعد بينه وبين زيغ الهحوى وسرف 
الطبيعة » ولذلك يجب على من يقرأ سيرته عله ويتعرف على شهائله وحديثه أن يبحث دائماً عن 
طابع الله في كل شبيء ة فيها » وسيظهر له من تفسيرها أن الدنيا لم تستطع أن تحقق غايتها 
الأخلاقية العليا إلا فيها » وأنه عَْتّكهِ كان إنساناً » وكان أيضاً حركة في تقدم الإنسانية » وأن من 
معجزاته عه أنه أضاف في تاريحه ما عجزت عنه البشرية في تاريخها » وأن كل أموره يكن 
موضوعة وضعاً إلهياً كأمها صفات كونها الله وعلقها في التاريخ لمعاني الحياة تعليق الشمس في السماء 
مواد الحياة . ولو تأملت بيانه َيه » تجده ينقلك إلى مثل الحالة التي تتأمل فيها روضة تتنفس على 
القلب »ء أو منظرا ‏ يبز خياله النفس » أو عاطفة تزيد بها الحياة في الدم » على هدوء وروح 
وإحساس ولذة » ثم يزيد على ذلك أنه يصلح من الجهات الإنسانية في نفسك » ثم يرزق الله منه 
من رزق النور » فإذا أنت في ذوق البيان كأنها ترى المتكلم عََيه وراء كلامه . 

هذا يكون النظر في كلامه َيه » فهو كلام كلما زدته فكراً زادك معنى ‏ وتفسيره 
قريب .. قريب كالروح في جسمها البشري . ولكنه بعيد كالروح في سرها الإللي , فهو معك 
على قدر ما أنت معه » إن وقفت على حدٌ وقف » وإن مددت مد ء وما أديت به تأدى » وليس 
فيه شيء من كل ما تراه لكل بلغاء الدنيا » من صناعة عبث القول » والرغبة في تكثير سواد 
المعالني . وترك اللسان يطيش طيشة اللغوي يتعلق بكل ما عرض له » إنما هو كلام قيل لتصير به 
المعاني إلى حقائقها » فهو من لسان وراء فكر » وراءه قلب » وراءه إيمان » وراءه الله جل جلاله » 
وهو كلام في مجموعه كانه دنيا أصدرها عَييتّه عن نفسه العظيمة » لا تبرح ماضية في طريقها 
السوي على دين الفطرة فلا تتسع لخلاف ولا يقع بها التنافر . 

من هنا تبرز الأهمية الققصوى في أن تكون سيرة الرسول َه وأقواله عاملة في النفس المؤْمنة 
عمل القلب. من الحسد » ورقيبة عليها رقابة الضمير على العقل ؛ حتى يكون الارتقاء والسمو 
والعلو والارتفاع بالأجسام فوق جواذب المادة وقيود الأرض : < 

ولن تستطيع النفس أن تحقق هذه المقوّمات وبها بقايا من رواسب المادة أو جواذب 
الأرض » ولن تستطيع النفس أن ترفرف وتحلق إلا إذا أدركت غاية وجودها من خلال رصيدها 
. التارتخي الطويل » الذي لم تظفر به أمة من الأثم كا ظفرت أمة الاسلام و إن الله ابتعثنا لننخرج 
من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد » ومن جور الاديان إلى عدل الاسلام » ومن ضيق ظ 


"اه 


الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة » . عبارات تفيض إيماناً وتشع ضياءٌ » وخرجت من نفس تربت 
على يد القائد والمعلم الأول ميته » فأدركت غاية وجودها فعملت على تحقيقها .. وهكذا يجب 
أن يكون كل من أراد أن يشارك الكتائب في سيرها في الطريق الطويل . 

وللأهمية التي تحتلها سيرة الرسول عَْوُه في حياة المسلمين على امتداد التارِيْخ وفي حياتهم 
الحاضرة ؛ فقد وضعت كتب كثيرة اختلفت نظراتها للسيرة ومناهجها في تناوها » ولكن كانت 
هناك بعض الكتب في هذا المجال امتازت بشموها وكانها ودقة منبجها , بما يعين القارىء على أن 
يتناول مسيرة الرسول مُه في بسر يعينه على فهمها فهماً شاملاً كاملاً واستيعابها دون ما نققص 
أو خلل . 

وكان هذا الكتاب ١‏ الرحيق الختوم » للأستاذ صفي الرحمن المباركفوري ‏ من الجامعة 
السلفية بالهند ‏ من الكتب لمنفردة ء: في السرد التاريخيٍ والذي امتاز بمنبجه الواضح وشموليته 
الجامعة في عرض السيرة العطرة عرضا عميقاً يسيرا » خالياً من الشوائب أو الأباطيل التي ألحقت 
ببعض كتب السيرة . 

ويكتاز هذا الكتاب أيضاً في كونه معيناً لكل قارىء أو باحث في السيرة أن يجد بغيته فيه . 

وقد فاز هذا الككتاب بالجحائزة الأولى لمسابقة السيرة النبوية التي نظمتها رابطة العالح 
الإسلامي . 

ولا ننسى هنا أن نوه بإضافة هذا الحهد إلى الحهود العظيمة التي بها العلماء الحنود على 
امتداد العصور » في حرصهم وحفظهم للتراث الإسلامي وإبداعهم الفذ ني محالات التفسير 


والسيرة والحديث وعلومه بخاصة . 
ونحن إذ نقدم هذا الكتاب إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغارمها ؛ نسال الله أن يعم به 
الفائدة والنفع / 
والله من وراء القصد 
الناشر 


د اه 





كلمة المؤلف 


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله » فجعله شاهدا 
ومبشرا ونذيرا » وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا » وجعل فيه أسوة حسنة لمن كان يرجو الله 
واليوم الآخر وذكر الله كثيرا » اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان 
إلى يوم الدين » وفجر لهم ينابيع الرحمة والرضوان تفجيراً . 

وبعد » فإن من دواعي الغبطة والسرور أن رابطة العالم الإسلامي أعلنت عقب مور السيرة 
النبوية الذي انعقد في باكستان في شهر ربيع الاول من سنة 1795١ه‏ بإقامة مسابقة على مستوى 
العالم الإسلامي » للبحث حول موضوع السيرة النبوية - على صاحبها ألف ألف صلاة 
وسلام - تنشيطا للكاتبين » وتنسيقا لجهودهم الفكرية » وإني أرى أن هذا العمل له قيمة كبيرة 
رما لا يحيط بوصفها البيان . فإن السيرة النبوية والأسوة المحمدية على صاحبها ما يستحق من 
الصلاة والسلام ‏ إذا لاحظناها بعين الدقة والاعتبار ‏ هي المنبع الوحيد الذي تتفجر منه يناييع 
حياة العالم الاسلامي وسعادة المجتمع البشري . 

وإن من سعادتي وحسن حظي أني أساهم في تلك المسابقة المباركة » ولكن أين أنا حتى 
ألقي ضوءا على حياة سيد الأولين والآخرين عَْينّهِ . وإنما أنا رجل يرى لنفسه كل السعادة 
والفلاح أن يقتبس من نوره » حتى لا يتهالك في دياجير الظلمات » بل يحيا وهو من أمته : 
ويموت وهو من امته » ويغفر الله له ذنوبه بشفاعته . 

وكلمة بسيطة أرى أن أقدمها عن منبجي في مقالتي هذه : إني قبل أن اذ في كتابة المقالة 
رأيت أن أضعها في حجم متوسط متجنبا التطويل الممل والإيجاز امحل , ولكني كثيراً ما رأيت في 
المصادر اختلافا كبيراً في ترتيب الوقائع » أو في تفصيل جزئياتها » وفي مثل هذه المواقع قمت 


2-11 


بالتحقيق البالغ » وأدرت النظر في جميع جوانب البحث . ثم أثبت في صلب المقالة ما ترجح . 
لدي بعد التحقيق . ولكن احترزت عن إيراد الدلائل والبراهين ؛ لأن ذلك يفضي إلى طول غير 
مطلوب . نعم ! رما أشرت إلى الدلائل حين خفت الاستغراب ممن يقرأ المقالة » أو حين رأيت 
' عامة الكاتبين ذهبوا إلى خلاف الصحيح . ظ 
اللهم قدر لي الخير في الدنيا والآخرة » إنك أنت الغفور الودود ذو العرش المجيد . 
الجمعة المباركة ١785 / 7 / ١14‏ ه 
م/م 
صفي الر-ض الباركفوري 
الجامعة السلفية 
بنارس افند 


-١4 - 


موقع العرب وأقوامها 


إن السيرة النبوية ‏ على صاحبها الصلاة والسلام - عبارة في الحقيقة عن الرسالة التي حملها 
رسول الله ع إلى الجتمع البشري » وأخرج بها الناس من الظلمات إلى النور » ومن عبادة العباد 
إلى عبادة الله . وإذن فلا يمكن إحضار صورتا الرائعة بتهامها إلا بعد المقارنة بين خلفيات هذه 
الرسالة واثارها . ونظرا إلى ذلك نقدم فصلا عن أقوام العرب وتطوراتها قبل الاسلام » وعن 
الظروف التي بُعثْ فيها محمد عله . 


موقع العرب: 

العرب لغة : الصحارى والقفار » والأرض المجدبة التي لا ماء فيها ولا نبات . وقد أطلق هذا 
اللفظ منذ أقدم العصور على جزيرة العرب . كا أطلق على قوم قطنوا تلك الأرض ء واتخذوها 
موطناً لحم . 

وجزيرة العرب يحدها غربا البخر الأحمر وشبه جزيرة سيناء » وشرقا الخليج العرني وجزء كبير 
من بلاد العراق الجنوبية » وجنوبا بحر العرب الذي هو امتداد لبحر الهند » وشمالا بلاد الشام 
وجزء من بلاد العراق عل اختلاف في بعض هذه الحدود »؛ وتقدر مساحتها ما بين مليون ميل 
مربع إلى مليون وثلامائة ألف ميل مربع . 

والحزيرة لها أهمية بالغة من حيث موقعها الطبيعي والحغراني ؛ فأما باعتبار وضعها الداخلي 
فهي محاطة بالصحارى والرمال من كل جانب » ومن أجل هذا الوضع صارت الجزيرة حصنا 
منيعاً لا يسمح للأجانب أن يحتلوها وييسطوا عليها سيطرتهم ونفوذهم . ولذلك نرى سكان 
الجزيرة أحراراً في جميع الشئون منذ أقدم العصور . مع أنهم كانوا مجاورين لامبراطوريتين عظيمتين 


-60 


لم يكونوا يستطيعون دفع هجماتهما لولا هذا السد المنيع . 
وأما بالنسبة إلى الخارج فإنها تقع بين القارات المعروفة في العالم القديم . وتلتقي بها برأ 
ئ وبحرا . فإن ناحيتها الشمالية - باب للدخول في قارة افرد يقية يقية » وناحيتها الشهالية الشرقية مفتاح 
لقارة أوربا » والناحية الشرقية تة تفتح أبواب العجم والشرق الأوسط والادن . وتفضي إلى الهند 
والصين » وكذلك تلتقي كل قارة بالجزيرة بحرا » وترسبي سفنها وبواخرها على ميناء الحزيرة رصأ . 
ولأجل هذا الوضع الحغرافي كان شثمال الجزيرة وجنوبها مهبطأ للأم ومركز لتبادل التجارة ؛ 
والثقافة » والديانة » والفنون . 


أقوام العرب: 

وأما أقوام العرب فقد قسمها المؤرخون إلى ثلاثة أقسام بحسب السلالات التي ينحدرون 
منها : ظ ظ ظ 
)١(‏ العرب البائدة : وهم العرب القدامى الذين لم يمكن الحصول على تفاصيل كافية عن 
تاريحهم » مثل : عاد وثمود وطسم وجديس وعملاق وسواها . 
(؟) العرب العاربة : وهم العرب المنحدرة من صلب يعرب بن يشجب بن قحطان » وتسمى 
بالغرب التسحطائية”. 
(5) العرب المستعربة : وهي العرب المنحدرة من صلب إسماعيل » وتسمى بالعرب العدنانية . 

أما العرب العاربة - وهي شعب قحطان ‏ فمهدها بلاد الهِن » وقد تشعبت قبائلها 
وبطونها فاشتبرت منبها قبيلتان : 

(أ) حمير » وأشهر بطونها زيد الجمهور » وقضاعة » والسكاسك . 

(ب) كهلان » وأشهر بطونها همدان » وأغار » وطيء» ومذحج , وكندة » ولحم  »‏ 
وجذام » والأزد » والأوس , والخزرج » وأولاد جفنة ملوك الشام . 

وهاجرت بطون كهلان عن امن » وانتشرت في أنحاء الجزيرة » وكانت هجرة معظمهم قبيل 
سيل العرم حين فشلت مجارتهم ؛ لضغط الرومان وسيطرتهم على طريق التجارة البحرية ؛ 
وإفسادهم طريق البر بعد احتلالهم بلاد مصر والشام . 

- 15 - 


ولاغرو فقد كانت منافسة بين بطون كهلان وبطون حمير أدت إلى جلاء كهلان » ويشير 
إلى ذلك بقاء حمير مع جلاء كهلان . 

ويمكن تقسيم المهاجرين من بطون كهلان إلى اربعة اقسام : 
)١(‏ الازد - وكانت هجرتمم على رأي سيدهم وكبيرهم عمران بن عمرو مزيقباء . فساروا 
يتنقلون في بلاد اليمن ويرسلون الرواد » ثم ساروا بعد ذلك إلى الشهال . وهاك. تفصيل الاماكن التي 
سكنوا فيها بعد الرحلة نبائياً : عطف ثعلبة بن عمرو من الأزد نحو الحجاز » فأقام بين الثعلبية 
وذي قار » ولما كبر ولده وقوي ركنه سار نحو المدينة » فأقام بها واستوطنها . ومن أبناء تعلبة هذا : 
الأوس والخزرج ( ابنا حارثة بن تعلبة . 

وانتقل منهم حارثة بن عمرو - وهو خزاعة - وبنوه في ربوع الحجاز » حتى نزلوا بمر 
الظهران , ثم افتتحوا الحرم فقطنوا مكة وأجلوا سكانها الجراهمة . 

ونزل عمران بن عمرو في عمان » واستوطنها هو وبنوه » وهم أزد عمنان » وأقامت قبائل 

وسار جفنة بن عمرو إلى الشام فأقام بها هو وبنوه » وهو أبو الملوك الغساسنة . نسبة إلى ماء 
في الحجاز يعرف بغسان كانوا قد نزلوا بها أولا قبل تنقلهم إلى الشام . 
(؟) لخم وجذام - وكان في اللخميين نصر بن ربيعة أبو الملوك المناذرة بالحيرة . 
(3) بنو طيء - ساروا بعد مسير الأزد نحو الشهال حتى نزلوا بالجبلين أجا وسلمى » وأقاموا 
هناك » حتى عرف الجبلان جب طيء . 
(4) كندة ‏ نزلوا بالبحرين , ثم اضطروا إلى مغادرتها فتزلوا بحضرموت » ولاقوا هناك ما لاقوا 
بالبحرين » ثم نزلوا نجد . وكونوا هناك حكومة كبيرة الشأن ولكنها سرعان ما فنيت وذهبت 
اثارها . 

وهناك قبيلة من حمير مع اختلاف في نسبتها إليه ‏ وهي قضاعة -- هجرت ايمن واستوطنت 
بادية السهاوة من مشارف العراق("2 . 
)١(‏ انظر لتفصيل هذه القبائل وهجراتها : محاضرات تاريخ الآم الاسلامية للخضري ١7-1١١/١‏ وقلب جزيرة 

العرب ص 78١‏ إلى 78 - واختلفت المصادر التاريخية اختلافاً كبيراً في تعيين زمن هذه الهجرات وأسبابيا 


- ١7 - 


وأما العرب المستعربة فأصل جدهم الأعلى - وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام - من بلاد 
العراق » من بلدة يقال لها « أر » على الشاطىء الغربي من نبر الفرات » بالقرب من الكوفة » وقد 
جاءت الحفريات والتنقيبات بتفاصيل واسعة عن هذه البلدة وعن أسرة إبراههم عليه السلام ؛ وعن 
الأحوال الدينية والاجتاعية في تلك البلاد"! . 

ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام هاجر منها إلى حاران أو حران ‏ ومنها إلى فلسطين , فاتخذها 
قاعدة لدعوته » وكانت له جولات في أرجاء هذه البلاد وغيرها”' وقدم مرة إلى مصرء وقد 
حاول فرعون مصر كيداً وسوءا بزوجده سارة ولكن الله ردّ كيده في نحره » وعرف فرعون 
ما لسارة من الصلة القوية بالله » حتى أخدمها ابنته''" هاجر ؛ اعترافاً بفضلها » وزوجتها سارة 
إبراهم' . 

ورجع إبراهيم إلى فلسطين » ورزقه الله من هاجر إسماعيل » وغارت سارة حتى ألدأت إبراههم 
إلى نفي هاجر مع ولدها الصغير - ماعل اتعدم بهم إلى الحجاز ‏ وأسكنهما بواد غير ذي 
زرع عند بيت الله حرم الذي لم يكن إذ ذاك إلا مرتفعا من الأرض كالرابية » تأتيه السيول فتأخذ 
عن يمينه وشماله » فوضعهما عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد » وليس بمكة يومكذ أحد ‏ 
وليس بها ماء . فوضع عندهما جراباً فيه تر ؛ وسقاء فيه ماء » ورجع إلى فلسطين ولم تمض أيام 
حتى نفد الزاد والماء » وهناك تفجرت بر زمزم بفضل الله » فصارت قوتا لهما وبلاغا إلى حين . 
والقصة معروفة بطوها" . ظ ظ 

وجاءت قبيلة يمانية - وهي جرهم الثانية - فقطنت مكة بإذن من أم إسماعيل 575 إنهم 
كانوا قبل ذلك في الأودية التي بأطراف مكة . وقد صرحت رواية البخاري أمهم 0 


عت > وبعد إدارة النظر من جميع الحوانب أثيتنا ما ترجح عندنا في هذا الباب من حيث الدليل . 

0 ”هه هه .ووه 6ؤوه‎ ١ تة تفهم القران للسيد أبي الأعلى المودودي‎ )١( 

(؟) نفس المصدر ٠١8/١‏ . ظ 

(©) المعروف أن هاجر كانت أمة مملوكة » ولكن حقق الكاتب الكبير العلامة القاضي محمد سلمان المنصورفوري 
أنها كانت حرة » وكانت ابنة فرعون ‏ انظر رحمة للعالمين - 7785/9 . 

(4)14 نفس المصدر 714/9 وانظر في تفصيل القصة : صحيح البخاري 5 . 

(©) انظر صحيح البخاري . كتاب الأنبياء 476-4174/١‏ . 


148 


إسماعيل » وقبل أن يشب ء وأنهم كانوا يمرون بهذا الوادي قبل ذلك" . 

وق كان ابراهع فرحل إليرمكة ) ين اونةا واخرى ليطالع تركته وروا يعلم م كانت هذه 
الرحلات » إلا أن المصادر التاريخية الموئوقة حفظت أربعة منها . 

فقَد ذكر الله تعالى في القران أنه أرى إبراهيم في المنام أنه يذبم إسماعيل » فقام بامتغال هذا 
الأمر «١‏ فَلَمَآأْسَلْمَاوتَلْم لين ()) وَيدَينةا يرهم 09 يقد سَدَفتَالُ كبح 
التحيِيِيَ (©) إك عَدَائرَألبكوا لين (ن) رمدبسرنِنْح عير 9 4" . 

وقد ذكر في سفر التكوين أن إسماعيل كان أى 90 
القصة يدل على أنها وقعت قبل ميلاد إسحاق » لأن البشارة بإسحق ذكرت بعد سرد القصة 
بتامها . 

وهذه القصة تتضمن رحلة واحدة ‏ عل الأقل ‏ قبل أن يشب إسماعيل » أما الرحلات 
الثلاث الأخر فقد رواها البخاري بطوها عن ابن عباس مرفوعاً”'' وملخصها أن إسماعيل لما شب 
وتعلم العربية من جرهم » وأنفسهم وأعجبهم زوجوه امرأة منهم » وماتت أمه » وبدا لإبراههم أن 
يطالع تركته فجاء بعد هذا التزوج » فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه وعن أحوالهما » فشكت 
إليه ضيق العيش فأوصاها أن تقول لاسماعيل أن يغير عتبة بابه » وفهم إسماعيل ما أراد أبوه , 
فطلق امرأته تلك وتزوج امرأة أخرى , وهي ابنة مضاض بن عمرؤ » كبير جرهم وسيدهم"" . 

وجاء إبراهيم مرة أخرى بعد هذا التزوج الثاني فلم يجد إسماعيل فرجع إلى فلسطين بعد أن 
سال زوجته عنه وعن أحواهما فأثنت علٍ الله » فأوصى إلى إسماعيل أن يثبت عتبة بابه . 

وجاء مرة ثالثة فلقي إسماعيل وهو يبري نبلا له تحت دوحة قريب من زمزم فلما راه قام إليه 
فصنع "ا يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد » وكان لقاؤهما بعد فترة طويلة من الزمن » قلما يصير 
فيها الأب الكبير الأواه العطوف عن ولده » والولد البار الصالح الرشيد عن أبيه وفي هذه المرة بنيا 








. 496/١ تمس المصدر‎ )١( 

(؟) الآيات ٠١9-١١*‏ من سورة الصافات . 
5) ج١زه14‏ 1,75 . 

(4) قلب جزيرة العرب ص١٠؟7‏ . 


ا" 


الكعبة » ورفعا قواعدها , وأذن إبراهيم في الناس بالحج " أمره الله . 

وقد رزق الله إسماعيل من ابنة مضاض ائني عشر ولد ذكرا وهم : نابت أو نبايوط , 
قيدار » وأدبائيل » ومبشام » ومشماع . ودوما » وميشا ء وحدد » ويا » ويطور » ونفيس » 
وقيدمان » وتشعبت من هؤلاء اثنتا عشرة قبيلة » سكنت كلها في مكة مدة » وكانت جل 
معيشتهم التجارة من بلاد اليهن إلى بلاد الشام ومصر ثم انتشرت هذه القبائل في أرجاء الحزيرة بل 
وإلى خارجها . ثم أدرجت أحواهم في غياهب الزمان , إلا أولاد نابت وقيدار . 

وقد ازدهرت حضارة الأنباط ‏ أبناء نابت - في شمال الحجاز » وكونوا حكومة قوية دان لها 
من بأطرافها » واتخذوا البطراء عاصمة لم » ولم يكن يستطيع مناوأهم أحد حت جاء الرومان 
فقضوا عليهم » وقد رجح السيد سلوان الندوي بعد البحث الأنيق والتحقيق الدقيق أن ملوك ال 
غسان وكذا الأنصار من الأوس والحزرج لم يكونوا من آل قحطان » وإنما كانوا من آل نابت بن 
إسماعيل » وبقاياهم في تلك الديار”" . 

وأما قيدار بن إسماعيل فلم يزل أبناؤه بمكة يتناسلون هناك حتى كان منه عدنان وولده معد . 

ومنه حفظت العرب العدنانية أنسابها . وعدنان هو الحد الحادي والعشرون في سلسلة النسب 
النبوي » وقد ورد أنه مه كان إذا انتسب فبلغ عدنان يمسك ويقول : كذب النسابون » فلا 
يتجاوزه2”9 . وذهب جمع من من العلماء إلى جواز رفع النسب فوق عدنان ؛ مضعفين للحديث 
المشار إليه » وقالوا إن بين عدنان وبين إبراهم عليه السلام أو بعين أب بالتحقيق الدقيقو9؟» . 

وقد تفرقت بطون معد من ولده نزار - قيل لم يكن لمعد ولد غيره ‏ فكان لنزار أربعة 
أولاد » تشعبت منهم أربعة قبائل عظيمة : إياد وأتمار وربيعة ومضر » وهذان الأخيران هما اللذان 
كبرت بطونهما واتسعت أفخاذهما » فكان من ربيعة : أسد بن ربيعة : كارب وعبد القيس » 
وابنا وائل ‏ بكر » وتغلب - وحنيفة وغيرها . 
(7) انظر تاريخ أرض القران 78/19 إلى 85 . 


(6) انظر الطيري ١44-191/17‏ والأعلام 5/0 . 
(4) رحمة للعامين 241/9 .١7615638614‏ 


5ت 


وتشعبت قبائل مضر إلى شعبتين عظيمتين : قيس عيلان بن مضر ء وبطون إلياس بن 
مضر . فمن قيس عيلان : بنو سليم » وبنو هوازن ١‏ وبنو غطفان » ومن غطفان : عبس وذبيان , 
وأشجع وغني بن أعصر . 

ومن إلياس بن مضر : تيم بن مرة » وهذيل بن مدركة , وبنو أسد بن خزيمة وبطون 
كنانة بن خزيمة » ومن كنانة : قريش » وهم أولاد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة . 

وانقسمت قريش إلى قبائل شتى » من أشهرها : جمح » وسهم . وعدي » ومخزوم » وتم » 
وزهرة » وبطون قصي بن كلاب » وهي عبد الدار بن قصي » وأسد بن عبد العزى بن قصي » 
وعبد مناف بن قصي . 

وكان من عبد مناف أربع فصائل : عبد شمس » ونوفل » والمطلب » وهام وبيت هاشم هو 
الذي اصطفى الله منه سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ع0" . 

قال مُه : ٠‏ إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل » واصطفى من ولد إسماعيل كنانة » 
واصطفى من بني كنانة قريشاً » واصطفى من قريش بني هاشم » واصطفاني من بني هاشم 6(" . 

وعن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله عَييَْه : ٠‏ إن الله خلق الخلق فجعلني من 
خير فرقهم وخخير الفريقين . ثم تخير القبائل » فجعلني من خير القبيلة , ثم تخير البيوت فجعلني من 
خير بيوتهم » فانا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا »!" . 

ولما تكائر أولاد عدنان تفرقوا في أنحاء شتى من بلاد العرب » متتبعين مواقع القطر ومنابت 
العشب . 

فهاجرت عبد القيس » وبطون من بكر بن وائل » وبطون من تيم إلى البحرين فأقاموا بها . 


وخرجت بنو حنيفة بن صعب بن على بن بكر إلى الهامة فنزلوا بحجر , قصبة الهامة . 


)1غ( محاضرات تاريخ الأم الاسلامية للخضري .١8 21١1/١‏ 
(؟) رواه مسلم عن وائلة بن الأسقع » باب فضل نسب النبي عَم ؟/50؟ والترمذي 3١1/1‏ . 
(*) رواه الترمذي . باب ما جاء في فضل النبي َوه 3١1/7‏ . 


11ت 


وأقامت سائر بكر بن وائل ني طول الأرض من الهامة إلى البحرين إلى سيف كاظمة إلى البحر » 
فأطراف سواد العراق » فالأبلة فهيت . 
وأقامت تغلب بالحزيرة الفراتية » ومنها بطون كانت تساكن بكرا . وسكنت بنو ميم ببادية 
البصرة . ظ 
وأقامت بنو سليم بالقرب من المدينة » من وادي القرى إلى خيبر إلى شرقي المدينة إلى حد 
الجبلين » إلى ما ينه ينتبي إلى الخرة . 
وسكنت ثقيف بالطائف , وهوازن في شرق مكة بنواحي أوطاس , وهي على الحادة بين 
مكة والبصرة . 
1 وسكت بنو أسد شرق نهاء وغرني الكوفة » بينهم وبين تهاء ديار بختر من ليء » وبينوم 
وبين الكوفة خمس ليال . 
وسكنت ذبيان بالقرب من تهاء إلى حوران . 
وبقي بتهامة بطون كنانة » وأقام بمكة وضواحيها بطون قريش ٠‏ وكانوا متفرقين لا تجمعهم 
جامعة حتى نبغ فييم قصي بن كلاب . فجمعهم » وكون هم وحدة شرفتهبم ورفعت من 
أقدارهي.” . 


(1) عحاضرات تارجم الأم الإسلامية للخضري 15-16/١‏ . 


ا 


الحكم والإمارة فى العرب 


حينا أردنا أن نتكلم عن أحوال العرب قبل الاسلام ؛ رأينا أن نضع صورة مصغرة من تاريخ 
الحكومة والإمارة والملل والأديان في العرب » حتى يسبل علينا فهم الأوضاع الطارئة عند ظهور 
الإسلام . 

كان حكام اللحزيرة حين بزغت همس الإسلام قسمين : قسم منهم ملوك متوجون » لكنهم 
كانوا في الحقيقة غير مستقلين , وقسم هم رؤساء القبائل والعشائر » لهم ما للملوك من الحكم 
والامتياز » ومعظم هؤلاء كانوا على تمام الاستقلال . وربما كانت لبعضهم تبعية لملك متوج » 
والملوك المتوجون هم ملوك الهن , وملوك ال غسان » وملوك الحيرة » وما عدا هؤلاء من حكام 
الحزيرة فلم تكن لهم تيجان . 


الملك باليمن: 

من أقدم الشعوب التي عرفت بالهين من العرب العازبة قوم سبأ » وقد عثر على ذكرهم في 
حفريات ١‏ أور » مخمسة وعشرين قرناً قبل الميلاد . ويبداً ازدهار حضارتهم ونفوذ سلطانهم 
وبسط سيطرتهم بأحد عشر قرناً قبل الميلاد . 

)١(‏ القرون الي حلت قبل سنة .م 4 وكان ملوكهم يلقبون في هذا الزمن ب 
مكرب سب ؛ وكانت عاصمتهم بلدة 9 صرواح » التي توجد أنقاضها على مسافة يوم إلى الجانب 
الغرني من بلدة؛ مأرب » وتعرف باسم « خربية » وفي زمنهم بدأ بناء السد الذي عرف بسد 


يرن - 


' مارب ء والذي له شأن كبير في تاريخ الهِن » ويقال إن سبا بلغوا من بسط سلطتهم إلى أن اتحذوا 
المستعمرات في داخل بلاد العرب وخارجها . 

(1) منذ سنة ٠5”ق.م‏ إلى سنة 6١١اق.م‏ وفي هذا الرمن تركوا لقب ٠‏ مكرب » وعرفا 
بملوك سب » واتخذوا و مأرب » عاصمة لهم بدل 9 صرواح » وتوجد أنقاضها على بعد ستين ميلا 
من صنعاء إلى جانبها الشرق . 

(؟) منذ سنة 1١16©‏ ق.م إلى سنة ١‏ ام ء وفي هذا العهد غلبت قبيلة حمير على بملكة 
سبأ» واتخذت بلدة « ريدان » عاصمة ها بدل 9« مأرب » . ثم سميت بلدة « ريدان © بامسم 
ظفار » وتوجد أنقاضها على جبل مدور بالقرب من « يريم » وفي هذا العهد بدأ فيهم السقوط 
والانمخطاط » فقد فشلت تحارتهم إلى حد كبير ؛ لبسط سيطرة الأنباط في شمال الحجاز أولاً » ثم 
لغلبة الرومان على طرق التجارة البحربة بعد نفوذ سلطائهم على مصر وسوريا وشثهالي الحجاز ثاني » 
ولتنافس القبائل فيا بينها ثالث . وهذه العناصر هي التي سببت في تفرق آل قحطان وهجرتهم إلى 
البلاد الشاسعة . 

(4) منذ سنة ١٠70م‏ إلى أن دخل الإسلام في الهن . وفي هذا العهد توالت علبهم 
الاضطرابات والحوادث » وتتابعت الانقلابات . والحروب الأهلية التي جعلتهم عرضة للأأجانب 
حتى قضت على استقلالهم » ففي هذا العهد دخل الرومان في عدن » وععونتهم احتلت الأحباش 
اهن لأول مرة سنة ٠4م‏ » مستغلين التنافس بين قبيلتي همدان وحمير » واستمر احتلاهم إلى 
سنة 8/الام . ثم نالت الهن استقلالها » ولكن بدأت تقع الثلمات في سد مأرب » حتى وقع 
السيل العظم الذي ذكره القران بسيل العرم في سنة ٠465م‏ أو ١450م‏ . وكانت حادثة كبرى 
أدت إلى خراب العمران وتشتت الشعوب  .‏ 

وفي سنة هم قاد ذو نواس اليبودي حملة منكرة على المسيحيين من أهل نجران » وحاول 
صرفهم عن المسيحية قسرا . ولا أبوا خحد لهم الأخدود وألقاهم في النيران , وهذا الذي أشار إليه 
القران في سورة البروج بقوله : 9 فُيِنَأمحبَالْايدُوم 4 الآيات » وكان من جراء ذلك نقمة 
النصرانية الناشطة إلى الفتح والتوسع تحت قيادة أباطرة الرومان على بلاد العرب » فقد حرضوا. 


- 7586 - 


الأحباش » وهيأوا لحم الأسطول البحري ؛ فتزل سبعون ألف جندي من الحبشة » واحتلوا اليهن 
مرة ثانية » بقيادة أرياط سنة 0 7دم » وظل أرياط حال من قبل ملك الحبشة حتى اغتاله أبرهة 
أحد قواد جيشه - وحكم بدله بعد أن استرضى ملك الحبشة » وأبرهة هذا هو الذي جند 
اجنود هدم الكعبة » وعرف هو وجنوده تهات الفيل . 

وبعد وقعة الفيل اسيتنجد اليمانيون ا ؛ وقاهوا بمقاومة الحبشة حتى أجلوهم عن البلاد ) 
ونالوا الاستقلال في سنة 51م بقيادة معد يكرب بن سيف ذي يزن الحميري » واتخذوه ماكا 
هم , وكان معد يكرب أبقى معه جمعاً من الحبشة يخدمونه ويمشون في ركابه : فاغتالوه ذات 
يوم » وبموته انقطع الملك عن بيت ذي يزن » وولى كسرى عاملاً فارسياً على صنعاء » وجعل 
الهن ولاية فارسية فلم تزل الولاة من الفرس تتعاقب على الهِن حتى كان اخخرهم باذان الذي اعتنق 
الإسلام سنة 78م . وبإسلامه انتهى نفوذ فارس على بلاد اد(" . 


الملك بالحيرة: 
كانت الفرس تحكم على العراق وما جاورها منذ أن جمع شملهم قوروش الكبير 
(لاهده - 009 ) ق.م ول يكن أحد يناوئهم » حتى قام الاسكندر المقدوني سنة 75اق.م 
فهزم ملكهم دارا الآول » وكسسر شوكتهم , حتى تحزأت بلادهم وتولاها ملوك يعرفون بملوك 
الطوائف » واستمروا يحكمون البلاد مجزأة إلى سنة 170١م‏ . وفي عهد هؤلاء الملوك هاجر 
القحطانيون , واحتلوا جزءا من ريف العراق ثم لحقهم من هاجر من العدنانيين فزاحموهم حتى 
سكنوا جزعءا من الحزيرة الفراتية . 
وعادت القوة مرة ثانية إلى الفرس في عهد أردشير - مؤؤسس الدولة الساسانية منذ سنة 
5م - فإنه جمع شمل الفرس » واستولى على العرب المقيمين على تخوم ملكه , وكان هذا سبباً 
في رحيل قضاعة إلى الشام » ودان له أهل الحيرة والأنبار . 
)١(‏ انظر في تفصيل ذلك : تفهمم القران 6/15 97١ءلاواء‏ 54١ء‏ وتاريخ أرض القران ج١/‏ من 
ص77١‏ إلى نهاية الكتاب . وني تعيين السنين اختلاف كبير بين المصادر التاريية » وقد قال بعض الككتاب 
عن هذه التفاصيل 8 إن هذا إلا أساطير الأولين » . 


- 70 


وني عهد أردشير كانت ولاية جذيمة الوضاح على الحيرة وسائر من ببادية العراق والتزيرة من 
ربيعة ومضر » وكان أردشير رأى أنه يستحيل عليه أن يحكم العرب مباشرة » ويمنعهم من الإغارة 
على تخوم ملكه . إلا أن نملك عليم ربعلاًمنهم له عصبية تؤيده وقتعه » ومن جهة أخرى يمكنه 
الاستعانة بهم على ملوك الرومان الذين كان يتخوفهم » وليكون عرب العراق أمام عرب الشام 
الذين اصطنعهم ملوك الرومان » وكان يبقي عند ملك الحيرة كتيبة من جند الفرس ؛ ليستعين بها 
على الخارجين على سلطانه من عرب البادية » وكان موت جذيمة حوالي سنة 7154م . 

وبعد موت جذيمة ولى الحيرة عمرو بن عدي بن نصر اللخمي » أول ملوك اللخميين - في 
عهد كسرى سابور بن أردشير ‏ ثم لم تزل الملوك من اللخميين تتوالى على الجيرة حتى ولى الفرس 
قباذ بن فيروز » وفي عهده ظهر مزدك , وقام بالدعوة إلى الاباحية » فتبعه قباذ ؟! تبعه كثير من 
رعيته » ثم أرسل قباذ إلى ملك الحيرة ‏ وهو المنذر بن هاء السهاءسم يدعوه إلى أن يختار هذا 
المذهب ويدين به : فأنى عليه حمية وأنفة » فعزله قباذ » وول بدله الحارث بن عمرو بن حجر 
الكندي بعد أن أجاب دعوته إلى المذهب المزدكي . 

وخلف قباذ كسرى أنوشروان » وكان يكره هذا المذهب جد فق الروك رتور نذا 
بمذهبه » وأعاد المنذر إلى ولاية الحيرة » وطلب الحارث بن عمرو لكنه أفلت إلى دار كلب » فلم 
0# ظ 

ل ل ا ل ل ل ا و الى 
اليو وانوي دبرها زيد بن عدي العبادي » وأرسل كسرى إلى النعمان 
يطلبه » فخرج النعمان حتى نزل سرأً على هافىء بن مسعود سيد آل شيبان , فأودعه أهله وماله » 
ثم توجه إلى كسرى ١‏ فحبسه كسرى حتى مات وولى على الحيرة بدله إياس بن قبيصة الطالي » 
وأمره أن يرسل إلى هانىء بن مسعود يطلب منه تسم ما عنده , فأنى ذلك هاقء مية » وآذن 
الملك بالحرب ٠‏ ولم تلبث أن جاءت مرازبة كسسرى وكتائبه في موكب أياس ع وكانت بين 
الفريقين موقعة هائلة عند ذي قار » وانتصر فيها بنو شيبان , وانهزمت الفرس هزيمة منكرة . وهذا 
أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم . وهو بعد ميلاد الرسول عَهِ بقليل , فإنه عليه السلام 
ولد لفانية أشهر من ولاية إياس بن قبيصة على الخبيرة . 


كا 7 كد 


ظ وولى كسرى عل الحيرة بعد إياس حالاً فارسياً » وفي سنة 77م عاد الملك إلى ال لخم , 
فتولى منهم المنذر الملقب بالمعرور » ولم تزد ولايته على ثمانية أشبر حتى قدم عليه خخالد بن الوليد 
بعساكر المسلمين()2 . 
الملك بالشام: 

في العهد الذي ماجت فيه العرب بهجرات القبائلل صارت بطون من قضاعة إلى مشارف 
الشام وسكنت بها » وكانوا من بني سليح بن حلوان الذين منهم بنو ضجعم بن سليح المعروفون 
بامسم الضجاعمة » فاصطنعهم الرومان ؛ ليمنعوا عرب البرية من العبث » وليكونوا عدة ضد 
الفرس » وولوا منهم ملكا , ثم تعاقب الملك فيهم سنين » ومن أشهر ملوكهم زياد بن الهبولة » 
ويقدر زمنهم من أوائل القرن الثاني الميلادي إلى نبايته تقرييا ؛ وانتبت ولايتهم بعد قدوم ال 
غسان » الذين غلبوا الضجاعمة على ما بيدهم وانتصروا عليهم ‏ فولتهم الروم ملوكاً على عرب 
الشام 2 وكانت قاعدتهم دومة الجندل » وم تزل تتوالى الغساسنة عل الشام بصفتهم عمالاً للوك 
الروم حتى كانت وقعة اليرموك سنة 1١ه‏ ء وانقاد للإسلام آخر ملوكهم جبلة بن الأيهم في عهد 
أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه9) . 
الإمارة بالحجاز: 

ولي اسماعيل عليه السلام زعامة مكة وولاية البينت طول حياته 7" . وتوقي وله 77 ١‏ 
سنة) . ثم ولي أثنان من أبنائه نابت ثم قيدار » ويقال العكس . ثم ولي أمر مكة بعدهما جدّهما 
مضاض بن عمرو الخردمي » فانتقلت زعامة مكة إلى جرهم » وظلت في أيديهم » وكان لأولاد 
إسماعيل مركز محترم ؛ لما لابيهم من بناء البيت . ولم يكن لهم من الحكم شيءا" . 

ومضت الدهور والأيام ول يزل أمر أولاد إسماعيل عليه السلام ضغيلاً لا يذكر » حتى 
)١(‏ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 5801511٠ 259/١‏ . 
(؟) نفس المصدر 55/١‏ » وأرض القران 478١ ٠ 8٠١/7‏ . 
(5) قلب جزيرة العرب ص 57٠0١‏ 37177 . 
(4) صفر التكوين 8؟ : لإ ١‏ . 
)©( قلب جزيرة العرب ص 77١‏ 73717 ؛ وابن هشام ١١١-15‏ » وذكر ابن هشام ولاية نابت فقط من 

أولاد إسماعيل عليه السلام . 


0ت 


ضعف أمر جرهم قبيل ظهور بختنصر , وأخذ نجم عدنان السياسي يتألق في أفق سماء مكة منذ 
90 العصر » بدليل ما جاء بمناسبة غزو مختنصر للعرب في ذات عرق » فإن قائد العرب في 

قعة لم يكن جرهميا" . ظ 

وتفرقت بنو عدنان إلى اليمن عند غزوة مختنصر الثانية ( سنة /المهق.م ) » وذهب برمياه 
النبي بمعد إلى الشام » فلما انكشف ضغط بختنصر رجع معد إلى مكة فلم يجد من جرهم إلا 
جرشم بن جلهمة » فتزوج بابنته معانة فولدت له نزارا" . 

وساء أمر جرهم بمكة بعد ذلك وضاقت أحولهم . فظلموا الوافدين إليها » واستحلوا مال 
الكعبة'' » الأمر الذي كان يغيظ العدنانيين » ويثير حفيظتهم » ولما نزلت خزاعة بمر الظهران » 
ورأت نفور العدنانيين من الجراهمة استغلت ذلك » فقامت بمعونة من بطون عدنان ‏ وهم بنو 
بكر بن عبد مناف بن كنانة - بمحاربة جرهم » حتى أجلتهم عن مكة » واستولت على 
حكمها , ني أواسط القرن الثاني للميلاد . 

وما لجأت جرهم إلى الحلاء سدوا بر زمزم » ودرسوا موضعها » ودفنوا فيها عدة أشياء » قال 
ابن إسحق : فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي 7" بغزالبي الكعبة!* » ويحجر الركن 
حي ؛ فحزنوا على ما فارقوا من 

مكة وملكها حزناً شديداً » وفي ذلك قال عمروا»: 

9 ل يكن بين الحجون إلى الصفا 5201110 
بلى نحن كلكا أهلها فأبادنا صروف الليالىي واللجدود العوائر 

ويقدر زمن إسماعيل عليه السلام بعشرين قرناً قبل الميلاد » فتكون إقامة جرهم في مكة 
)١(‏ قلب جزيرة العرب ص١٠37‏ . ظ 
(؟) رحمة للعالمين 48/7 . 
(؟) قلب جزيرة العرب ص١59؟‏ . 
(5) هذا غير مضاض اجأد رمي الأكبر الذي مضى ذكره في قصة إسماعيل عليه السلام . | 
. (ه) قال المسعودي : وكانت الفرس تهدي إلى الكعبة أموالاً ني صدر :الزمان وجواهر » وقد كان ساسان بن بابك 

ظ أهدى غزالين من ذهب وجواهر وسيوفا وذهباً كثيراً فقذفه ( عمرو ) في بثر زمزم أه انظر مروج الذغب ظ 

١ه‏ . ظ 

.١١5 1١14/١ ابن هشام‎ )5( 


-158- 


واحدا وعشرين قرنا تقريبا » وحكمهم على مكة زهاء عشرين قرنا . واستبدت خزاعة بامر مكة 

الأولى : الدفع بالناس من عرفة إلى المزدلفة » والإجازة بهم يوم النفر من منى ‏ وكان يلي 
ذلك بنو الغوث بن مرة من بطون إلياس بن مضر » وكانوا يسمون صوفة ومعنى هذه الإجازة أن 
الناس كانوا لايرمون يوم النفر حتى يرمي رجل من صوفة , ثم إذا فرغ الناس من الرمي » وأرادوا 
النفر من منى أخذت صوفة بجانبي العقبة » فلم يجر أحد حتى يمروا » ثم يخلون سبيل الناس » فلما 
انقرضت صوفة ورثهم بنو سعد بن زيد مناة من عهم . 

الثانية : الإفاضة من ممع غداة النحر إلى منى » وكان ذلك في بني عدوان . 

الثالفة : إنساء الأشبر الحرم . وكان ذلك إلى بني تيم بن عدي من بني كنانة22 . 

واستمرت ولاية خزاعة على مكة ثلاثمائة سنة(2 . وفي وقت حكمهم انتشر العدنانيون في 
نجد وأطراف العراق والبحرين » وبقي باطراف مكة بطون من قريش وهم حلول وحرم » وبيوتات 
متفرقون في قومهم من بني كنانة . وليس لهم من أمر مكة ولا البيت الحرام شيء حتى جاء 
قصي بن كلاب”2 . 

ويذكر من أمر قصي أن أباه مات وهو في حضن أمه » ونكحت أمه رجلا من بني عذرة 
- وهو ربيعة بن حرام فاحتملها إلى بلاده بأطراف الشام » فلما شب قصي رجع إلى مكة ‏ 
حليل وزوجه إياها”؟» فلما مات حليل قامت حرب بين خزاعة وقريش أدت أخيراً إلى تغلب 
قصي على أمر مكة والبيت . 

وهناك ثلاث روايات في بيان سبب هذه الحرب . 

الأولى : أن قصيا لما انتشر ولده وكثر ماله وعظم شرفه وهلك حليل رأى أنه أولى بالكعبة 
وبامر مكة من خزاعة وبني بكر ء وأن قريشا رؤوس ال إسماعيل وصريحهم . فكلم رجالا من 
(0) ابن هشام .١١75-1١١-45١١9-- 1514/١‏ 
)١(‏ ياقوت مادة و مكة » . 
(9) محاضرات تارعم الأم الاسلامية للخضري "5/١‏ » وابن هشام ١١7/١‏ . 
(5) ابن هشام ١//ا1١8-1١١.‏ 


211 


قريش وبني كنانة في إخراج خزاعة وبني بكر عن مكة فأجابو ا 

الثانية : أن حليلاً ‏ فيا تزعم خزاعة - أوصى قصياً بالقيام على الكعبة وبأمر مكة”© . 

الثالثة : أن حليلاً أعطى ابنته حبى ولاية البيت » واتخذ أبا غبشان الخزاعي وكيلاً لها » فقام 
أبو غبشان بسدانة الكعبة نيابة عن حبى » فلما مات حليل اشترى قصي ولاية الييت من أبي 
غبشان بزق من الخمر ‏ وم نرض خزاعة بهذا البيع » وحاولوا منع قصي عن البيث » فجمع قصي 
رجالاً من قريش وبني كنانة لاخراج خزاعة من مكة , فأجابوه2» . 

وأيا ما كان » فلما مات حليل وفعلت صوفة ما كانت تفعل أتاهم قصي بمن معه من قريش 
وكنانة عند العقبة فقال : نحن أولى بهذا منكم » فقاتلوه فغلييم قصي على ما كان بأيديهم ‏ 
وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي » فبدأهم ة قصي » وأجمع الحربهم » فالتقوا واقتتلوا 
قتالاً شديداً . صار جمع من الفريقين فريسة له » ثم تداعوا إلى الصلح فحكموا يعمر بن عوف 
أحد بني بكر » فقضى بأن قصياً أول بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة » وكل دم أصابه قصي منهم 
موضوع بشدخه تحت قدميه » وما أصابت خزاعة وبنو بكر ففيه الدية » وأن يخلى بين قصي وبين 
الكعبة ‏ فسمي يعمر يومكذ الشداخ ) وكان استيلاء قصي على مكة والبيت في أواسط القرن 
الخامس للميلاد سنة ٠414م‏ وبذلك صارت لقصي » ثم لقريش السيادة التامة » والأمر النافذ 
في مكة » وصار الرئيس الديني لذلك البيت الذي كانت تفد إليه العرب من جميع أنحاء الحزيرة . 

وما فعله قصبي بمكة أنه جمع قومه من منازهم إلى مكة . وقطعها رباعا بين قومه » وأتزل كل 
قوم من قريش منازيهم التي أصبحوا عليها » وأقر النسأة وال صفوان » وعدوان ومرة بن عوف على 


ما كانوا عليه من المناصب ؛ لأنه كان يراه دين في نفسه لا ينبغي تغييره" . ُ 


ومن ماثر قصي أنه أسسن دار الندوة بالجاب الشهالي من مسحد الكعبة 4 0 بامباأ إلى 
امسجد » وكانت ممع قريش » وفيا تفصل مهام أمورهاء وهذه الدار فضل عل قريش ؟ لأمها 
)١(‏ نفس المصدر 1/١‏ ماك 
(؟) نفس المصدر 1/1١‏ . 
(0) رحمة للعالمين 08/7 . 
(14) ابن هشام 1151/١‏ 174. 
ره قلب جزيرة العرب ص77 . 
(5) ابن هشام .١١8-5١174/١‏ 


اك 


ضمنت اجتّاع الكلمة وفض المشاكل بالحسنى7" . 

وكان لقصي من مظاهر الرياسة والتشريف : 

)١(‏ رياسة دار الندوة » ففيها كانوا يتشاورون فيا نزل بهم من جسام الأمور » ويزوجون فيبا 
بناتهم . 
)١(‏ اللواء » فكانت لا تعقد راية الحرب إلا بيده . 

(5) الحجابة وهي حجابة الكعبة , لا يفتح بابها إلا هو, وهو الذي بلي أمر خدمتها 
وسدانتها . 

(4) سقاية الحاج » وهي نه كانوا يملأون للحجاج حياضا من الماء » يحلونها بشيء من 
اتمر والزبيب » فيشرب الناس منها إذا وردوا مكة"! . 

(5) رفادة الحاج » وهي طعام كان يصنع للحاج على طريقة الضيافة » وكان قصي فرض 
على قريش خرجا تخرجه في الموسم من أموالها إلى قصي » فيصنع به طعاماً للحاج ‏ يأكله من لم 
يكن له سعة ولا زاد9) ' 

وكان كل ذلك لقصي ‏ وكان ابنه عبد مناف قد شرف وساد في حياته » وكان عبد الدار 
بكره » فقال له قصي : لألحقنك بالقوم وإن شرفوا عليك . فأوصى له بما كان يليه من مصالح 
قريش » فاعطاه دار الندوة والحجابة واللواء والسقاية والرفادة » وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه 
شيء صنعه ‏ وكان أمره في حياته وبعد موته كالدين المتبع , فلما هلك أقام بنوه أمره لا نزاع بينبم 
ولكن لما هلك عبد مناف نافس أبناؤه ني عمهم عبد الدار في هذه المناصب ء وافترقت قريش 
فرقتين » وكاد يكون بينهم قتال , إلا أمهم تداعوا إلى الصلح » واقتسموا هذه المناصب » فصارت 
السقاية والرفادة إلى بني عبد مناف » وبقيت دار الندوة واللواء والحجابة بيد بني عبد الدارء ثم 
حكم بنو عبد مناف القرعة فها أصابهم فخرجت هاشم بن عبد مناف , فكان هو الذي يلل 
السقاية والرفادة طول حياته » فلما مات خلفه أخوه المطلب بن عبد مناف . وولى بعده 
عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف جد رسول الله عَييهِ » وبعده أبناؤه حتى جاء الاسلام 





. ١6 وأخبار الكرام ص؟5‎ , 75/١ ؛ محاضرات تاريخ الأم الإسلامية للخضري‎ ١١6/١ ابن هشام‎ )١( 
. 5/١ (؟) محاضرات تاريخ الأثم الاسلامية للخضري‎ 
. ١.١/١ (؟5) ابن هشام‎ 


2١ 


والولاية إلى العباس بن عبد المطلب27 . 

وكانت لقريش مناصب سوى ذلك وزعوها فيا بينهم » وكونوا بها دويلة - بل بتعبير أصح : 
شبه دويلة ديمقراطية . وكانت لها من الدوائر والتشكيلات الحكومية ما يشبه في عصرنا هذا دوائر 
البرلمان ومجالسها 0 وهاك لوحة من تلك المناصب : 

. أي تولية قداح الأصنام للاستقسام » كان ذلك في بني جمح‎ ٠ الايسار‎ )١( 

)١(‏ تحجير الأموال , أي نظم القربات والنذور التي تهدى إلى الأصنام » وكذلك فصل 

الخصومات والمرافقات . كان ذلك في بني سهم . 

| فة الشورى » كانت في بني أسد . ظ 

(4) الأشناق » أي نظم الديات والغرامات » كان ذلك في بني تيم 

, العقاب 4 أي حمل اللواء القومي » كانت ذلك في بني أمية‎ (0 ١ 

(1) القبة » أي نظم المعسكر . وكذلك قيادة الخيل » كانت في بني مخزوم . 

(/7) السفارة » كانت في بني عدي(" . 


يا ل 
بينبا » فما كان من هذه القبائل بالقرب من الحيرة كانت تبعا لملك العرب بالحيرة » وما كان منها 
في بادية الشام كانت تبعاً للغساسنة . إلا أن هذه التبعية كانت اممية لا فعلية . وأما ما كان منها 
في البوادي في داخل الجزيرة فكانت حرة مطلقة . 

وفي الحقيقة كان لهذه القبائل رؤساء تسودهم القبيلة » وكانت القبيلة حكومة مصغرة أساس 
كياها لسياسي الوحدة اع يك 0 الأرض ودع رم 
السلم والحرب » جود ديو الب سوام ما 00 
(1) ابن هشام 179/١‏ :14:71 ءا ة١.‏ 

0 تاريخ أرض القران 1١5631٠١8 . ٠١4/1‏ . 
اك 


قري » حتى كان بعضهم إذا غضب غضب له ألوف من السيوف لا تسأله فها غضب ء إلا أن 
المنافسة في السيادة بين أبناء العم كانت تدعوهم إلى المصانعة بالناس » من بذل الندى » وكرام 
ألضيف . والكرم ؛ والحلم وإظهار الشجاعة , والدفاع عن الغير ؛ حتى يكسبوا امحامد في أعين 
الناس » ولا سها الشعراء الذين كانوا لسان القبيلة في ذلك الزمان » وحتى تسمو درجتهم عن 
مستوى المنافسين . 
وكان للسادة والرؤساء حقوق خاصة » فكانوا يأخذون من الغنيمة المربا ع والصفي والنشيطة 
والفضول » يقول الشاعر : 
لك المرباع فينا والصفايا وحكمك والتشيطة والفضول 
والمرباع : ربع الغنيمة » والصفي : ما يصفيه الرئيس لنفسه قبل القسمة » والنشيطة : 
ما أصاب الرئيس في الطريق قبل أن يصل إلى بيضة القوم . والفضول : ما فضل من القسمة 
مما لا تصح قسمته على عدد الغزاة » كالبعير والفرس ونحوهما . 


الحالة السياسية: 

قد ذكرنا حكام العرب » والآن آن لنا أن نذكر جملة من أحوالهم السياسية » فالأقطار 
الثلاثة التي كانت مجاورة للأجانب كانت حالتها السياسية في تضعضع وانحطاط لا مزيد عليه 
فقد كان الناس بين سادة وعبيد » أو حكام ومحكومين » فالسادة ‏ ولا سها الأجانب هم كل 
الغنم » والعبيد عليهم كل الغرم » ويعبارة أوضح إن الرعايا كانت بمثابة مزرعة تورد المحصولات إلى 
الحكومات » فتستخدمها في ملذاتها وشهواتها » ورغائبها » وجورها » وعدوانها . أما الناس فهم في 
عمايتهم يتخبطون » والظلم ينحط عليهم من كل جانب وما في استطاعتهم التذمر والشكوى , 
بل هم يسنانون الخيس © والجخورج والغذات ألواناً مساكين + :ققد كان الحكم استبداديا : 
والحقوق ضائعة مهدورة » والقبائل المجاورة هذه الأقطار مذبذبون تتقاذفهم الأهواء والأغراض » 
مرة يدخلون في أهل العراق » ومرة يدخلون في أهل الشام . وكانت أحوال القبائل داخل الخزيرة 
مفككة الأوصال » تغلب عليها المنازعات القبلية والاختلافات العنصرية والدينية حتى قال 
ناطقهم : [ 
وماأنا إلا من غزيةإن غوت وية يدان شه غرية نجه 


ات 


ولى يكن لهم ملك يدعم استقلالهم » أو مرجع يرجعون إليه » ويعتمدون عليه وقت 
الشدائد . ظ ظ 

وأما حكومة الحجاز ؛ فقد كانت تنظر إليها العرب نظرة تقدير واحترام » ويرونها قادة 
وسدنة المركز الديني » وكانت تلك الحكومة في الحقيقة خليطاً من الصدارة الدنيوية والحكومية 
والزعامة الدينية » حكمت بين العرب باسم الزعامة الدينية » وحكمت في الحرم وما والاه بصفتها 
حكومة تشرف على مصالح الوافدين إلى البيت » وتنفذ حكم شريعة إبراهم » وكانت لها من 
الدوائر والتشكيلات ما يشابه دوائر البرلمان - م أسلفنا - ولكن هذه الحكومة كانت ضعيفة 
لا تقدر على حمل العبء كا وضح يوم غزو الأحباش . 


00018 


ديانات العرب 


كان معظم العرب اتبعوا دعوة إسماعيل ‏ عليه السلام ‏ حين دعاهم إلى دين أبيه إبراهم 
- عليه السلام - فكانت تعبد الله وتوحده وتدين بدينه » حتى طال عليهم الأمد ونسوا حظا مما 
ذكروا به » إلا أنهم بقي فيهم التوحيد وعدة شعائر من دين إبراهم » حتى جاء عمرو بن لحي 
فاحبه الناس » ودانوا له ظنا منهم أنه من أكابر العلماء وأفاضل الأولياء » ثم إنه سافر إلى الشام ؛ 
فراهم يعبدون الاوثان » فاستحسن ذلك وظنه حقا . لان الشام محل الرسل والكتب » فَمَدءِ معه 
بل وجعله في جوف الكعبة . ودعا أهل مكة إلى الشرك بالله » فأجابوه . ثم لم يلبث أهل 
الحجاز أن تبعوا أهل مكة , لأنهم ولاة البيت وأهل الجرهم0" . 

ومن أقدم أصنامهم مناة . كانت بالمشلل على ساحل البحر الأحمر بالقرب من قديدء ثم 

تخذوا اللات ني الطائف , ثم اتحذوا العزى بوادي نخلة ‏ هذه الثلاث أكير أوثاتهم » ثم كثر 
و ا ل ين الا اال لسو لحي كان له رني من 
الجن 5 بان اما | قوم نوح ‏ ودا و بواعا يقرت ويعوق وضورا جد عددوة جدة اتنا 
فاستثارها . ثم أوردها إلى تهامة . فلما جاء الحج دفعها إلى القبائل 0" فذهبت بها إلى أوطانها » 
حتى صار لكل قبيلة ثم في كل بيت صم . وقد ملأوا المسجد الحرام بالأصنام , ولما فتح رسول 
للله يك مكة وجد حول البيت ثلاقائة وستين صنا » فجعل يطعنبا حتى تساقطت » ثم أمر .بها 
فاخرجت سس المسحد وحرقت0©. 
(؟2)1 صحيح البخاري 755/١‏ . 
2١‏ مختصر سيرة الرسول عَّه للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص5١‏ . 54.857.81١ 08٠.‏ . 


5 


وهكذا صار الشرك وعبادة الأصنام أكبر مظهر من مظاهر دين أهل الجاهلية : لذين > كانوا 
.يزعمون أمهم على دين إبراههم . 

وكانت هم تقاليد ومرامم في عبادة الأصنام , ابتدع أكثرها عمرو بن لحي » وكانوا يظنون 
أن ما أحدثه عمرو بن مي بدعة حسنة » وليس بتغير لدين إبراهيم فكان من مرامم عبادمم 
للأصنام أنهم : 

» كانوا يعكفون عليها » ويلتجئون إليها .. ويبتفون بها » ويستغيثونها في الشدائد‎ )١( 
ويدعونها الحاجاتهم » معتقدين أنها تشفع عند الله » وتحقق هم ما يريدون.‎ 

. وكانوا يحجون إليها ويطوفون حوها » ويتذللون عندها » ويسجدون لا‎ )١( 

(؟) وكانوا يتقربون إليها بأنواع من القرابين » فكانوا يذبحون وينحرون لها وبأسمائها . 

وهذان النوعان من الذي ذكرهما الله تعالى في قوله إوَمَاذْيِحَ عنصب 4 (0 : *) وفي 
قوله لات كلامم يدو أن وَاسَه َه 46 . 

(4) وكان من أنواع التقرب نيم كانوا يتخصون للأصنام شيئاً من ماكلهم ومشاربهم حسبا 
يدو هع وكدلك يخصون لها نصيباً من حرثهم وأنعامهم . ومن الطرائف نهم كانوا يمخصون من 
ذلك جزعا لله أيضا » وكانت عدم أسباب كثيراً ما كانوا ينقلون لأجلها إلى الأصنام ما كان 
لله؛ ولكن لم يكونوا ينقلون إلى الله ماكان لأصنامهم بحال . قال تعالى :وَجَمَلْوأْيهِمِمَّادَراً 

مت الْحَسَرْثْ والأنس تَصِيبا فَمَالواَْدَايه رهم وعدا ِشُركينا هما 
كات ِشُرَكَابهِمْ فَلَايْصِلُ إل أله وَصَاكَا تنه فَهُوَيْصِلُ إل شر حكايه:: 


از سن 9 


سآ مَايَحْحكُُوت 4 1 001 

(0) وكان من أنواع التقرب إلى الأصنام النذر في الحرث والأنعام » قال تعالى : 9 وَقَالُوا 
هذه اعم وَكَرْثُ حجر يمه آإ لام نآ مهم وام حرمت ظهُووْهَ وام 
يمون أَسْمَاَمَهِ عَلتَهًا أَفْرَآةعَكِوٌ © (1 : )1١‏ . 

(7) وكانت منها البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي . قال ابن إسحاق : البحيرة بنت 
السائبة » هي الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر سيبت » فلم يركب ظهرها » ولم 
يحز وبرها » ولم يشرب لبنها إلا ضيف » فما نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها » ثم خلي 
سبيلها مع أمها ‏ فلم يركب ظهرها » ولم يجز وبرها » ولم يشرب لبنها إلا ضيف » 5 فعل 


21 


بأمها . فهي البحيرة بنت السائبة . والوصيلة : الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة 
أبطن ليس بينبن ذكر جعلت وصيلة . قالوا : قد وصلت » فكان ما ولد بعد ذلك للذكور منهم 
دون إنائهم إلا أن يموت شيء فيشترك في أكله ذكورهم وإنامهم . والحامي : الفحل إذا نتج له 
عشر إناث متتابعات ليس بينبن ذكر حمى ظهره , فلم يركب » ولم يجز وبره » وخلي في إبله 
يضرب فيها ؛ لا ينتفع منه بغير ذلك ع وفي ذلك أنزل الله تعالى : طل ما جَلَ أ مِنْ حير 
و سَايبَت ولا وصِيزةَ ول ا ولك لذن عرو يفترونَ عل ألم لكين كرش ل 

قن 4 (ه مع وأنزل :اماف ملو هذ لكر تارمس لطر 
1 ل أَرْوجمَاوَإِن يكن تنه فَهْرْفِيِهِ ثُ شرحكاء 1 114١)وقيل‏ في تفسير 
هذه الأنعام غير ذلك22 . 

وقد صرح سعيد بن المسيب أن هذه الأنعام كانت لطواغيتهه”" وفي الصحيح مرفوعا : أن 
عمرو بن لحي أول من سيب السوائب”" 

كانت العرب تفعل كل ذلك بأصنامهم , معتقدين أها تقربهم إلى الله وتوصلهم إليه » 

تشفع لديه كا في القران : 8 مَانَحْبَدٌ هُم لا يأرل 904" : ؟) ووعبدوت 
100 لاتفعع قورت بح هكوا لك سُفَعوُنا عند أله 6( .)١18 1:٠‏ 

وكانت العرب تستقسم بالأزلام , والزلم : القدح الذي لا ريش عليه » وكانت الأزلام ثلاثة 
أنواع : نوع فيه « نعم » وه لا؛ كانوا يستقسمون بها فيا يريدون من العمل من نحو السفر 
والنكاح وأمثالهما . فإن خرج ‏ نعم » عملوا به وإن خرج ١‏ لا » أخروه عامه ذلك حتى ياتوه مرة 
أخرى » ونوع فيه المياه والدية » ونوع فيه 9 منكم ؛ أو « من غيرك » أو « ملصق » فكانوا إذا 
شكوا في نسب أحدهم ذهبوا به إلى هبل , وبمائة جزور , فأعطوها صاحب القداح . فإن خرج 
١‏ منكم » كان منهم وسيطاً. وإن خرج عليه من غير » كان حليفاً » وإن خرج عليه 
« ملصق » كان على منزلته فييم » لا نسب ولا حلف'" . 


)١(‏ ابن هشام ١/4م.‏ .و 

(5) صحيح البخاري 144/١‏ . 

2 نفس المصدر . 

(2)14 محاضرات تاريخ الأم الاسلامية للخضري ١/5ه‏ », وابن هشام ١/؟81١1‏ 2 ١817‏ . 


- 77 


ويقرب من هذا الميسر والقداح » وهو ضرب من ضروب القمار . وكانوا يقتسمون به لحم 
الجزور التي يذبحونها بحسب القداح : 
وكانوا يؤْمنون بأخبار الكهنة والعرافين والمنجمين , والكاهن : هو من يتعاطى الإخبار عن 
الكوائن في المستقبل » ويدعي معرفة الأسرار » ومن الكهنة من يزعم أن له تابعا من الجن يلقي 
عليه الأخبار » ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه » ومنهم من يدعي معرفة الأمور 
بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله » وهذا القسم 
يسع غراف ؟ كم يدعي معرفة المسروق ومكان السرقة ة والضالة ونحوههما . والمنجم : : من ينظر في 
النجوم أي الكواكب » ويحسب سيرها ومواقيتها » ليعلم بآ أخوال العام وحوادثه التي تع في 
المستقبل(" والتصديق بأخبار المنجمين هو في الحقيقة إيمان بالنجوم » وكان من إيمائهم بالنجوم 
الايمان بالأنواة 6 فكانوا رعولون + مطرنا ور ذا ك0 


الظبي فينفرونه ) فإن أحذ ذات د مضوا إلى 00 وعدوه 2 وان أخحذ ذات ‏ 
الشمال 21 نتهوا عن ذلك وتشاءموا ( وكانوا يتشاءمولد كذلك إن عرص الطير أو الحيوان ف 
طريقهم . 

ويقرب من هذا تعليقهم كعب الارنب » والتشاوم ببعض الايام والشهور والحيوانات والدور 
والنساء » والاعتقاد بالعدوى والمامة . فكانوا يعتقدون أن المقتول لا يسكن جاشه ما لم يؤخذ 
بثاره » و7 تصير روحه هامة أي بومة تطير في الفلوات وتقول : صدى صدى أو اسقوة لي استقولي 2 
فإذا أخذ بثاره و سكن واستراح” . 

كان اهل الجاهلية على ذلك وفيهم بقايا من دين إبراهم ولم يتركوه كله , مثل تعظم البيت 
والطواف به . والحج والعمرة » والوقوف بعرفة . والمزدلفة وإهداء البدن ؛ نعم ابتدعوا في ذلك 
بدعا . ش 
-2)١(‏ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 00/5 ” . 
فم انظر صحيح مسلم مع شرحه للنووي ؛ باب بيان كفر من قال : مطرنا بالنوء » من كتاب الايمان 1/9١‏ . 
7( انظر صحيح البخاري 851/7 . 88617 مع حواشيه للشيخ أحمد علي السهارنفوري . 


-58- 


منها أن قريشا كانوا يقولون : نحن بنو إبراهيم وأهل الحرم » وولاة البيت وقاطنو مكة » وليس 
لأحد من العرب مثل حقنا ومنزلتنا - وكانوا يسمون أنفسهم الحمس - فلا ينبغي لنا أن تحرج 
من الحرم إلى الحل » فكانوا لا يقفون بعرفة » ولا يفيضون منبها » وإنما كانوا يفيضون من المزدلفة 
وفيهم أنزل : « ثم أَفِيصُوأمِنْحَيَتٌ أَفا ص أَلكَاسٌ » 7١‏ : 20)199 . 

ومنها أمهم قالوا : لا ينبغي للحُمْس أن يأقِطوا ولا يسلعوا السمن » وهم حرم . ولا يدخخلوا 
بيتأ من شعر » ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما داموا حرماً" . 

ومنها أنهم قالوا : لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاعوا به من الحل إلى الحرم إذا 
جاعوا حجاجا أو عمارا” . 

ونا ايم أمروا أهل الحل أن لا يطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس » 
فإن لم يجدوا شيئا فكان الرجال يطوفون عراة » وكانت المرأة : تضع ثيابها كلها إلا درعاً مفرجا نم 
تطوف فيه وتقول : 
الييوم ييدو بعض ه أو كله وما بداسه قلا أحلكله 

وأنزل الله في ذلك : 8 يا بي ءَادَمَ حُدُوا يتك عِنْدَ كل مَسَجِارٍ © (7 : ١؟)‏ ء فإن تكرم 
أحد من الرجل والمرأة فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل ألقاها بعد الطواف ٠‏ ولا ينتفع بها 
هوٌلاء ولا أحد غير و(4) 1 

ومنها أ نهم كانوا لا يأتون بيوتهم من أبوابها في حال الإحرام ٠‏ بل كانوا ينقبون في ظهور 
البيوت نقبأ يدخلون ويخرجون منهء وكانوا ينحسبول ذلك الحفاء بر وقد منعه القران (7: 
8). 

كانت هذه الديانة ‏ ديانة الشرك وعبادة الأوثان » والاعتقاد بالأو هام والخرافات - ديانة 
معظم العرب . وقد وجدت اليهودية » والمسيحية » والمجوسية والصابئية سبيلا للدخول في ربوع 
العرب . 
ر1) ابن هشام ١99/١‏ ء. صحيح البخاري 557/١‏ . 
(؟) نفس المصدر الأول 7١7/١‏ . 
)4 ابن هشام 7١7/١‏ . 
(14) ابن هشام 7٠١720 7١5/١‏ وصحيح البخاري 51١7/١‏ . 


315 


. ولليهود دوران - على الأقل ‏ مثلوهما في جزيرة العرب : 

الأول : هجرتهم في عهد الفتوح البابلية والأشورية في فلسطين » فقد نش عن الضغط على 
ايهود » وعن تخريب بلادهم وتدمير هيكلهم على يد الملك بختنصر سنة 017 ق.م وسبي 
أكثرهم إلى بابل أن قمها منهم هجر البلاد الفلسطينية إلى الحجاز » وتوطن في ربوعها 
الشهالية22 . ظ ظ ظ 

الدور الثاني : يبدأ من احتلال الرومان لفلسطين بقيادة بتطس الروماني سنة ١7م‏ » فقد 
نشا عن ضغط الرومان على اليهود » وعن تخريب الهيكل وتدميره أن قبائل عديدة من المهود 
رحلت إلى الحجاز » واستقرت في يغرب وخيير وتهاء » وأنشأت فيها القرى والأطام والقلاع , 
وانتشرت الديانة اليهودية بين قسم من العرب عن طريق هؤلاء المهاجرين » وأصبح لها شأن 
يذكر ني الحوادث السياسية التي سبقت ظهور الإسلام » والتي حدثت في صدره . وحينا جاء 
الإسلام كانت القبائل اليهودية المشهورة هي : خيبر والنضير والمصطلق وقريظة وقينقاع»؛ وذكر 
السمهودي في وفاء الوفا (ص5١١)‏ أن عدد القبائل اليبودية يزيد على عشرين2) . 

ودخلت اليهودية في الهِن من قبل تبان أسعد أي كرب . فإنه ذهب مقاتلاً إلى يغرب واعتنق 
هناك اليبودية وجاء بحبرين من بني قريظة إلى اليمن , فأخذت اليهودية إلى التوسع والانتشار فيها » 
ولما ولي الهمِن بعده ابنه يوسف ذو نواس هجم على المسيحيين من أهل نجران ودعاهم إلى اعتناق 
اليهودية » فلما أبوا خحدّ لهم الأخخدود , وأحرقهم بالنار » ولم يفرق بين الرجل والمرأة والأطفال 
الصغار والشيوخ الكبار » ويقال إن عدد المقتولين ما بين عشرين ألفاً إلى أربعين ألفاً » وقع ذلك 
في أكتوبر سنة 0177م20 . وقد أورد القران جزءا من هذه القصة في سورة البروج . 

أما الديانة النصرانية فد جاءت إلى بلاد العرب عن طريق احتلال الحبشة والرومان » وكان 
أول احتلال الحبشة لليمن سنة 4٠‏ "م » واستمر إلى سنة /اام!2 » وفي ذلك الزمان دخل 
التبشير المسيحي في ربوع الهه.. » وبالقرب من هذا الزمان دخل رجل زاهد مستجاب الدعوات 
)١(‏ قلب جزيرة العرب ص١8١1‏ .2 
0( نفس الصلار : < 
(60) تفهم القران ٠ 15919/١‏ 794ء وابن هشام 58/١‏ 211 7 اا 5١‏ 586 756. 
(4) 0 تفهم القرآن 3937/5 . 
اه 


وصاحب كرامات - وكان يسمى فيميون ‏ إلى نجران » ودعاهم إلى الدين المسيحي ٠‏ ورأى 
أهل نجران من أمارات صدقه وصدق دينه ما لبوا لأجله المسيحية واعتنقوها!"! . 

ولما احتلت الأحباش الهِن كرد فعل لما أتاه ذو نواس » وتمكن أبرهة من حكومتها ؛ أخذ 
ينشر الديانة المسيحية بأوفر نشاط » وأوسع نطاق » حتى بلغ من نشاطه أنه بنى كنيسة بالهِن 
كانت تسمى الكعبة الهانية » وأراد أن يصرف حج العرب إليها » ويهدم بيت الله الذي بمكة ‏ 
فأخذه الله نكال الآخرة والأولى . 

وقد اعتئق النصرانية العرب الغساسنة وقبائل تغلب وطيء وغيرهما مجاورة الرومان ٠‏ بل قد 
اعتنقها بعض ملوك الحيرة . 

أما المجوسية فكان معظمها في العرب الذين كانوا بجوار الفرس » فكانت في عراق العرب وني 
البحرين - الأحساء - وهجر وما جاورها من منطقة سواحل الخليج العرني » ودان لها رجال من 
اليمِن في زمن الاحتلال الفارسي . 

أما الصابئية فقد دلت الحفريات والتنقيبات في بلاد العراق وغيرها أنها كانت ديانة قوم 
إبراهيم الكلدانيين » وقد دان بها كثير من أهل الشام » وأهل الهِن في غابر الزمان » وبعد تتابع 
الديانات الجديدة من اليهودية والنصرانية تضعضع بنيان الصابئية وخمد نشاطها » ولكن لم يزل 
في الناس بقايا من أهل هذه الديانة مختلطين مع المجوس » أو مجاورين لهم » في عراق العرب » وعلى 
شواطىء الخليج العربي”" . 


الحالة الدينية: 

كانت هذه الديانات هي ديانات العرب حين جاء الاسلام » وقد أصاب هذه الديانات 
الانحلال والبوار » فالمشركون الذين كانوا يدعون أنهم على دين إبراههيم كانوا بعيدين عن أوامر 
ونواهي شريعة إبراهم » مهملين ما أنت به من مكارم الأخلاق . فكثرت معاصيهم » ونشأ فيهم 
على توالي الزمان ما ينشاً في الوثنيين من عادات وتقاليد تحري محرى الخرافات الدينية » وأثرت في 
الحياة الاجتاعية والسياسية والدينية تأثيراً بالغاً جداً . 
)١(‏ انظر في ذلك مفصلاً ابن هشام 281/١‏ 37 , 38 34 . 
(؟) تاريخ أرض القران 157/1 إلى 7١8‏ . 


-51 - 


وأما اليهودية فقد انقلبت رياء وتحكماًء وصار رؤساؤها أرباباً من دون اللهء يتحكمون في 
الناس ويحاسبونهم حتى على خطرات النفس و#مسات الشفاه » وجعلوا *مهم الحظوة بالمال 
والرياسة » وإن ضاع الدين وانتشر الإلحاد والكفر والتهاون بالتعاليم التي حض الله عليها وأمر كل 
وأما النصرانية فقد عادت وثنية عسرة الفهم » وأوجدت خلطا عجيباً بين الله والإنسان » 
ولم يكن لها في نفوس العرب المتدينين بهذا الدين تأثير حقيقي » لبعد تعالهها عن طراز المعيشة 
التي ألفوها » ولم يكونوا يستطيعون الابتعاد عنها . 
وأما سائر أديان العرب فكانت أحوال أهلها كأحوال المشركين » فقد تشاببت قلوبهم » 
وتواردت عقائدهم » وتوافقت تقاليدهم وعوائدهم . 


- 57 - 


صور من المجتمع العربي الجاهلى 


بعد البحث عن سياسة الحزيرة وأديائها ؛ بقى لنا أن نتكلم حول الأحوال الاجتاعية : 
والاقتصادية 1 والخلقية 1 وفما بلي بيانها بإيجار : 


الحالة الاجتماعية: 

كانت في العرب أوساط متنوعة » تختلف أحوال بعضها عن بعض . فكانت علاقة الرجل 
مع أهله في الأشراف على درجة كبيرة من الرقي والتقدم , وكان لها من حرية الارادة ونفاذ القول 
القسط الأوفر » وكانت محترمة مصونة تسل دونها السيوف » وتراق الدماء » وكان الرجل إذا أراد 
أن يمتدح بما له في نظر العرب المقام السامي من الكرم والشجاعة لم يكن يخاطب في أكثر أوقاته 
إلا المرأة » وربما كانت المرأة إذا شاءت جمعت القبائل للسلام » وإن شاءت أشعلت بينهم نار 
الحرب والقتال . ومع هذا كله فقد كان الرجل يعتبر بلا نزاع رئيس الأسرة » وصاحب الكلمة 
فيها » وكان ارتباط الرجل بالمرأة بعقد الزواج تحت إشراف أوليائها ولم يكن من حقها أن تفتات 
علييم . 

بيئا كانت هذه حال الأشراف , كان هناك في الأوساط الأخرى أنواع من الاختلاط بين 
الرجل والمرأة » لا نستطيع أن نعبر عنه إلا بالدعارة والمجون والسفاح والفاحشة » روى أبو داود 
عن عائشة رضي الله عنها أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء : فكان منها نكاح الناس 
اليوم » يخطب الرجل إلى الرجل وليته فيصدقها ثم ينكحها . ونكاح آخر : كان الرجل يقول 
لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه » ويعتّزها زوجها ولا يمسها أبدأ حتى 
يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه , فإذا تبين حملها أصابها زوجها إن أحب » وإنما 


- 273 


يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد » فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبضاع » ونكاح آخخر : 
يجتمع الرهط دون العشرة . فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها . فإذا حملت » ووضعت ومرت 
ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم » فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها . 
فتقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمرك وقد ولدت » وهو ابنك يا فلان » فتسمي من أحبت 
منهم باسمه فيلحق به ولدها ونكاح رابع : يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن 
جاءها . وهن البغايا » كن ينصبن على أبوابين رايات » تكن علماً لمن أرادهن دخخل عليين » فإذا 
حملت فوضعت حملها جمعوا لها , ودعوا لهم القافة ‏ ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطه ودعي 
ابنه ‏ لمر و لاس لبتم 


الأسلام اليوم0') . 
وكانت عندهم اجتاعات بين الرجل ا تعقدها شفار السيوف وأسنة الرماح » فكان 
المتغلب ل حروب -- يسبي نساء المقهور فيستحلها فيستحلها » ولكن الأولاد الذين تكون هذه أمهم 


كان من العروف في أمل الاي أ كانوا يعددون بين الزوجات من غير حد معروف 
ينتبى إليه » وكانوا يجمعون بين الأختين » وكانوا يتزوجون بزوجة آبائهم إذا طلقوها أو ماتوا عنها 
( سورة النساء )7١ » 7١‏ وكان الطلاق بيد الرجال لا إلى حد معين2" . 
وكانت فاحشة الزنا سائدة في جميع الأوساط » لا نستطيع أن تخص منها وسطاً دون وسط 
أو صنفاً دون صنف » إلا أفراداً من الرجال والنساء بمن كان تعاظم نفوسهم يألى الوقوع في هذه 
الرذيلة » وكانت الحرائر أحسن حالاً من الإماء والطامة الكبرى هي الإماء » ويبدو أن الأغلبية 
الساحقة من أهل الجاهلية لم تكن تحس بعار في الانتساب إلى هذه الفاحشة ؛ روى أبو داود عن 
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قام رجل فقال : يا رسول الله إن فلاناً ابني » عاهرت 
بأمة » في الجاهلية » فقال رسول الله عل : ٠‏ لا دعوة في الإسلام » ذهب أمر الجاهلية . الولد 
العراشس وللعاهر الحجر »1 وقصة اختصام سعد بن أَبي وقاص وعبد بن زمعة في ابن أمة زمعة 
0 أبو داود » كتاب التكاح » باب وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية . 


2( نفس المصدر باب نسح المراجعة بعد التطليقات الغلاث .. وهذا الذي ذكره المفمسرون في سيب نزول قوله تعالى 
ظ« الطلاق مرتان » . 


- 5غ8- 


- وهو عبد الرحمن بن زمعة ‏ معروفة7 . 

وكانت علاقة الرجل مع أولاده على أنواع شتى فمنهم من يقول : 

إنما أولادنا نا أبادنا ت“مشبي على الأرض 

ومنبسم من كان يكد البنات خشية العار والانفاق 1 ويقتل الأولاد خحشية الفقر والاملاق 
(القران 5 1١5.1١١‏ -لمهىؤه./ا1 8١‏ .١م‏ -8) ولكن لا يمكننا أن نعد هذا 
من الأخلاق المنتشرة السائدة » فقد كانوا أشد الناس احتياجا إلى البنين » ليتقوا بهم العدو . 

أما معاملة الرجل مع أخيه وأبناء عمه وعشيرته فقد كانت موطدة قوية » فقد كانوا يحيون 
للعصبية القبلية َ ويعوتول لها . وكانت روخ الاجتّاع سائدة بين القبيلة الواحدة تزيدها العصبية 3 
وكان انان النظام الاجتّاعي هو العصبية الجنسية والرحم ؛ وكانوا يسيرون على المثل السائر 
« انصر أخاك ظالما أو مظلوما » على المعنى الحقيقي » من غير التعديل الذي جاء به الإسلام من 
أن نصر الظالم كفه عن ظلمه , إلا أن التنافس في الشرف والسؤٌدد كير ماكان يفضي إلى 
الحروب بين القبائل التي كان يجمعها أب واحد , كا نرى ذلك بين الأوس والخزرج » وعبس 
وذبيان » وبكر وتغلب وغيرها . 

أما العلاقة بين القبائل الختلفة فقد كانت مفككة الأوصال ماما » وكانت قواهم متفانية في 
الحروب . إلا أن الرهبة والوجل من بعض التقاليد والعادات المشتركة بين الدين والخرافة ربما كان 
ينخفف من حدتها وصرامتها وفي بعض الحالات كانت الموالاة والحلف والتبعية تفضي إلى اجتّاع 
القبائل المتغايرة » وكانت الأشبر الحرم رحمة وعوناً لهم على حيائهم وحصول معايشهم . 

وقصارى الكلام أن الحالة الاجتاعية كانت في الحضيض من الضعف والعماية فالجهل 
ضارب أطنابه » والخرافات لها جولة وصولة والناس يعيشون كالأنعام » والمرأة تباع وتشترى 
وتعامل كالحمادات أحياناً » والعلاقة بين الأمة واهية مبتوتة » وما كان من الحكومات فجل همّها 
امتلاء الخزائن من رعيتها » أو جر الحروب على مناوثيها . 
الحالة الاقتصادية: 

أما الحالة الاقتصادية » فتبعت الحالة الاجتاعية » ويتضح ذلك إذا نظرنا في طرق معايش 
)١(‏ أبو داود باب الولد للفراش . 


0ت 


العرب . فالتجارة كانت أكبر وسيلة للحصول على حوائج الحياة » والجولة التجارية لا تتيسر إلا 
إذا ساد الامن والسلام 4 وكان ذلك مفقودأ 2 جزيرة العرب إلا 2 الاشهر الحرم 14 وهذه هي 
الشهور التي كانت 7 تعقد فيها أسواق العرب الشبيرة من عكاظ وذي المجاز ومجنة وغيرها . 

وأما الصناعات فكانوا أبعد الأم عنها » ومعظم الصناعات التي كانت توجد في العرب من 
الحياكة والدباغة وغيرها كانت في أهل اهن والحيرة » ومشارف الشام » نعم كانت في داخل 
الجزيرة الزراعة » والحرث » واقتناء الأنعام » وكانت نساء العرنت كافة يشتغلن بالغزل » لكن ْ 
كانت الأمتعة عرضة للحروب » وكان الفقر والجوع والعري عاماً ف امجتمع . 
الأخلاق: 

لا ننكر أن أهل الجاهلية كانت فيهم دنايا ورذائل وأمور ينكرها العقل السليم » ويأباها 
الوجدان ( ولكن كانت فييم من الاحلاق الفاضلة المحمودة مأ بروع الإنسان 4 ويفضي به إلى 
الدهشة والعجب » فمن تلك الاخلاق ظ 

)١(‏ الكرم 4 وكانوا يتبارونت فى ل ويفتخرون به 0 وقل استنفدوا فيه نصف أشعارهم » بان 
متدح به ومشن على غيره » كان الرجل يأ تيه الضيف في شدة البرد والجوع » » وليس عنده من المال 
الا ناقته النني هي جياته وحياة أسرته ؛ فتاخذه هزة الكرم 3 فيقوم إليها ؛ ويذبحها لضيفه » ومن 
اثار كرمهم أنهم كانوا يتحملون الديات الشائلة والحمالات المدهشة » يكفون بذلك سفك 
الدماء . وضياع الانسان ؛ ويمتد حون بها مفتخرين عل غيرهم من الرؤساء والسادات . 

وكان من نتائج كرمهم أنهم كانوا يتمدحون بشرب الخمور » لا لأمها مفخرة في ذاتها » بل 

لانبا سبيل من سبل الكرم » وثما يسبل السرف على النفس » ولاأجل ذلك كانوا يسمون شجر 

العنب بالكرم . وخمره ببنت الكرم . وإذا نظرت إلى دواوين أشعار الجاهلية تحد ذلك بابا من 

أبواب المديح والفخر » يقول عنترة بن شداد العبسبي في معلقته : 
بزجاجة صفرء ذات أجصدرة قرنت 6 بالثيال مفقفدم 
فإذا شربت فإننبي مستهلك مالي » وعرضيي وافر لى يكلم 
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى ويا علمت ثحائل وتكرمي 
5 


ومن نتائج كرمهم اشتغالهم بالميسر » فإنهم كانوا يرون أنه سبيل من سبل الكرم , لأمم 
كانوا يطعمون الما كين مارضردت أو ما كان يفضل عن مهام الرابحين » ولذلك ترى القران 
لا ينكر نفع الخمر والميسر وإنما يقول «وَإِنْمَهُمَ] أَكيرمِن تتْعهما 4 .)1١١ : ١١‏ 

(١؟)‏ ومن تلك الأخلاق الوفاء بالعهد » فقد كان العهد عندهم ديناً يتمسكون به : 
ويستهينون في سبيله قتل أولادهم , وتخريب ديارهم » وتكفي في معرفة ذلك قصة هافىء بن 
مسعود الشيباني » والسموأل بن عاديا » وحاجب بن زرارة القيمي . 

(1) ومنها عزة النفس وإباء عن قبول الخسف والضيم » وكان من نتائج هذا فرط الشجاعة ‏ 
وشدة الغيرة » وسرعة الانفعال » فكانوا لا يسمعون كلمة يشمون منها رائحة الذل والهوان إلا 
قاموا إلى السيف والسنان » وأثاروا الحروب العوان , وكانوا لا يبالون بتضحية أنفسهم في هذا 
الفدا.: 

(5) ومنها المضي في العزائم , فإذا عزموا على شيء يرون فيه امجد » والافتخار لاا يصرفهم عنه 
صارف ٠‏ بل كانوا يخاطرون بانفسهم في سبيله . 

(5) ومنها الحلم » والأناة » والتؤدة » كانوا يتمدحون بها إلا أنبا كانت فيهم عزيزة الوجود » 
لفرط شجاعتهم » وسرعة إقدامهم على القتال . 

(1) ومنها السذاجة البدوية » وعدم التلوث بلوثات الحضارة » ومكائدها » وكان من نتائجه 
الصدق والأمانة » والنفور عن الخداع والغدر . 

نرى أن هذه الأخلاق القينة ‏ مع ما كان لجزيرة العرب من الموقع الحغرافي بالنسبة إلى 
العالم - كانت سببا في اختيارهم لحمل عبء الرسالة العامة , وقيادة الأمة الإنسانية وامجتمع 
البشري ؛ لأن هذه الأخلاق وإن كان بعضها يفضي إلى الشر » ويجلب الحوادث المؤلمة » إلا أنها 
كانت في نفسها أخلاقا ثمينة » تدر المنافع العامة للمجتمع البشري بعد شبيء من الإصلاح » 
وهذا الذي فعله الاسلام . 

ولعل أغلى ما عندهم من هذه الأخلاق وأعظمها نفعاً بعد الوفاء بالعهد هو عزة النفس 
والمضي في العزاتم » إذ لا يمكن قمع الشر والفساد » وإقامة نظام العدل والخير ؛ إلا ببذه القوة 
القاهرة » وببذا العزم الصمم . 

وهم أخلاق فاضلة أخرى دون هذه التي ذكرناها وليس قصدنا استقصاءها . 

7غ - 


نسب النبي - يك - وأسرته 


نسب النبي ‏ يلل - : 

لنسب النبي مَْه ثلاثة أجزاء : جزء اتفق على صحته أهل السير والأنساب وهو إلى 
عدنان » وجزء اختلفوا فيه ما بين متوقف فيه وقائل به » وهو ما فوق عدنان إلى إبراهيم عليه 
السلام » وجزء لا نشك أن فيه أموراً غير صحيحة » وهو ما فوق إبراههم إلى ادم عليهما 
السلام » وقد أسلفنا الاشارة إلى بعض هذا » وهاك تفصيل تلك الأجزاء الثلاثة : 

الحزء الأول : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب - واسمه شيبة ‏ بن هاشم - واسمه 
عمرو ‏ بن عبد مناف ‏ واسمه المغيرة ‏ بن قصي - واسمه زيد ‏ بن كلاب بن مرة بن 
كعب بن لوؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة - بن مالك بن 
النضر - واسمه قيس - بن كنانة بن خزيمة بن مدركة - واسمه عامر - بن إلياس بن مضر بن 
نزار بن معد بن عدنان(2 . | 

الحزء الثاني : ما فوق عدنان » وعدنان هو ابن أد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن 

بوز بن قموال بن ألي بن عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلااف بن طاع بن جاحم بن 
ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن 
يلحن بن أرعوي بن عيض بن ديشان بن عيصر بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن 
زارح بن سمي بن مزي بن عوضة بن عرام بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام'" . 





(1) ابن هشام ١1/١‏ 7 . تلقيح فهوم أهل الأثر ه , 5 , رحمة للعالمين 11/7 115 .9721١4217‏ 
2١‏ قد جمع العلامة محمد سلوان المنصورفوري هذا الجزء من النسب برواية الكلبي » وابن سعد بعد نتحقيق دقيق . 
انظر رحمة للعالمين ا ا 00 وفيه اختلاف كبير بين المصادر التاريخية . 


8غ - 


الحزء الثالث : ما فوق إبراهيم عليه السلام » وهو ابن تارح - واسمه ازر - بن ناحور بن 
ساروع - أو ساروغ - بن راعو بن فالخ بن عابر بن شال ابن أرفخشد بن سام بن نوح - عليه 
السلام - بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ - يقال هو إدريس عليه السلام - ابن يرد بن 
مهلائيل بن قينان بن انوشة بن شيث بن ادم عليهما السلام" . 


تعرف أسرته عله بالأسرة الهاثمية ‏ نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف - وإذن فلنذكر 
شيئاً من أحوال هاشم ومن بعده . 

)١(‏ هاشم - وقد أسلفنا أن هاهماً هو الذي تولى السقاية والرفادة من بني عبد مناف حين 
و بعل سما وي ا موسراً ذا 
الشمة اكيز فوفر لزي نن لايع لريش برعا لاقي زالبين:» اردق عادر 
عمرو الذي هشم النريد لقومه قوم بمكة مسنتين عجاف 
سنك اليه الاحاتان كلاههما سفر الشعاء ورحلة الاصياف 

ومن. حديثه أنه خرج إلى بم ليا 00 المدينة وه باصي جد 
20 فمات هاشم بغرزة الس 0 امرأته سلمى عبد المطلب سنة 
و و لت اضو اح اانن بصت وي نز ا ع 
وعبد المطلب . وخمس بنات وهن : الشفاء » وخالدة » وضعيفة ١‏ ورقية » وجنة() . 
(؟) عبد المطلب - قد علمنا تا سبق أن السقاية والرفادة بعد هاشم صارت إلى أخيه 
)١(‏ ابن هشام 7/١‏ .7 ء 4 تلقيح فهوم أهل الأثر ص" . خلاصة السير للطبري ص" » ورحمة للعالمين ١8/7‏ 
واختلفت هذه المصادر في تلفظ بعض هذه الأسماء وكذا سقط من بعض المصادر بعض الأسماء . 
(؟) ابن هشام ١17/١‏ ء رحمة للعالمين ٠ 75/١‏ 74/79 . 
؟) ابن هشام ٠١/١‏ . 


-58- 


المطلب بن عبد مناف ( وكان شريفاً مطاعاً ذا فضل في قومه » كانت قريش تسميه الفياض 
لسخائه ) ولما صار شيبة - عبد المطلب - وصيفاً أو فوق ذلك سمع به المطلب . فرحل في 
طلبه » فلما راه فاضت عيناه » وضمه » وأردفه على راحلته » فامتنع حتى تأذن له أمه» فسأها 
المطلب أن ترسله معه » فامتنعت فقال : 

نما يحضي إلى ملك أبيه » وإلى حرم الله » فأذنت له » فقدم به مكة مردفه على بعيره » فقال 
الناس : هذا عبد المطلب » فقال ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم .. فأقام عنده حتى ترعرع , ثم 
إن المطلب هلك بردمان من أرض الهِن » فولي بعده عبد المطلب » فاقام لقومه ما كان اباؤه 
يقيمون لقومهم , وشرف في قومه شرفاً لم يبلغه أحد من آبائه » وأحبه قومه » وعظم خطره 
فيهم'' . ظ 

ولا مات المطلب وثب نؤقل على أركاح عبد المطلب فغصبه إياها » فسأل رجالاً من قريش 
النصرة على عمه . فقالوا لا ندخل بينك وبين عمك . فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتا 
يستنجدهم » وسار خاله أبو سعد بن عدي في انين راكب » حتى نزل بالأبطح من مكة » فتلقاه 
عبد المطلب » فقال : المنزل » يا خخال ! فقال : لا والله حتى ألقى نوفلا » ثم أقبل فوقف نوفل . 
وهو جالس في الحجر مع مشايخ قريش » فسل أبو سعد سيفه وقال : ورب البيت لقن لم ترد على 
ابن أختي أركاحه لأمكنن منك هذا السيف » فقال : رددتها عليه » فأشهد عليه مشايم قريش ‏ 
ثم نزل على عبد المطلب » فأقام عنده ثلاثأ , ثم اعتمر ورجع إلى المدينة » فلما جرى ذلك حالف 
نوفل بني عبد همس بن عبد مناف على بني هاشم , ولما رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب 
قالوا : نحن ولدناه كا ولدتموه » فنحن أحق بنصره - وذلك أن أم عبد مناف منهم ‏ فدخلوا دإر 
الندوة » وحالفوا بني هاشم على بني عبد همس ونوفل » وهذا الحلف الذي صار سبباً لفتح مكة م 
سبال 1 

. : ومن أهم ما وقع لعبد المطلب من أمور البيت شيعان9‎ ٠ 

حفر بكر زمزم ووقعة الفيل . 
)١(‏ ابن هشام ١//ا811١.‏ 


.١4701١45031١48001١554 03147 2127/١ ابن هشام‎ )5 


ت * ©”ى 


وخلاصة الأول أنه أمر ف المنام بحفر زمزم ووصف له موضعها ع فمام يحفر , فوجل فيه 
الأشياء التي دفتها الجراهمة حين لوا إلى الجلاء » أي السيوف والدروع والغزالين من الذهب » 

ولما بدت بكر زمزم نازعت قريش عبد المطلب » وقالوا له : أشركنا قال ما أنا بفاعل , هذا 
أمر خصصت بهء فلم يتركوه حتى خرجوا به للمحاكمة إلى كاهنة بني سعد » ولم يرجعوا حتى 
أراهم الله في الطريق ما دهم على تخصيص عبد المطلب بزمزم » وحينئذ نذر عبد المطلب لثن اتاه 
الله عشرة أبناء » وبلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة . 

وخلاصة الثاني أن أبرهة الصباح الحبشي » النائب العام عن النجاشي على الهِن » لما رأى 
العرب يحجون الكعبة بنى كنيسة كبيرة بصنعاء , وأراد أن يصرف حج العرب إليها » وسمع بذلك 
رجل من بني كنانة » فدخلها ليلا فلطخ قبلتها بالعذرة . ولما علم أبرهة بذلك ثار غيظه » وسار 
بجيش عرمرم - عدده ستون ألف جندي - إلى الكعبة ليهدمها , واختار لنفسه فيلا من أكبر 
الفيلة » وكان في الجيش 4 فيلة أو ١‏ فيلا » وواصل سيره حتى بلغ المغمس » وهناك عباً 
جيشه » وهيأ فيله » وتبياً لدخول مكة » فلما كان في وادي محسر بين المزدلفة ومنى برك الفيل ‏ 
ولم يقم ليقدم إلى الكعبة » وكانوا كلما وجهوه إلى الجنوب أو الثمال أو الشرق يقوم برول » 
وإذا صرفوه إلى الكعبة برك » فبينا هم كذلك إذ أرسل الله عليهم طيرا أبابيل » ترمببم بحجارة من 
سجيل » فجعلهم كعصف ماأكول » وكانت الطير أمثال الخطاطيف والبلسان » مع كل طائر 
لح يو لت ار باسسي 

وأما قريش ال لا يوي 
معرة الجيش » فلما نزل بالجيش ما نزل رجعوا إلى بيوتهم تي 410 

وكانت هذه الوقعة في ا 
)١(‏ ابن هشام :5"/١‏ إلى 5ه ء تفهم القران 57/1/5: إلى 459 . 


هاف 


لنبيه وبيته » لأنا حين ننظر إلى بيت المقدس نرى أن المشركين من أعداء الله تسلطوا على هذه 
القبلة » وأهلها مسلمون كا وقع لبختنصر سنة 47 هق.م » والرومان سنة ٠‏ /ام » ولككن الكعبة لم 
يسيطر عليها النصارى ‏ وهم المسلمون إذ ذاك ‏ مع أن أهلها كانوا مشركين . . 

وقد وقعت هذه الوقعة في الظروف التي يبلغ نبأها إلى معظم المعمورة المتحضرة إذ ذاك : 
فالحبشة كانت لا صلة قوية بالرومان » والفرس لا يزالون لهم بالمرصاد » يترقبون ما نزل بالرومان 
وحلفائهم » ولذلك سرعان ما جاءت الفرس إلى الهمن بعد هذه الوقعة » وهاتان الدولتان كانتا 
تمثلان العال المتحضر . فهذه الوقعة لفتت أنظار العالم ودلته على شرف بيت الله » وأنه هو الذي 
اصطفاه الله للتقديس » فإذن لو قام أحد من أهله بدعوى النبوة كان ذلك هو عين ما تقتضيه 
هذه الوقعة » وكان تفسيراً للحكمة الخفية التي كانت في نصرة الله » المشركين ضد أهل الايمان 
بطريق يفوق عالم الاسباب : 

وكان لعبد المطلب عشرة بنين » وهم : الحارث والزيير وأبو طالب » وعبد الله » وحمزة , 
وأبو لهب ٠»‏ والغيداق . والمقوم » وصفار » والعباس » وقيل : كانوا أحد عشر » فزادوا ولدا اسمه 
قم » وقيل : كانوا ثلاثة عشر » فزادوا عبد الكعبة وحجلا » وقيل : إن عبد الكعبة هو المقوم . 
وحجلا هو الغيداق ولم يكن من أولاده رجل اسمه قثم » وأما البنات فست وهن : أم الحم 
- وهي البيضاء - وبرة وعاتكة وصفية وأروى وأميمة0"© . ظ 

(؟) عبد الله والد رسول الله ييه - أمة فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن 
مخزوم بن يقظة بن مرة » وكان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب » وأعفهم وأحبهم إليه » وهو 
الذبيح » وذلك أن عبد المطلب لا تم أبناؤه عشرة » وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه » 
فكتب أسماءهم في القداح » وأعطاهم قهم هبل » فضرب القداح فخرج القدح على عبد الله 
فأخذه عبد المطلب » وأذ الشفرة » ثم أقبل به إلى الكعبة ليذبحه » فمنعته قريش ولا سها أخواله 
من بني مخزوم وأخوه أبو طالب » فقال عبد المطلب : فكيف أصنع بنذري فأشاروا عليه أن أي 
عرافة فيستأمرها » فأتاها » فأمرت أن يضرب القداح على عبد الله وعلى عشر من الإبل » فإن 
خرجت على عبد الله يزيد عشراً من الإبل حتى يرضى ربه » فإن رجت على الإبل نحرها » فرجع 


)00( تلقيح فهوم أهل الأثر ص » 8 » رحمة للعالمين 5565/٠‏ . 


075 


راك اقرع إلا علي إلى أن بلغت الإبل مالة فوقعت القرعة علي ٠‏ فنحرت عنه م 
تركها عبد المطلب لا يرد عنها إنسانا ولا سبع » وكانت الدية في قريش وفي العرب عشرأ من 
الابل » فجرت بعد هذه الوقعة مائة :من الب » وها الإسلام » وروي عن الي مه أنه قال + 
وأنا ابن الذبيحين »6 د ا 
رفي ينكد بعد فصل امراة في كرش يميا ووستعاء وابوعها سيك بق زهرة تسيا وشرفاء ليق 0 
عبد الله في مكة » وبعد قليل أرسله عبد المطلب إلى المدينة يمتار لهم تمر » فمات . بها » وقيل : بل 
خرج تاجراً إلى الشام » فأقبل في عير قريش : فنزل بالمدينة وهو مريض فتوفي بها » ودفن في دار 
النابغة الجعدي » وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة » وكانت وفاته قبل أن يولد رسول الله عله , 
وبه يقول أكثر المؤرخين » وقيل : بل توفي بعد مولده بشهرين”" . ولما بلغ نعيه إلى مكة رثته امنة 
دعته المنايا دعوة فأجاببا وماتركت في الناس مثل ابن هاشم 
عشية راحوا يحملون مسريرهء تعساوره أصحابه في التزاحم 
فإن تلك غالته المنايا وريهبا فتهقد كان معطاء كثير التراحه٠""‏ 
وجميع ما خلفه عبد الله خمسة أجمال , وقطعة غنم » وجارية حبشية اسمها بركة وكنيتها أم 
يمن » وهي حاضنة رسول الله عَيوله) . 


» ١7ص مخعصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله‎ 4٠ . 89/7” إلى ©٠٠١ء رحمة للعالمين‎ 151/١ ابن هشام‎ )١( 
١ 
. 851/7 ء فقه السيرة لمحمد الغزاليي ص58 4 » رحمة للعالمين‎ ١168. 1١67/١ (؟) ابن هشام‎ 
. 57/١ طبقات ابن سعد‎ )0( 
. 15/7 مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص7١ » تلقيح فهوم أهل الأثر ص5 صحيح مسلم‎ )4( 
ت 07ت‎ 


المولد وأربعون عاما قبل النبوة 


المولد: ْ 
ظ . سابل هَّ . طّ 22 ّّ 
ٌ ولد سيد المرسلين مهي ؛ بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع 
الاول لاول عام من حادثة الفيل ؛ ولاربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان » ويوافق 
ذلك العشيرين او الثاني وعشرين من شهر أبريل سئة. الامم حسما حفقه العام الكبير محمد 
سلبان المنصور فوري وامحقق الفلكي محمود باش(" . 
وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد , 508 عشرة شرفة من إيواك 
كسيرى » وخحمدت النار التي يعبدها ايحوس » واتبدمت الكنائس حول خيرة ساوة بعد أن 
غاضت » روى ذلك البييقي7") ولا يمره محمد الغزالى (؟) ' 
ولما ولدته أمه ارسسلة إلى جده عبد المطلب تبشّره بحفيده 2 فجاء مستبشرأ ودخل به 
| لكعبة » ودعا الله وشكر له » واختار له اسم محمد وهذا الاسم لم يكن معروفاً في العرب ‏ 
وختنه يوم سابعه كا كان العرب 0 1 ظ 
)01 محاضرات تاريخ الأثم الإسلامية للخضري 0/١‏ » رحمة للعالمين 8/١‏ » 8+ واخختلافهم في تعيين تاريخ أبريل 
فرع للاختلاف في التقويمات الميلادية . 
(؟) انظر مختصر سيزة الرسول َه للشيخ عبد الله النجدي ص١١‏ وابن سعد 57/١‏ . 
)2 انظر فقه السيرة لمحمد الغزالي ص5 . 
)2 أبن هشام ١‏ » ٠15»ء‏ ومحاضرات تاريخ الأم الاسلامية للخضري 7/١‏ وقيل إنه. ولد توناً » انظر ب 


220 5 


وأول من أرضعته من المراضع - بعد أمه عَُ - ثويبة مولاة أبي لب بلبن ابن لها يقال له 
مسبروح )© وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب » وأرضعت بعده أبا سلمة بن 
عند الاسد المرومي !"ا 


فق بنى سعد: 

وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم , ابتعادا لهم عن 
أمراض الحواضر ؟ لتفوى أجسامهم ؛ ونشتد أعصابهم » ويتقنوا اللسان العرني في مهدهم ء 
فاتقس عبد المطلب لرسول الله عه الرضعاء » واسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر - وهي 
حليمة بنت أبي ذؤيب - وزوجها الحارث بن عبد العزى المكنى بآبي كبشة » من نفس القبيلة . 

وإخحوته عه هناك من الرضاعة عبد الله بن الحارث , وأنيسة بنت الحارث » وحذافة أو 
جذامة بنت الحارث ( وهي الشهاء - لقب غلب على اسمها ‏ ) وكانت تحضن رسول الله عيكله 
وأبو سيان .ين الحارث ين عبد المطلب » ابن عم.رسول الله 252 . 

وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعا في بني سعد بن بكر » فأرضعت أمه 
جهة ثويبة ومن جهة السعدية!" . 

وراك خليمة هن رركته عله :يا فوكك هه السب + ولتركها قروي :ذلك قصل : 

قال ابن إاسحق : كانت حليمة تحدث : أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن ٠‏ ها صغير 
ترضعه » في نسوة من بي سعد بن بكر » تلتمس الرضعاء قالت : وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا 
شيئاً » قالت : فخرجت على أتان لي قمراء » معنا شارف لنا » والله ما تبض بقطرة » وما نام ليلنا 
واي يا سا ا باع ا عد ايه يي 

بايد ووب ا بل ا عي 
”2 تلقيح فهوم أهل الأثْر ص4 وقال ابن القيم : ليس فيه حديث ثابت . انظر زاد المعاد 18/١‏ . 


. ١ص تلقيح فهوم الأثر ص؛ . مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي‎ )١( 
. ١9/١ زاد المعاد‎ )5( 


عليها رسول الله مه فتأباه ‏ إذا قيل ها إنه يتهم » وذلك أنا كنا نرجو المعروف من أي الصبي » 
فكنا نقول : يتم ! وما عسى أن تصنع أمه وجده ! فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة قدمت 
معي إلا أخذت رضيعاً غيري » فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي : والله إني لأكره أن أرجع 
من بين صواحبي ولم اخذ رضيعاً , والله لأذهين إلى ذلك اليتيم فلاخذنه . قال : لا عليك أن 
تفعلى » عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة . قالت : فذهبت إليه » فأخذته » وما حملني على أخذه 
إلا أني لم أجد غيره » قالت : فلما أخذته رجعت به إلى رحلي » فلما وضعته في حجري أقبل 
عليه ثدياي بما شاء من لبن » فشرب حتى روي » وشرب معه أخوه حتى روي » ثم ناما » وما كنا 
ننام معه قبل ذلك » وقام زوجي إلى شارفنا تلك » فإذا هي حافل » فحلب منها ما شرب وشربت 
معه حتى انتهينا ريا وشبعاً » فبتنا بخير ليلة » قالت : يقول صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله 
يا حليمة ! لقد أخذت نسمة مباركة » قالت : فقلت : والله إفي لأرجو ذلك » قالت : ثم 
خرجنا وركبت أنا أتاني » وحملته عليها معي » فوالله لقطعت بالركب ما لا يقدر عليه شيء من 
حمرهم » حتى إن صواحبي ليقلن لي : يا ابنة ألي ذؤيب » ويحك ! اربعي علينا » أليست هذه 
أنانك التي كنت خرجت علبها ؟ فأقول هن : بلى والله ! إنها لمي هي ٠»‏ فيقلن : والله إن لها شأنا ‏ 
قالت : ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضاً من أرض الله أجدب منها » فكانت 
غنمي تروح عل حين قدمنا به معنا شباعاً لبن » فنحلب ونشرب » وما يحلب إنسان قطرة لبن » 
ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح 
راعي بنت أني ذؤيب » فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض بقطرة لبن ؛ » وتروح غمي شباعاً ينا 
فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت ستتاه وفصلته وكان يشب شباباً لا يشبه 
الغلمان » فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً جفرا » قالت : فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على 
مكثه فينا » لما كنا نرى من بركته » فكلمنا أمه » وقلت لها : لو تركت ابني عندي حتى يغلظ » 
فإني أحشى عليه وباء مكة + قالت : فلم نزل بها حتى ردته معنا(" . 

وهكذا بقي رسول الله مه في بني سعد حتى إذا كانت السنة الرابعة أو الخامسة0© من 
)١(‏ ابن هشام .١5423157151/١‏ 


اآفة هذا ما ذهب إليه عامة أهل السير » ويقتضي سياق رواية ابن إسحاق أنه وقع في السنة الثالثة » انظر ين هشام 
66/0 . 


0ه 


مولده وقع حادث شق صدره )2 روى مسلم عن أنس أن رسول الله عَيهٍ أناه جبريل » وهو 
يلعب مع الغلمان » فأخذه فصرعه » فشق عن قلبه » فاستخرج القلب » فاستخرج منه علقة , 
فقال : هذا حظ الشيطان منك » ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم » ثم لأمه , ثم أعاده إلى 
مكانه » وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظره ‏ فقالوا : إن محمدا قد قتل » فاستقبلوه وهو 
منتقع اللون! . 


إلى أمه الحنون: 
ظ وخحشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه » فكان عند أمه إلى أن بلغ مست 


0ن 
ينين 151 .. 


ورأت امنة وفاء لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره بيغرب » فخرجت من مكة قاطعة 
رحلة تبلغ خمسمائة كيلو مرا » ومعها ولدها اليتيم - محمد عَيْكلُهِ ‏ وخادمتها أم أيمن , وقيمها 
عبد المطلب » فمكثت شبرا ء ثم قفلت . وبينا هي راجعة إذ يلاحقها المرض » ويلح عليها في 
أوائل الطريق » فماتت بالأبواء بين مكة والمديئنة" . 


إلى جده العطوف: 

وعاد به عبد المطلب إلى مكة » وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتهم » الذي 
أصيب بمصاب جديد نكا الجروح القديمة » فرق عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده » فكان 
لا يدعه لوحدته المفروضة » بل يؤثره على أولاده » قال ابن هشام : كان يوضع لعبد المطلب 
و أت في ظل الكعبة » فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه » لا يجلس عليه أحد 
من بنيه إجلالاً له » فكان رسول الله عت يأني وهو غلام جفر حتى يجلس عليه » فيأخذه 
أعمامه ليؤخروه عنه » فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم : دعوا ابني هذا فوالله إن له لشأنا . 


. 47/١ صحيح مسلمء باب الاسراء‎ )١( 

. ١58/١ تلقيح فهوم أهل الأثر ص, ء ابن هشام‎ )١( 

() ابن هشام ١18/١‏ . تلقيح فهرم أهل الأثر ص7 . محاضرات تاريخ الأم الإسلامية للخضري 51/١‏ ؛ فقه 
السيرة للغزالي ص٠ ٠‏ . 


- 6/2 


ثم يجلس معه على فراشه » ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع""' 5 


. ولثاني سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره عه توفي جده عبد المطلب بمكة » ورأى قبل 
وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه9) . 


إلى عمه الشفيق: ظ 
ونبض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه » وضمه إلى ولده » وقدمه علييم » 
واختصه بفضل احترام وتقدير » وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه . ويبسط عليه حمايته » 
ويصادق ويخاصم من أجله » وستآتي نبذ من ذلك في مواضعها . 


يستسقى الغمام بوجهه: 

أخرج ابن عمساكر عن جلهمة بن عرفطة قال :اقتعت ك1 زه ل لخن لقانت 
قريش : يا أبا طالب ! أقحط الوادي » وأجدب العيال » فهلم فاستسق ق » فخرج أبو طالب ومعه 
غلام » كأنه نمس دجن » تحلت عنه سحابة قاء » حوله أغيلمة » فأخذه أبو طالب » فألصق 
البو بايا رالا بايد الفارء وبال البياء ارا اكب لاتب بن يا ونيلن 


وأغدق واغدودق » وانفجر جر الوادي وأخضب ب النادي والبادي » و١‏ إلى هذا أشار أبو طالب حين 
قال.: 0 ظ ٠‏ 

5 يمعسقىي الغسام بوجهه شال اليتامى عصمة :الأرمل” 
بحيرا الراهب: 


ولا بلغ رسول ال م تي عشرة سدة 00000 1 عن ران 
دا إلى الشام » حتى وصل إلى بصرى 0 معدودة من الشام وقصبة لحوران » وكانت في 
ذلك الوقفت قصبة للبلاد العربية الي كانت 2 حكم الرومان 0 وكان في هذه البلد راهب 
)١(‏ ابن هشام ١158/١‏ . 
(؟) تلقيح فهوم أهل الأثر ص/ » ابن هشام ١59/1١‏ . 
)2 مختصر سيرة الرسول عَيتّه للشيخ عبد الله النجدي ص 03١89‏ 15 . 
(4) قاله ابن الجوزي في تلقيح فهوم أهل الأثر ص7 . 


دق > 


عرف يبحيرا واسمه جرجيس فلما نزل الركب خرج إلمهم » وأكرمهم بالضيافة » وكان لا يخرج 
إلههم قبل ذلك وعرف رسول الله ع بصفته » فقال وهو اخخذ بيده : هذا سيد العالمين » هذا 

يبعثه الله رحمة للعالمين . فقال أبو طالب : وما علمك بذلك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من 
العقية 1 يق تحجر ولا: شجر إلا وخر ساجداً , ولا تسجد إلا لنبي » وإني أعرفه حاتم النبوة في 
أمفل عضروف كنكل اشاح وإنا فاق كته »وال آنا طالك انا ورؤل» ولا يتالدابه 
إلى الشام » خوفاً عليه من اليبود » فبعئه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة" . 


حرب الفجار: 


ولخمس عشرة من عمره عَِ كانت حرب الفجار بين قريش ومن معهم من كنانة وبين 
قيس عيلان » وكان قائد قريش وكنانة كلها حرب بن أمية لمكانته فييم سنا وشرفا » وكان الظفر 
في أول النبار لقيس على كنانة » حتى إذا كان وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس . وسمميت 
بحرب الفجار لانتباك حرمات الحرم والأشهر ا الحرب 
رسول الله ع » وكان ينبل على عمومته , أي يجهز لهم النبل للرمي 7" 


حلف الفضول: 

وعلى أثر هذه الحرب وقع حلف الفضول ني ذي القعدة في شهر حرام » تداعت إليه قبائل 
من قريش : بنو هاشم » وبنو المطلب » وأسد بن عبد العزى » وزهرة بن كلاب ». وتم بن مرة , 
فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي لسنه وشرفه » فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا 
مكة مظلوماً من أهلها وغيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه » وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه 
مظلمته » وشبد هذا الحلف رسول الله عله . وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة : لقد شبدت في 


)١(‏ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص5١‏ ء وابن هشام 0180/١‏ 0181720181 187 ء ووقع 
في كتاب الترمذي وغيره أنه بعث معه بلالا ( تحفة الأحوذي ) وهو من الغلط الواضح , فإن بلالا إذ ذاك لعله 
لم يكن موجوداً . وإن كان موجودا فلم يكن مع عمه ولا مع أي بكر . زاد المعاد 17/١‏ . 
(؟5) ابن هشام ١/14800187:188184ء‏ قلب جزيرة العرب ص70 . محاضرات تاريخ الأثم الاسلامية 
للخضري 57/١‏ . 
694 


دار عبد الله بن جدعان حنلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ‏ ولو أدعى به في الإسلام 
لأجبت2 . 
. وهذا الحلف روحه تنافي الحمية الجاهلية التي كانت العصبية تثيرها » ويقال في سبب هذا 
الحلف إن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة ء وا شتراها منه العاص بن وائل السهمي » وحبس عنه 
حقه » فاستعدى عليه الأحلاف عبد الدار » وتحزوماً » وجمحاً » وسبماً » وعدي » فلم يكترثوا 
له » فعملا جبل أبي قبيس » ونادى بأشعار يصف فيها ظلامته رافعاً صوته » فمشى في ذلك 
الزبير بن عبد المطلب » وقال : ما لهذا مترك ؟ حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في حلف 
الفضول ‏ فقاموا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه حق الزبيدي بعد ما أبرموا الحلف9" . 


حياة الكدح: 


ولم يكن له عَلكهِ عمل معين في أول شبابه » إلا أن الروايات توالت أنه كان يرعى غناً , 
رعاها في بني سعد”2 » وفي مكة لأهلها على قراريط© وفي الخامسة والعشرين من سنه خرج 
تاجرأ إلى الشام في مال خخديجة رضي الله عنها » قال ابن إسحق : كانت خديجة بنت خويلد امرأة 
تاجرة ذات شرف ومال » تستأجر الرجال في مالحا » وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم » وكانت 
قريش قوماً تحار فلما بلغها عن رسول الله َيه ما بلغها من صدق حديثه » وعظم أمانته وكرم 
أخلاقه بعئت إليه » فعرضت عليه أن يخرج في مال ها إلى الشام تاجرأ » وتعطيه أفضل ما كانت 
تعطي غيره من التجار » مع غلام لها يقال له ميسرة » فقبله رسول الله عه منها » وخرج في 
ماها ذلك » وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام" . 


زواجه خديجة: 
ولللوضغ إل تك وراك حدق فى ماله امن الأنانة وارركة نا كن قل هنا وريه 


0 اوهتم مم1 غتصر سيرة الرسول للشيخ عبد اله النجدي ص . 5. 
(؟) نفس المصدر الأخير ص 6 5. 

م6 ابن هشام .3155/١‏ 00 

(4) فقه السيرة لمحمد الغزاليي ص07 . 

رمم اس هشام .١84821١41//١‏ 


غلامها ميسرة : ها رأى فيه عي من خلال عذبة » وثمائل كريمة » وفكر راجح ؛ ومنطق صادق ‏ 
ونبج أمين . وجدت ضالتها المنشودة ‏ وكان السادات والرؤساء يخرصون على زواجها » فتألى 
عليبم ذلك - فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منية » وهذه ذهبت إليه 8 
تفاتحه أن يتزوج خديجة » فرضي بذلك » وكلم أعمامه » فذهبوا إلى عم خديجة » وخخطيوها إليه » 
وعلى أثر ذلك تم الزواج » وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر » وذلك بعد رجوعه من الشام 
بشهرين » وأصدقها عشرين بكرة » وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة » وكانت يومعذ أفضل نساء 
قومها نسبأ وثروة وعقلاً ؛ وهي أول امرأة تزوجها رسول الله عه ولم يتزوج عليبا غيرها حتى 
ماتت'' . 

وكل أولاده عَُه منها سوى إبراهيم » ولدت له أولا القاسم - وبه كان يكنى - ثم زينب 
ورقية » وأم كلثوم وفاطمة وعبد الله » وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر )#ونات جره كلهم 
في صغرهم , أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن ء إلا أبن أدركتهن الوفاة في 
واه 7 ل + ري وانلنة وني اهيا شان مرت رمن ديا أي لت 0 


بناء الكعبة وقضية التحكيم: 

ولخمس وثلاثين سنة من مولده عَْيْلّهِ قامت قريش ببناء الكعبة » وذلك لأن الكعبة كانت 
رضاً فوق القامة » ارتفاعها تسعة أذرع من عهد إماعيل » ولم يكن لها سقف » فسرق نفر من 
اللصوص كنزها الذي كان في جوفها » وكانت مع ذلك قد تعرضت باعتبارها أثرا قديماً - 
للعوادي التي أوهت بنيائها » وصدعت جدرانها » وقبل بعنته َه نخمس سنين جرف مكة سيل 
عرم » انحدر إلى البيت الحرام » فأوشكت الكعبة منه على الانهيار » فاضطرت قريش إلى تجديد 
بنائها حرصا على مكانتها » واتفقوا على أن لا يدخلوا في بنائها إلا طيباً » فلا يدخلوا فيها مهر 
بغي » ولا بيع ربأء ولا مظلمة أحد من الناس » وكانوا يهابون هدمها » فابتداً بها الوليد ابن 
المغيرة اتخزومي , وتبعه الناس لما رأوا أنه لم يصبه شيء ‏ ولم يزالوا في الهدم حتى وصلوا إلى قواعد 


. أبن هشام 15م؟ َ 0 فقه انسيرة لمحمد الغزاليي ص8 ه . تلقيح فهرم أهل الأثر ص,‎ ١) 
وبين المصادر اختلااف يسير‎ ٠ 7/07 ء وفتح الباري‎ ٠ انا ته‎ ./١ نفس المصدر الأول‎ 5 


2 13- 


إبراهيم » ثم أرادوا الأخذ في البناء » فجزأوا الكعبة » وحصصوا لكل قبيلة جزءأمنها » فجمعت كل 
قبيلة حجارة على حدة » وأخذوا يبنونها » وتولى البتاء بنَاء رومي اسمه باقوم : ولما بلغ البنيان موضع 
الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه » واستمر النزاع أربع ليال أو خمسا . 
واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم , إلا أن أبا أمية بن المغيرة الخزومي 
عرض عليهم أن يحكموا فيا شجر بينهم أول داخحل عليهم من باب المسجد فارتضوه » وشاء الله أن 
يولس اب العا لاب 0 ار 
بمسكوا 007 بأطراف الرداء: رهم أ أن يرفعوه ) حتى إذا 6 إلى موصعهة أخذه بيذه © 
رد ل ات وجل عست ردي عالت 

وقصرت بقريش النفقة الطيبة فأخرجوا من الجهة الشهالية نحوأ من ستة أذرع » وهي التي 

تسمى بالحجر والحطيم 4 ورفعوا بامها من الأرض ؛ لله 5 إلا من أرادوا ( ولا بلغ البناء 

خمسة عشر ذراعاً سقفوه على ستة أعمدة . 
الذي في الحجر الأسود والقايل له ٠١‏ 0 ووم ها وام من 
المطاف 0 الذي في الباب واللقابل له ام وباما على 0 مترين على وي 2 0 
وتسمى ى بالشاذروان : وهي من أصل ا دكتاة" . 


السيرة الإجمالية قبل النبوة: 
إن النبي يِه كان قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات » وكان طرازا 
رفيعاً من الفكر الصائب , والنظر السديد » ونال حظأ وافراً من حسن الفطنة وأصالة الفكرة 
وسداد الوسيلة والهدف » وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستكناه 
الحق ع وطالع بعقله الخحصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشوون الناس وأحوال الجماعات » 
)١١‏ انظر في تفصيل بناء الكعبة ابن هشام ١97/١7‏ إلى 141ء وفقه السيرة محمد الغزاليى ص57 ٠»‏ 51 » 
وصحيح البخاري باب فضل مكة وبنيانها 5١0/١‏ » ومحاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 54/١‏ » 
6 . 


11ت 


فعاف ما سواها من خرافة » ونأى عنها : ثم عايش الناس على بصيرة من أمره وأمرهم » فما وجد 
حا شارك فيد والاعاد إلى عراحه العنيدة ' ٠‏ فكان لا يشرب الخمر » ولا يأكل مما ذم على 
النصب » ولا يحضر للأوثان عيداً ‏ ولا احتفالاً ؛ بل كان من أول نشأته نافرا من هذه المعبودات 
الباطلة » حتى لم يكن شيء أبغض إليه منها » وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات 
والعزى('2 . 

ولا شك أن القدر حاطه بالحفظ » فعندما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متع 
الدنيا » وعندما يرضى باتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه 
وبينها » روى ابن الأثير قال رسول الله علاتع : وما هممت بشيء ما كان أهل الجاهلية يعملون 
غير مرتين » كل ذلك يحول الله بيني وبينه » ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته » قلت ليلة 
ال يس ار ون ) 

يسمر الشباب ! فقال : أفعل » فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفا » فقلت 
ما هذا ؟ فقالوا : عرس فلان بفلانة » فجلست أسمع . فضرب الله على أذني فدمت » فما أيقظني 
إلا حر الشمس . فعدت إلى صاحبي فسألي . فأخبرته » ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك , 
ودخلت بمكة فأصابني مثل أول ليلة .. تم ما هممت بسوء )29 . 

وروى البخاري عن جابر بن عبد الله قال : لما بنيت الكعبة ذهب النبي عَييهِ وعباس 
ينقلان الحجارة » فقال عباس للنبي عََكل : اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة » فخر 
إلى الأرض » وطمحت عيناه إلى السماء » ثم أفاق فقال : إزاري » إزاري » فشد عليه إزاره29 وفي 
رواية فما رؤيت له عورة بعد ذلك9 . 


وان نبي مكل يتاز في قومه خلال عذبة وأخلاق ”7 0 فكان أفضل 





. ١78/١ يدل عليه كلامه مع بحيرا . انظر ابن هشام‎ )١( 

(؟) اختلفوا في صحة هذا الحديث فصححه الحام والذهبي وضعفه ابن كثير في البداية والنباية ؟/781 . 
() صحيح البخاري باب بنيان الكعبة ١/0٠1ه‏ . 

(1) نفس المصدر مع شرح القسطلاني . 


دك 


عريكة ‏ وأعفهم تقناع وأكرمهم را وأبرهم عملا : وأوفاهم عهداً : وامنهم أمانة ٠‏ حتى 
سماه قومه 9 الأمين » ؛ لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية » وكان 5 قالت أم 
المؤمنين -خديجة رضي الله عنها : يحمل الكل . ويكسب المعدوم ‏ ويقري الضيف ويعين عل 
نوائب الحق(') . 


)01 صحيح البخاري 7/١‏ . 


-18 - 





فى ظلال النبوة والرسالة 


في غار حراء : 

ولا تقاربت سنه تكد الأربعين» وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه 
وبين قومه» حبب إليه الخلاء» فكان يأخذ السويق ولماء ويذهب إلى غار حراء في جبل 
النور على مبعدة نحو ميلين من مكة ‏ وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع» وعرضه ذراع 
وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد ‏ ومعه أهله قريبأ منهء فيقيم فيه شهر رمضان» يطعم 
من جاءه من المساكين» ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون, 
وفيما وراءها من قدرة مبدعة» وهو غير مطمئن لا عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة؛ 
وتصوراتها الواهية» ولكن ليس بين يديه طريق واضح. ولا منهج محدد. ولا طريق قاصد 
يطمئن إليه ويرضاه"©. 

وكان اختياره كَكلِةِ لهذه العزلة طرفاً من تدبير الله له وليعده لا ينتظره من الأمر 
العظيم. ولا بد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى.. 
لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقتء وانقطاع عن شواغل الأرض وضجة 
الحياة» وهموم الناس الصغيرة التى تشغل الححياة. 

وهكذا دبر الله محمد ل وهو يغدة لحمل الأمانة الكبرئ» وتغيير جه الأرض]؛ 
وتعديل خط التاريخ.. دبر له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بغلاث سنوات» ينطلق في 
هذه العزلة شهرا من الزمان» مع روح الوجود الطليقة» ويتدبر ما وراء الوجود من غيب 
مكنون» حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله0"©. 


.١77/؟9 في ظلال القرآن الجزء‎ 2585 2)5*6/١ رحمة للعلمين ١//ا4» وابن هشام‎ )١( 
.1510/ 175/99 نفس المصدر الأخير‎ )١9 


16 


جبريل ينزل بالوحي 
ولما تكامل له أربعون سنة ‏ وهي رأس الكمال » وقيل : وها تبعث الرسل ‏ بدات اثار 
النبوة تتلوح وتتلمع له من وراء افاق الحياة » وتلك الآثار هي الرؤيا الصادقة » فكان لا يرى رؤيا 
إلا جاءت مثل ف فلق الصبح » حتى مضت على ذلك ستة أشهر - ومدة النبوة ثلاث وعشرون 
سنة » فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ‏ فلما كان رمضان من السنة الثالئة من 
عزلته عي بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض ٠‏ فأكرمه بالنبوة » وأنزل إليه 
خرن بايات من القران”"' 
وبعد النظر والتامل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بانه كان يوم الإثنين 
لاحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلا » ويوافق ٠١‏ أغسطس سنة ١7٠5م‏ » وكان عمره 
ْنَم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية » وستة أشبر » و ١7‏ يومأ » وذلك نحو 9 سنة خمسية 
ونلكقة ايو بو يوم ان 
]23 قال ابن حجر : وحكى البييقي أن مدة الرؤيا كانت ستة أشهر » وعلى هذا فابتداء النبوة بالرؤيا وقع في سُهر 
مولده وهو ربيع الأول ؛ بعد إكاله أربعين سنة » وابتداء وحي اليقظة في رمضان ( فتح الباري 37/١‏ ) . 
(؟) اختلف المؤؤرخون اختلافاً كبيراً في أول شهر أكرمه الله فيه بالنبوة » وإنزال الوحي » فذهبت طائفة كبيرة إلى أنه 
شبر ربيع الأول » وذهبت طائفة أخرى إلى أنه رمضان ء وقيل هو شبر رجب ( انظر مختصر سيرة الرسول 
للشيخ عيد الله بن محمد بن عبد الوهاب النجدي ص75 ) ورجحنا الثاني 6 أي أنه شهر رمضان 0 لقوله 
تعالى : 8 شبر رمضان الذي أنزل فيه القران © ( ” : ١80‏ ) ولقوله تعالمى : «9 إنا أنزلناه في ليلة القدر #4 
١ : 47‏ ) ومعلوم أن ليلة القدر في رمضان » وهي المرادة بقول تعالى : 4 إنا أنزلناه في ليلة مباركة » إنا كنا 
منذرين 4 ( 44 : © ) ولأن جواره عه بحراء كان في رمضان . وكانت وقعة نزول جبريل فيا كا هو 





عرد جاه 

ثم اختلف القائلون ببدء نزول الوحي في رمضان في تحديد ذلك اليوم ‏ فقيل : هو اليوم السابع » وقيل 
السابع ع؛ عشر » وقيل الثامن عشر ( انظر مختصر سيرة الرسول المذكور ص75 » ورحمة للعالمين 0١‏ ) وقد 
أصر المخضري في محاضراته على أنه اليوم السابع عشر ( محاضرات تاريخ الأم الإسلامية للخضري 59/١‏ ) . 

وإغما رجحنا أنه اليوم الحادي والعشرون مع أنا م نر من قال به لأن أهل السيرة كلهم أو أكثرهم متفقون 
على أن مبعده يله كان يوم الإثنين . ويؤيدهم مارواه أتمة الحديث عن أني قتادة رضي الله عنه أن 
رسول الله يِه سئل عن صوم يوم الاثنين » فقال : فيه ولدت فيه أنزل علي » وفي لفظ : ذاك يوم ولدت فيه 
ويوم بعشت أو أنزل على فيه ( صحيح مسلم 518/١‏ , أحمد 5917/0 ٠‏ 519 ء البييقي 7185/4 :2500 

ظ 0" 


ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها تروي لنا قصة هذه الوقعة التي كانت 
شعلة من نور اللاهوت . أخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر والضلال » حتى غيرت بحرى 
الحياة » وعدلت خط التاريم . قالت عائشة رضي الله عنها : 

أول ما بدىء به رسول الله عت من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم » فكان لا يرى رؤيا إلا 
جاءت مثل فلق الصبح . ثم حبب إليه الخلاء , وكان يلو بغار حراء » فيتحنث فيه - وهو 
التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله » ويتزود لذلك . ثم يرجع إلى خديجة فيتزود 
مثلها . حتى جاءه الحق وهو في غار حراء » فجاءه الملك فقال : اقرأ : فقلت : ما أنا بقارىء , 
قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد , ثم أرسلني فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارىء , 
فأخذني فغطني الثالثة » ثم أرسلني فقال : «أفْرَأ بأسْي رَيْكَ الى عَلَقَ0) حَلَقَ اوسن مِنْ 
علق لي رويك الْذْكرمٌ 74" فرجع بها رسول الله َه يرجف فاده , فدخحل على خديجة بنت 
خويلد فقال : زملوني زملوني » فزملوه حتى ذهب عنه الروع » فقال لخديجة . مالي » وأخيرها 
الخبر » لقد خشيت على نفسي » فقالت خديجة : كلاء والله ما يخزيك الله أبدأ » إنك لتصل 
الرحم » وتحمل الكل » وتكسب المعدوم وتقري الضيف . وتعين على نوائب الحق » فانطلقت به 
عدعة بح ابث بيه ورقة رن تزقل .بن أسلددين عبد المز ابن عد تمدع وكات اهرما فير ف 
الجاهلية » وكان يكتب الكتاب العبراني » 'فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب » 
وكان شيخاً كبيرا قد عمى - فقالت له خخديجة : يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك » فقال له 
ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله عَقه خبر ما رأى » فقال له ورقة : هذا 
الناموس الذي نزله الله على موسى » يا ليتني فيها جذعاً , ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال 
رسول الله عه : أو مُخرجيٌ هُم ؟ قال : نعم » لم يأت رجل قط بمثل ما جىت به إلا عودي » 
حت الحاكم ؟./؟50 ) ويوم الإثنين في رمضان من تلك السنة لا يوافق إلا اليوم السابع , والرابع عشر , والحادي 

والعشرين ٠‏ والثامن والعشرين . وقد دلت الروايات الصحيحة أن ليلة القدر لا تقع إلا في وتر من ليالي العشر 

الأواخر من رمضان وأنها تنتقل فيا بين هذه الليالي . فإذا قارنا بين قوله تعالى : 8 إنا أنزلناه في ليلة القدر » . 

وبين رواية أني قتادة أن مبعثه مه كان يوم الإثنين وبين حساب التقويم العلمي في وقوع يوم الاثنين في رمضان 

من تلك السنة تعين لنا أن مبعثه مَيَهِ كان ني اليوم الحادي والعشرين من رمضان ليلا . 
)١(‏ كان نزول الآيات إلى قوله تعالى : # علم الإنسان ما ل يعلم » . 

ا 


' وإن يدركني يومك أنصرك نصراً موزرا » ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي "' . 

وروى الطبري وابن هشام ما يفيد أنه خرج من غار حراء بعدما فوجىء بالوحي ثم رجع 
وأتم جواره » وبعد ذلك رجع إلى مكة ء ورواية الطبري تلقي ضوءا على سبب خروجه وهاك 
قصما : 

قال رسول الله مُه بعد ذكر محيء الوحي : ول يكن من خلق الله أبغض عل من شاعر أو 
يحنون » كنت لا أطيق أن أنظر إليهما » قال : قلت : ان الابعد - يعني نفسه ‏ شاعر أو يحنون 
إلا تحدث بها عني قريش أبدا ! لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسبي منه فلأقتلنها , 
فلأستريحن ! قال : فخرجت أريد ذلك » حتى إذا كنت في وسط الحبل سمعت صونا من السماء 
نكرل : يا محمد !! أنت رسول الله » وأنا جبريل . قال : فرفعت رأسي إلى السماء » فإذا جبريل في 
صورة رجل صاف قدميه في أفق السهاء يقول : يا محمد ! أندت رسول الله وأنا جبريل . قال : 
فوقفت أنظر إليه » وشغلني ذلك عما أردت » فما أتقدم وما أتآخر » وجعلت أصرف وجهي عنه 
في آفاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك » فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي , 
را ابورا ا عقى ودخد ااة ولوا ير طلني.: عق انرا يلا رضي إنيا ا راف ل 
مقامي ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلى '' حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها 
مضيفا إليها ( ملتصقا بها مائلاً إليها ) فقالت : يا أبا القاسم ! أين كنت ؟ فوالله لقد بعثت في 
طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إللي » ثم حدثتها بالذي رأيت » فقالت : أبشر يا ابن عم » واثبت » 
فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة'" » ثم قامت فانطلقت إلى ورقة 
وأخبرته . فقال : قدوس قدوس » والذي نفس ورقة بيده لقد جاءه الناموس الاكبر الذي كان 
يأتي موسى » وإنه لنبي هذه الأمة » فقولي له : فليثبت » فرجعت خديجة وأخبرته بقول ورقة , 
لاسي لا 0 
والذي نفسي بيده » إنك لنبي هذه الأمة . ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء مومبى!'ا 
(1) صحيح البخاري 5/١‏ 5 . وقد أخرجه البخاري مع اختلاف يسير في اللفظ في كتاني التفسير وتعبير 

ل" 
)2( نص الطبري 7037/7 . 
(6) نص ابن هشام 751/١‏ 778 . 
(4) ملخص من ابن هشام 7358/١‏ . 


- 18- 


فترة الوحي : 

أما مدة فترة الوحي فروى ابن سعد عن ابن عباس ما يفيد أمها كانت أياماً''' وهذا الذي 
يترجح بل يتعين بعد إدارة النظر في جميع الحوانب . وأما ما اشتهر من أمها دامت طيلة ثلاث 
سئين أو سنتين ونصف فلا يصح بحال , وليس هذا موضع التفصيل في رده . 

وقد بفي رسول الله َه في أيام الفترة كميباً حزوناً . تعتريه الحيرة والدهشة . فقد روى 
البخاري في كتاب التعبير ما نصه : 

وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي عه فها بلغنا حزناً عدا!'' منه مرارأ كي يتردى من رؤوس 
شواهق الحبال , فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال : يا محمد 
إنك رسول الله حقا » فيسكن لذلك جأشه . وتقر نفسه , فيرجع , فإذا طالت عليه فترة الوحي 
غدا لمثل ذلك , فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك" . 


جبريل ينزل بالوحي همرة ثا 

و ا ا 
الروع » ؛ وليحصل له التشوف إلى العود”؛؟' . فلما تقفلصت ظلال الحيرة » وثبتت أعلام الحقيقة , 
وعرف ف َه معرفة اليقين أنه أضحى نبيا لله الكبير المتعال . وأن ما جاءه سفير الوحي ينقل إليه 

خبر السماء وصار تشوفه وارتقابه مجيء الوحي سببا في ثباته واحتاله عندما يعود . جاءه جبريل 

للمرة الشانية . روى البخاري عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله عَهْه يحدث عن فترة 
الوحي , قال : 

فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السهاء » فرفعت بصري قبل السماء » فإذا الملك الذي 
جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض » فجنثت منه حتى هويت إلى الأرض ؛ فجئت 
أهلٍ فقلت : زملوني زملوني . فزملوني , فأنزل الله تعالى : يا أيها المدثر إلى قوله : فاهجر , ثم 
(1) بالعين المهملة من العدو . وهو الذهاب بسرعة , وني بعض النسخ ٠‏ غدا ٠‏ بالغين المعجمة . 
(؟) صحيح البخاري كتاب التعبير باب أول ما بدىء به رسول الله مله من الوحي الرؤيا الصالحة ؟/.*١٠‏ . 
(1) فتح الباري 77/١‏ . 


14 


حمي الوحي وتتابع(") . 


استطراد فى بيان أقسام الوحى: 

قبل أن نأخذ في تفصيل حياة الرسالة والنبوة » نرى أن نتعرف أقسام الوحي الذي هو 
مصدر الرسالة ومدد الدعوة . قال ابن القيم - وهو يذكر مراتب الوحي : 

إحداها : الرؤيا الصادقة » وكانت مبداً وحيه عام . 

الثانية : ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه » كا قال النبي عَيهُ : إن روح 
القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها . فاتقوا الله » وأجملوا في الطلب » 
ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله » فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته . 

الثالئة : أنه َيه كان يتمثل له الملك رجلاً فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له » وفي هذه 
المرتبة كان يراه الصحابة أحيانا . ظ 

الإايفة : أنه كان عاق مث موالهالة ترد ركان اندو عليه نايس ننه الاك يق أن 
جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد » وحتى أن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها » 
ولقد جاء الوحي مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت » فثقلت عليه حتى كادت ترضها . 

الخامسة : أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها » فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه » 
وهذا وقع له مرتين 5 ذكر الله ذلك في سورة النجم . 

السادسة : ما أوحاه الله إليه » وهو فوق السماوات ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها . 

السابعة : كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك ؟ كلم الله موسبى بن عمران » وهذه المرتبة 
هي ثابتة لموسى قطعاً بنص القران . وثبوتها لنبينا عله هو في حديث الإسراء . 

وقد زاد بعضهم مرتبة ثامنة وهي تكلم الله له كفاحاً من غير حجاب » وهي مسألة خلاف 
بين السلف والخلف . انتبى مع تلخيص يسير في بيان المرتبة الأولى والثامنة'' » والحق أن هذه 
الاخيرة ليست بثابتة . 
(؟) انظر زاد المعاد ١8/١‏ . 


3 


أمر الهيام بالدعوة إلى الله» وموادها 


تلقى النبي لاه أوامر عديدة في قوله تعالى ره ات اه 

١ 25‏ الهأ هجزل) ولاصش مَستَكرٌ © وَرَبِكَ تأضيز», أوامر بسيطة ساذجة 
في الظاهر . بعيدة المدى والغاية » قوية ة الأثر والفعل في الحقيقة ونفس لطر 

١‏ فغاية القيام بالإنذار أن لا يترك أحداً ممن يخالف مرضةة الله في عالم الوجود إلا 
وينذره بعواقبه الوخيمة حتى تقع رجفة وزلزال في قلبه وروعه . 

١‏ - وغاية تكبير الرب أن لا يترك لأحد كبرياء في الأرض إلا وتكسر شوكتها » وتقلب 
ظهرا لبطن » حتى لا يبقى ني الارض إلا كبرياء الله تعالى . 

” - وغاية تطهير الثياب وهجران الرجز أن يبلغ في تطهير الظاهر والباطن وني تزكية النفس 
من جميع الشوائب والألواث إلى أقصى حد وكال يمكن لنفس بشرية تحت ظلال رحمة الله الوارفة 
وحفظه وكلئه وهدايته ونوره » حتى يكون أعلى مثل في المجتمع البشري . تجتذب إليه القلوب 
السليمة » وتحس بهيبته وفخامته القلوب الزائغة » حتى ترتكز إليه الدنيا بأسرها وفاقاً أو خلافاً . 

- وغاية عدم الاستكثار بالمنة أن لا يعد فعالاته وجهوده فخيمة عظيمة » بل لا يزال 
يجتهد في عمل بعد عمل » ويبذل الكثير من الجهد والتضحية والفداء » ثم ينسى كل ذلك » بل 
يفنى في الشعور بالله بحيث لا يحس ولا يشعر بما بذل وقدم . 

فاحروق الا الاخيرة إشارة الا سولق انهو اذى العاندين من كارن بالا مرا 
والسخرية إلى الجد والاجتهاد في قتله وقتل أصحابه » وإبادة كل من التف حوله من المؤمنين , 
يأمر الله تعالى أن يصبر على كل من ذلك بقوة وجلادة ١‏ لا لينال حظاً من حظوظ نفسه ء بل 
بحرد مرضاة ربه . 


ا 


الله أكبر! ما أبسط هذه الأوامر في صورتها الظاهرة. وما أروعها في إيقاعاتها 
الهادئة الخلابة» ولكن ما أكبرها وأفخمها وأشدها في العمل» وما أعظمها إثارة لعاصفة 
هوجاء تحضر جوانب العالم كله» وتتركها يتلاحم بعضها في بعض. 

والآيات نفسها تشتمل على مواد كوه والتبليغ, » فالإنذار نفسه يقتضي أن هناك 
أعمالا لها عاقبة سوأى يلقاها أصحابهاء ونظراً لما يعرفه كل أحد أن الدنيا لا يجازى فيها 
بكل ما يعمل الناس» بل ربما لا يمكن المجازاة بجميع الأعمال. فالإنذار يقتضي يومأ 
للمجازاة غير أيام الدنياء وهو الذي يسمى بيوم القيامة ويوم الجزاء والدين» وهذا يستلزم 
حياة أخرى غير الحياة التي نعيشها في الدنيا. 

وسائر الآيات تطلب من العباد التوحيد الصريح» وتفويض الأمور كلها إلى الله 
تعالى» وترك مرضاة النفس» ومرضاة العباد إلى مرضاة ابله تعالى. 

فإذن تتلخص هذه المواد في: 

() التوحيد. 

(ب)2 الإيمان بيوم الآخرة. 

ب( القيام بتركية النفس بأن تتناهى عن المنكرات والفواحش التي تفضي إلى سوء 
العاقبة» وبأن تقوم باكتساب الفضائل والكمالات وأعمال الخير. 

(د) تفويض الأمور كلها إلى الله تعالى. < 

(ه) وكل ذلك بعد الإيمان برسالة محمد تَكِِةٍ وتحت قيادته النبيلة وتوجيهاته 
الرشيدة. [ ظ ظ 


ثم إن مطلع الايات 01700 العلوي 55 في صوت الكبير المتعال ‏ بانتداب 
النبي نه لهذا الأمر الجلل ره من النوم والتدثر والدفء إلى الجهال والكفاح 
والمشقة: بايا ليرد 2 3 در () 4 كأنه قيل: إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش 
مستريسا. أما أنت الذي تحمل هذا العبء الكبير فما لك والنوم؟ وما لك والراحة؟ وما 

لك والفراش الدافئ؟ والعيش الهادى؟ والمتاع المريح! قم للأمر العظيم الذي ينتظرك. 
والعبء الثقيل المهياً لك. قم للجهد والنصب» والكد والتعب. قم فقد مضى وقت النوم 
والراحة» وما عاد منذ اليو إلا السهر المتواصلء والجهاد الطويل الشاق. قم فتهيأ لهذا 


2-1 


إنها لكلمة عظيمة رهيبة» تنزعه كَللِْةِ من دفء الفراش في البيت الهادئُ والحضن 
الدافىئ. لتدفع به في الخضمء بين الزعازع والانواء» وبين الشد والجذب في ضمائر الناس 
وفي واقع الحياة سواء. 

وقام رسول الله يكل فظل قائماً بعدها أكثر من عشرين عاماً! لم يسترح ولم 
يسكن, ولم يعش لنفسه ولا لأهله. قام وظل قائماً على دعوة الله» يحمل على عاتقه 
العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض» عبء البشرية 
كلهاء عبء العقيدة كلهاء وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى» عاش في المعركة 
الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عاماً. لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد. منذ 
أن سمع النداء العلوي الجليل» وتلقى منه التكليف الرهيب... جزاه الله عنه وعن البشرية 
كلها خير الجزاء9©. - 

وليقيت» الأوراق: الآنية إلى :ضورة“مضعرة بصيطة :من :هذا الدياذ' الطويل" الشاق 
الذي قام به رسول ايله كك خلال هذا الأمد. 


.١77 في ظلال القرآن تفسير سورتي المزمل والمدش ج23178/55 0159 ١لا الال‎ )١( 


و" 


أدوار الدعوة ومراحلها ‏ 


يمكن أن نقسم عهد الدعوة المحمدية ‏ على صاحبها الصلاة والسلام والتحية - إلى دورين 
يمتاز أحدهما عن الاخر تام الامتياز وهما : 

+ الدور المكي » ثلاث عظرة ميبة تقزفا‎ )١( 

١؟١)‏ الدور المدني » عشر سنوات كاملة . 

ثم يشتمل كل من الدورين على مراحل لكل منها خصائص تمتاز بها عن غيرها » ويظهر 
ذلك جليا بعد النظر الدقيق في الظروف البني مرت بها الدعوة خلال الدورين . 

ويمكن تقسيم الدور المكي إلى ثلاث مراحل : 

. مرحلة الدعوة السرية » ثلاث سنين‎ ١ 

؟ - مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة » من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى أواخر السنة 


العاشرة . 
 *‏ مرحلة الدعوة خارج مكة » وفشوها فيهم » من أواخر السنة العاشرة من النبوة إلى 


أما مراحل الدور المدني فسيجيء تفصيلها في موضعه . . 


2 


المرحلة الأولى 
جهاد الدعوة 





ثلاث سنوات من الدعوة السرية: 

معلوم أن مكة كانت مركز دين العرب » وكان بها سدنة الكعبة » والقوام على الأوثان 
والأصنام المقدسة عند سائر العرب , فالوصول إلى المقصود من الإصلاح فيها يزداد عسراً وشدة 
عما لو كان بعيدا عنها . فالأمر يحتاج إلى عزيمة لا تزلزنها المصائب والكوارث , كان من الحكمة 
تلقاء ذلك أن تكون الدعوة في بدء أمرها سرية » لكلا يفاجأً أهل مكة بما يبيجهم . 


الرعيل الآول: ظ 
وكان من الطبيعي أن يعرض الرسول عَيْكُمِ الاسلام أولاً على ألصق الناس به وال بيته » 
وأصدقائه » فدعاهم إلى الإسلام , ودعا إليه كل من توسم فيه خيرأ تمن يعرفهم ويعرفونه » يعرفهم 
بحب الله الحق والخير » ويعرفونه بتحري الصدق والصلاح ٠‏ فأجابه من هؤلاء ‏ الذين م 
تحالجهم ريبة قط في عظمة الرسول يِه وجلالة نفسه وصدق خبره - جمع عرفوا في التاريخ 
الاسلامي بالسابقين الأولين » وفي مقدمتهم زوجة النبي عَيْتُهِ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد , 
ومولاه زيد بن حارثة بن شرحبيل الكلبي( وابن عمه علي بن أبي طالب - وكان صبيا يعيش في 
كفالة الرسول - وصديقه الحمم أبو بكر الصديق . أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة9" . 
)١(‏ كان قد أسر ورق » فملكته خديجة , ووهبته لرسول الله عه » وجاءه أبوه وعمه ليذهبا به إلى قومه وعشيرته , 
فاختار عليهما رسول الله مُه . فتبناه حسب قواعد العرب » وكان لذلك يقال : زيد بن محمد » حتى جاء 
الاسلام فأبطل التبئي . 
(؟١)‏ رحمة للعالمين ٠.0/١‏ . 


368 


ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الاسلام » وكان رجلا مألفا محبباً سبلا » ذا خلق ومعروف » 
وكان رجال قومه يأتونه ويالفونه » لعلمه وتجارته » وحسن مجالسته » فجعل يدعو من يثق به من 
قومه ثمن يغشاه ويجلس اليه ( فأسلم بدعائه عهان بن عفان الأموتي 0( والزير بن العوام الأسدي 6 
وعبد الرحمن بن عوف » وسعد بن أبي وقاص الزهرهان ٠‏ وطلحة بن عبيد الله التيمي . فكان 
هؤلاء النفر القانية الذين سبقوا الناس هم الرعيل الأول وطليعة الإسلام ٠‏ 

ومن أوائل المسلمين بللال بن رباح الحسئي 6 ثم تلاهم أمين هذه الأمنَا') أبو عبيدة عامر بن 
الحراح من بني الحارث بن فهرء وأبو سلمة بن عبد الأسدء والأرقم بن أني الأرقم المحروميان؛ 
وعئان بن مظعون وأخواه قدامة وعبد الله » وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف » 
وسعيد بن زيد العدوي 6 وأمرأته فاطمة بنت الخطاب العدوية أحت عمر بن الخطاب 6 
وخحباب بن الأرت وعبد الله بن مسعود الذي وخلق سواهم , وأولنك هم السابقون الأولون , 
وهم من جميع بطون قريش وعدهم ابن هشام أكثر من أربعين نفراً") . وفي د د في 
السابقين الأولين نظر . 

قال ابن إسحاق : ثم دخل الناس في الاسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر 
الاسلام بمكة » وتحدث به" . 

أسلم هؤلاء سراً » وكان الرسول عأ يجتمع بهم ويرشدهم إلى الدين متخفيا ؛ لأن الدعوة 
كانت لا تزال فردية وسرية » وكان الوحي قد تنابع وحمي نزوله بعد نزول أوائل المدثر . وكانت 
الآيات وقطع السور التي تنزل في هذا الزمان ايات قصيرة » ذات فواصل رائعة منيعة » وإيقاعات 
تلويثها برغائم الدنيا » تصف الحنة والنار كأنهما رأي عين » تسير بالمؤمنين في جو آخخر غير الذي 
فيه امجتمع البشري أنذاك . 
الصلاة: ظ 

وكان في أوائل ما نزل الأمر بالصلاة » قال مقاتل بن سلوان : فرض الله في أول الاسلام 
)١(‏ انظر لتسميته ببذا اللقب صحيح البخاري مناقب ألي عبيدة بن الخراح أ/”ه , 
(1) انظر سيرة ابن هشام 556/١‏ إلى 7١7‏ . 
9) نفس المصدر 557/١‏ . 


- 7 


الصلاة ركعتين بالغداة وركعتينبالعشي» لقوله تعال: «وَسَيَحبحَمَدِرَيَك بِالْعَسْوّوالإبَكرِ4 
0 هه ) وقال ابن حجر : كان عَيَفيهِ قبل الاسراء يصلي قطعا » وكذلك أصحابه » ولكن 
قبل طلوع الشمس وقبل غروبها . انتبى . وروى الحارث بن أسامة من طريق ابن يعة موصولا 
عن زيد بن حارثة : أن رسول الله َيه في أول ما أوحي إليه أتاه جبريل » فعلمه الوضوء » فلما 
فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه . وقد روى ابن ماجة بمعناه . وروى نحوه عن 
البراء بن عازب وابن عباس وفي حديث ابن عباس » وكان ذلك من أول الفريضة'" . 

وقد ذكر ابن هشام أن النبي مُه وأصحابه كانوا إذا حضرت الصلاة ذهبوا في الشعاب 
فاستخفوا بصلاتهم من قومهم , وقد رأى أبو طالب النبي عََْهُ وعليا يصليان مرة » فكلمهما في 
ذلك » ولما عرف جلية الأمر أمرهما بالثبات”" . 


الخبر يبلغ إلى قريش إجمالا: 

يبدو بعد النظر في نواح شتى من الوقائع أن الدعوة ‏ في هذه المرحلة - وإن كانت سرية 
وفردية » لكن بلغت أنباءها إلى قريش » بيد أنها لم تكترث بها . 

قال محمد الغزالي : وترامت هذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها اهتاماً » ولعلها حسبت محمد 
أحد أولئك الديانين » الذين يتكلمون في الألوهية وحقوقها . كا صنع أمية بن أني الصلت » 
وقس بن ساعدة » وعمرو بن نفيل وأشباههم , إلا أنها توجست خيفة من ذيوع بره وامتداد 
أثره » وأخذت ترقب عل الأيام مصيره ودعوته!! . 

مرت ثلاث سنين والدعوة لم تزل سرية وفردية » وخلال هذه الفترة تكونت جماعة من 
المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون » وتبليغ الرسالة وتمكينها من مقامهاءثم تنزل الوحي يكلف 
رسول الله عه بمعالنته قومه , ويجابهة باطلهم ومهاجمة أصنامهم . 


. مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص88‎ )١( 
. 741/١ (؟) ابن هشام‎ 
. فقه السيرة ص-ل‎ )( 


لآلا - 


المرحلة الثانية 
الدعوة جهارا 


أول أمر بإظهار الدعوة: 

أول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى © وَأَْذِرَءَ سِيريك الأفربيت 4 77 : 5114) والسورة 
التي وقعت فيا الآية - وهي سورة الشعراء - ذكرت فيها أولاً قصة مومى عليه السلام من بداية 
نبوته إلى هجرته مع بني إسسرائيل . ونجاتهم من فرعون وقومه . وإغراق ال فرعون معه ء وقد 
اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام خلال دعوة فرعون وقومه 
الى الله . ظ 

أرى أن هذا التفصيل نما جيء به حين أمر الرسول ميته بدعوة قومه إلى الله » ليكون أمامه 
وأمام اخعفانة عدجا ذا اانه من التكذيب والاضطهاد حيئا يجهرون بالدعوة » وليكونوا على 
بصيرة من أمرهم منذ بداية دعوتهم 

من احية أخرى تشعمل هذه السورة على ذكر مآل الكذينللرسل » من قوم توح . 
وعاد , وود , وقوم إبراهم يم » وقوم لوط » وأصحاب الأيكة علاوة على ما ذكر من أمر فرعون 
وقومه -- ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب بما يؤول إليه أمرهم وبما سيلقون من موّاخذة الله إن 
استمروا على التكذيب » وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم لا للمكذبين . 
الدعوة فى الأقربين: ظ 

وأول ما فعل رسول الله عله بعد نزول هذه الآية أنه دعا عا بني هاشم فحضروا » ومعهم نفر 
من بني المطلب بن عبد مناف الكانوا مده واريعين رجلا . فبادره أبو لهب وقال اليم 
عمومتك وبنو عمك فتكلم ودع الصباة . واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة » وأنا أحق 


- 78 


من أخذك » فحسبك بنو أبيك » وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليبم من أن يئب بك 
بطون قريش » وتّدهم العرب » فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر بما جكت به » فسكت 
رسول الله عله » ولم يتكلم في ذلك المجلس . 

ثم دعاهم ثانية وقال : ( الحمد الله أحمده , وأستعينه » وأومن به ١‏ وأتوكل عليه . وأشهد أن 
لا إله إلا الله وحده لا شريك له . ثم قال : إن الرائد لا يكذب أهله والله الذي لا إله إلا هو , 
إني رسول الله إليكم خاصة ‏ وإلى الناس عامة » واللّه تقوتن كا تنامون » ولتبعئن كا تستيقظون , 
ولتحاسين با تعملون 6 :وإنبا الحمة أبدا أو النار أبدا 8 ٠‏ فقتال أبو طالب : نما أحبت: إلينا 
معاونتك » وأقبلنا لنصيحتك » وأشد تصديقنا لحديئك » وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون » وإنا أنا 
أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب » فامض لما أمرت به . فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك , غير 
أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب . 

فقال أبو لهب : هذه والله السوأة » خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيرك » فقال أبو طالب : 
والله تمنعه ما بقينا"© . 


على جبل الصفا: 


وبعدما تأكد النبي عَيه من تعهد أبي طالب بحمايته » وهو يبلغ عن ربه , قام يوم على 
الصفا فصرخ : يا صباحاه : فاجتمع إليه بطون قريش » فدعاهم إلى التوحيد والايمان برسالته 
وباليوم الآخر . وقد روى البخاري طرفا من هذه القصة عن ابن عباس . قال : لما نزلت 
وَاذِرْعِ ريك الْأوريي4 صعد النبي عَهنّه على الصفا . ؛ فجعل ينادي با بني فهر !. يا بني 
عدي ! لبطون قريش » حتى اجتمعوا » فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر 
ما هو ؟ فجاء أبو لهب وقريش . فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير 
عليكم , أكنتم مصدق ؟ قالوا : نعم . ما جربنا عليك إلا صدقاً » قال نان تدس لكم بون 
يدي عذاب شديد . فقال أبو لهب : تبأ لك سائر اليوم . أهذا جمعتنا ؟ فزلت 9تَبَّتيْدَآ 


أى لهب #4 . 


. 78 ٠ ابن الأثير » فقه السيرة ص/الا‎ 01١ 
. 1/١ وه صحيح البخاري »0 1747ء والرواية محرجة في صحيح مسلم أيضا‎ 


كك 


لوعي اا ا القصة عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: لما 
تت هذه الآية 0 وأنذر عشيريّك الكرب ب ربت # دعا زسول الله عد فعم وخص. فقال: يا 
معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النارء يا معشر بني كعب! أنقذوا أنفسكم من النارء يا 
فاطمة بنت محمد! أنقذي نفسك من النار» فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاء إلا 
أن لكم رحماً سأبلها ببلالها(©. 


هذه الصيحة العالية هي غاية البلاغ» فقد أوضح الرسول يَكِدِ لأقرب الناس إليه أن 
التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم. وأن عصبية القرابة التي يقوم عليها 
العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي من عند الله. 


الصدع بالحق وردود فعل المشركين: 

ولم يزل هذا الصوت يرع دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى فْاصدعٌ يما 
مر وَأَعضٌ عن الْمتَركِنَ © (44:15) فقام رسول الله يكل يعكر على خرافات الشرك 
وترهاته» ويذكر حقائق الأصنام وما لها من قيمة في الحقيقة» يضرب بعجزها الأمثالء 
ويبين بالبينات أن من عبدها وجعلها وسيلة بينه وبين الله فهو في ضلال مبين. 


انفجرت مكة بمشاعر الغضب» وماجت بالغرابة لمعتال عحيق شيلفت ضنوناً 
يجهر بتضليل المشركين وعباد الأصنام» كأنه صاعقة قصفت السحاب» فرعدت. وبرقت 
وزلزلت الجو الهادى. وقامت قريش تستعد حسم هذه الثورة التي اندلعت بغتة» ويخشى 
أن تأتي على تقاليدها وموروثاتها. 

قامت لأنها عرفت أن معنى الإيمان بنفي الألوهية عما سوى الله» ومعنى الإيمان 
بالرسالة وباليوم الآخر هو الانقياد التام والتفويض المطلق» بحيث لا يبقى 7 خيار في 
أنفسهم وأموالهم» فضلا عن غيرهم. ومعنى ذلك انتفاء سيادتهم وكبريائهم على العرب» 
التي كانت بالصيغة الدينية» وامتناعهم عن تنفيذ مرضاتهم أمام مرضاة الله ورسوله. 
وامتناعهم عن المظالم التي كانوا يفترونها على الأوساط السافلة» وعن السيئات التي كانوا 


)١(‏ صحيح مسلم ١١4/١‏ » صحيح البخاري 7١7/9 . 780/١‏ » مشكاة المصابيح ؟450/1. 


دك 


يجترحونها صباح ومساء. عرفوا هذا المعنى فكانت نفوسهم تأبى عن قبول هذا الوضع 
«امخزي» لا لكرامة وخير «وبل بريد الْإنَن لَنَجْرَ أمامّم © (0:76). 

عرفوا كل ذلك جيداًء ولكن ماذا سيفعلون أمام رجل صادق أمينء أعلى مثل للقيم 
البشرية ولمكارم الأخلاق» لم يعرفوا له نظيراً ولا مثيلا خلال فترة طويلة من تاريخ الآباء 
والأقوام؟ ماذا سيفعلون؟ تحيروا في ذلك وحق لهم أن يتحيروا. 

وبعد إدارة فكرتهم لم يجدوا سبيلا إلا أن يأتوا إلى عمه أبى طالبء فيطلبوا منه 
أن يكف ابن أخيه عما هو فيه» ورأوا لإلباس طلبهم لباس الجد والحقيقة أن يقولوا: إن 
الدعوة إلى ترك آلهتهمء والقول بعدم نفعها وقدرتها سبة قبيحة وإهانة شديدة لهاء وفيه 
تسفيه وتضليل لابائهم الذين كانوا على هذا الدين» وجدوا هذا السبيل فتسارعوا إلى سلوكها. 


وفد قريش إلى أبي طالب: 

قال ابن إسحاق: مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالبء فقالوا: يا أبا 
طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتناء وعاب دينناء وسفه أحلامناء وضلل آباءنا فإما أن 
تكفه عناء وإما أن تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه» فنكفيكه. 
فقال لهم أبو طالب قولا رقيقاً وردهم رداً جميلا فانصرفوا عنه ومضى رسول الله َك 
على ما هو عليه» يظهر دين الله؛ ويدعو إليه0©. 


المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة: 

وخلال هذه الأيام أهم قريشاً أمر آخرء وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه إلا أشهر 
معدودة حتى قرب موسم الحج» وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم, فرأت أنه لا بد 
من كلمة يقولونها للعرب في شأن محمد كِِ حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب؛ 
فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون في تلك الكلمة, فقال لهم الوليد: أجمعوا فيه رأياً واحداء 
ولا تختلفوا فيكذب بعضكم عقا ويرد قولكم بعضه بعضاً قالوا: فأنت فقل» قال: بل أنتم 
فقولوا أسمع. قالوا: نقول: كاهن. قال: لا والله ما هو بكاهن, لقد رأينا الكهان» فما هو 


.156/١ ابن هشام‎ )١( 


م١‎ . 


بزمزمة الكاهن ولا سجعه . قالوا : فنقول : مجنون . قال : ما هو بمجنون ٠‏ لقد رأينا الجنون 
وعرفناه » ما هو محنقه ولا تخالجه ولا وسوسته . قالوا : فنقول : شاعر . قال : ما هو بشاعر , 
لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه » فما هو بالشعر , قالوا : 
فنقول: ساحر . قال : ماهو بساحر ء لقد رأينا السحار وسحرهم » فما هو بنفثهم 
ولا عقدهم . قالوا : فما نقول ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة » وإن أصله لعذق » وإن فرعه 
لجناة » وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل » وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا : 
ساحر . جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه » وبين المرء وأخيه » وبين المرء وزوجته » وبين 
المرء وعشيرته » فتفرقوا عنه بذلك7" . ظ 

وتفيد بعض الروايات أن الوليد لما رد عليهيم كل ما عرضوا له » قالوا : أرنا رأيك الذي 
لا غضاضة في » فقال م : أمهلوي حت أفكر في ذلك » فظل الوليد يفكر ويفكر » حتى أبددى 
هم رأيه الذي ذكر انف" . 

وني الوليد أنزل الله تعالى ست عشرة اية من سورة المدثر ( من ١١‏ إلى 00 خلالها 
صور كيفية نفكوه » فقال : « كييك متو مط )م 
سور( لاير9 فَعَالإنَهدَ]إلايضر يوئر( © إنم لجز لكر 1 

وبعد أن اتفق امجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه » فجلسوا بسبل الناس حين قدموا 
الموسم , لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه » وذكروا لهم أمره(» 

والذي تولى كبر ذلك هو أبو لحب » فقد كان رسول الله مَك يتبع الناس إذا وافى الموسم في 
لارثر ول عا وكوي قار بببعرفي إل 11 جار لهب وراءه يقول : لا تطيعوه فإنه 
صالىء كذاب” 








. 771١/١ نفس المصدر‎ )١( 
. 184 2٠ 79 انظر في ظلال القرآن‎ )0( 
. 771/١ ابن هشام‎ )9( 
روى فعله هذا الترمذي عن يزيد بن رومان و .. عن طارق بن عبد الله امحارلي ورواه الإمام أحمد ني مسنده‎ )4( 
٠ . 541/4. 57 


17م 


وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله عه » وانتشر ذكره في 
بلاد العرب كلها . 


أساليب شتى لمجابهة الدعوة: 


ناراك قيض أن عمد لتر لاي ند كن ادعرتة ذاو لز ذاقاد فكوا هزه أختر.: 
واختاروا لقمع هذه الدعوة أساليب تتلخص فيا يأتي : 

, السخرية والتحقير , والاستهزاء والتكذيب والتضحيك ؛ قصدوا بها تحذيل المسلمين‎ - ١ 
وتوهين 'قواهم المعنوية , فرموا النبي عه بتهم هازلة وشتائم سفيهة » فكانوا ينادونه بلمجنون‎ 
عون بالسحر والكذب‎ 0 ١5١ 4 وَكَالويتام الى تُرِلَعَلَتِلرْْ َك لَمَجَنُونٌ‎ 9 
ووأ نجام سَدِرُ مَنْهُمْ وكَالَ الْكَْرُونَ هنذا سَحِ كدان © (8؟ : ؛) وكانوا‎ « 
يصيعره ومعيلره تعرات كليم ابافية تو عواطات. منفعلة ها هائجة 9 وإن كاد لين رو‎ 
رفوك بأبصرهر ما معو اذَه ويَُوُونَ إِنَْكَجْوْنٌ 4 (18 : ١ه) وكان إذا جلس وحوله‎ 
7 4 المستضعفون من أصحابه استهزاوا بهم وقالوا: هؤلاء جلساؤه ننه عليه م مَأ ا يننا‎ 
قال تعالى: ليْسٍِ01 بعلا لتحكرتَ 6 :0) وكانوا ما قص الله علينا إن‎ ) 5 
لذي أجَرموا وام نينامثو أيضء و وإ مايخ زد وأ بول‎ 
هله ملو أفكهينَ 7 وَإِدَا روه تَالوإنَستوْلاةِ صَالُونَ ي) ومآ سكيم حَفِظينَ»4‎ 
ل ا اموا ااي ا ل‎ 

؟ - تشويه تعاليمه وإثارة الشببات » وبث الدعايات الكاذبة » ونشر الايرادات الواهية حول 
الس ا لو ا ا لوي ل ل 
دعوته » فكانوا يقولون عن القران : فإ سأيت أَكَنببهًا فى لل عَلِدِه 


بكر وأصياد 0 559 : : 6) 9# إِنْ هذا إِلَذِفَكَُ ل 
(15 : 4) وكانوا يقولون <( إَِمَاَممتَرُ1<4 : )٠١‏ وكانوا يقولون عنالرسول عَيَه 
تت 1 سر ب 


2 مَالٍ هنذا الرسولٍي كل لطعامَ ويمثى ف لْاسواقٍ 4 (20 : 7) وفي القران تماذج 
كثيرة للردود على إيراداتهم بعد نقلها أو من غير نقلها . 


٠١‏ - معارضة القران بأساطير الأولين » وتشغيل الناس بها عنه . فقد ذكروا أن النضر بن 


ت ارت 


الحارث قال مرة لقريش : يا معشر قريش ! والله لقد نزل بكم أمر ما أوتيتم له بحيلة بعد . قد كان 
محمد فيكم غلاماً حدثا أرضاكم فيكم » وأصدقكم حديئا » وأعظمكم أمانة » حتى إذا رأيتم في 
صدغيه الشيب » وجاءك بما جاءك به » قلتم : ساحر . لا واللّه ما هو بساحر . لقد رأينا السحرة 
ونفئهم وعقدهم , وقلتم : كاهن . لا والله ما هو بكاهن . قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا 
سجعهم ء وقلتم : شاعر . لا والله ما هو بشاعر » قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه 
ورجزه » وقلتم : مجنون . لا والله ما هو بمجنون لقد رأينا الحنون فما هو بخنقه » ولا وسوسته , 
ولا تخليطه . يا معشر قريش فانظروا في شأنكم , فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظم . 

ثم ذهب النضر إلى الحيرة » وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس » وأحاديث رستم وأسفتديار » 
عاد موصيو بير ا ويقول : 

-0005 
النبي َه إلا سلط عليه واحدة منها وسو سابال 0 
الإسلام , وفيه نزل قوله تعالى : 9 وَمنَالنَاس من يتْترى له ولحي دس ب لِصْرَعن سبل 
سه" . 

؛ - مساومات حاولوا بها أن يلتقي الإسلام والحاهلية في منتصف الطريق بأن يترك 
المشركون بعض ما هم عليه » ويترك النبي عه بعض ما هو عليه #ودوا لويْدهِن فيده هنوت» 
(58 : 4) فهناك رواية رواها ابن جرير والطبراني تفيد أن المشركين عرضوا على رسول الله يكل 
أن يعبد التهم عاماً » ويعبدون ربه عاماً . ورواية أخرى لعبد بن حميد تفيد أنهم قالوا : لو قبلت 
اتنا نعبد إلحك9 . 2 

وروى ابن إسحاق متت نال : اعترض رسول اله عله وهو يطوف بالكعية - 


)١(‏ ابن هشام 4/1 ع 7080٠.٠6‏ ء وتفهم القرآن 8/4 » 4 » مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي 
صلا١١8:1١١.‏ 

(؟) تفهم القران 4/4 . 

0) -تفهم القرآن 5.1/1 , 53٠8‏ . 





484 


الأسوه ين الللتوين اسدون ين التترض :والولية ون المقيزةا وامندايى تتطلفته والغاض زن اوالل 
السهمي - وكانوا ذوي أسنان في قومهم ‏ فقالوا يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد . وتعبد ما نعبد 
فنشترك نحن وأنت في الأمر , فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه » وإن 
كان ما نعبد خيرا ما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه ء فأنزل الله تعالى فيهم « يتأي 
الككتنروت ()) لَاأغبد مَاسَبْدُونَ # السورة كلها" . 

وحسم الله مفاوضتهم المضحكة ببذه المفاصلة الجازمة . 


ولعل اختلاف الروايات لأجل أنهم حاولوا هذه المساومة مرة بعد أخرى . 


الاضطهادات: 

أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيئاً فشيئاً لكف الدعوة بعد ظهورها في بداية 
السنة الرابعة من النبوة » ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب ‏ 
لا يتجاوزونها إلى طريق الاضطهاد والتعذيب , ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لا تحدي لهم 
نفعاً في كف الدعوة الإسلامية ؛ اجتمعوا مرة أخرى » وكونوا منهم لجنة أعضاؤها خمسة 
وعشرون رجلا من سادات قريش », رئيسها أبو لهب عم رسول الله َيه . وبعد التشاور والتفكر 
اتحذت هذه اللجنة قرارا حاسماً ضد رسول الله عي » وضد أصحابه . فقررت أن لا تألو جهدا 
في محاربة الاسلام » وإيذاء رسوله » وتعذيب الداخلين فيه » والتعرض هم بألوان من النكال 
والإيلام'" . 

اتحذوا هذا القرار وصمموا على تنفيذه . أما بالنسبة إلى المسلمين - ولا سيا المستضعفين 
منهم - فكان ذلك سهلا جدا . وأما بالنسبة إلى رسول الله َيه فإنه كان رجلاً شهماً وقوراً ذا 
شخهمية فذة » تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء , بحيث لا يقابل مثلها إلا بالاجلال 
والتشسريف , ولا يجترىء على اقتراف الدنايا والرذائل ضده إلا أراذل الناس وسفهاؤهم . ومع 
ذلك كان في منعة أبي طالب » وأبو طالب من رجال مكة المعدودين » كان معظماً في أصله . 
معظماً بون الناس , فما يجسر أحد على إخفار ذمته واستباحة بيضته , إن هذا الوضع أقلق قريشاً 





. "69/١ ابن هشام‎ )١( 
, 5. , ه9/١ رحمة للعالمين‎ )"( 


د 86 - 


' وأقامهم وأقعدهم . ولكن إلام هذا الصبر الطويل أمام دعوة تتشوف إلى القضاء على زعامتهم 
الدينية » وصدارتهم الدنيوية . ظ 

وبدأُوا الاعتداءات ضد النبي عله » وعلى رأسهم أبو لهب » انق تك مرق هذا عن رصيو 
الله ته منذ اليوم الأول قبل أن هم قريش بذلك . وقد أسلفنا ما فعل بالنبي عَرَقِلُهُ في مجلس بني 
هاشم , وما فعل على الصفا , وقد ورد في بعض الروايات أنه - حينا كان على الصفا ‏ أذ 
حجرأ ليضرب به النبي عَيه'" . 

وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتي رسول الله عه رقية وأم كلثوم قبل البعثة » 
فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة » حتى طلقاهما"! . 

وما مات عبد الله - الاابن الثاني لرسول الله عي استبشر أبو لهب » وهرول إلى رفقائه 
ييشرهم بأن محمداً ضار أبر0 , 

وقد أسلفنا أن أبا لهب كان يجول خخلف النبي عَْيُه في موسم الحج والأسواق لتكذيبه » وقد 
روى طارق بن عبد الله المحاربي ما يفيد أنه كان لا يقتصر على التكذيب » بل كان يضربه 
بالحجر حتى يدمى عقباه''/ . 

وكانت امرأة أبي لهب - أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان - لا تقل عن 
زوجها في عداوة النبي عه » فقد كانت تحمل الشوك وتضعه في طريق النبي عَيه وعلى بابه 
ليلا » وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها » وتطيل عليه الافتراء والدس » وتؤجج نار الفتنة » 
وتثير حرباً شعواء على النبي عه » ولذلك وصفها القران بحمالة الحطب . 

ولا سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القران أنت رسول الله عه وهو جالس في المسجد 
عند الكعبة » ومعه أبو بكر الصديق » وفي يدها فهر ( أي بمقدار ملء الكف ) من حجارة » 
فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله عله » فلا ترى إلا أبا بكرء فقالت : 
يا أبا بكر ! أين صاحبك ؟ قد بلغني أنه يبجوني » والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه أما 
(؟) في ظلال القران 581/5٠.‏ ء تفهم القران 077/5 . 
25 تفهم القران 45٠0/5‏ . 
(15) جامع الترمذي . 


208 


والله إفي لشاعرة . ثم قالت : 
دما عضينا 6 زامرة كا موقيف فلينا 

ثم انصرفت ٠‏ فقال أبو بكر : يا رسول الله أما تراها رأتك ؟ فقال : ما رأتني » لقد أذ الله 
ببصرها عي(" . 

وروى أبو بكر البزار هذه القصة . وفيها أنها لما وقفت على أبي بكر قالت : ١‏ أبابكر هجانا 
صاحبك » فقال أبو بكر : لا ورب هذه البنية » ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به » فقالت : إنك 
لصدق ») . 

كان أبو لهب يفعل كل ذلك وهو عم رسول الله عه وجاره » كان بيته ملصقاً ببيته » م 
كان غيره من جيران رسول الله عه يؤذونه وهو في بيته . 

قال ابن إسحاق : كان النفر الذين يؤذون رسول الله عله في بيته أبا لهب » والحكم بن 
أي العاص بن أمية » وعقبة بن ألي معيط . وعدي بن حمراء الثقفي » وابن الأصداء الهذلي 
وكانوا جيرانه - لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أني العاص() ؛ فكان أحدهم يطرح 
علي يه رحم الشاة وهو يصلي » ركان أحدهم بطرحها في بره إذا نصبت له حت الخ 
رسول الله عي حجرا ليستتر به منهم إذا صلى » فكان رسول الله عَيهِ إذا طرحوا عليه ذلك 
الأذى يخرج به على العود » فيقف به على بابه » ثم يقول : يا بني عبد مناف ! أي جوار هذا ؟ ثم 
يلقيه في الطريق”(” . 

وازداد عقبة بن أي معيط في شقاوته وخبثه » فقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود 
رضي الله عنه : أن النبي َيه كان يصلى عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس » إذ قال 
بعضبم لبعض أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد . فانبعث 
أشقى القوم ( وهو عقبة بن أي معيط )!2 فجاء به فنظر » حتى إذا سجد النبي لله وضع على 
ظهره بين كتفيه » وأنا أنظر » لا أغنى شيئا » لو كانت لي منعة » قال : فجعلوا يضحكون » 
)١(‏ انظر سيرة ابن هشام 776/١‏ 2 73875 . 


(1) هو أبو الخليفة الأموي مروان بن الحكم . 
(5) ابن هشام 1١5/١‏ . 


(54) صرح بذلك في صحيح البخاري نفسه 547/١‏ . 


لاثم - 


ويحيل بعضهم على بعض (أي يتمايل بعضهم على بعض مرحاً ويطرا)» ورسول الله كك 
ساجدء لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة فطرحته عن ظهره. فرفع رأسهء ثم قال: اللهم عليك 
بقريش ثلاث مرات» فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم» وقال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك 
البلد مستجابة» ثم سمى اللهم عليك بأبي جهل» وعليك بعتبة بن ربيعة» وشيبة بن ربيعة: 
والوليد بن عتبة؛ وأمية بن خلفء وعقبة بن أبي معيط ‏ وعد السابع فلم يحفظه ‏ فوالذي 
نفسي بيده لقد رأيت الذي عدّ رسول الله ككِ صرعى في القليب؛ قليب بدر”". 
وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله 2 همزه ولمزه. وفيه نزل: #إويلٌ 
لكل همرّز مر # قال ابن هشام: الهمزة: 00 يشتم الرجل علانية» ويكسر عينيه؛ 
ويغمز به. واللمزة: الذي يعيب الناس سراً ويؤذيهه9) ظ 
أما أعوه أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافين. وجلس عقبة مرة 
إلى النبي كل وسمع منهء فلما بلغ ذلك أبيا أنْبه وعاتبه وطلب منه أن يتفل في وجه 
رسول الله عليه ففعل. وأبي بن خلف نفسه فت عظماً رميماً ثم نفخه في الريح نحو 
رسول الله 06". 
وكان الأخنس بن شريق الثقفي ممن ينال من رسول الله يَكَِه وقد وصفه القرآن بتسع 
و «ولا لع كل لانفٍ مَهِبنِ 9 مار عَنََّ 
يب 02 تَنَعِ إلْمَر معد أي (© عل بعد كَ نير 4. (38: .)١18-٠‏ 
وكان أبو 0 يجيء أحياناً إلى رسول الله كل يسمع منه القرآن» ثم يذهب عنه 
فلا يؤمن ولا يطيع؛ ولا يتأدب ولا يخشىء ويؤذي رسول الله يَككهٍ بالقول» ويصد عن 
سبيل الله» ثم يذهب مختالا بما يفعل» فخوراً بما ارتكب من الشرء كأنما فعل شيعاً يذكرء 
وفيه نزل: نكا سَنَقَ كلا سل # إلخ2©9 وكان بمنع النبي ككِِ عن الصلاة منذ أول يوم 
رأه يصلي في الحرم» ومرة مر به وهو يصلي عند المقام فقال: يا محمد ألم أنهك عن 
هذاء وتوعده فأغلظ له رسول الله يَكلِدٍ وانتهره. فقال: يا محمد بأي شيءٍ تهددني؟ أما 


."7//١ صحيح البخاري» كتاب الوضوءء باب إذا ألقى على المصلي قذر أو.جيفة‎ )١( 
ابن هشام ١/5ه* لاه".‎ )١( 

(0) نفس المصدر 51/١‏ 7517. 

(4:) في ظلال القرآن .75١17/79‏ 


- 848 


والله إني لأكثر هذا الوادي نادياً. فأنزل طقَِدمٌ يَادِيْمٌ 2204. وفي رواية أن النبي كك أخذ بخناقه: 
وهزهء وهو يقول له: «إأزك لَك كرك 9©) ثم أَزَك لَك دََرَ1َ © فقال عدو الله: أتوعدني يا 
محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاء وإني لأعز من مشى بين جبليها(©. 

ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهارء بل ازداد شقاوة فيما بعد. 
أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل: 
نعم! فقال: واللات والعزى, لممن رأيته لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه؛ فأتى 
رسول الله يكل وهو يصليء زعم ليطأ رقبته» فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه 
ويتقي بيديه» فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهؤلاء 
أجنحة» فقال رسول الله تَل: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضو" . 

كانت هذه الاعتداءات بالنسبة إلى النبي يَلخٍ مع ما لشخصيته الفذة من وقار 
وجلال في نفوس العامة والخاصة» ومع ما له من منعة أبي طالب أعظم رجل محترم في 
مكة» أما بالنسبة إلى المسلمين ‏ ولا سيما الضعفاء منهم ‏ فإن الإجراءات كانت أقسى 
من ذلك وأمرء ففي نفس الوقت قامت كل قبيلة تعذب من دان منها بالإسلام أنواعاً من 
التعذيب» ومن لم يكن له قبيلة فأجرت عليهم الأوباش والسادات ألواناً من الاضطهاد. 
يفزع من ذكرها قلب الحليم. 

كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه» وأوعده يإبلاغ 
الخسارة الفادحة في المال» والجاه» وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به©). 

وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من أوراق النخيل ثم يدخنه من تحته0"». 

وما علمت أم مصعب بن عمير يإسلامه أجاعته وأخرجته من بيته» وكان من أنعم 
الناس عيشأء فتخشف جلده تخشف الحية0©. 


.5١8/9٠. نفس المصدر‎ )١١ 

١؟)‏ نفس المصدر .71١1١/59‏ 

() روأه مسلم في صحيحه. 

(:) ابن هشام ."5١/١‏ 

:2 رحمة للعالمين ١//اه.‏ 

() نفس المصدر 258/١‏ وتلقيح فهوم أهل الأثر ص50. 


868 


وكان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي » ؛ فكان أمية يضع في عنقه حبلاً , ثم يسلمه إل 
الصبيان » يطوفون به في جبال مكة . حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه » وكان أمية يشده شدا 
ثم يضربه بالعصا , وكان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس »ء » كا كان يكرهه على ادوع » وأشد 
من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة , ثم يأمر بالصخرة 
. العظيمة فتوضع على صدره ء ثم يقول : لا لله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد » وتعبد 
الات والعزى . فيقول - وهو في ذلك - أحد , أحد , حتى مر به أبو بكر يومأ وهم يصنعون 
ذلك به » فاشتراه بغلام أسود » وقيل بسبع أؤاق أو حمس من الفضة وأعتقه" . ظ 

وكان عمار بن ياسر رضي الله عنه مولى لبني مخزوم » أسلم هو وأبوه وأمه » فكان المشركون 
- وعلى رأسهم أبو جهل - يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء , فيعذبونهم بحرها . ومر بهم 
النبي عه وهم يعذبون فقال : صبرأ ال ياسر ! فإن موعدم الحنة » فمات ياسر في العذاب , 
وطعن أبو جهل سمية - أم عمار - في قبلها بحربة فماتت » وهي أول شهيدة في الإسلام ‏ 
وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة ؛ وبوضع الصخر أحمر على صدره أخرى » وبالتغريق 
أخرى . وقالوا : لا نتركك حتى تسب محمد » أو : تقول : في اللات والعزى خيرا » فوافقهم على 
ذكر مكرهاً » وجاء باكياً معتذراً إلى النبي ْله » فأنزل الله « مَنَحكه بآَلله من بع إِيمده 
ِلَّامِنْ أصكره فلب فطة ينبا لَإِيمَن 4 ا 

لوت مولى لبني عبد الدار » فكانوا يشدون برجله احبل 2 
يجرونه على الأرض '"" 

كان ضباتيدين الأررك دفول لثم أغان بتع سباع الخزاعية » فكان المشركون يذيقونه أنواعا 
من التدكيل » يأخذون بشعر رأسه فيجذبونه جذباً » ويلوون عنقه تلوية عنيفة وأضجعوه مرات 
عديدة على فحام ملتهبة » ثم وضعوا عليه حجرأ ؛ حتى لا يستطيع أن يقوم!'" 


00 تلقيح الفهوم ص١5 » ابن هشام ل‎ » 3/١ رحمة للعالمين‎ )١( 

(؟) ابن هشام 77٠0 . 7١9/1١‏ » فقه السيرة لمحمد الغزالي ص ”7./ وروى بعض ذلك العوني عن ابن عباس » انظر 
مختصر السيرة لنشيخ عبد الله ص57 . ظ ظ 

(*) رحمة للعالمين 01/١‏ » من إعجاز التنزيل ص91 . 

(5) نفس المصدر 07/١‏ » تلقيح فهوم أهل الأثر ص50 . 

ظ - 940 


وكانت زنيرة والنبدية وابنتها وأم عبيس إماء أسلمن . وكان المشركون يسومونين من العذاب 
امفال نا ذ كرنا.. واسبلفيت جارية لبي مؤمل ‏ وهم حي من بني عدي - فكان عمر بن 
الخطاب - وهو يومئذ مشرك - يضربها » حتى إذا مل قال : إني لم أتركك إلا ملالة'" . 

وابتاع أبو بكر هذه الجواري فأعتقهن . 6 أعتق بلالاً وعامر بن فهيرة9 . 

وكان المشركون يلفون بعض الصحابة في إهاب الإبل والبقر ء ثم يلقونه في حر الرمضاء . 
ويلبسون بعضا آخر درعا من الحديد ثم يلقونه على صخرة ملتهبة"" . 

وقاعة المعذبين في الله طويلة ومؤلمة جداً , فما من أحد علموا بإسلامه إلا تصدوا له واذوه . 


دار الأرقم: 

كان من الحكمة تلقاء هذه الاضطهادات أن يمنع رسول الله عه المسلمين عن إعلان 
إسلامهم قولا أو فعلا. وأن لا يجتمع بهم إلا سرا ؛ لانه إذا اجتمع بهم علنا فلا شك أن 
المشركين يحولون بينه وبين ما يريد من تركية المسلمين وتعليمهم الكتاب والحكمة » ورا يفضي 
ذلك إلى مصادمة الفريقين » بل وقع ذلك فعلا في السنة الرابعة من النبوة » وذلك أن أصحاب 

صاب . 2 . 6 0 3 2 

رسول الله عه كانوا يجتمعون في الشعاب . فيصلون فيها سراً » فراهم نفر من كفار قريش : 
فسبوهم وقاتلوهم َ فضرب سعل بن 5 وقاص رجلا فسينال زمه 2 وكان أول دم أهريق 2 
الاسلام؟ا ٍ 
الحكمة الاختفاء . فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم وعبادتهم ودعوتهم واجتاعهم , أما 
رسول الله 2 فكان يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهراني المشركين 5 لا يصرفه عن ذلك سي ء : 
ولكن كان يجتمع مع المسلمين سر ؛ نظراً لصالحهم وصالح الإسلام , وكانت دار الأرقم بن 


)000 رحمة للعالمين 01١‏ .ابن هشام "9/١‏ . 

(5) ابن هشام ١/م١9251١5.‏ 

(*) رحمة للعالمين 58/١‏ . 

20 ابن هشام 7337/١‏ » مختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبد الوهاب ص١4‏ . 


ا 


أبي الأرقم المخزومي على الصفا . وكانت بمعزل عن أعين الطغاة ومجالسهم , فكان أن اتحذها 
مركزا لدعوته 4 ولاجتاعه بالمسلمينئن من السنة الخامسة من النبوة(') : 


الهجرة الأولى إلى الحبشة: 

كانت بداية الاضطهادات في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة » بدأت ضعيفة » تم 
م تزل يوماً فيوماً وشهرا فشهرا حتى اشتدت وتفاقمت في أواسط السنة الخامسة . حتى نبا بهم 
المقام في مكة ٠‏ وأوعزتهم أن يفكروا في حيلة تنجمهم من هذا العذاب الأليم » وفي هذه الساعة 
الضنكة الحالكة نزلت سورة الكهف , ردوداً على أسئلة أدلى بها المشركون إلى النبي َل . 
ولكنها اشتملت على ثلاث قصص ؛ فيها إشارات بليغة من الله تعالمى إلى عباده امو منين » فققصة 
أصحاب الكهف ترشد إلى الهجرة من مراكز الكفر والعدوان حين مخافة الفتئة على لى الدين , 
توكلا على الله« وإذَعرمُوهم ومَايمَيدُو ب إِلَاأَه فأوّ أل ألكهف ينشرلئ ربكم 
من يَحْمَيَه ونهي لك : مَنْأمْرِْمَرْفََا 4 (14: 15 . 

وقصة الخضر ومومى تفيد أن الظروف لا تجري ولا تنتج حسب الظاهر دائا » بل بها . 
يكون الأمر على عكس كامل بالنسبة إلى الظاهر . ففيها إشارة لطيفة إلى أن الحرب القائمة ضد 
المسلمين ستنعكس ماما » وسيصادر هؤلاء الطغاة المشركون ‏ إن لم يؤمنوا ‏ أمام هؤلاء 
الضعفاء المدحورين من المسلمين . | 

وقصة ذي القرنين تفيد أن الأرض لله يورثها من عباده من يشاء . وأن الفلاح إنما هو في 
سبيل الايمان دو الكفر » وأن الله لا يزال يبعث من عباده - / بين أونة وأخرى من يقوم بإنجاء 
الضعفاء من يأجوج ذلك الزمان ومأجوجه » وأن الأحتق بإرث الأرض إنما 3 عباد الله 
الصالحون . م زلت ستورة الزمر تشبير إلى المجرة ..ونعان بأن أرض الله ليست بضيقة 8 لِلَدِينَ 
َحْسَئوأف هذه لديا حسكةُ وَأرْضُ أله وسِعَةُ 2221111111 
)٠١ : 59(‏ وكان رسول الله مره قد قد علم أن أصحمة النجاشي ملك الحبشة ملك عادل  »‏ 
لا يظلم عنده أحد » فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة فراراً بدينهم من الفتن . 

وفي رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة . كان مكوناً من 
9 نفس المصدر الأخير ص 00.5١‏ 

47 - 


لني عشر رجلا وأربع نسوة » رئيسهم عمان بن عفان , ومعه السيدة رقية بنت رسول الله ع ؛ 
وقد قال النبي عَيهُ فيما : إنبما أول بيت هاجر في سبيل الله بعد إبراههم ولوط علييما 
السلام2"0 . 

دسي و ا ا 0 
50 و ا وو و 0 
المسلمون في الحبشة في أحسن جوار(" . 

وفي رمضان من نفس السنة خرج النبي عي إلى الحرم » وهناك جمع كبير من قريش » كان 
فيه ساداتها وكبراؤها » فقام فيهم » وأخخذ يتلو سورة النجم بغتة ‏ إن أولئك الكفار لم يكونوا 
سمعوا كلام الله قبل ذلك » ؛ لأن أسلومهم المتواصل كان هو العمل بما تواصى به بعضهم بعضاً ؛ 
من قوهم لا سمعو ارا لفان وأ وض هِلعَلْكْتَوْليوْنَ 4 ١١‏ 57؟) فلما باغتهم بتلاوة 
هذه السورة » وقرع اذاتهم كلام مي رائع خلاب - لا يحيط بروعته وجلالته البيان ‏ تفانوا عما 
هم فيه » وبقي كل.واحد مصغيا إليه ‏ ٠لا‏ يخطر بباله شيء سواه . حتى إذا تلا في خواتيم هذه 
المسورة قارع تطور ها القلوب ثم فأ« َأ يلوأ (65: 55)ثم سجدء لم 
يالك أحد نفسه حتى نخر ساجداً » وفي الحقيقة كانت روعة الحق قد صدعت العناد في نفوس 
المستكبرين والمستهزئين » فما تمالكوا أن يخروا لله ساجدين" . 

وسقط في أيدء يهم لما أحسوا أن جلال كلام الله لوى زمامهم , فارتكبوا عين ماكانوا يبذلون 
قصارى جهدهم في محوه و! وإفنائه » وقد توالى عليهم اللوم والعتاب من كل جانب », عمن لم يحضر 
هذا المشبد من المشركين , وعند ذلك كذبوا على رسول الله َيل وافتروا عليه أنه عطف على 
أصنامهم بكلمة تقدير , وأنه قال عنها « تلك الغرانيق ق العلى » وإن شفاعتهن لترتجى » . جاعوا 
بهذا الإفك المبين » ليعتذروا عن سجودهم مع النبي عَيْْله » وليس يستغرب هذا من قوم كانوا 





. 51/١ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص55 , 45 ء زاد المعاد ١/14؟ ء رحمة للعالمين‎ )١( 

(1) رحمة للعالمين 517/١‏ ء زاد المعاد ١/14؟‏ . 

(5) روى البخاري قصة السجود غتصرا عن ابن مسعود وابن عباس . انظر باب سجدة النجم وباب سسجود 
المسلمين والمشركين ١47/١‏ ء وباب ما لقي النبي عَيَْكلهُ وأصحابه من المشركين بمكة 8147/١‏ . 


3 


يؤلفون الكذب . ويطيلون الدس والافتراء'" . 

بلغ هذا الخبر إلى مهاجري الحبشة » ولكن في صورة تختلف تامأ عن صورته الحقيقية » 
بلغهم أن قريشاً أسلمت » فرجعوا إلى مكة في شوال من نفس السنة » فلما كانوا دون مكة ساعة 
من نهار » وعرفوا جلية الأمر » رجع منهم من رجع إلى الحبشة » ولم يدخل في مكة من سائرهم 
أحد إلا مستخفياً » أو في جوار رجل من قريش!" . 

م اشند عليهم وعل المسلمين البلاء والعذاب من قريش » وسطت بهم عشائرهم , فقد كان 
صعب على قريش ما بلغها عن النجاشي من حسن الحوار » ولم ير رسول الله عي بدا من أن 
يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى , وكانت هذه الهجرة الثانية أشق من سابقتها » 
فقد تيقظت لا قريش وقررت إحباطها » بيد أن المسلمين كانوا أسرع ‏ ويسر الله هم السفر 
فانحازوا إلى تجاشي الحبشة قبل أن يدركوا . 

وفي هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلاً إن كان فيهم عمار » فإنه يشك فيه . 
وان عشرة أو تسع عشرة امرأة" . وبالآول جزم العلامة محمد سليان المنصورفوري 3 . 


مكيدة قريش بمهاجري الحبشة: 

عز على المششركين أن يجد المهاجرون مأمنأ لأنفسهم ودينهم » فاختاروا رجلين جليدين 
لبيبين »2 وهما : عمرو بن العاص ١‏ وعبد الله بن أي ربيعة ‏ قبل أن يستلما + وأرضئلوا فعهنا 
الهدايا 0 النجائني ولبطارقته 4 ا أن 0 -- تلك الهدايا 3 البطارقة 4 ا 
بإقصائهم » حضرا إلى النجاشي , و حي 

أمها الملك » إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء ) فارقوا دين قومهم . ولم يدخلوا في 
دينك » وجاعوا بدين ابتدعوه » لا نعرفه نحن ولا أنت » وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من 
0 تفهم القران ١84/0‏ وإلى هذا التوجيه جنح المحققون في حديث الغرانيق . 


(؟) نفس المصدر ١88/0‏ . زاد المعاد 75/١‏ . 44/5 ء وابن هشام 5514/١‏ . 
(5) انظر زاد المعاد ٠ 74/١‏ رحمة للعالمين 5١/١‏ . 


(#4) انظر المصدر الأخير : 


294:2 


أبائهع وأعمامهم وعشسائرهم . ؛ لتردهم إليهم : ؛ فهم أعلى بم عيناً » وأعلم بما عابوا عليهم , 
وقالت البطارقة : صدقا أيها الملك » فأسلمهم إليهما , فليرداهم إلى قومهم وبلادهم . 
المسلمين » ودعاهم . فحضرواء وكانوا قد أجمعوا على الصدق كئنا ما كان . فقال لهم 
النجاشي : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم . ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه 

الملل ؟ 
مرو اس ب عبار يبي ال ٠‏ كنا قومأ أهل 
ا ا كا على لان وسيق بيت لل إلا ربولا ,ترف نيه ردن 
وأمانته وعفافه » فدعانا 5 الله لنوحده ونعبده » وتخلع ما كنا نعبد نحن واباؤنا من دونه من 
الحجارة اواك د نوامزنا بصدق الحديث » وأداء الأمانة » وصسلة الرحم » وحسن الجوار ) 
والكف عن المحارم والدماء, ونهانا عن الفواحش ٠»‏ وقول الزور , وأكل مال اليب ؛ وقذف 
امحصنات . وأمرنا أن نعبد الله وحده » لا نشرك به شيئاً » وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام - فعدد 
عليه أمور الإسلام ‏ فصدقناه » وآمنا به , واتبعناه على ما جاءنا به من دين الله » فعبدنا الله 
وحده » فلم نشيرك به شيك » وحرمنا ما حرم علينا » وأحللنا ما أحل لنا » فعدا علينا قومناء 
فعذبونا » وفتنونا عن ديننا » ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى » وأن نستحل ما كنا 
بلادك » واخترناك على من سواك » ورغبنا في جوارك » ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك . 
فقال له النجاشي : هل معك بما جاء به عن الله من شيء ؟ فقال له جعفر : نعم ! فقال له 
النجاشي : فاقرأه عل ٠‏ فقرأعليه صدرأمن ( حكهيعص #4 فبكى والله النجاشي حتى تى اخضلت 
3 لحيته ؛ وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم » » ثم قال لهم النجاشي : 
إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة » انطلقا » فلا والله لا أسلمهم إليكما 
ولا يكادون - يخاطب عمرو بن العاص وصاحبه - فخرجا » وقال عمرو بن العاص لعبد الله بن 


2360 


ربيعة: والله لآنينهم غداً عنهم بما أستاصل به خضراءهم. فقال له عبد الله بن ربيعة: لا 
تفعل» فإن لهم أرخاما وإن كانوا قد خالفوناء ولكن أصر عمرو على رأيه. 

بلنا كاد الجد قال لاسي : أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا 
عظيماً فأرسل إليهم النجاشي يسألهم عن قولهم في المسيح, ففزعواء ولكن أجمعوا على 
الصدقء كائناً ما كان» فلما دخلوا عليه» وسألهم قال له جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به 
نبينا يك: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. 
هذا العودء» فتناخرت د وإن 7 والله. 
00 من ذهب وأني 
آذيت رجلا 0 5 والدبر آذ بلسان الحبشة. 

قالت أم سلمة التي تروي هذه القصة: فخرجا من عنده مقبوحين مردوداً عليهما م 
جاعوا بك وأقمنا عنده بخير دار مع خير ين 

هذه رواية أبن إسحق» وذكر غيره أن وفادة عمرو بن العاص إلى النجاشي كانت 
بعد بذر» وجمع بعضهم بأن الوفادة كانت مرتين!") لكن الأسكلة والأجوبة التي ذكروا 
أنها 0 35 م طقل في الوفادة ثانية 3 0 الأسئلة له والاعوة ني د 

مسبم وفشلت مكيدتهم. ردقا ليم انعسوب ار 
حدود سلطانهم. ونشأت فيهم من أجل ذلك فكرة رهيبة. رأوا أن التفصي عن هذه «الداهية» لا 
ا ان الله علي عن دعوته تمامأًء وإلا فبإعدامه. ولكن كيف السبيل إلى . 





(01) ابن هشام ملخصاً 84/١‏ ولك الال الالال الا 
2( مختصر السيرة للشيخ عبد الله النجدي ص3557 /ا28 248 وفي تلك الفنعيفات 50 55 


1ه 


ذلك وأبو طالب يحوطه ويحول بينه وبينهم ؟ رأوا أن يواجهوا أبا طالب في هذا الصدد . 


قريش يهددون أبا طالب: 

خافنك ساذات تريدن إل أ كال فقالدا لك :نيا انط ايداف للقد هيا ركتفا ون له وني : 
وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه » وإنا والله لا نصبر على هذا , من شم ابائنا » وتسفيه 
أحلامنا » وعيب اتنا » حتى تكفه عنا , أو ننازله وإياك في ذلك » حتى يبلك أحد الفريقين . 

عظم على أي طالب هذا الوعيد والتبديد الشديد » فبعث إلى رسول الله عَيُهُ وقال له : 
يا ابن أخي إن قومك قد جاؤوني , فقالوا بي كذا وكذا , فابق عللَّ وعلى نفسك . ولا تحملني من 
لامحالا أمو لطن ريرك اله عققل ا ناتشمه قاذله ين وانه كات قن لقي فيد فقا ل 
يا عم ! والله لو وضعوا الشمس في بميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر - حتى يظهره 
الله أو أهلك فيه ما تركته » ثم استعبر وبكى », وقام » فلما ولى ناداه أبو طالب فلما أقبل قال 
له : اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت , فوالله لا أسلمك لشيء أبداة" . 

وأنشد : 
والله لن يصسلوا إليك بمجمعهم حت أوسدفي التراب دينا 
فاصدع بامرك ماعليك غضاضة. وأبشسر وقر بذاك منك عيونا" 


قريش بين يدي أبي طالب مرة أخرى: 

ولاارات اقرسن. أن .وسول الله عه ناض ف ههلة ؟ وغر فت أن الاطالت فد أن خدلان 
ورك ان لكل رانم عهم للزانون وعار كو آل للك ع لناهوا النه ارنعينا بين االولئن ون غير 
وقالوا له : يا أبا طالب إن هذا الفتى أنهد فتى في قريش وأجمله » فخذه فلك عقله ونصره » واتحذه 
ولدا فهو لك . وأسلم الينا أبن أخخيك هذا الذي خالف دينك ودين اتلك » وفرق جماعة قومك 
وسفه أحلامهم ؛ فنقتله , فإئما هو رجل برجل » فقال : الله لبعس ما تسومونني » أتعطوني 


ابنكم أغذوه لكم , وأعطيكم ابني تقتلونه . هذا والله ما لا يكون أبدا . فقال المطعم بن 


. 5552558 /١ ابن هشام‎ )١( 


واد 


عدي بن نوفل بن عبد مناف : والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك » وجهدوا على التخلص مما ' 

تكره» فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً » فقال : والله ما أنصفتموني » ولكنك قد أجمعت 
خذلاني ومظاهرة القوم عللّ » فاصنع ما بدا لك" . 

لا تذكر المصادر التاريخية زمن هاتين الوفادتين » لكن يبدو بعد التأمل في القرائن والشواهد 

أنهما كانتا في أواسط السنة السادسة من النبوة » وأن الفصل بين الوفادتين لم يكن إلا يسيراً . 


فكرة الطغاة فى إعدام النبي ‏ يَْدِ - 

بعد فشل قري وخيبتهم ني الوفادتين عادوا إلى ضراوتهم وتنكيلهم باشد ما كان قبل ذلك » 
وخلال هذه الايام نشات 5 طغاتهم فكرة إعدامه 2 بطريق اخرى 2 وكانت هذه الفكرة 
وتلك الضراوة هي التي سببت في تقوية الإسلام ببطلين جليلين من أبطال مكة , وما : حمزة بن 
عبد المطلب » وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما . 

فمن تلك الضراوة أن عتيبة بن أبي لهب أن يوم إلى رسول الله َيه فقال : أنا أكفر ب 
ا ولج إِدامَوك 4 و بالذيطا دَنَافدَلَ 4 ثم تسلط عليه بالأذى » وشق قميصه , وتفل في 
وجهه , إلا أن البزاق لم يقع عليه » وحينئذ دعا عليه النبي عَيَُّ وقال : « اللهم سلط عليه كلبا 
من كلابك » » وقد استجيب دعاؤه عه » فقد خرج عتيبة مرة في نفر من قريش » حتى نزلوا 
في مكان من الشام يقال له الزرقاء » فطاف بهم الأسد تلك الليلة ٠‏ فجمل عبية يقول : يا وبل 
أخني + هو والله كل كا دعا محمد علي وبري يي معدي 
القوم وأخحذ برأسة فلمحه" , 

و لد داق الى اناا 


)1( ان ا 

ظ ذف تفهم القران 557/7 » من الاستيعاب , ااا ودلائل النبوة » والروض الأنف » ومختصر سيرة الرسول 
٠ ْ‏ للشيخ عبد الله النجدي ص5٠‏ . 

(9) نفس المصدر الأخير ص”١١.‏ 


34د 


وتما يدل على أن طغاتهم كانوا يريدون قتله عَيُّهُ ما رواه ابن إسحق في حديث طويل ؛ 
قال : قال أبو جهل : 
باسق فرشل إن يدا قن أى الكاما تروت قن غيب ذقنا :وقدة ابائنا وبوتسفيه 
أحلامنا » وشتم اتنا » وإني أعاهد الله لأجلسن له بحجر ما أطيق حمله , فإذا سجد في صلاته 
فضخت به رأسه . فأسلموني عند ذلك أو امنعوني » فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا 
هم . قالوا : والله لا نسلمك لشيء أبدا » فامض ل تريد . 
فلما أصبح أبو جهل , أخذ حجرا كا وصف ء ثم جلس لرسول الله عي ينتظره » وغدا 
رسول الله عه كا كان يغدو ء فقام يصلى ؛ وقد غدت قريش فجلسوا في في أنديتهم ؛ ؛ ينتظرون 
ما أبو جهل فاعل » فلما سجد رسول الله عَيلُهِ » احتمل أبو جهل الحجر ء ثم أقبل نحوه » حتى 
رسيي سد دعل ل ىلا0 
يده » وقامت إليه رجال قريش فقالوا له : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : تيك لبد لان ينانا قلت 
كن ابايضة» ندا لاريم عند عرض أل دونه لفل عن انق اما أنه بال ايه 
لأحذه2" . 
وبعد ذلك فعل أبو جهل برسول الله َيه » ما أدى إلى إسلام حمزة رضي الله عنه 
وسيالي . 
أما طغاة قريش فلم تزل فكرة الاعدام تنضج في قلوبهم » روى ابن إسحاق عن عبد الله بن 
عمرو بن العاص قال : حضرتهم وقد اجتمعوا في في الحجرء فذكروا رسول الله ع » فقالوا : 
ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل ؛ لقد صبرنا منه على أمر عظم » فبينا هم كذلك 
إذ طلع رسول الله عه » فأقبل يمشبي حتى استلم الركن ؛ ثم مر بهم طائفاً بالبيت » فغمزوه 
ببعض القول » فعرفت ذلك في وجه رسول الله َيه » فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ؛ فعرفت 
ذلك في وجهه , ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها » فوقف ثم قال : أتسمعون يا معشر قريش » أما 


. 5959 15948/١ ابن هشام‎ )١( 


29452 


والذي نفسبي بيده » لقد جتكم بالذيج , فأخذت القوم كلمته » حتى ما منهم رجل إلا كأنا على 
رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد » ويقول : انصرف يا أبا القاسم ع 
فوالله ما كنت جهولاً . 

فلما كان الغد اجتمعوا كذلك يذكرون أمره إذ طلع عليهم » فوثبوا إليه وثبة رجل واحد » 
وأحاطوا به » فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه » وقام أبو بكر دونه » وهو ييكي ويقول : 
أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ؟ ثم انصرفوا عنه . قال ابن عمرو : فإن ذلك لأشد ما رأيت 
قريشاً نالوا منه قط" . انتبى ملخصاً . 

وني رواية البخاري عن عروة بن الزيير قال : سألت ابن عمرو بن العاص أخبرني بأشد 7 

صنعه المشركون بالنبي مَك » قال : بيما النبي عه يصلِي ني حجر الكعبة إذ أقبل عقبة : 
أي مميط » فوضع ثوه في عنقه » فختقه خا شديداً» فت أب يكر حت أخذ دكي ء ودف 

عن النبي » وقال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟2"9 . 

وني حديث أسماء : فأقى الصريخ إلى أبي بكر » فقال : أدرك صاحبك » » فخرج من عندنا » 
وعليه غدائر أربع ؛ فخرج وهو يقول : أتقتلون رجلا أن يقول : ربي الله ؟ فلهوا عنه » وأقبلوا على 
اميك » فرجع إلينا لا نمس شيئاً من غدائره إلا رجع معنا" . 


إسلام حمزة بن عبدالمطلب: 

خلال هذا الحو الملبد بسحائب الظلم والطغيان أضاء برق نور للمقهورين طريقهم , ألا 
وهو إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه » أسلم في أواخر السنة السادسة من النبوة » 
والأغلب أنه أسلم في شبر ذي الحجة . 

وسبب إسلامه أن أبا جهل مر برسول الله مُه يوم عند الصفاء فاذاه ونال منه » 
ورسول الله َه ساكت لا يكلمه » ثم ضربه أبو جهل بحجر في رأسه فشجه » حتى نزف منه 
اي سرت لاح ارول ع جين لواح سس بو 001 
(01) ابن هشام 6589/١‏ 759.0. 
(؟) صحيح البخاري - باب ذكر ما لقي نبي مه وأصحابه من امشركين بمكة ١‏ . 
2 مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد اللّهُ النبجدي ص١١‏ . 


50 اح 


جدعان في مسكن ها على الصفا ترى ذلك » وأقبل حمزة من القنص متوشحا قوسه » فأخبرته 
المولاة بما رأت من ألي جهل » فغضب حمزة - وكان أعز فتى في قريش وأشده شكيمة - فخرج 
يسعى » لم يقف لأحد , معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به » فلما دخل المسجد قام على 
رأسه » وقال له : يا مصفر استه , تشتم ابن أخي وأنا على دينه ؟ ثم ضربه بالقوس فشجه شجة 
منكرة » فثار رجال من بني مخزوم - حي أبي جهل - وثار بنو هاشم حي حمزة - فقال : أبو 

وكان إسلام حمزة أول الآمر أنفة رجل ألى أن مهان مولاه . تم شرم الله صدره » فاستمسك 
بالعروة الوثقى0" , واعدّز به المسلمون أبما اعتزاز . 


إسلام عمر بن المخطاب رصى الله عنه: 

وخلال هذا الحو الملبد بسحائب الظلم والطغيان أضاء برق آخر أشد بريقاً وإضاءة من 
الأول ألا وهو إسلام حطرين الخظات + سل اق :ذي المتحة سنة شرت من النيوة0 :يعد 
ثلاثة أيام من إسلام حمزة رضي الله عنه0؟» . وكان النبي عتم قد دعا الله تعالى لاسلامه . فقد 
أخرج الترمذي عن ابن عمر » وصححه . وأخرج الطبراني عن ابن مسعود وأنس أن النبي يله 
قال : « اللهم أعز الاسلام بأحب الرجلين إليك : بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام » 

وبعد إدارة النظر في جميع الروايات التي رويت في إسلامه يبدو أن نزول الاسلام في قلبه كان 
نذرضا » وركن قل أن نسوق خلاصتها ترف أن تين ال ما كان يتمتع به رضي الله عنه من 
العواطف والمشاعر . 


2791/١ »ء ابن هشام‎ 588/١ مختصر سيرة الرسول للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص55 ء رحمة للعالمين‎ 2)١( 
بخن‎ 

6 تدل عليه رواية ذكرها الشيخ عبد الله النجدي في مختصر السيرة ص١١٠‏ . 

() تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص١١‏ . 

(5) ستأتي رواية في ذلك . 

(ه) الترماءي » أبواب المناقب . مناقب ألي حفص عمر بن الخطاب ٠١9/5‏ . 


21 1 


كان رضي الله فووا بحدة الطبع وقوة الشكيمة » وطالما لقي المسلمون منه ألوان الأذى . 
والظاهر أنه كانت تصطرع في نفسه مشاعر متناقضة » احترامه للتقاليد التي سنها الاباء 
والأجداد » واسترساله مع شهوات السكر واللهو التي ألفها » ثم إعجابه بصلابة المسلمين 
واحتّالهم البلاء في سبيل عقيدتهم » ثم الشكوك التي كانت تساوره - كاي عقل - في أن 
ما يدعو إليه الاسلام قد يكون أجل وأزكى من غيره » وهذا ما إن يثور حتى يخور . قاله محمد 
الغزالي''" . 

وخلاصة الروايات 20008 في إسلامه رضي الله عنه - أنه التجاً ليلة إلى المبيت 
خخارج بيته » فجاء إلى الحرم » ودخل في ستر الكعبة , والنبي ع قائم يصلي وقد استفتح سورة 
١‏ الحاقة » فجعل عمر يستمع إلى القران » ويعجب من تأليفه ء قال : فقلت - أي في نفسي -- 
هذا والله شاعر ا قالت قريش » قال : فقرأ «( هل مول ويم (ج) وَمَاهو لساري 

مَا ونون 4 1 : 4٠ ١ ٠‏ ) قال : قلت : كاهن . قال : 9 وَلَابقولِمَاهِ يلاما رون 
)لمن ربا لعَلمِينَ 4 إلى اخر السورة . قال فوقع الإسلام في قلبي'" . 
كان هذا أول وقوع نواة الاسلام في قلبه » لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية » والعصبية 
التقليدية » والتعاظم بدين الاباء هي غالبة على عم الحقيقة التي كان يتبمس بها قلبه » فبقي محدا 
في عمله ضد الإسلام » غير مكترث بالشعور الذي يكمن وراء هذه القشرة . 
وكان من عد طبعه وفرط عداوته لرسول الله علا أنه خرج نوما فترشيا سيفه ١‏ يريد 
القضاء على النبي عَيهِ » فلقيه نعيم بن عبد الله النحام العدوي”" » أو رجل من بتي زهرة '' » أو 
رجل من بنى مخزوم '*).فقال : أين تعمد يا عمر ؟ قال : أريد أن أقتل محمدا قال : كيف تامن من 
)١(‏ فقه السيرة ص95 . 98 . 1 ظ 
(؟) تاريخ عمر , بن الخطاب لابن الجوزي ص" » ويقرب من هذا ما رواه ابن إسحاق عن عطاء ومجاهد . لكن في 
اخره ما يغخالف ذلك .انظر ابنهشام 5/١‏ *. 8407 .748 ء ويقرب من هذا يتا نا أورده بن الجوزي عن 
جابر » وفي اخره أيضا ما يتخالف هذه الرواية انظر تاريخ عمر بن الخطاب ص ٠١-94‏ . 

() وهذا على رواية ابن إسحاق »ء انظر ابن هشام 5141/١‏ . 

(4) روى ذلك أنس بن مالك رضي الله عنه . انظر تاريخ عمر بن الخطاب ص١٠‏ » ومختصر سيرة الرسول للشيخ 
عبد الله بن محمد النجدي ص” ١٠١‏ . 

(ه) روى ذلك ابن عباس انظر المصدر الأخير ص١٠‏ . 


2 1 


بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمداً ؟ فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك 
الذي كنت عليه » قال أفلا أدلك على العجب يا عمر ! إن أختك وختنك قد صبوا » وتركا 
دينك الذي أنت عليه » فمشى عمر دامرا حتى أتاهما وعندهما خباب بن الأرت » معه صحيفة 
فيها (إطه# يقرئهما إياها ‏ وكان يختلف إليهما ويقرئهما القران ‏ فلما مع خباب حس عمر 
توارى في البيت » وسترت فاطمة ‏ أخت عمر - الصحيفة ‏ وكان قد ممع عمر حين دنا من 
البيت قراءة خباب إليبما » فلما دخل عليبما قال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عند م ؟ فقالا : 
ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا . قال : فلعلكما قد صبوتًا . فقال له ختنه : يا عمر أرأيت إن كان 
الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا . فجاءت أخته فرفعته عن زوجها 
فنفحها نفحة بيده » فدمى وجهها - وفي رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها ‏ فقالت - وهي 
غضى - : يا عمر إن كان الحق في غير دينك » أشبد أن لا إله إلا الله » وأشهد أن محمدا رسول 


1 
أ 


ألله . 


فلما يئس عمر » ورأى ما باخته من الدم ندم واستحي » وقال : أعطوني هذا الككتاب الذي 
عندم فأقرؤه » فقالت أخمه : إنك رجس ء ولا يمسه إلا المطهرون » فقم فاغتسل » فقام 
فاغتسل » ثم أخذ الكتاب , فقراً ؛ بسم الله الرحمن الرحيم » فقال : أسماء طيبة طاهرة . ثم قرأ 
«وطه» حيى انتهى إلى قوله © إِنََأنا سه لا ِنَأ اعدف وَأَقِ ّلد إكرى 4 
فقال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ؟ دلوني على محمد . 

فلما مع خباب قول عمر نخرج من البيت » فقال : أبشر ياعمرء فإني أرجو أن تكون 
دعوة الرسول مَيَكْهِ لك ليلة الخميس ( اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب أو بأني جهل بن 
هشام ) ورسول الله عَييكه في الدار التي في أصل الصفا . 

فأخذ عمر سيفه » فتوشحه ء ثم انطلق حتى أنى الدار » فضرب الباب . فقام رجل ينظر 
بعال لباب ازاه رما الحيقيد: اأخين ردول 1 1017 ان ستجمع القوم » فقال لهم 

حمزة : مالكم ؟ قالوا : عمر . فمَال : وعمر ء افتحوا له الباب » فإن مد خا بنقاء 
روحم عوعير بو يي ع و 0 
حتى لقيه في الحجرة , فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف » ثم جبذه جبذة شديدة فقال : أما 
أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم ! هذا 

أن 


| عمر بن الخطاب .ء اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب » فقال عمر » أشهد أن لا إله إلا الله 

وأنك رسول الله . وأسلم فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجده" . 

كان عمر رضي الله عنه ذا شكيمة لا يرام » وقد أثار إسلامه ضجة بين المشركين بالذلة » 
والهوان 4 وكسا المسلمين عزة وشرفا وسرورا : 
لرسول الله يده عداوة » قال : قلت : أبو جهل » فأتيت حتى ضربت عليه بابه فخرج إليّ : 
وقال : أهلاً وسبلا » ما جاء بك ؟ قال : جىت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد 
وصدقت بما جاء به . قال : فضرب الباب في وجهي . وقال ا 
به9) , 

وذكر ابن الجوزي أن عمر رضي الله عنه قال : كان الرجل إذا أسلم تعلق به الرجال ‏ 
لي يي ا سر ا ت إلى 0 الخناصي» 00 
فدخل البيت!" . 

وذكر ابن هشام وكذا ابن الجوزي مختصرا ء أنه لما أسلم أتى إلى جميل بن معمر الجمحي 
- وكان أنقل قريش للحديث - فأخبره أنه أسلم » فنادى جميل بأعلى صوته أن ابن الخطاب قد 
صب . فقال عمر : - وهو خلفه ‏ كذب .ء ولكني قد أسلمت » فثاروا إليه » فما زال يقاتلهم 
يقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم , وطلح . أي أعيا عمر » فقعد , وقاموا على رأسه , 
وهو يقول : افعلوا ما بدا لكم . فأحلف بالله أن لو كنا ثلاث مائة رجل لقد تركاها لكم أو 
تركتموها لنا!") . 


وبعد ذلك زحف المشسركون إلى بيته يريدون قتله . روى البخاري عن عبد الله بن عمر 


)1١(‏ تاريخ عمر بن الخطاب صلاء 6٠١‏ ١1ء‏ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله ص١٠ ٠١8 ٠‏ » ابن 
هشام 745/١‏ 01442 515603748. ظ ظ 

(5) المصدر الأخير 49/١‏ .ه"#. 

607 تاريخ عمر بن الخطاب لابن الحوزي ص/ . 

(5) نفس المصدر صك وأبن هشام 3718/١‏ 2 19" . 


1 د 


قال : بينا هو أي عمر ‏ في الدار خائفاً , إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو » وعليه 
عله جره ووميين محدوت ريو وهو من ب سيم ء وف حلنازيا نالعال 0 
مالك ؟ قال : زعم قومك أنهم سيقتلوني أن أسلمت » قال لا سبيل إليك - بعد أن قالها 
أمنت - فخرج العاص » فلقي الناس قد سال بهم الوادي » فقال أين تريدون ؟ فقالوا : هذا ابن 
الخطاب الذي قد صب » قال : لا سبيل إليه » فكر الناس<" وفي لفظ » في رواية ابن إسحاق : 
والله لكأنا كانوا ثوب كشط عنه2"؟ . 

هذا بالنسبة إلى المشركين » أما بالنسبة إلى المسلمين ؛ فروى مجاهد عن ابن عباس قال : 
سألت عمر بن الخطاب , لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال : أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام - ثم 
قص عليه قصة إسلامه وقال في اخره ‏ قلت  :‏ أي حين أسلمت - يا رسول الله ! ألسنا على 
الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : « بلى ! والذي نفسبي بيده , إنكم على الحق وإن متم وإن 
حييتم » » قال : قلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن . فأخرجناه في صفين » 
حمزة في أحدهما , وأنا في الآخر» له كديد ككديد الطحين » حتى دخلنا المسجد » قال : 
فنظرت إلى قريش وإلى حمزة » فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلهاء فسواني رسول الله مكل 
« الفاروق © يومعذ9") . 

وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : ما كنا نقدر أن نصلى عند الكعبة حتى أسلم 
ع 

وعن صبهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه » قال : لما أسلم عمر ظهر الاسلام » ودعي 
إليه علانية » وجلسنا حول البيت حلقا » وطفنا بالبيت » وانتصفنا ممن غلظ علينا » ورددنا عليه 
بعض ما يأتي به" , 


. 518/١ صحيح البخاري , باب إسلام عمر بن الخطاب‎ )١( 
. "49/١ ابن هشام‎ )1١( 

(؟') تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص" . ل . 

(14) مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص”7١٠‏ . 
(5) تارجم عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص7١‏ . 


2150 2 


وعن عبد الله بن مسعود قال : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر!" . 


ممثل قريش بين يدي الرسول وله : 

وبعد إسلام هذين البطلين الجليلين - حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله 
عنهما - أخذت السحائب تتقشع » وأفاق المشركون عن سكرهم في إدلاء العذاب والنكال إلى 
المسلمين » وحاولوا مساومة مع النبي عَيْيْلهُ بإغداق كل ما هو ممكن أن يكون مطلويا له ؛ 
ليكفوه عن دعوته . ولم يكن يدري هؤلاء المساكين أن كل ما تطلع عليه الشمس لا يساوي 
جناح بعوضة أمام دعوته » فخابوا وفشلوا فيا أرادوا . 

قال ابن إاسحاق : حدثي يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال لنت إن 
عتبة بن ربيعة » وكان سيداً » قال يوماً » وهو في نادي قريش ء ورسول الله عي جالس في 
المسجد وحده : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد ؟ فأكلمه , وأعرض عليه أموراً لعله يقبل 
بعضها » فنعطيه أيبا شاء » ويكف عنا ؟ وذلك حين أسلم حمزة رضي الله عنه » ورأوا أصحاب 
رسول الله عَيْلهِ » يكثرون ويزيدون » فقالوا : بلى » يا أبا الوليد قم إليه » فكلمه » فقام إليه 
. عتبة » حتى جلس إلى رسول الله عت فقال : يا ابن أخي » إنك منا حيث قد علمت من 
لجا سي إل سيدا ااا ا ا 
وسفهت به أحلامهم » وعبت به الهتهم ودينهم » وكفرت به من مضى من أبائهم » فاسمع مني 
أعرض عليك أموراً تنظر فيبا » لعلك تقبل منها بعضها . قال : فقال رسول الله عه : « قل 
يا أبا الوليد أسمع » » قال : يا ابن أخي . إن كنت إنما تريد بما جكت به من هذا الأمر مالا جمعنا. 
لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مال » وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا » حتى لا نقطع 
أمرأ دونك » وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا » وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه 
أ وا سواه وو دوا لوه ات مسد يك رو 
التابع على الرجل حتى يداوى منه - أو كا قال له - حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله عه يستمع 
منه : قال : «أو قد فرغت يا أبا الوليد ؟ » قال : نعم » قال : « فاسمع مني 6 . قال : أفعل ‏ 


)0 بح تر وراك إل عر رن لقا 04/0١‏ . 
لاقة هي المنزلة الرفيعة المهيبة . 
ل 


د ىس ماس 


0 بسم الله الرحمن الرحيم #حم (ي) تَزِلْينَا لحن لبسو © كنب فلت ءيسم 

سس 1ه له وي كات 2 قر لي عرز و لم 1و 
قرءأناعَرب لعَو م كمون لي شرا وزماء عض أكترهم امهو . َي وها لوأ مون 
سح ًا ْو 4 م مضى رسول لله ْلَه ها يقرؤها عليه » فلما سمعها منه عبة 
أنصت ا » وألقى يديه خلف ظهره معتمداً علييما » يسمع منهء ثم انتهى رسول الله ميئل 
إلى السجدة منها فسجد ء ثم قال : قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت » فأنت وذاك. فقام عتبة إلى 
أصحابه , فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به . 
فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال ورائي أني معت قولاً والله ما سمعت مثله 
قط ء والله ما هو بالشعر , ولا بالسحرء ولا بالكهانة » يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي , 
وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه . فوالله ليكونن لقوله الذي معت منه نبأ عظم , 
فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيرك . وإن يظهر على العرب فملكه ملككم , وعزه عزك , 
وكنتم أسعد الناس به ء قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه » قال : هذا رأبي فيه , 
فاصنعوا ما بدا لك 5 

وفي رواية رم أن عتبة 0 حتى جاء الرسول ينه ٠‏ إلى قوله تعالى 9 فإِنَاعره 
فَقَلٌ درت عدة مكل صَعقَةَ عا وتمود د 4 فقام مذعوراً » فوضع يده على فم 
رسول الله عي . يقول : أنشدك الله اريت ! وذلك محافة أن يقع النذير » وقام إلى القوم فقال 
ماقال('" . 


عر 


أبو طالب يجمع بنى لثما سم وبنيى عبدالمطلب: 

تغير مجرى الظروف وتبدلت الأوضاع والأحوال » ولكن أبا طالب الم يزل يتوجس من 
المشركين خيفة على ابن أخيه » إنه كان ينظر في الحوادث الماضية ‏ إن المشركين هددوه 
بالمنازلة » ثم حاولوا مساومة ابن أتحيه بعمارة بن الوليد ليقتلوه » وإن أبا جهل ذهب إلى ابن أخيه 
بحجر يرضخه » وإن عقبة بن ألي معيط خنق ابن أخيه بردائه وكاد يقتله » وإن ابن الخطاب كان 
قد خرج بالسيف ليقضي على ابن أخيه - كان أبو طالب يتدبر في هذه الحوادث » ويشم منها 





. 79814 059*/١ ابن هشام‎ )١( 
.١ 5١ 1١5٠.0 2189/5 (؟) تفسير ابن كثير‎ 


1 


رائحة شر يرجف له فوّاده » وتأكد عنده أن المشركين عازمون على إخفار ذمته » عازمون على 
قتل ابن أخخيه » وما يغني حمزة أو عمر أو غيرهما إن انقض أحد من المشركين على ابن أخيه بغتة . 
٠‏ تأكد ذلك عند أبي طالب » ولم يكن إلا حقاأء فإمهم كانوا قد أجمعوا على أن يقتلوا 
رسول الله مله علانية » وإلى هذا الإجماع إشارة في قوله تعالى « أَمَأبْرمُوا مرا فَإِنَا رون # 
48 : 78 ) فماذا يفعل أبو طالب إذن . 
إنه لا رأى تألب قريش على ابن أخيه قام في أهل بيته من بني هاشم وبني المطلب ولدي عبد 
مناف » ودعاهم إلى ما هو عليه من منع ابن أخيه والقيام دونه » فاجابوه إلى ذلك مسلمهم 


قريش!2 . 


. ٠١ ؛ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله بن محمد النجدي ص5‎ 554/١ ابن هشام‎ )١( 


2 ااه 


المقاطعة العامة 


با عر اه إلى المشركين - خلال أربعة أسابيع » أو في أقل 
مدة » منها : أسلم حمزة » ثم أسلم عمر » ثم رفض محمد عَيْلهْ مساومتهم » ثم توائق بنو المطلب » 
وبنو هاشم كلهم مسلمهم وكافرهم , على حياطة محمد عه ومنعه » حار المشركون » وحقت 
لهم الحيرة » إنهم عرفوا أنهم لو قاموا بقتل محمد - عَيَْكلُهِ - يسيل وادي مكة دونه بدمائهم » بل 
رما يفضي إلى استئصاهم . عرفوا ذلك فائحرفوا إلى ظلم اخر دون القتل » لكن مضاضة عما 
فعلوا بعد 


ميثاق الظلم والعدوان: 

اجتمعوا في خيف بني كنانة من وادي المحصب فتحالفوا » على بني هاشم وبني المطلب أن 
لا يناكحوهم » ولا ييايعوهم ؛ ولا يجالسوهم حر او وسار م 
ولا يكلموهم . حتى يسلموا إلهم رسول الله عي ذاة ا 
ابن القم : يقال . 00 ا )0 موي 
والصحيح أنه بغيض بن عامر بن هاشم » فدعا عليه رسول الله عَيتُه فشلت يده" . 

تم هذا الميئاق » وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة » فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم 
وكافرهم ‏ إلا أبا لهب وحبسوا في شعب أي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة . 


. 15/9 زاد المعاد‎ )١( 


1ت 


واشتد الحصار » وقطعت عنهم الميرة والمادة » فلم يكن المشركون يتركون طعاماً يدخل مكة 
ولا بيعاً إلا بادروه فاشتروه » جتى بلغهم الجهد , والتجأوا إلى أكل الأوراق والجلود » وحتى كان 
' يسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيانهم يتضاغون من الجوع . وكان لا يصل إلمهم 
شيء إلا سرا ‏ وكانوا - لا يخرجون من الشعب لاشتراء الحوائج إلا في الاشهر الحرم » وكانوا 
يشترون من العير التي ترد مكة من خارجها , ولكن أهل مكة كانوا يزيدون عليهم في السلعة 
قيمتها حتى لا يستطيعوا الشراء . 

وكان حكم بن حزام رىا يبحمل قمحا إلى عمته خديجة ‏ رضي الله عنها - وقد تعرض له 
مرة أبو جهل فتعلق به لهنعه » فتدخل بينهما أبو البختري » ومكنه من حمل القمح إلى عمته . 

وكان أبو طالت يخاف على رسول الله مله » فكان إذا أخذ الناس مضاجعهم يأمر 
رسول الله عله أن يضطجع على فراشه » حتى يرى ذلك من أراد اغتياله » فإذا نام الناس أمر 
أحد بنيه أو إخوانه أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله َيه » وأمره أن يأتي بعض 
فرشهم . ظ 


وكان رسول الله عَتيدُهِ والمسلمون يخرجون في أيام الموسم » ا الناس » ويدعونهم إلى 
الاسلام » وقد أسلفنا ها كان ياق انه أب لبي + 


نفض صحيفة الميثاق: 
مرت ثلائة أعوام كاملة والأمر على ذلك » وني المحرم('» سنة عشر من النبوة حدث نقضص 
ايده وناك التاق ودلك أن تيتا كاتزانيية راض ذا الباق وكاره لا لمعن في نض 
الصحيفة من كان كارهاً لها . ظ 
وكان القائم بذلك هشام بن عمرو من بني عامر بن لوؤي - وكان يصل بني هاشم في 
الشعب مستخفيا بالليل بالطعام ‏ فإنه ذهب إلى زهير بن أبي أمية امخزومي - وكانت أمه عاتكة 


)01 الدليل على هذا أن أبا طالب مات بعد نقض الصحيفة بستة أشهر » والصحيح في موت أبي طالب أنه في شهر 
جه ومن اقول :+ إتدغات رق :رمهتان نهو يقول إندينات يعد تمن الستحيقة يهانية أكبير وأيام:. 


11ت 


بنت عبد المطلب - وقال : يا زهير » أرضيت أن تأكل الطعام » وتشرب الشراب . وأخوالك 
بحيث تعلم ؟ فقال : ويحك » فما أصنع وأنا رجل واحد ؟ أما والله لو كان معي رجل اخر لقمت 
في نقضهاء قال : قد وجدت رجلاً . قال : فمن هو ؟ قال : أنا . قال له زهير : أبغنا رجلا 
الث . 

فذهب إلى المطعم بن عدي » فذكره أرحام بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف , ولامه 
على موافقته لقريش على هذا الظلم » فقال المطعم : ويحك . ماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد ‏ 
قال : قد وجدت ثانياً » قال من هو ؟ قال : أنا قال : أبغنا ثالثاً . قال قد فعلت . قال : من 
هو © قال:: تهورين أى آمية 8 قال أبعنا رابعا . 

فذهب إلى ألي البختري بن هشام » فقال له نحو مما قال للمطعم . فقال : وهل من أحد 

فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد , فكلمه » وذكر له قرابتهم وحقهم , فقال 
له : وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد ؟ قال : نعم ثم سمى له القوم » فاجتمعوا عند 
الحجون , وتعاقدوا على القيام بنقض الصحيفة » وقال زهير : أنا أبدأ كم فأكون أول من يتكلم . 

فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم » وغدا زهير عليه حلة » فطاف بالبيت سبعاً » ثم أقبل على 
الناس » فقال : يا أهل مكة أنأكل الطعام » ونلبس الثياب » وبنو هاشم هلكى » لا يُباعون 
ولا يبتاع منهم ؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة . 

قال أبو جهل ‏ وكان في ناحية المسجد ‏ : كذبت ء والله لا تشق . فقال : زمعة بن 
الأسوةة 1 ادك وال اكذمو ما ءرقي كا شتف سيك قال أن اليعا رق سيدق اوقل 

قال المطعم بن عدي : صدقتا وكذب من قال غير ذلك » نبراً إلى الله منها وبما كب فيها . 

وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك . 

فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل , تُشُوورٌ فيه بغير هذا المكان . 


1١1١1 


وأبو طالب جالس في ناحية المسجد . إنما جاءهم لأن الله كان قد أطلع رسوله على أمر 
الصحيفة » وأنه أرسل عليها الأرضة » فأكلت جميع ما فيها من جوى وقطيعة وظلم إلا ذكر الله 
عز وجل » فأخبر بذلك عمه » فخرج إلى قريش فأخبرهم أن ابن أخيه قد قال كذا وكذا , فإن 
كان كاذباً خلينا بينكم وبينه » وإن كان صادقاً رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا » قالوا : قد أنصفت . 
وبعد أن دار الكلام بين القوم وبين أي جهل » قام المطعم إلى الصحيفة ليشقها » فوجد 
الأرضة قد أكلتبا إلا و باسمك اللهم » . وما كان فيها من اسم الله فإنها لم تأكله .. 
تم نقض الصحيفة » وخرج رسول الله عه ومن معه من الشعب » وقد رأى المشركون اية 
8 - و عاصالر - 
عظيسة من آيات فوته ٠‏ ولكهم جا أخمر ل عنهم » ف ايروسو يأر َ 
مُسَسَمةٌ 4 7 1 : 7 ) أعرضوا عن هذه الآية وازدادوا كفرا إلى ار 


)١(‏ جمعنا تفاصيل المقاطعة من صحيح البخاري » باب نزول النبي عََتهِ بمكة 7١7/١‏ » وباب تقامم المشركين 
على النبى عه 2/١‏ :ه ء زاد المعاد 45/9 ء وابن هشام *8.0/١‏ 2 981 4لا 25/6 8لالاء 
0ء ورحمة للعالمين 7١ » 594/١‏ ومختصر السيرة للشيخ عبد الله النجدي ص5١٠21 2٠١863١1‏ 
8 ١١٠1١ء‏ ومختصر السيرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي ص 55258 ءلاء الا ؟لاء 

”/اء وبين هذه المه.ادر اختلاف يسير » أخذنا ما ترجح عندنا بعد النظر في القرائن . 


١١15 - 





آخر وفد قريش إلى أبي طالب 


خرج رسول الله عَكهُ من الشعب » وجعل يعمل على شاكلته » وقريش وإن كان قد تركوا 
القطيعة » لكنهم لم يزالوا عاملين على شاكلتهم من الضغط على المسلمين » والصد عن سبيل 
الله » أما أبو طالب فهو لم يزل يحوط ابن أخيه » لكنه كان قد جاوز القانين من سنه » وكانت 
الآلام والحوادث الضخمة المتوالية منذ سنوات - لا سها حصار الشعب - قد وهنت وضعفت 
مفاصله » وكسرت صلبه » فلم يمض على خروجه من الشعب إلا أشهر معدودات » وإذا هو 
يلاحقه المرض ويلح به - وحيتئذ خخاف المشركون سوء سمعتهم في العرب إن أتوا بعد وفاته بدكر 
على ابن أخبيه » فحاولوا مرة أخرى أن يفاوضوا النبي عه بين يديه » ويعطوا بعض ما لم يرضوا 
إعطاءه قبل ذلك » فقاموا بوفادة هي اخر وفادتهم إلى أي طالب . 

قال ابن إسحاق وغيره : لما اشتكى أبو طالب » وبلغ قريشاً ثقله » قالت قريش بعضها 
لبعض : إن حمزة وعمر قد أسلما » وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها , فانطلفوا بنا إلى 
أني طالب » فليأخذ على ابن أخيه , وليعطه منا , والله ما نأمن أن يبتزونا('© أمرنا » وفي لفظ : فإنا 
تحاف أن يموت هذا الشيخ » فيكون إليه شبيء فتعيرنا به العرب » يقولون تركوه » حتى إذا مات 
عمه تناولوه . 

مشوا إلى ألي طالب فكلموه » وهم أشراف قومه ؛ عتبة بن ربيعة » وشيبة بن ربيعة ) 
وأبو جهل بن هشام , وأمية بن خلف » «أبو سفيان بن حرب » في رجال من أشرافهم - وهم 
خمس وعشرون تقريباً ‏ فقالوا : يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت » وقد حضرك ما ترى » 


وتخوفنا عليك » وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك » فادعه » فخذ له منا. وخخذ لنا منه , 


. ابتزه أمره : سلبه إياه وغلبه عليه‎ )١( 


17آا 


ليكف عنا ونكف عنه » وليدعنا وديننا » وندعه ودينه » فبعث إليه أبو طالب » فجاءه » فقال : 
يا ابن أخي » هؤلاء أشراف قومك . قد اجتمعوا لك . ليعطوك , وليأخذوا منك » ثم أخيره 
بالذي قالوا له وعرضوا عليه » من عدم تعرض كل فريق للآخر . فقال لحم رسول الله عه : 
؛ أرأيتم إن أعطيتكم كلمة تكلمتم بها » ملكتم بها العرب » ودانت لكم بها العجم » » وفي لفظ 
أنه قال تخاطباً لأبي طالب : « أريدهم على كلمة واحدة يقولونها » تدين لهم بها العرب » وتؤدي 
إلهم بها العجم الجزية 6 » وفي لفظ آاخر قال : « يا عم , أفلا تدعوهم إلى ما هو خير لحم » ؟ 
قال: وإلى ما تدعوهم؟ قال: «أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب» ويملكون 
بها العجم » , ولفظ رواية ابن إسحاق : ١‏ كلمة واحدة تعطونها » تملكون بها العرب » وتدين 
لكم بها العجم » » فلما قال هذه المقالة » توقفوا وتحيروا » ولم يعرفوا كيف يرفضون هذه الكلمة 
الواحدة النافعة إلى هذه الغاية والحد . ثم قال أبو جهل : ما هي ؟ وأبيك لنعطيكها وعشر 
أمثالها , قال : ١‏ تقولون : لا إله إلا الله » وتخلعون ما تعبدون من دونه » . فصفقوا بأيديهم » ثم 
قالوا : أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلها واحداً ؟ إن أمرك لعجب . 


نم قال بعضبم لبعض : إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئاً مما تريدون » فانطلقوا وامضوا 
على دين ابائكم , حتى يحكم الله بينكم وبينه . ثم تفرقوا . 

وف هؤلاء نزل قوله تعالى : (( سومان زى لكر ليْ) بال كرو أحرةوَشِقَاقٍ 02 
اهلام نقيلوم عفاد وأوَلَاتَ حي ماص (ي) ويجبوأ أنجاء هم منذِرينهموَالالكفون 
ركاب (وي) أجملايلإلَهاوِدَإنَحدَالوء عاب ()واظكوا لمكا نشوا 
سرع ءَالهَيَحإنَهدَالعَىْه يراد (ي) مَاموِعَ داف الجر إن هلخن » 


ال ا ل ا 00 





)١(‏ ابن هشام 4١52 418 5117/١‏ » تفهم القران 11/4 11 79١8‏ » مختصر السيرة للشيخ عبد الله 
' ص١9ة.‏ ظ 


132 


عام الحزن 


وفاة أبى طالب: 

ألح المرض بأبي طالب » فلم يلبث أن وافته المنية » وكانت وفاته في رجب() سنة عشر من 
النبوة » بعد الخروج من الشعب بستة أشهر”" . وقيل : توفي في رمضان قبل وفاة خديجة رضي الله 
عنها بثلاثة أيام . 

وفي الصحيح عن المسيب : أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي مُه وعنده 
أبو جهل » فقال : « أي عم ء قل : لا إله إلا الله » كلمة أحاج لك بها عند الله ؛ » فقال 
أبو جهل وعبد الله بن ألي أمية : يا أبا طالب » ترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزالا يكلماه 
حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب الال الى لج 1 لازت 21 
ما لم أنه عنك  »‏ فنزلت : ماك لِلبيَوَالديسءامسواان مْتَغْفْروا للمشْركين ولز 
افق يبد مابرّت ل أمَد 1 00 بااوع رلك 
وإَِلاتبَرى من لحرت 4" ١١١‏ دم 

ولا حاجة إلى بيان ما كان عليه أبو طالب من الحياطة والمنع » فقد كان الحصن الذي 
تحتمي به الدعوة الإسلامية من هجمات الكبراء والسفهاء , ولكنه بقي على ملة الأشياخ من 
)١(‏ تاريخ إسلام للشاه أكبر خخان النجيب أبادي ٠٠١/١‏ . وفي المصادر اختلاف كبير في الشهر الذي توفي فيه 

أبو طالب » وهذا الذي رجحناه إنما رجحناه لأن أكثر المصادر متفقة على أن موته كان بعد ستة أشبر من 

الخروج من الشعب » وأن الحصار كان ثلاثة أعوام , وأن بدء الحصار كان ليلة هلال حرم سنة سبع » وإذن 

0 من النبوة . 


2( مختصر السيرة للشيخ عبد الله النجدي ص١١١‏ . 
2( د 8 4/1 . 


22118: 


أجداده » فلم يفلح كل الفلاح . ففي الصحيح عن العباس بن عبد المطلب ء قال للنبي عَبَكهِ : 
ما أغنيت عن عمك » فإنه كان يموطك ويغضب لك ؟ قال : هو في ضحضاح من نار ء ولولا 
أنا لكان في الدرك الأسفل من النار"' . 

وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي مله وذكر عنده عمه ‏ فقال : لعله تنفعه 
شفاعتي يوم القيامة » فيجعل في ضحضاح من النار تبلغ كعبيه'" . 


خديجة إلى رحمة الله 

وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو ثلائة ‏ على اختلاف القولين - توفيت أم المؤمنين 
خديجة الكبرى رضي الله عنها » كانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة » وها 
خمس وستون سنة » ورسول الله عَإْيتُكِ إذ ذاك في الخمسين من عمره" . 

إن خديجة كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله عه » بقيت معه ربع قرن تحن عليه 
وتواسيه بنفسها ومالها » يقول رسول الله عَليلك : « امنت بي حين كفر بي الناس » وصدقتني حين 
كذبي الناس ء واشم ركتني في مالها حين حرمني الناس .2 ورزقي الله ولدها » وحرم ولد 
غيرها »!ا . 

وفي الصحيح عن أني هريرة قال : أتى جبريل النبي لَه » فقال : يا رسول الله هذه 
خديجة » قد أتت » معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب » فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من 
ربها » وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب9 . 

وقعت هاتان الحادثتان المولمتان خلال أيام معدودة » فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب 
)7-١(‏ صحيح البخاري ١‏ باب قصة أبي طالب 0544/١‏ . 
(') نص على موتها في رمضان من تلك السنة ابن الجوزي في التلقيح ص/ » والعلامة المنصور فوري في رحمة 

للعالمين ١515/7‏ وغيرهما . 
69 رواه الإمام أحمد في مسنده ١١8/5‏ . 
(ه)» صحيح البخاري . باب تزوي النبي مَيهِ خديجة وفضلها 079/١‏ . 

1ت 


رسول الله عََْهِ , ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه , فقد كانوا تحرأُوا عليه » وكاشفوه 
بالنكال والأذى بعد موت أبي طالب » فازداد غما على غم » حتى يكس منهم » وخرج إلى 
الطائف . رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه وينصروه على قومه , فلم ير من يؤوي ولم ير 
ناصراً , وآذوه مع ذلك أشد الأذى , ونالوا منه ما لم يئله قومه . 

وكا اشتدت وطأة أهل مكة على النبي عَيْيَْه ؛ اشتدت على أصحابه » حتى التجأ رفيقه أبو 
بكر الصديق رضي الله عنه إلى ال هجرة عن مكة , فخرج حتى بلغ برك الغماد , يريد الحبشة , 
تارسعه آزن الدعنة ل جدوارواقان 

قال ناك اسسناق +0 هلك أبو-ظالب تالت قزيئن من رسول اله جك من الآأذى مالم 
تطمع به في حياة أي طالب » حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش » فنثر على رأسه تراباً ؛ ودخل 
بيته » والتراب على رأسه , فقامت إليه إحدى بناته » فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي » 
ورسول الله مُه يقول ها : لا تبكي يا بنية » فإن الله مانع أباك . قال : ويقول بين ذلك : 
ما نالت. مني قريش شيك أكرهه حتى مات أبو طالب'" . 

ولأجل توالى مثل هذه الآلام في هذا العام سماه رسول الله َيه عام الحزن » وبهذا اللقب 
صار معروفاً في التاريج . 


الزواج بسودة رضي الله عنها: 

وفي شوال من هذه السنة - سنة ٠١‏ من النبوة - تزوج رسول الله عله سودة بنت زمعة » 
كانت ممن أسلم قدي » وهاجرت الهجرة الثانية إلى الحبشة » وكان زوجها السكران بن عمرو . 
وكان قد أسلم وهاجر معها. فمات بأرض الحبشة » أو بعد الرجوع إلى مكة . فلما حلت 
خطبها رسول الله عه وتزوجها , وكانت أول امرأة تزوجها بعد وفاة خديجة » وبعد عدة أعوام 
وهبت نوبتها لعائشة!" . 


» 1١١١/1١ صرح الشاه أكبر خان النجيب ابادي بأن هذه الوقعة كانت في هذه السنة انظر تاريخ إسلام‎ )١( 
. 087 2 86857]/١ وني صحيح البخاري‎ , 374 . 77+ . 577/١ والقصة بطوها مروية في ابن هشام‎ 
. 1١5/١ (؟) ابن هشام‎ 
. ٠١ص فة رحمة للعاملين » تلقيح فهوم أهل الأثر‎ 
-١١87- 


عوامل الصبر والثبات 


وهنا يقف الحليم حيران » ويتساءل عقلاء الرجال فوا بينهم : ما هي الأسيات والعوامل التي 
بلغت بالمسلمين إلى هذه الغاية القصوى ., والحد المعجز من الثبات ؟ كيف صبروا على هذه 
الاضطهادات التي تقشعر لسماعها الجلود » وترجف لا الأفقدة ؟ ونظراً إلى هذا الذي يتخالج 
القلوب » نرى أن نشير إلى بعض هذه العوامل والأسباب إشارة عابرة بسيطة : 

١ت‏ إن السبب الرئيسي في ذلك أولاً وبالذات هو الايمان بالله وحده ومعرفته ححق المعرفة » 
فالايمان الحازم إذا خالطت بشاشته القلوب يزن الجبال ولا يطيش » وإن صاحب هذا الايمان 
المحكم وهذا اليقين الجازم يرى متاعب الدنيا مهما كثرت وكبرت وتفاقمت واشتدت ‏ يراها في 
جنب إيمانه ‏ طحالب عائمة فوق سيل جارف جاء ليكسر السدود المنيعة والقلاع الحصينة , 
فلا يبالي بشيء من تلك المتاعب ؛ أمام ما يجده من حلاوة إيمانه وطراوة إذعانه وبشاشة يقينه 
« ناير فده جنا جٍوَإمَامَتعٌ لاس يد اديت 4 .)١72:38(‏ 

ويتفرع من هذا السبب الوحيد ا أخرى تقوي هذا الثبات والمصابرة وهي : 

١‏ - قيادة مهوي إليها الأففدة » فقد كان النبي َيه وهو القائد الأعلى للأمة الاسلامية 
بل وللبشرية جمعاء - يتمتع من جمال الخلق وكال النفس . ومكارم الأخلاق ؛ والشيم النبيلة 
والشمائل 0 ؛.بما تتجاذب إليه القلوب ؛ وتتفانى دونه النفوس ١»‏ وكانت أنصبته من الكمال 
الذي د يعشق لم يرزق بمثلها بشر » وكان على أعلى قمة من الشرف والنبل والخير والفضل » وكان 

من القة والأمانة والصدق , ل 00 لم يهار ولم يشك فيه أعداؤه فضلاً 
عن محبيه ورفقائه » لاا تصدر منه كلمة إلا ويستيقنون صدقها . 


اجنمع ثلاث فر من فيش » كان قد استمع كل واحد نهم إل قوذ رأ عن صاحيه م 
11ت 


انتكشف سرهم » فسأل أحدهم أبا جهل - وكان من أولئك الثلاثة ‏ ما رأيك فيا سمعت من 
محمد ؟ فال : ماذا سمعت ؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف » أطعموا فاطعمنا » وحملوا 
فحملنا » وأعطوا فأعطينا » حتى إذا تحاذينا على الركب » وكنا كفرسي رهان » قالوا : لنا نبي يأتيه 
الوحي من السماء » فمتى ندرك هذه ؟ واللهلا نؤمن به أبدا ولا نصدقه9" . 

وكان أبو جهل يقول : يا محمد إنا لا نتكذبك ولكن نكذب بما جكىت به » فانزل الله 
ممم 2 وَلكنَالظَامِينَ يعار بت الله محَحَدونَ 4 : 

وغمزه الكفار يومأ ثلاث مرات » فقال في الثالثة : يا معشر قريش » جكتكم بالذبج , 

هم تلك الكلمة » حتى إن أشدهم عداوة يرفؤه بأحسن ما يجد عنده . 

ولا ألقوا عليه سلا جزور وهو ساجد دعا عليهم » فذهب عنهم الضحك » وساورهم الهم 
والقلق » وأيقنوا أنبم هالكون . 

ودعا على عتيبة بن ألي لهب فلم يزل على يقين من لقاء ما دعا به عليه » حتى إنه حين رأى 
الأسد قال : قتلني والله - محمد - وهو بمكة . 

وكان أبي بن خلف يتوعده بالقتل قال كيين آنا أعللف :إن شاك الله قلعن طمن آنا فى 
عنقه يوم أحد - وكان خدشأً غير كبير - كان أي يقول : إنه قد كان قال لي بمكة : أنا أقتلك . 
فوالله لو بصق علي لقتلني!") - وسيأتي . 

وقال اسع بن خقاد ب وهو كه - لأمية بن خلف : لقد سمعت رسول الله هه يقول : 

جوت اي المسلمين - قاتلوك , ففزع فزعاً شديداً » وعهد أن لا يحرج عن مكة » وما أحأه أبو 
ميا ارو و وا ابوروي با بو 
يا أبا صفوان » وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ قال : لا والله ما أريد أن أجوز معهم إلا 
قرييا9) . 


. 5١/١ ابن هشام‎ )١( 

. ١7/1 رواه الترمذي في تفسير سورة الأنعام‎ )1١( 
. 81/٠١ ابن هشام‎ 

(14) انظر صحيح البخاري 057/7 . 


كك 


هكذا كان حال أعدائه مُه » أما أصحابه ورفقاؤه فقد حل منهم محل الروح والنفس » 
وشغل منهم مكان القلب والعين » فكان الحب الصادق يندفع إليه اندفاع الماء إلى الحدور , 
وكانت النفوس تنجذب إليه انجذاب الحديد إلى المغناطيس . 

وكان من أثر هذا الحب والتفاني أمهم كانوا ليرضون أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر أو 
يشاك شوكة . 


وطىء أبو بكر بن ألي قحافة يوما بمكة » وضرب ضرياً شديداً » دنا منه عتبة بن ربيعة » 
فجعل يضربه بنعلين مخصوفين » ويحرفهما لوجهه , ونزا على بطن أي بكر , حتى ما يعرف وجهه 
من أنفه » وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب , حتى أدخلوه منزله » ولا يشكون في موته » فتكلم 
آخر النهار فقال : ما فعل رسول الله عَيْلهِ . فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه ‏ ثم قاموا وقالوا لأمه أم 
الخير : انظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه » فلما خلت به ألحت عليه » وجعل يقول : ما فعل 
رسول الله عه ؟ فقالت : والله لا علم لي بصاحبك » فقال : اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب 
فأسأليها عنه » فخرجت حتى جاءت أم جميل » فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد 
الله » قالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله » وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى 
ابنك ذهبت » قالت : نعم فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً » فدنت أم جميل , 
وأعلنت بالصياح » وقالت : والله إن قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر » وإني لأرجو أن 
ينتقم الله لك منهم » قال : فما فعل رسول الله عَيهِ ؟ قالت : هذه أمك تسمع » قال : فلا 
شيء عليك منها » قالت : سالم صالح » فقال : أين هو ؟ قالت : في دار ابن الأرقم قال : فإن 
لله علّ أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو اتي رسول الله عَهيَه » فأمهلتا » حتى إذا هدأت 
الرجل » وسكن الناس » خرجتا به » يتكىء عليهما » حتى أدخلتاه على رسول الله و20 . 
وسننقل نوادر الحب والتفاني في مواقع شتى من هذه المقالة » ولا سيا ما وقع في يوم أحد » 
وما وقع من خبيب وأمثاله . 
© - الشعور بالمسكولية ‏ فكان الصحابة يشعرون شعوراً تامأ ما على كواهل البشر من 
المسكولية الفخمة الضخمة » وأن هذه المسئولية لا يمكن عنها الحياد والانحراف بحال » فالعواقب ‏ 
01 البداية والنباية ٠/7‏ . ظ 


د 211 


التي تترتب على ال لفرار عن تحملها أشد وخامة وأكبر ضرراً عما هم فيه من الاضطهاد .. وأن 
الخسارة التي تلحقهم - وتلحق البشرية جمعاء ‏ بعد هذا الفرار لا يقاس بحال على المتاعب التي 
كانوا يواجهونها نتيجة هذا التحمل . 

؛ - الإيمان بالآخرة ‏ وهو بما كان يقوي هذا الشعور - الشعور بالمسثولية ‏ فقد كانوا 
على يقسين جازم من أنهم يقومون لرب العالمين » يحاسبون بأعمالهم دقها وجلها . صغيرها 
وكبيرها , فإما إلى النعيم المقيم » وإما إلى عذاب 0 ؛ فكانوا يقضون احاتم 

0 

بين نوف والرجاء » يرجون رحمة رهم ويخافون عذابه » وكانوا 0 رن مانا وموس 
2 مإ م م رجعونَ 4 وكانوا يعرفون أن الدنيا بعذابها ونعيمها لا تساوي جناح بعوضة في 
خجت: الا ععرة » وكانت هذه المعرفة القوية تبون لهم متاعب الدنيا ومشاقها ومرارتها : حتى لم 
يكونوا يكترثون لها ويلقون إليها بالا . 

ه ‏ القران - وني هذه الفترات العصيبة الرهيبة الحالكة كانت تنزل السور والآآيات تقيم 
الحجج والبراهين على مبادىء الإسلام - التي كانت الدعوة تدور حوها ‏ بأساليب منيعة 
خلابة » وترشد المسلمين إلى أسس قدر الله أن يتكون عليها أعظم وأروع مجتمع بشري في العالم 
- وهو اجتمع الإسلامي - وتثير مشاعر المسلمين ونوازعهم على الصبر والتجلد , تضرب لذلك 
الأمثال , ؛ وتبين لهم ما فيه من الحكم : «أَمحي شرا نش أنند خأو كسد يكم لوي 
اين هنكم ممم لأسا والصي ولحي يول سول واد عام امة مق 
تصر الله انر رازب 4 ١4:57١؟)‏ الم ) جم أحس ب أ لتا سآن يرا أن تفولوا 
امَك وهلا لز يُفْصَحُونَ (3) وَلفَد سنا أل لهم تلن اذا ردك دنا لل 
0 اال اا 

كا كانت تلك الايات تردعل إترادات الكفار والعائدين بردا مفيعما وولا 2 تبقي لهم حيلة ؛ 
م تحذرهم مرة عن عواقب وخيمة ‏ إن أصروا على غمهم وعنادهم - في جلاء ووضوح . مستدلاً 
بأيام الله »؛ والشواهد التاريخية التي تدل على سنة الله ف أوليائه وأعدائه ؛ وتلطفهم مرة » وتؤدي 

حق التفهم والارشاد والتوجيه ؛ حتى ينصرفوا عما هم فيه من الضلال المبين . 

وكان القران يسير بالمسلمين في عالم آخير ؛ ويبصرهم من مشاهد الكون » وجمال الربوبية ) 
وكال الألوهية » واثار الرحمة والرأفة » وتجليات الرضوان ما يحنون ! اليه حنيناً لا يقوم أي عقبة . 


ك1 1ك 





وكانت في طي هذه الآيات خطابات للمسلمين » فيها يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان 
٠‏ وجنات م فيها نعيم مقيم » وتصور لهم صورة أعدائهم من الكفرة الطغاة الظالمين » يحاكمون , 
ويصادرون ث6 يسحبون في النار على وجوههم » ذوقوا مس سمر . 

5 - البشارات بالنجاح - ومع هذا كله كان المسلمون يعرفون منذ أول يوم لاقوا فيه الشدة 
والاضطهاد ‏ بل ومن قبله ‏ أن الدخول في الإسلام ليس معناه جر المصائب والحتوف . بل إن 
الدعوة الإسلامية يدف منذ أول يومها ‏ إلى القضاء على الجاهلية الجهلاء ونظامها الغاشم ‏ 
وأن سن أهدافها الأساسية بسط النفوذ على الأرض والسيطرة على الموقف السيامي في 0 “ 
لتقود الأمة الانسانية والجمعية البشرية إلى مرضاة الله . وتخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله . 

وكان القران ينزل بهذه البشارات - مرة بالتصريح وأخرى بالكناية ‏ ففي تلك الفترات 
القاصمة التي ضيقت الارض على المسلمين » وكادت تخنقهم » وتقضي على حياتهم كانت تنزل 
الآيات بما جرت بين الأنبياء السابقين وبين أقوامهم الذين قاموا بتكذييهم والكفر بهم » وكانت 
تشتمل هذه الآيات على ذكر الأحوال الني تطابق اما أحوال مسلمي مكة وكفارها » ثم تذكر 
هذه الآيات بما تمخضت عنه تلك الأحوال من إهلاك الكفرة والظالمين » وإيراث عباد الله 
الأرض والديار . فكانت في هذه القصص إشارات واضحة إلى فشل أهل مكة في المستقبل : 
ونجاح المسلمين مع نجاح الدعوة الإسلامية . 

وفي هذه الفترات نزلت ايات تصرح ببشارة غلبة الموّمنين قال تعالى : «8 وَلْفَرٌ سَبِقَتٌ 
كامئنا لعبَادِنا الْمَرسَلِينَ 7 المنشوئدة 9 وإ مدنا طخ الْعلِمُونَ 0 لجنا 

ور مودي روت 9 بَعَدَدَابسَتَعْجِلُونَ مساوم هآ صَبَا عادر 
)١07- ١١. "0‏ وقال 100 2 ون 4 (1ه : ه4) وقال ند 
مهناك مهرم يندرا 04 : )1١‏ ونزلت في الذين هاجروا إلى الحبشة : «وألدِين 
هابحص روا فأهِ من بعلِمَا اموأ لم ته في لديا 0 الدخر ا لحر َك وكاو 
يَعلَمُونَ )4١ : ١574‏ وسألوه عن 0 يوسف فأنزل الله في طيها : 8 لَقَدكَانَف يُوسفٌ 
وإخويهءاينت مُلسَايليتَ4 1 :7) أي فأهل مكة السائلون يلاقون ما لاق إخوانه من 
٠‏ الفشل , 0 وقال وهو يذكرالرسل كللذ حكدروا لي 
ظ َمُخْرِحَنَكُم ين أرض يسما نعو درك ف مِلَقًِا فَأوحح ا . ب ربج مكنا 9 


2177 








جا عسسب 





٠. 


ص ذلك لِمَنْحَافَمَقَاى و وَحَافَوعِير 5(6 017:1 )١4‏ 
وحينا كانت الحرب مشنعلة بين الفرس «الرومان » وكان الكفار يحبون غلبة الفرس بصفتهم 
مشركين » والمسلمون يحبون غلبة الرومان بصفتهم مؤمنين بالله والرسل والوحي والككتب واليوم 
الاأخروكانت لبا ا ل ا 
البشارة الواحدة » بل صرح ببشارة أخرى وهي نصر الله للمؤمنين حيث قال : ©[ وَبَوَمَيِذٍ 
يفرح المؤمموت وي () يتات 4 ١‏ 10 4ع ه). 

ول 1 للا دين بال حقر اتحارات ون ةاعرو اراق 
الموسم » وقام بين الناس في عكاظ وتجنة وذي امجاز » لتبليغ الرسالة » لم يكن يبشرهم بالجنة 
فحسب » بل يقول لهم بكل صراحة » يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا » وتملكوا بها 
العرب » وتدين لكم بها العجم , فإذا متم كنتم ملوكاً في الجنة(© . 

وقد أسلفنا ما أجاب به النبي عَُِهِ عتبة بن ربيعة حين أراد مساومته على رغائب الدنياء 
وما فهمه ورجاه عتبة من ظهور أمره عليه الصلاة والسلام . 

وكذلك ما أجاب به النبي عَيْكُهِ آخر وفد جاء إلى بي طالب » ؛ فقد صرح لهم أنه يطلب 
منهم كلمة واحدة يعطونها » تدين لهم العرب , ويملكون العجم . 

قال خباب بن الأرت : أتيت النبي َيه وهو متوسد برده » وهو في ظل الكعبة » وقد لقينا 
من المشركين شدة , فقلت : ألا تدعو الله » فقعد. وهو محمر وجهه , فقال : لقد كان من 
قبلكم لهشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه » وليتمن 
اله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله زاد بيان الراوي -- 
والذئب على غنمه ''' وفي رواية ولكنكم تستعجلون'" . 

ولم تكن هذه البشا رات مخفية مستورة » بل كانت فاشية مكشوفة » يعلمها | فرة » كا 
كان يعلمها المسلمون .» حتى كان الأسود , بن المطلب وجلساؤه إذا رأُوا أصحاب النبي لت 





. رواه الترمذي وقد مضى مراراً‎ )١( 
. ه47/١ (؟) صحيح البخاري‎ 
.ه١١/١ نفس المصدر‎ )0( 


15-2 


تغامزوا بهم » وقالوا : قد جاءك ملوك الأرض » سيغلبون على ملوك كسرى وقيصر » ثم يصفرون 
١ 0‏ 

وأمام هذه البشارات ا المجيد المستنير في الدنيا » مع ما فيه من الرجاء الصالح الكبير 
البالغ إلى النباية في الفوز بالجنة » كان الصحابة يرون أن الاضطهادات التي تتوالى علييم من كل 
جانب » والمصائب التي تحيط بهم من كل الأرجاء » ليست إلا : و سحابة صيف عن قليل 
تمشع ) . 

هذا ولم يزل الرسول عتم يغذي أرواحهم برغائب الإيمان » ويزكي نفوسهم بتعليم الحكمة 
والقران » ويربهم تربية دقيقة عميقة » يحدو بنفوسهم إلى منازل سمو الروح » ونقاء القلب , 
ونظافة الخلق » والتحرر من سلطان الماديات » والمقاومة للشبوات » والتزوع إلى رب الأرض 
والهاوات ؛ ويذكي جمرة قلوهم ؛ ويتخرجهم من الظلمات إلى النور » ويأخذهم بالصبر على 
الأذى والصفح الجميل وقهر النفس » فازدادوا را في الدين ١‏ وعزوفا عن الشبهوات » وتام 
في سبيل المرضاة » وحنيناً إلى الحنة ٠‏ وحرصاً على العلم » وفقهاً في الدين » ومحاسبة للنفس وقهرا 
للنزعات » وغلبة على العواطف , وتسيطراً على الثائرات والهائجات » وتقيدا بالصبر والهدوء 
والوقار . 





. فقه السيرة ص66‎ )١١( 


1172 


المرحلة الثالئة 
دعوة الإسلام خار ج مكة 


الرسول ‏ يَئةٍ - فى الطائنف 

في شوال'' سنة عشر من النبوة ( في أواخر مايو أو أوائل ل وك 
افني 2017 إل الاق نيوك كيد عبن ك3 لبو دين ميا :ماركا لاق لق لي 
وذهوبأ » ومعه مولاه زيد بن حارثة » وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الاسلام , 
فلم تجب إليه واحدة منها . فلما انتهى إلى الطائف عمد ثلائة إخوة من رؤساء ثقيف . وهم عبد 
باليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفي . ؛٠‏ فجلس إلييم ودعاهم إلى الله » وإلى نصرة 
الاسلام » فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة ( أي يمزقها ) . إن كان الله أرسلك » وقال 
الآخر : أما وجد الله أحدا غيرك . وقال الثالث ا ا 
أعظم خطرا من يوي لاسي لور ل ا 

عنهم رسول الله عَيُه » وقال لهم : إذ فعلم ما فعلم فاكتموا عني 

وأقام رسول الله عَيْكلُهِ بين أهل الطائف عشرة أيام » لا يدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه 
وكلمهء فقالوا اخرج من بلادناء وأغروا به سفهاءهم , فلما أراد الخروج تبعه سفهاقف 
وعبيدهم » يسبؤته ويصيحون به , حتى اجتمع عليه الناس . فوقفوا له سماطين ( أي صفين ) 
وجعلوا يرمونه بالحجارة وبكلمات من السفه , ورجموا عراقيبه » حتى اختضب نعلاه بالدماء . 
اوع و العف بوي د ب اكذلك حى 





. وهو الراجح عندي‎ » 13١7/١ صرح بذلك النجيب ابادي في تارعغ إسلام‎ )١( 


1580 


واطمآن » دعا بالدعاء د الذي ا ل 0 
على أنه لم يؤمن به أحد » قال : 


اللهم إليك أشكو ضعف قوتي » وقلة حيلتي , وهواني على الناس » يا أرحم ااحمين ٠‏ 
أنت رب المستضعفين » وأنت ربي » إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أم إلى عدو ملكته 
عا وا م و ا 
وي ا 01 أن تنزل بي غضبك » أو يحل على 
له ل ساس يو 
مد يذه إليه قائلاً : « باسم الله » » ثم أكل . 

فقال عداس : إن هذا الكلام ما يقوله أعل هذه البلاد » فقال له رسول الله ع : من 
البلاد أنت ؟ وما دينك ؟ قال : أنا نصراني » من أهل « نينوى ) د 
الرجل الصالح يونس بن متى . قال له : وما يدريك ما يونس بن متى ؟ قال رسول الله عَيكه : 
ذاك أخي » كان نبياً وأنا نبي » فأكب عداس على رأس رسول الله ع ويديه ورجليه يقبلها . 

فقال ابنا ربيعة أحدهما للاخر : أما غلامك فققد أفسده عليك «فلما جا عدا 41913 
ماح ال امسو 00 ا 
دينه .000 
هي او وي 
أهل مكة . 

وقد روى البخاري تفصيل القصة د بسنده - عن عروة بن الزيير » أن عائشة رصي الله 
عنها حدثته أمها قالت للنبي عَيَكده : هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد ؟ قال : 


- 1١7755 


قيت من قومك ما لقيت » وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ؛ إذ عرضت نفسي على ابن 
عبد ياليل بن عبد كلال ع ٠‏ فلم يجبني إلى ما أردت . فانطلقت - وأنا مهموم - على وجهي ) 
فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب - وهو المسمى بقرن المنازل - فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد 
أظلتني ؛ فنظرت فإذا فيها جبريل » فناداني , فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك » وما ردوا 
عليك . وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما ع شئت فيهم . فنادالي ملك الجبال . ؛ فسلم 
علي » ثم قال :يا متحمدء ذلك . فما شئت » إن شعت شكت أن أطبق عليهم الأخشبين - أي 
لفعلت » والأخشبان : هما جبلا مكةء أبو قبيس والذي يقابله وهو قعيقعان ‏ قال 
البي عَيفنه : بل أرجو أن يخر ج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك 
07 

وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول مله تتجى شخصيته الفذة » وما كان عليه من 
الخلق العظ.م الذي لا يدرك غوره . 

وأفاق رسول الله لام ٠‏ واطمآن قلبه ؛ لأجل هذا النصر الغيبي الذي أمده الله عليه من 
فوق سبع سماوات » ثم تقدم في طريق مكة حتى بلغ وادي تحلة » وأقام فيه أياماً . وفي وادي مخلة 
موضعان يصلحان للاقامة ‏ السيل الكبير والزيمة - لا هما من الماء والخصب . ولم نقف على 
مصدر يعين موضع إقامته عَيُهِ فيه . 

وخلال إقامته هناك بعث الله إليه نفرا ان الكن » 3كرقم لل ف ببوضيين بن القران + في 
سورة, الأحقاف : 9 وَإِدْصرفَآ ليك ترا مْنَاْلْحِنَ ب سَسمِعو الْفَرْءَانَ قَلَمَا حَصَوُوهُ فَالوَ 

ناطوأ فوم بريد ماسقأ مندئرت 
و عهدىا! الْحَقٌ وَإِلَ طرق مسق في ينفوْمتَا أبحيبوأدا الله ممأب -يَمْفِرٌ 
كم من نو بوركم مَنْعَذَا بير 4 (>؛ الا و 

وف سورة الجن : #فَلْأْوحَإكَأنَهأسسمَترْم َالو عا اما عب 0 
جيكتال اشر سمي وَلمرة تلا 4 ! إلى تام الآية الخامسة عشرة . 


لس سس م 





26)1١(‏ صحيح البخاري . كتاب بدء الخاق ١/مه»‏ ؛ مسلم . باب ما لقي النبي عَيلع من أذى المشركين والمنافقين 
5 . 


1ك 


ومن سياق هذه الآيات - وكذا من سياق الروايات التي وردت في تفسير هذا الحادث - 
ينبين أن النبي عق لم يعرف بحضور ذلك النفر من الحن » وإنما علم ذلك حين أطلعه الله عليه 
ببذه الآيات » وأن حضورهم هذا كان لأول مرة » ويقتضي سياق الروايات أنهم وفدوا بعد ذلك 
فزارا + 

وحقاً كان هذا الحادث نصراً آخر أمده الله من كنوز غيبه المكنون بجنوده التي لا يعلمها إلا 
هوء ثم إن الآيات التي نزلت بصدد الحادث كانت في طيها بشارات بنجاح دعوة النبي عله » 
وأن أي قوة من قوات الكون لا تستتطيع أن تحول بينها وبين نجاحها : « وَمَن لامجب دَاعِىَأللهِ 
بس بمج زفي لض وَلتمُون دُوند يولك فِصَكَمينٍ 4004 : 0١‏ «رأن 
دن أن ان تج رَأهَهفالأرْضٍ وَل نْسَجِرَمْهَرا © (7: )1١‏ . 

أمام هذه النصرة » وأمام هذه البشارات » أقشعت سحابة الكابة والحزن واليأس » التي 
كانت مطبقة عليه منذ أن خرج من الطائف 'مطرودا مدحوراً » حتى صمم على العود إلى مكة » 
وعلى القيام باستئناف خطته الاولى في عرض الاسلام وابلاعٌ رسالة الله الخالدة بنشاط جديد 
وجد وحماس . 

وحيتكذ قال له زيد بن حارئة : كيف تدخل عليهم وقد أخحرجوك ؟ يعني قريشاً » فقال : 
يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا » وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه . 

وسار رسول الله به حتى إذا دنا من مكة مكث بحراء ؛ وبعث رجلاً من خزاعة إلى 
الأخنس بن شريق ليجيره » فقال : أنا حليف » والحليف لا يجير . فبعث إلى سبيل بن عمرو ؛ 
فقال سهيل : إن بني عامر لا تجير على بني كعب » فبعث إلى المطعم بن عدي » فقال المطعم : 
نعم » ثم تسلح ودعا بنيه وقومه فقال : البسوا السلاح ؛ وكونوا عند أركان البيت » فإني قد 
أجرت محمداً , ثم بعث إلى رسول الله مُه : أن ادخل » فدخل رسول الله َيه ومعه زهد بن 
حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام » فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى يا معشر قريش »؛ 
إفي قد أجرت محمداً فلا بيبجه أحد منكم ء وانتبى رسول الله َيه إلى الركن فاستلمه » وصلى 
ركعتين » وانصرف إلى بيته » ومطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته . 


- 58 


وقيل : إن أبا جهل سال مطعماً : أمجير أنت أم متابع - مسلم -؟ قال : بل محير . قال : 


وقد حفظ رسول الله عه للمطعم هذا الصنيع » فقال في أسارى بدر : لو كان المطعم بن 
عدي حيا م كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له(" . 


21410 47/١ »ء وزاد المعاد‎ 457 2 45١ 17٠8 2 4١9/١ التقطنا تفصيل حادث الطائف من ابن هشام‎ )١( 
ء ورحمة للعالمين ١/١/ا, *لاء‎ ١5# 21١47 2١14١ص ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي‎ 
23154 0177/١ ”لاع 74 وتاريخ إسلام للنجيب ابادي‎ 

(؟) صحيح البخاري ؟/7/اه . 


د 


عرض الإسلام على القبائل والأفراد 


في ذي القعدة سنة عشر من النبوة - في أواخر يونيو أو أوائل يوليو سنة 4١م‏ - عاد 
رسول 00 عرض الاسلام على القبائل والأفراد » ولاقتراب ا موسم 
كان الناس يأتون إلى مكة رجالاً » وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق » لقضاء فريضة 
الحج » وليشهدوا منافع لهم » ويذكروا الله في أيام معلومات » فانتهز رسول الله عله هذه 
لقرعي ,ناه قل قسلة يفرط عليم الا جلدم نوعوطتم اليد ؛ 5 كان يدعوهم منذ 
السنة الرابعة من النبوة .. 


وحنيفة » وسليم » وعبس » وبنو نصر » وبنو البكاء » وكندة » وكلب » والحارث بن كعب » 
وعذرة » والحضارمة ؛ فلم يستجب منهم أحد(") 1 

وهذه القبائل التي سماها الزهري لم يكن عرض الاإسلام عليها في سنة واحدة , ولا في موسم 
واحد , بل إنما كان ما بين السنة الرابعة من النبوة إلى آخر موسم قبل الهجرة . ولا يمكن تسمية 
ا اونا واو رسيو واي 0 فوري أن 
ل 4 وهاك 000 0 
)١(‏ روى ذلك الترمذي » انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص45١2..‏ 

(؟) رحمة للعالمين 714/١‏ » وبه جزم النجيب ابادي » انظر تاريخ إسلام 178/1١‏ . 


ات 


: بنو كلب - أن النبى عه إلى بطن منهم » يقال لهم بنو عبد الله » فدعاهم إلى الله‎ - ١ 
وعرض عليهم نفسه » حتى إنه ليقول لهم : يا بني عبد الله » إن الله قد أحسن اسم أبيكم » فلم‎ 
. يقبلوا منه ما عرض عليهم‎ 

١‏ - بنو حنيفة - أتاهم في منازهم فدعاهم إلى الله ؛ وعرض عليهم نفسه » فلم يكن أخد 
من العرب اقبح عليه ردا منهم . 

* - وأنى إلى بني عامر بن صعصعة » فدعاهم إلى الله » وعرض عليهم نفسهء فقال 

بحيرة بن فراس ( رجل منهم ) : والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب » ثم 
قال : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك , ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من 
هدك ؟ قال + الأمن إل اهن يقهه كي رعاء فقا لد التيدفه حورا للعربيدوبك م قاذ 
أظهزك :الك كان الاق لفيرنا + لا بعانجة لها بام لقابو عليه 
ولا رجعت بنو عامر تحدثوا إلى شيخ لهم لم يواف الموسم » لكبر سنه » وقالوا له : جاءنا فتى 

من قريش من بني عبد المطلب » يزعم أنه نبي » يدعونا إلى أن تمنعه » ونقوم معه » وتخرج به إلى 
بلادنا » فوضع الشيخ يديه على رأسه . ثم قال : يابني عامر هل لها من تلاف ؟ لذناباها''! من 
مطلب ؟ والذي نفس فلان بيده ما تقوها إسماعيلي قط وإنها لحق » فاين رأيكم كان عنكوا" ؟ 


المؤمنون من غير أهل مكة: 

وكا عرض رسول الله عه الإسلام على القبائل والوفود » عرض على الأفراد والأشخاص . 
وحصل من بعضهم على ردود صالحة » وامن به عدة رجال بعد هذا الموسم بقليل . وهناك لوحة 
منهم : 

١‏ - سويد بن صامت - كان شاعرا لبيبا من سكان يغرب . يسميه قومه الكامل » الجلده 
وشعره وشرفه ونسبه » جاء مكة حاجا أو معتمراً . فدعاه رسول الله عله إلى الإسلام » فقال : 
لفل الذي معلك ,مدل الذى. معن فقال الف رسول :اك عق ع ريا الذي مطاف قال تسكن 
لقمان . قال : اعرضها عل . فعرضها , فقال له رسول الله ييه : إن هذا الكلام حسن , والذي 
11 أل يصريه نا قات و رامل فى ذلى الظائز إذا أفلك مد تال قطليج الأخد يذناباةة: 
(؟) ابن هشام 1514/١‏ ., 155 . 


١ 32‏ رات 


القران » ودعاه إلى الاسلام » فأسلم » وقال : إن هذا لقول حسن . فلما قدم المدينة لم يلبث أن 
قتل يوم بعاث( .. وكان إسلامه في أوائل سنة ١١‏ من النبوة2"© . 

١‏ - إياس بن معاذ ‏ كان غلاما حدثاً من سكان يغرب » قدم في وفد من الأوس » جاءوا 
يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج » وذلك قبيل حرب بعاث في أوائل سنة ١١‏ 
من النبوة » إذ كانت نيران العداوة متقدة في يثرب بين القبيلتين ‏ وكان الاوس أقل عددا من 

5 ا صالله _. 5 5 : 
الخررج - فلما علم رسول الله عه بمقدمهم جاءهم فجلس إليهم » وقال لهم : هل لكم في خير 
مما جثتم له ؟ فقالوا : وما ذاك ؟ قال : أنا رسول الله » بعثني إلى العباد » أدعوهم أن يعبدوا الله 
ولا يشركوا به شيئا » وأنزل عل الكتاب , ثم ذكر لهم الاسلام » وتلا عليهم القران » فقال 
إياس بن معاذ : أي قوم » هذا والله خير مما جمتم له » فأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع ‏ رجل 
كان في الوفد ‏ حفنة من تراب البطحاء فرمى بها وجه إياس » وقال : دعنا عنك » فلعمري لقد 
جئنا لغير هذا » فصمت إياس وقام رسول الله عله » وانصرفوا إلى المدينة من غير أن ينجحوا في 

وبعد رجوعهم إلى يغرب لم يلبث إياس أن هلك » وكان هلل ويكبر ويحمد » ويسبح عند 
موته » فلا يشكون أنه مات مسلما" . 

7« أبو ذر الغفاري - وكان من سكان نواحي يغرب » ولما بلغ إلى يغرب خبر مبعث 
النبي هيه سويد بن صامت وإياس بن معاذ وقع في أذن أي ذر أيضاً . وصار سببا 
لاسلامةه9) ,2 
قد خوج مكة وص أ ني قات لأخي اطق إل ذا الل واه وي را 
)١(‏ نفس المصدر 1576154755٠ 476/١‏ ء رحمة للعالمين 74/١‏ . 

2( تاريخ إسلام للنجيب ابادي 369 . 

(؟) ابن هشام ٠ 477/١‏ 458 »ء وتاريخ إسلام للنجيب آبادي ١75/١‏ . 

(4) نفس المصدر الأخير 178/١‏ . ْ 
ظ 17 


عن الشر » فقلت له : لم تشفني من الخبر » فأخذت جرابا وعصا ء ثم أقبلت إلى مكة » فجعلت 
لا أعرفه » وأكره أن أسال عنه » وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد . قال : فمر بي عل . 
فقال : كأن الرجل غريب ؟ قال : قلت : نعم . فقال : فانطلق إلى المتزل » فانطلقت معه » 
قلت لا . قال : فانطلق معي » قال : فقال : ما أمرك ؟ وما أقدمك هذه البلدة ؟ قال : قلت 
له.: إن كتمت علي أخبرتك , قال : فإني أفعل » قال : قلت له : بلغنا أنه قد خرج ههنا رجل 
يزعم أنه نبي الله فأرسلت أخي يكلمه » فرجع ولم يشفني من الخبر , فأردت أن ألقاه . 

وباو رنيج اعد وباو عفاي ا 
بوي دي وي د ا 117 
مكاني » فقال لي : يا أبا ذر » اكتم هذا الأمر , وارجع إلى بلدك » فإذا بلغك ظهورنا فأقبل . 
فقلت : والذي بعئك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم » فجكت إلى المسجد وقريش فيه 
فقلت : يا معشر قريش . إني أشبد أن لا إله إلا الله » وأشبد أن محمدا عبده ورسوله » فقالوا : 
قوموا إلى هذا الصابىء . فقامواء فضربت لأموت , فأدركني العباس » فأكب علي » ثم اقبل 
م امجع و عل عار وين 
ا ا 1005 2 

لوي ع ير ا ال ات ا ا 
لقبيلته إمارة أو شبه إمارة في بعض نواحي الهِن » قدم مكة في عام ١١‏ من النبوة » فاستقبله أهلها 
قبل وصوله إليها » وبذلوا له أجل تحية وأكرم التقدير » وقالوا له : يا طفيل , إنك قدمت بلادنا ؛ 
وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بناء وقد فرق جماعتنا » وشتت أمرنا » وإنما قوله 
كالسحر » يفرق بين الرجل وأبيه » وبين الرجل وأخيه » وبين الرجل وزوجه » وإنا نحشى عليك 


)غ2 صحيح البخاري باب قصة زمزم ٠ 2 15/١‏ وياب إسلام أبي ذر ١/4همء‏ م6 . 
11ت 


يقول طفيل : فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيا ولا أكلمه » حتى حشوت 
أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا ؛ فرقا من أن يبلغني شيء من قوله » قال فغدوت إلى 
المسجد » فإذا هو قائم يصلي عند الكعبة » فقمت قريب منه » فأبى الله إلا أن يسمعني بعض 
قوله » فسمعت كلاماً حسنا » فقلت في نفسي : واثكل أمي , والله إني رجل لبيب شاعر ‏ 
ما يخفى علي الحسن من القبيح » فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول ؟ فإن كان حسنا 
قبلته » وإن كان قبيحا تركته » فمكثت عق العرن ل يض تاجح وى [دالدخل ينه 
اكه عه فرطيت عليه قعنة لضي 2 خورف الل ابا وفنا لذن بالكرسف » ثم 
ماع بعض كلامه » وقلت له : اعرض علي أمرك » فعرض علي الإسلام ؛ وتلا علي القران » فوالله 
ما سمعت قولاً قط أحسن منه » ولا أمرأ أعدل منه » فأسلمت وشبدت شهادة الحق » وقلت له : 
إني مطاع في قومي » ورا- جع إليهم » وداعيهم إلى الاسلام » فادع الله أن يجعل لي اية » فدعا . 

وكانت ايته أنه لما دنا من قومه جعل الله نور في وجهه مثل المصباح . فقال : اللهم في غير 
وجهي » أخشى ان يقولوا : هذه مثلة » فتحول النور إلى سوطه » فدعا أباه وزوجته إلى الاسلام 
فأسلماء وأبطاً عليه قومه في الإسلام لكن لم يزل بهم حتى هاجر بعد الخندق27 ومعه سبعون أو 
انون بيتأ من قومه , وقد أب في الاسلام بلاء حسناً » وقتل شهيدا يوم الهامة(" . 

ه ‏ ضهاد الأزدي - كان من أزد شنوءة من الهِن » وكان يرق من هذا الرغع » قدم مكة 
فسمع سفهاءها يقولون : إن محمد محنون » فقال : لو أني أتيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على 
يدي » فلقيه » فقال : يا محمد , إفي أرق من هذا الرع » فهل لك ؟ فقال رسول الله عيْلّه : إن 
الحمد الله نمحمده ونستعينه » من يهده الله فلا مضل له » ومن يضلله فلا هادي له » وأشبهد أن 
لا إله إلا اللله وحده لا شريك له ء وأشبد أن محمدا عبده ورسوله » أما بعد . 

فقال : أعد علّ كلماتك هؤلاء » فأعادهن عليه رسول الله عَينهِ ثلاث مرات » فقال : 
لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء » فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء » ولقد 
بلغن قاموس البحر » هات يدك أبايعك على الإسلام » فبايعه”" . 


. 588/١ بل وبعد الحديبية » فقد قدم المدينة ورسول الله ع يخيبر . انظر ابن هشام‎ )١( 

)١9‏ ابن هشام ١/5لم‏ 2 27585 25844 ه78 ., رحمة للعالمين ٠» 81١/١‏ 1مء مختصر سيرة الرسول للديخ 
عبد الله النجدي ص 4 ١‏ » تاريخ إسلام للنجيب ابادي ١١7/١‏ . 

2( رواة مسلم . ؛ مشكاة المصابيح . باب علامة النبوة 6ه . 


2312 


ست نسمات طيبة من أهل يثرب: 

وفيٍ مومسم احج من سنة ١‏ من النبوة ‏ يوليو سنة هم وجدت الدعوة الاسلامية 
لفحات الظلم والطغيان طيلة أعوام . 

وكان من حكمته َيِل - إزاء ما كان يلقى من أهل مكة من التكذيب والصد عن سبيل 
المكثر كي 

خرج كذلك ليلة ومعه أبو بكر وعلي » فمر على منازل ذهل وشيبان بن ثعلبة وكلمهم في 
الاسلام . وقد دارت بين أبي بكر وبين رجل من ذهل أسكلة وردود طريفة » وأجاب بنو شيبان 
بأرجى الأجوبة » غير أنهم توقفوا في قبول الإسلام'" . 

ثم هر رسول الله عه بعقبة منى » فسمع أصوات رجال يتكلمون" » فعمدهم حتى 
لحقهم » وكانوا ستة نفر من شباب يثرب » كلهم من الخزرج . وهم : 


) أسعد بن زرارة ( من بني النجار‎ )١( 
) (؟) عوف بن الحارث بن رفاعة , ابن عفراء ( من بي النجار‎ 
) رافع بن مالك بن العجلان ( من بي زريق‎ )'"( 
) قطبة بن عامر بن حديدة ( من بني سلمة‎ )4( 
) عقبة بن عامر بن نابي ( من بي حرام بن كعب‎ )8( 
) جابر بن عبد الله بن رئاب ( من بني عبيد بن عَم‎ )5( 


وكان من سعادة أهل يثرب أنهم كانوا بغرن خلقائيه هو يبود المدية إن وا هن 
الانبياء مبعوث في هذا الزمان » سيخرج فنتبعه » ونقتلكم معه قتل عاد وإرم!' . 


. ١١9/١ تاريخ إسلام للنجيب ابادي‎ )١( 

(؟) انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص .1١617200١6١ 61١6٠0‏ 
(0) رحمة للعالمين 84/١‏ . 

(5) زاد المعاد 7/.ه ء وابن هشام ١ 459/١‏ ١4ه‏ . 


10ت 


فلما الحقهم رسول الله عَيُْكُ قال لهم : من أنتم » قالوا : نفر من الخزرج . قال : من موالي 
الييود ؟ أي حلفائهم » قالوا : نعم . قال : أفلا تحلسون أكلمكم ؟ قالوا : بلى . فجلسوا معه , 
فشرح لهم حقيقة الاسلام ودعوته ؛ ودعاهم إلى الله عز وجل » وتلا عليهم القران . فقال بعضهم 
لبعض : تعلمون والله يا قوم , إنه للنبي الذي توعد؟ به يهود » فلا تسبقنكم إليه » فأسرعوا إلى 
إجابة دعوته وأسلموا . 

وكانوا من عقلاء يغرب » أنبكتهم الحرب الأهلية التي مضت من قريب » والتي لا يزال للييها 
مستعرأ » فأملوا أن تكون دعوته سبباً لوضع الحرب » فقالوا : إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينم من 
العداوة والشير ما بينبم » فعسبى أن يجمعهم الله بك » فسنقدم عليهم » فندعوهم إلى أمرك , 
ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين , فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك . 

ولا رجع هؤلاء إلى المدينة حملوا إليها رسالة الإسلام » حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا 
وفيها ذكر رسول الله عَيكه0" . 


استطراد تزويج رسول الله يَكلةٍ ‏ بعائشة: 
وفي شوال من هذه السنة ‏ سنة ١١‏ من النبوة ‏ تزوج رسول الله َي عائشة الصديقة 
رضي الله عنها » وهي بنت ست سنين وبنى بها بالمدينة في شوال في السنة الأولى من الهجرة وهي 


ولاه #6 21 
عسي عدخ مان . 


.2".02214534 2 1458/١ نفس المصدر‎ )١( 
صحيح البخاري 1/اهمة.‎ ٠ ٠١ م تلقيح فهوم أهل الأثر ص‎ 
11ت‎ 


الاسرا اع والمعرا اج 


وبينا النبي عَيّه في هذه المرحلة التي كانت دعوته تشق فيها طريقاً بين النجاح 
والمعراج . 

واختلف في تعيين زمنه على أقوال شتى : 

عي اص سوبي نويات عي 

اوج ب ووو اه 

4 - وقيل : قبل ال هجرة بستة عشر شهرأ » أي في رمضان سنة ١7‏ من النبوة . 

ه - وقيل : قبل الهجرة بسنة وشهرين » أي في امحرم سنة ١1‏ من النبوة . 

. من النبوة‎ ١ وقيل : قبل الهجرة بسنة » أي في ربيع الأول سنة‎ - ١ 

وردت الأقوال الثلاثة الأول بأن خديجة رضي الله عنها توفيت في رمضان سنة عشر من 
النبوة » وكانت وفاتها قبل أن تفرض الصلوات الخمس , ولا حلاف أن فرض الصلوات 
الخمس كانت ليلة الاسراء() . أما الأقوال الثلاثة الباقية فلم أجد ما أرجح بةروانخدا ميا غير 
أن سياق سورة الاسراء يدل على أن الاسراء متآخر ا 
)١(‏ انظر هذه الأقوال زاد المعاد 41/٠‏ . مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص48 ١49 » ١‏ » رحمة 

للعالمين 77/١‏ وتاريخ إسلام للنجيب ابادي ١١4/١‏ . 


11د 


وروى أمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة . وفها يلي نسردها بإيجاز : 

قال ابن القيم : أسري برسول الله َه » بجسده على الصحيح » من المسجد الحرام إلى 
بيت المقدس » رأكبا على البراق » صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام » فنزل هناك » وصلى 
بالأنبياء إماماً » وربط البراق بحلقة باب المسجد . 

تم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا » فاستفتح له جبريل » ففتح له » 
فرأى هنالك ادم أبا البشر » فسلم عليه » فرحب به ورد عليه السلام » وأقر بنبوته » وأراه الله 
أرواح الشهداء عن هينه » وأرواح الأشقياء عن يساره . 

تم عرج به إلى السماء الثانية » فاستفتح له » فرأى فيها يحى بن زكريا وعيسى بن مريم » 
فلقيهما وسلم عليهما , فردا عليه » ورحبا به » وأقرا بنبوته . 

ثم عرج به إلى السماء الثالثة » فرأى فيها يوسف » فسلم عليه » فرد عليه ورحب به » وأقر 
بنبوته . 

تم عرج به إلى السماء الرابعة » فرأى فيها إدريس » فسلم عليه » ورحب به وأقر بنبوته . 

ثم عرج به إلى السماء الخامسة » فرأى فيها هارون بن عمران » فسلم عليه » ورحب به » وأقر 
بنبوته . 

نم عرج به إلى السماء السادسة فلقي فيها موسى بن عمران » فسلم عليه ورحب به » وأ 
بنبوته . 

فلما جاوزه بكى مومى », فقيل له : ما ييكيك ؟ فقال أبكي لأ غلامبعث من بمدي 
يدخل الجنة من أمته أكثر جما يدخلها من أمتي . 

م عرج به إلى السماء السابعة » فلقي فيها إبراههم عليه السلام » فسلم عليه » ورحب به » 
وأقر بنبوته . 

تم رفع إلى سدرة المنتهى » ثم- رفع له البيت المعمور . 

ثم عرج به إلى الحبار جل جلاله » فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى » فأوحى إلى 
عبده ما أوحى » وفرض عليه خمسين صلاة » فرجع حتى مر على موسى ٠‏ فقال له : بم أمرك ؟ 


داه 


قال بحمسين صلاة : قال : إن أمتك لا تطيق ذلك » ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ‏ 
فالتفت إلى جبريل » كأنه يستشيره في ذلك » فأشار : أن نعم . إن شكت » فعلا به جبريل حتى 
ألى به الجبار تبارك وتعالى » وهو في مكانه - هذا لفظ البخاري في بعض الطرق - فوضع عنه 
عشرأء ثم أنزل حتى مر بموسى » فأخبره , فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ‏ فلم يزل 
يتردد بين موسى وبين الله عز وجل » حتى جعلها خمساء فأمره موسى بالرجوع وسؤّال 
التخفيف » فقال : قد استحيبت من ربي » ولكني أرضى وأسلم . فلما بعد نادى مناد : قد 
امضيت فريضتي وخففت عن عبادي - انتهى7" . 

ثم ذكر ابن القيم خلافاً في رؤيته عَيُْه ربه تبارك وتعالى » ثم ذكر كلاماً لابن تيمية بهذا 
الصدد , وحاصل البحث أن الرؤية بالعين لم تثبت أصلاً وهو قول لم يقله أحد من الصحابة . 
وما نقل عن ابن عباس من رؤيته مطلقاً ورؤيته بالفؤاد فالأول لا ينافي الثاني . 

ثم قال : وأما قوله تعالبى في سورة النجم ف8 مُرَدَنا يد © (07 : 8) فهو غير الدنو الذي 
في قصة الاسراء » فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل , وتدليه » ا قالت عائشة وابن 
مسعود » والسياق يدل عليه » وأما الدنو والتتدلي في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب 
تبارك وتعالى وتدليه » ولا تعرض في سورة النجم لذلك ؛ بل فيه أنه رأه نزلة أخرى عند سدرة 
لمنتبى . وهذا هو جبريل , راه محمد مَل على صورته مرتين : مرة في الأرض » ومرة عند سدرة 
المنتبى » واللّه أعلم!" انتهى . 

وقد وقع حادث شق صدره 2 هذه المرة اضيا ؛ وقد رأى ضمن هذه الرحلة عورا 
عديدة : 

عرض عليه اللبن والخمر » فاختار اللبن » فقيل : هديت الفطرة أو أصبت الفطرة » أما 
إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك . 

ورأى أربعة أمبار في الجنة : نبران ظاهران » ونهران باطنان » والظاهران هما : النيل والفرات » 


. زاد المعاد 57/9 م4‎ )1١( 
142هء‎ 14416 411٠ 47.4. 405٠ 488 , 5١0/١ »ء وانظر صحيح البخاري‎ ٠ 47/9 (؟) زادالمعاد‎ 
. .هه 5 »: وصحيح مسلم اللقع'؟ق "كل نلق هعثل 5ت‎ . 45 


” 


ومعنى ذلك أن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة في النيل والفرات , وسيكون أهلها حملة الإسلام 
جيلاً بعد جيل » وليس معناه أن مياه النهرين تنبع من الجنة . 
ورأى مالك خازن النار » وهو لا يضحك ., وليس على وجهه بشر وبشاشة » وكذلك رأى 
الجنة والنار . ظ 

ورأى أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل , يقذفون في أفواههم قطعاً من نار 
كالأفهار » فتخرج من أدبارهم . 

ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة » لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم » ويمر بهم ال 
'فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم . 

ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه الحم غث منتن » يأكلون من الغث المنتن » 
ويتركون الطيب السمين . 

ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم , راهن معلقات بثديين . 

ورأى عيراً من أهل مكة في الإياب والذهاب » وقد دهم على بعير ندّ هم » وشرب ماءهم 
من إناء مغطى وهم ناتمون , ثم ترك الاناء مغطى . وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه في 
صباح ليلة الأسراء”"" . 

قال ابن القيم : فلما أصبح رسول الله َيِه في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من أياته 
الكبرى » فاشتد تكذيبهم له وأذاهم وضراوثُهم عليه » وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس , 
فجلاه الله له » حتى عاينه » فطفق يخبرهم عن اياته » ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئا » 
وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه » وأخبرهم عن وقت قدومها ؛ وأخخبرهم عن البعير الذي 
يقدمها وكان الأمر م قال » فلم يزدهم ذلك إلا نفورا , وألى الظالمون إلا كفورا"؟ . 

يقال سمي أبو بكر رضي الله عنه صديقاً ؛ لتصديقه هذه الواقعة حين كبها الناس29 . 
(1) المصادر السابقة وابن هشام 791//١‏ 2 401 0 14086140401403 4056. 
(؟) زاد المعاد 48/١‏ » وانظر أيضا صحيح البخاري 584/7 . وصحيح مسلم 45/١‏ » وابن هشام 1037/١‏ » 

. 5٠/7 
. 589/١ نفس المصدر الأخير‎ 4) 

1١40 


وأوجز وأعظم ما وردٍ نعلين عله الضلة عو قزل شان :1 ردم ور كينا 44( لاا 
لوقه بستطة اش فى لنياف فال ال ركد للقت رم رهِيرَبلَو تلوت وَالْضٍ 
وَليَكونَ مِنَالْمُوقِيِينَ ين 4 (5 : © >7 ) وقال لموسى : # النريك م نلا كبرق © م :”3 ) 
وقد بين مقصود هذه الارادة بقوله : #وَلِيَكُونَ مِنَلْمُوقِفِينَ4 فبعد استناد علوم الأنبياء إلى رؤية 
الآيات يحصل لهم من عين اليقين ما لا يقادر قدره » وليس الخبر كالمعاينة » فيتحملون في سبيل 
لله ما لا يتحمل غيرهم » وتصير جميع قوات الدنيا عندهم كجناح بعوضة لا يعباون بها إذا 
ما تدول عليهم با محن والعذاب . 

والحكم والأسرار التي تكمن وراء جزئيات هذه الرحلة إنما حل بحنها كتب أسرار الشريعة » 
ولكن هنا حقائق بسيطة تتفجر من ينابيع هذه ا المباركة وتندفق إلى حدائق أزهار السيرة 
النبوية - على صاحبها الصلاة والسلام والتحية - أرى أن أسجل بعضاً منها بالإيجاز : 

يرى القارىء في سورة الاسراء أن الله ذكر قصة الإسراء في اية واحدة فقط ء ثم أخذ في 
ذكر فضائح اليهود وجرا مهم ا نميهم بهذا القران هدي للبي هي أقوم » فرما يظن القارىء 
أن الآيتين ليس بينهما ارتباط , والأمر ليس كذلك » فإن الله عاك رشتين عدا الامناويت إلى أن 
الاسراء إتما وقع لفت القند ؛ لأن اليبود سيعزلون عن منصب قيادة الأمة الانسانية ؛ لا 
ارتكبوا من الجحراكم التي لم يي معها مجال لبقائهم على هذا المنصب . وأن الله سينقل هذا المنصب 
فعلاً إلى رسوله َيه » ويجمع له مركزي الدعوة الإبراهيمية كليهما » فقد أن أوان انتقال القيادة 
الروحية من أمة إلى أمة » من أمة ملأت تاريخها بالغدر والخيانة والإثم والعدوان . إلى أمة تتدفق 
بالبر والخيرات » ولا يزال رسوها يتمتع بوحي القران الذي بدي للتي هي أقوم . 

ولكن كيف تنتقل هذه القيادة » والرسول يطوف في جبال مكة مطرودا بين الناس » هذا 
السؤال يكشف الغطاء عن حقيقة أخرى , وهي أن ذوراً من :هذه الدعوة الاسلامية قد أوشك 
إلى النهاية واقام » وسيبدأ دور آخر يختلف عن الأول في مجراه » ولذلك نرى بعض الآيات 
تشعمل عل إنذاز ‏ شافرووعيك عندزدبالنسية إلى المشركين (وإِدآرة ]أن يك فيه أمرن ميا 
مضا مَحَيَعَل ْول َدَمَرْهَا دمر 4 ١‏ :15 ) #إوكم أهلكنا من الْفَرونِ 
مِنّ بعد نه و 1 ريك ذُوْبٍ عِبَادوء حيرا بَصِيرًا 4 ( ١١7 : ١7‏ ) وبجنب هذه الايات 
آيات أخرى تبين لامسلمين قواعد الحضارة وبنودها ومبادثها التي يبتنى عليها مجتمعهم 


-1١21 


لإسلامي ٠‏ كأمهم قد أووا إلى الأرض ٠‏ تملكوا فيها أمورهم من جميع النواحي » وكونوا وحدة 
مياسكة تدور علا رحى الجدمع ‏ قفي إشار إل أن لرسول مه سيجد ملجا وما يستق في 
أمره » ويصير مركزا لبث دعوته في أرجاء الدنيا.. هذا سر من أسرار هذه الرحلة المباركة » يتصل 
ببحثنا » فاثرنا ذكره . 

ولأجل هذه الحكمة وأمثالها نرى أن الإسراء إنما وقع إما قبيل بيعة العقبة الأول أو بين 
العقبتين » والله أعلم : 


12 15ت 


بيعة العقبة الأولى 


قد ذكرنا أن ستة نفر من أهل يثرب أسلموا في مومم الحج سنة ١١‏ من النبوة » وواعدوا 
رسول لله عله إبلاغ رسالته في قومهم . 

وكان من جراء ذلك أن جاء في الموسم التالليى ‏ موسم الحج سنة ١7‏ من النبوة يوليو سنة 
١م‏ - اثنا عشر رجلاً » فيهم خمسة من الستة الذين كانوا قد اتصلوا برسول الله عَْيُهِ في العام 
السابق - والسادس الذي لم يحضر هو جابر بن عبد الله بن رئاب - وسبعة سواهم . وهم : 


)١(‏ معاذ بن الحارث » ابن عفراء من بني النجار ( من المحزرج) 
١؟)‏ ذكوان بن عبد القيس من بني زريق ( من المحزرج) 
() عبادة بن الصامت من بي غنم ( من المحزرج ) 
(4) يزيد بن ثعلبة من حلفاء بي عنم من المحزرج ) 
(5) العباس بن عبادة بن نضلة من بني سال ( من الحزرج) 
(5) أبو الهيم بن التيهان من بني عبد الأشبل ( من الأوس ) 
0 عرعم إن معدم من بني عمرو بن عوف ( من الأوس ) 


الأخيران من الأوس » والبقية كلهم من الخزر ج90" . 

اتصل هؤلاء برسول الله عَِثهِ عند العقبة بمنى » فبايعوه بيعة النساء » أي وفق بيعتهن التي 

روى البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول الله ته قال : تعالوا » بايعوني على أن 
لا تشركوا بالله شيعا » ولا تسرقواء ولا تزنواء ولا تقتلوا أولادم » ولا تأتوا بيبتان تفترونه بين 
1 رحمة للعالمين ١/هم‏ وابن هشام 471/١‏ , 487 ع 4518 . 


1١82132 


أيديكم وأرجلكم » ولا تعصوني في معروف » فمن وفى منكم فأجره على الله » ومن ع أصاب من 
ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة » ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله » فأمره إلى 
الله ؛ إن شاء عاقبه » وإن شاء عفا عنه . قال : فبايعته - وفي نسخة فبايعناه ‏ على ذلك( . 


با ا ل 
ليعلم المسلمين فيها شرائع الاسلام ؛ويفقههم في الدين » وليقوم بنشر الاسلام بين الذين لم يزالوا ظ 
على الشيرك » واختار هذه السفارة شاباً من شباب الاسلام من السابقين الأولين » وهو 
مصعب بن عمير العبدري رضي الله عنه . 


النجاح المغتبط:. 


نزل مصعب بن عمير على أسعد بن زرارة » وأخذا يبشان الاسلام في أهل يغرب بجد 
وحماس . وكان مصعب يعرف بالمقرىء . ظ 

ومن أروع ما يروى من نجاحه في الدعوة أن أسعد بن زرارة خرج به يومأ يريد دار بني عبد 
لأشبل ودار بني ظفر » فدلا في حائط من حوائط بني ظفر » وجلسا على , يان ار 
مرق » واجتمع إليبما رجال من المسلمين - وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما من 
بني عبد الأشبل يومكذ على الشرك - فلما سمعا بذلك قال سعد لأسيد : اذهب إلى هذين اللذين 
قد أتيا ليسفها ضعفاءنا ارو رابهبا عن نباي وروا : لولدم بن زرارة ا عاني/ 
ولولا ذلك لكفيتك هذا . 

تعد أجية حرفة وأقرل لويدا:» فلماراء انهل كال لسعب :هذا مسي اقرط انها ب 
فاصدق الله فيه » قال مصعب : إن يجلس أكلمه . وجاء أسيد فوقف عليهما متشيا » وقال : 
ما جاء بكما إلينا ؟ تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة » فقال له 
مصعب : أو تجلس فتسمع » فإن رضيت أمرأً قبلته » وإن كرهته كف عنك ما تكره » فقال : 





)11( صحيح البخاري » باب علامة الإيمان حب الأنصار »/١‏ باب وفود الأنصار ١/أذههء ١‏ واللفظ من 
هذا الباب » وباب قوله تعالى : 8 إذا جاءك المؤمنات # 7717/١‏ , باب الحدود كفارة ٠١١/7‏ 


١8285 - 


أنصفت » ثم ركز حربته وجلس , فكلمه مصعب بالاسلام , وتلا عليه القران . قال : فوالله 
لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم , في إشراقه وتهلله » ثم قال : ما أحسن هذا وأجمله ؟ 
كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين ؟ 

قالا له : تغتسل » وتطهر ثوبك , ثم تشهد شهادة الحق » ثم تصلي ركعتين . فقام واغتسل » 
وطهر ثوبه » وتشهد وصلى ركعتين » ثم قال : إن وراني رجلا إن تبعكما لم يتخلف عنه أحد من 
قرقة 6 اوسا رشتو اليكنا الآن سا سع ين جاح ثم اخ رع والقير تل سعد ل قرفة + 
وهم جلوس في ناديهم » فقال سعد : أحلف بالله لقد جاءم بغير الوجه الذي ذهب به من 
عند م . 

فلما وقف أسيد على النادي قال له سعد : ما فعلت ؟ فقال : كلمت الرجلين فوالله 
عا رابك عينابانا رقن ديكا تالا عر ها احبمم: 

وقد حدئت أن بي حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه - وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن 
خالتك - ليخفروك . فقام سعد مغضبا للذي ذكر له , فأخذ حربته » وخرج إليهما » فلما راهما 
مطمئنين عرف أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما , فوقف عليهما متشي » ثم قال لأسعد بن 
زرارة : والله يا أبا أمامة لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني » تغشانا في دارنا بما 
نكره ؟ 

وقد كان أسعد قال لمصعب : جاءك والله سيد من ورائه قومه , إن يتبعك لم يتخلف عنك 
منبم أحد » فقال مصعب لسعد بن معاذ : أو تقعد فتسمع ؟ فإن رضيت أمرأ قبلته , إن 
كرهته عزلنا عنك ما تكره » قال : قد أنصفت » ثم ركز حربته فجلس » فعرض عليه الاسلام : 
وقرأ عليه القران » قال : فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم » في إشراقه وتهلله . ثم قال : 
كيف تصنعون إذا أسلمتم ؟ قالا : تغتسل . وتطهر ثوبك » ثم تشهد شهادة الحق » ثم تصلي 
ركعتين . ففعل ذلك . 


ثم أخذ حربته » فاقبل إلى نادي قومه ‏ فلما رأوه قالوا : نحلف بالله لقد رجع بغير الوجه 
الذي ذهب به . 


فلما وقف عليهم قال : يا بني عبد الأشهل » كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا : سيدنا 
هت 12-06 


وأفضلنا رأياً » وأهننا نقيية » قال : فإن كلام رجالكم ونسائكم ع حرام حتى تؤمنوا بال 
ورراه . فما أمبى فيهم رجل ولا امرأة إلا مسلماً ومسلمة إلا رجل واحد - وهو الأصيرم - 
تأخر إسلامه إلى يوم أحد , فأسلم ذلك اليوم وقاتل وقتل » ولم يسجد لله سجدة » فقال 
النبي عَتُهُ : « عمل قليلاً وأجر كثيراً » . 

. وأقام مصعب في بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام » حتى لم تبق دار من دور 
الأنصا ر إلا وفيها رجال ونساء مسلمون » إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخخطمة ووائل » 
الوا رو يي ا م 
الخندق سنة خمس من الهجرة . 

وقبل حلول مومم الحج التاللي ‏ أي حج السنة الثالثة عشرة- عاد مصعب بن عمير عمير إلى 
مكة . يحمل إلى رسول الله عله بشائر الفوز » ويقص عليه خبر قبائل يغرب . وما فيها من 
مواهب الخير » وما لها من قوة ومنعة(" . 


)22 ابن هشام ليق 3 1 2/٠»‏ غ238 ٠»‏ و7/.و ؛ وزاد المعاد ؟9/5ه . 


-1١55- 


بيعة العقبة الثانية 


في مومم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة - يونيو سنة 77م - حضر لأداء مناسك 
الحج بضع وسبعون نفسا من المسلمين من أهل يثرب , جاءوا ضمن حجاج قومهم من 
المشركين » وقد تساءل هؤلاء المسلمون فيا بينهم - وهم لم يزالوا في يغرب أو كانوا في الطريق - 
حتى متى نترك رسول الله عه يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف ؟ 

فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي عَيكُه اتصالات سرية » أدت إلى اتفاق الفريقين على 
أن يتجمعوا في أوسط أيام التشريق في الشعب الذي عند العقبة حيث الجمرة الأولى من منى , 
وأن يتم هذا الاجتّاع في سرية تامة في ظلام الليل . 

ولنترك أحد قادة الأنصار يصف ننا هذا الاجتاع التاريي . الذي حول بحرى الأيام في 
صراع الوثنية والإسلام » يقول كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه : 


خرجنا إلى الحج » وواعدنا رسول الله عه بالعقبة من أوسط أيام التشريق » وكانت 
الليلة التي واعدنا رسول الله عَهيتهِ لها » ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام » سيد من ساداتنا 
وشريف من أشرافنا » أخذناه معنا وكنا نكمم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا ‏ فكلمناه » 
وقلنا له : يا أبا جابر » إنك سيد من ساداتنا » وشريف من أشرافنا » وإنا نزغب بك عما أنت فيه 
أن تكون حطبا للنار غداً » ثم دعوناه إلى الاسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله مه إيانا العقبة , 
قال : فأسلم وشهد معنا العقبة » وكان نقيباً » . 

» قال كعب : ١‏ فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا » حتى إذا مضبى ثلث الليل نخرجنا 
من رحالنا لميعاد رسول الله عله . نتسلل تسلل القطا مستخفين . حتى اجتمعنا في الشعب عند 


١8:1 


العقبة » ونحن ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان من نسائنا ؛ نسيبة بنت كعب - أم عمارة - من بني 
مازن بن النجار . وأسماء بنت عمرو - أم منيع ‏ من بني سلمة » . 

فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله عه حتى جاءنا » ومعه ( عمه ) العباس بن 
عبد المطلب - وهو يومئذ على دين قومه ‏ إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه » وتوثق له » 


وكان أول متكلم9" .. 


بداية المحادثة وتشريح العباس لخنطورة المسئولية: 

وعد أن تكامل امجلس بدأت المحادئات لابرام التحالف الديني والعسكري » وكان أول 
وسوياي ادي ب عورا ياوا تكلم ليشرج هم - يكل 

( يا معشر الخزرج - - وكان العرب يسمون الأنصار خزرجاً » خزرجها وأوسها كليهما - إن 
محمد منا حيث قد علمتم . وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه » فهو في عز من 
قومه » ومنعة في بلده » وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم » فإن كنتم ترون أنكم وافون ‏ 
له بما دعوتوه إليه . ومانعوه ممن خالفهء فأنتم وما تحملتم من ذلك » وإن كتم ترون أنكم 
مسلموه ه ونخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الان فدعوه 2 فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده ©. 
قال كعب : فقلنا له : قد سمعنا ما قلت » فتكلم يا رسول الله » فخذ لنفسك ولربك 


ما أحيت (") 5 


وهذا الجواب يدل على ما كانوا عليه من عزم وتصمم وشجاعة وإيمان وإخلاص في تحمل 
هذه المسؤولية العظيمة » وتحمل عواقبها الخطيرة . 
:والقن رسؤل الل 32 يعن ذللك بياتهء م خخ البيعة , 


.441١ 6 4540/١ ابن هشام‎ )1١( 
. 42572 545١/١ (؟) نفس المصدر‎ 


-١8- 


بعود البيعة: 


وقد روى ذلك الامام أحمد عن جابر مفصلا . قال جابر : قلنا : يا رسول الله على 
ما نبايعك ؟ قال : 


. على السمع والطاعة في النشاط والكسل‎ )١( 

. وعلى النفقة في العسر واليسر‎ )١( 

(1) وعلى الأمر بالمعروف والنبي عن المنكر . 

(54) وعلى أن تقوموا في الله , لا تأخذ؟ في الله لومة لاثم . 

(5) وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم » وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم 
وأبناء م » ولكم الجنة"" . 

وني رواية كعب - التي رواها ابن إسحاق - البند الأخير فقط من .هذه البنود » ففيه 9 قال 
كعب . فتكلم رسول الله مَل ؛ خلا لقرآن » ودعا إلى الله ء ورقب في الإسلام : ثم قال + 
أبايعكم على أن تنعوني مما تمنعون منه نساءك وأبناءم . فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : 
نعم , والذي بعثلك بالحق ( نبياً ) لفنعنك مما تمنع أَرُرَّناا'! منه » فبايعنا يا رسول الله » فنحن والله 
أبناء الحرب وأهل الحلقة » ورثناها كابرا ( عن كابر ) . 

قال : فاعترض القول - والبراء يكلم رسول الله عله -. أبو اليثم بن التيبان » فقال : 
يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالاً » وإنا قاطعوها -- يعني المبود - فهل عسيت إن نحن 
فعلنا ذلك » ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ 

قال : فتبسم رسول الله عََلَهِ . ثم قال : بل الدم الدم , والهدم الحدم » أنا منكم وأنتم مني » 
أحارب من حاربتم » وأسالم من سالام" . 


)3( روأه الامام أحمد بإسناد حسن » وصححه الحاكم وابن حبان » انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله 
النجدي صه 5 ١‏ . وروى ابن إسحاق ما يشبه هذا عن عبادة بن الصامت » وفيه بند زائد » وهو وأن 
لا ننازع الآمر أهله » انظر ابن هشام 4514/١‏ . 

(؟) العرب تكني عن المرأة بالإزار وتكني أيضاً بالازار عن النفس . 

(9) ابن هشام 457/١‏ . 


2152 


التأكيد من خطورة البيعة: 


وبعد أن تمت امحادثة حول شروط البيعة » وأجمعوا على الشروع في عقدها قام رجلان من 
الرعيل الأول ممن أسلموا في مواسم سنتي ١7 » ١١‏ من النبوة » قام أحندهما تلو الآخر ء ليؤٌكدا 
للقوم خطورة المسؤولية ‏ حتى لا يبايعوه إلا على جلية من الامرء وليعرفا مدى استعداد الوم 
3-6 للتضحية ويتأكدا من ذلك . ظ 
تبايعون هذا الرجل ؟ قالوا : نعم » قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس ‏ 
فإن كنتم ترون أنكم إذا مبكت أموالكم مصيبة » وأشرافكم قتلاً أسلمتموه » فمن الآن » فهو 
والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة » وإن كتتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على مبكة 
الأموال وقتل الأشراف فخذوه , فهو والله خير الدنيا والآخرة . 

قالوا : فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف , فمالنا بذلك يا رسول الله إن نحن 
وفينا بذلك ؟ قال : اللحنة . قالوا ابسط يدك » فبسط يده فبايعوه2'0 . ظ 

وفي رواية جابر ( قال ) : فقَمَنا تسايغة + فاخل بيده أسعد بن زرارة - وهو أصغر 
السبعين - فقال رويد يا أهل يغرب » إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه 
رسول الله » وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة » وقتل خياركم , وأن تعضكم السيوف » فإما 
نتم تصبرون على ذلك فخذوه » وأجرك على الله » وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه . 
فهو أعذرلكم عند الله"2 . 
عقد البيعة: ظ 

وبعد إقرار بنود البيعة » وبعد هذا التأكيد والتأكد بدأ عقد البيعة بالمصافحة » قال جابر 
- بعد أن حكى قول أسعد بن زرارة ‏ : فقالوا يا أسعد » أمط عنا يدك » فوالله لا نذر هذه 
البيعة » ولا نستقيله(" . 
)١(‏ نفس المصدر 445/١‏ . 
(؟) رواه الامام أحمد من حديث جابر . 
(5) نفس لمصدر . 


د *60١اد2‏ 


وحينئذ عرف أسعد مدى استعداد القوم للتضحية في هذا السبيل , وتأكد منه - وكان هو 
فكان هو السابق إلى هذه البيعة . قال ابن إسحاق : فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن 
زرارة كان أول من ضرب على يده" . 

وبعد ذلك بدأت البيعة العامة » قال جابر : فمّمنا إليه رجلاً رجلاً فأخذ علينا البيعتع 
يعطينا بذلك الجحنة9) , 

وأما بيعة المرأتين اللتين شهدتا الوقعة فكانت قولاً . ما صافح رسول الله َيه امرأة أجنبية 
قط" . 


وبعد أن تمت البيعة طلب رسول الله عَيْيُه انتتخاب اثني عشر زعواً يكونون نقباء على 
قومهم دا ل ا : أخرجوا إليّ منكم اثني 
عشر نقيباً ؛ ليكونوا على قومكم بما فييم 


فتم انتخابهم في الحال . وكانوا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس . وهاك أسماؤهم : 


نقباء الخزرج: 
)١(‏ أسعد بن زرارة بن.عدس . 
(1لسقة إن اراقع إن عفرو 
(*) عبد الله بن رواحة بن ثعلبة . 
غ0( رافع بن مالك بن العجلان . 





)001 قال ابن إسحاق : وبنو عبد الأشهل يقولون : بل أبو الهيثم بن التيبان » وقال كعب بن مالك : بل البراء بن 
معرور ( ابن هشام 447/١‏ ) قلت : لعلهم حسبوا ما دار بينهما وبين الرسول مَك بيعة » وإلا فأحرى الناس 
بالتقديم إذ ذاك هو أسعد بن زرارة . والله أعلم : 

(؟) مسند الإمام أحمد . 

[فرة انظر صحيح مسلم باب كيفية بيعة النساء ١71/١‏ . 


61ت 


(5) البراء بن معرور بن صخر . 
(5) عبد الله بن عمرو بن حرام . 
(/) عبادة بن الصامت بن قيس . 
(8) سعد بن عبادة بن دلم . 
(9) المنذر بن عمرو بن خنيس . 


نقباء الأوس: 

. أسيد بن حضير بن ماك‎ )١( 
. سعد بن خيثمة بن الحارث‎ )7١( 
. رفاعة بن عبد المنذر بن زبير(2‎ )"( 
. ولا تم اتتخاب هوّلاء النقباء أذ عليهم النبي َيه ميثاقاً آخر بصفتهم رؤساء مسؤولين‎ 
أنتم على قومكم بما فييم كفلاء ككفالة ا حواريين لعيسى بن مريم » وأنا كفيل‎ ١ : قال لهم‎ 
على قومي - يعني المسلمين - » قالوا : نعم‎ 

شيطان يكتشف المعاهدة: 

2 ولماتم إبرام الماهدة. وكان القوم على وشلك الانفضاض .ء اكتشفها أحد الشياطين » 
وحيث جاء هذا الاكتشاف في اللحظة الأخيرة » ولم يكن يمكن إبلاغ زعماء قريش هذا الخبر 
سراً ليباغتوا ا جتمعين وهم في الشعب ؛ قام ذلك الشيطان على مرتفع من الأرض » وصاح بأنفذ 
صوت ممع قط : 9 يا أهل الأخاشب - المنازل ‏ هل لكم في محمد والصباة معه ؟ قد اجتمعوا 
على حربكم » . ظ 

فقال رسول الله عَكَهِ و هذا أزب العقبة » أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك » . ثم أمرهم أن. 
ينفضوا إلى رحالهه”" . ظ ظ 


(01) زبير بالباء الموحدة » وقيل بدل رفاعة » أبو الهيثم ين التيهان » ابن هشام ٠ 457/١‏ 444 4456 . 
(؟) زاد المعاد 1/7ه . 
1١67‏ 


استعداد الأنصار لضرب قريش: 
وعند “ماع صوت هذا الشيطان قال العباس بن عبادة بن نضلة : 5 والذي بعثك باحق . 
إن شئت نفيلن على أهل منى غدا بأسيافنا » . فقال رسول الله عَُهِ : لم نؤمر بذلك » ولكن 


ارجعوا إلى رحالكم » فرجعوا وناموا حتى أصبحوال'! . 


فريش تقدم الاحتجاج إلى رؤساء يثرب: 

وما قرع هذا الخبر اذان قريش وقعت فيبم ضجة أثارت القلاقل والأحزان , لأمهم كانوا على 
معرفة تامة من عواقب مثل هذه البيعة ونتائجها بالنسبة إلى أنفسهم وأمواهم , فما إن أصبحوا 
حتى توجه وفد كبير من زعماء مكة وأكابر مجرميها إلى مخيم أهل يثرب , ليقدم احتجاجه الشديد 
على هذه المعاهدة . فقد قال : 

ويا معشر الخزرج » إنه قد بلغنا أنكم قد - نيمرين ب 
الا ا ا ا د نسب تنشب الحرب 
بيننا ويينهم منكم ١)‏ . 

وا كان مشركو الخزرج لا يعرفون شيئا عن هذه البيعة ؛ لأنها تمت في سرية تامة » وفي 
ظلام الليل , انبعث هؤلاء المشركون يحلفون بالله : ما كان من شيء » وما علمناه » حتى أتوا 
عبد الله بن أني بن سلول » 0 للا لا 0 

1ك( 
إثبات . 


.ومال زعماء فريش إلى تصديق المشركين ؛ فرجعوا خائبين . 


. 4448/١ ابن هشام‎ )١( 
. 448/١ نفس المصدر‎ 09 


١6د‎ 


تأكد الخبر لدى قريش ومطاردة المبايعين: 
عاد زعماء مكة وهم على شبه اليقين من كذب هذا الخبر » لكنهم لم يزالوا يتنطسونه 

يكثرون البحث عنه ويدققون النظر فيه حتى تأكد لديهم أن الخبر صحيح » والبيعة قد تَت 
فعلاً . وذلك بعد ما نفر الحجيج إلى أوطائهم » فسارع فرسانهم بمطاردة اليثربيين » ولكن بعد 
فوات الأوان . إلا أنهم تمكنوا من رؤية سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو » فطاردوهما ء فأما المنذر 
فأعجز القوم » وأما سعد فالقوا القبض عليه » فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله » وجعلوا يضربونه 
ويجرونه ويجرون شعره حتى أدخلوه مكة » فجاء المطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية 
فخلصاه من أيديهم . إذ كان سعد يجير لمما قوافلهما المارة بالمدينة » وتشاورت الانصار حين 
فقدوه أن يكروا إليه » فإذا هو قد طلع عليهم » فوصل القوم جميعاً إلى المدينة"© . 

هذه هي بيعة العقبة الثانية - التي تعرف ببيعة العقبة الكبرى - وقد تمت في جو تعلوه 
عواطف الحب والولاء والتناصر بين أشتات المؤمنين » والثقة والشجاعة والاستبسال في هذا 
السبيل » فمؤمن من أهل يغرب يحنو على أخيه المستضعف في مكة » ويتعصب له » ويغضب 
من ظالمه » وتجيش في حناياه مشاعر الود لهذا الأخ الذي أحبه بالغيب في ذات الله . 

ولم تكن هذه المشاعر والعواطف نتيجة نزعة عابرة تزول على مر الأيام » بل كان مصدرها 
هو الإبمان بالله وبرسوله وبكتابه » إيمان لا يزول أمام أي قوة من قوات الظلم والعدوان ٠‏ إيمان إذا 
هبت ريحه جاءت بالعجائب في العقيدة والعمل » وبهذا الايمان استطاع المسلمون أن يسجلوا 
على أوراق الدهر أعمالاً » ويتركوا عليها اثارأ » خلا عن نظائرها الغابر والحاضر » وسوف يخلو 
المستقبل . 


)0 زاد المعاد 1/1 ٠)‏ 65 ؛ ابن هشام ١م‏ 6أ555 .562٠١)2‏ 


١685 


طلائع الهجرة 


وبعد أن تمت بيعة العقبة الثانية » ونجح الإسلام في تأسيس وطن له وسط صحراء توج 
بالكفر والجهالة - وهو أخطر كسب حصل عليه الاسلام منذ بداية دعوته - أذن 
رسول الله عي للمسلمين بالهجرة إلى هذا الوطن . 

ولم يكن معنى الهجرة إلا إهدار المصالح . والتضحية بالأموال , والنجاة بالشخص 
فحسب ء مع الإشعار بأنه مستباح منبوب . قد يبلك في أوائل الطريق أو نهايتها » وبأنه يسير 
نحو مستقبل مبهم , لا يدري ما يتمخض عنه من قلاقل وأحزان . 

وبدأ الممسلمون يهاجرون , وهم يعرفون كل ذلك » وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين 
خروجهم . لما كانوا يحسون من الخطر . وهاك تماذج من ذلك : 

)١(‏ كان من أول المهاجرين أبو سلمة - هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة على ما قاله ابن 
إسحاق - وزوجته وابنه » فلما أجمع على الخروج قال له أصباره : هذه نفسك غلبتنا عليا, 
أرأيت صاحبتنا هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ فأخذوا منه زوجته » وغضب آل ألى 
سلمة لرجلهم , فقالوا : لا نترك ابننأ معها إذ نزعتموها من صاحبنا » وتحاذبوا الغلام بينهم 
فخلعوا يده , وذهبوا به . وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة » وكانت أم سلمة بعد ذهاب 
زوجها » وضياع ابنها تخرج كل غداة بالأبطح تبكي حتى تسبي , ومضى على ذلك نحو سنة ع 
فرق لها أحد ذوتها وقال : ألا تحرجون هذه المسكينة ؟ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها فقالوا لا : 
الحقي بزوجك إن شكت » فاسترجعت ابنها من عصبته » وخرجت تريد المدينة ‏ رحلة تبلغ 
خمسماثة كيلو مترأً - وليس معها أحد من خلق الله ؛ حتى إذا كانت بالتنعيم ليها عثهان ين 
طلحة بن ألي طلحة ؛ وبعد أن عرف جالها شيعها حتى أقدمها إلى المدينة » فلما نظر إلى قباء 


1١06 


قال : زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله » ثم انصرف راجعاً إلى مكة”" . 

(5) وما أراد صبيب الهجرة قال له كفار قريش : أتيتنا صعلوكاً حقيراً » فكثر مالك عندنا » 
وبلغت الذي بلغت » ثم تريد أن وال ا 
أرأيتم إن جعلت لكم مالي , أتخلون سبيلي ؟ قالوا : حون ا نان اتاد 
ذلك رسول الله َيه فقال : رخ صبيب »2 ربح صبيب2") 

(؟) وتواعد عمر بن المخطاب » وعياش بن أني ربيعة » وهشام بن العناص بن وائل موضعا 
يصبحولد عنده » ثم يباجرون إلى المدينة » فاجتمع عمر وعياش وحبس عنهما هشام . 

ولما قدما المدينة ونزلا بقباء قدم أبو جهل وأخوه الحارث إلى عياش - وأم الثلاثة واحدة ‏ 
:فقالا له : إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط ء ولا تستظل بشمس حب تراك » فرق لها . 
-0-0 مااي لوو موا اا وا م 
ومسوي اوو ا و لاماي لوا 
4 ابوه ميس ودر تيا ا ا 
0 كه ذل : بلى فأناخ وأا ليتحول عليها را بالأرض عدوا عليه فأوتقاء 
ويطاد» #جعلاي ما بارأ عزنا را : يا أهل مكة . كاذنا فافعلوا بسقهائكم كا فعلنا 
سحا هد 

هذه ثلاثة تماذج لما كان المشركون يفعلونه بمن يريد الهجرة إذا علموا ذلك . ولكن مع كل 





() ابن هشام 454/١‏ 49.0459 . 
(7) . نفس المصدر 491//١‏ . 
0( يقي هشام وعياش في قيد الكفار حتى إذا هاجر رسول الله ع قال يوا : من لي بعياش وهشام ؟ فقال. 
الوليد بن الوليد : أنا لك يا رسول الله بهما . فقدم الوليد مكة مستخفياً . ولقي امرأة تحمل إليهما طعاماً فتبعها ظ 
حتى عرف موضعهما . وكانا محبوسين في بيت لا سقف له ء فلما أمسى تسور الجدار . وقطع قيديهما وحملهما 
على بعيره حتى قدم المدينة انظر ابن هشام 41/4/١‏ . 41/8 . 175 » وكان قدوم عمر المدينة في عشرين من 
الصحابة ( صحيح البخاري ١]4هه‏ ). 


١65 - 


ذلك خرج الناس أرسالا يتبع بعضهم بعض . وبعد شهرين وبضعة أيام من بيعة العقبة الكبرى لم 
ل 5 ّ 1 0 ابل 5 ٠‏ ع ّ 5 

المشركون كرها . وقد أعد رسول الله عَُكُ جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج , وأعد أبو بكر 
جهازه!'! . 

روى البخاري عن عائشة قالت : قال رسول الله عَيَْه للمسلمين إني أريت داز هجرف 
بارض الحبشة إلى المدينة » وتجهز أبو بكر قبل المدينة » فقال له رسول الله عه على رسلك » 
فإني أرجو أن يؤذن لي » فقال له أبو بكر : وهل ترجو ذلك بأني أنت ؟ قال : نعم فحبس أبو 
بك انسح عل .رسيون الله 16 الصيعيية ,علش راحلتين كانتا عنده ورق السمر - وهو 
القبط اح أربعة أشير 197 , 





, زاد المعاد ؟/زاه‎ ١ )١( 
5 هم”/١ صحيح البخاري . باب هجرة البي عَيْلهُ وأصحابه‎ (2 
"5 20 


قَّ دار الندوة «برلمان فريش» 


ولا رأى المشركون أصحاب رسول الله ع قد تجهزوا وخرجوا » وحملوا وساقوا الذراري 
والأطفال والأموال إلى الأوس والخزرج » وقعت فيهم ضجة أثارت القلاقل والأحزان » وأخذ 
سوسا لم يسبق له مثيل » فقد تحسد أمامهم الخطر الحقي قيقى العظم » الذي يبدد 
نهم الوثني والاقتصادي » فقد كانوا يعلمون ما في شخصية محمد مقر حم غاية قوة 
9 مع كال القيادة والارشاد » وما في أصحابه من العزيمة والاستقامة والفداء في سبيله » ثم 
ما في قبائل الأوس والخزرج من قوة ومنعة » وما في عقلاء هاتين القبيلتين من عواطف السلم 
والصلاح » والتداعي إلى نبذ الأحقاد فا بينهما » بعد أن ذاقوا مرارة الحروب الأهلية طيلة أعوام 
من الدهر . 
يا كانوا. يعرفون ما للمدينة من الموقع الاستراتيجي بالنسبة إلى المحجة 85 التي تر 
بساحل البحر الأْمر من الهِن إلى الشام: وقد كان أهل مكة يتاجرون إلى الشام بقدر ربع مليون 
دينار ذهب فينوياً » سوى ما كان لأهل الطائف وغيرها . ومعلوم أن مدار هذه التجارة كان عللى 
استقرار الأمن في تلك الطريق . 
فلا يخفى ما كان لقريش من الخطر البالغ في تمركز الدعوة الإسلامية في يثرب » ويجابهة 
00 ظ 
شعر المشركون بتفاقم الخطر الذي كان يبدد كيائهم » فصاروا يبحثوند عن عه الوسائل 
لدفع هذا الخطر ء الذي مبعثه الوحيد هو حامل لواء دعوة الاسلام محمد عَيَكنه . 


وفي يوم الخميس 5١‏ من شهر صفر سنة 5 ١‏ من النبوة » الموافق ١١‏ من شهر سبتمبر سنة 


١0/8 


65 أي بعد شهرين ونصف تقريبا من بيعة العقبة الكبرى - عقد برلمان مكة ( دار 
الندوة ) في أوائل النبار”" أخطر اجتّاع له في تاريخه » وتوافد إلى هذا الاجتّا ع جميع نواب القبائل 
القرشية » ليتدارسوا خخطة حاسمة تكفل القضاء سريعاً على حامل لواء الدعوة الإسلامية » وتقطع 
تيار نورها عن الوجود نهائيا 

وكانت الوجوه البارزة في هذا الاجتاع الخطير من نواب قبائل قريش : 

. ابو جهل بن هشام » عن قبيلة بني محزوم‎ )١( 

(؟) جبير بن مطعم » وطعيمة بن عدي » والحارث بن عامر » عن بني نوفل بن عبد 
مناف . 

(1) شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب . عن بني عبد مس بن عبد مناف . 

() النضر بن الحارث ( وهو الذي كان ألقى على رسول الله عَتهِ سلا جزور ) عن بني 
عبد الدار . 

(5) أبو البختري بن هشام » وزمعة بن الاسود . وحكم بن حزام عن بني أسد بن عبد 
العرى . 

(1) نبيه ومنبه أبنا الحجاج ؛ عن بني سهم . 

() أمية بن خلف . عن بني جمح . 

ا تر 0 ا د ل تلن 
مي 6 . قال يي 
معهم . 


)01 أخذنا هذا التاريم بعد مراجعة جعة التحقيقات التي سجلها العلامة محمد سلهان المنصور فوري في رحمة للعالمين 
امون ل 5/ل:. 
5 يدل على انعقاد الاجتماع في أوائل النهار ما رواه ابن إسحاق أن جبريل أخبر النبي ميته بمؤامرة: هذا الاجتاع 
وأذن في المهجرة . ثم ما رواه البخاري من حديث عائشة أن النبي َيه جاء أبا بكر في نحر الظهيزة وقال له : 
« قد أذن في الخروج » وسيأتي . 
5105 


النقاش البرماني والإجماع على قرار غاشم بقتل النبي ‏ كَل -: 

وبعد أن تكامل الاجتاع بدأ عرض الاقتراحات والحلول » ودار النقاش طويلاً . قال 
أبو الأسود : نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا » ولا نبالي أين ذهب » ولا حيث وقع » فقد 
أصلحنا أمرنا وألفتنا ما كانت . 

قال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي » ألم تروا حسن حديثه » وحلاوة منطقه , 
وغلبته على قلوب الرجال بما يني به ؟ والله لو فعلم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب , ثم 
يسير بهم إليكم - بعد أن يتابعوه ‏ حتى يطأك بهم في بلادك » ثم يفعل بكم ما أراد » دبروا فيه 
رأيا غير هذا . 

قال أبو البختري : احبسوه في الحديد » وأغلقوا عليه بابأ» ثم تربصوا به ما أصاب أمثاله 

من الشعراء الذين كانوا قبله ‏ زهيراً والنابغة ‏ ومن مضى منهم من هذا الموت » حتى يصيبه 
ما أصابهم . 

قال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي » والله لئن حبستموه - ؟! تقولون ‏ 
ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى. أصحابه » فلأوشكوا أن يثبوا عليكم » فينزعوه 
من أيديكم » ثم يكائروم به » حتى يغلبوم على أمركم . ما هلبا لكم برأي » فانظروا في غيره . 

وبعد أن رفض البلمان هذين الاقتراحين قدم إليه اقتراح انم وافق عليه جميع أعضائه » تقدم 
به كبير مجرمي مكة أبو جهل بن هشام . قال أبو جهل : والله إن لي فيه رأيً ما أراكم وقعتم عليه 
بعد قالوا : وما هو يا أبا الحكم ؟ قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً 
وسيطاً فيناء ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً , ثم يعمدوا إليه » فيضربوه بها ضربة رجل 
واحد ٠‏ فيقتلوه » فنستريح منه , فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا . فلم يقدر 
بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا » فرضوا منا بالعقل » فعقلناه لهم . 

قال الشيخ النجدي : القول ما قال الرجل » هذا الرأي الذي لا أرى غيره . ووافق برلمان 
مكة على هذا الاقتراح الآثم بالاجماع , ورجع النواب إلى بيوتهم » وقد صمموا على تنفيذ هذا 
القرار فورا9؟  .‏ 
)١(‏ انظر ابن هشام 541١ 548١/١‏ 143875. 


1ت 


هجرة النبس - ويد 


ولا تم اتخاذ القرار الغاشم بقتل النبي َيه نزل إليه جبريل بوحي ربه تبارك وتعالى » فأخبره 
بمؤامرة قريش » وأن الله قد أذن له في الخروج » وحدد له وقت الهجرة قائلاً : لا تبت هذه الليلة 
عل قراشك الذي كنت تيت عليه" : 

وذهب النبي عه في الحاجرة إلى ألي بكر رضي الله عنه ؛ لييرم معه مراحل الهجرة » قالت 
ا ا و 0 0 
يي ل 

قالت : فجاء رسول الله عَم فاستأذن , فأذن له » فدخل ء فقال النبي عَيُ لأبي بكر : 
«أخرج من عندك » . فقال أبو بكر : إغما هم أهلك » بأبي أنت يا رسول الله . قال : « فإني قد 
أذن لي في الخروج » » فقال أبو بكر : الصحبة بلي أنت يا رسول الله ؟ قال رسول الله َيه 
(نعم)0). 

وبعد إبرام خخطة الهجرة رجع رسول الله عي إلى بيته ٠‏ ينتظر محيء الليل . 


تطويق منزل الرسول - يه -: 


أما أكابر بجرمي قريش فقضوا مهارهم ني الإعداد لتنفيذ الخطة المرسومة التي أبرمها برلمان مكة 
١‏ دار الندوة ) صباحاً , واختير لذلك أحد عشر رئيساً من هؤلاء الأكابر » وهم : 


. 57/١ ء زاد المعاد‎ 48/١ ابن هشام‎ )١( 
.هم"/١ هم صحيح البخاري » باب هجرة النبي عََقُه وأصحابه‎ 
211 


. أبو جهل بن هشام‎ )١( 

(؟) عقبة بن أي معيط . 

(5) النضر بن الحارث . 

(1) طعيمة بن عدي . 

(8) أبو لهب 

. نبيه بن الحجاج‎ )٠١( 

: ع( أخوه منبه بن الحجاج”)‎ ١١ 
, عليه"‎ 

وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية » حتى وقف أبو جهل وقفة الزهو 
والخيلاء » وقال مخاطباً لأصحابه المطوقين في سخرية واستهزاء : إن محمد يزعم أنكم إن تابعتموه 
على أمره كنتم ملوك العرب والعجم » ثم بعثتم من بعد موتكم » فجعلت لكم جنان كجنان 
الآردن » وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبج , ثم بعتم من بعد موتكم » ثم جعلت لكم نارا تحرقون 
فيها9؟ . 

وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل » فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة 
الصفر ٠‏ ولكن الله غالب على أمره » بيده ملكوت السماوات والأرض » يفعل ما يشاء » وهو يجير 
ولا يجار عليه » فقد فعل ما خإطب به الرسول ميم فيا بعد : طوَإدْيتَم يك لين كقروا 
2 0 1 7 و جر 
ميسوك أو فَمَلُوكَ حرجو كوي تكرون وَيَتك مد هشير لْسحكرنَ 4 (2: 0 


. ه7/١ زاد المعاد‎ )١١ 
. 181/١ (؟) ابن هشام‎ 
. 285/١ نفس المصدر‎ )5( 


31 


الرسول ‏ مد - يغادر بيته: 

ومع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم فقد فشلوا فشلاً فاحشاً . ففي هذه الساعة الحرجة 
قال رسول الله عه لعلي بن أبي طالب : ثم على فراشي » وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر ء 
فنم فيه » فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم ‏ وكان رسول الله عه ينام في برده ذلك إذا 
ناه0") , 

م خرج رسول الله َيه » واخترق صفوفهم , وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على 
ال عع شد ررض رمورار :9 وجعلنا منبا ا 
رت هم سَدَاأفْسكهم مهم لايرو 1114 4 ) فلم بيق منهم رجل إلا وقد وضع على 
ال 411 رفك نى إلى بيت أبي بكر فخرجا من خحوخة في دار أي بكر ليلا حتى لحقا بغار ثور 
في انحاه الهر.20 . 

وبقي المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر » وقبيل حلولها تجلت هم الخيبة والفشل . فقد 
جاءهم رجل ممن لم يكن معهم . وراهم ببابه فقال : ما تنتظرون ؟ قالوا محمدا . قال : خبتم 
وخسرتم » قد والله مر بككم » وذر على رؤوسكم التراب , وانطلق لحاجته , قالوا والله ما أبصرناه , 
وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم . 

ولكتهم تطلعوا من صير الاب فرأوا علي ٠‏ فقالوا والله إن هذا لمحمد ناما » عليه بردة » فلم 
يبرحوا كذلك حتى أصبحوا . وقام عل عن الفراش . فسقط في أيد.هم » وسألوه عن 
رسول الله عَيينهِ » فقال : لا علم لي به" . 


من الدار إلى الغار: 


. 28*40 287/١ نفس المصدر‎ )١( 
. 07/7 ء زاد المعاد‎ 485/١ نفس المصدر‎ )١9( 
. نفس المصدرين السابقين‎ )'( 


-1١5739- 


5 سبتمبر سنة 577 م١"‏ . وأ إلى دار رفيقه ‏ وأمن الناس عليه في صحبته وماله ‏ أبي . 
بكر رضي الله عنه . ثم غادرا منزل الأخير من باب خلفي » ليخرجا من مكة على عجل » وقبل 
أن يطلع الفجر . 

ولما كان النبي عَُهِ يعلم أن قريشاً ستجد في الطلب » وأن الطريق الذي ستتجه إليه 

الانظار لاول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شالا » فقد سلك الطريق الذي يضاده تاما( 
وهو الطريق الواقع جنوب مكة , والمتجه نحو الهِن . سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال » حتى 
بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور » وهذا جبل شا » وعر الطريق » صعب المرتقى » ذو أحجار 
كثيرة » فحفيت قدما رسول الله عه » وقيل : بل كان بمشبي في الطريق على أطراف قدميه كي 
يفي أثره فحفيت قدماه , وأيا ما كان ؛ فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل » وطفق يشتد به 
حتى انتبى به إلى غار في قمة الحبل » عرف في التاريخ بغار ثورا" . 
إذهما فى الغار: 

وما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : والله لا تدخله حتى أدخله قبلك » فإن كان فيه شيء 
أصابني دونك » فدخل فكسحه » ووجد في جانبه ثقبأ فشق إزاره وسدها به » وبقي منها اثنان 
فألقمهما رجليه » ثم قال لرسول الله عه : ادخل . فدخل رسول الله َيه » ووضع رأسه في 

حجره ونام » فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر , ول يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله عَهْل : 
فسقطت دموعه على وجه رسول الله عَْلَهُ » فقال : مالك يا أبا بكر ؟ قال لدغت » فداك أبي 
وأمي » فتفل رسول الله عَيتُهِ » فذهب ما يجده" . 


)١(‏ رحمة للعالمين 45/١‏ ويكون شبر صفر هذا من السنة الرابعة عشرةمن النبوة إذا فرضنا بداية السنين من شهر 
محرم » وأما إذا بدأنا السنين من الشبر الذي أكرم الله فيه نبيه مي بالنبوة » فيكون شبر صفر هذا من السنة 
. الثالثة عشرة قطعا . وعامة من يكتب في السيرة ربما يختار هذا » ورا يختار ذلك » فكثيراً ما يتدخبط في ترتيب 
الوقائع » ويقع في أغلاط ونظرا إلى ذلك اخترنا بداية السنين من شهر محرم . 
(؟) رحمة للعالمين 0 » مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص ١517‏ . 
ف رواه رزين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه , وفيه ثم اتتقض عليه ( أي رجع أثر السم حين موته ) وكان 
سبب موته . انظر مشكاة المصابيح » باب مناقب ألي بكر 005/7 . [ ظ 


1١518 


وكمنا في الغار ثلاث ليال » ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد" . وكان عبد الله بن 
أي بكر يبيت عندهما . قالت عائشة : وهو غلام شاب ثقف لقن » فيدلج من عندهما بسحر ‏ 
بضبع مع تريش كه كبالك + اقلا يمع مرا يكتادان: نه إلا وعاة» حت راتيهما غير ذلك 
حين يمختلط الظلام . و ( كان ) يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى ألي بكر منحة من عَم 
فيريحها علييما حين تذهب ساعة من العشاء ء فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما 
ورضيفهما - حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس . يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي 
الثلاث' . وكان عامر بن فهيرة يتبع بغدمه أثر عبد الله بن ألي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليعفي 
عليه9) . 

أما قريش فقد جن جنونها حينا تأكد لديها إفلات رسول الله عه صباح ليلة تنفيذ 
المؤامرة . فأول ما فعلوا بهذا الصدد أمهم ضربوا علياً » وسحبوه إلى الكعبة » وحبسوه ساعة » 
علهم يظفرون مخبرهما؟) : 

نا لم يحصلوا من علي على جدوى جاءوا إلى بيت أبي بكر » وقرعوا بابه » فخرجت إلمهم 
أسماء بنت أبي بكر ء فقالوا لها : أين أبوك ؟ قالت : لا أدري والله أين أي ؟ فرفع أبو جهل يده 
وكان فاحشا خحبيثاً - فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها . 

وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميع الوسائل التي يمكن بها القبض على 
الرجلين » فوضعت ججميع الطرق النافذة من مكة ( في جميع الجهات ) تحت المراقبة الممسلحة 
الشديدة » ك! قررت إعطاء مكافاة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى 
قريش حيين أو ميتين » كاثنا من كان( . 





. 775/107 انظر فتح الباري‎ )١( 

(؟) صحيح البخاري ١/7مه‏ , 0ه . 
(6) ابن هشام :85/١‏ . 

(14) رحمة للعالمين 95/١‏ . 

(5) ابن هشام ١‏ ]لامع . 

22 انظر صححيح البخاري ١/6ه‏ . 


- 1١50 ب‎ 


وحينكد حجحدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر ف في الطلب 2 وانتشروا في الجبال والوديان , 
والوهاد وال هضاب ». لكن من دون جدوى وبغير عائدة . 

ظ وقد وصل المطاردون إلى باب الغار » ولكن الله غالب على أمره » روى البخاري عن أنس 
ع 9 نااله . 4 0 ١‏ ل 5 57 
عن أي بكر قال : كنت مع النبي عَيكُه في الغار فرفعت رأمبي ٠‏ فإذا أنا بأقدام القوم » فقلت 
يا نبي. الله لو أن بعضهم طاطأ بصره رانا . قال : اسكت يا أبا بكر , اثنان الله ثالئهما » وفي 

لفظ : ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالنهما"! . 

وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه عه » فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا 
خطوات معدودة . 
في الطريق إلى المدينة: 

وحين حمدت نار الطلب .2 ؛ وتوقفت أعمال دوريات التفتيش » وهدأت ائرات فريش بعد 
استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى , تبياً رسول الله عَتكه وصاحبه للخروج إلى 
المدينة . 

وكانا قد استاجرا عبد الله بن أريقط الليثي » وكان هاديا خريتا ‏ ماهرا بالطريق - وكان على 
دين كفار قريش » وأمناه على ذلك » وسلما إليه راحلتيهما » وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال 
براحلتيهما » فلما كانت ليلة الإثنين - غرة ربيع الأول سنة لفن / 1 سبحم سي اماد 
جاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين وحيتكذ قال أبو بكر للنبي عَيْيتُهِ : بأبي أنت يا رسول الله » 
خذ إحدى راحلتي هاتين . وقرب إليه أفضلهما . فقال رسول الله عَهيك : بالقن . 

وأتتهما أسماء بنت أي بكر رضي الله عنهما بسفرتهما » ونسيت أن تجعل لها عصاما » فلما 
العاوادعيت تعن الضكره 7إذا لجن ها معدا وتاك لطاتها جالعك الشخرة يعلد 
وانتطقت بالآخر » فسميت ذات النطاقين' . 

أب بكر نا رأى ا ا ل 0 


هلكت الأمة » فعندها قال له رسول الله ع ف( لا تحزن إن الله معنا © انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ 
عبد الله النجدي ص" ١‏ . 


فيه صحيح البخاري ١‏ مه » 5ه وابن هشام 45١‏ . 


11ت 


نم ارتحل رسول الله ع وأبو بكر رضي الله عنه , وارتحل معهما عامر بن فهيرة » وأخذ بهم 
الدليل - عبد الله بن أريقط - على طريق الساحل . 

وأول ما سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الحنوب نحو الهِن » ثم اتحه غربا 
نحو الساحل , حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتحه شثمالاً على مقربة من شاطىء البحر 
الأحمر » وسلك طريقاً لم يكن يسلكه أحد إلا نادراً . 

وقد ذكر ابن إسحاق المواضع التي مر بها رسول الله عتم في هذا الطريق قال : لما خرج 
بهما الدليل سلك بهما أسفل مكة » ثم مضى بهما على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من 
عسفان » ثم سلك بهما على أسفل أي » ثم استجاز بهما حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز 
قديدا , ثم أجاز بهما من مكانه ذلك » فسلك بهما الخرار » ثم سلك بهما ثنية المرة » ثم سلك 
هما لقفاء ثم أجاز هما مدججة لقف » ثم استبطن بهما مدلجحة جاح » ثم سلك بهما مرجح 
محاج » ثم تبطن بهما مرجح ذي الغضوين » ثم بطن ذي كشر , ثم أخذ بهما على الجداجد , ثم 
عل الأجره» ثم سملل عيما ذايطلو من يظن أعداء مدية تفي تم عل العابيددم م أجاذ 
بهما الفاجة » ثم هبط بهما العرج . ثم سلك بهما ثنية العائر - عن يمين ركوبة ‏ حتى هبط بهما 
بطن رثم » ثم قدم بهما على قباء("2 . وهاك بعض ما وقع في الطريق : 

(1) روى البخاري عن ألي بكر الصديق رضي الله عنه قال : أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام 
قاكم الظهيرة » وخلا الطريق » لا يمر فيه أحد » فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل دلم تأت عليها 
الشمس . فنزلنا عنده » وسويت للنبي عَكُهِ مكانا بيدي » ينام عليه » وبسطت عليه فروة » 
وقلت : ثم يا رسول الله » وأنا أنفض لك ما حولك » فنام » وخرجت أنفض ما حوله » فإذا أنا 
براع مقبل بغنمه إلى الصخرة » يريد منها مثل الذي أردنا » فقلت له : لمن أنت يا غلام ؟ فقال : 
لرجل من أهل المدينة أو مكة . قلت : أفني غنمك لبن ؟ قال : نعم . قلت : أفتحلب ؟ قال : 
نعم . فأخذ شاة » فقلت : انفض الضرع من التراب والشعر والقذى . فحلب في كعب كثبة 
من لبن » ومعي إداوة حملتها للنبي مَك » يرتوي منها » يشرب ويتوضاً , فأتيت النبي عَيَكلَه , 
فكرهت أن أوقظه , فوافقته حين استيقظ , فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله » فقلت . 


)١(‏ ابن هشام 191١/١‏ 2؟1917. 


1ت 


اشرب يا رسول الله » فشرب حتى رضيت » ثم قال : أل يأن الرحيل ؟ قلت : بلى » قال : 
فارتحلنا'"؟ . 

» كان من دأب ألي بكر رضي الله عنه أنه كان ردفاً للنبي عَيْكتُهِ » وكان شيخاً يعرف‎ )١( 
اب ابا عاضو ان اليه يا لامودا ا عي‎ 
. 9 لخي‎ 


(7) وتبعهما في الطريق سراقة بن مالك . قال سراقة : بيها أنا جالس في مجلس من مجالس 
قومي بني مدخ , أقبل رجل منهم حتى قام علينا » ونحن جلوس » فقال : يا سراقة » إفي رأيت انف 
أسودة بالساحل ؛ أراها عمنا وأسيعابة . قال سراقة : فعرفت أنهم هم . فقلت له : إنهم ليسوا 
بهم » ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا » ثم لئت في امجلس ساعة . ثم قمت فدخلت » 
فأمرت جاربتي أن تخرج فرسي » وهي من وراء أكمة » ؛ فتحبسها علي » وأخذت رمحي فخرجت به 
من ظهر البيت » فخططت بزجه الأرض ٠‏ وخفضت عاليه » حتى أنيت فرسي » فركبتها » فعرفتها 
تقرب بي حتى دنوت منهم؛ فعثرت بي فرسي فخررت عنهاء فقمت» فأهويت يدي إلى 
كنانتي» فاستخرجت منها الأزلام» فاستقسمت بهاء أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره. 
فركبت فرسي وعصيت الأزلا» تقرب بي» حتى إذا سمعت قراءة رسول الله يلل - 
وهو لا يلتفت» وأبو بكر يكثر الالتفات ‏ ساحت يدا فرسي في الأرض» حتى بلغتا 
الركبتين» فخررت عنهاء ثم زجرتها فنهضت»ء فلم تكد تخرج يديهاء فلما استوت 
قائمة إذا لأثر يديبا غبار ساطع في السماء مثل الدخان » فاستقسمت بالا. زلام » فخرج الذي 
أكره » فناديتم بالأمان . فوقفوا » فركبت فرسبي حتى جثتهم » ووقع في نفسبي حين لقيت 
ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ميك » فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك 
الدية ؛ وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم » وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني » ول يسألاني . 


. 01١/١ صحيح البخاري‎ 2)1١( 
. 887/١ روى ذلك البخاري عن أنس‎ )( 


١18 


إلا أن قال : أخف عنا . فسألته أن يكتب لي كتاب أمن » فأمر عامر بن فهيرة » فكتب لي في 
رقعة من أدم » ثم مضى رسول الله عَلينوا . 

وفي رواية عن أبي بكر قال : ارتحلنا » والقوم يطلبوننا » فلم يدركنا منهم أحد غير سراقة بن 
الى جد ل زيل ؛ فقلت : هذا الطلب قد لحقنا يارسول الله » فقال: «الاتَحترَّن 
إِسَ لله ممص 74 . 

ورجع سراقة » فوجد الناس في الطلب » فجعل يقول : قد استبرأت لكم الخبر » قد كفيتم 
ما ههنا . وكان أول النهار جاهدا عليبما » واخره حارسا هما" . 

| (4) ومر في مسيره ذلك حتى مر بميمتي أم معبد الخزاعية » وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي 

بفناء الخيمة » ثم تطعم وتسقي من مر بها » فسألاها : هل عندها شيء ؟ فقالت : والله لو كان 
عندنا شيء ما أعوزم القرى والشاء عازب » وكانت سنة شهباء . 

فنظر رسول الله عله إلى شاة في كسر الخيمة » فقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ قالت : 
شاة خلفها الجهد عن الغنم » فقال : هل بها من لبن ؟ قالت : هي أجهد من ذلك . فقال : 
أتأذنين لي أن أحلبها ؟ قالت : نعم بألي وأمي » إن رأيت بها حلب فاحلبها . فمسح 
رسول الله عله بيده ضرعها, وسمى الله ودعا » فتفاجت عليه ودرت » فدعا بإناء لها يربض 
الرهط . فحلب فيه حتى علته الرغوة » فسقاها » فشربت حتى رويت » وسقى أصحابه حتى 
روواء ثم شرب » وحلب فيه ثانيا » حتى ملا الاناء » ثم غادره عندها فارتحلوا . 

فمالبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافاً يتساوكن هُزالاً » فلما رأى اللبن 
عجب ء فقال : من أين لك هذا ؟ والشاء عازب » ولا حلوبة في البيت ؟ فقالت : لا والله إلا 
أناهن بن ريخل عارك كان امن حديقه كيت وكيك ومن هله كذا فقا “قال إلى والله آراه 
صاحب قريش الذي تطلبه » صفيه لي يا أم معبد » فوصفته بصفاته الرائعة بكلام رائع كأن 
السامع ينظر إليه وهو أمامه ‏ وسننقله في بيان صفاته عَْيُكِ في أواخر المقالة ‏ فقال أبو معبد : 
)١(‏ نفس المصدر 0١‏ وكان مقر بني مدلح بالقرب من رابغ ٠‏ وتبعهما سراقة حينا كانا مصعدين من قديد 

نه راد اللغاق 8/ اهاي الأغلك أنه تهنا في "الوم الثالك امن رحيلههًا : 
(؟) صحيح البخاري 015/١‏ . 


(؟9) زاد المعاد ؟/7ه . 


ا" 


والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا » لقد هممت أن أصحبه » ولأفعلن إن 
وجبدت إلى ذلك سبيلا » وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعونه ولا يرون القائل : 


جزى الله رب العرش خخير جزائه رفي فيقين ع خيمج إ' ١‏ معبد 
فيا لقصي ما زوى الله عنكم يه 


لبن بني كعب مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين عرصد 
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشبد 
قالت أماء : ما درينا أأين توجه رسول الله مه إذ أقبل رجل من الحن من أسفل مكة 
فانشد هذه الابيات 4 والناس يتبعونه ويسمعول صوته ولا يرونه »؛ حتى خرج من أعلاها :. 
قالت : فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله مي » وأن وجهه إلى المدينة0"© . 
وأبي بكر؛ رجاء أن يفوز بالمكافأة الكبيرة التي كانت قد أعلنت عنها قريش» ولما واجه 
رسول الله ع وكلمه أسلم مكانه مع سبعين رجلاً من قومه » ثم نزع عمامته » وعقدها بره ء 
فاتخذها راية تعلن بأن ملك الأمن والسلام قد جاء اهلا الدنيا عدلاً وقسطاً”" . 
(1) وفي الطريق لقي رسول اللْمعَه الزيير » وهو ني ركب المسلمين » كانوا تجاراً قافلين 
من الشام » فكسا الزيير رسول الله يلد وأبا بكر ثياباً بيضاء©©. 


النزول بقباء: 


ظ وف يوم الثنين 8 ربيع الأول سنة ١4‏ من النبوة - وهي السنة الأولى من الحجرة - اموافق ظ 
7 سبتمبر سنئة 51717 م نزل رسول الله عه بقباء"» . [ 


)0( زاد المعاد ؟ “اه 14ه. 
(؟) رحمة للعالمين ٠١١/١‏ . 
69 روى ذلك البخاري عن عروة بن الزيير 0514/١‏ . ظ 
(4) رحمة للعالمين ٠١7/١‏ وفي هذا اليوم تم عمره يه ثلاثة وخمسين عاماً كاملا لا وكس ولا شطط , وتم على 
نبوته ثلاثة عشر عاماً كاملاً عند من يقول : إنه أكرم بالنبوة في 4 ربيع الأول في سنة 4١‏ من:عام الفيل » وأماح 
1 


قال عروة بن الزيير : مع الممسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله عد من مكة » فكانوا 
يغدون كل غداة إلى الحرة » فيتنظرونه حتى يردهم حر الظهيرة » فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا 
اتتظارهم » فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يبود على أطم من اطامهم لأمر ينظر إليه » فبصر 
برسول الله مده وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب » فلم يملك اليبودي أن قال باعلى صوته 
يا معاشر العرب . هذا جد م الذي تنتظرون » فثار المسلمون إلى السلاح""أ 
قال ابن القيم : وسمعت الرججة والتكبير في بني عمرو بن عوف » وكير المسلمون فرحا 
بقدومه » وخحرجوأ للقائه » فتلقوه وحيوه بتحية عع البرك لا عناتا به عطك عر والسكينة 
ٍ - ا مذ ءاه 00 ور ما سر 
تغشأه » والوحي ينزل عليه : « َإنَاللهَ هومولده وج جِبَريلٌ وصدِلَِالْمؤمِِينَ منينوالماتحكة بعد 
لكظهرٌ © 4:55 )" . 
بي عمرو بن عوف » وذلك يوم الاثنين من شبر ربيع الاول . فقام أبو بكر للناس » وجلس 
صابل م 7 صباائل : 
رسول الله عَييهِ صامتا » فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله عَييدمِ يحبي - وني 
عليه بردائه » فعرف الناس رسول الله عله عند ذلك" . 
وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال , وكان يوما مشهوداً لم تشهد المدينة مثله في 
تاريحها » وقد رأى ال لبود صدق بشارة حبقوق النبي : إن الله جاء من التهان » والقدوس من 
جبال فاران9) . 


ونزل رسول الله عَم بقباء على كلثوم بن الهدم , وقيل : بل على سعد بن خيثمة » والأول 
أثبت » ومككث علي بن أي طالب بمكة ثلاثا » حتى أدى عن رسول الله َه الودائع التي كانت 


من يقول : إنه أكرم بالنبوة في رمضان سنة 4١‏ من عام الفيل فعنده يتم على نبوته - في ذلك اليوم - اثنى عشر 
غَابا ويس أشير :وا يوما أو # انروما : 

)1( صحيح البخاري ١أههه‏ , 

. هع/٠ زاد المعاد‎ )1١١( 

زه صحيح البخاري ١/وهةه‏ . 

(1) صحيفة حبقوق ( ”“: ” ) . 


- ١7١ 


عنده للناس » ثم هاجر ماشياً على قدميه » حتى لحقهما بقباء » ونزل على كلثوم بن الخدم" . 

وأقام رسول الله عي بقباء أربعة أيام : الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس" . وأسس 
مسجد قباء وصلى فيه » وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة » فلما كان اليوم الخامس 
يوم الجمعة ‏ ركب بأمر الله له » وأبو بكر ردفه » وأرسل إلى بني النجار ‏ أنخواله ‏ فجاؤوا 
متقلدين سيوفهم » فسار نحو المدينة » فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف . فجمع بهم في 
المسجد الذي في بطن الوادي » وكانوا مائة رجل" . 


الدخول فى المدينة: 
وبعد الجمعة دخحل النبي عار المدينة ‏ ومن ذلك اليوم معيت بلدة يغرب كدينة 
الرسول عي » ويعبر عنها بالمدينة مختصراً - وكان يوم تارئيا أغر » فقد كانت البيوت والسكك 
ترج بأضوات التجميد والتقديس 4 وكانت بنات الأنصار تتغنى بهذه الأبيات فرحا تور" ؟). 
أشرق البدر علينا م تسسات الوداع 
وجب الشكر علينا مادع الله داع 
أعنا التتعدوك قفا جكت بالأمر المطاع 
والأنصار إن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة ؛ إلا أن كل واحد منهم كان يتمنى أن يتزل 
الرسول عَيتُهِ عليه . فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخحذوا خطام راحلته : هلم إلى العدد 


)1( زاد المعاد 5/1 ه . ابن هشام 497/١‏ ء رحمة للعالمين ٠١7/١‏ . 

)2 هذاما رواه ابن إسحاق » انظر ابن هشام 4414/١‏ وهو الذي اختاره العلامة المنصور فوري انظر رحمة للعالمين 
٠ .١‏ » وفي صحيح البخاري أنه أقام بقباء أربعاً وعشرين ليلة )71/١(‏ وبضع عشرة ليلة )505/١(‏ وأربع 
عشرة ليلة )070/١(‏ وهذا الأخير هو الذي اختاره ابن القيم » وقد صرح هو نفسه أن نزوله بقباء كان يوم 
الاثنين وخروجه يوم الجمعة ( زاد المعاد 5 .» هه ) ومعلوم أن فصل ما بينهما لا يزيد على عشرة أيام سوى 
يومي الدخول والخروج , ومعهما لا يزيد على اثني عشر يوماً إذا كانا من أسبوعين . 

27 صحيح البخاري ١أههه‏ 6 56ه ١»‏ زاد المعاد ؟'/ه6ه , ابن هشام 5/١‏ رحمة للعالمين ١١1/١‏ . 

(4) ذكر ابن القيم أن إنشاد هذه الأشعار كان عند مرجعه يِه من تبوك » ووهم من يقول : إنما كان ذلك عند 
مقدمه المدينة ( زاد المعاد )٠١/7‏ لكن ابن القيم لم يأت على هذا التوهيم بدليل يشفي , وقد رجح العلامة 
المنصور فوري أن ذلك كان عند مقدمة المدينة » ومعه دلائل لايمكن ردها انظر رحمة للعالمين ٠١5/١‏ . 


1ت 


والعدة والسلاح والمنعة » فكان يقول لهم : خلوا سبيلها فإنها مأمورة » فلم تزل سائرة به حتى 
وصلت إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت » ولم ينزل عنها حتى نبضت وسارت قليلا » ثم 
التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول » فنزل عنها » وذلك في بني النجار - أخواله - 
َيه . وكان من توفيق الله لها » فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك » فجعل الناس 
يكلمون رسول الله عه في النزول عليهم » وبادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله » فأدخله بيته ‏ 
فجعل رسول لله عي يقول : المرء مع رحله » وجاء أسعد بن زرارة فأخحل بزمام راحلته » وكانت 
عنده!" . 

وفي رواية أنس عند البخاري » قال نبي الله َيه : أي بيوت أهلنا أقرب ؟ فقال 
أبو أيوب: أنا يا رسول اللهء هذه داريء وهذا بابي. قال: فانطلق فهيء لنا مقيلاء قال: 
قوما على بركة الله”©. 

وبعد أيام وصلت إليه زوجته سودة » وبنتاه فاطمة وأم كلثوم » وأسامة بن زيد » وأم أيمن , 
وخرج معهم عبد الله بن ألي بكر بعيال أني بكر ومنهم عائشة » وبقيت زينب عند أبي العاص , 
لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدرا" . 

قالت عائشة : لما قدم رسول الله عي المدينة وعك أبو بكر وبلال » فدخلت عليهما 
فقلت : يا أبت كيف تحدك . ويا بلال كيف تحدك . قالت : فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى 


يقول : ظ 
كل امسرىء مصبّح في أهله والموت أدنى من شراك نعله 
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول : 
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر وجليل 
وهل أردن يوماً مياه مجضة 22 وهل يدون لي شامة وطفيل 


. رحمة للعالمين ١5/1١٠3ء زاد المعاد ؟/هه‎ )١( 
. ٠05/١ (؟) صحيح البخاري‎ 
. زاد المعاد 1/مه‎ )*9( 


7 


قالت عائشة : فجكت رسول الله ْلَه » فأخبرته » فقال : اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا 
مكة أو أشد حباً » وصححها » وبارك في صاعها ومدها » وانقل حماها فاجعلها بالجحفة!" . 


إلى هنا انتبى قسم من حياته عله » وتم دور من الدعوة الإسلامية » وهو الدور المكي . 


)0 صحيح البخاري ٠. 588/١‏ 894ه . 
2 15 د 


الحياة فى المدينة 


يمكن تقسم العهد المدني إلى ثلاث مراحل : 
عب اضيا لعال راللبن ب رينت جها العاكيل من الال ورت 
فيها الأعداء إلى المدينة لاستفصال خضرائها من الخارج . وهذه المرحلة تنتبي إلى صلح 
الحديبية في ذي القعدة سنة " من الطجرة . 


؟ - مرحلة الهدنة مع الزعامة الوثنية » وتنتبي بفتح مكة » في رمضان سنة تمان من 
الهجرة ٠‏ وهي مرحلة دعوة الملوك إلى الاسلام . 

١‏ مرحلة دخول الناس في دين الله أفواجاً » وهي مرحلة توافد القبائل والأقوام إلى 
المدينة » وهذه المرحلة تمد إلى انتهاء حياة الرسول عه في ربيع الأول سنة ١١‏ من الهجرة . 


- ١76 





231912 


المرحلة الأولى 
ال حالة الراهنة فى المدينة 


عند الفهحجرة 


ع رع 00 
و ا ايا 00 

ولا شك أن رسول الله يدم هو الإمام والقائد والهادي في بناء هذا المجتمع » وكانت 
إليه أزمة الأمور بلا نزاع . 

والأقوام التي كان يواجهها رسول الله عله و في المدينة كانت على ثلاثة أصناف , 
يختلف أحوال كل واحد منها بالنسبة إلى الآخر اختلافاً واضحاً » وكان يواجه بالنسبة إلى 
كن نت نتم سنائل عديدة غير السائن :الى كان يرا جهها بانسية إلى لاخر «بوهدة 
الأصناف الثلاثئة هي : 

. أصحابه الصفوة الكرام البررة رضي الله عنهم‎ - ١ 

؟ - المشركون الذين لم يؤمنوا بعد » وهم من صمم قبائل المدينة . 

“" - اليبود . 

أ - والمسائل التي كان يواجهها بالسسبة إلى أصحابه هو أن ظروف المدينة بالنسبة إلههم 


كانت تختلف تامأ عن الظروف التي مروا بها في مكة . فهم في مكة وإن كانت مجمعهم 
كلمة جامعة , وكانوا يستهدفون إلى أهداف متفقة ‏ إلا أ: نهم كانوأ متفرقين في بيوتات 


شتى » مقهورين أذلاء مطرودين » يكن هم من الأمر خيء وإفا كان الأر يد أعدائب 


في الدين » فلم يكن هؤّلاء المسلمون يستطيعون أن يقيموا مجتمعا إسلامياً جديدا بمواده التي 


17ب 


لا يستغني عنها أي مجتمع إنساني في العالم » ولذلك نرى السور المكية تقتصر على تفصيل 
المبادىء الاسلامية » وعلى التشريعات التي يمكن العمل بها لكل فرد وحده , وعلى المحث 
على البر والخير ومكارم الأخلاق » والاجتناب عن الرذائل والدنايا . 

أما في المدينة فكان أمر المسلمين بأيديبم منذ أول يوم » ولم يكن عليهم سيطرة أحد من 
الناس » فقد أن لهم أن يواجهوا بمسائل الحضارة والعمران » وبمسائل المعيشة والاقتصاد » وبمسائل 
السياسة والحكومة » وبمسائل السلم والحرب » والتنقيح الكامل ني مسائل الحلال والحرام والعبادة 
والأخلاق وما إلى ذلك من مسائل الحياة . ظ 

كان قد آن لهم أن يكونوا مجتمعاً جديداً » مجتمعاً إسلاميا » يختلف في جميع مراحل الحياة 

عن امجتمع الجاهلي » ويمتاز عن أي مجتمع يوجد في العالم الانساني » ويكون مثلاً للدعوة 
الإسلامية التي عانى ها المسلمون ألوانا من النكال والعذاب طيلة عشر سنوات . 

ولا يخفى أن تكوين أي مجتمع على هذا الفط لا يمكن أن يستتب في يوم واحد » أو شهر 
واحد » أو سنة واحدة » بل لا بد له من زمن طويل » وكام يه« المتاريع والتقين مخ التقيفت 
والتدريب والتربية ريا » وكان الله كفيلا بهذا التشريع » 0 رسول الله 2 قاما بتنفيذه » 
والإرشاد إليه » وتربية المسلمين وفقه «إشوا ربعت ف الَأمْيكنّ رولا مَنب مهم يلوأ يلوأ علوم 


اهمو بشي لت الكنب 4 ا 


وكان الصحابة رضي الله عنهم مقبلين عليه بقلوسهم : ار ا ا شرون بها 
« وَإِذَا تيت علَيهِمَ ءيسم دنهم إِيمَنا © (8: ؟ ) وليس تفصيل هذه المسائل كلها من 
مباحث موضوعنا فنقتصر منها على قدر الحاجة . 

كان هذا أعظم ما يواجهه رسول الله عه بالنسبة إلى المسلمين » وهذا الذي كان هو 
المقصود ‏ على نطاق واسع ‏ من الدعوة الاسلامية » والرسالة المحمدية » ولكن كوه 
قضية طارئة الت اجات اال د ورد للك يكادت تمي اللمججات 

كانت جماعة المسلمين مشتملة على قسمين : قسم هم في أرضهم وديارهم وأموالهم , 
لا يهمهم من ذلك إلا ما يهم الرجل وهو آمن في سربه , وهم الأنصار » وكان بينهم تنافر 
مستحكم وعداء مزمن منذ أمد بعيد . وكان بجانب هؤلاء قسم آخر ‏ وهم الملهاجرون - فاتهم 


١98 


كل ذلك » ونجوا بأنفسهم إلى المدينة » ليس هم ملجأ يأوون إليه » ولا عمل يعملونه لمعيشتهم » 
ولا مال يبلغون به قواماً من العيش . وكان عدد هؤلاء اللاجئين غير قليل » وكانوا يزيدون يوما 
فيوماً » فقد كان أذن بالهجرة لكل من ١‏ امن باللّه ورسوله . ومعلوم أن المدينة م تكن على ثروة 
طائلة , فتزعزع ميزانها الاقتصادي » وفي هذه الساعة الحرجة قامت القوات المعادية للا سلام 
ولب ناطدة امسادية واقليت لأ علهة الفكوزداك > شافيك الظر وق 
أما القوم الثاني - وهم المشركون من صمم قبائل المدينة ‏ فلم تكن لهم سيطرة على 

المسلمين » وكان منهم من يتخالجه الشكوك , ويتردد في ترك دين الاباء » ولكن لم يكن يبطن 
العداوة والكيد ضد الاسلام والمسلمين » ولم تمض عليهم مدة طويلة حتى أسلموا وأخلصوا دينهم 
لله . 

وكان فيهم من يبطن شديد الاحن والعداوة ضد رسول الله مُه والمسلمين » ولكن لم يكن 
يستطيع أن يناوئهم » بل كان مضطراً إلى إظهار الودّ والصفاء نظراً إلى الظروف » وعلى رأس 
هؤلاء عبد الله بن أبي » فقد كانت الأوس والخزرج اجتمعوا على سيادته بعد حرب بعاث » ولم 
يكونوا اجتمعوا على سيادة أحد قبله . وكانوا قد نظموا له الخرز » ليتوجوه ويملكوه » وكان على 
وشك أن يصير ملكا على أهل المدينة إذ باغت مجيء رسول الله عَم » وانصراف قومه عنه إليه ؛ 
فكان يرى أنه استلبه ملكا ؛ فكان يبطن شديد العداوة ضده - ولما رأى الظروف لا تساعده 
على شركه , وأنه يحرم الفوائد الدنيوية أظهر الإسلام بعد بدر » ولكن بقي مستبطنا الكفر . 
وكالن لأ هد غالا المكيدة لوسرل اله اورسفي الا وان نات وكات أمتحانةت تمن 
الرؤساء الذين حرموا المناصب المرجوة في ملكه ‏ يساهمونه ويدعمونه في تنفيذ خططه . ورا 
كانوا يتتخذون بعض الأحداث » وضعاف العقول من المسلمين عملاء لهم ؛ لتنفيذ خططهم . 

ج - أما القوم الشالث - وهم اليهود - فقد كانوا انحازوا إلى الحجاز زمن الاضطهاد 
الاخوري والروماني كا أسلفنا » وكانوا في الحقيقة عبرانيين » ولكن بعد الانسحاب إلى الحجاز 
صبغوا بالصبغة العربية في الزي واللغة والحضارة » حتى صارت أسماء قبائلهم أو أفرادهم عربية ) 
وحتى قامت بينهم وبين العرب علاقة الزواج والصبر ‏ إلا أنهم تحفظوا بعصبيتهم الجنسية » ولم 
يندمجوا في العرب قطعا » بل كانوا يفتخرون بجنسيتهم الإسرائيلية - اليهودية -- وكانوا يحتقرون 
العرب احتقارا بالغا حتى كانوا يسمونهم أميين بمعنى أنهم وحوش سذج » وأراذل متأخرون » 


ات 


لسن عَلِكمًا ره #2 0 


وكانوا يرون أن أموال العرب مباحة حم » يأكلونها كيف شاعوا » «( فالوس فى أ امن 
سيل ( 10:7 )ولم يكنهم تحمس في نشر دينهم وا جل بضاعتهم الدينية هي : | لفأل 
والسحر والنفث والرقية وامثالها» وبذلك كانوا يرون انفسبم اصحاب علم وفضل وقيادة 
روحانة . ظ 
وكانوا مهرة في فنون الكسب والمعيشة » فكانت في أيديهم تجارة الحبوب والقر والخمر 
والثياب » كانوا يوردون الثياب والحبوب والخمر » ويصدرون القر » وكانت لهم أعمال من دون 
ذلك هم ها عاملون . فكانوا يأخذون المنافع من عامة العرب أضعافاً مضاعفة , ثم لم يكونوا 
يقتصرون على ذلك » بل كانوا أكالين للربا » كانوا يقرضون شيوخ العرب وساداتهم » ليكتسب 
هؤلاء الرؤساء مدائح من الشعراء » وسمعة بين الناس بعد اغانهامن عر درك بولا لابه ماع 
كانوا يرتهنون أرض هؤلاء الرؤساء وزروعهم وحوائطهم ثم لا يلبثون إلا أعواما حتى يتملكونها . 

وكانوا أصحاب دسائس ومؤامرات وعتو وفساد ء يلقون العداوة والشحناء بين القبائل 
العربية المجاورة » ويغرون بعضها على بعض بكيد خفي لم تكن تشعره تلك القبائل » فلا تزال في 
حروب دامية متواصلة » ولا تزال أنامل المهود تؤجج نيرامها كلما رأتها تقارب الخمود والانطفاء » 
وبعد هذا التحريض والاغراء كانوا يقعدون على جانب » يرون ساكتين ما يحل ببؤلاء العرب » 
نعم كانوا يزودونهم بقروض ثقيلة ربوية حتى لا يحجموا عن الحرب لعسر النفقة » وبهذا العمل 
كانوا يحصلون على منفعتين ؛ كانوا يتحفظون على كيائهم الييودي » وينفقون سوق الربا ؛ ليأكلوه 
أضعافاً مضاعفة » ويكسبوا ثروات طائلة 

وكانت في يثرب منبم ثلاث قبائل مشهورة : 

. بنو قينقا ع » كانوا حلفاء الخزرج » وكانت ديارهم داخل المدينة‎ )١( 

(1) بنو النضير . ' 0 

(5) بنو قريظة » وهاتان القبيلتان كانتا حلفاء الأوس », وكانت ديارهما بضواحي المدينة . 

وهذه القبائل هي التي كانت تثير الحروب بين الأوس والخزرج منذ أمد بعيد » وقد ساهصت 
ا ا ا 

وعليقنا فإن اليهود لم يكن يرجى منهم أن ينظروا إلى الاسلام إلا بعين البغض والحقد ء 


*106انت 


فالرسول لم يكن من جنسهم حتى ليسكن جاش عصبيتهم الجنسية التي كانت متغلبة على 
نفسيامهم وعقليتهم » ثم دعوة الاسلام لم تكن إلا دعوة صالحة تؤلف بين أشتات القلوب , 
وتطفىء نار العداوة والبغضاء , وتدعو إلى التزام الأمانة في الشؤون » وإلى التقيد بأكل الحلال 
من طيب الأموال » ومعنى كل ذلك أن قبائل يغرب العربية ستتالف فوا بينها » وحينئذ لابد من أن 
تفلت من برائن الييود » فيفشل نشاطهم التجاري ٠‏ ويحرموا أموال الربا الذي كانت تدور عليه 
رحى ثروتهم » بل رما يحتمل أن تتيقظ تلك القبائل » فتدخحل في حسابها الاموال الربوية التي 
أخذها اليهود » فتقوم بإرجاع أرضها وحوائطها التي أضاعتها إلى المبود في تأدية الربا . 

كان اليهود يدخلون كل ذلك في حسابهم منذ عرفوا أن دعوة الاسلام تحاول الاستقرار في 
يغرب » ولذلك كانوا يبطنون أشد العداوة ضد الاسلام » وضد رسول الله عَيْيتُهُ منذ أن دخل 
يغرب », وإن كانوا لم يتجاسروا على إظهارها إلا بعد حين . 

وا 1 مسي ا 0 0 
عن واس 1 انين مين لا لزان عن . قالت اباي 
المدينة » ونزل قباء في بني عمرو بن عوف , غدا عليه ألي ؟؛ حبي بن أخطب ٠‏ وعمي أبو ياسر بن 
أخطب » مغلسين » قالت : فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس » قالت : فأتيا كالين 
كسلانين ساقطين يمشيان الهويني . قالت : فهششت إليهما كا كنت أصنع : فوالله ما التفت إلي 
واحد منهما » مع ما بهما من الغم . قالت : وسمعت عمي أبا ياسر » وهو يقول لأبي » حبي بن 
أخطب : أهو هو ؟ قال : نعم والله » قال : أتعرفه وتثبته ؟ قال : نعم » قال : فما في نفسك 
منه ؟ قال : عداوته والله ما بقيت() . 

ويقين: يذلاك أرضنا ها رواة ه البخاري في إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه » فقد كان 
حبرا من فطاحل علماء اليهود » وما سمع بمقدم رسول الله عَنُهِ المدينة في بني النجار جاءه 
مستعجلاً , وألقى إليه أسئلة لا يعلمها إلا نبي . ٠‏ ولا مع ردوده عَم عليبا أمن به ساعته 
ومكانه » ثم قال له : إن اليبود قوم بت » إن علموا بإسلامي قبل أن تساهم بهتوني عندك ‏ 


.ه١9‎ 2 ه1١8/١ ابن هشام‎ )١( 


-ا148١‎ 


فأرسل رسول الله عل فجساءت الهوة »:ودخخل عبد الله بن سلام البيت + فقنال 
رسول الله ع : أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : أعلمنا وابن أعلمنا » وأخخيرنا وابن 
أخيرنا ( وي لفظ : ) سيدنا وابن سيدنا » ( وي لفظ آخر : ) خيرنا وابن خيرنا وأفضلنا وابن 
أفضلنا » فقال رسول الله َيه : أفرأيتم إن أسلم عبد الله ؟ فقالوا : أعاذه الله من ذلك ( مرتين أو 
ثلاثاً)ء فخرج إليهم عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله . فقالوا : 
شرنا وابن شرنا » ووقعوا فيه . ( وفي لفظ ) فقال : يا معشر اليهود اتقوا الله » فوالله الذي لا إله إلا 
هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله » وأنه جاء بحق . فقالوا : كذبت”22 . 

وهذه أول تحربة تلقاها رسول الله عَهيلّهِ من اليبود » في أول يوم دخل فيه المدينة . 

هذا كله من حيث الداخلية » وأما من حيث الخارجية ؛ فإن ألد قوة ضد الإاسلام هي 
قريش » كانت قد جربت منذ عشرة أعوام - حينا كان المسلمون تحت يديها - كل أساليب 
الارهاب والتهديد والمضايقة وسياسة التجويع والمقاطعة » وأذاقتهم التنكيلات والويلات » وشنت 
عليهم حربا نفسية مضنية مع دعاية واسعة منظمة » ثم لما هاجر المسلمون إلى المدينة صادرت 
أرضهم وديارهم وأموالهم » وحالت بينهم وبين أزواجهم وذرياتهم » بل حبست وعذبت من قدرت 
عليه » ثم لم تقتصر على هذا » بل تامرت على الفتك بصاحب الدعوة وله والقضاء عليه » وعلى 
دعوته » ولم تأل جهدا في تنفيذ هذه المؤامرة . وبعد هذا كله لما نجا المسلمون إلى أرض تبعد 
عنها خمسوائة كيلو مترا ‏ قامت بدورها السياسي لما للها من الصدارة الدنيوية والزعامة الدينية بين 
أوساط العرب » بصفتها ساكنة الحرم ومجاورة بيت الله وسدنته » فأغرت غيرها من مشركي 
الجزيرة ضد أهل المدينة » حتى صارت المدينة في شبه مقاطعة شديدة » قلت مستورداتها » في 
حين كان عدد اللاجئين يزيد يومأ فيوما . إن « حالة الحرب » قائمة يقينا بين هؤلاء الطغاة من 
أهل مكة وبين المسلمين في وطنبم الحديد » ومن السفه تحميل المسلمين أوزار هذا الخضام9! . : 

كان حقاً للمسلمين أن يصادروا أموال هؤلاء الطغاة » يا صودرت أموالهم » وأن يدالوا 
عليهم من التنكيلات بمثل ما أدالوا بها » وأن يقيموا في سبيل حياتهم العراقيل 5 أقاموها في سبيل 


)0( انظر صحيح البخاري 5220/0 هه ١5ه.‏ 
(1) الكلمة الأخيرة لمحمد الغزالي في فقه السيرة ص517١‏ . 


١85 


حياة المسلمين » وأن يكال ولا الطغاة صاعاً بصاع , حتى لا يجدوا سبيلاً لإبادة المسلمين , 
واستمصال خضرائهم . 

هذه هي القضايا والمشاكل التي كان يواجهها رسول الله َه حين ورد المدينة بصفته 
رسولاً هاديا وإماماً قائداً . 

وقد قام رسول الله عَييُّهِ بدور الرسالة والقيادة في المدينة » وأدلى إلى كل قوم بما كانوا 
يستحقونه من الرأفة والرحمة أو الشدة والنكال ‏ ولا شك أن الرحمة كانت غالبة على الشدة 
والعنت - حتى عاد الأمر إلى الاسلام وأهله في بضع سنوات » وسيجد القارىء كل ذلك جليا 
في الصفحات الاتية : 


- 187 


بناء مجتمع جديد 


قد أسلفنا أن نزول رسول الله ع بالمدينة في بني النجار كان يوم الجمعة ( ١١‏ ربيع الأول 
سنة ١ه‏ الموافق /70 سبتمير سنة 5377م ) » وأنه نزل في أرض أمام دار ألي أيوب » وقال : ههنا 
لمغزل إن شاء الله » ثم انتقل إلى بيت أبي أيوب . 
بناء المسحد النبوي: 

وأول خطوة خطاها رسول الله َيه بعد ذلك هو إقامة المسجد النبوي . ففي المكان الذي : 
بركت فيه ناقته أمر ببناء هذا المسجد » واشتراه من غلامين يتيمين كانا يملكانه » وساهم في بنائه 
بنفسه » فكان ينقل اللبن والحجارة ويقول : 

اللهم لا عيش إلا عيش الأاخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة 

وكان يقول : ظ 

سلا تسمال لا فيال عيمون “قننيدا انمسر :وما واطؤسيتر 

وكان ذلك مما يزيد نشاط الصحابة في البناء حتى إن أحدهم ليقول : 

لسن قعدنا والنبىي يعمل لذاك منا العمل المضلل 

وكانت في ذلك المككان قبور المشركين , وكان فيه خرب ونخل وشجرة من غرقد » فأمر 
رسول الله عَيكُه بقبور المشركين فنبشت » وبالخرب فسويت » وبالنخل والشجرة فقطعت » 
وصفت في قبلة المسجد » وكانت القبلة إلى بيت المقدس ) وجعلت عضادتاه من حجارة ) 
وأقيمت حيطانه من اللبن والطين » وجعل سقفه من جريد النخل » وعمده الجذوع » وفرشت - 
أرضه من الرمال والحصباء » وجعلت له ثلاثة أبواب ٠‏ وطوله بما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع » 
واحانبان مثل ذلك أو دونه » وكان اساضة قريب من ثلاثة أذرع . ظ 

- 184 - 


وبى بيوتا إلى جانبه » بيوت الحجر باللسن ؛ وسقفها بالجريد والجذوع ٠‏ وهي حجرات 
أزواجه مُه » وبعد تكامل الحجرات انتقل إليها من بيت ألي أيوب() 

ولم يكن المسجد موضعا لأداء الصلوات فحسب » بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون 
تعاليم الاسلام وتوجيباته » ومنتدى تلتقي وتتالف فيه العناصر القبلية امختلفة التي طالما نافرت بينها 
التزعات الجاهلية وحرويها » وقاعدة لادارة جميع الشكون وبث الانطلاقات . وبرلانا لعقّد امالس 


الاستشارية والتنفيذية . 
لهم هناك دار ولا مال ولا أهل ولا بنون : 


وفي أوائل امهجرة شرع الأذان , النغمة العلوية التي تدوي في الآفاق » كل يوم خمس مرات ‏ 
والتي ترتج لما أنحاء عالم الوجود . وقصة رؤيا عبد الله بن زيد بن عبد ربه بهذا الصدد معروفة 
رواها الترمذي وأبو داود وأحمد وابن خزيمة29 . 


المؤاخاة بين المسلمين: 
كم النبي َه ( ببناء المسجد ) مركز التجمع والتالف ؛ ريسن اعررس ارو 
ما يأثره التاريغ » وهو عمل المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار . قال ابن القم : ثم اخى 
رسول الله عه بين المهاجرين والأنصار » في دار أنس بن مالك , وكانوا تسعين رجلاً » نصفهم 
من المهاجرين » ونصفهم من الأنصار » اختى ينهم على المواساة » ويتوارثون بعد الموت دون ذوي 
الأرحام » الى حين وقعة بدر » فلما أنزل الله عز وجل وأؤلواًا لامب بعص أو لوسَعْضٍِ» 
75:8١‏ )رد التوارث » دون عقد الأخوة . 


وقد قيل إنه اخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض موّاخاة ثانية ... والثبت الأول , 
والمهاجرون كانوا مستغنين باحو الأسلام وأخوة الدار وقرابة الفييئ عن عقدذ مواحاة لاف 
المقاجرين - الأنصار 5 ا هل 
01:0 صحيح البخاري ٠ ١‏ همههءع .6ه زاد المعاد 5/7ه . 


239 انظر بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني صه ١‏ 1 
5) زاد المعاد ؟/5ه . 





- 1868 


ومعنى هذا الإخاء ‏ ا قال محمد الغزالي ‏ أن تذوب عصبيات الجاهلية » فلا حمية إلا 
للاسلام » وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن , فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بمروءته وتقواه . 

قد جعل الرسول عَهِ هذه الأخوة عقداً نافذاً » لا لفظأً فارغاً » وعملاً يرتبط بالدماء 
والأموال » لا تحية تثرثر لوال 
بأروع الأمثال" . 

فقد روى البخاري أنهم لما قدموا المدينة آخعى رسول الله عه بين عبد الرحمن وسعد بن 
الربيع » فقال لعبد الرحمن : إني أكثر الأنصار مالا » فاقسم مالي نصفين , ولي امرأتان » فانظر 
أعجبهما إليك فسمها لي » أطلقها » فإذا انتقضت عدتها فتزوجها ‏ قال : بارك الله لك في أهلك 
ومالك » وأين سوقكم ؟ فدلوه على سوق بني قينقاع » فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط ومن » 
م تابع الغدو » ثم جاء يوم وبه أثر صفرة » فقال البي ع : مهم ؟ قال : : تروجت . قال كك 

سقت إليها ؟ قال . : نوأة من ذهب( 5 

وروى عن أي هريرة قال : قالت الأنصار للنبي ع : اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل . 
قال : لا . فقالوا : فتكفونا المؤنة » ونشرككم في القرة . قالوا : سمعنا وأطعنا”) . 

وهذا يدلنا على ما كان عليه الأنصار من الحفاوة البالغة بإخوانهم الملهاجرين » ومن التضحية 
والإيثار والود والصفاء , وما كان عليه المهاجرون من تقدير هذا الكرم حق قدره » فلم يستغلوه 
ول ينالوا منه إلا بقدر ما يقيم أودهم . 

سي د" لؤاخاة د ونان رجانه بعكو اوعاد راقم كتير وك 
ميثاق التتحالف الإسلامى: 

وكا قام رسول الله مُه بعقد المؤاخاة بين المؤمنين » قام بعقد معاهدة أزاح بها كل ما كان 
19 له السيرةاض 141144 . ٠‏ 
(؟) صحيح البخاري . باب إخاء النبي عَريُه بين المهاجرين والأنصار 5817/١‏ . 
)6 صحيح البخاري ‏ باب إذا قال : اكفني مؤنة النخل إلخ ١17/١‏ . 

-145- 


من حزازات الجاهلية , والنزعات القبلية » ولم يترك محالاً لتقاليد الجاهلية » وهاك بنودها 
ا 

, | بل ءِِ 6 | 5 8 ْ - 

هذا كتاب من محمد النبي - عَيّهِ - بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويغرب ومن تبعهم 
فلحق بهم » وجاهد معهم : 

. أمهم أمة واحدة من دون الناس‎ )١( 

(؟) المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم » وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط 
بين المؤمنين » وكل قبيلة من الانصار على ربعتهم يتعاقلون مغاقلهم الأولى » وكل طائفة منهم 

(") وأن المؤمنين لا يتركون مفرحاأ بينبم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل . 

(5) وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم , أو ابتغى دسيعة7© ظلم أو إِثم أو عدوان أو 
فساد بين الو منين . 

' وأن أيديبم عليه جميعاً 4 ولو كان ولد أحدهم‎ (0 ١ 

(1) ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر . 

(0) ولا ينصر كافرا على مؤمن . 

(8) وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم . 

(9) وأن من تبعنا من يبود فإن له النصر والأسوة ‏ غير مظلومين ولا متناصرين عليهم . 

)٠١(‏ وأن سلم المؤمنين واحدة , لا يسالم مؤمن دون مؤمن ني قتال في سبيل الله إلا على 
سواء وعدل بينهم . 

. وانه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا , ولا يحول دونه على مؤمن‎ )١١( 

. وأنه من اعتبط مؤمنا!" قتلاً عن بينة فإنه قود به , إلا أن يرضى ولي المقتول‎ )١5( 


الله 5 رح وا اموسر ا 1 
)١(‏ الدسع : الدفع كالدسر . والمعنى أي طلب دفع ظلم . لسان العرب بتصرف . 
1 اعتبط مؤمنا قتلاً : قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله . لسان العرب . 


/1/1 عبد 


)١4(‏ وأن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه 

)١١(‏ وأنه لا يحل لمؤّمن أن ينصر محدثا ولا يؤويه » وانه من نصره أو اواه فإن عليه لعنة الله 
وغضبه يوم القيامة » ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل . 

. وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد عَدُعُه'"‎ )١11( 
أثر المعنويات فى المجتمع: ظ‎ 
هذه الظاهرة أ ب كان يتممع با أراك الأجاد بفضل صحبة الب عله ؛ ركان‎ [ 
النبي َيه يتعهدهم بالتعليم والتربية وتزكية النفوس والحث على مكارم الأخلاق » ويؤدبهم‎ 
. باداب الود والاخاء والمجد والشرف والعبادة والطاعة‎ 

سأله رجل : أيّ الاسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام » وتقرا السلام على من عرفت ومن 
لم تعرف(" . 

قال عبد الله بن سلام : لما قدم النبى عَيْيُه المدينة جكت »ء فلما تبينت وجهه , عرفت أن 
وجهه ليس بوجه كذاب . فكان أول ما قال : يا أيها الناس أفشوا السلام : وأطعموا الطعام , 
وصلوا الأرحام » وصلوا بالليل والناس نيام » تدخلوا الجنة بسلام(" . 

وكان يقول 0 يدخحل الجنة من لا 0 جاره بوائقه(*) 5 

ويقول : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” . 


)١(‏ ابن هشام 5.17/١‏ ".ه. 

(1) صحيح البخاري 5/١‏ » 

)0 رواه الترمذي وابن ماجه 5 . مشكاة المصابيح ١58/١‏ . 
(4:) رواه مسلم , مشكاة المصابيح 171/7 . 

(7-5) صحيح البخاري 5/١‏ . 


-مةا- 


ويقول : المؤمنون كرجل واحد » إن اشتكى عينه اشتكى كله » وإن اشتكى رأسه اشتكى 


كله() , 
ويقول : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" . 
ويقول : لا تبائغضوا , ولا تحاسدوا » ولا تدابروا » وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن 
بجر أخاه فوق ثلاثة أيام( . 
ويقول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه » ومن كان في حاجة أخيه كان الله في 


حاجته » ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة 6 ومن سر سلما 
سمعر ه الله يوم القيامة9؟؟ , 


ويقول : ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء0 . 

ويقول : ليس المؤّمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جانبه" . 

ويقول : سباب المؤمن فسوق . وقتاله كفر" . 

وكان يجعل : إماطة الأذى عن الطريق صدقة . ويعدها شعبة من شعب الايمان» . 

وكان يحثهم على الانفاق ويذكر من فضائله ما تتقاذف إليه القلوب » فكان يقول : 
الصدقة تطفىء الخطايا ما يطفىء الماء النار©» . 


ويقول : أيما مسلم كسا مسلما ثوبا على عري , كساه الله من خضر الجنة » وأيما مسلم 





. 477/١ رواه مسلم, مشكة المصابيح‎ )١( 

. 840/1 متفق عليه » مشكاة المصابيح 5 .»؛ صحيح البخاري‎ )١( 

1 صحيح البخاري 855/7 . 

(5) متفق عليه مشكاة المصابيح 4717/7 . 

. ١1/٠١ ؛ جامع الترمذي‎ ١6/9 دن ان داود‎ 25١ 

(1) روآه الببيقي في شعب الإيمان . مشكاة المصابيح 494/١‏ . 

690 صحيح البخاري 8937/5 . 

2 والحديث في ذلك مروي في الصحيحين , انظر مشكاة المصابيح ١517/١1/١‏ . 
(9) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه , مشكاة المصابيح ١4/١‏ . 


2 


أطعم مسلما على جوع أطعمه الله من ثمار الحنة » وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من 
الرحيق الخختوم(2 . 

ويقول : اتقوا النار ولو بشق ثّرة ء فإن لم تحد فبكلمة طيبة2 . 

ويجانب هذا كان يحث حثاً شديداً على الاستعفاف عن المسألة » ويذكر فضائل الصبر 
والقناعة » كان يعد المسألة كدوحاً أو خدوشأً أو خموشأ في وجه السائل2” . اللهم إلا إذا كان 
مضطرا . كا كان يحدث هم بما في العبادات من الفضائل والأجر والثواب عند الله وكان يربطهم 
بالوحي النازل عليه من السماء ربطأً موثقاً يقرؤه عليهم » ويقرؤونه » لتكون هذه الدراسة إشعاراً بم 
عليهم من حقوق الدعوة » وتبعات الرسالة » فضلاً عن ضرورة الفهم والتدبر . 

وهكذا رفع معنوياتهم ومواهبهم » وزودهم بأعلى القيم والأقدار والمثل » حتى صاروا صورة 
لأعلى قمة من الكمال عرفت في تاريخ البشر بعد الأنبياء . 

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : من كان مستنا فليستن يمن قد مات » فإن الحي 
لاتؤمن عليه الفتنة » أولئك أصحاب محمد عََِهِ . كانوا أفضل هذه الأمة , أبرها قلوباً , 
الع ا ا 
واتبعوهم على أثرهم » وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم » فإنهم كانوا على المهدى 
00-6 

م إن هذا الرسول القائد الأعظم 2 كان يتمتع من الصفات المعنوية والظاهرة » ومن 

00 والمواهب والأيجاد والفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال » بما جعلته بوي إليه 
الأفقدة » وتتفانى عليه النفوس » فما يتكلم بكلمة إلا ويبادر صحابته - رضي الله عنهم - إلى 
امتثالها » وما يأتي برشد وتوجيه إلا ويتسابقون إلى التحلي به . 


عثل هدا استطاع النبي عَييدُهِ أن يبني في المدينة مجتمعا جديدا ؛ اروع واشرف مجتمع عرفه 


. ١59/١ سنن أبي داود » وجامع الترمذي . مشكاة المصابيح‎ )١( 

.49.0/7505١90/١ صحيح البخاري‎ )١( 

(6) انظر في ذلك أبا داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي » مشكاة المصابيح ١77/١‏ . 
(4) رواه رزين » مشكاة المصابيح . 


لانت 


التاريخ » وأن يضع لمشاكل هذا المجتمع حلا تتنفس له الانسانية الصعداء » بعد أن كانت تعبت 
عاقب الزمان ووراجر الطلمات . 
الزمان حتى صرف وجهتها » وحول مجرى التاريم والايام . 


"1 


معاهدة مع اليهود 


بعد أن هاجر النبي مه إلى المدينة » ووثق من رسوخ قواعد المجتمع الإسلامي الجديد , 
بإقامة الوحدة العقائدية والسياسية والنظامية بين المسلمين » رأى أن يقوم بتنظم علاقاته بغير 
المسلمين , وكان همه في ذلك هو توفير الأمن والسلام والسعادة والخير للبشرية جمعاء » مع تنظم 
ل ل ن السماح والتجاوز التي لم تعهد في عالم ملء 

وأقرب من كان يجاور المدينة من غير المسلمين هم اليبود - 6 أسلفنا ‏ وهم وإن كانوا 
ييطنون العداوة للمسلمين » لكن لم يكونوا أظهروا أية مقاومة أو خصومة بعد ؛ فعقل معهم 
رسول الله عه معاهدة ترك لهم فيها مطلق الحرية في الدين والمال » ولم يتجه إلى سياسة الإبعاد 
أو المصادرة والخصام . 

وجاءت هذه المعاهندة ضمن المعاهدة التي تمت بين المسلمين أنفسهم » والتي مر ذكرها 
ري وهاك أهم بنود هذه المعاهدة : 


بنود المعاهدة: 
0 ضفي عف نامع الزن البو هيم ولمسلمن م ام ودب 
ام-9 
() وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة . 


050 وإن بينهم النصح والنتصيحة » والبر دوك الحم : 
2 13ت 


. (0) وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه . 

(1) وإن النصر للمظلوم . 

(7) وإن البهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين . 

(4) وإن يغرب حرام جوفها لأجل هذه الصحيفة . 

(9) وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى 
الله عز وجل » وإلى محمد رسول الله َه . 

. وإنهلا نُجارٌ قريش ولا من نصرها‎ )٠١( 

)١١(‏ وإن بينهم النصر على من دهم يثرب ... على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي 

(؟١)‏ وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالح أو اثم0'" . 

وبإبرام هذه المعاهدة صارت المدينة وضواحيها دولة وفاقية » عاصمتها المدينة ورئيسها - إن 
صح هذا التعبير - رسول الله عه » والكلمة النافذة والسلطان الغالب فيها للمسلمين , ويذلك 


صف المدينة عاصمة حقيقية للاسلام : 


ولتوسيع منطقة الأمن والسلام عامد النبي عَيلّه قبائل أخرى في المستقبل بمثل هذه 


)3( انظر ابن هشام ١/".م‏ 5.ه. 


2157 


الكفاح الدامي 


استفزازات قريش ضد المسلمين بعد الهجرة واتصالهم بعبدالله بن أبس : 

قد أسلفنا ما كان يأتي به كفار مكة من التنكيلات والويلات ضد المسلمين » وما فعلوا هم 
عند الحجرة , مما استحقوا لأجلها المصادرة والقتال » إلا أمهم لم يكونوا ليفيقوا من غيهم » ويمتنعوا 
عن عدوائهم : ؛ بل زادهم غيظاً أن فاتهم المسلمون ووجدوا مأمناً ومقرأً بالمدينة » فكتبوا إلى عيد 
الله بن أبي بن سلول » وكان إذ ذاك مشركا بصفته رئيس الأنصار قبل المهجرة - فمعلوم أنسم كانوا 
مجتمعين عليه » وكادوا يجعلونه ملكأ على أنفسهم لولا أن هاجر رسول الله عي وأمنوا به - كتبوا 
إليه وإلى أصحابه المشركين يقولون لهم في كلمات باتة : 

إنكم اويتم صاحبنا » وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه » أو لنسيرن إليكم بأجمعنا » حتى 
نقتل مقاتلتكم » ونستبيح نساء 08" . 

وبمجرد بلوغ هذا الكتاب قام عبد الله بن ألي لمتثل أوامر إخوانه المشركين من أهل مكة 
- وقد كان يحقد على النبي عَِدُِ , لما يراه أنه استلبه ملكه ‏ يقول عبد الرحمن بن كعب : فلما 
بلغ ذلك عبد الله بن أي ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقئال رسول الله َيه » فلما 

بلغ ذلك النبي عَيْيتهِ لقهم , فقال : لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ » ما كانت تكيدم بأكثر 
ما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم » تريدون أن تقاتلوا أبناءم وإخوانكم ؛ فلما سمعوا ذلك من 
النبي ميل ته تفرقوا'! . 

ظ امتنع عبد الله بن ألي بن سلول عن إرادة القعال عند ذاك ؛ لما رأى خورا أو رشداً في 
)١(‏ أبو داود باب خبر النضير . 
(؟) نفس المصدر . 

ظ 144 


أصحابه » ولكن يبدو أنه كان متواطئاً مع قريش » فكان لا يجد فرصة إلا وينتهزها لإيقاع الشر 
بين المسلمين والمشركين » وكان يضم معه اليهود ؛ ليعينوه على ذلك » ولكن تلك هي حكمة 
النبي عله التي كانت تطفىء نار شرهم حينا بعد حين" . 


إعلان عزيمة الصد عن المستحد الجراه: 

ثم إن سعد بن معاذ انطلق إلى مكة معتمراً » فنزل على أمية بن خلف بمكة . فقال لأمية : 
انظر لي ساعة خلوة لعلى أن أطوف بالبيت » فخرج به قريبا من لقف اهار » فلقيهما أبو جهل 
فقال : يا أبا صفوان » من هذا معك ؟ فقال : هذا سعد » فقال له أبو جهل : آلا أراك تطوف 
بمكة امنا وقد اويتم الصباة » وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم » أما والله 0 أنك مع أي 
صفوان ما رجعت إلى أهلك سالا » فقال له سعد ورفع صوته عليه : أما والله لئن منعتني هذا 
لأمنعك ما هو أشد عليك منه » طريقك على أهل المدينة"! . 


قريش تهدد المهاجرين: 

ثم إن قريشأ أرسلت إلى المسلمين تقول هم : لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يغرب » سناتيكم 
فنستأصلكم ونبيد خضراء م في عقر دار؟'" . 

ول يكن هذا كله وعيدا جردا » فقد تأكد عند رسول الله َيه من مكائد قريش وإرادتها 
على الشر ما كان لأجله لا يبيت إلا ساهراً » أو في حرس من الصحابة » فقد روى مسلم في 
صحيحه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سهر رسول الله يَكِيدٌ مقدمه المدينة ليلة» فقال: 
ليت رجلاً صا حا من أصحابي يحرسني الليلة » قالت فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح : 
فقال : من هذا ؟ قال : سعد بن أي وقاص . فقال له رسول الله عَكْيتِ : ما جاء بك ؟ فقال : 
وقع في نفسبي خخوف على رسول الله َيه ٠‏ فجئت أحرسه , فدعا له رسول الله عه »ثم 


. 9740915585 انظر في هذا الصدد صحيح البخاري ؟/5788‎ )١( 

2( صحيح البخاري ؛ كتاب المغازي . 

0) رحمة للعالمين ١١5/١‏ . 

05 مسلم باب فضل سعد بن أي وقاص 5 واللفظ له » وصحيح البخاري ‏ باب الحراسة في الغزو في 
سبيل الله 4١4/١‏ . 


186 


ولم تكن هذه الحراسة مختصة ببعض الليالي بل كان ذلك أمرأ مستمرا » فقد روى عن 


عائشة قالت : كان رسول الله ده حرس ليلا حتى نزل وو أهَهبَعَصِمَك م ناتاس 
فأخرج رسول الله عَييلك رأسه من القبة : فقال : يا أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمني الله عز 
جل" . ٠‏ 

ص 


ولم يكن الخطر مقتصرا على رسول الله عَيكه ٠‏ بل على المسلمين كافة » فقد روى أبي بن 
كعب » قال : لما قدم رسول الله ع وأصحابه المدينة واوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس 
واحدة » وكانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ولا يصبحون إلا فيه . 


الإذن بالهتال: 
ٍ هذه الظروف.الخطيرة التي كانت تهدد كيان المسلمين بالمدينة , ولي الات تنبىء عن 
قريش ا لا يفيقون عن غيهم ) ولا يمتنعون عن عردهم ال أنزل الله ا الإذنٍ القتال 


2-2 212 0 


للمسلمين » ولم يفرضه عليهم قال تعالى : 9 أذن للذين يعدتلوريت نَهُم ظلْموأوإنَالله 
علْنصرهم لَفَرِيرٌ 6 :7١(‏ 09). 

وأنزل هذه الاية مغر ايات أرء* شدتهم إلى أن هذا الآذن إنما هو الإزاحة الباطل ‏ 0 
شعائر الله » قال تعالى : <( لي محر ضما موا الصلوة وءاتوألركر: 
مايا لمع روف وَبَهَواْعِنالْمسَكن 4 .)4١:70‏ 

والصحيح الذي لا مندوحة عنه أن هذا الاذن إنما نزل بالمدينة بعد الهجرة , لا بمكة . 
ولكن لا يمكن لنا القطع بتحديد ميعاد التزول . 

نزل الإذن بالقتال » ولكن كان من الحكمة إزاء هذه الظروف - التي مبعثها الوحيد هو قوة 
قريش وتمردها ‏ أن يبسط المسلمون سيطرتهم على طريق قريش التجارية المؤدية من مكة إلى 
الشام » واختار رسول الله عه لبسط هذه السيطرة خطتين : 

الأولى : عقد معاهدات الحلف أو عدم الاعتداء مع القبائل التي كانت مجاورة لهذا 
اللريق + أو كانت اللطل ماين هذا الطريزونا ببح اليدة رود سانا بابي ب 10 يم 


(1) جامع الترمذي أبواب التفسير ١70/7‏ . 
ات 


الييود » وكذلك كان عقد معاهدة الحلف أو عدم الاعتداء مع جهينة قبل الأخذ في النشاط 
العسكري . وكانت مساكتهم على ثلاثة مراحل من المدينة » وقد عقد معاهدات أثناء دورياته 
العشكرية وساق ذكهاء 

الثانية : إرسال البعوث واحدة تلو الأخرى إلى هذا الطريق . 


الغزوات والسرايا قبل بدرا": 

ولتنفيذ هاتين الخطتين يدا'ق المي النشاط المكري نظ يعد ازول الاذن بالقتال , 
وقاموا بحركات عسكرية هي أشبه بالدوريات الاستطلاعية » وكان المطلوب منها هو الذي أشرنا 
إليه من الاستكشاف والتعرف على الطرق المحيطة بالمدينة » والمسالك المؤدية إلى مكة » وعد 
المعاهدات مع القبائل لني مساكتها على هذه الطرق » وإشعار مشركي, يغرب ويبودها وأعراب 
البيادية الضاربين حوفا بأن المسلسن أقوياء » وأنهم تخلصوا من ضعفهم القديم » وإنذار قريش 
عقبى طيشها » حتى تفيق عن غيها الذي لا تزال تتوغل في أعماقه » وعلها تشعر بتفاقم الخطر 
على اقتصادها وأسباب معايشها فتجنح إلى السلم , وتمتنع عن إرادة قتال المسلمين في عقر 
دارهم » وعن الصد عن سبيل الله » وعن تعذيب المستضعفين من المؤمنين في مكة » حتى 
يصير المسلمون أحراراً في إبلاغ رسالة الله في ربوع الجزيرة . 

وفها يلي أحوال هذه السرايا بالإيجاز : 

ةا سي البخر اق رمضان نه 1نف الموافق سنة ذم آم رسول أت عل 
على هذه السرية حمزة بن عبد المطلب , وبعثه في ثلائين رجلاً من المهاجرين » يعترض عيراً 
لقريش جاءت من الشام » وفيها ابو جهل بن هشام في ثلاتمائة رجل » فبلغوا مك الك يبرن 
ناحية العيص”'' . فالتقوا واصطفوا للقمال . فمشى مجدي بن عمرو الجهني - ركان حليفاً 
للفريقين جميعاً ‏ بين هؤلاء وهؤلاء . حتى حجز بينهم » فلم يقتتلوا . 

وكا الوا سهرة اول لوا عفدو رفول الله 12 .ركان ابض #بوكان كجامله آنا فرثد 
كناز بن حصين الغنوي . 
)01 سمى المؤرخحون ما خرج فيه النبي عي بنفسه غزوة » حارب فيبا أم لم يحارب وما خرج فيه أحد قادته سرية . 
(؟) العيص - بالكسر - مكان بون ينبع والمروة ناحية البحر الأحمر . 

- 191/2 





١‏ - سرهة رابغ » في شوال سن ١‏ من المجرة - أل سنة 61م + بسث رسول لله ع 
عبيدة بن الحارث بن المطلب في ستين راكب من المهاجرين , فلقي أبا سفيان وهو في مائتين ‏ 
على بطن رابغ » وقد ترامى الفريقان بالنبل » ولم يقع قتال . 
وفي هذه السرية انضم رجلان من جيش مكة إلى المسلمين » رهما المقداد بن عمرو المهراني » 
وعتبة بن غزوان المازني » وكانا مسلمين » خرجا مع الكفار ؛ ليكون ذلك وسيلة للوصول إلى 
المسلمين . وكان لواء عبيدة أبيض » وحامله مسطح بن أثائة بن المطلب بن عبد مناف . 

 '“‏ مسرية الخرَّار2'2 . في ذي القعدة سنة ١ه‏ الموافق مايو سنة 5377م » بععث رسول 
لله عه سعد بن أني وقاص في عشرين راكباً . يعترضون عير لقريش ٠»‏ وعهد إليه أن لا يجاوز 
الخرار » فخرجوا مشاة يكمنون بالنبار ويسيرون بالليل حتى بلغوا الخرار صبيحة خمس » فوجدوا 
العير قد مرت بالاامس 

كان لواء سعد رضي الله عنه أبيض » وحمله المقداد بن عمرو . 

؛ - غزوة الأبواء أو ودان”2 - في صفر سنة 1ه الموافق أغسطس سنة 5177م » خرج 
رسول الله عَم بنفسه , بعد أن استخلف على المدينة سعد بن عبادة » في سر مدن .رجلا عن 
د الع بدا اباو ان ا واي 


زمانه « وهاك نص المعاهدة : ٠‏ 


هذا كتاب من محمد رسول الله لبني ضمرة ؛ فإنهم امنون على أمواهم وأنفسهم وإن لهم 
لسر يعن و زات ١‏ أن غاريرا ديق اله )ساو كر هين : راد الى إن دعام الهيره 
أجابوه" . 

وهذه أول غزوة غزاها رسول الله عه » وكانت غيبته خمس عشرة ليلة » وكان اللواء 
أبيض » وحامله حمزة بن عبد المطلب . 
(1) الخرار - بالفتح فالتشديد ‏ بالقرب من الجحفة . ' 
(؟) وداث ‏ بالفتح فالتشديد . موضع بين مكة والمدينة » بينه وبين رابغ مما يلي المدينة تسعة وعشرون ميلا » 

والابواء موضع بالقرب من ودان . 
() انظر المواهب اللدنية 0/١‏ وشرحه للزرقاني . 


-1١548- 


ه - غزوة بواط » في شهر ربيع الأول سنة اه سبتمبر سنة 5177م » خرج رسول 
الله َه في مائتين من أصحابه , يعترض عيراً لقريش فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل 
من قريش » وألفان وخمسمائة بعير » فبلغ بواطا من ناحية رضوى'"' ولم يلق كيدا . 

واستخلف في هذه الغزوة على المدينة سعد بن معاذ » واللواء كان أبيض » وحامله سعد بن 
أي وقاص رضي الله عنه . 

- غزوة سفوان » في شبر ربيع الأول سنة ٠ه‏ سبتمبر سنة 77م أغار كرز بن جابر 
الفهري في قوات خفيفة من المشركين على مراعي المدينة » ونبب بعض المواشي » فخرج رسول 
لله ينه في سبعين رجلاً من أصحابه لمطاردته » حتى بلغ وادياً يقال له سفوان من ناحية بدر , 
ولكنه لم يدرك كرزأ وأصحابه » فرجع من دون حرب » وهذه الغزوة تسمى بغزوه بدر الأولى . 

واستخلف في هذه الغزوة على المدينة زيد بن حارثة » وكان اللواء أبيض » وحامله علي بن 
أبي طالب . 

- غزوة ذي العشيرة - فى جمادي الأولى » وجمادي الآخرة سئة ١ه‏ الموافق توقمير 
وديسمبر سئة 5377م » خخرج رسول الله يله في خمسسين ومائة ويقال : في ماثتين » من 
المهاجرين » ولم يكره أحدا على الخروج , وخرجوا على ثلاثين بغرا يعتقيونا «يغازضون خيرا 
لقريش » ذاهبة إلى الشام » وقد جاء الخبر بفصوها من مكة فيها أموال لقريش », فبلغ ذا 
العشيرة!" » فوجد العير قد فاتته بايام » وهذه هي العير التي خرج ني طلبها حين رجعت من 
الشام » فصارت سبباً لغزوة بدر الكبرى . 

وكان خروجه عَُهِ في أواخر جمادى الأولى » ورجوعه في أوائل جمادى الآخرة على ما قاله 
ابن إسحاق » ولعل هذا هو سبب اختلاف أهل السير في تعيين شبر هذه الغزوة . 

وف هذه الغزوة عقد رسول الله عَويك معاهدة عدم اعتداء مع بني مدلح وحلفائهم من بني 
ضمرة . 


)1١(‏ 2 بواط ( بالضم ) ورضوى , جبلان فرعان أصلهما من جبال جهينة : ثما يلي طريق الشام ٠‏ بينه وبين المدينة نحو 


(1) العشيرة - مصغرا » ويقال : العشيراء بالمد » وقيل : العسيرة بالمهملة - موضع بناحية ينبع . 
1١99‏ 


واستتخلف على المدينة في هذه الغزوة أبا سلمة بن عبد الأسد امخزومي ‏ وكان اللواء في هذه 
الغزوة أبيض » وحامله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه . 

#حاسريةا خلة - في رجب سنة اه الموافق يناير سنة 53م » بعث رسول الله عي 
عبد الله بن - جحش الأسدي إلى نحلة في اثني عشر رجلاً من المهاجرين » كل اثنين يعتقبان على 

وكان رسول الله يك كتب له كتاباء وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين » ثم ينظر 
فيه . فسار عبد الله » ثم قرا الكتاب بعد يومين , فإذا فيه ؛ إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى 
تتزل تخلة بين مكة والطائف » فترصد بها عير قريش » وتعلم لنا من أخبارهم » فقال : سمعا 
وطاعة » وأخبر أصحابه بذلك » وأنه لا يستكرههم . فمن أحب الشهادة فلينبض » ومن كره 
الموت فليرجع » وأما أنا فناهض .» فنبضوا كلهم , غير أنه لما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن 
أي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه , فتخلفا في طلبه . 

وسار عبد الله بن جحش حتى نزل بنخلة » فمرت عير لقريش تحمل زبيباً وأدمأ وتجارة ‏ 
وفيها عمرو بن الحضرمي وعثان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة والحكم بن كيسان مول بني. . 
المغيرة » فتشاور المسلمون وقالوا : نحن في آخر :يوم من رجحب + الشير الحرام ٠.‏ فإن فانلناهم 
انتبكنا الشهر الحرام » وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم : ثم اجتمعوا على اللقاء » فرمى أحدهم 
عمرو بن الحضرمي فقتله » وأسروا عثان والحكم , وأفلت نوفل , ثم قدموا بالعير والأسيرين إلى 
المدينة » وقد عزلوا من ذلك الخمس » وهو أول خمس كان في وم 
وأول أسيرين في الإسلام . 

وأنكر رسول الله عه ما فعلوه . وقال :ما أمرتكم بقعال في الشهر الحرام : ووقق التصرف 
في العير والأسيرين . 0 / ٌ ا 

ووجد المشركون فيا حدث فرصة لاتهام المسلمين بانهم قد أحلوا ما حرم الله » وكثر في 
ذلك القيل والقال » حتتى نزل الوحي حاسماً هذه الأقاويل , وأن ما عليه المشركون أكبر وأعظم بما 
ارتكه المسلمون ‏ ظ 

«يحَلُوتَكَعَنِألكَم الحا ِقتَالِفِهِفلوِسَالَفِهِ كرسئُعْس لاه وَكفربه 
ا وي مِنهأ كر عِنْدَأََهوَالْفِقَنَة أحكبرينا مَل 4 00 

7 


فقد صرح هذا الوحي بأن الضجة التي افتعلها المشركون لاثارة الريبة في سيرة المقاتلين 
المسلمين لا مساغ لا . فإن الحرمات المقدسة قد انتبكت كلها ني محاربة الاسلام » واضطهاد 
أهله » ألم يكن المسلمون مقيمين بالبلد الخرام حين تقرر سلب أموالهم وقتل نبيهم ؟ فما الذي 
أعاد لهذه الحرمات قداستها فجأة » فأصبح انتهاكها معرة وشناعة ؟ لا جرم أن الدعاية التي أذ 
ينشرها المشركون دعاية تبتبى على وقاحة ودعارة . 

وبعد ذلك أطلق رسول الله َي سراح الأسيرين , وأدى دية المقتول إلى أوليائه" . 


* * * 


تلكم السرايا والغزوات قبل بدر » لم يجر في واحدة منها سلب الأموال وقتل الرجال » إلا 
بعد ما ارتكبه به المشركون في قيادة كرز بن جابر الفهري » فالبداية نما هي من المشركين مع 
ما كانوا قد أوتوه قبل ذلك من الأفاعيل ش 

وبعد وقوع ما وقع في سرية عبد الله بن جحش تحقق خوف المشركين » وتجسد أمامهم 
الخطر الحقيقي » ووقعوا فها كانوا يحشون الوقوع فيه » وعلموا أن المدينة في غاية من التيقظ 
والتربص » تترقب كل حركة من حركاتهم التجارية » وأن المسلمين يستطيعون أن يزحفوا إلى 
ثلاثمائة ميل تقريباً » ثم يقتلوا ويأسروا رجاهم » ويأخذوا أموالهم » ويرجعوا سالمين غانمين » وشعر 
هؤلاء المشركون بأن تحارتهم إلى الشام أمام خطر دائم » لكنهم بدل أن يفيقوا عن غيهم ويأخذوا 
طريق الصلاح والموادعة - ك! فعلت جهينة وبنو ضمرة ‏ ازدادوا حقداً وغيظا » وصمم 
صناديدهم وكبراؤهم على ما كانوا يوعدون ويبددون به من قبل , من إبادة المسلمين في عقر 
دارهم » وهذا بي 0 جاء بهم إلى بدر . 


0 ع كر 


95 لويد يم حايص 1 رايا وأفتلو, مب مد وو 

)١١‏ أخحذنا تفاصيل هذه السرايا والغزوات من زاد المعاد ؟/7م » 4 , هلىء وابن هشام 551/١‏ إلى 508 غ 
ورحمة للعالمين ١/ه١١521١١51/ه١5 4585١5‏ 4552 7غ وفي إللصادر اختلاف في ترتيب 
هذه الغزوات والسرايا » وني تعيين عدد الخارجين فيبا - واعتمدنا في ذلك على تحقيق العلامة ابن الْقيم والعلامة 
المنصورفوري . 


2-1 


ري »© 


وَل 2 س4 م ووله جع امه 2 م 2 0 “ 
أحرجوة: والفدنة أَسَدمن ْمَل وَلَانْقئلوهم عير الس ركهَرَامِ حَ يفتاوكم ولج 
0 ش لجز الك بن () و انوأ ونه عَمُوريَحِم 79 ووه حي لاتَكُون دنه 


014 صر 2 


فيكت الله نبوا مَلاعْدون اللاي 4 ١17:1: "١‏ ل 


ثم م لم يلبث أن أنزل الله تعالى علدهم ايات من نوع أخبر ؛ يعلمهم فيبا طريقة القتال » ويحثهم 
وارء بيرك م 


عليه » ويبين لهم بعض أحكامه ١‏ فَإِذا لقيتم الزن كدرو صرب لرقابحوة إ1 شوشر دوأو قَ 
َك حوفت وراك نارهم ولك بابسا 
001 َنيضِلٌأعماهم ف )ا سيبديوم ويضلح 2 م دوه لاله 20 
كم © يميت -امثرار نكسب وأاه: يحرم وَييتَ قدا كر 4704 :4 » 35128 0 


ثم ذم الله الذين طفقت أفهدتهم ترجف وتخفق حين سمعوا الأمر بالقتال : # فد 1 أنزكَ 


سورة حَكمَه وَدكرَفهها الَْسَال ريتَألدنَ في دلوم مرَص ينظ رويك تر الْممْشيَ 
عليه مِنَالْمَوَبٌ 4 الآية 617 .)3٠6‏ 


حي ىن اب 





وإيجاب القتال والحض عليه » والأمر بالاستعداد له هو عين ما كانت تقتضيه الأحوال » 
ولو كان هناك قائد يسبر أغوار الظروف لأمر جنده بالاستعداد لجميع الطوارىء » فكيف بالرب 
العليم المتعال » فالظروف كانت تقتضي عراكاً دامياً , بين الحق والباطل » وكانت وقعة سرية 
عبد الله بن جحش ضربة قاسية على غيرة المشركين وحميتهم » امتهم » وتركتهم بتقلبون على مثل 
الجمر . 

وآيات الأمر بالقتال تدل بفحواها على قرب العراك الدامي » وأن النصر والغلبة فيه 
للمسلمين نبائيا » انظر كيف يأمر الله المسلمين بإخخرا ج المشركين من حيث أخرجوهم » وكيف 
يعلمهم أحكام الجند المتغلب في الأسارى ؛ والاثخان في الأرض ؛ حتى تضع الحرب أوزارها 2 
٠‏ هذه كلها إشارة إلى غلبة المسلمين نبائياً . ولكن ترك كل ذلك مستوراً ؛ حتى يأتي كل رجل بما 

فيه من التحمس في سبيل الله . 
وفي هذه الأيام ‏ في شعبان ”ها/فبراير 4 57م - أمر الله تعالى بتحويل القبلة من بيت 
)1( حقق الأستاذ السيد أبو الأعى المودودي تحقيقاً مدللا أن سورة محمد نزلت قبل بدر ؛ راجع تفهم"القران 
ه336 . 
0" 


المقدس إلى المسجد الحرام » وأفاد ذلك أن الضعفاء والمنافقين من اليهود الذين كانوا قد دخلوا في 
صفوف المسلمين لاثارة البلبلة انكشفوا عن المسلمين » ورجعوا إلى ما كانوا عليه » وهكذا 
تطهرت صفوف المسلمين عن كثير من أهل الغدر والخيانة . 

وفي محويل القبلة إشارة لطيفة إلى بداية دور جديد » لا ينتبي إلا بعد احتلال المسلمين هذه 
القبلة » أو ليس من العجب أن تكون قبلة قوم بيد أعدائهم » وإن كانت بأيديهم فلا بد من 
غليضنا يؤما ها : 

وبعد هذه الأوامر والاشارات زاد نشاط المسلمين » واشتدت نزعاتهم إلى الجهاد في سبيل 
الله ولقاء العدو في معركة فاصلة . 


ا 


غزوة بدر الكبرى 
أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة 


سبب الغزوة: 

قد أسلفنا في ذكر غزوة العشيرة أن عيراً لقريش أفلتت من النبي عَيْتهُ في ذهابها من مكة 
إلى الشام » ولما قرب رجوعها من الشام إلى مكة بعث رسول الله مله طلحة بن عبيد الله 
وسعيد بن زيد إلى الشمال » ليقوما باكتشاف خبرها » فوصلا إلى الحوراء » ومكثا حتى مر بهما 
أبو سفيان بالعير » فأسرعا إلى المدينة » وأخبرا رسول الله عَيُْه بالخير . 

كانت العير مركبة من ثروات طائلة من أهل مكة . ألف بعير موقرة بالأموال » لا تقل عن 
خمسين ألف دينار ذهبي » ولم يكن معها من الحرس إلا نحو أربعين رجلا . 

إنها فرصة ذهبية لعسكر المدينة » وضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة ضد المشركين 
لو أمهم فقدوا هذه الثروة الطائلة » لذلك أعلن رسول الله َيِه في المسلمين قائلاً : هذه عير 
قريش فيها أموالهم » فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها .. 

ولم يعزم على أحد بالخروج » بل ترك الأمر للرغبة المطلقة » لا أنه لم يكن يتوقع عند هذا 
الانتداب أنه سيصطدم بجيش مكة ‏ بدل العير - هذا الاصطدام العنيف في بدر » ولذلك 
تخلف كثير من الصحابة في المدينة » وهم يحسبون أن مضي رسول الله عَيّهِ في هذا الوجه لن 
يعدو ما ألفوه في السرايا الماضية » ولذلك لم ينكر على أحد تخلفه في هذه الغزوة . 


مبلغ قوة الجيش الإسلامي وتوزيع القيادات: 
واستعد رسول الله عَيُْه للخروج ومعه ثلافائة وبضعة عشر رجلا (271» أو 23514 
87 رجلاً ) » 8١‏ أو 87 أو 86 من المهاجرين » و١5‏ من الأوس و١7١1‏ من الخزرج . ولم 


31 


يحتفلوا لهذا الخروج احتفالاً بليغأ » ولا اتحذوا أهبتهم كاملة » فلم يكن معهم إلا فرسان » فرس 
والثلاثة على بعير واحد » وكان رسول الله عه وعللّ ومرثد بن ألي مرثد الغنوي يعتقبون بعيرا 
واحدا . 

واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم » فلما كان بالروحاء ردٌ أبا لبابة بن 
عبد المنذز » واستعمله على المدينة . 

ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري » وكان هذا اللواء أبيض . 

وقسم جيشه إلى كتيبتين : 

. كتيبة المهاجرين » وأعطى علمها على بن أني طالب‎ - ١ 

- كتيبة الأنصار » وأعطى علمها سعد بن معاذ . 

0 المنصفئة يي 4 وعل ادر 0 
اده العامة في يده يرت أعلى للجيش : 
الجيش الاسلامى يتحرك نحو بدر: 

سار رسول الله عه في هذا الجيش غير المتأهب » فخرج من نقب المدينة » ومضى على 
الطريق الرئيسي المؤدي إلى مكة » حتى بلغ بثر الروحاء ولما ارتحل منها » ترك طريق مكة بيسار » 
وانحرف ذات الهين على النازية ( يريد بدرا ) » فسالك في ناحية منها » حتى جزع واديا يقال له 
رحقان » بين النازية وبين مضيق الصفراء » ثم مر على المضيق » ثم انصب منه حتى قرب من 
الصفراء » وهنالك بعث بَسبّسَ بن عمرو الجهني وعدي , أن الزغباء الجهني إلى بدر يتجسسنان 
له أخبار العير . 
النذير فى مكة: 

وأما نخبر العير فإن أبا سفيان ‏ وهو المسؤول عنبها كان على غاية من الحيطة والحذر , 
فقد كان يعلم أن طريق مكة تحفوف بالأخطار » وكان يتحسس الأخبار » ويسأل من لقي من 


5١0 


الركبان » ول يلبث أن نقلت إليه استخباراته بأن محمدا - عه - قد استنفر أصحابه ليوقع 
بالعير » وحينكذ استأجر أبو سفيان ضمم بن عمرو الغفاري إلى مكة » مستصرخاً لقريش 
بالنفير إلى عيرهم ٠‏ لهنعوه من محمد - َه - وأصحابه » وخرج ضمظم سريعاً حتى أنى 
مكة , فصرخ ب ببطن الوادي واقفأ على بعيره » وقد جدع أنفه » وحول رحله » وشق قميصه ) 
وقويزقول .با عدر افيتان + اللتلزمة 6« اللطيكة + اواكنع أو .سفياة فك عرض لا تت ل 
أصخابة+ لا ارق أن تدركوها + الغوث الغوث: 


اهل مكة يتجهزون للغزو: 

فتحفز الناس سراعا , وقالوا : أيظن محمد وأصحابه أن تكون كمير ابن الحضرمي ؟ كلا » 
واللّه ليعلمن غير ذلك » فكانوا بين رجلين , إما خخارج » وإما باعث مكانه رجلا » وأوعبوا في 
الخروج » فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أي لهب » فإنه عوض عنه رجلاً كان له عليه 
البح ا 0 


قوام الجيش المكى: 

وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلامائة مقاتل في بداية سيره » وكان معه مائة فرس وستائة 
0 وجمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط . وكان قائده العام أبا ال 
ددر عرب هين روال.” فن أخرانن قريق::فكائرة يكدرونا يروما انلها بويوفا عكير | رن 
الإبل . 

وما أجمع هذا الجيش على المسير » ذكرت قريش ما كان بينها وبين بني بكر من العداوة 
ظ والحرب » فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من ٠‏ الخلف » فيكونوا بين نارين » فكاد ذلك يثنيهم » 
ولكن حيئذ تبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن - جعثم المدلجي - سيد بني كنانة ‏ 
فقال لهم : أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه . 


ا" 


جيش مكة يتحرك: 

اعد خرجوا من ديارهم » 5 قال الله : «9 بطم وَرضَاء تاس و سدور عن سَييِلٍ 
3 © » وأقبلوا ما قال رسول الله عَيدُهُ - « بحدهم وحديدهم » يحادون الله ويحادون رسوله » , 
لوغ دواع ل حَرَدِقَرِ رن 4 ٠‏ وعلى حمية وغضب وحنق على رسول الله َيه وأصحابه » لاجتراء هؤلاء 
على قوافلهم . 

تحركوا بسرعة فائقة نحو الثمال في تجاه بدر » وسلكوا في طريقهم وادي عسفان , ثم قديد , 
ثم الجحفة » وهناك تلقوا رسالة جديدة من ألي سفيان يقول لهم فيها : إنكم إنما خرجتم لتحرزوا 
بر ورعااكر رأنزالكي ورف قياها/ ريه . 


وكان من قصة أبي سفيان أنه كان يسير على الطريق الرئيسي , ولكنه لم يزل حذرا متيقظاً . 
وضاعف حركاته الاستكشافية » ولما اقترب من بدر تقدم عيره » حتى لقي محدي بن عمرو ‏ 
وشألة عن يقن المقنينة #افقال:+ ها يريك أخدا أتكرفع الآ أن نقد رأيك را كيين قد أناها إلى هذا 
الحل + احقينا ق شن مسا ء 2 اتطلقا »ادن أبو فيان إلى فيناحهما » فأخذ من أبعار 
بعيرهماء ففته. فإذا فيه النوى . فقال : هذه والله علائف يغرب » فرجع إلى يزه ريما : 
وضرب وجهها محولاً اتجاهها نحو الساحل غرباً » تاركاً الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار 
ومهذا تجا بالقافلة من الوقوع في قبضة جيش المدينة » وأرسل رسالته إلى جيش مكة التي تلقاها في 
الجمحفة . 


هم الجيش المكي بالرجوع ووقوع الانشقاق فيه: 
ولاتحووحدة ا كانه جح مدقي ارو الك ار أبو جهل في 
كبرياء وغطرسة قائلا : والله لا نرجع حتى نرد بدرأ» فنقيم بها ثلاثاً فن: فننحر الجزور » ونطعم 
الطعام ) ؛ ونسقي الخمر ؛ وتعزف لنا القيان » وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا » فلا يزالون 
ولكن على رغم ألي جهل أشار الأخنس بن شريق بالرجوع فعصوه . فرجع هو وبنو زهرة 
والأقان 


- وكان حليفاً لهم ورئيساً عليهم في هذا النفير - فلم يشبد بدرأ زهري واحد ‏ ور حرالي 
ثلامائة رجل » واغتبطت بنو زهرة بعد برأي الأخنس بن شريق » فلم يزل فيهم مطاعاً معظماً . 
وأرادت بنو هاشم الرجوع » فاشتد عليهم أبو جهل » وقال : لا تفارقنا هذه العصابة حتى 
5-5 ظ 
فسار جيش مكة وقوامه ألف مقاتل بعد رجوع بني زهرة - وهو يقصد بدرا - فواصل 
سيره حتى نزل قريبا من بدر » وراء كثيب يقع بالعدوة القصوى على حدود وادي بدر . 


حراجة موقف الجيش الإسلامى : 

أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول الله عَكّه - وهو لا يزال في الطريق 
بوادي ذفران ‏ خبر العير والنفير , وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال 
للاجتناب عن لقاء دام » وأنه لابد من إقدام يينى على الشجاعة والبسالة » والجراءة » والحسارة » 
فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعما لمكانة 
قريش العسكرية:» وامتداداً لسلطانها السياسي » وإضعافاً لكلمة المسلمين وتوهيناً لها » بل ربما 
تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسداً لا روح فيه » ويجرؤٌ على الشر كل من فيه حققد أو غيظ 
على الاسلام في هذه المنطقة . 

وبعد هذا كله فهل يكون هناك أحد يضمن للمسلمين أن يمنع جيش مكة عن مواصلة 
او ودياك وي ويغزو المسلمين في عقر دارهم . كلا » فلو 
حدث من جيش المدينة نكول ما لكان له أسوأ الأثر على هيبة المسلمين وسمعتهم . ظ 
المجلس الاستشاريٍب ' 

ونظراً إلى هذا التطور الخطير المفاجىء عقد رسول الله يِه مبجلساً عسكرياً استشاريا 
أعلى » أشار ذ فيه إلى الوضع الراهن . » وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه » وقادته وعد ارخ 
قلوب فريق من 0 ؛ وخخافوا اللقاء الدامي »وهم الذين قال الله فم «ل كم أخْرجَكَ ريك من 
ظ يلحي نهر بفَامَن الْمَؤْمِنِينَ لَكرهُون 0 دكن لق بَتدَدائيَ كن 
هسَافُونلَأُلْمُوتٍِ وَهْمْينظرُونَ © وأما قادة الجيش ؛ فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن » 


ه١‎ 8- 





“م قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن » ثم قام المقداد بن عمرو فقال : ٠‏ يا رسول الله » امض لما 
أراك الله فنحن معك , والله لا نقول لك م قالت بنو إسرائيل لمومبى : اذهب أنت وربك 
فقاتلا إنا ههنا قاعدون » ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون , فو الذي بعنك 
بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه » . 

فقال له رسول الله عوك خيرا ودعا له به . 

وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين , وهم أقلية في الحيش » فأحب رسول الله لت 
أن يعرف رأي قادة الأنصار , لأمهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش » ولأن ثقل المعركة سيدور على 
كواهلهم , مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم ‏ فقال بعد سماع كلام 
هؤلاء القادة الثلاثة : ٠‏ أشيروا عل أيها الناس » وإنا يريد الأنصار » وفطن إلى ذلك قائد 
الانصار وحامل لوائبم سعد بن معاذ . فقال : 

والله » لكانك تريدنا يا رسول الله ؟ 

قال : أجل . 

قال : « فقد امنا بك » فصدقناك » وشهدنا أن ما جكت به هو الحق , وأعطيناك على ذلك 
عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة » فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو 
استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك » ما تخلف منا رجل واحد » وما نكره أن تلقى 
بنا عدوا غدا » إنا لصبر في الحرب » صدق في اللقاء » ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك » فصر 
بنا على بركة الله » . 

وني رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله عَويهِ : لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً 
عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم » وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم , فاظعن حيث شىت » 
وصل حبل من شئت . واقطع حبل من نكت » وخذ من أموالنا ما شعت » وأعطنا ما شعت » 
وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت » وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك » فو الله لشن 
سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك . ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته 
لخضناه معك . 

فسر رسول الله عه بقول سعد » ونشطه ذلك » ثم قال : سيروا وأبشروا » فإن الله تعالى 
قد وعدني إحدى الطائفتين , والله لكاني الآن أنظر إلى مصارع القوم . 

709 


ا حجيش الإسلامي يواصل سيره: 
ثم ارتحل رسول الله مُه من ذفران » فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر» ثم انحط منها إلى 
بلد يقال له الدية » وترك الحنان بيمين - وهو كثيب عظم الأصل ‏ ثم نزل قريباً من بدر . 


الرسول ‏ 55د - يقوم بعملية الاستكشاف: 

وهناك قام بنفسه بعملية الاستكشاف مع رفيقه في الغار أببي بكر الصديق رضي الله عنه » 
وبينا هما يتجولان حول معسكر مكة إذا هما بشيخ فى الغرات: ‏ سال سول أله 212 عن 
قريش وعن محمد وأصحابه ‏ سأل عن الجيشين زيادة في التكتم - ولكن الشيخ قال : لا أخبري 
حتى تخبراني ممن أنتّا ؟ فقال له رسول الله كه : إذا أخبرتنا أخبرناك » قال : أو ذاك بذلك ؟ 
قال : نعم . [ 

قال الشيخ : فإنه بلغني أن محمدأ وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ء فإن كان صدق الذي 
أخبرني فهو اليوم بمكان كذا وكذا - للمكان الذي به جيش المدينة - وبلغني أن قريشاً خرجوا 
يوم كذا وكذاء فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا ‏ للمكان الذي به 

ولما فرغ من خبره قال : من أنتا ؟ فقال له رسول الله ع نحن من ماء » ثم انصرف عنه » 
وبقي الشيخ يتفوه » ما من ماء ؟ أمن ماء العراق ؟ 


الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي: 

وق مساء ذلك اليوم بعث استخباراته من جديد » ليبحث عن أخبار العدو » وقام هذه 
العملية ثلاثة من قادة المهاجرين ؛ علي بن اللي طالب والزبير بن العوام وسعد بن ابي وقاص في نفر 
من أصجابه » ذهبوا إلى ماء بدر » فوجدوا غلامين يستقيان لجيش مكة ء فالقوا عليهما القبض 
وجاءعوا بهما إلى الرسول عَيَلهِ . وهو ني الصلاة » فاستخبرهما القوم , فقالا : نحن سقاة قريش 
بعثونا نسقيهم من الماء » فكره القوم ورجوا أن يكونا لأبي سفيان - لا تزال في نفوسهم بقايا أمل 
في الاستيلاء على القافلة ‏ فضريوهما موجعاء حتى اضطر الغلامان أن يقولا : نحن 

لأبي سفيان » فتركوهما . 

7١ ظ‎ 


ولما فرغ رسول الله َيه عن الصلاة قال لهم كالعاتب : إذا صدقام ضرت,هما وإذا 
كذبام تركتموهما » صدقا والله » إنهما لقريش . 

ثم خاطب الغلامين قائلاً : أخبراني عن قريش » قالا : هم وراء هذا الكثيب الذي ترى 
بالعدوة القصوى , فال هما : 5 القوم ؟ قالا : كثير . قال : ما عدتهم ؟ قالا : لا ندري » 
قال : 5 ينحرون كل يوم ؟ قالا : يوما تسعاً ويوماً عشرا » فقال رسول الله عه : القوم فها بين 
التسعمائة إلى الألف , ثم قال هما : فمن فيهم من أشراف قريش ؟ قالا : عتبة وشيبة ابنا ربيعة » 
وأبو دريو عار رحتنا ٠‏ ونوفل بن خويلد . والحارث بن عامر » وطعيمة بن 
عدي » والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود , وأبو جهل بن هشام » وأمية بن خلف في رجال 
مميأاهم . 

فأقبل رسول الله عله على الناس » فقال : هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها . 


نزول المطر: ظ 

وأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطرأً واحداً » فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من 
التقدم » وكان على المسلمين طلا طهرهم به » وأذهب عنهم رجس الشيطان » ووطأً به الأرض » 
وصلب به الرمل » وثبت الاقدام » ومهد به المنزل » وربط به على قلومهم . 


الجيش الإسلامى يسبق إلى أهم المراكز العسكرية: 

وتحرك رسول الله ع بجيشه » ليسبق المشركين إلى ماء بدر » ويحول بينهم وبين الاستيلاء 
عليه » فتزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر . وهنا قام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقال : 
يا رسول الله » أرأيت هذا المنزل » أمنزلاً أنزلكه الله » ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو 
الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة . قال : يا رسول الله » فإن هذا 
ليس بمنزل » فامهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم ‏ قريش - فننزله ونغوّر - أي نخرب - 
ما وراءه من القلب » ثم نبني عليه حوضا , فنملأه ماء » ثم نقاتل القوم » فنشرب ولا يشربون , 
فقال سول الله عي : لقد أشرت بالرأي 

مب عون اند لك بالممفي حي أل أفزقب نازدين اندوع قوق عليه شان الانل* ثم 
صنعوا الحياض » وغوروا ما عداها من القلب . 
اك 


مقر القيادة: 

١ 55 5‏ نا صالله ع. 
المسلمون مقراً لقيادته » استعداداً للطوارىء » وتقديرا للهزيمة قبل النصر » حيث قال : ٠‏ يا نبي 
الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه » ونعد عندك ركائبك . ثم نلقى عدونا » فإن أعزنا الله وأظهرنا 
على عدونا كان ذلك ما أحببنا » وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك » فلحقت بمن وراءنا 
من قومنا » فقد تخلف عنك أقوام يانبي الله ما نحن باشد لك حبا منهم » ولو ظنوا أنك تلقى 
حرباً ما تخلفوا عنك » يمنعك الله بهم » يناصحونك » ويجاهدون معك ؛ . 

فأثنى عليه رسول الله عَييلمِ خيرأً » ودعا له بخير » وبنى المسلمون عريشا على تلك مرتفع يقع 
في الشهال الشرق يدان القتال » ويشرف على ساحة المعركة . 

كا تم اتتخاب فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ » يحرسون رسول الله ميكل 
حول مقر قيادته . 


تعبئة الجيش وقضاء الليل: 

ثم عبأ رسول الله عله جيش”(2 , ومشى في موضع المعركة » وجعل يشير بيده : هذا 
مصرع فلان غدا إن شاء الله » وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله20 , ثم بات رسول الله عَييه 
يصلي إلى جذع شجرة هنالك » وبات المسلمون ليلهم هادىء الأنفاس منير الآفاق » غمرت 
عاك اي م وس( ود عد 1 
سكم اماس أَمتةعَنه ول كحم ملسمل مام لطهركم بو يذهب عور 
آلشّمِطن ولِيرِيط عل لوب اده 5 يلين 7 .)١1١:8‏ 


لاتك اهل اللبله ليله الدع + السام عدر عن ريضاة وق البدة القائية من الفجرة »ركان 
خروجه في 8 أو ١7‏ من نفس الشهر . 


)١( .‏ أنظر جامع الترمذي أبواب الجهاد » باب ما جاء في الصف والتعبئة 7١1/١‏ . 
(؟) رواه مسلم عن أنس ء انظر مشكاة المصابيح 0417/7 . 
كت 


الجميش المكى فى عرصة القتال ووقوع الانشقاق فيه: 

أما قريش ؛ فقضت ليلتها هذه في معسكرها بالعدوة القصوى , ولما أصبحت أقبلت في 
كتائبها » ونزلت من الكثيب إلى وادي بدر » وأقبل نفر منهم إلى حوض رسول الله عي , فقال : 
دعوهم » فما شرب أحد منهم يؤٌمئذ إلا قتل » سوى حكم بن حزام . فإنه لم يقتل , وأسلم بعد 
دللكا ) بوحمن بجاو 6 ون إذا اعدية لي امون مال ا والدي عا عن بوم يدو افلم 
اطمادت فرق بععث عمير بن وهب الجمحي ؛ للتعرف على مدى قوة جيش المدينة » فدار عمير 
بفرسه حول العسكر مرح الع قال + للؤقانة وجل م اتريدود لاا أ تقعيرن 6برلكن 
أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد ؟ فضرب في الوادي حتى أبعد » فلم ير شيئا » فرجع 
إلهم فقال : ما وجدت شيئاأ » ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا » نواضح يغرب 
تحمل الموت الناقع » قوم ليس معهم منعة ولا ملجاً إلا سيوفهم . واللّه ما أرى أن يقتل رجل منهم 
حتى يقتل رجلا منكم » فإذا أصابوا منكم أعدادك , فما خير العيش بعد ذلك » فروا رأيكم . 

وحينئذ قامت معارضة أخرى ضد أي جهل جهل - المصمم عل على المعركة ‏ تدعو إلى العودة 
بالحيش إلى مكة دوثا قتال ‏ فقد منى حكم بن حزام في الناس » وأى عتبة بن ربيعة فقال : 
يا أبا الوليد إنك كبير قريش » وسيدها والمطاع فيها » فهل:لك إلى خير تذكر به إلى آخر الدهر ؟ 
قال: وماذاك يا حكيم ؟ قال : ترجع بالناس » وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي 
- المقتول في سرية نخلة - فقال عتبة : قد فعلت » أنت ضامن عل بذلك », إنما هو حليفي فعلّ 
عقله ديته وما أصيب من ماله . 

ثم قال عتبة لحكيم بن حزام : فأت ابن الحنظلية - أبا جهل » والحنظلية أمه - فإني 
لا أخثشى أن يشجر أمر الناس غيره . 

م قام عتبة بن ربيعة خطيباً فقال : يا معشر قريش », إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمد 
وأصحابه شيئأ » والله لشن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر إلى وجه رجل يكره النظر إليه » قتل ابن 
عمه أو ابن خاله أو رجلا من عشيرته » فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب » فإن أصابوه 
فذاك الذي أردتم » وإن كان غير ذلك ألفا م ول تعرضوا منه ما تريدون . 


11 


الطريق إلى الشام العدوة الدنيا إلى المدينة العدوة القصوى 

معسكر ربش القلعة موقع قربة بدر البساتين معسكر اميش الإسلامي 
سكنى البدو مقابر شبداء بدر المقيرة العامة الحبل الأسفل إلى مكة الشمال 
خريطة غزوة بدر 





- 75١45 


وانطلق حكيم بن حزام إلى ألي جهل - وهو يبب درعاً له - قال يا أبا الحكم إن عتبة 
أرسلني بكذا وكذا » فقال أبو جهل : انتفخ والله سحره حين رأى محمداً وأصحابه » كلا والله 
لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد » وما بعتبة ما قال » ولكنه رأى أن محمداً وأصحابه أكلة 
جزور » وفيهم ابنه - وهو أبو حذيفة بن عتبة كان قد أسلم قديماً وهاجر - فتخوفكم عليه . 

ولما بلغ عتبة قول أي جهل : ١‏ انتفخ والله سحره » » قال عتبة : سيعلم مصفر استه من 
انتفخ سحره » أنا أم هو ؟ وتعجل أبو جهل مخافة أن تقوى هذه المعارضة . فبعث على إثر هذه 
امحاورة إلى عامر بن الحضرمي - أخي عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية عبد الله بن جحش - 
فقال : هذا حليفك ( أي عتبة ) يريد أن يرجع بالناس » وقد رأيت ثأرك بعينك » فقم فانشد 
خفرتك » ومقتل أخيك » فقام عامر » فكشف عن استه » وصرخ : واعمراه » واعمراه فحمي 
القوم » وحقب أمرهم » واستوثقوا على ما هم عليه من الشر » وأفسد على الناس الرأي الذي 
دعاهم إليه عتبة . وهكذا تغلب الطيش على الحكمة . وذهبت هذه المعارضة دون جدوى . 


الجيشان يتراءان: 

ولما طلع المشركون . وتراى الجمعان قال رسول الله عله : « اللهم هذه قريش قد أقبلت 
غيلاتها وفخرها . تحادك وتكذب رسولك , اللهم فنصرك الذي وعدتي » اللهم أحنهم 
الغداة » . وقد قال رسول الله يله - ورأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر - إن يكن 
في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر » إن يطيعوه يرشدوا . 

وعدل رسول الله مُه صفوف المسلمين » وبينا هو يعدها وقع أمر عجيب » فقد كان في 
يده قدح يعدل به » وكان سواد بن غزية مستنصلا من الصف » فطعن في بطنه بالقدح وقال : 
«استو يا سواد ؛. فقال سواد : يا رسول الله أوجعتني فأقدني » فكشف عن بطنه » وقال : 
« استقد )». فاعتنقه سواد وقبل بطنه . فقال : وما حملك على هذا يا سواد » ؟ قال : 
يا رسول الله قد حضر ما ترى » فاردت أن يكون اخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك . فدعا 
له رسول الله يه جخير . 

ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بأن لا يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر 


5١6 


الأخيرة » ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب فقال : « إذا أكتبوم ‏ يعني كثروك - 
فارموهم » واستبقوا نبلكم(" , ولا تسلوا السيوف حتى يغشوك"2 » ثم رجع إلى العريش هو 
بو يكز خاصة » وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش . 

أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال : اللهم أقطعنا للرحم » واتانا بما 
لا نعرفه » فاحنه الغداة » اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك #اتصترة اليوم » وني ذ ذلك أنزل 
لله( إن تقح همد جآهحكُم صمح وَإ نبوأ هو حير لَك ون تود وأ تعد وَنمفينَ 


عََكد وِمَمَكُمهيكًا 4 (48: .)١5‏ 


ساعة الصفر وأول وقود المعركة: 

وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد المخزومي - وكان رجلاً شرساً مبيء الخلق - 
حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه » فلما التقيا ضربه حمزة » فاطن قدمه بنصف ساقه وهو دون 
الحوض » فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه » ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه : 
يريد أن تبر يمينه » ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أتت عليه وهو داخل الحوض . 
المباررة: 

وكان هذا أول قتل أشعل نار المعركة » فقد خرج بعده ثلاثة من خخيرة فرسان قريش كانوا 
من عائلة واحدة » وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة » والوليد بن عتبة » فلما انفصلوا من الصف 
طلبوا المبارزة » فخرج إلمهم ثلائة من شباب الأنصار » عوف ومعوذ ابنا الحارث - وأمهما 
عفراء ‏ وعبد الله بن رواحة » فقالوا : من أنتم ؟ قالوا : رهط من الأنصار . قالوا : أكفاء كرام : 
ما لنا بكم حاجة » وإنما نريد بني عمنا » ثم نادى مناديهم : يا محمد » أخرج إلينا أكفاءنا من 
قومنا » فقال رسول الله عيلالم 1م ياعييدة بن اخارك © رقم يا مره ويم -يا علي » » فلما 
قاموا ودنوا منهم » قالوا : من أنتم ؟ فأخبروهم » فقالرا : أنتم أكفاء كرام » فبارز عبيدة ‏ وكان 
)١(‏ صحيح البخاري 558/5 . 
(١‏ عدن أن داود في سل السيوف عند اللقاء 0/7 : 

1 


أسن القوم - عتبة بن ربيعة » وبارز حمزة شيبة » وبارز علي الوليد2" » فأما حمزة وعلي فلم يمهلا 
قرننهيما أن قتلاهما » وأما عبيدة فاختلف بينه وبين قرنه ضربتان » فأئخن كل واحد منهما 
صاحبه , ثم كر علي وحمزة على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة » وقد قطعت رجله ؛ فلم يزل صمتا 
حتى مات بالصفراء بعد أربعة أو خمسة أيام من وقعة بدر » حينا كان المسلمون في طريقهم إلى 
المدينة . 


6 0 57 عد 
وكان علي يقسم بالله أن هذه الآية نزلت فيهم #هلذان حصان اخلصموا في ركيم الآبة . 


الهجوم العام: 

وكانت نباية هذه المبارزة بداية سيكئة بالنسبة إلى المشركين » فقنوا ثلاثئة من خيرة فرسائهم 
وقادتهم دفعة واحدة » فاستشاطوا غضبا » وكروا على المسلمين كرة رجل واحد , 

وأما المسلمون فبعد أن استنصروا رهم , واستغاثوه » وأخلصوا له » وتضرعوا إليه » تلقوا 
هجمات المشمركين المتوالية ؛ وهم مرابطون ف مواقعهم « واقفون موقف الدفاع ( وقد ألحقوا 
بالمشركين خسائر فادحة .» وهم يقولون : أحد أحد . 


الرسول ‏ كَلِةٍ ‏ يناشد ربه: 

وأما رسول الله عَيوهِ ؛ فكان منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف يناشد ربه ما وعده من 
النصر » ويقول : ٠‏ اللهم أنجز لي ما وعدتني » اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك » . حتى إذا حمي 
الوطيس » واستدارت رحى الحرب بشدة » واحتدم القعال » وبلغت المعركة قمتهاء قال : 
؛ اللهم إن تبلك هذه العصابة اليوم لا تعبد , اللهم إن شعت لم تعبد بعد اليوم أبدا » . ويالغ في 
الابتبال حتى سقط رداؤه عن منكبيه » فرده عليه الصديق » وقال : حسبك يا رسول الله : 
ألححت على ربك . 


ع 3 1 سرح ب سبل ار 2 200 7- عرو و <مي هم 


)١(‏ هنذا عل ما قاله ابن إسحاق . وفي رواية أحمد وألي داود أن عبيدة بارز الوليد ‏ وعلي بارز شيبة » وحمرة بارز 
عتبة . مشكاة المصابيح 5417/17 . 


271 


الرضب » 4 رأوحى 9 رسوله (لزشيلة الزن المتيكوشينت 4 - أي ا 


٠‏ نزول الملائكة: 


وأغفى رسول الله م إغفاءة واحدة ‏ ثم رفع رأسه فقال 0000 
على ثناياه النقع » ( أي الغبار ) . وني رواية محمد بن إسحاق : قال رسول الله عي : ٠‏ أبشر 
يا أبا بكر » أتاك نصر الله » هذا جبريل أخذ بعنان فرسه يقوده , على ثناياه النقع » . 

ا 1 كت 

عوسيل 1 ملاس بان اليب انر ياي ل ادرو را 1 
زر ا رق وو الس من سعد اليا ب رن 
وف و ري لم ا ا 

21 جح سس صا سه عا بوك ري 
وفمه من تلك القبضة » وفي ذلك أنزل الله : # وَمَارَميَح إِذْرَمَيتَ ولدكركاللهرئ # 
.)١7:8(‏ 


الهجوم المضاد: 

وحينئذ أصدر إلى جيشه أوامره الأخيرة بال هجمة المضادة فقال : « شدوا » » وحرضهم على 
القتال , قائلا : « والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير 
مدبر إلا أدخله الله الجنة » » وقال وهو يحضهم على القتال : ٠‏ قوموا إلى جنة عرضها السموات 
والأرض » » ( وحينئذ ) قال العمير بن الحمام : بم . بخ » فقال رسول الله عله : ٠‏ ما يحملك 
على قولك : بخ . بخ ؛ ؟ قال : لا. والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها » قال : 
؛ فإنك من أهلها » . فأخرج تمرات من قرنه » فجعل يأكل منهن » ثم قال : لثن أنا حييت حتى 
أكل تراتي هذه إنها لحياة طويلة » فرمى بما كان معه من القر » ثم قاتلهم حتى قتل7" . 

وكذلك ساله عوف بن الحارث - ابن عفراء ‏ فقال : يا رسول الله ما يضحك الرب من 
عبده ! قال غمسه يده في العدو حاسراً , فنزع درعاً كانت عليه » فقذفها , ثم أخذ سيفه فقاتل 
العوم احى كل 


. 551/15 روأه ا 200 ؛ مشكاة المصابيح‎ )١١ 





د 


وحين أصدر رسول الله مُه الأمر با هجوم المضاد كانت حدة هجمات العدو قد 
ذهبت » وفتر حماسه . فكان هذه الخطة الحكيمة أثر كبير في تعزيز موقف المسلمين , فإمهم حينا 
تلقوا أمر الشد والهجوم - وقد كان لخاحي حون جل حابو يه نامر حرم لامع برير 
فجعلوا يقلبون الصفوف . ويقطعون الأعناق ٠‏ وزادهم نشاطأ وحدة أن رأوا رسول الله عات 
يشب في الدرع ‏ ويقول في جزم وصراحة "3 سعهرم! | ع يرو نادير 4 » فقاتل المسلمون أشد 
القتال » ونصرتهم الملائكة » ففي رواية ل 7 قال : كان يومئذ يندر رأس الرجل 
لا يدري من ضربه » وتندر يد الرجل لا يدري من ضربها » وقال ابن عباس : بها رجل من 
ا ل ا 
يقول:؟ أقدم يزوم : فنظر إلى المشرك أمامه » فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله َيه ؛ 
فقال : و صدقت , ذلك من مدد السماء الثالئة”") ) . وقال أبو داود المازني “ني لأتبع رجلاً من 
المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي , فعرفت أنه قد قتله غيري . وجاء رجل 
من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيراً » فقال العباس : إن هذا والله ما أسرفي 0 
رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق » وما أراه في القوم » فقال الأنصاري 
أسرته يا رسول الله » فقال : « اسكت فقد أيدك الله ملك كريم » . 


ولما رأى إبليس 0 قة بن مالك بن جعشم المدلجي 5 ذكرنا » ول 

يكن فارقهم منذ ذلك الوقت - فلما رأى ما يفعل الملائكة بالمشركين فر ونكص على عقبيه ؛ 

وتيت به الحارث بن هشام - وهو يظنه سراقة ‏ فوكز في صدر الحارث فألقاه » ثم خرج 
هارباً » وقال له المشر 5 : إلى أين يا سراقة ؟ ألم تكن قلت : إنك جار لنا » لا تفارقنا ؟ فقال : 


ال ارقيها ترون إني أخاف الله , والله شديد العقاب . ثم فر حتى ألقى نفسه في البحر . 
الهريمة الساحقة: 
وبدأت أمارات الفشل والاضطراب في صفوف المشركين » وجعلت تتهدم أمام حملات 


. روى مثل ذلك مسلم 97/9 وغيره‎ )1١( 


2-5 


المبدد » وركب المسلمون ظهورهم ياسرون ويقتلون حتى تمت عليهم المزيمة . 


صمود أبي جهل: 

أما الطاغية الأكبر أبو جهل , فإنه لما رأى أول أمارات الاضطراب في صفوفه حاول أن 
يصمد في وجه هذا السيل » فجعل يشجع جيشه » ويقول لهم في شراسة ومكابرة : لا ييزمنكم 
خذلان سراقة إياكم » فإنه كان على ميعاد من محمد , ولا يبولنكم قتل عتبة وشيبة والوليد » فإنهم 
قد عجلوا ء فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرنهم بالحبال » ولا ألفين رجلا منكم قتل منهم 
رجلا ؛ ولكن خذوهم أخذا » حتى نعرفهم بسوء صنيعهم . 

ولكن سرعان ما تبدى له حقيقة هذه الغطرسة . فما لبث إلا قليلاً حتى أخذت الصفوف 
تتصدع أمام تيارات هجوم المسلمين . نعم بقي حوله عصابة من المشركين » ضربت حوله 
سياجاً من السيوف وغابات من الرماح » ولكن عاصفة هجوم المسلمين بددت هذه السياج 
وأقلعت هذه الغابات » وحيئذ ظهر هذا الطاغية » وراه المسلمون يجول على فرسه » وكان الموت 
ينتظر أن يشرب من دمه بايدي غلامين انصاريين . 


مصرع أبي جهل: 

قال عبد الرحمن بن عوف : إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت » فإذا عن يميني وعن يساري 
فتيان حديثا السن . فكأني لم آمن بمكانهما . إذ قال لي أحدهما سراً من صاحبه : يا عم » أرني 
أب جهل » فقلت : يا ابن أخي » فما تصنع به ؟ قال : أخبرت أنه يسب رسول الله عَك ؛ 
قال : والذي نفسي بيده لثن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الاعجل منا» فتعجبت 
لذلك . قال : وغمزني الآخر » فقال لي مثلها » فلم أنشي أن نظرت إلى أني جهل يحول في 
الناس » فقلت : ألا تريان ؟ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه » قال : فابتدراه بسيفيهما فضرباه 
حتى قنلاه » ثم انصرفا إلى رسول الله ْلَه » فقال : : أيكما قتله » ؟ فقال كل واحد منهما : أنا 
قعلته : قال : وهل مسحتا سيفيكما » ؟ فقالا : لاء فنظر رسول الله َيه إلى السيفين » 


1ت 


فقال : ٠‏ كلام قتله » » وقضى رسول الله عَيله بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح » والرجلان 
معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفراء(" . 

وقال ابن إسحاق : قال معاذ بن عمرو بن الجموح : سمعت القوم » وأبو جهل في مثل 
الحرجة - والحرجة : الشجر الملتف » أو شجرة من الأشجار لا يوصل إليها » شبه رماح 
المشركين وسيوفهم التي كانت حول ألي جهل الحفظه بهذه الشجرة - وهم يقولون : أبو الحكم 
لا يخلص إليه » قال :فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه » فلما أمكنني حملت عليه , 
فضربته ضربة أطنت قدمه ‏ أطارتها - بنصف ساقه » فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة 
تطيح من نحت مرضخة التوى حين يضرب بها . قال : وضربني ابنه عكرمة على عاتقي » فطرح 
يدي » فتعلقت بجلدة من جنبي , وأجهضني القتال عنه » فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها 
خلفي » فلما اذتني وضعت عليها قدمي , ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها'' ثم مر بأبي جهل 
- وهو عقير - معوذ بن عفراء » فضربه حتى أثبته » فتركه وبه رمق » وقاتل معوذ حتى قتل . 

ولا انتبت المعركة قال رسول الله َيه : من ينظر ما صنع أبو جهل ؟ فتفرق الناس في 
طلبه » فوجده عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وبه اخر رمق » فوضع رجله على عنقه » وأخذ 
لحيته ليحتز رأسه » وقال : هل أخزاك الله يا عدو الله ؟ قال : وبماذا أخزاني ؟ أعمد من رجل 
قتلتموه'"' ؟ أو هل فوق رجل قتلتموه ؟ وقال : فلو غير أكار قتلبي » ثم قال : أخبرني لمن الدائر 
اليوم ؟ قال : لله ورسوله , ثم قال لابن مسعود - وكان قد وضع رجله على عنقه لقد ارتقيت 
مرتقى صعباً يا رويعي الغنم » وكان ابن مسعود من رعاة الغنم في مكة . 

وبعد أن دار بينبما هذا الكلام احتز أبن مسعود راسف وجاء به إلى رسول الله عَييلك . 
فقال : يا رسول الله » هذا رأس عدو الله أبي جهل ء فقال : الله الذي لا إله إلا هو » ؟ 
فرددها ثلاث , نم قال : ٠‏ الله أكبر » الحمد لله الذي صدق وعده » ونصر عبده , وهزم الأحزاب 
وحده » انطلق أرنيه » » فانطلقنا فريته إياه» فقال : ٠‏ هذا فرعون هذه الأمة » . 


2)١(‏ صحيح البخاري 1411/١‏ . 0558/5 , مشكاة المصابيح 5657/7 ٠‏ وإتما خص بالسلب واحداً منهما لأن 
الثاني قتل شهيداً في نفس المعركة . 

2( بقي معاذ هذا إلى زمن عثهان بن عفان رضي الله عنه . 

0( أي ليس علي عار فلن أبعد أن أكون رجلاً قتله قومه . 


- 755١ 


من روائع الإيمان قي هذه المعركة 

لقن أ لفنا تموذجين رائعين من عمير بن الحمام وعوف بن الحاردث ‏ ابن عفراء - وقد 
تحلت في هذه المعركة مناظر رائعة » تبرز فيها قوة العقيدة وثبات المبداً » ففي هذه المعركة التقى 
الآباء بالأبناء » والأخوة بالأخوة » خالفت بينهما المبادىء » ففصلت بينهما السيوف » والتقى 
المقهور بقاهره » فشفى منه غيظه . ظ 


١‏ - روى ابن إسحاق عن ابن عباس أن النبي عَْيْه قال لأصحابه : « إني قد عرفت أن 
رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً , لا حاجة لهم بقتالنا » فمن لقي أحدا من بني 
هائم فلا يقتله » ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله » ومن لقي العباس بن عبد المطلب 
فلا يقتله » فإنه إنما أخرج مستكرهاً » , فقال أبو حذيفة بن عتبة : أنقتل اباءنا وأبناءنا وإخحواننا 
وعشيرتنا ونترك العباس » ؛ والله لكن لقيته لألحمنه ‏ أو لألجمنه ‏ بالسيف ا 
رسول الله ميل » فقال لعمر , بن الخطاب : ويا أبا حفص » أيضرب وجه عم رسول الله ميد 
بالسيف »؛ » فقال عمر : يا رسول الله » دعني فللأضرب عنقه بالسيف ٠‏ فوالله لقد نافق . 

فكان أبو حذيفة يقول : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومعذ » ولا أزال منها 
خائفا!لا أن تكفرها عني الشهادة . فقتل يوم الهامة شبيدا . 

و0100 520501ظ 
بمكة, وكان لا يؤذيه ولا يبلغ عنه شيء يكرهه . وكان ممن قام في نقض صحيفة مقاطعة بي 
هات وبي الطليا 

ولكن أبا البختري قعل رغم هذا كله وذلك أن امجذر بن زياد البلوي لقيه في العركة ؛ 
ومعه زميل له يقاتلان سوياً » فقال المجذر : يا أبا البختري إن رسول الله عله قد نهانا عن 
قتلك » فقال : وزميل ؟ فقال امجذر : ال ع ا لق جد فا 
ظ أنا وهو جميعاً » ثم اقتتلاء فاضطر المجذر إلى قتله . 

٠“‏ كان عبد الرحمن ب قرف انو لاك ولف اا 1 » فلما كان يوم 
بدر مر به عبد الرحمن » وهو واقف مع ابنه علي بن أمية » أخخذا بيده » ومع عبد الرحمن أدراع 
قد استلبها » وهو يحملها , فلما راه قال : هل لك فِّ ؟ فأنا خير من هذه الأدراع التي معك ‏ 

5 


ما رأيت كاليوم قط » أما لكم حاجة في اللبن ؟ - يريد أن مس أسرني افتديت منه بإبل كثيرة 
اللبن -. فطرح عبد الرحمن الأدرا ع » وأخذههما يمشي بهما » قال عبد الرحمن : قال ل آمية ينرق 
خلف وأنا بينه وبين ابنه : من الرجل منكم المعلم بريشة النعامة في صدره ؟ قلت : ذاك حمزة ين 
عبد المطلب » قال : ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل . 

قال عبد الرحمن : فوالله إني لأقودهما إذ راه بلال معي , وكان أمية هو الذي يعذب بلالاً 
بمكة » فقال بلال : رأس الكفر أمية بن خلف ء لا نجوت إن نجا قلت : أي بلال » أسيري 
قال لآ مورك إن نيا اواعو ع 
ا ى اكير بين بلك 0 0 
شيئا كع و معي نبي 0 
ذهبت أدراعي » وفجعني بار 

في زاد المجاد أن عبد ا ٠‏ بء فاقال لأسة اولي ف ف اله نفسه عليه ) 

در نين عو برك 2 فير 
فضربوه بالسيف من تحته حتى قتلوه » وأصاب بعض السيف رجل عبد الرحمن بن عوف227 . 

؟ - وقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومئذ خاله العاص بن هشام بن المغيرة . 

5 - ونادى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابنه عبد الرحمن - وهو يومكذ مع المشركين - 
فقال : أين مالي يا خبيث ؟ فقال عبد الرحمن 

لى يمق غير شكة ويعبوب وصارم يقتل ضلال الشيسا) 

١‏ - وما وضع القوم أيدمهم يأسرون » ورسول الله َيه في العريش » وسعد بن معاذ قاءم 
على بابه يحرسه متوشحاأ سيفه : أى رسول الله عه في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع 
الناس » فال له : والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم ؟ قال : أجل والله يا رسول الله 





. زاد المعاد ؟/5م‎ )١( 
1ت‎ 


كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك » فكان الإثخان في القتل بأهل الشرك أحب إلي من 


7 - واتقطع يوفذ سيف عكاشة بن محصن الأسدي » فأ رسول اله يك تأعطاه جذلا 
من حطب » فقال : « قاتل بهذا يا عكاشة شة ؛ » فلما أخذه من رسول الله كيه هزه » فعاد سيفاً 
في يده طويل القامة » شديد المتن أبيض الحديدة » فقاتل به حتى فتح الله تعالى للمسلمين » 
وكان ذلك السيف يسمى العون » ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد , حتى قتل في حروب الردة 
وهو عنده . 

4 - وبعد انتهاء المعركة مر مصعب بن عمير العبدري بأخيه أي عزيز بن عمير » الذي 
خاض المعركة ضد المسلمين » مر به وأحد الأنصار يشد يده » فقال : مصعب للأنصاري : 
شد يديك به » فإن أمه ذات متاع ‏ ؛ لعلها تفديه منك » فقال أبو عزيز لأخيه مصعب : : أهذه 
وصاتك لي ؟ فقال مصعب : إنه - أي الأنصاري أي دونك . 

6 - ونا أمر بإلقاء جيف المشركين في القليب » وأخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القأيب » 
نظر رسول الله عَييّهِ في وجه ابنه ألي حذيفة , فإذا هو كتيب قد تغير» فقال : ويا أبا حذيفة 
لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء » ؟ فقال : لاوالله » يا رسول الله ما شككت في أبي 
ولا مصرعه » ولكنني كنت أعرف من أبِي رأياً وحلماً وفضلاً » فكنت أرجو أن يبديه ذلك إلى 
الاسلامء فلما فلما رأيت ما أصابه » وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له 
أحزنني ذلك . فدعا له رسول الله ييه بخير » وقال له خيرا . 

ل افريقين 
نتبت المعركة بهزيمة ساحقة بالنسبة إلى المشركين » » ويفتح مبين بالنسبة للمسلمين » وقد 
ل ل للستي اس 0 


أما المشركون فقد الحقتهم خسائر فادحة » قتل منهم سبعون وأسر سبعون » وعامتهم القادة 
والزعماء والصناديد . 


ولما انقضت الحرب أقبل رسول الله عه حتى وقف على القتلى » ؛ قال : ٠‏ بعس العشيرة 


58 - 


كنتم لنبيكم ؛ كذبتموني وصدقي الناس . وخذلتقوني ونصرني الناس . وأخرجتموني واواني 
الناس »» ثم أمر بهم » فسحبوا إلى قليب من قلب بدر . 
6 ا 0 3 اند 0 2 0 0 1 

وعن ابي طلحة أن نبي الله عي أمر يوم بدر باربعة وعشرين رجلا من صناديد فريش . 
فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث . وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال : 
فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها » ثم مشى , وأتبعه أصحابه حتى قام على 
شفة الركى . فجعل يناديبم باسمائهم وأسماء ابائهم » « يا فلان بن فلان » يا فلان بن فلان . 
أيسرك أنكم أطعتمم الله ورسوله ؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حم » فهل وجدتم ما وعد ربكم 
حا » ؟ فقال عمر : يا رسول الله ما تككلم من أجساد لا أرواح لها ؟ قال النبي عَيتُه : « والذي 
نفس محمد بيدهء ماأنتم باسمع لما اقول منهم » . وفي رواية « ما أنتم باسمع منبم » ولكن 
لآ يحيبون 206 , 


مكة تتلقى أنباء الهزيمة: 

فر المشركون من ساحة بدر في صورة غير منظمة » تبعثروا في الوديان والشعاب , وابحهوا 
صوب مكة مذعورين » لا يدرون كيف يدخلونها خجلا . 

قال ابن إسحاق : وكان أول من قدم بمصاب قريش الحيسمان بْن عبد الله الخزاعي » فقالوا : 
ما وراءك ؟ قال : قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم ابن هشام » وأمية بن خلف في 
رجال من الزعماء سماهم . فلما أخذ يعد أشراف قريش قال صفوان بن أمية وهو قاعد في 
الحجر : والله إن يعقل هذا , فاسألوه عني » قالوا : ما فعل صفوان بن أمية قال : هاهو ذا جالس 
في ال حجر » وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا . 

وقال أبو رافع - مولى رسول الله عه : كنت غلاما للعباس , وكان الاسلام قد دخلنا 
أهل البيت ؛ فأسلم العباس » وأسلمت أم الفضل » وأسلمت » وكان العباس يكم إسلامه , 
وكان أبو لهب قد تحلف عن بدر ء فلما جاءه الخبر كبته الله وأخزاه » ووجدنا في أنفسنا قوة 
وعزاً » وكنت رجلاً ضعيفاً أعمل الأقداح , أنحتها في حجرة زمزم , فوالله إني لجالس فيها أنحت 
أقداحي » وعندي أم الفضل جالسة . وقد سرنا ما جاءنا من الخبر » إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه 


- 7770 


بشير » حتى جلس على طنب الحجرة(" , فكان ظهره إلى ظهري . فبيئا هو جالس إذ قال 
الناس : هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم » فقال له أبو لب : هلم إلي : 
فعندك لعمري الخبر » قال : فجلس إليه » والناس قيام عليه . فقال : يا ابن أخي أخبرني كيف 
كان أمر الناس ؟ قال : ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا » يقتلوننا كيف شاءوا » 
وياسروننا كيف شاءوا » وايم الله مع ذلك مالمت الناس . لقينا رجال بيض على خيل بلق بين 
السماء والأرض » والله ما ثُليق7" شيا » ولا يقوم لها شيء . 

قال أبو رافع : فرفعت طنب الحجرة بيدي » ثم قلت : تلك والله الملائكة . قال : فرفع 
أبو لهب يده » فضرب بها وجهي ضربة شديدة » فثاورته » فاحتملني فضرب لي الأرض » ثم برك 
على يضربني » وكنت رجلا ضعيفا » فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة » فأخذته , 
فضربته به ضربة فعلت في رأسه شجة منكرة » وقالت : استضعفته أن غاب عنه سيده » فقام 
مولي ذليلا » فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته ( وهي قرحة تتشاءم بها 
العرب , فتركه بنوه » وبقي ثلاثة أيام لا تقرب جنازته » ولا يحاول دفنه » فلما خخافوا السبة في 
تركه حفروا له » ثم دفعوه بعود في حفرته » وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه ) . 

هكذا تلقت مكة أنباء الهزيمة الساحقة في ميدان بدر » وقد أثر ذلك فيهم أثرأ سيئاً جدأ . 

حتى منعوا النياحة على القتلى » لثلا يشمت بم المسلمون ٠.‏ 

ومن الطرائف أن الأسود بن المطلب أصيب ثلاثة من أبنائه يوم بدر » وكان يحب أن يبكي 
عليهم » وكان ضرير البصر » فسمع ليلا صوت نائحة » فبعث غلامه » وقال : انظر هل أحل 
النحب ؟ هل بكت قريش على قتلاها ؟ لعلى أبكي على ألي حكيمة - ابنه - فإن جوفني قد 
احترق » فرجع الغلام وقال : إِنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته » فلم يتّالك الأسود نفسه 
وقال : 0 ظ ظ 
أتبكي أن يض المايعير 2 ويمنعهامن التوم السهود 
فلا تبكي على بكر ولكن على بدر تقاصرت الجحدود 

على بدر مسراة بي هقصيص ومخزوم ورهط أي اليد 

0 طببالحجرة:طرتها. 0000 
)١(‏ لا تبقي شيئا . 


ا 


وكين "إن يكبت عل عسل وبكي خارنا ابلك ا سيره 


وكبيية الا سين عونا وكنااران عد كصييدا هد الس 
الاقد سداد بعدهم رجال ولول يوم بدر لم يسوووا 
المدينة تتلقى أنباء النصر: 


ولما تم الفتح للمسلمين أرسل رسول الله ع بشيرين إلى أهل المدينة » ليعجل لهم 
البشرى ؛ أرسل عبد الله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية » وأرسل زيد بن حارثة إلى أهل 
السافلة . 

وكان اليهود والمنافقون قد أرجفوا في المدينة بإشاعة الدعايات الكاذبة » حتى أمهم أشاعوا 
شين دل الى اونا رأى' حت الند فقي يدون خطازلنة ركنا التتصواء دقادة 
نول الك 202 - قال : لقد قتل محمد . وهذه ناقته نعرفها » وهذا زيد لا يدري ما يقول من 
الرعب » وجاء فلا22 . 


فلما بلغ الرسولان أحاط ببما المسلمون » وأخذوا يسمعون منهما الخبر » حتى تأكد لديبم 
فتح المسلمين » فعمت البهجة والسرور » واهتزت أرجاء المدينة تهليلا وتكبيرا » وتقدم رؤوس 
المسلمين - الذين كانوا بالمدينة - إلى طريق بدر ؛ ليبنكوا رسول الله َه هذا الفتح المبين . 

قال الجنافة ورين ل ل 
عند عؤان بن عفان 4 كان رول آلله. د َه خلفني عليها مع عؤان . 
الجيش النبوي يتحرك نحو المدينة: 

اقامبرستول الله 1 بيذ تنك بعد انتهاء المعركة ثلاثة أيام » وقبل رحيله من مكان المعركة وقع 


حلاف بين الجيش حول الغنام » وما اشتد هذا الخلاف أمر رسول الله عه بأن يرد الدميع 
فا با ييه ؛ ففعلوا » ثم نزل الوحي بحل هذه المشكلة . 

عن عبادة بن الصامت قال : خرجنا مع النبي عَيْيته . فشبدت معه بدراً فالتقى الناس , 
فهزم الله العدو » فانطلقت طائفة في اثارهم يطاردون ويقتلون » وأكبت طائفة على ا مغنم يحرزونه 
(1) فلاً: منهزماً . 


2777 


ويجمعونه » وأحدقت طائفة برسول الله عله لا يصيب العدو منه غرة » حتى إذا كان الليل , 
وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم : نحن حويناها » وليس لأحد فيها نصيب 
وقال الذين خرجوا في طلب العدو : لستم أحق بها مناء نحن نحينا منها العدو وهزمناه » وقال 
الذين أحدقوا برسول الله عا : خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به ء فأنزل الله 
ل( تاوعا مال تل انال يه والرخول مَاتتوااه وَأملشانَات تت وأطيثواً 
لَه ورَسُولَهإن كُنسّم مُؤْمِنِينَ 4 (8 : ١‏ ) فقسمها رسول الله عه بين المسلمين7" . 
< .وبعد أن أقام رسول الله عي ببدر ثلاثة أيام تمرك جميشه نمو المدينة ومعه الأسارى من 
المشركين ‏ واحتمل معه النفل الذي أصيب من المشركين , وجعل عليه عبد الله بن كعب » 
ل ار رص ل سر بر 
المسلمين على السواء » بعد أن أنخذ منها الخمس . 

وعندما وصل إلى الصفراء أمر بقتل النضر بن الحارث - وكان هو حامل لواء المشركين يوم 
بدر » وكان من أكابر مجرمي قريش ؛ ومن أشد الناس كيدا للاسلام » إيذاء لرسول الله عَيثُم - 
فضرب عنقه علي بن أبي طالب . ظ 

وما وصل إلى عرق الظبية أمر بقتل عقبة بن أي معيط » وقد أسلفنا بعض ما كان عليه من 
إيذاء رسول الله مُه » فهو الذي كان ألقى سلا جزور على رأس رسول الله َيه وهو في 
الصلاة » وهو الذي خنقه بردائه » وكاد يقتله لولا أن يعترض أبو بكر رضي الله عنه » فلما أمر 
بقتله قال : من للصبية يا محمد ؟ قال : النار/ . قتله عاصم بن ثابت الأنصاري » ويقال 
علي بن أبي طالب . 

وكان قشل هذين الطاغيتين اليا من كييك وبعية الحرب ء فلم يكونا من الأستارئ 
عت لل ب تا اتيت لو 


وفود اليه .6 
ونا وصل إلى الروحاء لقيه يه رؤوس المسلمين - الذين كانوا قد خرجوا للتبنئة والاستقبال حين 


(1) أخرجه أحد 5/؟؟؟ . 254 والحالم 555/5 . 
(؟) روى ذلك أه حاب الصحاح . انظر سنن أبي داود مع حاشيته عون المعبود ١1/7‏ . 


-48؟5 - 


ممعوا بشارة الفتح من الرسولين - يبتكونه بالفقح . وحيتئذ قال لهم سلمة بن سلامة : ما الذي 
عبتكوننا به ؟ فوالله إن لقينا إلا عجائز صلعاً كالبدن , فتبسم رسول الله عَيه » ثم قال : « يا ابن 
أخي أولىك الملا » . 

وقال أسيد بن حضير : يا رسول الله » الحمد لله الذي أظفرك . وأقر عينك » والله 
يا رسول الله ما كان تخلفي عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدوا . ولكن ظننت أنها عير » ولو 
ظننت أنه عدو ما تخلفت » فقال رسول الله عي : و صدقت » . 

ثم دخل رسول الله َيِل المدينة مظفرا منصورا » قد خافه كل عدو له بالمدينة وحوها ؛ 
فأسلم بشر كثير من أهل المدينة » وحينئذ دخل عاشي أن وأسيحابة فى الأسلا :ظاهرا . 

رقدم الأسارى بعد بلوغه المدينة بيوم » فقسمهم على أصحابه » وأوصى بهم خيرا » فكان 
الصحابة يأكلون القر » ويقدمون لأسرائهم الخبز عملاً بوصية رسول الله عه . 
قضية الأسارى: 

ولما بلغ رسول الله عَيْيهِ المدينة استشار أصحابه في الأسارى » فقال أبو بكر : يا رسول الله 
هؤلاء بنو العم والعشيرة ة والإخوان » وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية » فيكون ما أخذناه قوة لنا 
عل الكفاز وعسى ان هبديبم الثاء: فيكوثوا لنا فيد . 

ققال :رسول الله عقلل :وما تر ”نا ان الخطاب ٠‏ 4 قال + قلت + وات نا أرما رائ 
أبو بكر » ولكن أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأضرب عنقه » وتمكن عليا من 
عقيل بن أي طالب فيضرب عنقه » ومَّكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه » حتى يعلم أعداء 
الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين » وهؤلاء صناديدهم وأعترج وقادتهم . 

فقوي رصول الله عل مااقال أبو يكز عولم يبو ها قلك ود وأخة متم الفداء .لما كان 
من الغد قال عمر : فغدوت إلى النبي عَريَهِ وبي بكر , وهما يبكيان » فقلت يا رسول الله أخيرني 
ماذا ييكيك أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت » وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما , 
فقال رسول الله َيه : ؛ للذي عرض على أصحابك : من أخذهم الفداء » فقد عرض عل 
عذابهم ادنى من هذه الشجرة ‏ شجرة قريبة -9) 

779 


وأنزل الله تعالى 2[ مكارتي أن 2 لمم سرحو يمر في ١‏ رض نردوم عَرَضٌ 
ألدنمَاوَاهَه2 ربد اضر وأممعز رو 2ك 2 0 (7(© لوَلكتبين أله سبق لَمسَك يما أَحَذعُ 
عَدَاعَظِية 4 م 8251/0" ). 

ظ .كب قذي سن من عر يد عل اماما 4 رب : 4 ) ففيه 
الاذن باذ الفدية من الأسارى ولذلك لم يعذبوا » وإنما نزل العتاب لامهم أسروا الكفار قبل أن 
يتخنوا في الأرض ء ثم إهم قبلوا الفداء من أولنك امجرمين الذين لم يكونوا أسرى حرب فقط » بل 
كانوا أكابر محرمي الحرب الذين لا يتركهم قانون الحرب الحديث إلا ويحاكمهم , ولا يكون 
الحكم في الغالب إلا بالاعدام أو بالحبس حتى الموت . 

واستقر الأمر على رأي الصديق فأخذ منهم الفداء ؛ وكان الفداء من أربعة اللاف درهم » إلى 
ثلائة اللاف درهم 2 إلى ألف درهم ء وكان أهل مكة يكتبون » وأهل المدينة لا يكتبون ؛ فمن ل 
يكن عنده فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم » فإذا حذقوا فهو فداء . 

ومنّ رسول الله عه على عدة من الأسارى , فأطلقهم بغير فداء » منهم : المطلب بن 
حنطب » وصيفي بن أي رفاعة » وأبو عزة الممحي » وهو الذي قتله أسرأ في أحد » وسيأتي . 

ومنّ على ختنه أي العاص بشرط أن يلي سبيل زينب » وكانت قد بعثت في فدائه بمال , 
بعلت فيه بقلادة لها كانت عند خحديجة , أدخعلتها بها على أي العاص » فلما رآها رسول الله ع 
رق لا رقة شديدة » واستاذن افسانة في إطلاق أبي العاص ففعلوه » واشترط رسول ال لتو 
على أني العاص أن يخلي سبيل زينب » فخلاها ؛ فهاجرت . وبعث رسول الله عه زيد بن 
حارئة ورجلا من الأنصار . فقال : كونا ببطن يأجج حتى تر بكما زينب فتصحباها » فخرجا 
حتى رجعا بها » وقصة هجرتها طويلة مؤلمة . 

ذال الأب مولن مدرو انحط معفم اك ع ا رسول الل اترع 
0 بن عمرو يدلع لسانه » فلا يقوم خطيباً عليك في موطن أبداً . بيد أن 
رسول الله عي رفض هذا الطلب . احترازا عن المثلة » وعن بطش الله يوم القيامة . 

وخرج سعد بن النعمان معتمراً فحبسه فحبسه أبو سفيان . وكان ابنه عمرو بن أبي سفيان في 
الأسرى.: فعثوا به إلى أني سفيان فخلى سيمل سعد . 

"0 


القران يتحدث حول موضوع المعركة: 

وحول موضوع هذه المعركة نزلت سورة الأنفال » وهذه السورة تعليق إِلي ‏ إن صح هذا 
التعبير - على هذه المعركة , يختلف كثيرا عن التعاليق التي ينطق بها الملوك والقواد بعد الفتح . 

إن الله تعالى لفت أنظار المسلمين - أولاً - إلى التقصيرات والتقاريظ الأخلاقية التي كانت 
قد بقيت فيهم » وصدرت بعضها منهم » ليسعوا في تكميل نفوسهم وتزكيتها عن هذه التقاريظ . 

ثم ثنى بما كان في هذا الفتح من تأبيد الله وعونه ونصره بالغيب للمسلمين . ذكر لهم ذلك 
لفلا يغتروا بشجاعتهم وبسالتهم » فتتسور نفوسهم الغطرسة والكبرياء » بل ليتوكلوا على الله 
ويطيعوه ويطيعوا رسوله عليه الصلاة والسلام . 

م بين لهم الأهداف والأغراض النبيلة التي خخاض الرسول َه لأجلها هذه المعركة الدامية 
الرهيبة » ودهم على الصفات والأخلاق التي تسببت في الفتوح وفي المعارك . 

ثم خاطب المشركين والمنافقين والمبود وأسارى المعركة » وعظهم موعظة بليغة » جهديهم إلى 
الاستسلام للحق والتقيد به . 

ثم خاطب المسلمين حول موضوع الغنائم » وقنن لهم مبادىء وأسس هذه المسألة . 

م بين وشرع لهم من قوانين الحرب والسلم ما كانت الحاجة تمس إليها بعد دخول الدعوة 
الإسلامية في هذه المرحلة » حتى تمتاز حروب المسلمين عن حروب أهل الجاهلية » ويقوم لهم 
التفوق في الأخلاق والقيم والمثل » ويتأكد للدنيا أن الاسلام ليس محرد وجهة نظرية » بل إنه 
يثقف أهله عمليا على الأسس والمبادىء التي يدعو إليها . 

ثم قرر بنودا من قوانين الدولة الإسلامية التي تقيم الفرق بين المسلمين الذين يسكنون داخل 
حدودها ( والذين يحكنون خحارجها 1 

وفي السنة الثانية من ال هجرة فرض صيام رمضان » وفرضت زكاة الفطر » وبينت أنصبة الزكاة 
ظ الأخرى ؛ وكانت فريضة زكاة الفطر وتفصيل أنصبة الركاة الأخرق تحفيفا لكثير من الأوزار 


1 1ه 


الذي وقع في شوال سنة ؟ه إثر الفتح المبين الذي حصلوا عليه في غزوة بدر » فما أروع هذا 
العيد السعيد الذي جاء به الله بعد أن توج هامتيمٍ بتاج الفتح والعز » «ما أروق منظر تلك 
الصلاة التي صلوها بعد أن خرجوا من بيوتهم يرفعون أصواتهم بالتكبير والتوحيد والتحميد » وقد 
فاضت قلوبهم رغبة إلى الله » وحنينا إلى رحمته ورضوانه بعد ما أولاهم من النعم , وأيدهم به من 
دعر 2 ماح ابر 

النصر ) ؛ وذكرهم بذلك قائلا :« وأذ كرو لذ و 
20 1 7 2 بور هر سس سه 2 لطت 5 2 و و4 
أن .' بتخطفكم الناس فعاو كاد م بتصروء ورَدَفَكُم ينأ سم طِيَبْتٍ لم[حكت د 
د 


7 1ت 


النشاط العسكري بين بدر وأحد 


إن معركة بدر كانت أول لقاء مسلح بين المسلمين والمشركين » وكانت معركة فاصلة » 
اقشع المسكلنين بغرا حاتها حون له العرت قاطبة » والذين كانوا أشد استياء لنتائج هذه 
المعركة هم أولئك الذين منوا بجخسائر فادحة مباشرة ؛ وهم المشركون , أو الذين كانوا يرون عزة 
المسلمين وغلبتهم ضربا قاصم' على كيانهم الديني والاقتصادي » وهم اليبود . فمنذ أن انتصر 
المسلمون في معركة بدركان هذان الفريقان يحترقان غيظاً وحنقاً على المسلمين « لَتَيحِدَنَ أَشَدٌ 
لحان عداو لاو او لي ودر أَشْرَعأ» ذه :87 ) وكانت فيالمدينة بطانة 
للفريقين دخلوا ني الاسلام حين م ببق محال لوقارهم . وهم عبد الله بن أبي وأصحابه » ول 
تكن هذه الفرقة الثالثة أقل غيظا من الأوليين . 

وكانت هناك فرقة رابعة » وهم البدو الضاربون حول المدينة » لم يكن يبمهم مسالة الكفر 
والإيمان » ولكنهم كانوا أصحاب سلب ونهب » فأخذهم القلق » واضطربوا لهذا الاتتصار » 
وخافوا أن تقوم في المدينة دولة قوية تحول بينهم وبين اكتساب قوتهم عن طريق السلب والنبب » 
فجعلوا يحقدون على المسلمين وصاروا لهم أعداء . 

وهكذا أخاطت الأخطان بالسلنين هن كز حاتت ولكن هذه الفزق اينات ف ساركها 
إزاء المسلمين » وأخذ كل فريق الطريقة التي راها كفيلة ببلوغ غايته . فبينا كانت المدينة وما 
حوها تظاهر بالإسلام » وتأخذ في طريق المؤامرات والدسائس والتحرشات والاستفزازات » 
كانت فرقة من اليبود تعلن بالعداوة » وتكاشف عن الحقد والغيظ » وكانت مكة تهدد بالضرب 
القاصم ونعلن بأخذ الثأر والنقمة » وتبتم بالتعيئة العامة جهاراً » وترسل إلى المسلمين بلسان 
حاها » تقول بانه : 


1ت 


ولا بدمن يوم أغر محجل يطلول استّاعي بعلذه للنوادب 
وفعلاً » فققد قادت غزوة قاصمة إلى أسوار المدينة عرفت في التاريخ بغزوة أحد » والتي كان 
ها أثر مبيء على معة المسلمين وهيبتهم . 


غزوة بني سليم بالكدر 


أول ما نقلت استخبارات المدينة إلى النبي مُه بعد بدر أن بني سليم من قبائل غطفان 
تحشد قواتها للغزو على المدينة » فباغت النبي عَْيلهِ في مائتي راكب هذه القبائل المتحشدة في عقر 
دارها » وبلغ إلى منازهم في موضع يقال له الككذر(" . ففر بنو سليم وتركوا في الوادي خمسوائة 

عير استولى عليها جيش المدينة » وقسمها رسول الله عه بعد إخراج الخمس فأصاب كل رجل 
بعيرين » وأصاب غلاماً يقال له ٠‏ ويسار » فاعتقه . 


وأقام النبي عَيَه في ديارهم ثلاثة أيام » ثم رجع إلى المدينة . 
وكانت هذه الغزوة في شوال سنة عي ارس من در بسبعة أيام » واستخلف في هذه 
الغزوة على المدينة سباع بن عرفطة . وقيل : ابن أم مكتوم!" . 


)١(‏ الكدر » بالضم فالسكون : طير في لونها كدرة » وهو ماء من مياه بني سليم يقع في نجد على الطريق التجارية 
الشرقية الحيوية بين مكة والشام . ش 
(١؟7)‏ زاد المعاد 4.0/7 ء ابن هشام ؟/47 » 44 , مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص75 . 


- 5158 - 


مؤامرة لاغتيال النبى ‏ كَل 


كان من أثر هزيمة المشركين في وقعة بدر أن اشتاطوا غضبأ » وجعلت مكة تغلي كالمرجل 
ضد النبي عه . حتى تامر بطلان من أبطاها أن يقضوا على مبدأ هذا الخلاف والشقاق » ومثار 
هذا اذل وافوان في زعمهم » وهو الي مه . 

جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية في الحجر بعد وقعة بدر يسير - وكان 
عمير من شياطين قريش , من كان يؤؤذي النبي عه وأصحابه وهم بمكة - وكان ابنه وهب بن 
عمير في أسارى بدر . فذكر أصحاب القليب ومصابهم » فقال صفوان : والله إن في العيش 
بعدهم خير . 

قال له عمير : صدقت والله » أما والله لولا دين عللّ ليس له عندي قضاء » وعيال أخشى 
عليهم الضيعة بعدي . لركبت إلى محمد حتى أقتله » فإن لي قبلهم علة , ابي أسير في أيدِيهم . 

فاغتنمها صفوان وقال : عل دينك » أنا أقضيه عنك . وعيالك مع عيالي » أواسييم 
كرا 2 سني حي يعجر عتيم. 

فقال له عمير : فاكتم عنى شأني وشأنك . قال : أفعل . 

ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له وسم ء ثم انطلق حتى قدم به المدينة » فبيئا هو على باب 
المسجد ينيخ راحلته راه عمر بن الخطاب - وهو في نفر من المسلمين يتحدثون ما أكرمهم اللهبه 
بو دثدن جد فقال مر : هذا الكلب عدو الله عمير ما جاء إلا لشر . نم دخل على على النبي عَينه 
فقال : يا نبي الله هذا عدو الله عمير قد جاء متوشحاً سيفه » قال : فأدخله على » فأقبل عمير 
فلببه بحمالة سيفه » وقال لرجال من الأنصار : ادخلوا على رسول الله عَإِكُمِ » فاجلسوا عنده 
واحذروا عليه من هذا الخبيث . فإنه غير مأمون , ثم دخل به » فلما راه رسول الله قله .- وعمر 

- 770 


اخذ بحمالة سيفه في عنقه ‏ قال : أرسله يا عمر» ادن يا عمير » فدنا وقال : أنعموا صباحاً : 
فقال النبي عَيدُك : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير » بالسلام » تحية أهل الجنة . 
ثم قال : ما جاء بك يا عمير ؟ قال : جىت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه . 
قال : فما بال السيف في عنقك ؟ قال : قبحها الله من سيوف » وهل أغنت عنا شيعا ؟ 
قال : اصدقني ما الذي جئت له ؟ قال : ما جىت إلا لذلك . 
قال : بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر , فذكرتًا أصحاب القليب من قريش » ثم 
قلت : لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمد » فتحمل صفوان بدينك وعيالك 
على أن تقتلني والله حائل بينك وبين ذلك . 
ظ قال عمير : أشهد أنك رسول الله » قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر 
السهاء » وما ينزل عليك من الوحي » وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان » فوالله إني لأعلم 
ما أتاك به إلا الله » فالحمد لله الذي هداني للإسلام » وساقني هذا المساق » ثم تشهد شهادة. 
الحق » فقال رسول الله مكلت : فقهوا أخاك في دينه . وأقرئوه القران » وأطلقوا له أسيره . 
وأما صفوان فكان يقول : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر . وكان يسأل 
الركبان عن عمير » حتى أخبره راكب عن إسلامه , فحلف صفوان أن لا يكلمه أبداً » ولا ينفعه 
بنفع ابدا . 
ورجع عمير إلى مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام فأسلم على يديه ناس كثير2"© . 


غزوة بني قينقاع: 

قدمنا بنود المعاهدة التي عقدها رسول الله مُه مع اليبود . وقد كان حريصاً كل الحرص 
على تنفيذ ما جاء في هذه المعاهدة , وفعلاً لم يأت من المسلمين ما يخالف حرفا واحدا من 
نصوصها . ولكن اليبود الذين ملأوا تاريخهم بالغدر والخيانة ونكث العهود » ل يلبثوا أن تمشوا مع 
طبائعهم القديمة » وأخذوا : طريق الدس والمؤامرة والتحريش وإثارة القلق والاضطراب في : 
صفوف المسلمين . وهاك مثالاً من ذلك : 
)١(‏ ابن هشام 1/١‏ 5576 . 


- 7571 


نموذج من مكيدة اليهود: 

قال ابن استحاق: هر اين بن قيس سوكان شيشا ( يبوديا )قد غننا( غلم الكفر + 
شديد الضغن على المسلمين » شديد الحسد لهم - على نفر من أصحاب رسول الله عه من 
الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم » يتحدثون فيه » فغاظه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم وصلاح 
ذات بينهم على الاسلام » بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية » فقال : قد اجتمع ملا 
بني قيلة بهذه البلاد » لا والله مالنا معهم إذا اجتمع ملوهم بها من قرار » فأمر فتى شابا من .هود 
كان معه » فقال : اعمد إليهم » فاجلس معهم ء ثم اذكر يوم بعاث وما كان من قبله » وأنشدهم 
بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار » ففعل » فتكلم القوم عند ذلك » وتنازعوا وتفاخروا » حتى 
توائب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا . ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شثتم رددناها الآن 
جذعة - يعني الاستعداد لإحياء الحرب الأهلية التي كانت بيهم - وغضب الفريقان جميعاً . 
وقالوا : قد فعلنا مؤعد ل الظاهرة - والظاهرة : الحرة ‏ السلاح السلاح » فخرجوا إليها 
( وكادت تنشب الحرب ) 

فبلغ ذلك رضول الله عَم » فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين » حتى جاءهم 
فقال : يا معشر المسلمين » الله الله » أبدعوى الجاهلية » وأنا بين أظهرك » بعد أن هداء الله 
للاسلام وأكرمكم به » وقطع به عنكم أمر الجاهلية » واستنقذ م به من الكفر » وألف بين 
قلويكم ؟ 

فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان » وكيد من عدوهم » فبكوا » وعانق الرجال من الأوس 
والخزرج بعضهم بعضا » ثم انصرفوا مع رسول الله مه سامعين مطيعين قد أطفاً الله عنهم كيد 
عدو الله شاس بن قيس9" . 

هذا نموذج مما كان اليبود يفعلونه ويحاولونه من إثارة القلاقل والتحريشات في المسلمين , 
وإقامة العراقيل في سبيل الدعوة الإسلامية . وقد كان لهم خطط شتى ف هذا السبيل » كانوا 
يبثون الدعايات الكاذبة » ويؤمنون وجه النهار » ثم يكفرون اخره ؛ ليزرعوا بذور الشكوك في 


. عسا الشيخ : كبر‎ )١( 


2( ابن هشام ١أهدمه‏ 4)-650©ه. 


11ت 


قلوب الضعفاء » وكانوا يضيقون سبل المعيشة على من امن إن كان لهم به ارتباط مالي » فإن كان 
لهم عليه يتقاضونه صباح مساء » وإن كان له عليهم يأكلونه بالباطل , ويمتنعون عن أدائه » وكانوا 
يقولون : إنما كان علينا قرضك حينا كنت على دين ابائك » فأما إذ صبوت فليس لك علينا من 
سيبل 20 .. 

كانوا يفعلون كل ذلك قبل بدر , على رغم المعاهدة التي عقدوها مع رسول الله عله , 
وكان رسول الله ع وأصحابه يصبرون على كل ذلك ؛ حرص على رشدهم , وعلى بسط الأأمن 
والسلام في المنطقة . 


بنو قينقاع ينقضون العهد: 

لكنهم ما رأوا أن الله قد نصر الموّمنين نصرا مؤزراً في ميدان بدر » وأنهم قد صارت لهم عزة 
وشوكة وهيبة في قلوب الأقاصي والأداني , تميزت قدر غيظهم وكاشفوا بالشر . والعداوة , 
وجاهروا بالبغي والاذى . ظ 

وكان أعظمهم حقدأ وأكبرهم شرأ كعب بن الأشرف - وسيأتي ذكره ‏ م أن أشر طائفة 
من طوائفهم الثلاث هم يبود بني قينقاع » كانوا يسكنون داخل المدينة ‏ في حي باسمهم ‏ 
وكانوا صاغة وحدادين وصناع الظروف والأواني » ولأجل هذه الحرف كانت قد توفرت لكل 
رجل منهم الات الحروب » وكان عدد المقاتلين فيهم سبعمائة » وكانوا أشجع يبود المدينة » وكانوا 
أول من نكث العهد والميئاق من اليهود . 

فلما فتح الله للمسلمين في بدر اشتد طغيائهم » وتوسعوا في تحرشاتهم [انقفزازاخينه » فكانوا 
يثيرون الشغب » ويتعرضون بالسخرية » ويواجهون بالأذى كل من ورة سرتهم من المسلبيق:ء 
حتى أخذوا يتعرضون لنسائهم 

وعندما تفاقم أمرهم واشتد بغيهم » جمعهم رسول الله عيبا ٠‏ فوعظهم ودعاهم إلى الرشد 
وال هدى » وحذرهم مغبة البغي والعدوان » ولكنهم ازدادوا في شرهم وغطرستهم . 

روى أبو داود وغيره » عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما أصاب رسول الله عي قريشا 


. ذكر المفسرون تماذج لفعلاتهم هذه في تفسير سورة آل عمران وغيرها‎ )١( 


 ”558- 


يوم بدر » وقدم المدينة » جمع اليبود في سوق بني قينقاع . فقال : يا معشر يبود » أسلموا قبل أن 
يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً . قالوا : يا محمد » لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرأ من 
قريش » كانوا أغمارا لا يعرفون القتال , إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس., وأنك لم تلق 


مثلنا . فأنزل الله تعالى: هنكم موسرو ]جهنم وَبِنْسالمهاد 


0-1-5 كليل سه 4 مر سل يل سل سس حت سس كر 


يا قدحان كم ايه فى ذ فَكَمَيْنِ التمتافِعة نميل ف مسي ل اوأر مكافره 00 
2 رأ المي ن وأهَّه ِوَيِدسَصَرِوء مَنيِسَاء مكف للكت ال يار دول الْأَبَصَترٍ در # 
1 

كان معنى ما أجاب به بنو قينقاع هو الإعلان السافر بالحرب » ولكن كظم النبي عَيه 
غيظه » وصبر بر المسلمون » وأخذوا ينتظرون ما تتعمخض عنه الليالي . 

وازداد الييود - من بني قينقاع - جراءة » فقلما لبثوا أن أثاروا في المدينة قلا واضطراباً ‏ 
وسعوا إلى حتفهم بظلفهم ؛ وسدوا على أنفسهم أبواب الحياة . 

روى ابن هشام عن أبي عون أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها » فباعته في سوق بني 
قينقاع » وجلست إلى صائغ » فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت » فعمد الصائغ إلى 
طرف ثوببها فعقده إلى ظهرها - وهي غافلة . فلما قامت انكشفت سوأتها » فضحكوا بها ء 
فصاحت » فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله - وكان يبودياً - فشدت اليهود على 
المسلم فقتلوه » فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود » فوقع الشر بينهم وبين بني 
قينقا 276 . 


الحصار ثم التسليم ثم الجلاء: 

وحينكذ عيل صبر رسول الله عله . فاستخلف علٍ المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر » وأعطى 
لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب » وسار بجنود الله إلى بني قينقاع , ولما رأوه تحصنوا في 
حصونهم » فحاصروهم أشد الحصار » وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال سنة ١‏ ها ء 
ودام الحصار خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة » وقذف الله في قلوسهم الرعب - الذي إذا 


)0( مين الى داود مع عون المعبود ١١5/7”‏ » ابن هشام ١/مه.‏ 
(9؟) ابن هشام 6غ . 


71764 


أراد خذلان قوم وهزيمتهم أنزله عليهم وقذف في قلوءهم - فنزلوا على م رسول الله عه في 
رقابهم وأموالهم ونسأتهم وذريتهم » فأمر جم فكتفوا . 

وحينئذ قام عبد الله بن أني سلول بدوره النفاقي » فألح على رسول اذ يكل أد يصدر عنهم 
عفواً » فقال : يا محمد . أحسن في موالي - وكان بنو قينقاع حلفاء الخزرج - فابطا عليه رسول 
الله عييلُكِ » فكرر ابن ألي مقالته » فاعرض عنه » فأدخل يده في جيب درعه » فقال له رسول الله 
َه : أرسلني » وغضب حتى روا لوجهه ظللاً » ثم قال : ويحك » أرسلني . ولكن المنافق مضى 
على إصراره » وقال : لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي » أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد 
منعوني من الأحمر والأسود , وتحصدهم في غداة واحدة ؟ إني والله امرؤ أخحشى الدوائر 

وعامل رسول الله عَيكهِ هذا المنافق - الذي لم يكن نبضى على إظهار إسلامه إلا نحو شهر 

واحد فحسب - عامله بالمراعاة » فوهبهم له » وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها , 
فخرجوا إلى أذرعات الشام » فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكارهم . ظ 

وقبض رسول الله مُه منهم أموالهم » فأخذ منها ثلاث قسبي ودرعين وثلائة أسياف وثلاثة 
رماح » وخمس غناتمهم . وكان الذي تولى جمع الغنام محمد بن مسلمة”" . 


غزوة السويق: ظ 
بينا كان صفوان بن أمية واليهود والمنافقون يقومون بمؤامراتهم وعملياتهم » كان أبو سفيان 
يفكر في عمل قليل المغارم ظاهر الأثر » يتعجل به ؛ ليحفظ مكانة قومه » وييرز ما لديهم من 
قوة » وكان قد نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا » فخرج في مائتي راكب ليبر 
ينه » حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له نيب » من المدينة على بريد أو نحوه » ولكنه ل يجرؤ 
على مهاجمة المدينة جهارا » فقام بعمل هو أشبه بأعمال القرصنة . فإنه دخخل في ضواحي المدينة 
في الليل مستخفياً تحت جناح الظلام » فأتى حبي بن أخطب » فاستفتح بابه » فى وخماف 
فانصرف إلى سلام بن مشكم - سيد بني النضير » وصاحب كنزهم إذ ذاك » فاستاذن عليه 
فأذن » فقراه وسقاه الخمر , وبطن له من خبر الناس » ثم خرج أبو سفيان في عقب ليلته حتى أتى 
أصحابه » فبعث مفرزة منهم » فأغارت على ناحية من المدينة يقال لها 9 العريض » ٠‏ فقطعوا 
زاد المعاد 3/1/9 1وء ابن هشام 417/5 48 + 48 . ظ 
0 


وأحرقوا هناك أسواراً من النخل » ووجدوا رجلاً من الأنصار وحليفاً له في حرث لهما فقتلرهما » 
وفروا راجعين إلى مكة . 

وبلغ رسول الله ع الخبر ؛ فسارع لمطاردة أبي سفيان وأصحابه » ولكنهم فروا ببالغ 
السرعة » وطرحوا سويقا كثيرا من اروادهم وتمويناتهم يتخففون به » فتمكنوا من الإفلات ٠‏ ويلغ 
يتوق 3 الله إلى از اكير أي اصرق رابجا + وجل المسادوقة حأ ريه الكقار .7 
سويقهم » ومموا هذه المناوشة بغزوة السويق . وقعت في ذي الحجة سنة ” ه بعد بدر بشهرين » 
واستعمل على المدينة في هذه الغزوة أبا لبابة بن عبد المنذر2" . 


غزوة ذى أمر: 

وهي أكبر حملة عسكرية قادها رسول الله َيه قبل معركة أحد , قادها في المحرم سنة 
' ها . 

وسببها أن استخبارات المدينة نقلت إلى رسول الله مَك أن جمعا كبيراً من بني تعلبة ومحارب 
عا > دون الإغارة على أطراف المدينة » فندب رسول الله عله المسلمين » وخرج في 
أربعمائة وخمسين مقاتلاً ما بين راكب وراجل » واستخلف علٍ المدينة عثهان بن عفان . 
ٍ وني أثناء الطريق قبضوا على رجل يقال له جبار من بني ثعلبة » فأدخل على رسول الله 
عله » فدعاه إلى الإسلام فأسلم , ٠‏ فضمه إلى يذل وسار 3لا خض السلمين إلى ارط 
العلا .. 

وتفرق الأعداء في رؤوس الحبال حين سمعوا بقدوم جيش المدينة . أما النبي عَكهِ فققد وصل 

حيشه إلى مكان تجمعهم , وهو الماء المسمى « بذي أمر » فأقام هناك صفرا كله من سنة 
00 المقتغر الا غوسي نكر اللسلمون وو سكول علوي الرعيعه والاهية 2 
رجع إلى المدينة"2 . 





. 45 , زاد المعاد 9.0/5 ء ١و ابن هشام ؟/44‎ )1١( 
ابن هشام ؟/5: ء زاد المعاد 951/7 ؛ ويذ كرون أن محاولة اغتيال النبي عَإْييه من قبل دعثور أو غورث المحارني‎ )١؟(‎ 
. 047/7 كانت في هذه الغزوة . والصحيح أنها في غير هذه الغزوة انظر صحيح البخاري‎ 
فا 2ح‎ 


كان كعب بن الأشرف من أشد اليبود حنقاً على الاسلام والمسلمين » وإيذاء لرسول الله 
َيه ٠‏ وتظاهراً بالدعوة إلى حربه . ظ 

كان امن قبيلة طي امن بتي نههان - وأمه من , بني النضير » وكان غنيا مترفا معروفاً بجماله 
في العرب » شاعراً من شعرائها » وكان حصنه في شرق جنوب المدينة في خلفيات ديار بني 
النضير . 

وما بلغه أول خبر عن انتصار المسلمين » وقتل صناديد قريش في بدر قال : أحق هذا ؟ 
هؤلاء أشراف العرب » وملوك الناس » والله إن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير 
من ظهرها . 

ول تأكد لديه الخبر » انبعث عدو الله ميجو رسول الله ع والمسلمين , ومدح عدوهم ؛ 
ويحرضهم عليهم » ولم يرض ببذا القدر حتى ركب إلى قريش فنزل على المطلب بن أبي وداعة 
السبمي » وجعل ينشد الأشعار يبكي فيها على أصحاب القليب من قتلى المشركين » يثير بذلك 
حفائظهم  ٠‏ ويذكي حقدهم على النبي عه ؛ ويدعوهم إلى حربه , وعندما كان بمكة سأله 
أبو سفيان والمشركون : أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه ؟ وأي الفريقين أهدى سبيلا ؟ 
فقال : أنتم أهدى منهم سبيلا » وأفضل . وفي ذلك أنزل الله تعالى «ألَْئر كديس ا 
نباي نَالْحح مي يوون بالْجِبْتَ وَاَلطمُوت وَيَُولونَ لذن كَفروأهوْلَاء أهدَئونَ 
لذِنَءَامبُوأْسَبِيل © ( ؛: ١ه).‏ 

عر كب إن الح عل تررو الال ررح وكيب ل امار عا العددا ٠‏ 
ويؤذيهم بسلاطة لسانه أشد الايذاء . 

وحيتكذ قال رسول الله مكل : من لكعب بن الأدرف ؟ فإنه اذى الله ورسوله » فانتدب له . 
محمد بن مسلمة . وعباد بن بشر » وأبو نائلة - واسمه سلكان بن سلامة » وهو أخو كعب من 
الرضاعة - والحارث بن أوس » وأبو عبس بن حبر » وكان قائد هذه المفرزة محمد بن مسلمة . 

وتفيد الروايات في قل كعب بن الأشرف أن رسول الله عَْلهِ لما قال : من لكعب بن 
الأشرف ؟ فإنه قد اذى الله ورسوله » فقام محمد بن مسلمة فقال : أنا يا رسول الله » أتحب أن - 
أقتله ؟ قال : نعم . قال : فأذن لي أن أقول شيئا . قال: قل . 


27372 7 


فأتاه محمد بن مسلمة » فقال : إن هذا الرجل قد سألنا صدقة » وإنه قد عنانا . 

قال كعب : والله لقلنه . 

قال محمد بن مسلمة : فإنا قد اتبعناه » فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير 
شانه ؟ وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين . 

قال ابن مسلمة : أي شيء تريد ؟ 

قال : كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ؟ 

قال : فترهنوني أبناء كم . 

قال : كيف نرهنك أبناءنا » فيسب أحدهم » فيقال : رهن بوسق أو وسقين . هذا عار 
علينا » ولكنا نرهنك اللأمة » يعني السلاح . 

فواعده أن يأتيه . 

وصنع أبو نائلة مثل ما صنع محمد بن مسلمة » فقد جاء كعبا فتناشد معه أطراف الأشعار 
سويعة » ثم قال له : ويحك يا ابن الأشرف » إني قد جىت لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني . 

قال أبو نائلة : كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء » عادتنا العرب » ورمتنا عن قوس واحدة ‏ 
وقطعت عنا السبل حتى ضاع العيال » وجهدت الأنفس » وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا , 
ودار الحوار على نحو ما دار مع ابن مسلمة » وقال أبو نائلة أثناء حديثه : إن معي أصحابا لي على 
مثل رأبي » وقد أردت أن اتيك بهم فتبيعهم وتحسن ني ذلك . 

وقد تجح ابن مسلمة وأبو نائلة في هذا الحوار إلى ما قصدا . فإن كعب لن ينكر معهما 
السلاح والأصحاب بعد هذا الحوار . 

وفي ليلة مقمرة - ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة اه - اجتمعت هذه المفرزة إلى 

ا 


رسول الله يه » فشيعهم إلى بقيع الغرقد » ثم وجههم قائلاً : انطلقوا على اسم الله » اللهم 
أعنهم ثم رجع إلى بيته » وطفق يصلي ويناجي ربه . 

وانتبت امفرزة إلى حصن كعب بن الأشرف » فهتف به أبو نائلة » فقا ليتزل إلمهم » 
فقالت له امرأته ‏ وكان حديث العهد بها : أين تخرج هذه الساعة ؟ أسمع صوتاً كأنه يقظر منه 
الدم . 

قال كعب : إنما هو أخي محمد بن مسلمة » ورضيعي أبو نائلة » إن الكريم لو دعي إلى . 
طعنة أجاب » ثم خرج إليهم وهو متطيب ينفح رأسه . 

وقد كان أبو نائلة قال لأصحابه : إذا ما جاء فإني اخذ بشعره فأشمه » فإذا رأيتموني 
اي ا 0 
أبو نائلة : هل لك يا ابن الأشرف أن نتقاشى إلى شعب العجوز فنتحدث بقية ليلتنا ؟ قال : إن 
شكتم » فخرجوا يتاشون » فقال أبو نائلة وهو في الطريق : ما رأيت كا ليلة طيبً أعطر قط » وزهي - 
كنب ها اسع »مهال : عندي أعطر نساء العرب » قال أبو نائلة : أتأذن لي أن أشم رأسك ؟ 
قال : نعم فأدخل يده في رأسه فشمه وأشم أصحابه . 

ثم مشى ساعة ثم قال : أعود ؟ قال كعب : نعم » فعاد لمثلها » حتى اطمن . 

ثم مشى ساعة ثم قال : أعود ؟ قال : نعم » فأدخل يده في رأسه » فلما استمكن منه قال : 
دونكم عدو الله » فاختلفت عليه أسيافهم : » لكتها لم تغن شيعا » فأخذ محمد بن سلمة مولا 
فوضعه في ثنته » ثم تحامل عليه حتى بلغ عانته » فوقع عدو الله قتيلاً » وكان قد صاح صيحة 
شديدة أفزعت من حوله » فلم يبق حبصن إلا أوقدت عليه النيران . 

ورجعت المفرزة وقد أصيب الحارنث بن أوس بذداب بعض سيوف أصحابه فجرح ونزف 
لبود اليا تالز وا لسوتي ا ا 0 

يبع آثارهم » فاحتملوه » حتى إذا بلغوا بقيع الغرقد كبروا» وسمع رسول الله ع تكبيرهم » 
إن أب سشان 0 ينا ال إبدلل : أفت قري 11 يولي . 


-7588 


يا سول الله .: ورموأ برأس الطاغية بين يديه » فحمد الله على قتله : وتفل على جرح الحارث 
فبرأ ع وم يوذ بعدذه(') , 

ولما علمت اليهود اليبود بمصرع طاغيتها كعب بن الأشرف دب الرعب في قلوبهم العنيدة , 
وعلموا أن الرسول ع لن يتوانى في استخدام القوة حون يرى أن النصح لا يجدي نفعاً لمن يريد 
العبث بالأمن وإثارة الاضطرابات وعدم احترام المواثيق » فلم يحركوا ساكنا لقتل طاغيتهم ٠‏ بل 
لزموا الهدوء , وتظاهروا بإيفاء العهود , واستكانوا » وأسرعت الأفاعي إلى جحورها تختيىء فيها . 

وهكذا تفرغ الرسول عَيده - إلى حين - لمواجهة الأخطار التي كان يتوقع حدوثئها خارج 
المدينة 4 وأصبح المسلمون وقل تحفف عنهم كير من المتاعب الداخلية التي كانوا يتوجسونها 6 
ويشمون رائحتها بين اونة وأخرى . 


غزوة بحران 
وهي دورية قتال كبيرة » قوامها ثلاعائة مقاتل . قادها الرسول علا في شهبر ربيع الآخر 


سنة 7ه إلى أرض يقال لها بحران - وهي معذلل: بالحجاز في ناحية الفرع - فأقام بها شهر ربيع 
الآخر ثم جمادى الأولى ( من السنة الثالثة من اللحجرة ) ثم رجع إلى المدينة » ولم يلق حرباً" . 


سرية زيد بن حارثئة 


وهي آخر وأنجح دورية للقتال قام بها المسلمون قبل أحد. وقعت في جمادى 
الآخرة سنة ٠ه.‏ 


)١١‏ أخذنا تفاصيا ل هذه الوقعة من ابن هشام 81/1 , 01 . 015 , 04 . 01.66 , /ه ء وصحيح البخاري 
+١‏ ؛ 455 » 7/لالاه . وسنن أي داود مع عون المعبود ؟/47 , 47 » وزاد المعاد 431/5 . 
(1) ابن هشام 50/5 , ١ه‏ . وزاد المعاد 841/7 ء واختلفت المصادر في تعيين سبب هذه الغزوة فقيل : إن 
استخبارات المدينة نقلت إلى رسول الله مو أن بني سليم يحشدون قوات كبيرة لغزو المدينة أو أطرافها , وقيل : 
بل خرج يريد قريشاً , وهذا الثاني هو الذي ذكره ابن هشام واختاره ابن القيم ‏ حتى لم يذكر الأول رأساً - 
وهو المرجه , وذلك لأن ديار بني سليم لم تكن بناحية الفرع . وإنما هي في نجد بعيدة عن ناحية الفرع . 
- 586 - 


وتفصيلها أن قريشاً بقيت بعد بدر يساورها القلق والاضطراب » وجاء الصيف واقترب 
موسم رحلتها إلى الشام » فأخذها هم آخر 

قال صفوان بن أمية لقريش - وهو الذي انتخبته قريش في هذا العام لقيادة 0 إلى 
الشام ‏ : إن محمد وصحبه عوروا علينا متجرنا » فما ندري كيف نصنع بأصحابه » وهم 
لا يبرحون الساحل ؟ وأهل الساحل قد وادعهم ودخل عامتهم معه » فما ندري أين نسلك ؟ 
وإن أقمنا في دارنا هذه أكلنا رؤوس أموالنا » فلم يكن لها من بقاء . وإنما حياتنا بمكة على التجارة 
إلى الشام في الصيف ٠.‏ وإلى الحبشة في الشتاء . 

ودارت المناقشة حول هذا الموضوع » فقال الأسود بن عبد المطلب لصفوان : تنكب 
الطريق على الساحل وخذ طريق العراق - وهي طريق طويلة جداً تخترق نجدا إلى الشام » وتمر في 
شرق المدينة على بعد كبير منها » وكانت قريش تجهل هذه الطريق كل الجهل - فأشار الأسود بن 
0 
رائده في هذه الرحلة . 

وخرجت عير قريش يقودها صفوان , بن أمية » اخذة الطريق الجديدة » إلا أن أنباء هذه 
القافلة وخطة سيرها طارت إلى المدينة . وذلك أن سليط , بن النعمان - وكان قد أسلم - اجتمع 
في مجلس شرب - وذلك قبل تحريم الخمر - مع نعيم بن مسعود الأشجعي - ولم يكن أسلم إذ 
ذاك ‏ فلما أخذت الخمر من نعيم تحدث بالتفصيل عن قضية العير وخطة سيرها » فأسرع 
سليط إلى النبي عَيْيتُهِ يروي له القصة . 

وجهز رسول الله عي لوقنه حملة قوامها مائة راكب في قيادة زيد بن حارثة الكلبي » 
وأسرع زيد حتى دهم القافلة بغتة ‏ على حين غرة ‏ وهي تنزل على ماء في أرض نجد يقال له 
قردة ‏ بالفتح فالسكون - فاستولى عليها كلها » ولم يكن من صفوان ومن معه من حرس القافلة 
إلا الفرار بدون أي مقاومة . 

مير المسلمون دليل القافلة ‏ فرات بن حيان » وقيل : ورجلين غيره ‏ وحملوا غنيمة 

0 ن الأواني والفضة كانت تحملها القافلة » قدرت قيمتها بمائة ألف , قسم رسول الله عله 
هذه الغنيمة على أفراد السرية بعد أخذ الخمس » وأسلم فرات بن حيان على يديه عَوكخ(2 . 
)١(‏ ابن هشام ؟/50 ء ١ه‏ ء فقه السيرة ص ١4٠.‏ » رحمة للعالمين 5١9/7‏ . 


-15851- 


وكانتق:ماساة قديدة ولكية كيزة أضابيت ريشا بعك تدر + عنعن لحاءقلن قريش :+ بوزادجا 
هما وحزنا . ول يبق أمامها إلا طريقان , إما أن تمتنع عن غطرستها وكبريائها » وتأخذ طريق 
الموادعة والمصالحة مع المسلمين » أو تقوم بحرب شاملة تعيد لما محدها التليد وعزها القديم , 
وتقضي على قوات المسلمين » بحيث لا يبقى هم سيطرة على هذا ولا ذاك » وقد اختارت مكة 
الطريق الثانية » فازداد إصرارها على المطالبة بالثار » والتبيوٌ للقاء المسلمين في تعبئة كاملة » 
وتصميمها على الغزو في ديارهم » فكان ذلك وما سبق من أحداث التقهيد القوي لمعركة أحد . 


لا 1ب 


غزوة أحد 


استعداد قريش لعركة ناقمة: 

كانت مكة تحترق غيظاً على المسلمين مما أصابها في معركة بدر من مأساة الهزيمة وقتل 
الصناديد والأشراف » وكانت تجيش فيها نزعات الانتقام وأخذ الثأر » حتى إن قريشاً كانوا قد 
منعوا البكاء على قتلاهم في بدر » ومنعوا من الاستعجال في فداء الأسارى ؛ حتى لا يتفطن 
المسلمون مدى مأساتهم وحزنهم . ظ 

وعلى إثر غزوة بدر اتفقت قريش على أن تقوم بحرب شاملة ضد المسلمين » تشفي غيظها . 
وتروي غلة حقدها » وأخذت في الاستعداد للخوض في مثل هذه المعركة . 

وكان عكرمة ؛ بن أي جهل » وصفوان بن أمية » وأبو سفيان بن حرب » وعبد الله بن 
ني ربيعة أكثر زعماء قريش نشاطأ وتحمس خوض المعركة . 

وأول ما فعلوه بهذا الصدد تبه احتجزوا العير التي كان قد نجا بها أبو سفيان والتي كانت 
سبباً لمعركة بدرء وقالوا للذين كانت فيها أموالهم : يا معشر قريش » إن محمدا قد وترم وقتل 
خيار؟ » فأعينونا بهذا المال على حربه » لعلنا أن ندرك منه ثرا » فأجابوا لذلك » فباعوها , 
- ألف بعيز + والمال خمسين ألف دينار » وفي ذلكد و الله وم 0 


1 ات 7 رم ص و2 ]2 2 ل و عَجم. ري 1 12 
1 ). ْ ظ 


ثم فتحوا باب التطوع لكل من أحب المساهمة في غزو المسلمين من الأحابيش وكنانة وأهل 
مهامة » وأخذوا لذلك أنواعاً من طريق التحريض » حتى إن صفوان بن أمية أغرى أبا عزة الشاعر 


-588- 


العهد بأن لا يقوم ضده - أغراه على أن يقَوّم بتحريض القبائل ضد المسلمين » وعاهده أنه إن 
رجع عن الغزوة حيا يغنيه » وإلا يكفل بناته » فقام أبو عزة بتحريض القبائل بأشعاره التي كانت 
تذكي حفائظهم » "ا اختاروا شاعرا اخر ‏ مسافع بن عبد مناف الجمحي - لنفس المهمة . 

وكان أبو سفيان أشد تألييا على المسلمين بعد ما رجع عن غزوة السويق خائباً لم ينل ما في 
نفسه » بل أضاع مقدارا كبيراً من تمويناته في هذه الغزوة . 

وزاد الطينة بلة ‏ أو زاد النار إذكاء » إن صح هذا التعبير - ما أصاب قريشاً أخيراً في سرية 
زيد بن حارثة من الخسارة الفادحة التي قصمت فقار اقتصادها » وزودها من الحزن والهم 
ما لا يقادر قدره » وحينئذ زادت سرعة قريش في استعدادها للخوض في معركة تفصل بينهم وبين 
المسلمين . 


قوام جيش قريش وقيادته: 

ولما استدارت السنة كانت مكة قد استكملت عدتها » واجتمع إليها من المشركين ثلاثة 
الاف مقاتل من قريش والحلفاء والأحابيش » ورأى قادة قريش أن يستصحبوا معهم النساء , 
حتى يكون ذلك أبلغ في استّاتة الرجال دون أن تصاب حرماتهم وأعراضهم » وكان عدد هذه 
النسوة خمس عشرة امرأة . 

وكان سلاح النقليات ني هذا الجيش ثلاثة الاف بعير » ومن سلاح الفرسان مائتا فرسر() 
جنبوها طول الطريق » وكان من سلاح الوقاية سبعمائة درع . 

وكانت القيادة العامة إلى ألي سفيان بن حرب ., وقيادة الفرسان إلى خالد بن الوليد » يعاونه 
عكرمة بن أي جهل » أما اللواء فكان إلى بني عبد الدار . 


جيش مكة يتحرك: 
تحرك الجيش المكي بعد هذا الإعداد التام نحو المدينة » وكانت الثارات القديمة والغيظ 
الكامن يشعل البغضاء ي القلوب . ويشف عما سوف يقع من قتال مرير . 





4١ (‏ زاد المعاد 57 وهو المعروف . وني فتح الباري مائة فرس 745/1 . 


588 - 


الاستخبارات النبوية تكشف حركة العدو: 

وكان العباس بن عبد المطلب يرقب حركات قريش واستعداداتها العسكرية » فلما تحرك هذا 
الجيش بعث العباس رسالة مستعجلة إلى النبي عَركُهِ » ضمنها جميع تفاصيل الحيش . 

وأسرع رسول العباس بإبلاغ الرسالة » وجدٌّ في السير حتى إنه قطع الطريق بين مكة والمدينة 
- التي تبلغ مسافتها إلى خمسوائة كيلو مترا - في ثلاثة أيام » وسلم الرسالة إلى النبي عَيلهُ وهو في 
مسجك قباء . 

رأ الرسالة على النبي عي بي بن كعب » فأمره بالكتّان » وعاد مسرعا إلى رادل 
الرأي مع قادة المهاجرين والأنصار . 


استعداد المسلمين للطوارىء: 
00 المدينة ف حالة استنفار عام 4 لا يفارق رجاها السلاح ؛ حتى وهم ف الصلاة ) 
ا 7101000 ط5ط5 
بحراسة رسول الله عَويكِ . فكانوا يبيتون على بابه وعليهم السلاح . 
وقامت عل مداخل المدينة وأنقابها مفرزات تحرسها » خوفاً من أن يؤخذوا على غرة . 
وقامت دوريات من المسلمين ‏ لاكتشاف تحركات العدو - تتجول حول الطرق التي 
يحتمل أن يسلكها المشركون للاغارة على المسلمين . 
الجيش المكى إلى أسوار المدينة: ‏ 
وتابع جيش مكة سيره على الطريق الغربية الرئيسية المعتادة » ولما وصل إلى الأبواء اقترحت 
ا كو 


فوس كس 2ض 
ذات المين » حتى نزل قريباً بيبل أحد في مكان يقال له عينين » في بطن السبخة » من قناة على 


* 0ق 


شفير الوادي - الذي يقع مالي المدينة - فعسكر هناك يوم الجمعة السادس من شهر شوال سنة 
ثلاث من الهجرة . 
المجلس الاستشاري لأخذ خطة الدفاع: 

ونقلت استخبارات المدينة أخبار جيش مكة خبرا بعد خبر, حتى الخبر الأخير عن 
معسكره » وحينئذ عفد رسول الله ع ملسا استشارياً عسكرياً أعلى » تبادل فيه الري لاختيار 
الموقف » وأخبرهم عن رؤيا راها . قال : إني قد رأيت والله خيرا » رأيت بقراً يذيح » ورأيت في 
ذباب سيفي ثلما . ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة » وتأول البقر بنفر من أصحابه 
قتلون » وتأول الكلمة في سسيفه برجل يصاب من أهل بيته » وتأول الدرع بالمدينة . 

ثم قدم رأيه إلى صحابته أن لا يخرجوا من المدينة» وأن يتحصنوا بهاء فإن أقام المشركون 
بمعسكرهم أقاموا بشر مقام وبغير جدوى , وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة , 
والنساء من فوق الببيوت » وكان هذا هو الرأي . ووافقه على هذا الرأي عبد الله بن أبي بن سلول 
جد رامن المنافقين - وكان قد حضر انمجلس بصفته أحد زعماء الخزرج . ويبيدو أن موافقته هذا 
الرأي لم تكن لأجل أن هذا هو هر الموقف الصحيح من حيث الوجهة العسكرية » بل ليتمكن من 
التباعد عن القتال دون أن يعلم بذلك 0 ؛ وشاء الله أن يفتضح هو وأصحابه - لأول مرة - 
أمام المسلمين » ويتكشف عنهم الغطاء الذي كان كفرهم ونفاقهم يكمن وراءه » ويتعرف 
المسلمون في أحرج ساعتهم على الأفاعي التي كانت تتحرك تحت ملابسهم وأكامهم . 

فقد بادر جماعة من فضلاء الصحابة من فاته الخروج يوم بدر » فأشاروا على البى كه 
بالخروج » وألحوا عليه في ذلك . حتى قال قائلهم : يا رسول الله » كنا نتمنى هذا اليوم وندعوا 
اله ؛ فقد ساقه إلينا وقرب المسير . اخرج إلى أعدائنا , ٠‏ لا يرون أنا جَبنَا عنهم . 

وكان في مقدمة هؤلاء المتحمسين حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله مكلا الذي كان 


قدأروى فرند سيفه في معركة بدر - فقد قال للنبي ع : والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم 
طعاما جح تى أجالدهم بسيفي خارج المدينئة(١)‏ : 





, ١ السيرة الحلبية ؟/1‎ )١١ 


50١ 


ورفض رسول الله عه رأيه أمام رأي الأغلبية » واستقر الرأي على الخروج من المدينة » 
واللقاء في الميدان السافر . 
نكتيب الجيش الإسلامي وخروجه إلى ساحة القتال: 

ثم صل النبي عَْيهِ بالناس يوم الجمعة » فوعظهم وأمرهم بالحد والاجتهاد , وأخبر أن لهم 
النصر بما صبروا » وأمرهم بالتبيؤٌ لعدوهم , فرح الناس بذلك . ظ 

ثم صلى بالناس العصر » وقد حشدوا وحضر أهل العوالي . ثم دخل بيته » ومعه صاحباه أبو 
بكر وعمرء فعمماه وألبساه » فتدجج بسلاحه » وظاهر بين درعين ( أي لبس درعاً فوق 
درع ) » وتقلد السيف » ثم خرج على الناس . 

وكان الناس ينتظرون خروجه . وقد قال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير : استكرهم 
سول الله مه على الخووج » فوا الأمر إلي » ندموا جديا على ما صنمواء فلما خرج قاو 
له : يا رسول الله ما كان لنا أن تخالفك , فاصنع ما شكت » إن أحببت أن تمكث بالمدينة 
فافعل . فقال رسول الله عَييْلَهِ : ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته - وهي الدرع - أن يضعها » حتى 
يحكم الله بينه وبين عدوه("" . 

وقسم النبى عله جيشه إلى ثلاث كتائب : 

5211111 

(؟) كتيبة الأوس من الأنصار » وأعطى لواءها أسيد بن حضير . 

(") كتيبةالخزرج من الأنصار » وأعطى لواءها الحباب بن المنذر . ظ 

وكان الجيش متألفاً من ألف مقاتل : ؛ فههم مائة دارع وخمسون فارسا© + وقيل لم يكن من 
الفرسان أحد » واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم على الصلاة بمن بقي في المدينة » وأذن 
بالرحيل , فتحرك الحيش نحو الشهال » وخرج السعدان أمام النبي عَتهُ يعدوان دارعين. 
(1) رواه أحمد والنسائي والحام وابن إسحاق . 
(؟) قاله ابن القيم في الهدى ؟ . ؟1 . وقال ابن حجر : هو غلط بين . وقد جزم مومى بن عقبة بأنه لم يكن معهم 


في أحد شيء من الخيل ؛ ووقع عند الواقدي كان معهم فرس لرسول الله ميته وفرس لأبي بردة ( فتح الباري 
/. 2ه" ). | 


ءة 507 - 


ولا جاوز ثنية الوداع رأى كتيبة حسنة'التسليح منفردة عن سواد الجيش » فسأل عنها , 
فأخير أ: جع الجرد من خلفاء التزرج ' » » يرغبون المساهمة في القتال ضد المشركين » فسأل : هل 
أسلموا ؟ فقالوا : لا . فأبى أن يستعين بأهل الكفر على أهل الشرك . 


استعراض الجيش: 

ومدا ريل إل معام يباك لهو الخيجات 6 ابرض عه ب ورد من استصغرة وم بره 
نطيقا لقتال .6 وكان متهم عيك ألنبى عرزن الخطاات»» وأساقة بق بريد وأسن .يق ظهير: 
وزيد بن ثابت ٠‏ وزيد بن أرقم » وعرابة بن أوس » وعمرو بن حزم » وأبو سعيد الخدري ‏ 
وزيد بن حارثة الأنصاري » وسعد بن حبة » ويذكر في هؤلاء البراء بن عازب » لكن حديثه في 
البخاري يدل على شهوده القتال ذلك اليوم . 

وأجاز رافع بن دع #اوسرة بن جندب عل ضغ ستهما #,وذلك أن راقع بن خدج كان 
ماهر في رماية النبل فأجازه » فقال سمرة : أنا أقوى من رافع . أنا أصرعه » فلما أخبر 
رسول الله َيه بذلك أمرهما أن يتصارعا أمامه » فتصارعا » فصرع سمرة رافعاً » فأجازه أيضاً . 


المبيت بين أحد والمدينة: 
وفي هذا المكان أدركهم المساءة ع فصل المغرب ( ثم صلل العشاء 1 وبات هنالك ؛ وانتخب 


لع يس الي عدي ري لمرو ٠‏ بطل 


تمرد عبدالله بن أبى وأصحابه: 
وقبل طلوع الفجر بقليل أدلح . حتى إذا كان بالشوط صلى الفجر ء وكان بعقربة جدا من 
العدو فقد كان يراهم ويرونه » وهناك تمرد عبد الله بن أني المنافق » فانسحب بنحو ثلث العسكر 
- ثلاغائة مقاتل - قائلاً : ما ندري علام نقتل أنفسنا ؟ ومتظاهراً بالاحتجاج بأن الرسول عَكلل 
ترك زآية وأطاع غيره . 





. روى ذلك ابن سعد وفيه أنهم من بني قينقاع (4/1©) ومعلوم أن بني قينقاع كان قد تم إجلاؤهم عقب بدر‎ )١( 


و 3 


ولا شك أن سبب هذا الانعزال لم يكن هو ما آبداه هذا المنافق من رفض رسول الله َيه 
أيه » وإلا لم يكن لسيره مع الجيش النبوي إلى هذا المكان معنى . بل لو كان هذا هو السبب 
لانعزل عن الجيش منذ بداية سيره » بل كان هدفه الرئيسبي من هذا القرد ‏ في ذلك الظرف 
الدقيق - أن يحدث البلبلة والاضطراب في جيش المسلمين على مرأى ومسمع من عدوهم » حتى 
ينحاز عامة الجيش عن النبي ينه » وتتبار معنويات من يبقى معه » بينا يتشجع العدو » وتعلو 
همته لرؤية هذا المنظر » فيكون ذلك أسرع إلى القضاء على النبي عَتُهِ وأصحابه المخلصين , 
ويصحو بعد ذلك الحو لعودة الرياسة إلى هذا المنافق وأصحابه . 

وكاد المنافق ينجح في تحقيق بعض ما كان .هدف إليه » فقد همت طائفتان - بنو بنو حارثة من 
الأوس » وبنو سلمة من الخزرج - أن تفشلاء ولكن الله تولاهما » فثبتنا بعد ما سرى فيهما 
الاضطراب وهمتا بالرجوع والانسيحابية: وعفييا نز ل الله تعال : «إذهمّت طَأيَنَانِ نكم 
أن تَفسَلاواللَه و اول َه ست وكل الْمؤ بو .)١١١:5(‏ ظ 

وحاول عبد الله بن حرام والد حابر بن عبد الله - تذكير هؤلاء المنافقين بواجبهم في هذا 
الظرف الدقيق » فتبعهم وهو يوبحخهم دعي ؛ ويقول تعالوا قاتلا في سبيل الله أو 
ادفعوا » قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع . . فرجع عنهم عبد الله بن حرام قائلا : أبعد م 
الله » أعداء الله » فسيغني الله عنكم نبيه . 


وفي هؤلاء المنافقين يقول الله تعالى وَََِكلنَناكفأوقِل نا َالو لواف سبلا 
ع ماه سا و6 2ل 6 ب سروس ع 2م ياسء وم سه 


7 7 عر كر 
ود مامِالا ا نكم هُمْ إِلْكُفْر يَوْمَِذِأَقَربُ ينهم للإيمن يقولوت 


أيهم مالس في فلو يوم وام أكون 4 1505 


بقية الجيش الإسلامى إلى أحد: 
وبعد هذا القرد والانسحاب قام النبي َيه ببقية الجيش - وهم سبعمائة مقاتل - ليواصل 
سيره نحو العدو , وكان معسكر المشركين يحول بينه وبين أحد في مناطق كثيرة » فقال : « من 
رجل يخرج بنا على القوم من كنب ( أي من قريب ) من طريق لا مر بنا علموم ٠‏ ؟ 
فقال أبو خيثمة : أنا يا رسول الله » ثم اختار طريقاً قصيرا إلى أحد يمر بحرة بوحاه 
وعزارعهم » تارك جيش المشركين إلى الغرب . 
5608 - 


ومر الجيش في هذا الطريق بحائط مربع بن قيظي - وكان منافقاً ضرير البصر - فلما أحس 
بالحيش قام يحثو التراب في وجوه المسلمين , ويقول : لا أحل لك أن تدخل حائطي إن كنت 
سول الله فابتدره القوم ليقتلوه » فال : ١‏ لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر ) . 

ونفذ رسول الله عه : حتى نزل الشعب من جبل أحد في عدوة الوادي » فعسكر بجيشه 
مستقبلا المدينة » وجاعلاً ظهره إلى هضاب جبل أحد , وعلى هذا صار ج. جيش العدو فاصلا بين 
المسلمين وبين المدينة . 


خطة الدفاع: 


وهناك عبأ رسول الله عه جيشه , وهرأهم صفوفا لقتال , فانتخب منهم فصيلة من الرماة 
الماهرين , قوامها خمسون مقاتلا ؛ وأعطى قيادتها لعبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري 
الأوفق البدري , وأمرهم بالعركز على جبل يمع على الضفة الجنوبية من وادي قناة - وعرف فيأ 
بعد بجبل الرماة - جنوب شرق معسكر المسلمين » على بعد حوالي مائة وخمسين مترأً من مقر 
الجيش الاسلامي . 

والهدف من ذلك هو ما أبداه رسول الله عله في كلماته التي ألقاها إلى هؤلاء الرماة فقد 
قال لقائدهم : افع الل يعن باليل ؛ لا يأتون من خلفنا » إن كانت لنا أو علينا فائبت 
مكانك لا نؤتين من قبلك )20 . م قال للرماة ٠‏ احموا ظهورنا » فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا » 
وإن رأيتمونا قد عنمنا فلا تشركونا”'" » » وني رواية البخاري أنه قال : ١‏ إن رأيتمونا تخطفنا الطير 
فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم » وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطأناهم » فلا تبرحوا حتى 
انسل إليكه”” . 

وبتعيين هذه الفصيلة في الحبل مع هذه الأوامر العسكرية الشديدة سد رسول الله علتع 
الثلمة الوحيدة التي كان يمكن لفرسان المشركين أن يتسللوا من ورائها إلى صفوف المسلمين : 
ويقوموا بحركات الالتفاف وعملية التطويق . 





. 5556/١ ابن هشام‎ )١( 
. 85/1 (؟) روى ذلك أحمد والطبراني وا حا م عن ابن عباس . انظر فتح الباري‎ 
. 455/١ صحيح البخاري . كتاب الجهاد‎ )5( 


5086 


أما بقية الجيش فجعل على الميمنة المنذر بن عمرو » وجعل على الميسرة الزبير بن العوام », 
يسانده المقداد بن الأسود.. وكان إلى الزيير مهمة الصمود في وجه فرسان خالد بن الوليد , 
وجعل في مقدمة الصفوف نخبة ممتازة من شجعان المسلمين ورجالا م المشهورين بالنجدة 
والبسالة » والذين يوزنون بالالاف . 

ولقد كانت خطة حكيمة ودقيقة جداً » تتجلى فيها عبقرية قيادة النبي عَيْتُه_العسكرية 
- وأنه لا يمكن لأي قائد مهما تقدمت كفاءته أن يضع خطة أدق وأحكم من هذا فقد احتل 
أفضل موضع من ميدان المعركة » مع أنه نزل فيه يعد العدو » فقد حمى ظهره ويمينه بارتفاعات 
الجبل » وحمى ميسرته وظهره ‏ حين يحتدم القتال - بسد الثلمة الوحيدة التي كانت توجد في 
جانب الجيش الاسلامي ؛ واختار لمعسكره وفنا 50 يحمي به اذا نزلت الخزيمة 
بامسلمين - ولا يلتجىء إلى الفرار » حتى يتعرض للوقوع في قبضة الأعداء المطاردين وأسرهم ١‏ 
ويلحق مع ذلك خسائر فادحة إلى أعدائه إن أرادوا احتلال معسكره وتقدموا إليه » وأحجحاأ أعداعه 
إلى قبول موضع منخفض يصعب عليهم جدا أن يحصلوا على شيء من فوائد الفتح إن كانت 
الغلبة لهم » ويصعب عليهم الإفلات من المسلمين المطاردين إن كانت الغلبة للمسلمين » ؟ أنه 
عوض النقص العددي في رجاله باختيار نحبة ممتازة من أصحابه الشجعان البارزين . 


وهكذا تمت تعبئة الجيش النبوي صباح يوم السبت السابع من شهر شوال سنة 1ه . 


الرسول ‏ كه ينفث روح البسالة فى الجيش: 

ونبى الرسول مُه الناس عن الأخذ في القتال حتى يأمرهم » وظاهر بين درعين » وحرض 
أصحابه على القتال » وحضهم على المصابرة والجلاد عند اللقاء » وأخذ ينفث روح الحماسة 
0 في أصحابه 3 اق جرد سيفا باترا ونادى أصحابه ١:‏ .من يأخحذ هذا السيف بحقه » ؟ 

وساي يي وما حقه يا رسول ال؟ قال 0 
00 . قال : أنا اخذه بحقه يا رسول الله » فاعطاه إياه . 

وكان أبو دجانة رجلاً شجاعاً يختال عند الحرب » وكانت له عصابة حمراء إذا اعتصب بها 
اواحواي سي الي ا 


+501 


مكتر بين الصفين + وحيهذ قال رسول الل ع2 + إن كشية يعضنا الله إلا في رمتل هذا 
الموطن » . 


تعبئة الجيش المكى : 

أما المشركون فعبأوا جيشهم حسب نظام الصفوف » فكانت القيادة العامة إلى أي سفيان 
صخر بن حرب الذي تركز في قلب الحيش » وجعلوا على الميمنة خالد بن الوليد - وكان إذ ذاك 
مشركاً - وعلى الميسرة عكرمة بن أي جهل , وعلى المشاة صفوان بن أمية » وعلى رماة النبل عبد 
الله بن ألمي ربيعة . 

أما اللواء فكان إلى مفرزة من بني عبد الدار » وقد كان ذلك منصبهم منذ أن اقتسمت بنو 
عه مكاقيع المناضدت التي ورئوها من قصي بن كلاب - ا أسلفنا في أوائل المقالة - وكان 
لا يمكن لأحد أن ينازعهم في ذلك » تقيداً بالتقاليد التي ورثوها كابرا عن كابر » بيد أن القائد 
العام - أبا سفيان ‏ ذكرهم بما أصاب قريشا يوم بدر حين أسر حامل لوائهم النضر بن 
الحارث » وقال هم ليستفز غضبهم ويثير حميتهم : يا بني عبد الدار » قد وليتم لواءنا يوم بدر 
فأصابنا ما قد رأيتم » وإنما يؤتي الناس من قبل راياتهم ‏ إذا زالت زالوا » فإما أن تكفونا لواءنا , 
وإما أن تمحلوا بيننا وبينه فنكفيكموه . 

ونجح أبو سفيان في هدفه » فقد غضب بنو عبد الدار لقول أبي سفيان أشد الغضب . 
رهموا به وتواعدوه » وقالوا له : نحن نسلم إليك لواءنا ؟ ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع . وقد 
ثبتوا عند احتدام المعركة حتى أبيدوا عن بكرة أبييم . 


مناورات سياسية من قبل قريش: 

وقبيل نشوب المعركة حاولت قريش إيقاع الفرقة والنزاع داخل صفوف المسلمين . فقد 
أرسل أبو سفيان إلى الأنصار يقول لهم : ٠‏ خلوا بيننا وبين ابن عمنا فننصرف عنكم » فلا حاجة 
لنا إلى قتالكم » ولكن أين هذه المحاولة أمام الامان الذي لا تقوم له الجبال » فقد رد عليه الأنصار 
ردأ عنيفاً » وأسمعوه ما يكره . 

واقتربت ساعة الصفر ء وتدانت الفعتان » فقامت قريش بمحاولة أخرى لنفس الغرض » 


567 


فقد خرج إليم عميل خائن يسمى أبا عامر الفاسق - واسمه عبد.عمرو بن صيفي » وكان 
يسمى الراهب » فسماه رسول الله عله الفاسق » وكان رأس الأوس في الجاهلية . فلما جاء 
السلا شرق به» وجاهر رسول الله عإلاه بالعداوة , فخرج من المدينة » وذهب إلى قريش 
يؤلبهم على رسول اله عي ويحضهم على قناله , ووعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه , ومالوا معه 
فكان أول من خرج إلى المسلمين في الأحابيش وعبدان أهل مكة , فنادى قومه وتعرف 
عليهم » وقال : يا معشر الأوس » أنا أبو عامر . فقالوا : لا أنعم الله بك عينا يا فاسق . فقال : 
لقد أصاب قومي بعدي شر . ( ولا بدأ القتال قاتلهم قتالا" شديدا وراضخهم بالحجارة ) . 
وهكذا فشلت قريش في محاولتها الثانية للتفريق بين صفوف أهل الإيمان ويدل عملهم هذا 
على ما كان يسيطر علمهم من خوف المسلمين وهيبتهم » مع كثرتهم وتفوقهم في العدد والعدة . 


جهود نسوة قريش ف التتحميس: 
وقامت نسوة قريش بنصيبهن من المشاركة في المعركة » تقودهن هند بنت عتبة زوجة ألي 

سفيان » فكن يتجولن في الصفوف » ويضربن بالدفوف » يستنبضن الرجال » ويحرضن على 
القتال » ويثرن حفائظ الأبطال » ويحركن مشاعر أهل ١‏ الطعان والضراب والنضال » فتارة يخاطبن 
أهل اللواء فيقلن :. 

ويمابني عبد الدار وتنا حماة الأدبار 

ضربا بكل بتار 
وتارة يأزرن قومهن على القتال وينشدن : 
مسحتر سيان اتير نافيا 
أو تدبووا نفارق | قف رق غعسي وامق 


أول وقود المعركة: 0 

. وتقارب الجمعان » وتدانت الفئتان » وبدأت مراحل القتال » وكان أول وقود المعركة حامل 
لواء المشركين طلحة ب بن أبي طلحة العبدري » وكان من أشجع فرسان قريش » يسميه المسلمون - 
كبش الكتيبة » خرج وهو راكب على جمل » يدعو إلى المبارزة » فأحجم عنه الناس لفرط 

- 15048. 


شجاعته » ولكن تقدم إليه الزيير » ول يمهله بل وثب إليه وثبة الليث » حتى صار معه على جمله , 
ثم اقتحم به الأرض » فألقاه عنه وذبحه بسيفه . 

ورأى النبي عَييقُمِ هذا الصراع الرائع » فكبر وكبر المسلمون » وأثنى على الزيير » وقال في 
حقه : إن لكل نبي حواريا » وحواريي الزيير” 2 . 


ثقل المعركة حول اللواء وإبادة حملته: 

ثم اندلعت نيران المعركة » واشتد القتال بين الفريقين في كل نقطة من نقاط الميدان » وكان 
ثقل المعركة يدور حول لواء المشركين . فقد تعاقب بنو عبد الدار لحمل اللواء بعد قتل قائدهم 
طلحة بن أبي طلحة , فحمله أخوه أبو شيبة عهان بن أبي طلحة » وتقدم للقتال وهو يقول : 

إن عسل تعد اللواء حقا أن عضي الممههدة أو دقتنا 

فحمل عليه حمزة بن عيد المطلب . فضربه على عاتقه ضربة بترت يده مع كتفه » حو 
وصلت إلى سرته » فبانت رثته . 

ثم رفع اللواء أبو سعد بن ألي طلحة » فرماه سعد بن أني وقاص بسهم أصاب حنجرته , 
فأدلع لسانه ومات لحينه . وقيل : بل خرج أبو سعد يدعو إلى البراز » فتقدم إليه علي بن ألي 
طالب » فاختلفا ضربتين » فضربه علي فقتله . ظ 

ثم رفع اللواء مسافع بن طلحة بن أبي طلحة » فرماه عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح بسهم 
فقتله » فحمل اللواء بعده أخوه كلاب بن طلحة بن أي طلحة » فانقض عليه الزيير بن العوام 
وقاتله حتى قتله » ثم حمل اللواء أخوهما املاس بن طلحة بن أبي طلحة » فطعنه طلحة بن عبيد 
اله طعنة قضت على حياته » وقيل : بل رماه عاصم بن ثابت بن أي الأقلح بسهم فقضى عليه . 

ف لآء.سقة تفز مة يواعد + بيت أن طلحة غبد اليو :غنات بن عب الذار اقتلوا 
جميعاً حول لواء المشركين » ثم حمله من بني عبد الدار أرطاة بن شرحبيل » فقتله علي بن أبي 
طالب » وقيل : حمزة بن عبد المطلب » ثم حمله شري بن قارظ فقتله قزمان ‏ وكان منافقا قاتل 
مع المسلمين حمية , لا عن الاسلام - ثم حمله أبو زيد عمرو بن عبد مناف العبدري » فقتله 
قزمان أيضاً » ثم حمله ولد لشرحبيل بن هاشم العبدري فقتله قزمان أيضا . 


. ١8/7 ذكره صاحب السيرة الحلبية‎ 4١9 





- 756068 


فهؤلاء عشرة من بني عبد الدار - من حملة اللواء ‏ أبيدوا عن اخرهم » ولم يبق منهم أحد 
يحمل اللواء » فتقدم غلام لهم حبشي ‏ اسعه صواب ‏ فحمل اللواء , وأبدى من صنوف 
الشجاعة والثبات ما فاق به مواليه من حملة اللواء الذين قتلوا قبله » فقد قاتل حتى قطعت يداه : 
فبرك على اللواء بصدره وعنقه ؛ لئلا يسقط حتى قتل وهو يقول : اللهم هل أعذرت » يعني هل 
أعذرت ؟20 . 
' وبعد أن قتل هذا الغلام - صواب - سقط اللواء على الأرض » ولم يبق أحد يحمله , فبقي 
ساقطا . 


الفتال في بقية النقاط: 


وبيها كان ثقل المعركة » يدور حول لواء المشركين » كان القتال المرير يجري في سائر نقاط 
المعركة » وكانت روح الإيمان قد سادت صفوف المسلمين » فانطلقوا خلال جنود الشرك 
انطلاق الفيضان تتقطع أمامه السدود » وهم يقولون « أمت » أمت » . كان ذلك شعاراً لهم يوم 
أحد . ظ 

أقبل أبو دجانة معلما بعصابته الحمراء » اخذاً بسيف رسول الله كيه » مصمماً على أداء 
حقه » فقاتل حتن أمعن في الناس , وجعل لا يلقى مشركاً إلا قتله » وأخذ هدُ صفوف المشركين 
هذا . قال الزيير بن العوام : وجدت في نفسي حين سألت رسول الله عه السيف فمنعنيه , 
وأعطاه أبا دجانة » وقلت أي في نفسي : أنا ابن صفية عمته » ومن قريش » وقد قمت إليه » 
فسألته إياه قبله فاتاه إياه وتركني » والله لأنظرن ما يصنع ؟ فاتبعته فأخرج عصابة له حمراء » 
فعصب بها رأسه » فقالت الأنصار . أخرج أبو دجانة عصابة الموت ١‏ فخرج وهو يقول : 
أنا الذي عاهدني حليلىي ‏ انحن بالس فح لدى النخيل 
أنثلا اس الدسير ف الكتتدلة؟ أطرية سنينيت اند وارسنسيوول 

فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله » وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحاً إلاذفف عليه : 
فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه » فدعوت الله أن يجمع بينبما فالتقياء فاختلفا 
)١١‏ كان بلسانه لكنة يقلب الذال إلى الزاي . 
(؟) الكيول : اخخر الصفوف . يعني أنه لا يقاتل في مؤخرة الصفوف .. بل يظل أبداً في المقدمة . 

756 - 


ضربتين » فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته » فعضت بسيفه » فضربه أبو دجانة فقتله0"© . 

ثم أمعن أبو دجانة في هد الصفوف . حتى خلص إلى قائدة نسوة قريش » وهو لا يدري 
بها . قال أبو دجانة : رأيت إنساناً يحمش الناس خمشاً شديداً فصمدت له » فلما حملت عليه 
السيف ولول » فإذا امرأة » فأكرمت سيف رسول الله َيه أن أضرب به امرأة . 

وكانت تلك المرأة هي هند بنت عتبة . قال الزبير بن العوام رأيت أبا دجانة قد حمل السيف 
على مفرق رأس هند بنت عتبة » ثم عدل السيف عنها » فقلت : الله ورسوله أعلم2 . 

زقائل جره بن عب مطل قال الليويك الهقاجة ين ققد ادقع إلى قلحا ميان ابتر دين 
يغامر مغامرة منقطعة النظير » ينكشف عنه الابطال ؟! تتطاير الاوراق أمام الرياح الهوجاء . 
فبالاضافة إلى مشاركته الفعالة في إبادة حامل لواء المشركين ؛ فعل الأفاعيل بأبطالهم الآخرين 
حتى صرع وهو في مقدمة المبرزين » ولكن لا م تصرع الابطال وجها لوجه في ميدان القتال ) 
وإِنما كا يغتال الكرام في حلك الظلام . 
مصرع أسد الله حمزة بن عبدا لمطلب: 

يقول قاتل حمزة وحشي بن حرب : كنت غلاما لجبير بن مطعم » وكان عمه طعيمة بن 
عدي قد أصيب يوم بدر » فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير : إنك إن قتلت حمزة عم 
محمد بعمي فأنت عتيق . قال : فخرجت مع الناس - وكنت رجلا حبشياً أقذف بالحربة قفذف 
الحبشة قلما أخطىء بها شيئا - فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره » حتى رأيته في 
عرض الناس مثل مثل الجمل الأورق » يهد الناس هدا ما يقوم له شيء » فوالله إني لأعبيً له أريده » 
فاستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني , إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى » ة فلما راه حمزة قال 
له : هلم إلى يا ابن مقطعة البظور - وكانت أمه ختانة - قال : فضربه ضربة كأنما أخطاً 
رأسه9) . 

فال : وهززت حربتي . حتى إذا رضيت منها دفعتها إليه » فوقعت في ثنته ‏ أحشائه - حتى 
خرجت من بين رجليه » وذهب لينوء نحوي فغلب » وتركته وإياها حتى مات , ثم أنيته فأخذت 
1( ابن هشام 58/7 ٠+‏ 59 . 
)١(‏ نفس المصدر 59/5 . 
(؟) أخطاأ رأسه » يقال عند المبالغة في الاصابة . 


11 


حربتي ثم رجعت إلى العسكر , فقعدت فيه , ولم يكن لي بغيره حاجة , وإغا قتلته لأعتق » فلما 
قدمت مكة عتقت2() . 


السيطرة على الموقف: 
وبرغم هذه الخسارة الفادحة التي الحقت بالمسلمين بقتل أسد الله وأسد رسوله حمزة بن 
عبد المطلب , ٠‏ ظل المسلمون مسيطرين عل الموقف كله » فقد قائل يوذ أبو بكر » وعمر هن 
امات بن ألي طالب » والزيير بن العوام » ومصعب بن عمير وطلحة بن عبيد الله : 


وعبد الله ببن جحش ٠‏ وسعد بن معاذ » وسعد بن عبادة » وسعد بن الربيع » وأنس بن النضر 
وأمثللهم قتالاً فل عزائم المشركين » وفتت في أعضادهم . 
من أحضان المرأة إلى مقارعة السيوف والدرقة: 

وكان من الأبطال المغامرين يومئذ حنظلة الغسيل ‏ وهو حنظلة بن أبي عامر » وأبو عامر 
هذا هو الراهب الذي سمي بالفاسق . والذي مضى ذكره قريباً - كان حنظلة حديث عهد 
بالعرس » فلما مع هواتف الحرب - وهو على امرأته ‏ انخلع من أحضانها » وقام من فوره إلى 
ا ا ا ا 
جا وإباف لواب و وو ع وات 
نصيب فصيلة الرماة فى المعركة: 

وكانت للفصيلة التي عينها الرسول عَيْيله على جبل الرماة يد بيضاء في إدارة دفة القعال 
لصالح الحيش الإسلامي . فقد هجم فرسان مكة بقيادة خالد بن الوليد يسانده أبو عامر 
الفاسق . ثلاث مرات ليحطموا جناح الجيش الإإسلامي اليه » حتّى يتسسربوا إلى ظهور 
المسلمين : لطر و اي ريا ةراد 
الرماة رشمقوهم بالنبل حتى فشلت هجماتهم العلدث259 , ْ 
)١(‏ ابن هشام ١17٠١ » 55/١‏ 011 75 ء صحيح البخاري 587/5 - أسلم وحشي هذا بعد معركة الطائف » 


وقتل ٠‏ 8 , الكذاب بحربته تلك . وشهد اليرموك ضد الرومان . 
(؟) انظر فتح الباري 555/19 . 





- 7517 - 


الهزيمة تنزل بالمشركين 

هكذا دارت رحى الحرب الزبون » وظل الحيش الاسلامى الصغير مسيطراً على الموقف 
كله » حتى خارت عزاتم أبطال المشركين , وأخذت صفوفهم تتبدد عن اين والشمال والامام 
والخلف » كأن ثلاثة الاف مشرك يواجهون ثلاثين ألف مسلم , لا بضع مئات قلائل » وظهر 
المسلمون في أعلى صور الشجاعة واليقين . 

وبعد أن بذلت قريش أقصى جهدها لسد هجوم المسلمين أحست بالعجز والخور ‏ 
وانكسرت همتها - حتى لم يجترىء أحد منها أن يدنو من لوائها » الذي سقط بعد مقتل صواب ‏ 
نحل نور جفوله الققال ع ذواخدك فى الاشكهاته م ولاك الى" الفران + وتسيي نا كانيت 
تتحدث به في نفوسها من أخذ الثآر والوتر والانتقام » وإعادة العز وامجد والوقار . 

قال ابن إسحاق : ثم أنزل الله نصره على المسلمين » وصدقهم وعده » فحسوهم بالسيوف 
حتى كشفوهم عن المعسكر , وكانت الزيمة لا شك فيها . روى عبد الله بن الزبير عن أبيه أنه 
قال : والله لقد رايتتي انظر إلى خدم ‏ سوق - هند بن عتبة وصواحبها مشمرات هوارب . 
مادون أخذهن قليل ولا كثير .. إل( وني حديث البراء بن عازب عند البخاري ني 
الصحيح : فلما لقيناهم هربوا » حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل » يرفعن سوقهن قد بدت 
خلاخيلهن( . وتبع المسلمون المشركين » يضعون فيهم السلاح » وينتهبون الغناثم . 
غلطة الرماة الفظيعة: 

وبيها كان الحيش الإسلامي الصغير يسجل مرة أخرى نصراً ساحقاً على مكة لم يكن أقل 
روعة من بو النسر اللاي اليه بون يتز» ريع من فليا اميل زربا لئلة تيع تيت ريع 
عامأء وأدت إلى إلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين , وكادت تكون سببأ في مقتل النبي ََكهِ ‏ 
وقد تركت أسوأ أثر على سمعتهم , والهيبة التي كانوا يتمتعون بها بعد بدر . 

لقد أسلفنا نصوص الأوامر الشديدة التي أصدرها رسول الله عَيكه إلى هؤلاء الرماة , 
بلزومهم موقفهم من الجبل في كل حال من النصر أو الهزيمة » لكن على رغم هذه الأوامر 
)١(‏ ابن هشام ؟//ا/ . 
(؟) صحيح البخاري ؟/5/اه . 

1707 - 


المشددة ؛ لما رأى هؤلاء الرماة أن المسلمين ينتهبون غناتم العدو » غلبت أثارة من حب الدنيا » 
فقال بعضهم لبعض : الغنيمة » الغنيمة » ظهر أصحابكم » فما تنتظرون ؟ - 

أما قائدهم عبد الله بن جبير » فقد ذكرهم أوامر الرسول عَيهُ وقال : أنسيتم ما قال لكم 
رسول الله ملم ؟ ظ 

ولكن الأغلبية الساحقة لم تلق لهذا التذكير بالا » وقالت : والله لنأتين الناس فلنصيبن من 
الغنيمة2 . ثم غادر أربعون رجلا من هؤلاء الرماة مواقعهم من الحبل » والتحقوا بسواد الجيش , 
ليشاركوه في جمع الغنائم » وهكذا خلت ظهور المسلمين » ول يبق فيها إلا ابن جبير وتسعة من 
أصحابه , التزموا مواقفهم . مصممين على البقاء ختى يوّذن لهم أو يبادوا . 


خالد بن الوليد يقوم بخطة تطويق الجيش الإسلامي 

وانتهبز سخالد بن الوليد هذه الفرصة الذهبية » فاستدار بسرعة خاطفة » حتى وصل إلى 
مؤخرة الجيش الإسلامي . فلم يلبث أن أباد عبد الله بن جبير وأصحابه » ثم انقض على 
املع من خلفهم » وصاح فرسانه صيحة عرف المشركون الخبزمون بالتطور الحديد » فانقلبوا 
على المسلمين , وأسرعت امرأة منهم - وهي عمرة بنت علقمة الحارثية ‏ فرفعت لواء المشركين 
المطروح على التراب . فالتف ا ا و حتى اجتمعوا 
على المسلمين » وثبتوا لقتال . وأحيط المسلمون من الأمام والخلف , ووقعوا بين شقي ,الرحى 


موقف الرسول الباسل إزاء عمل التطويق: 

وكان رسول الله عه حينئذ في مفرزة صغيرة - تسعة نفر من أصحابه9"؟ - في مؤخرة 
المسلمين(”© » كان يرقب حالدة المسلمين ومطاردتهم المشركين ؛ إذ بوعت بفرسان خالد مباغتة 
كاملة » فكان أمامه طريقان . إما أن ينجو - بالسرعة - بنفسه وبأصحابه التسعة إلى ملجاً 
مأمون ؛ ويترك جيشه المطوق إلى مصيره المقدور . واما أن يخاطر بنفسه فيدعو أصبحانة 
ليجمعهم حوله » وبتخذ بهم جبهة قوية يشق بها الطريق ميشه المطوق إلى هضاب أحد . 
-)1١‏ روى ذلك الخارئين عديك البراء بن عازب 00 ٠‏ 
)٠(‏ في صحيح مسلم )٠١7/5(‏ أنه عه أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش .. 
(؟) يدل عليه قوله تعالى : والرسول يدعوك في أخراكم . (5 : )١١‏ . 


ا 


وهناك تحلت عبقرية الرسول يه وشجاعته المنقطعة النظير » فقد رفع صوته ينادي 
اصحابه: قباد اشام وهو يغرقت أن المتاركين نوك يسععون ضيرته قبل أن ايشبعه السلمون « 
ولكنه ناداهم ودعاهم مخاطرا بنفسه في هذا الظرف الدقيق . 

وفعلا فد علم به المشركون فخلصوا إليه » قبل أن يصل إليه المسلمون . 


تعدد المسلمين فى الموقف: 

أما المسلمون فلما وقعوا في التطويق طار صواب طائفة منهم » فلم تكن تبمها إلا أنفسها , 
فقد أخذت طريق الفرار : وتركت ساحة القتال » وهي لا تدري ماذا وراءها ؟ وفر من هذه 
الطائف: بعضهم إلى المدينة حبى دخلها , وانطلق بعضهم إلى فوق الجبل » ورجعت طائفة أخرى 
فاختلطت بالمشركين » والتبس العسكران » فلم يتميزوا » فوقع القتل في المسلمين بعضهم من 
بعض . روى البخاري عن عائشة قالت : لما .كان يوم أحد هزم المشركون هزيمة بينة » فصاح 
إبليس : أي عباد اللهأخرام ‏ أي احترزوا من ورائكم - فرجعت أولاهم . فاجتلدت هي 
وأخراهم , فبصر جذيفة . فإذا هو بأبيه الهان , فقال : أي عباد الله أبي أبي . قالت : فوالله 
ما احتجزوا عنه حتى قتلوه » فقال حذيفة : يغفر الله لكم » قال عروة : فوالله ما زالت في حذيفة 
بقية خير حتى لحق بالله20 . 

وهذه الطائفة حدث داخل صفوفها ارتباك شديد » وعمتها الفوضى . وتاه منها الكثيرون » 
لا يدرون أين يتوجهون , وبينا هم كذلك إذ سمعوا صائحا يصيح : إن محمد قد قتل . فطارت 
بقية صوابهم » وانهبارت الروح المعنوية » أو كادت تتهار في نفوس كثير من أفرادها » فتوقف من 
توقف منهم عن القتال , وألقى بأسلحته مستكيناً » وفكر آخرون في الاتصال بعبد الله بن أبي 
- رأس المنافقين - ليأخذ لهم الأمان من أي سفيان . 

ومر ببؤلاء أنس بن النضر ء وقد ألقوا بأيدييم فقال : ما تنتظرون ؟ فقالوا : قشل 
رسول الله عل قال :ما تفستعون باللنياة بخدة 9 قوهوا فنموتوا عل ما امات عليه رسول الله ثم 
)١(‏ صحيح البخاري 559/١‏ . 581/5 »ء وفتح الباري 851/17 . 6577 557 وذكر غير البخاري أن 

رسول الله عَوْيهِ أراد أن يديه . فقال حذيفة : تصدقت بديته على المسلمين » فزاد ذلك حذيفة خيراً عند 

النبي عه . انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص54 . 

516 


قال : الهم إني أعتذر إليك ما صنع هؤلاء » يعني المسلمين , وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني 
المشركين » ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ » فقال : أين يا أبا عمر ؟ فقال أنس : واها لريم الجنة 
يا سعد . إفي أجده دون أحد ء ثم مضى فقاتل القوم حتى قتل » فما عرف حتى عرفته أخته . 
بعد نهاية المعركة ‏ ببنانه » وبه بضع وثمانون ما بين طعنة برمح » وضربة بسيف » ورمية 
0000 ظ 

ونادى ثابت بن الدحداح قومه » فقال : يا معشر الأنصار » إن كان محمد قد قتل ‏ فإن 
الله حي لا يموت » قاتلوا على دينكم , فإن الله مظفرك وناصرك . فنبض إليه نفر من الأنصار , 
جد ب عن كي ريا علدنا را جاتير كح لابن باق رادل 
اوكا ه١11‏ 

ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار » وهو يتشحط في دمه » فقال : يا فلان 
أشعرت أن محمداً قد قئل ؟ فقال الأنصاري : إن كان محمد قد قتل فقد بلغ » فقاتلوا عن 
ديتكم7" . 

ومثل هذا الاستبسال والتشجيع عادت إلى جنود المسلمين روحهم المعنوية » ورجع إليهم 
رشدهم وصوابهم » فعدلوا عن فكرة الاستسلام أو الاتصال بابن ألي » وأخذوا سلاحهم» 
يهاجمون تيارات المشركين » وهم يحاولون شق الطريق إلى مقر القيادة » وقد بلغهم أن خبر مقتل 
النبي عَم كذب متلق » فزادهم ذلك قوة على قوتهم » فنجحوا في الإفلات عن التطويق » وني 
التجمع حول مركز منيع بعد أن باشروا القتال المرير » وجالدوا بضراوة بالغة . 

وكانت هناك طائفة ثالثة لم يكن يبمهم إلا رسول الله عله . نقد كرت هذه الطائفة إلى 
رسول الله عه ؛ وعمل التطويق في بدايته » وفي مقدمة هؤلاء أبو بكر الصديق » وعمر بن 
الخطاب » وعلي بن ألي طالب وغيرهم رضي الله عنهم كانوا في مقدمة المقاتلين ) ٠»‏ فلما أحسوا 
و ل عليه الصلاة والسلام والتحية صارة سد الداسي . 


. 1/5/7 صحيح البخاري‎ 47 ٠ 945/7 زاد المعاد‎ )١( 
. 77/7 السيرة الحلبية‎ )١( 
. 45/7 زاد المعاد‎ )5 


-511- 


احتدام القتال حول رسول الله عله : 


وبين كانت تلك الطوائف ام التطويق » تطحن بين شقي رحى المشركين » كان 
العراك محتدماً حول وول الله ووفك :د كرا أن المشركين لما بدأوا عمل التطويق لم يكن مغ 
روات ماح قي نيه نيا باون سامون :عم ]و ارود د عع د 
المشركون وعرفوه » فكروا إليه وهاجموه . ومالوا إليه بنقلهم قبل أن يرجع إليه أحد من جيش 
طمن تحر ين المت كان ورين نوه ألو لاقن الصيعة ننين المكانة عرالف صسف نورت انه 
وار التي والنفاق والتمتالة واليطولة:: 

روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله عه أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار 
ورجلين من قريش » فلما رهقوه قال : من يردهم عنا وله الجنة ؟ أو هو رفيقي في الجنة ؟ فتقدم 
رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل , ثم رهقوه أيضاً فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة » فقال 
سول الك عر السا سس التشتي مدنا الضقنا ايها 1 


وكان ار هو لاء السبعة هو عمارة بن يزيد , بن السكن . قاتل حتى أثبتته الجراحة 
فسمط29'" . 


أحرج ساعة فى حياة الرسول ‏ كَل : 


ويعك شقوط:» بن السكن بقي الرسول عَيّْ في القرشيين فقط , قفي الصحيحين عن أبي 
عهان قال : لم ببق مع النبي عَم في بعض تلك الأيام التي يقاتل فيين غير طلحة بن عبيد الله 
وسعد ( بن أني وقاص '"١)‏ وكانت أحرج ساعة بالنسبة إلى حياة رسول الله يله » وفرصة ذهبية 
بالنسبة إلى المشركين » ولم يتوان المشركون في انتهاز تلك الفرصة ء فقد ركزوا حملتهم على 
النبي عَم وطمعوا ني القضاء عليه » رماه عتبة بن لي وقاص بالحجارة فوقع لشقه » وأصيبت 
رباعيته الهنى السفلى » وكلمت شفته السفل , وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهري . فشجه في 


05 صحيح مسلم » باب غزوة أحد و . 

(؟) وبعد لحظة فاءت إلى رسول الله عه فشة من المسلمين فأجهضوا الكفار عن عمارة . وأدنوه من 
رسول الله َيه ؛ فوسده قدمه , فمات وخده على قدم رسول الله عَيهِ . ( ابن هشام 41/5 ) . 

(5) صحيح البخاري ١//ا7ه‏ . 81/5 . 


- 


جببته . وجاء فارس عنيد هو عبد الله بن قمئة فضرب على عاتقه بالسيف ضربة عنيفة » شكا 

لأجلها أكثر من شبر ء إلا أنه لم يتمكن من هتك الدرعين » ثم ضرب على وجنته عه ضربة 

أخرى عنيفة كالأولى » حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته » وقال : خذها وأنا ابن 

قمئة . فقال رسول الله عله له وهو يمسح الدم عن وجهه : أقماك الله" . 
وني الصحيح أنه مه كسرت رباعيته » وشج في رأسه » فجعل يسلت الدم عنه ويقول : 

و ال رك بيهم » وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله » فأنزل الله عز وجل : 

00 تنك ِالأتر نو أب عكين أرشزيؤ يوس . 
وف رواية الطبراني أنه قال يومئذ : اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسوله » ثم مكث 

ساعة ثم قال : اللهم اغفر لقومي فإمهم لا يعلمون9 . وكذا في صحيح مسلم أنه كان يقول : 

رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون » وني الشفاء للقاضي عياض أنه قال : اللهم اهد قومي ‏ 

فإنهم لا يعلمون7' . ظ 
ولا شك أن المشركين كانوا يهدفون القضاء على حياة رسول الله عَدُه » إلا أن القرشيين 

سعد بن أي وقاص وطلحة بن عبيد الله قاما ببطولة نادرة » وقاتلا ببسالة منقطعة النظير » حتى لم 

يتركا ‏ وهما اثنان فحسب - سبيلاً إلى نجاح المشركين في هدفهم » وكانا من أمهر رماة العرب » 

فتناضلا حتى أجهضا مفرزة المشركين عن رسول الله عه . 
ادي ال ا ال ا اا 20 

وأمي “ . ويدل على مدى كفاءته أن النبي عَيَكه لم يجمع أ أبوية لأحد غير سعرة) , 

)0( وقد مع الله دعاء رسوله َه » فعن ابن عائذ أن ابن قمثة 0 انصرف إلى أهله » فخرج إلى غنمه » فوافاها على 
ذروة جبل » فدخل فيها » فشد عليه تيسها فنطحه نطحة أرداه من شاهق الجبل فتقطع ( فتح الباري 
) وعند الطبراني فسلط الله عليه تيس جبل » فلم يزل ينطحه حتى قطعه قطعة قطعة ( فتح الباري 
. 


(؟) صحيح البخاري 587/1 . وصحيح مسلم ٠١8/5‏ . 
(5) فتح الباري 777/17 . 

5( صحيح مسلم باب غزوة أحد ٠١8/7‏ . 

. 2١/١ كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى‎ )0١ 
. 04١ 8580/7 ٠ 401//١ صحيح البخاري‎ )/-5( 





- 7148 - 


وأما طلحة بن عبيد الله فقد روى النسالي عن جابر قصة تجمع المشر كين حول 
رسول الله ميته ومعه نفر من الأنصار . قال جابر : فأدرك المشركون رسول الله مله فقال : من 
للقوم » فقال طلحة : أنا . ثم ذكر جابر تقدم الأنصار , وقتلهم واحداً بعد واحد بنحو ما ذكرنا 
تو رواية انهرقنا كل الأتهان كليم تقد طلاجة» قال عابي جام قاتل :طاليشة: فقال الأحد 
عشر حتى ضربت يده فقطعت أصابعه , فقال : ححسٌ » فقال النبي عَيقُه لو قلت : بسم الله 
لرفعتك الملائكة والناس ينظرون » قال : ثم رد الله المشركين(2 . ووقع عند الحاك في الاكليل أنه 
جرح يوم أحد تسعا وثلاثين » أو خمساً وثلاثين » وشلت إصبعه » أي السبابة والتي تليها ”© . 

وروى البخاري عن قيس بن أي حازم قال : رأيت يد طلحة شلاء » وق بها النبي عه 
يوم أحد9" . 


1 الله ن . ! ا 

وروى الترمذي أن النبي مَل قال فيه يومكذ : « من ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض 
فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله )29 . 

وروىك بو داود الطيالسبي عن عائشة قالت : كان أب بكر إذا 1 يوم الود قال : ذلك 
اليوم كله لطلحة9 . 

يا طلحة بن عبيد الله قد وجبت لك الجنان وبوأت الل, | العين() 

وفي ذلك الظرف الدقيق والساعة الحرجة أنزل الله نصره بالغيب » ففي الصحيحين عن 
كاشد القتال » ما رايتهما قبل ولا بعد . وفي رواية يعني جبريل وميكائيل”” . 


. فح الباري », وسئن النسالي ؟/اه , 8ه‎ 01١ 

9 نفس المصدر الأول 751/19 . 

(؟) صحيح البخاري ١//ا١ه‏ .2 581/9 . 

(14) مشكاة المصابيح 555/17 , ابن هشام 45/7 . 

(5) فتح الباري 301/17 . 

(1) مختصر تاريخ دمشق 47/17 ( من هامش شرح شذور الذهب ص4 ١١‏ ) . 
)2 صحيح البخاري 580/7 . 


21 


بداية تجمع الصحابة حول الرسول - كله -: 

وقعت م عر اللا خاطفة . وإلا فالمصطفون بارس اه 
0 0 
يسول اذ تكله اما لقي من الحراحا تا سعويخة من انار قل اهارا »والساع ند ابت 
الجراحات » وسعد وطلحة يكافحان أشد الكفاح ‏ فلما وصلوا أقاموا حوله سياجا من 
أجسادهم وسلااحهم » وبالغوا في وقايته من ضربات العدو ؛ ور هجماتهم :. وكان أول من رجع 


إليه هو ثانيه في الغار أبو بكر الصديق رضي الله عنه . 
روى ابن حبان في صحيحه عن عائشة قالت ا اه 


انصرف الناس كلهم عن النبي َه ٠‏ فكنت أول من فاء إلى النبي ع » فرأيت بون يديه 
رجلا يقاتل عنه ويحميه » قلت : كن طلحة » فداك أبي وأمي » » كن طلحة » فداك ألي وأمي » 
فلم أنشب أن أدركبي أبو عبيدة بن لجرا ح ؛ وإذا هو يشتد كأنه طير طير » حتى ‏ حقني » فدفعنا إلى 
لني يله » فإذا طلحة بين يديه صرياً» فقال النبي كه : « دونكم أخاك فقد أوجب )2 
وقد رمي النبي عَُه في وجنته , حتى غابت حلقتان من حاق المغفر في وجنته » فذهبت 
لأنزعهما عن النبي عََْهِ فقال أبو عبيدة : نشدتك بالله يا أبا بكر إلا تركتني . قال : فأخذ 
شيف فجعل ينقضة كافية إن يفي :رضول الله 2392 . ثم استل السهم بفيه » فندرت ثنية 
أبي عبيدة » قال أبو بكر : ثم ذهبت لآخذ الآخرء فقال أبو عبيدة : نشدتك بالله يا أبا بكر 
إلا تركتني » » قال فأخذه فجعل ينضضه حتى استله » فندرت ثنية أي عبيدة الأخرى » ثم تم قال 
رسول الله مَكيلهِ : « دونكم أخاك » فقد أوجب » » قال : فأقبلنا على طلحة نعالحه . وقد أصابته 
بضع عشرة ضربة!" . ( وهذا أيضاً يدل على مدى كفاءة طلحة ذلك اليوم في الكفاح 
والنضال ) . ظ 3 ( 

وخلال هذه اللحظات الحرجة اجتمع حول النبي مَل عصابة من أبطال المسلمين » منهم 
أبو دجانة » ومصعب بن عمير » وعلي بن أبي طالب » وسهل بن حنيف » ومالك بن سنان والد 
أبي سعيد الخدري . وأم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية » وقتادة بن النعمان » وعمر بن 
الخطاب » وحاطب بن ألي بلتعة » وسهل بن حنيف » وأبو طلحة . 

. 56/٠ زاد المعاد‎ )١١ 


5 


تضاعف ضغط المشركين: 

كا كان عدد المشركين يتضاعف كل ان » وبالطبع فقد اشتدت حملاتهم » وزاد ضغطهم 
على المسلمين » حتى سقط رسول الله عه في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق. يكيد 
٠ .‏ فجحشت ركبته ؛ وأخذ علي بيده » واحتضنه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قاما » وقال 
نافع بن جبير فرحل من الها رون شو : شبدت أحداً » فنظرت إلى النبل يأني من كل 
ناحية رسول الله عَم وسطها » كل ذلك يصرف عنه » ولقد رأيت عبد الله ابن شهاب الزهري 
يقول يوعة + دلوق عل عسدج فلا حورت إن ا ».ورسول الله ع إلى كنيد نا مق أحد: 
ثم جاوزه » فعاتبه في ذلك صفوان , فقال : والله ما رأيته » أحلف بالله أنه منا مثمنوع . فخرجنا 
أربعة . فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله » فلم تحلص إلى ذلك”2 . 


البطولات النادرة: 

وقام المسلمون ببطولاات نادرة وتضحيات رائعة 2 لم يعرف لا التاريخ ير . كان 
أبو طلحة يسور نفسه بين يدي رسول الله عَْيُهِ ٠‏ ويرفع صدره ليقيه عن سهام العدو . قال 
أنس : لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي عَيْيْه » وأبو طلحة بين يديه مبحوب عليه بحجفة له » 
كان رعلا راهيا نديد النزع » كسر يومئذ قوسين أو ثلاث » وكان الرجل يمر معه بجعبة من 
النبل » فيقول : « اتثرها لأبي طلحة » . قال : ويشرف النبي عَْتُهُ ينظر إلى القوم » فيقول 
او اا لحري و0 

550 فكان إذا رمى تشرف م 0 موقع نبله29 . 

وقام أبو دجانة أمام رسول الله َه » فترس عليه بظهره , والنبل يقع عليه وهو لا يتحرك . 

وتبع حاطب بن أبي بلتعة عتبة بن أي وقاص - الذي كسر الرباعية الشريفة - فضربه 


. زاد المعاد ؟//97؟‎ )١( 


(؟) صحيح البخاري 081/١‏ . 
(95) نفس المصدر 1.05/١‏ . 


17ت 


بالسيف حتى طرح رأسه » ثم أخذ فرسه وسيفه . وكان سعد بن أي وقاص شديد الحرص على 
قتل أخيه - عتبة هذا إلا أنه لم يظفر به » بل ظفر به حاطب . 

وكان سبل بن حنيف أحد الرماة الأبطال » بايع رسول الله عتم على الموت » ثم قام بدور 
فعال في ذود المشركين . 

وكان رسول الله عييلهه يباشر الرماية بنفسه » فعن قتادة بن النعمان أن:رسول له َيه رمى 
عن قوسه حتى اندقت سيتها('» » فأخذها قتادة بن النعمان » فكانت عنده » وأصيبت يومكذ عينه 
حتى وقعت على وجنته » فردها رسول الله عي بيده » فكانت أحسن عينيه وأحدههما . 

وقاتل عبد الرحمن بن عوف حتى أصيب فوه يومئذ فهتم » وجرح عشرين جراحة أو أكثر » 
أصابه بعضها في رجله فعرج . 

وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد بدن قري ادن بجع لد وى الاك يقال : 
و مجه ». فقال : والله لا أمحه أبدا . ثم أدبر يقاتل » فقال النبى مه : ٠‏ من أراد أن ينظر إلى 
رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا . فقتل شهيدا » ظ 

وقاتلت أم عمارة ». فاعترضت لابن قمئة في أناس من المسلمين » فضربها ابن قمئة على 
عاتقها ضربة تركت جرحاً أجوف » وضربت هي ابن قمئة عدة ضربات بسيفها » لكن كانت 
عليه درعان فنجا » وبقيت أم عمارة حتى أصابها اثنا عشر جرحأ . 

وقاتل مصعب بن عمير بضراوة بالغة » يدافع عن النبي َه هجوم ابن قمئة وأصحابه » 
وكان اللواء بيده » فضربوه على يده الهنى حتى قطعت » فأخذ اللواء بيده اليسرى » وصمد في 
وجوه الكفار حتى قطعت يده اليسرى », ثم برك عليه بصدره وعنقه حتى قتل » وكان الذي قتله 
هو ابن قمئة » وهو يظنه رسول الله لشبهه به - فانصرف ابن قمئة إلى المشركين » وصاح : إن 
محمدا قد قتل') . 
إشاعة مقتل النبي ‏ يك وأثره على المعركة: 


ولم يمض على هذا الصياح دقائق . حتى شاع خبر مقتل النبي عَيهِ في المشركين والمسلمين 
)١(‏ سيتها : ما عطف من طرفيها . ظ 
(؟) انظر ابن هشام 7/7/اء, لم2 الء المء 1لمء وزاد المعاد ؟//91 . 
777 - 


وهذا هو الظرف الدقيق الذي خخارت فيه عزاكم كثير من الصحابة المطوقين , الذين لم يكونوا مع 
رسول الله َيه ؛ وامبارت معنوياتهم » حتى وقع داخل صفوفهم ارتباك شديد » وعمتها الفوضى 
والاضطراب » إلا أن هذه الصيحة خففت بعض التخفيف من مضاعفة هجمات المشركين ؛ 
لظنهم أنهم نجحوا في غاية مرامهم » فاشتغل الكثير منهم بتمثيل قتلى المسلمين . 


الرسول ‏ كَةٍ - يواصل المعركة وينقذ الموقف: 

ولما قتل مصعب أعطى رسول الله عَُْه اللواء على بن أني طالب » فقاتل قنالاً شدي 
وقامت بقية الصحابة الموجودين هناك ببطولاتهم النادرة يقاتلون ويدافعون . 

وحينئذ استطاع رسول الله أن يشق الطريق إلى جيشه المطوق » فأقبل إليهم » فعرفه 
كعب بن مالك - وكان أول من عرفه - فنادى بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أبشرواء هذا 
رسول الله عَهكُه ٠‏ فأشار إليه أن أصمت ؛ وذلك لثلا يعرف موضعه المشركون . إلا أن هذا 
الصوت بلغ إلى اذان المسلمين , فلاذ إليه المسلمون » حتى تجمع حوله حوالي ثلاثين رجلاً من 
الصحابة . 

وبعد هذا التجمع أخذ رسول الله عه في الانسحاب المنظم إلى شعب الجبل » وهو يشق 
الطريق بين المشركين المهاجمين » واشتد المشركون في هجومهم ؛ لعرقلة الانسحاب إلا أمهم 
فشلوا أمام بسالة ليوث الاسلام . 

تقدم عئان بن عبد الله بن المغيرة ‏ أحد فرسان المشركين - إلى رفول الله عل وهو 
يقول : لا نمجوت إن نا . وقام رسول الله ع المواجهته : . إلا أن الفرس عثرت في بعض الحفر » 
فنازله الحارث بن الصمة » فضرب عل رجله فأقعده » ثم ذفف عليه » وأخذ سلاحه » والتحق 
برسول الله َيه . 

وعطف عبد الله بن جابر ‏ فارس اخخر من فرسان مكة - على الحارث بن الصمة ‏ 
فضرب بالسيف على عاتقه » فجرحه حتى حمله المسلمون » ولكن انقض أبو دجانة - البطل 
المغامر ذو العصابة الحمراء ‏ عل عبد الله بن جابر » فضربه بالسيف ضربة أطارت رأسه . 

وأثناء هذا القتال المرير » كان المسلمون يأخذهم النعاس أمنة من الله » كا تحدث عنه 


1ت 


د 
3-8-2 
أن ل 
اللحى الل ا ب 2 عد 

لاالفا 21000 ع 

11 روب 


5-52 
الت 
5 امن 1 
اين 


بتاعا 
مس 


لاحل انالك 


4 
5 ار بام 27 
سحت 


لون 

مسد لاماي ام 
0 
001 


3 


انا 
اا 
0( 
0 من ا 
| ام م111 ااا ابر 
اللا 00 
اللا مل ملألا 


ما غ١1‏ او 


/ 


)١(‏ الطريق الذي فاء منه 
من فاء إلى النبي كَل . 
() الطريق الذي فر منه 
المنهزمون إلى هضاب أحد 
بعد الانتكاسة . 


(*) الطريق الذي فر منه 
المنبزمون إلى المدينة 
بعد الانتكاسة . 


- اك وذ و1 الى 
“اا 


ا 


3 
5-8 حم سيم ا 
ليك 


ل 
را 


95 
بيد 3 
0 
دا 


ا 400 
ان : 


8 


7 


برا لات لالزةا إلذلنا 
الردها للد ااانا 
يك 





2-775. 


القران . قال أبو طلحة : كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد » حتى سقط سيفي من يدي 
رار ؛) يسقط واخخذه ؛ ويسقط واخذه(١')‏ : 

وكثل هذه البسالة بلغت هذه الكتيبة ‏ في انسحاب منظم - إلى شعب الجبل وشق لبقية 
الجيش طريقا إلى هذا المقام المأمون » فتلاحق به في الجبل » وفشلت عبقرية خالد أمام عبقرية 


رستول الله عل 


مقتل أبى بن خلف: 

قال اند احا فلن اسن رسول الله 12 فق الشعي أدركه الى من خلق وهق تقول : 
أي عفد لا غورث: أن خا ؟. فقال القوم : يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا ؟ فقال رسول 
الله َيه : دعوه . فلما دنا منه تناول رسول الله عْيهِ الحربة من الحارث بن الصمة » فلما 
أخذها منه انتفض انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض » ثم استقبله , 
وأبصر ترقوته من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة ٠‏ فطعنه فيها طعنة تدأدأ ‏ تدحرج ‏ منها عن 
فرسه مراراً » فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير » فاحتقن الدم قال : 
قتلني واللّه محمد . قالوا له : ذهب والله فؤادك ‏ والله إن بك من بأس » قال : إنه قد كان قال لي 
بممكة : أنا أقتلك0 فوالله لو بصق عل لقتلني » فمات عدو الله بسرف . وهم قافلون به إلى 
مكة”" » وني رواية أبي الأسود عن عروة : أنه كان يخور خوار الثور ويقول : والذي نفسي بيده 
لو كان الذي بي بأهل ذي المْجاز لماتوا جميعا9» . 


وق أثناء السحاب رصول الت عه إل الخيل عرضيت له:ضخرة من الحبل: »قيض ليبا 


. صحيح البخاري ؟817/7ه‎ )١( 

(؟) وذلك أن رسول الله عه لما كان بمكة كان يلقاه أي هذا » فيقول : يا محمد إن عندي العود فرساً أعلفه كل 
يوم فرقاً من ذرة » أقتلك عليه » فيقول رسول الله عله , بل أنا أقتلك إن شاء الله . 

(0) ابن هشام 85/7 .ء زاد المعاد 917/9 . 

)0 مختصر سيرة الرسول َه للشيخ عبد الله النجدي ص١5؟‏ . 


519/6 


ليعلوها » فلم يستطع , لأنه كان قد بدّنَ وظاهر بين الدرعين » وقد أصابه جرح شديد . فجلس 


اخر هجوم قام به المشركون: . 

ولا تمكن رسول الله عي من مقر قيادته في الشعب ؛ قام المشركون باخر هجوم حاولوا به 
النيل من المسلمين . قال ابن إسحاق : بينا رسول الله عَكلهِ في الشعب إذ علت عالية من قريش 
الجبل - يقودهم أبو سفيان وخالد بن الوليد - فقال رسول الله عَكْله : اللهم إنه لا ينبغي لهم أن 
يعلونا » فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل2" . 

وني مغازي الأموي أن المشركين صعدوا على الجبل » فقال رسول الله عه لسعد : أجبنهم 
يقول : ارددهم ‏ فقال : كيف أجبنهم وحدي ؟ فقال ذلك ثلاثا » فاخذ سعد سهما من 
كنانته » فرمى به رجلا فقتله » قال : ثم أخذبت سهمي أعرفه فرميت به أخخر , فقتلته » ثم أخذته 
أعرفه فرميت به اخر فقتلته فهبطوا من مكانهم » فقلت : هذا سهم مبارك » فجعلته في كنانتي . 
فكان عند سعد حتى مات », ثم كان عند بنيه29 . 
تشويه الشهداء: ظ 

وكان هذا آخر هجوم قام به المشركون ضد النبي عَد . ولما لم يكونوا يعرفون من مصيره 
شيئا - بل كانوا على شبه اليقين من قتله ‏ رجعوا إلى مقرهم . واخخذوا يتهياون للرجوع إلى 
مكة » واشتغل من اشتغل منهم - وكذا اشتغلت نساؤهم ‏ بقتلى المسلمين » يمثلون بهم . 
ويقطعون الآذان والأنوف والفروج » ويبقرون البطون » وبقرت هند بنت عتبة كبد حمزة » 
فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها , فلفظتها , واتحذت ٠ن‏ الآذان والأنوف خدما ‏ خلاخيل - 
وقلائل97؟ . ظ 


. 25/7 ابن هشام‎ )١( 
. نفس المصدر‎ )1( 
. 46/9 زاد المعاد‎ )59 
. 10/٠ ابن هشام‎ )5( 


- 75971 - 


مدى استعداد أبطال المسلمين للقتال حتى نهاية المعركة: 

وفي هذه السساعة الأخيرة وقعت وقعتان » تدلان على مدى استعداد أبطال المسلمين 
للقتال » ومدى استّاتتهم في سبيل الله . 

١‏ - قال كعب بن مالك : كنت فيمن خرج من المسلمين » فلما رأيت تمثيل المشركين 
بقتلى المسلمين قمت فتجاوزت » فإذا رجل من المشركين جمع اللآمة يجوز المسلمين وهو يقول : 
استوسقوا ما استوسقت جزر الغمم'" , وإذا رجل من المسلمين ينتظره » وعليه لامته » فمضيت 
حتى كنت من ورائه » ثم قمت أقدر المسلم والكافر ببصري ء فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيئة : 
فلم أزل أنتظرهما حتى التقيا » فضرب المسلم الكافر ضربة فبلغت وركه وتفرق فرقتين » ثم كشف 
المسلم عن وجهه وقال : كيف ترى يا كعب ؟ أنا أبو دجانة9" . 

#ححايك 'سوة من لمعن ال بتاتخة القتال يعداعباية المعركة :قال أن لقد.رايت 
عائشة بنت أي بكر وأم سلم » وأنهما لمشمرتان - أرى خدم سوقهما - تنقزان القرب على 
متونهما » تفرغانه في أفواه القوم » ثم ترجعان فتملامهما » ثم تحيئان فتفرغانه في أفواه القوم9) . 
وقال عمر : كانت ( أم سليط ) تزفر لنا القرب يوم أحد© . 

وكانت في هؤلاء النسوة أم أيمن » إنها لما رأت فلول المسلمين يريدون دخول المدينة . 
أخذت تحثو في وجوههم التراب » وتقول لبعضهم : هاك المغزل , وهلم سيفك . تم سارعت إلى 
ساحة القتال » فأخذت تسقي الجرحى » فرماها حبان ( بالكسر ) ابن العرقة بسهم » فوقعت 
وتكشفت » فأغرق عدو الله ني الضحك , فشق ذلك على رسول الله عد » فدفع إلى سعد بن 
ني وقاص سبما لا نصل له » وقال : ارم به » فرمى به سعد » فوقع السهم ني نحر حبان » فوقع 
مستلقيا حتى تكشف ٠‏ فضحك رسول الله َك حتى بدت نواجذهء ثم قال : استقاد لها سعد ١‏ 
أجاب الله دعوته' . 


. أي استجمعوا وانضموا‎ )١( 
. ١ا//4 (؟) البداية والنهاية‎ 


0( صحيح البخاري ١/.غ‏ له . 
(15) نفس المصدر 4.0١/١‏ . 


(ه) السيرة الحلبية ؟'/؟١؟‏ . 


- 7717/2 


بعد انتهاء الرسول - 2 إلى الشسعب: 


ولا استفن رسول: الله 20 ف مره من الشعب خخرج علي بن ألي طالب » حتى ملا درقنه 
ماء من المهراس - قيل : هو صحخرة منمورة تسع كثيرا وقيل : أسم ماء بأحد فجاء به إلى 
رسول الله ع ليشرب منه » فوجد له ريحاً فعافه » فلم يشرب منه » وغسل عن وجهه الدم ؛ 
وصب على رأسه وهو يقول : اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه22 . 

وقال سبل : والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله عه » ومن كان يسكب الماء 
وما دووي ؟ كانت فاطمة ابنته تغسله » وعلى بن ألي طالب يسكب الماء بالمجن » فلما رأت 
فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير » فأحرقتها » فألصقتها » فاستمسك ‏ 
الدم("2 . ٠‏ 

وجاء محمد بن مسلمة بماء عذب سائغ » فشرب منه النبي عه » ودعا له بخير 9 » وصلى 
الظهر قاعداً من أثر الجراح » وصل المسلمون خلقه قعودً؟ . 
شماتة أبي.سفيان بعد نهاية المعركة وحديثه مع عمر: 

ولما تكامل تبيوٌ المشسركين للانصراف , أشرف أبو سفيان على الجبل » فنادى : أفيكم 
محمد ؟ فلم يجيبوه . فقال : أفيكم ابن ألي قحافة ؟ فلم يجيبوه . فقال : أفيكم عمر بن 
الخطاب ؟ فلم يجيبوه ‏ وكان النبي عَوييُ منعهم من الاجابة - ول يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة 
لعلمه وعلم قومه أن قيام الإسلام بهم . فقال : أما هؤلاء فقد كفيتموهم , فلم يملك عمر نفسه 
أن قال : يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء » وقد أبقى الله ما يسوءك . فقال : قد كان فيكم 
مثلة لم امر بها ولم تسوّني . 

م قال : اعل هبل . 

فقال النبي عَيَُه : ألا تجيبونه ؟ فقالوا : فما نقول ؟ قال : قولوا : الله أعلى وأجل . 
)١(‏ ابن هشام ؟/6م . 
(؟) صحيح البخاري ؟١/84ه‏ . 


2( الور الحلبية ؟1/.” , 
[ (14) ابن هشام ام . 


- 578 


م قال : لنا العزى ولا عزى لكم . 

فقال النبي عَيْتُهِ : ألا تحيبونه ؟ قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله مولانا » ولا مولى 
3 

ثم قال أبو سفيان : أنعمت فعال » يوم بيوم بدر » والحرب سجال . 

فأجاب عمر , وقال : لا سواء , قتلانا في الجنة » وقتلاكم في النار 

ثم قال أبو سفيان : هلم إلي يا عمر » فقال رسول الله عَيِيّهِ : اثنه فانظر ما شأنه ؟ 
فجاءه . فقال له أبو سفيان : أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمد ؟ قال عمر : اللهم لا . وإنه 
ليستمع كلامك الآن . قال : أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر(" . 


مواعدة التلاقي فى بدر: 

قال ابن إسحاق : ولما انصرف أبو سفيان ومن معه نادى : إن موعد؟ بدر العام القابل . 
فقال رسول الله عه لرجل من أصحابه : قل : نعم ) ؛ هو بيننا وبينك موعد(' . 
التثببت من موقف المشركين: 

ثم بعث رسول الله عه علي بن أبي طالب » فقال : احرج في آثار القوم فانظر ماذا 
يصنعون ؟ وما يريدون ؟ فإن كانوا قد جنبوا الخيل » وامتطوا الابل فإنهم يريدون مكة .. 
انرا ين وكيوا الخيل وساقوا الابل فإنهم يريدول المدينة » والذي نفسي بيده لثن أرادوها 0 
إلييم فيبا . » ثم لأناجزتهم . قال علي : فخرجت في أثارهم أنظر ماذا يصنعون » فجنبوا الخيل 
وامتطوا الإبل » ووجهوا إلى مكة" . 


وفرغ الناس لتفقد القتلى والجرحى بعد منصرف قريش . قال زيد بن ثابت : بعثني رسول 





. صحيح البخاري‎ , 814/١ ابن هشام ذا » * »»ء زاد المعاد‎ )١( 
. 94/7 ابن هشام‎ )1١١ 


(9) ابن هشام 14/7 ء وفي فتح الباري أن الذي خرج في اثار المشركين هو سعد بن أي وقاص (47/7 7) . 
759/4 - 


الله عي يوم أحد أطلب سعد بن الربيع » فقال لي : إن رأيته فأقرئه مني السلام » وقل له : يقول 

لك رسول الله عَيْلكهِ : كيف تحدك ؟ قال : فجعلت أطوف بين القتلى » فأتيته وهو بآخر رمق » ' 
وفيه سبعون ضربة : ما بين طعنة برح » وضربة بسيف » ورمية بسهم » فقلت : يا سعد » إن 
رسول الله ع يقرأ عليك السلام » ويقول لك : أخيرني كيف تحدك ؟ فقال : وعلى رسول 
الله يه السلام » قل له : يا رسول الله أجد ريم الجنة » وقل لقومي الأنصضار : لا عذر لكم عند 
الله إن خلص إلى رسول الله عَِلّهُ وفيكم عين تطرف » وفاضت نفسه من وقته(" . 

ووجدوا في الجرحى الاصيرم - عمرو بن ثابت - وبه رمق يسير » وكانوا من قبل يعرضون 
ظ عليه الإسلام فيأباه » فقالوا : إن هذا الأصيرم ما جاء به ؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمرء ثم 
سا : ما الذي جاء بك ؟ أحدب على قومك . أم رغبة في الاسلام ؟ فقال : بل رغبة في 
الاسلام » امنت بالله ورسوله » ثم قاتلت مع رسول الله عَيته حتى أصابني ترون #تومانت :نت 
وقنه » فذكروه لرسول الله َه » فقال : هو من أهل الجحنة . قال أبو هريرة : ولم يصل لله صلاة 
قط9) . 

ووجدوا في الجرحى قزمان - وكان قد قاتل قتال الأبطال » قتل وحده سبعة أو مانية من 
المشركين - وجدوه قد أثبتته الجراحة » فاحتملوه إلى دار بني ظفر » وبشره المسلمون فقال : والله 
إن قاتلت إلا عن أحساب قومي , ولولا ذلك ما قاتلت . فلما اشتد به الجراح نحر نفسه . وكان 
رسول الله عه يقول : إذا ذكر له . إنه من أهل النار"؟ - وهذا هو مصير المقاتلين في سبيل 
الوطنية أو في أي سبيل سوى إعلاء كلمة الله » وإن قاتلوا تحت لواء الإسلام » بل وفي جيش 
الرسول والصحابة . 

وعلى عككس من هذا كان في القتلى رجل من يبود بني ثعلبة » قال لقومه : يا معشر يبود والله 
' لقد علمتم أن نصر محمد عليكم حق . قالوا : إن اليوم يوم السبت . قال : لا سبت لكم . فأخذ 
سيفه وعدته » وقال اميت نار عبد يس بعاد عداعال عو رن ال 
رسول الله عه : مخيريق خخير يبود(؟» . 
)١١‏ زاد المعاد 45/7 . 
(م) نفس المصدر 45/7 ء وابن هشام 10/7 . 
- نفس المصدر الأول ؟//910 ٠‏ 448 ء وابن هشام 48/7 . 
(#) ابن هشام "/للىء 45 . 


158" 


جمع الشهداء ودفنهم: 

وأشرف رسول الله عه على الشهداء . فقال : أنا شهيد على هؤلاء , إنه ما من جريح يجرح 
في الله إلا والله يبعئه يوم القيامة , يدمى جرحه اللون لون الدم , والريج ري المسلك7© . 

وكان أناس من الصحابة قد نقلوا قتدلاهم إل المدينة » فأمر أن يردوهم فيدفنوهم في 
مضاجعهم . وأن لا يغسلواء وأن يدفنوا كا هم بثيابهم بعد نزع الحديد والجلود . وكان يدفن 
الاثنين والثلاثة في القبر الواحد , وب بين الرجلين في ثوب واحد . ويقول : أيهم أكثر أخحذا 
للقران ؟ فإذا أشاروا إلى رجل قدمه في اللحد , وقال : أنا شهيد على هؤٌلاء يوم القيامة . ودفن 
عبد الله بن عمرو بن حرام » وعمرو بن الجموح في قبر واحد لما كان بينهما من المحبةا" . 

وفقدوا نعش حنظلة . ؛ فتفقدوه . فوجدوه في ناحية فوق ارظن قطان قف لاج قأخير 
رسول الله عي أصحابه أن الملائكة تغسله ء ثم قال : سلوا أهله ما شأنه ؟ فسألوا امرأته , 
فأخبرتهم الخبر . ومن هنا سمي حنظلة : غسيل الملائكة” . 

ولما رأى ما بحمزة - عمه وأخيه من الرضاعة - اشتد حزنه » وجاءت عمته صفية تريد أن 
تنظر أخاها حمزة » فأمر رسول الله عله ابنها الزيير أن يصرفها , لا ترى ما بأخيها » فقالت : 
وم ؟ وقد بلغني أن قد مثل بأخي . ؛ وذلك في الله » فما أرضانا بما كان من ذلك ؛ لأحتسبن 
ولأصبرن إن شاء الله . فأتته » فنظرت إليه : ؛ فصلت عليه دعت له واسترجعت واستغفرت 
له . ثم أمر رسول الله عَُهِ بدفنه مع عبد الله بن جحش - وكان ابن أخمه ء وأخاه من 
الرضاعة . 

قال ابن مسعود : ما رأينا رسول الله عه باكياً قط أشد من بكائه على حمزة بن 
عبد المطلب » وضعه في القبلة » ثم وقف على جنازته » واتتحب حتى نشع من البكاء©» والنشع : 
الكسييق: 





. 98/9 نفس المصدر‎ )١١( 

(؟١)‏ زاد المعاد ؟/.مه ؛ وصحيح البخاري 984/7'. 

(9*') زاد المعاد 4/9 . 

(14) رواه ابن شاذان , انظر مختصر سيرة رسول الله عه للشيخ عبد الله النجدي صه5؟ . 


- #58١ 


وكان منظر الشهداء مريعا جداً يفتت الأكباد . قال خباب : ( إن ) حمزة لم يوجد له كفن 
إلا بردة ملحاء » إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه » وإذا جعلت على قدميه قلصت عن 
رأسه حتى مدت على رأسه » وجعل على قدميه الإذخر" . 

وقال عبد الرحمن بن عوف : قتل مصعب بن عمير وهو خير مني » وكفن في بردة إن غطي 
رأسه بدت رجلاه » وإن غطي رجلاه بدا رأسه » وروي مثل ذلك عن خباب » وفيه « فقال لنا 
نبي عله غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله الإذخر 6(" . ظ 


الرسول - كَل يثني على ربه عز وجل ويدعوه: 

روى الامام أحمد ء لما كان يوم أحد وانكفاً المشركون » قال رسول الله عه : استووا حتى 
أثني على ربي عز وجل » فصاروا خلفه صفوفاً » فقال : 

اللهم لك الحمد كله » اللهم لا قابض لما بسطت » ولا باسط لما قبضت ء ولا هادي لمن 
أضللت » ولا مضل لمن هديت » ولا معطي لما منعت » ولا مانع لما أعطيت ولا مقرب لا 
باعدت » ولا مبعد لما قربت . اللهم : ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك . 

اللهم إني أسألك النعيم المقم » الذي لا يحول ولا يزول . اللهم : إني أسألك العون يوم 
العيلة » والأمن يوم الخوف . اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا . اللهم حبب 
إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا » وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان , واجعلنا من الراشدين . اللهم 
توفنا مسلمين وأحينا مسلمين » وأ حقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين » اللهم قاتل الكفرة 
الذين يكذبون رسلك » ويصدون عن سبيلك » واجعل عليهم رجزك وعذابك . اللهم قاتل 
الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق2 . 


الرجوع إلى المدينة» ونوادر الحب والتفاني: 
ولا فرغ رسول الله عَيه من دفن الشهداء والثناء على الله والتضرع إليه انصرف راجعاً إلى 
)1١(‏ رواه أحمد, مشكاة المصابيح ١10/١‏ . 


(؟) صحيح البخاري 5/5/5 : 584 . 
(5) رواه البخاري في الأدب المفرد , والامام أحمد في مسنده 4514/8 . 


- 7585 - 


المدينة » وقد ظهرت له نوادر الحب والتفاني من الموّمنات الصادقات » م ظهرت من المومنين في 
أثناء المعركة . 


لقيته في الطريق خمنة ينث حش« فنغى اليا أخوها عبد الله ين حكن “قاس تدك 
ل 0 
ا 
7 0 تحبين + الك : أرولية بس د 
إللهاة فاشون اليزا الم ا تريد صغيرة() . 
فقال 0 دا ا : أما إذ رأيتك 
و مو بي كرعنا عل بو قل ايند يم 
ااا وس ويك اب د ا ا ا 
منهم ١‏ فقَال : اللهم أذهب حزن قلوبهم » واجبر مصيبتهم و حسن الخلف على من خلفوا9" . 


الرسول ‏ يَكِدٍ ‏ فى المدينة: 


وانتهى نتهى رسول الله مَك مساء ذلك اليوم ‏ يوم السبت السابع من شهر شوال سنة +ه - 
إلى المدينة «اقلما انتيى: إلى أهلة“ذاول سيق ابه فاملية ٠‏ فال العس كن دا ويد ويد 
فوالله لقد صدقيي اليوم ٠‏ وناوها علي , لاي : وهذا أيضأ فاغسل عنه دمه , 
فوالله لقد صدقي اليوم » فقال رسول الله علقم “كن كيت ميدقت الققال "لمق :صود 3 مغلف 
سهل بن حنيف وأبو دجانة9؟ . 

. 58/5 ابن هشام‎ )١( 
. 9/9 نفس المصدر‎ )1( 
. السيرة الحلبية ؟//ا4‎ )( 
٠.١/٠ ابن هشام‎ )4( 


- 7587 


قتلى الفريقين: 

اتفقت جل الروايات على أن قتل المسلمين كانوا سبعين » وكانت الأغلبية الساحقة من 
الأنصار » فقد قتل منهم خمسة وستون رجلاً » واحد وأربعون من الخزرج » وأربع وعشرون من 
الأوس , وقتل رجل من اليبود . وأما شهداء المهاجرين فكانوا أربعة فقط . 

وأما قتلى المشركين فقد ذكر ابن إسحاق أنهم اثنان وعشرون قتيلاً » ولكن الاحصاء الدقيق 
- بعد تعميق النظر في جميع تفاصيل المعركة التي ذكرها أهل المغازي والسير » والتي تتضمن ذ كر 
قل المشركين في مختلف مراحل القتال - يفيد أن عدد قتلى المشركين سبعة وثلاثون » لا اثنان 
وعشرون . والله أعلم”"2 . ظ 


حالة الطوارىء فى المدينة ظ 
بات المسلمون في المدينة ‏ ليلة الأحد الثامن من شبر شوال سنة 1ه بعد الرجوع عن 
معركة أحد - وهم في حالة الطوارقء » باتوا - وقد أمبكهم التعب » ونال منهم أي منال - 
يحرسيون أنقاب المدينة ومداخلها » ويحرسون قائدهم الأعلى رسول الله َيه خاصة , إذ كانت 
تتلاحقهم الشببات من كل جانب . 


غزوة حمراء الأسد: 

وبات الرسول عه وهو يفكر في الموقف , فقد كان يخاف أن المشركين إن فكروا في أنهم لم 
يستفيدوا شيئاً من النصر والغلبة التي كسبوها في ساحة القتال » فلا بد من أن يندموا على ذلك » 
ويرجعوا من الطريق لغزو المدينة مرة ثانية » فصمم على أن يقوم بعملية مطاردة الجيش المكي . 

قال أهل المغازي ما حاصله : إن النبي عَيكيّه نادى في الناس » وندبهم إلى المسير إلى لقاء 
العدو - وذلك صباح الغد من معركة أحد » أي يوم الأحد الثامن من شبر شوال سنة 6ه - 
0 وقال : لا يخرج معنا إلا من شبد القتال » فقال له عبد الله بن أبي : أركب معك ؟ قال : لا » 
واستجاب له المسلمون على ما بهم من الجرح الشديد » والخوف المزيد » وقالوا : معا وطاعة , 
(1) أنظر اين هشام 11/6 *158:11101131811417 :159 ء فتح الباري 501/9 

وغزوة أحد لمحمد أحمد باغيل ص7/8؟ 2151/94 38٠0‏ . 


- 585 


واستساذنه جابر بن عبد الله » وقال : يا رسول الله » إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت 
معك . وإنما خلفني لي على بناته » فأذن لي » أسير معك » فأذن له . 

وسار رسول الله عي والمسلمون معه . حتى بلغوا حمراء الأسد . على بعد ثمانية أميال من 
المدينة فعسكروا هناك . 

وهناك أقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي إلى رسول الله ع فأسلم - ويقال : بل كان على 
شركه » ولكنه كان ناصحاً لرسول الله عي » لا كان بين خزاعة وبني هاشم من الحلف , فقال : 
يا محمد , أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك , ولوددنا أن الله عافاك - فأمره 
رسول الله عه أن يلحق أبا سفيان فيخذله . 

وم يكن ما خافه رسول الله هه من تفكير المشركين في العودة إلى المدينة إلا حقاً » فإنبم 
لأ نزلوا بالروحاء على بعد ستة وثلائين ميلا من المدينة تلاوموا فبا بينهم » وقال بعضهم لبعض : لم 
تصنعوا شيئأ » أصبم شوكتهم وحدهم , ثم تركتموهم . وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم , 

وييدو أن هذا الرأي جاء سطحيا من لم يكن يقدر قوة الفريقين ومعنوياتهم تقديرا 
صحيحا , ولذلك خالفهم زعم مسئول ه صفوان بن أمية » قائلا : يا قوم » لا تفعلوا فإني 
والدولة لكم » فإني لا امن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم . إلا أن هذا الرأي رفض أمام رأي 
بجيشه من مقره لحقه معبد بن ألي معبد الخزاعي » ولم يكن يعرف أبو سفيان بإسلامه » فقال : 
ما وراءك يا معبد ؟ فقال معبد - وقد شن عليه حرب أعصاب دعائية عنيفة - : محمد ؛ قد 
خرج في أصحابه » يطلبكم في جمع لم أر مثله قط , يتحرقون عليكم تحرقا ‏ قد اجتمع معه من 
كان تخلف عنه في يومكم , وندموا على ما ضيعوا » فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط . 

قال أبو سفيان : ويحك . ما تقول ؟ 

قال : والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصي الخيل - أو - حتى يطلع أول الجيش من وراء 
هذه الاكمة , 


5786 


فقال أبو سفيان : والله لقد أجمعنا الكرة علمهم لنستأصلهم . 

قال : فلا تفعل » فإني ناصح . 

وحيتئذ انهارت عزائم الجيش المكي » وأخذه الفزع والرعب » فلم ير العافية إلا في مواصلة 
الانسحاب والرجوع إلى مكة . بيد أن أبا سفيان قام بحرب أعصاب دعائية ضد الجيش 
الاسلامي » لعله ينجح في كف هذا الجيش عن مواصلة المطاردة » وطبعا فهو ينجح في 
الاجتناب عن لقائه » فقد مر به ركب من عبد القيس يريد المدينة » فقال:: هل أنتم مبلغون عني 
محمداً رسالة » وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيباً بعكاظ إذا أتيتم إلى مكة ؟ ظ 

قالوا : نعم . 

قال : فأبلغوا محمداً أنا قد أجمعنا الكرة ؛ لنستأصله ونستأصل أصحابه . 

فمر الركب برسول الله مه وأصحابه » وهم بحمراء الأسدء فأخبرهم بالذي قاله أبو 
سفيان » وقالوا : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم » فزادهم - أي زاد المسلمين قولهم ذلك - 






7 لس لكر م ساس لس مس مع تر ” 7 ام 7 ل ل سس م م 0 0 ا 5 - ٠‏ 
إيماناً 9 وَقَالْوأحَس با الله وَيممالوحكيل 9 انقو بِعْمَةمِنَ أللووفضل لَمْ يمسسهم سوء 
ريد ع و ع ل سم 6س 2و بع بح اس 1 1 
وَاتبَعوأ رِضِونَ الله وَأَشَهُ ذو فْضْلِعَظِيمٍ # . 


١١.‏ شوال سنة اه ثم رجع إلى المدينة . وأخذ رسول الله عي قبل الرجوع إلى 
المدينة أبا عزة الجمحي - وهو الذي كان قد منَّ عليه من أسارى بدر ؛ لفقره وكثرة بناته » على 
أن لا يظاهر عليه أحداً » ولكنه نكث وغدر » فحرض الناس بشعره على النبي ميته والمسلمين 
يا أسلفنا » وخرج لمقاتلتهم في أحد - فلما أخذه رسول الله عَهكهِ قال : يا محمد أقلني » وامنن 
على » ودعني لبناتي » وأعطيك عهداً أن لا أعود لمثل ما فعلت » فقال عه : لا تمسح عارضيك 
بمكة بعدها وتقول : خدعت محمداً مرتين » لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين » ثم أمر الزبير أو 

يا حكم بالاعدام في جاسوس من جواسيس مكة » وهو معاوية بن المغيرة بن أي العاص » 
جد عبد الملك بن مروان لأمه » وذلك أنه لما رجع المشركون يوم أحد جاء معاوية إلى ابن عمه 
عئان بن عفان رضي الله عنه » فاستأمن له عثهان رسول الله عَهُهِ » فأمنه على أنه إن وجد بعد 

عا 


ثلاث قتله » فلما خلت المدينة من الجيش الإسلامي أقام فيبا أكثر من ثلاث يتجسس لحساب 
فريش » فلما رجع الجيش خرج معاوية هاربا » فأمر رسول الله عي زيد بن حارثة وعماراين 
ياسر . فتعقباه حتى قتلاه("2 . 

وما لا شك فيه أن غزوة خمراء الأسد ليست يغزوة استقلة + إنمااخن جه من خَروة لون 
وتتمة ها » وصفحة من صفحاتها . 

تلك هي غزوة أحد بجميع مراحلها وتفاصيلها . وطالما بحث الباحثون حول مصير هذه 
الغزوة » هل كانت هزيمة أم لا ؟ والذي لا يشك فيه أن التفوق العسكري في الصفحة الثانية من 
التتال كان للمشركين , وأمبه كانوا مسيطرين على ساحة القتال , وأن خخسارة الأرواح والنفوس 
كانت في جانب المسلمين أكثر وأفدح . وأن طائفة من المؤمنين انبزمت قطعاً . وأن دفة القتال 
جرت لصاخ الحيش المكي , لككن هناك أمورا تمنعنا أن نعبر عن كل ذلك بالنصر والفتح . 

فمما لا شلك فيه أن الجيش المكي لم يستطع احتلال معسكر المسلمين » وأن المقدار الكبير 
من الجيش المدني لم يلتجىء إلى الفرار - مع الارتباك الشديد والفوضى العامة بل قاوم بالبسالة 
حتى تجمع حول مقر قيادته » وأن كفته لم تسقط إلى حد أن يطارده الجيش المكي . وأن أحداً 
من جيش المدينة لم يقع في أسر الكفار , وأن الكفار لم يحصلوا على شيء من غنم المسلمين , 
أن الكفار لم يقوموا إلى الصفحة الثالثة من القتال مع أن جيش المسلمين ل يزل في معسكره , 
وأمهم ل يقيموا بساحة القتال يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام - كا هو دأب الفاتحين في ذلك الزمان - 
بل سارعوا إلى الانسحاب وترك ساحة القتال ؛ قبل أن يتركها المسلمون . ولح يجترئوا على 
الدخول في المدينة لنبب الذراري والأموال , مع أنها على بعد عدة خطوات فحسب » وكانت 
مفتوحة وخالية تماماً . 

كل تت يركذلا عاض لفريظ .:ل اركل لكر جروا انيع وجعارا ةا ين 
بإلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين , مع الفشل فيا كانوا جدفون إليه من إبادة الجيش الاسلامي 





)1( أخذنا تفصيل غزوة أحد ؛ وحمراء الاسد من ابن هشام ل 1-05 ٠‏ وزاد المعاد ؟ تق ال ١6‏ ؛ وفتح 
الباري 3/7 4 ؟ إلى 5177 مع صحيح البخاري . ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي من ص ؟ 4 + 
أ لاج ؟ ؛ وقد احلنا على المصادر الااخرى ف مواضعها . 


7ه 


بعد عمل التطويق - وكثيراً ما يلقى الفاتحون بمذل هذه الخسائر التي نالها المسلمون - أما أن ذلك 
كان نصرا وفتحا فكلا وحاشا . 

٠‏ بل يؤٌكد لنا تعجيل أي سفيان في الانسحاب والانصراف ؛ أنه كان ياف على جيشه 
المعرة والهزيمة لو جرت صفحة ثالثة من القتال » ويزداد ذلك تأكدا حين ننظر إلى موقف أي 
دقان هن غروة حرا الاسيف.. [ 

وإذن فهذه الغزوة إنما كانت حرباً غير منفصلة » أخذ كل فريق بقسطه ونصيبه من النجاح 
والخسارة » ثم حاد كل منهما عن القتال » من غير أن يفر عن ساحة القتال ويترك مقره لاحتلال 
العدو ,» و هذا هو معنى الحرب غير المنفصلة . 

وإلى هذا يشير قوله تعالى : هوَلَامَهُِواف يدل لصوو تكو ونا لوقن ميألْمُوَ 
ع 2 عة اسح ور عا برطي سا دا مه . - 1 . 
كما بَألورت وَيِيجُونَّ مناه ما لا ربجو 4(4 : 4 )٠١‏ فقد شبه أحد العسكرين بالاخر 


في وإيقاع الألم , مما يفيد أن الموقفين كانا متاثلين » وأن الفريقين رجعا وكل غير غالب ٠‏ 


القرآن يتحدث حول موضوع المعركة: 

ونزل القرآن يلقي ضوءاً على جميع المراحل المهمة من هده المعركة مرحلة مرحلة » ويدلي 
بتعليقات تصرح بالأسباب التي أدت إلى هذه الخسارة الفادحة » وأبدى النواحي الضعيفة التي لم 
تزل موجودة في طوائف أهل الإيمان بالنسبة إلى واجبهم في مثل هذه المواقف الجاسمة » وبالنسبة 
إلى الأهداف النبيلة السامية التي أنشعت للحصول عليها هذه الأمة , التي تمتاز عن غيرها بكونها 
خير أمة أخرجت للناس . 

ا تحدث القرآن عن موقف المنافقين » ففضحهم » وأبدى ما كان في باطنهم من العداوة لله 
ولرسوله » مع إزالة الشيهات والوساوس التي كانت تختلج بقلوب ضعفاء المسلمين . والتي كان 
يثيرها هوّلاء المنافقون وإخوانهم الييود - أصحاب الدس والموؤامرة ‏ وقد أشار إلى الحكم 
والغايات المحمودة التي تمخضت عنها هذه المعركة . 

نزلت حول موضوع المعركة ستون آية من سورة آل عمران تبتدىء بذكر أول مرحلة من 
مراجل المعركة : لوَإِذْ عَرَوْتَ مِنْأَهلِك يُبْوَأَلْمْؤ من مَفَْعِدَ لنْقِتَالِ؛ (" : )1١١‏ وتترك 


- و سه 


ف مبايتها تعليقاً جامعاً على نتائج هذه المعركة وحكمتها قال تعالى : «ماكانَ اه يدر لْمَوّمنِينَ 


ور 


خحمخ أ - 


5 97 2 قر سر ان سر و ع2 حر حت رو وم مح 
عل ما يحوي فييك يالوم نا مَك علي ولد ٠‏ الله 

سل الو ماي سا 0 ا 2 2 
ل 1 أ جر عط 4 وق 0 


الحكم والغايات المحمودة فى هذه الغزوة: 

قد بسط ابن القيم 0 على هذا الموضوع بسطاً تاما (' . وقال ابن حجر : قال العلماء : 
وكان في قصة أحد وما أصيب به المسلمون فيها من الفوائد والحكم الربانية أشياء عظيمة منها”: 
تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية » وشوّم ارتكاب النهي » لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي 
أمرهم الرسول عَيْلدُهِ أن لا يبرحوا منه . ومنها أن عادة الرسل أن تبتلى وتكون ا العاقبة » والحكمة 
في ذلك أنهم لو انتصروا دائما دخحل في المؤمنين من ليس منهم . ولم يتميز الصادق من غيره ‏ ولو 
انكسروا دائما لم يحصل المقصود من البعئة » فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين تمييز الصادق 
من الكاذب » وذلك أن نفاق النافقين كان محفيا عن المسلمين » فلما جرت هذه القصة . 
وأظهر أهل النفاق ما أظهروه من الفعل والقول عاد التلويح تصريحاً » وعرف المسلمون أن لهم 
عدوأ في دورهم » فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم . ومنها أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضما 
للنفس . وكسراً لشماختها » فلما ابتلي المؤمنون صبروا » وجزع المنافقون . ومنها أن الله هيا لعباده 
المؤفنين منارل دان كرامقه لا تبلغها أعمالهم 1 فقيض هم أسباب الابتلاء وا نحن ليصلوا إليها . 
ومنها أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها إليهم . ومنبها أنه أراد إهلاك أعدائه » فقيض لهم 
الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيائهم في أذى أوليائه » فمحص بذلك 
ذنوب المؤمنين » ومحق بذلك الكافرين"'" . 





. ١٠٠١م انظر زاد المعاد 5 الى‎ )١( 


588 مه 


السرايا والبعوث بين أحد والأحزاب 


كان لامكاة أن أثر سبيء على سمعة المؤمنين ) فقد ذهبت ريحهم وزالت هيبتبم عن 
النفوس » وزادت المتاعب الداخلية والخارجية على المؤمنين » وأحاطت الأخطار بالمدينة من كل 
جانب » وكاشف اليهود والمنافقون والأعراب بالعداء السافر » وهمت كل طائفة منهم أن تنال من 
للؤمنين » بل طمعت في أن تقضي عليم » وتستأصل شأقهم ٠‏ 

فلم يحض على هذه المعركة شهران حتى عهيأت بنو أسد للاغارة على المدينة » ثم قامت قبائل 
عضل وقارة في شهر صفر سنة 4ه بمكيدة » سببت في قتل عشرة من الصحابة » وفي نفس 
الشبر قامت بنو عامر بمكيدة مثلها » سببت في قتل سبعين من الصحابة » وتعرف هذه الوقعة 
بوقعة بر معونة » ول تزل بنو نضير خلال هذه المدة تجاهر بالعداوة ختى قامت في ربيع الأول 
سنة 4ه بمكيدة جهدف إلى قتل النبي َه » وتجرأت بنو غطفان » حتى همت بالغزو على المدينة 
في جماذدى الاولى سنة 5ه . 

فريج المسلمين التي كانت قد ذهبت في معركة أحد تركت المسلمين - إلى حين - يبددون 
بالأخطار » ولكن تلك هي حكمة محمد َيه التي صرفت وجره التيارات وأعادت للمسلمين 

هيبتهم المفقودة » وأكسبت لهم العلو والمجد من جديد » وأول ماأقدم عليه بهذا الصدد هي حركة 
لطاردة التي قام به إلى مراء الأسد » قد حفظ بها مقدااً كبا من سمعة جيشه » واستعاد بي 
من هيبتهم ومكانتهم ما ألقى اليبود والمنافقين في الدهش والذهول . ثم قام بمناورات أعادت 
للمسلمين هيبتهم » بل زادت فيها » وني الصفحة الآتية شيء من تفاصيلها : 
سرية أبى سلمة: 

أول من قام ضد المسلمين بعد نكسة أحد هم بنو أسد بن خزيمة » فقد نقلت استخبارات 

- 1549 - 


المدينة أن طلحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما . يدعون بني أسد بن خزيمة 
ا صابن 

إلى حرب رسول الله عه . 

: صزابد 0" 2ه 0 

فسارع رسول الله عَينُهُ إلى بععث سررية قوامها مائة وخمسون مقاتلا من المهاجرين 
والأنصار . وأمر عليهم أبا سلمة وعقد له لواء » وباغت أبو سلمة بني أسد بن خزيمة في ديارهم 
قبل أن يعوموا بغارتهم » فتشتتوا في الأمر » وأصاب المسلمون ابلا وشاء لهم . فاستاقوها » وعادوا 
إلى المدينة سالمين غاتمين لم يلقوا حربا . 

كان مبععث هذه السرية حين استبل هلال المحرم سنة 4ه ء وعاد أبو سلمة وقد نغر عليه 
جرح كان قد أصابه في أحد ع فلم يلبث حتى فاك 13 


بعث عبدالله بن أنيس: 


وني اليوم الخامس من نفس الشهر - المحرم سنة 4ه - نقلت الاستخبارات أن خالد بن 
فيا المذل يحطند الجموع نرت المسلجيق + فأرسل إليه التي كله عبد الله بن أنيس ليقضي 
عليه . 


وظل عبد الله بن أنيس غائبا بعن المدينة ثماني عشرة ليلة ,تم قدم يوم السبت لسبع بقين من 
احرم » وقد قتل خالداً وجاء برأسه » فوضعه بين يدي النبي عَيِكدُم » فاعطاه عصا ء وقال : 


بعتت الرجيع : 


وفي شبر صفر من نفس السنة - أي الرابعة من الهجرة - قدم على رسول الله َه قوم من 


غضل :وقارة + :وذ كوا أن فم اشلاما . وسالوا أن بعك معيم من يَعلمهم اللدين > ويف ركيم 
القران » فبعث معهم ستة نفر - في قول ابن إسحاق وفي رواية البخاري أمهم كانوا عشرة - وأمر 
عليهم مرئد بن أي مرئد الغنوي - في قول ابن إسحاق وعند البخاري أنه عاصم بن ثابت جد 
عاصم بن عمر بن الخطاب - فذهبوا معهم »فلما كانوا بالرجيع - وهو ماء لذيل بناحية الحجاز 


ساس مس سس سو سد 


. ١٠١ زاد المعاد ؟/م‎ )1١( 
. 56 .5179/ وابن هشام‎ ,. ٠١9/9 (؟) نفس المصدر‎ 


19ت 


بين رابغ وجدة ‏ استصرخوا عليهم حيا من هذيل يقال لم بنو الحيان » فتبعوهم بقرب من مائة 
رام » واقتصوا اثارهم حتى الحقوهم » فأحاطوا بهم - وكانوا قد لجأوا إلى فدفد - وقالوا : لكم 
العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتتل منكم رجلا . فأما عاصم فأنى من النزول » وقاتلهم في 
أصحابه » فقتل منهم سبعة بالنبل » وبقي خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فأعطوهم العهد 
والميشاق مرة أخرى » فنزلوا إلهم » ولكنهم غدروا بهم وربظوهم بأوتار قسيهم . فقال الرجل 
الثالث : هذا أول الغدر ‏ وألى أن يصحبهم » فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم . فلم يفعل ‏ 
فقتلوه » وانطلقوا بحيب وزيد فباعوهما بمكة , وكانا قتلا من رؤوسهم يوم بدرء فأما خبيب 
فمكث عندهم مسجوناً » ثم أجمعوا على قتله » فخرجوا به من الحرم إلى التنعيم » فلما أزمعوا على 
صلبه.قال : دعوني حتى أركع ركعتين , فتركوه فصلاهما » فلما سلم قال : والله لولا أن تقولوا : 
إن مالي جزع لزدت » ثم قال : اللهم أحصهم عدداً » واقتلهم بددأ » ولا تبق منهم أحداء ثم 
قال : 


لقد أجمع الأحزاب حولي لبوا قبائلهم واستجمعوا كل مجمع 
وقد قربوا أناءهم ونساءهم وقربت من جذع طويل مضع 
إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي 2 وما جمع الأحزاب لي عند مضجعي 
فذا العرش صيرني على ما يراد بي فقد بضعوا لحمي وقد بوؤس مطعمي 
وقد خحيروني الكفر والموت دونه فقد ذرفت عيناي من غير مدمع 


ولببيت أبالي حين أققل مسلما 


وذلك في. ذات الآله وإن بسنا 
فقال له أبو سفيان 


على أي شق كن في الله مضجعي 
يسارك على أومصال شلكو ممزع 


: أيسرك أن محمداً عندنا نضرب عنقه , وأنك في أهلك ؟ فقال : 


لا والله ما يسرني أني في أهل وأن محمداً في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه . 


ملو و وكاو ونه رن جتنو فار مرو ين أبة دري تل له له لا 
للد ا و يي كي 


العنب » وما بمكة تمرة . 


52552 


وبعثت قريش إلى عاصم ليتوا بشبيء من جسده يعرفونه - وكان عاصم قتل عظها من 
عظمائهم يوم بدر - فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر - الزنابير - فحمته من رسلهم » فلم 
تومه عل زهب 5ن مالي علا انق عهدا أذ اميه مرك واولا ينس مكرك ركاذ 
عزن لاجلفة كدوره رقول .2 فلزفل ١‏ ذه ارين لتر جنك بوقاته 42 لله فل اناب 


وفي نفس الشهر الذي وقعت فيه مأساة الرجيع وقعت مأساة أخرى أشد وأفظع من الأولى ) 
وهي التي تعرف بوقعة بكر معونة . 

وملخصبها أن أبا براء عامر بن مالك ( المدعو بملاعب الأسنة ) قدم على رسول الله عه 
المدينة » فدعاه إلى الاسلام فلم يسلم ولم يبعد » فقال : يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى 
أهل نجد يدعونهم إلى دينك ؛ لرجوت أن يجيبوهم » فقال : « إني أخاف عليهم أهل نجد » , 
فقال أبو براء : أنا جار هم فبعث معه أربعين رجلاً - في قول ابن إسحاق » وفي الصحيح أنهم 
كانوا سبعين » والذي في الصحيح هو الصحيح - وأمر عليهم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة 
الملقب بالمعتق ليموت . وكانوا من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم » فساروا يحتطبون 
بالنبار » يشترون به الطعام لأهل الصفة . ويتدارسون القران » ويصلون بالليل » حتى نزلوا بثر 
معونة - وهي أرض بين بني عامر وحرة وبني سليم - فنزلوا هناك » ثم بعثوا حرام بن ملحان أخا أم 
سيم بكتاب رسول الله عَيَهُ إلى عدو الله عامر بن الطفيل » فلم ينظر فيه » وأمر رجلا فطعنه 
بالحربة من خلفه . فلما أنفذها فيه ورأى الدم قال حرام : الله أكبر » فزت ورب الكعبة . 

ثم استنفر عدو اله لفوره بني عامر إلى قتال الباقون » فلم يجيبوه لأجل جوار ألي براء » 
فاستنفر بني سلم . دفأخاسةغضية ورغ وذكوان » فجاءوا حتى احاطوا باصحاب 
رسول الله مُه » فقاتلوا حتى قتلوا عن اخرهم ‏ إلا كعب بن زيد بن النجار » فإنه ارتث من 
بين القتلى » فعاش حتى قتل يوم الخندق . 

وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن عقبة بن عامر في سرح المسلمين » فرأيا الطير تحوم 
ا ل » صحيح البخاري 285574/15 .2.2559 86ه . 


- 74 - 


على موضع الوقعة » فنزل المنذر , فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه » وأسر عمرو بن أمية 
الضمري » فلما أخبر أنه من مضر جز عامر ناصيته » وأعتقه عن رقبة كانت على أمه . 

ورجع عمرو بن أمية الضمري إلى النبي عَتُهِ حاملاً معه أنباء المصاب الفادح » مصرع 
سبعين من أفاضل المسلمين . تذكر نكبتهم الكبيرة بنكبة أحد ؛ إلا أن هؤلاء ذهبوا في قتال 
واضح ؛ وأولئك ذهبوا في غدرة شائنة . ظ 

ولا كان عمرو بن أمية في الطريق بالقرقرة من صاءر قناة » نزل في ظل شجرة وجاء رجلان 
من ببي كلاب فنزلا معه » فلما ناما فتك بهما عمرو , وهو يرى أنه قد أصاب ثار أصحابه : 
وإذا معهما عهد من رسول الله عه لم يشعر به » فلما قدم أخبر رسول الله عَيهه بما فعل . 
فقال لد كلت اياي اأدنيدا والشكل بيع ورالبر مي كيين وساناي البيودة؟؛ 4 هذا 
الذي صار سببا لغزوة بني النضير كا سيذكر . 

وقد تألم النبي عَيه لأجل هذه المأساة » ولأجل مأساة الرجيع اللتين وقعتا خلال أيام 
معدودة9) ألما شديدا > وتغلب عليه امون والقلق(" , حتى دعا على هؤلاء الأقوام والقبائل التي 
قامت بالغدر والفتك في أصحابه » ففي الصحيح عن أنس قال : دعا النبي َيه على الذين قتلوا 
أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحاً . يدعو في صلاة اللجرهل ركل ود كراد ولحيان وعصية » 
ويقول اساي ةر ا ااا اسن ب 
١‏ بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه » فترك رسول الله عه قنوته(؟» 


ا 

قد أسلفنا أن ليود 0 يتحرقون على 3 الام » إلا أب 1 بكر أصحاب 
أو ل . من الحيل « لإشاء الايذاء بالمسلمين. دوت أن يقوموأ للمتال » مع ما كان بينيم وبين 
)1( انظر ابن هشام ١1‏ إلى 88 » وزاد المعاد ؟/ه ١٠١ 6٠‏ » صحيح البخاري 01117 ا كمه . 
(؟) ذكر الواقدي أن خبر أصحاب ؛ الرجيع وخبر أصحاب بر معونة أتى النبي لق في ليلة واحدة . 
32( روف ان مع عن اس عا امك درول ال 20 ونيد عل أحد ما وجد على أصحاب بر معونة 9 مختصر 

سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص ٠ 75١‏ . 

(؟) البخاري ؟/85ه, لامه .كمه . 


585 .- 


المسلمين من عهود ومواثيق . وأنهم بعد وقعة بني قينقاع » وقتل كعب بن الأشرف خافوا على 
أنفسهم » فاستكانوا والتزموا الهدوء والسكوت . 

ولكنهم بعد وقعة أحد تحرأوا . فكاشفوا بالعداوة والغدر » وأخذوا يتصلون بالمنافقين 

مإألل 5 5 2006 , 53 5 

وصبر النبي ع » حتى ازدادوا جرأة وجسارة بعد وقعة الرجيع وبر معونة » حتى قاموا 
مؤامرة تجدف القضاء على النبي عي . 

وبيان ذلك أنه عتم خرج إليهم في نفر من أصحابه » وكلمهم أن يعينوه في دية الكلابيين 
اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري - وكان ذلك يجب عليهم حسب بنود المعاهدة ‏ فقالوا : 
نفعل يا ابا القامم » اجلس ههنا حتى نقضي حاجتك . فجلس إلى جنب جدار من بيوتهم 
ينتظرون وفاءهم بما وعدوا » وجلس معه أبو بكر وعمر وعلي وطائفة من أصحابه . 

وخلا اليبود بعضهم إلى بعض » وسوّل لهم الشيطان الشقاء الذي كتب عليهم » فتامروا 
عله كله » وقالر ل ا 0 تال 
هممتم به » وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه » لكنهم عزموا على تنفيذ خطتهم . 

1 ابل 5 5 

ونزل جبريل من عند رب العالمين على رسوله عَكلُهُ يعلمه بما هموا به » فنبض مسرعاً , 
بلداو و اي ا 
00 
يجد يبود مناص ا من الخروج : 6 3-3 كحورون - يك ان التي الداففين 

و لكر نج آه له 

ل ا ا ل ل كك ممَك ولام فبك 
أحدا أبدا وإن مُويَأتَُ 86 مرك 4 وتنص رم قفريظة 00 من 0 

وهناك عادت لليهود ثقتهم » واستقر رأهم على المناوأة » وطمع رئيسهم حبي بن أخطب فيا 
)١(‏ يوؤخذ ذلك مما رواه أبو داود في باب خبر النضير ١١17 + ١١5/5‏ « عون المعبود شرح سنن أي داود » . 


ا 


قاله رأس المنافقين » فبعث إلى رسول الله عَيُهِ يقول : إنا لا نخرج من ديارنا » فاصنع ما بدا 
لكان 

ولا شك أن الموقف كان حرجا بالنسبة إلى المسلمين , فإن اشتباكهم بخصومهم في هذه 
الفترة امحرجة من تاريخهم لم يكن مأمون العواقب , وقد رأيت كلب العرب عليهم » وفتكهم 
الشنيع ببعوتهم » ثم إن يبود بي النضير كانوا على درجة من القوة تجعل استسلامهم بعيد 
الاحتال , وتجعل فرض القتال معهم محفوفا بالمكاره » إلا أن الحال التي جدت بعد مأساة بكر 
معونة وما قبلها زادت حساسية المسلمين بجراتم الاغتيال والغدر التي أخذوا يتعرضون لما جماعات 
وأفرادا » وضاعفت نقمتهم على مقترفيها » ومن ثم قروا أن يقاتلوا بني النضير ‏ بعد همهم باغتيال 
الرسول عَيكُهِ - مهما تكن النتائج . 

فلما بلغ رسول الله عَيكُهُ جواب حبي بن أخطب كبر وكبر أصحابه » ثم بض لمناجزة 
القوم » فاستعمل على المدينة ابن أم مككتوم وسار إلمهم » وعلي بن ألي طالب يحمل اللواء » فلما 
انتبى إليهم فرض عليهم الحصار . 

والتجاً , بنو النضير إلى حصرايم ٠‏ فأقاموا عليها يرمون بالنبل والحجارة » وكانت تخيلهم 
وبساتينهم عونا لهم في ذلك . فأمر بقطعها وتحريقها » وني ذلك يقول حسان : 
وهان على مراة بني لوي | حريق بالبويرة 0 

البووة ايم افخل بني النضير » وفي ذلك أنزل الله تعانى لإمَاقطْعس مم نليِنَةٍ 
ترك موهاقاب مَدَعَكَأْصُولِهَا مِإِذنْسَهِ 4 ١‏ عسل 00 ظ 

واعتزلتهبم ديضا” وخائهم عبد الله بن أني وحلفاؤهم من غطفان . فلم يحاول أحد أن 
يسوق لهم خيرأء أو ادنع عدر شرا يذ ل مياه كال تفي ؛ وجعل مثلهم : 
لصملا شيط نكال ادن حك فرْفَلَمَا كْرَقَالَ قل برى نلك # ( 5ه 1١:‏ ) . 

ريعز ار هه ست ليال فقط » وقيل. ا ‏ ا حتى قذف الله في 
قلوبهم الرعب . فاندحروا وتبيأوا للاستسلام ولإلقاء السلاح , فأرسلوا إلى رسول الله عَيه : 
نحن تخرج عن المدينة » فأتزهم على أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم » وأن لهم ما حملت الإبل إلا 
السلاح . 


- 545 


فتزلوا على ذلك » وخربوا بيوتهم بأيديهم » ليحملوا الأبواب والشبابيك » بل حتى حمل 
بعضهم الأوتاد وجذوع السقف ء ثم حملوا النساء والصبيان » وتحملوا على ستّائة بعير » فترحل 
أكثرهم وأكابرهم كحبي بن أخطب وسلام بن ألي الحقيق إلى خيبر » وذهبت طائفة منهم إلى 
الشام » وأسلم منهم رجلان فقط يامين بن عمرو وابو .سعد بن وهب » فاحرزا أمواهما . 

وقبض رسول اله عه سلاح بني النضير » واستولى على أرضهم وديارهم وأموالهم » فوجد 

من السلاح خمسين درعاً » وخمسين بيضة » وثلاثمائة وأربعين سيفاً . 

وكانت أموال بني النضير وديارهم خالصة لرسول الله عَيُهِ » يضعها حيث يشاء» ولم 
يخمسها لأن الله أفاءها عليه » ولم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب , فقسمها بين 
المهاجرين الأولين خاصة ء إلا أنه أعطى أبا دجانة وسبل بن حنيف الأنصارين لفقرهما ء» وكان 
ينفق منها على أهله نفقة سنة ‏ ثم يجعل ما بقى في السلاح والكراع عدة في سبيل الله . 

كانت غزوة بني النضير في ربيع الأول سنة 4 من الحجرة » أغسطس 1550م وأنزل الله في 
هذه الغزوة سورة الحشر بأكملها » فوصف طرد اليهود » وفضح مسلك المنافقين , وبين أحكام 
الفيء » وأنى على المهاجرين والأنصار ء وبين جواز القطع والحرق في أرض العدو للمصالح 
الحربينة » وأن ذلك ليس من الفساد في الأرض »ء وأوصى المومنين بالتزام التقوى والاستعداد 
للاخرة » ثم ختمها بالثناء على نفسه وبيان أسمائه وصفاته . 


وكان ابن عباس يقول عن سورة الحشر : قل : سورة النضير”2 . 


غزوة نحد: 
ومهذا النصر الذي أجرزة المسلمون في غزوة , بني النضير دولك تضحيات توطد بلطايم 
في المدينة » وتحاذل المنافقون عن الجهرة بكيدهم » وأمكن الرسول عَرُِه أن يتفرغ لقمع الأعراب 
8 -” 0 بعد اج و وتوائبرا عل بعوث الدعاة د رجاها في نذالة وكفران9 , 


. 1/8 » 014/5 صحيح البخاري‎ » 1١١ ابن هشام ؟/.-19. 0191 157ء زاد المعاد 1/7ل/اء‎ )١( 
. 7١ (؟) كلمة لمحمد الغزاللي في فقه السيرة ص4‎ 


-/841؟- 


فقبل أن يقوم النبي َيه بتأديب أولئك الغادرين نقلت إليه استخبارات المدينة بتحشد 
جموع البدو والأعراب من بني محارب وبني ثعلبة من غطفان » فسارع النبي عَكّه إلى الخروج » 
يجوس فياني نجد , ويلقي بذور الخوف في أفهدة أولئك البدو القساةٍ ؛ حتى لا يعاودوا مناكرهم 
التي ارتكبوها مع المسلمين 

وأضحى الأعراب الذين مردوا على النبب والسطو لا يسمعون بمقدم المسلمين إلا حذروا 
وتمّنعوا في رؤوس الجبال . وهكذا أرهب المسلمون هذه القبائل المغيرة وخلطوا بمشاعرهم الرعب » 
ثم رجعوا إلى المدينة امنين . 

وقد ذكر أهل المغازي والسير بهذا الصدد غزوة معينة غزاها المسلمون في أرض نجد في شهر 
ربيع الثاني أو جمادى الأولى سنة 4ه » ويسمون هذه الغزوة بغزوة ذات الرقاع . أما وقوع الغزوة 
خلال هذه المدة فلا شك فيه . وهذا الذي كانت تقتضيه ظروف المدينة » فإن موسم عزوة بدر 
التي كان قد تواعد بها أبو سفيان حين انصرافه من أحد كان قد اقترب » وإخلاء المدينة » مع 
ترك البدو والاعراب على تردهم وغطرستهم . والخروج لمثل هذا اللقاء الرهيب - لم يكن من 
مصالح سياسة الحروب قطعا , بل كان لا بد من خضد شوكتهم » وكف شرهم قبل الخروج لمثل 
هذه الحرب الكبيرة التي كانوا يتوقعون وقوعها في رحاب بدر . 

وأما أن تلك الغزوة التي قادها الرسول عَييه في ربيع أو جمادى الأولى سنة 4ه هي غزوة 
الرقاع فلا يصح » فإن غزوة ذات الرقاع شهدها أبو هنر واب مومى الأشعري رضي الله عنهما . 
وكان إسلام أي هريرة قبل غزوة خيبر بأيام 4 وكذلك أبو موسى الأشعري رضي الله عنه واف 
النبي ع جخيبر . وإذن فغزوة ذات الرقاع بعد خيير » ويدل على تأخرها عن السنة الرابعة أن 
انبي عَيلهِ صلى فيبا صلاة الخوف ». وكانت أول شرعية صلاة الخوف في غزوة عسفان » 
ولا خلاف أن عزوة عسهان كانت بعد الختدق 4 وكانت غزوة الخندق 2 أواخر السنة 
الخامسة . 


غعزوة بدر الثانية: 


ولا خضد المسلمون شوكة الأعراب ؛ وكفكفوا شرهم . أخذوا يتجهزون للاقاة عدوهم 
الأكبر . » فمقد تاق العام 4 وحصضر الموعد المضروب مع" فريش في غَرْوة ألحن وحق 
-1598 - 


نحمد عه وصحبه أن يخرجوا ؛ ليواجهوا أبا سفيان وقومه , وأن يديروا رحى الحرب كرة 
أخرى » حتى يستقر الأمر لأهدى الفريقين وأجدرهما بالبقاء2'0 . 

ففي شعبان سنة 4ه يناير سنة 57م » خرج رسول الله يدك لموعده في ألف وخمسمائة » 
وكانت الخيل عشرة أفراس » وحمل لواءه على بن أي طالب » واستخلف على المدينة عبد الله بن 
رواحة وانتهى إلى بدر عفأقام بها ينتظر المشركين . 

وأما أبو سفيان » فخرج في ألفين من مشركي مكة » ومعهم خمسون فرسا » حتى انتهى إلى 

خرج أبو سفيان » من مكة متثاقلاً » يفكر في عقيى القتال مع المسلمين » وقد أخذه 
الرعب » واستولت على مشاعره الطهيبة » فلما نزل بمر الظهران خار عزمه . فاحتال للرجوع , 
وقال لأصحابه : يا معشر قريش إنه لا يصلحكم إلا عام خصب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه 
اللبن » وإن عامكم هذا عام جدب » وإني راجع فارجعوا . 

ويبدو أن الخوف والهيبة كانت مستولية على مشاعر الجيش أيضا , فقد رجع الناس ولم يبدوا 
أي مصادمة هذا الرأي وأي إصرار وإلحاح على مواصلة السير للقاء المسلمين . 

وأما المسلمون فأقاموا ببدر مانية أيام ينتظرون العدو » وباعوا ما معهم من التجارة فربحوا 
بدرهم درهمين » ثم رجعوا إلى المدينة وقد انتقل زمام المفاجأة إلى أيديهم » وتوطدت هيبتهم في 
النفوس وسادوا على الموقف . 

وتعرف هذه الغزوة ببدر الموعد » وبدر الثانية » وبدر الآخرة وبدر الصغرى”2” . 
غزوة دومة الجندل: 

عاد رسول الله عَيُّْهْ من بدر , وقد ساد المنطقة الأمن والسلام » واطمأنت دولته » فتفرغ 
للتوجه إلى أقصى حدود العرب حتى تصير السيطرة للمسلمين علٍ الموقف » ويعترف بذلك 
الموالون والمعادون . 
)١(‏ كلمة محمد الغزاللي في فقه السيرة 7١١‏ . 
(15) انظر لتفصيل هذه الغزوة ابن هشام 7٠١١ . 7٠١9/7‏ ء زاد المعاد ١١17/9‏ . 


152 


مكث بعد بدر ل ؛ ثم جاءت إليه الأخبار بآن القبائل حول 
دومة الجندل - قريباً من الشام - تقطع الطريق هناك » وتنهب ما يمر بها » وأمها قد حشدت جمعا 
كبيراً تريد أن تهاجم المدينة » فاستعمل رسول الله ع على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري  »‏ 
وخرج في ألف من المسلمين لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة هه ء وأخذ رجلا من بني 
عذرة دليلا للطريق يقال له مذكور . 


خرج يسير الليل ويكمن النهار ؛ حتى يفاجىء أعداءهم وهم غارون امم 
مغربون » فهجم على ماشيتهم ورعائهم » فأصاب من أصاب » وهرب من هرب . 

وأما أهل دومة الجندل ففروا في كل وجه ء فلما نزل المسلمون بساحتهم لم يجدوا أحداً : 
وأقام رسول الله عت أياماً ؛ وبث السرايا وفرق الحيوش » فلم يصب منهم أحداً » ثم رجع إلى 
المدينة » ووادع في تلك الغزوة عيينة بن حصن » ودومة بالضم » موضع معروف بمشارف 
الشام » بينها وبين دمشق خمس يال » ويعدها من المدينة خمس عشرة ليلة . 

بهذه الاقدامات السريعة الحاسمة » وبهذه الخطط الحكيمة الحازمة نجح النبي عَُه في بسط 
الأمن ؛ وتنفيذ السلام في المنطقة والسيطرة على الموقف ». ونحويل مجرى الأيام لصالح المسلمين ‏ 
وتخفيف المتاعب الداخلية والخارجية التي كانت قد توالت عليهم » وأحاطتهم من كل جانب » 
فقد سكت المنافقون واستكانوا » وتم إجلاء قبيلة من اليبود » وبقيت الأخرى تظاهر بإيفاء حق 
الجوار وبإيفاء العهود والمواثيق » واستكانت البدو والأعراب » وحادت قريش عن مهاجمة 
العلفين ::ووحة لفون قرسة لادقناءالانلاة :رتاه برستالات. رفع العالين.. 


ل" 


غزوة الأحزاب 


عاد السلام والأمن . وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعثات التي استغرقت أكثر من 
سنة كاملة » إلا أن اليبود - الذين كانوا قد ذاقوا ألوانا من الذلة والهوان نتيجة غدرهم وخيانتهم 
ومؤامراتهم ودسائسهم - لم يفيقوا من غيهم » ولم يستكينوا ولم يتعظوا بما أصابهم نتيجة الغدر 
والتامر » فبعد نفيهم إلى خيبر ظلوا ينتظرون ما يحل بالمسلمين نتيجة المناوشات التي كانت قامة 
بين المسلمين والوثنيين . ولما تحول مجرى الأيام لصالح المسلمين » وتمخضت الليالي والأيام عن 
بسط نفوذهم , وتوطد سلطائهم » تحرق هؤلاء اليبود أي تحرق . 

وشرعوا في التامر من جديد على المسلمين , وأخذوا يعدون العدة , لتبيئة ضربة إلى المسلمين 
تكون قاتلة لا حياة بعدها . ولما لم يكونوا يحدون في أنفسهم جرأة على مناورة المسلمين مباشرة , 
خططوا لهذا الغرض خطة رهيبة . 

خرج عشرون رجلاً من زعماء اليبود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة » يحرضونهم على 
غزو الرسول عَييُهُ » ويوالونهم عليه » ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم » فأجابتهم قريش , 
وقريش قد أخلفت وعدها في الخروج إلى بدر » فرأت في ذلك إنقاذ سمعتها والبر بكلمتها . 

ثم خرج هذا الوفد إلى غطفان » فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشأاً » فاستجابوا لذلك » ثم 
طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك ؛ فاستجاب له من استجاب » وهكذا نجح ساسة 
اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبي َيه ودعوته والمسلمين . 

وفعلاً حرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة - وقائدهم أبو سفيان - 
في أربعة الاف ٠‏ ووافاهم بنو سليم بمر الظهران » وخرجت من الشرق قبائل غطفان : بنو فزارة » 


قبائل العرب فى العهد النبوي ظ 





يقودهم عيينة بن حصن .ء وبنو مرذ » يقودهم الحارث بن عوف , وبنو اشجع يقودهم مسعر بن 
رخيلة كا خرجت بنو أسد وغيرها . 
واتحهت هذه الأحزاب » وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه . 


وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عرمرم يبلغ عدده عشرة الاف مقاتل ) جيش ركعا يزيد 
عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ ,1 

ولو بلغت هذه الأحزاب المحزبة والجنود المجندة إلى أسوار المدينة بغتة لكانت أعظم خطر 
على كيان المسلمين هما يقاس » رما تبلغ إلى استفصال الشافة وإبادة الخضراء » ولكن قيادة المدينة 
كانت قيادة متيقظة » لم تزل واضعة أناملها على العروق النابضة » تتجسس الظروف » وتقدر 
ما يتمخض عن مجراها » فلم تكد تتحرك هذه الجيوش عن مواضعها حتى نقلت استخبارات 
المدينة إلى قيادتها فيها بهذا الزحف الخطير . 

وسارع رسول الله عله إلى عقد مجلس استشاري أعلى » تناول فيه موضوع خخطة الدفاع 
عن كيان المدينة » وبعد مناقشات جرت بين القادة وأهل الشورى » اتفقوا على قرار قدمه 
الصحابي النبيل سلمان الفارسي رضي الله عنه . قال سلماق * نا ترصول اله آنا كنا بارضى فارس 

وأسرع رسول الله عَيته إلى تنفيذ هذه الخطة » فوكل إلى كل عشرة رجال أن يحفروا من 
الخندق أربعين ذراعا . 

وقام المسلمون جد ونشاط يتحفرول الخندق » ورسول الله عَيْه يحنهم ويساهمهم في عملهم 
هذا. ففى البخاري عن سبل بن سعد » ٠‏ قال : كنا مع رسول الله عبيُّهِ في الخندق » وهم 
يحفرون » ونحن ننقل التراب على أكتادن"© » فقال رسول الله مَك : 

لفت لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للمهاجرين والأنصار”» 

وعن أنس : خرج رسول الله َيه إلى الخندق , فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة 
باردة » فلم يكن هم عبيد يعملون ذلك هم . فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال : 
)١(‏ أكتادنا : بالمثناة جمع كتد وهو ما بين الكاهل إلى الظهر . 
4١‏ صحيح البخاري باب غزوة الخندق 088/5 . 

5 


اللهسم إن العسيش عيش الأاخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة 
فقالوا محيبين له : 
نحن الذين نيما يوا سنسدا حتسل الاوسباة سا ينها أنداة 
وفيه عن البراء بن عازب قال : رأيته عَْيه ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار 
جلدة بطنه رار لحي لحي رار بات وارراع رودو يدن من التراب .2 
ويقول : 
الهم لولا أنت مااهتدينا ولا تصدقناولا صلينا 
فأنزلن مسستكيييية عنلتيا وثتبت الأقدام ان لالتيتحيتا 
إن الآل تند يوا عب خسنا .وان أرافوا فستحة سيقن 
قال : ثم يمد بها صوته باخرها » وفي رواية 
إل الآ كسيد لسر عا يت :وان أرافها سيب ايشاة 
كان المسلمون يعملون بهذا النشاط وهم يقاسون من شدة الجوع . ما يفقت الأكباد قال 
أنس ا ا 0 . سنِحة!") توضع 
وقال أبو طلحة ام-2 
فرفع رسول الله عه عن حجرين" . 0 < 
وبهذه المناسبة وقع في حفر الخندق ايات من أعلام النبوة » رأى جابر بن عبد الله في 
البي عه خمصاً شديداً » فذيج ببيمة وطحنت امرأنه صاعاً من شعير ثم القس من 
رسول الله عه سر أن يأتي في نفر من أصحابه . فقام النبي مَره جميع أهل الخندق , وهم 
ألف فأكلوا من ذلك الطعام وشبعوا » وبقيت برمة اللحم تغط.به كا هي , »؛ وبقي العجين يخبر ”م 
)١‏ نفس المصدر . 
)١(‏ نفس المصدر 089/79 . 
(9) نفس المصدر اله . والاهالة : الدهن الذي يؤتدم به سواء كان زيتا أو سمنا أو شحما سنخة : أي تغير 
طعمها ولونها من قدمها . 
(5) رواه الترمذي مشكاة المصابيح 458/7 . 
ظ د 5ت 


هو" . وجاءت أخت النعمان بن بشير بحفنة من كر إلى الخندق ليتغدى أبوه وخاله » فمرت 
برسول الله عَم فطلب منها التقر وبدده فوق ثوب , ثم دعا أهل الخندق فجعلوا يأكلون منه . 
وجعل الفر يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه » وإنه يسقط من أطراف الثوب" . 

وأعظم من هذين ما رواه البخاري عن جابر قال : إنا يوم الخندق نحفر » فعرضت كدية 
شديدة » فجاؤوا النبي َه فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق » فقال : أنا نازل , ثم قام 
وبطنه معصوب بحجر - ولبثنا ثلاثة لا نذوق ذواقا - فأخذ النبي عَيَهُ المعول » فضرب فعاد 
كثيباً أهيل أو أهيم" , أي صار رملاً لا يتاسك . 

وقال البراء : لما كان يوم الخندق عرضت ننا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول , 
فاشتكينا ذلك لرسول الله عَيّه » فجاء وأخذ المعول فقال : بسم الله ثم ضرب ضربة » وقال : الله 
أكبر » أعطيت مفاتيح الشام , والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة , ثم ضرب الثانية فقطع 
اخر » فقال : الله أكبر » أعطيت فارس » والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن » ثم ضرب 
الثالثة » فقال : بسم الله » فقطع بقية الحجر , فقال : الله أكبر » أعطيت مفاتيح الهِن » والله إفي 
لابسر ابواتت سيماء ”مو مكان 1ن 

وروى ابن إسحاق مثل ذلك عن سلمان الفارسي رضي الله عنه © . 

وما كانت المدينة تحيط بها الحرات والجبال وبساتين من النخيل من كل جانب سوى 
الشهال » وكان النبي عَيْهُ يعلم كخبير عسكري حاذق أن زحف مثل هذا الجيش الكبير» 
ومهاجمة المدينة ‏ لا يمكن إلا من جهة الشمال , اتحذ الخندق في هذا الجانب . 

وواصل المسلمون عملهم في حفره , فكانوا يحفرونه طول النهار » ويرجعون إلى أهليهم في 


. روى ذلك البخاري ؟/88ه .2 8ه‎ )١( 

(؟1) ابن هشام 7١8/7‏ . 

() صحيح البخاري ؟88/7ه . 

(4) سنن النساني 51/6 » وأحمد في مسنده واللفظ ليس للنسائي » وفيه عن رجل من الصحابة . 
(60) ابن هشام 5١9/7‏ . 


ل ه٠*‏ 


المساء » حتى تكامل الخندق حسب الخطة المنشودة » قبل أن يصل الجيش الوثني العرمرم إلى 
عر الي ٠‏ 
وأقبلت قريش في أربعة اللاف » حتى نزلت بهمجتمع الأسيال من رومة بين الحرف وزعابة ١‏ 
اي 0 عائي احت : 
آذ يه لاس #“ ني جه م 0 ل اود 
ا (ع 7 0). ْ 


خ ل حوس 
وأما قود وضعفاء النفوس فقل تزعرعت قلوهم لرؤية هلا الجيش «وإذ يفول الْمفقونَ 
انف قَلومهم عرض اوعدن لهو 4 سول عورا 3١:54‏ ). 


وخرج رسول الله عَيُه في ثلاثة آلاف من المسلمين ؛ فجعلوا ظهورهم إلى جبل سلع 
فتحميتوا بها والخندق يينهم وبين الكفار . وكان شعارهم ١‏ حم لا ينصرون » » واستخلف على 
المدينة ابن أم مكتوم » وأمر بالنساء والذراري فجعلوا في اطام المدينة . 

يلا أراك للش كون سوادة لمن ورقساة دين وجدرا عفدنا عريكنا اقول يكن 
وبينها » فالتجاوا إلى فرض الحصار على المسلمين » بينا لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من 
ارم ان اح اللاو كرو ابد رار العرب » فلم يكونوا أدخلوها في 
حسابهم رايا + < 

ل ل ل ل 
ظ وأخذ المسلمون يتطلعون إلى جولات المشركين » يرشقونهم بالنبل » حتى لا يجترئوا على الاقتراب 
ينه )ول ممعطيوا أن يتتحموه» أو ويلا علية الثرانت ٠‏ ليبنوابهاظطريقا مكنم من العيون + 

وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق من غير جدوى في ترقب نتائج الحصار » فإن 
ذلك لم يكن من شيمهم » فخرجت منها جماعة فيها عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أي جهل 
وضرار بن الخطاب وغيرهم » فتيممو! مكانا ضيقاً من الخندق فاقتحموه » وجالت بهم خيلهم في 
وا اوس ليوب امي ا تي 0 0 
)0( فسن الصدار؟/ رض خرش ' 


1ن 


كلمة حمي لأجلها - وكان من شجعان المشركين وأبطالهم - فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب 
وجهه , ثم أقبل على عل » فتجاولا وتصاولا . حتى قتله على رضي الله عنه » وامهزم الباقون حتى 
اقتحموا من الخندق هاربين » وقد بلغ بهم الرعب إلى أن ترك عكرمة رنحه وهو منهزم عن عمرو . 

000 المشركون فى يعن الأيام محاولة بليغة » لاقتحام الخندق , أو لبناء الطرق فيها , 
ولكن المسلمين كافحوا مكافحة محيدة » ورشقوهم بالنبل وناضلوهم أشد النضال حتى فشل 
المشركون في محاولتهم . 

ولأجل الاشتغال بمثل هذه المكافحة الشديدة فات بعض الصلوات عن رسول الله لتم 
والمسلمين . ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه : أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق , 
فجعل يسب كفار قريش . فقال : يا رسول الله ما كدت أن أصلىي حتى كادت الشمس أن 
تغرب » فقال النبي عَْدُُ : « والله ما صليتها » » فنزلنا مع النبي عَييْتُّه بطحان . فتوضاً للصلاة 
وتوضانا ها «قضل العصير عنما غريتك:الكنمس غ فنل انفده المغرت03: 

وقد استاء رسول الله عه لفوات هذه الصلاة حتى دعا على المشركين , ففي البخاري عن 
على عن النبي عَيدُهِ أنه قال يوم اللتتدق: 3 باذ الل عله يوقم :وقتورهته نار © شغلونا تحن 
الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس”" . 

وفي مسند أحمد والشافعي أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ء 
فصلاهن جميعاً . قال النووي : وطريق الجمع بين هذه الروايات أن وقعة الخندق بقيت أياما 
فكان هذا في بعض الأيام » وهذا في بعضبا . انتبى”" . 

ومن اهنا يول أن محاولة العبور من المشركين ع-والمكافحة المتواضلة من المسلمين دامت 
ايامباع إلآ آنا ادق لا كان سحافلا وى الليشين: :1 قريويما قال اشر وخرب :دام ديل 
اقتصروا على المراماة والمناضلة . 

وف هذه المراماة قتل رجال من الحيشين » يعدون على الأصابع ستة من المسلمين وعشرة من 
المشركين » بيئا كان قتل واحد أو اثنين منهم بالسيف . 
2)١(‏ صحيح البخاري 550/7 . 
() نفس المصدر . 
)2 مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص787 » وشرح مسلم للنووي 3717/١‏ . 

7 


 7”58- 


خريطة غز 


وة 


7 
1 





وني هذه المراماة رُمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم فقطع منه الأكحل » رماه رجل من 
قريش يقال له. حبان ين العرقة » فدعا سعد : اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إليّ أن 
أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه , اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا 
وبينبم » فإن كان بقي من حرب قريش شيء فابقني لهم ؛ حتى أجاهدهم فيك » وإن كنت 
وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي فيها(”'2 . وقال في اخر دعائه : ولا تتفي حتى تقر عيني من 
بي قريظة '' . 

وبيئا كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت أفاعي الدس والتامر 
تتقلب في جحورها » تريد إيصال السم داخل اجسادهم . انطلق كبير مجحرمي بني النضير إلى 
ديار بي قريظة اناق كميدن أسدة| لقرظي -- سيد بني قريظة » وصاحب عقدهم وعهدهم . 
وكان قد عاقد رسول الله عَيكُه على أن ينصره إذا أصابته حرب 5 تقدم - فضرب عليه حبي 
الباب » فاغلقه كعب دونه . فما زال يكلمه حتى فتح له بابه » فقال حبي : إني قد جئتك 
يا كعب بعز الدهر وببحر طام » جئتك بقريش على قادتها وسادتها » حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال 
من رومة . وبغطفان على قادتها وسادتمها حتى اقيم يشب لعي إل عباتي امد لد عافانوق 
وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه . 

فقال له كعب : جتتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماؤه » فهو يرعد ويبرق »ليس فيه 
شيء » ويحك يا حبي ! فدعني وما أنا عليه » فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاءً . 

فلم يزل حبي بكعب يفتله في الذروة والغارب , حتى سمح له على أن أعطاه عهداً من اله 
وميثاقا : لئن رجعت قريش وغطفان . ولم يصيبوا محمدا أن ادخل معك في حصنك » حتى 
يصيبني ما أصابك » فنقض كعب بن أسد عهده » وبرىء ما كان بينه وبين المسلمين » ودخل 
مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين”) 

وفعلا قكاقامت يبود ب قريظة بعمليات الارب: .قال ابى إشكاق: + كدق نصفية بدت 
عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت » وكان حسان فيه مع النساء والصبيان » قالت 
)1١(‏ صحيح البخاري 591/9 . 


(1) ابن هشام 90/9 . 
23١‏ ابن هشام ؟/171 53772 . 


331 52 


صفية : فمر بنا رجل من يبود » فجعل يطيف بالحصن » وقد حاربت بنو قريظة » وقطعت 
ما بينها وبين رسول الله عي » وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا » ورسول الله عه والمسلمون في 
نحور عدوهم . لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا ات » قالت : فقلت يا حسان » إن هذا 
اليبودي كا ترى يطيف بالحصن , وإني والله ما امنه أن يدل على عورتنا مَنْ وراءنا من يبود » وقد 
شغل عنا رسول الل مه وأصحابه » فانزل إليه فقت . قال : والله لقد عرفت ما أنا بصااحب 
هذا , قالت : فاحتجزت7 “ثم أخذت عمودا , ثم نزلت من الحصن إليه » فضربته بالعمود حتى ‏ 
قتلته » ثم رجعت إلى الحصن . وقلت:: يا حسان انزل إليه فاسلبه ودح امع عن اي 0 
أنه رجل . قال : ما لي بسلبه من حاجة2" . 

وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرسول الله عَيُه أثر عميق في حفظ ذراري المسلمين 
ونسائهم » ويبدو أن المبود ظنوا أن هذه الاطام والحصون في منعة من الجيش الاسلامي - مع أمبا 
كانت خالية عنهم تام فلم يجترئوا مرة ثانية للقيام بمثل هذا العمل , إلا أمهم أخذوا يمدون 
الغزاة الوثنيين بالموّن كدليل عملي على انضهامهم إليهم ضد المسلمين » حتى أخذ المتلفرة هه 
مؤنهم عشرين جملا ظ ظ 

وانتهى الخبر إلى رسول الله َيه وإلى المسلمين فبادر إلى تحقيقه » حتى يستجلي موقف 
قريظة » فيواجهه بما يجب من الوجهة العسكرية » وبعث لتحقيق الخبر السعدين : سعد بن 
معاذ » وسعد بن عبادة » وعبد الله بن رواحة » وخوات بين جبير » وقال : ٠‏ انطلقوا حتى تنظروا 
أحق ما بلغنا عن هؤّلاء القوم أم لا ؟ فإن كان حقاً فالحنوا لي لحنا أعرفه , ولا تفتوا في أعضاد 
الناس » وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس » . فلما دنوا منيم وجدوهم على أخبث 
ما يكون » فقد جاهروهم بالسب والعداوة ‏ ونالوا من رسول الله عه » وقالوا : من رسول الله ؟ 
لا عهد بيننا وبين محمد » ولا عقد . فانصرفوا عنهم » فلما أقبلوا على رسول الله عد لحنوا له » 
وقالوا : عضل وقارة » أي أنهم على غدر » كغدر عضل وقارة باصحاب الرجيع . 


)1( احتجزت : شدت وسطها . 
0"): ابن هشام يحمل هذاالحديث على أن حساناً كان جباناً ؛ وقد دفع هذا بعض العلماء وأنكره ٠‏ وذلك 
أن الحديث منقطع الإسناد . ولو صح لهجي به حسان . وإن صح الحديث فربما كان حسان معتلا في ذلك 
اليوم 6 وهذا أولى ما تاول 1 
2 +1 9ت 


وعلى رغم محاولتهم إخفاء الحقيقة تفطن الناس لجحلية الأمر » فتجسد أمامهم خطر رهيب . 

وقد كان أحرج موقف يقفه المسلمون » فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء يمنعهم من 
ضربهم من الخلف , بينا كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الانصراف عنه » وكانت 
ذراريهم ونساؤهم بمقربة من هؤلاء الغادرين في غير منعة وحفظ , ا كا يقول الله تعالمى : 
«وَإذْرَاءتٍالأبصر وَيلفت الْقلُو الحتاجر وَيَظيونَ ,الله الظنوناً (وي) هناك ابتلى 
وموك وَدُلُْو لاسرا 4 ( 6 : 1١ ٠٠١‏ ) ونجم لنفاق من بعض النافقين . 
حتى قال : كان محمداً يعدنا أن ناكل كنوز كسرى وقيصر » وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه 
أن يذهب إلى الغائط . وحتى قال بعض اخر في ملاً من رجال قومه: إن بيوتناعورة من العدو , 
فأذن لنا أن تحرج » فنزجع إلى دارناء يديك" اليا وت بنو سلمة بالفشل وف هؤلاء 
أنزل الله تعالى يفول سوناينف قلووم مَرَضمَوعدَنا اله ورَسُولْموٍِلَاميورًا 9 
وَإذْقَاات طايه مني يكاهل يتب لامقام لي عو ويستحَذِنُ فرق تال َي فولو نان 
ابييل را 4 0 ١31١‏ ). 

أما رسول الله َيه فتقنع بثوبه حين أناه غدر قريظة » فاضطجع ومكث طويلاً . حتى 
اشتد على اللناس البلاء » ثم غلبته روح الأمل قبطن :تقول + ##الله أكبر؛ أبقروا ياامعدر 
المسلمين بفتح الله ونصره » , ثم أخذ يخطط مجاببة الظرف الراهن ن » وكجزء من هذه الخطة كان 

يبعث الحرس إلى المدينة ؛ لكلا يول الذراري والنساء على غرة » ولكن كان لا بد من إقدام 

حاسم . يفضي إلى تخاذل الأحزاب , وتحقيقاً لهذا الهدف أراد أن يصالح عبينة بن حصن 
والحارث بن عوف رئيسي غطفان على ثلث مار المدينة ؛ حتى ينصرفا بقومهما بيغا رخاو السلعود 
لالحاق الهزيمة الساحقة العاجلة على قريش التي اختبروا مدى قوتها وبأسها مراراً » وجرت 
المراوضة على ذلك » فاستشار السعدين في ذلك » فالا : يا رسول الله إن كان الله أمرك بهذا 
فسمعا وطاعة » وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه » لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على 
الشرك بالله وعبادة الأوئان » وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثرة إلا قرى أو بيعأ» فحين أكرمنا 
الله بالاسلام وهدانا له » وأعزنا بك نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف . قصوّب رأمهما 
وقال : « إنما هو شيء أصنعه لكم , لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ) 





37 1 


ثم إن الله عز وجل - وله الحمد ‏ صنع أمرأ من عنده خذل به العدو , وهزم جموعهم , 
الأشجعي - رضي الله عنه - جاء إلى رسول الله َيِل فقال : يا رسول الله إني قد أسلمت ». 
وإن قومي لم يعلموا بإسلامي » فمرني ما شعت » فقال رسول الله عَكّه : « إنما أنت رجل 
واحد » فخذل عنا ما استطعت , فإن الحرب خدعة » » فذهب من فوره إلى بني قريظة - وكان 
عشيراً لهم في الجاهلية ‏ فدخل عليهم وقال : قد عرفتم ودي إياكم » وخخاصة ما بيني وبينكم , 
قالوا : صدقت . قال : فإن قريشاً ليسوا مثلكم » البلد بلدك فيه أموالكم وأبناقم ونساوم , 
لا تقدرون أن تنحولوا منه إلى غيره » وإن قريشاً وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وأصحابه » وقد 
ظاهرتوهم عليه » وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره » فإن أصابوا فرصة انتهزوها ء وإلا لحقوا 
يعطوك رهائن . قالوا : لقد أشرت بالرأي . 

ثم مضى نعيم على وجهه إلى قريش » وقال لهم : تعلمون ودي لكم ونصحي لكم ؟ قالوا : 
نعم » قال : إن اليهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه » وإنهم قد 
راسلوه أمهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه » ثم يوالونه عليكم » فإن سألوكم رهائن 
فلا تعطوهم , ثم ذهب إلى غطفان , فقال لهم مثل ذلك . 

فلما كان ليلة السبت من شوال. سسئة 0ه بعثوا إلى اليبود : أنا لسنا بأرض مقام » وقد 
هلك الكراع والخف » فائبضوا بنا حتى نناجز محمدا » فأرسل سل إليهم اليهود أن اليوم هو يوم 
لحت ركاه لايس ونا حو ادا ير 113 نا لقال امد مرق 

تبعثوا الينا رهائن . فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان : صدقكم والله نيم ؛ فبعثوأ 
إلى الييود : إنا والله لا نرسل إليكم أحدا » فاخرجوا معنا حتى نناجز محمدا لالت تريظة : 


0 صدقكم والله نعيم . فتخاذل الفريقان » ودبت الفرقة بين صفوفهم ١‏ وخارت عزاكهم 1 


وكان المسلمون يدعون الله تعالى : ٠‏ اللهم استر عوراتنا وامن روعاتنا » ودعا 
رسول الله َي على الأحزاب , قال : ١‏ اللهم منزل الككتاب ٠‏ سريع الحساب » اهزم الأحزاب : 
اللهم اهزمهم وزلزهم 76" . 
)١(‏ صحيح البخاري كتاب الجهاد 411/١‏ » وكتاب المغازي "اثْر. 9ه . 
ظ -17- 


وقد سمع الله دعاء رسوله والمسلمين » فبعد أن دبت الفرقة في صفو ف المشركين » وسرى 
بينهم التخاذل , أرسل الله عليهم جنداً من الرع » فجعلت تقوض خيامهم , ولا تدع لمم قدراً 
إلا كفأتها » ولا طنباً إلا قلعته » ولا يقر لحم قرار » وأرسل جنداً من الملائكة يزلزلونهم » ويلقون 
في قلوبهم الرعب والخوف . 

وأرسل رسول الله ت في تلك الليلة الباردة القارسة حذيفة بن الهان يأتيه تخبرهم ١‏ 
فوجدهم على هذه الحال ‏ وقد تميأوا للرحيل . فرجع إلى رسول الله عه ٠‏ فأخيره برحبل 
القوم » فأصبح رسول الله عه وقد رد الله عدوه بغيظه لم ينالوا خيراً » وكفاه الله قتالهم , 
فصدق وعده , وأعز جنده » ونصر عبده » وهزم الأحزاب وحده » فرجع إلى المدينة . 

وكانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين ٠‏ وأقام المشركون 
محاصرين رسول الله يلك والمسلمين شهراً أو نحو شهر ء ويبدو بعد الجمع بين المصادر أن بداية 
فرض الحصار كانت في شوال » ونبايقه في ذي القعدة . وعند ابن سعد أن انصراف 
رسول الله عَوه من الخندق كان يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة . 

إن معركة الأحزاب لم تكن معركة خسائر ؛ بل كانت معركة أعصاب » لم يجر فيها قتال 
مرير » إلا أنها كانت من أحسم المعارك في تاريخ الاسلام » تمخضت عن تاذل المشركين : 
وأفادت أن أية قوة من قوات العرب لا تستطيع استقصال القوة الصغيرة التي تنمو في المدينة : 
لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوى مما أنت به في الأحزاب . ولذلك قال 
رسول الله عه حين أجل الله الأحزاب : 9 الآن نغزوهم ولا يغزوننا » نحن نسير إليهم +20 . 





. صحيح البخاري ؟/50ه‎ )١( 
7*2 


غزوة بنى قريظة 


وفي اليوم الذي رجع فيه رسول الله إلى المدينة » جاءه جبريل عليه السلام عند الظهر » وهو 
يغتسل في بيت أم سلمة » فقال : أو قد وضعت السلاح ؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم , 
وما رجعت الآن إلا من طلب القوم » فائبض بمن معك إلى بني قريظة » فإني سائر أمامك أزلزل 
بهم حصونهم » وأقذف في قلوبهم الرعب » فسار جبريل في موكبه من الملائكة . 

فأمر رسول الله مكَهِ موّذناً فأذن في الناس : من كان سامعاً مطيعا فلا يصلين العصر إلا 
بني قريظة . واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم » وأعطى الراية علي بن أبي طالب » وقدّمه إلى 
بني قريظة فسار علي حتى إذ دنا من حصونهم سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله عه . 

وخرج رسول الله يده في موكبه من المهاجرين والأنصار » حتى نزل على بر من ابآر قريظة 
يقال لها بر أناء وبادر المسلمون إلى امتثال أمره » ونهضوا من فورهم » وتحركوا نحو قريظة ؛ 
وأدركتهم العصر في الطريق » فقال بعضهم : لا نصليها إلا في بني قريظة كا أمرنا » حتى أن رجالا 
منبم صلوا العصر بعد العشاء الآخرة » وقال بعضهم : لم يرد منا ذلك » وإنما اراد سرعة 
الخروج » فصلوها ني الطريق » فلم يعنف واحدة من الطائفتين . 

هكذا تمرك الجيش الإسلامي نحو بني قريظة أرسالاً » حتى تلاحقوا بالنبي ميته » وهم 
ثلاثة آلاف » والخيل ثلاثون فرسأ , فنازلوا حصون بني قريظة » وفرضوا عليهم الحصار .| 

ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال : إما أن. 
يسلموا » ويدخلوا مع محمد عََْهِ في دينه » فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم - وقد 
قال لهم : والله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل » وأنه الذي تجدونه في كتابكم ...وإما أن يقتلوا 
ذرارتهم ونساءهم بأيديهم » ويخرجوا إلى النبي عَيُْهِ بالسيوف مصلتين » يناجزونه حتى يظفروا 
بهم » أو يقتلوا عن آخرهم .. وإما أن بجموا على رسول الله َيه وأصحابه » ويكبسوهم يوم 
السبت ؛ لأمهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه » فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث » 

"15 - 


وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد ( في انزعاج وغضب ) : ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه 
ليلة واحدة من الدهر حازما . 

ولم ببق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله عَليم ‏ 
لكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض حلفائهم من المسلمين » لعلهم يتعرفون ماذا سيحل بهم إذا نزلوا 
على حكمه , فبعثوا إلى رسول الله عه أن أرسل إلينا أبا لبابة نستشيره » وكان حليفاً لهم , 
وكانت أمواله وولده في منطقتهم » فلما رأوه قام إليه الرجال » وجهش النساء والصبيان ييكون في 
وجهه , فرق لهم . وقالوا : يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد ؟ قال : نعم ! وأشار بيده 
إلى حلقه » يقول إنه الذي , ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله فمضى على وجهه . ولم يرجم 
إلى رسول الله عه » حتى ألى المسجد النبوي بالمدينة » فربط نفسه بسارية المسجد » وحلف أن 
لا يحله إلا رسول الله عه بيده . وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً . فلما بلغ رسول الله َكل 
خبره - وكان قد استبطأه - قال : أما أنه لو جاءني لاستغفرت له , أما إذ قد فعل ما فعل فما أنا 
بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه . 

وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة قررت قريظة الغزول على حكم رسول الله عه » ولقد كان 
باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار الطويل ؛ لتوفر المواد الغذائية والمياه والآآبار ومناعة 
الحصون , ولأن ا لمسلمين كانوا يقاسون البرد القارس والجوع الشديد وهم في العراء » مع شدة 
التعب الذي اعتراهم ؛ لمواصلة الأعمال الحربية من قبل بداية معركة الأحزاب , إلا أن حرب 
قزريظة كانت حرب أعصاب , فقد قذف الله في قلومهم الرعب » وأخذت معنوياتهم تنهار » وبلغ 
هذا الانبيار إلى نبايته أن تقدم علي بن أي طالب » والزيير بن العوام » وصاح على : يا كتيبة 
الإيمان » والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم . 

وحينكذ بادروا إلى الغزول على حكم رسول الله عَيكُه » وأمر رسول الله عله باعتقال 
الرجال » فوضعت القيؤد في أيدييم تحت إشراف: محمد نين -مسامة الأنصاري» وجعلت النساء 
والذراري بمعزل عن الرجال في ناحية » وقامت الأوس إلى رسول الله مه فقالوا : يا رسول الله » 
قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت » وهم حلفاء إخواننا الخزرج » وهؤلاء موالينا » فأحسن 
فمهم » فقال : ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ قالوا : بلى » قال : فذاك إلى سعد بن 
معاذ . قالوا : قد رضينا . 


751١60 


فأرسل إلى سعد بن معاذ » وكان في المدينة » لم يتخرج معهم ؛ للجرح الذي كان أصاب 
أكحله في معركة الأحزاب » فأركب حماراً » وجاء إلى رسول الله م » فجعلوا يقولون وهم 
كنفيه : يا سعد » أجمل في مواليك فأحسن فيهم » فإن رسول الله عه قد حكمك لتحسن 
فهم . وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً » فلما أكثروا عليه قال : لقد ان لسعد أن لا تأخذه في 
الله لومة لاثم » فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعى إليهم القوم . 

ولما انتبى سعد إلى النبي عَيْيلَهِ قال للصحابة : قوموا إلى سيدكم . فلما أنزلوه قالوا : 
يا سعد , إن هؤّلاء القوم قد نزلوا على حكمك . قال : وحكمي نافذ عليهم ؟ قالوا : نعم 
قال : وعلى المسلمين ؟ قالوا : نعم . قال : وعلى من ههنا ؟ ‏ وأعرض بوجهه . وأشار إلى ناحية 
رسول الله عه إجلالاً له وتعظياً - قال : نعم وعلٌ . قال : فإني أحكم فرهم أن يقتل الرجال » 
وتسبى الذرية » وتقسم الأموال , فقال رسول الله عه : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق 
سبع حماوات . 

وكان حكم سعد في غاية العدل والانصاف ». فإن بني قريظة بالإضافة إلى ما ارتكبوا من 
الغدر الشنيع - كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفا وخمسمائة سيف » وألفين من الرماح » 
وثلاثمائة درع » وخمسمائة ترس وحجفة » حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم . 

وأمر رسول الله يله فحبست بنو قريظة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ؛ 
بعرت ام خادت يسود المدينة » ثم أمر بهم فجعل يذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالاً , 
وتضرب في تلك الخنادق أعناقهم . فقال من كان بعد في الحبس لرئيسهم كعب بن أسد : 

ما تراه يصنع بنا ؟ فقال ل : افي كل موطن لا تعقلون أما ترون الداعي لا يتزع ؟ والذاهب منكم 
لا يرجع ؟ هو والله القتل . وكانوا ما بين الستائة إلى السبعمائة » فضربت أعناقهم . 

وهكذا تم استفصال أفاعي الغدر والخيانة » الذين كانوا قد نقضوا الميئاق الم كد » وعاونوا 
ار المسلمين في أحرج ساعة كانوا يمرون بها في حياتهم - وكانوا قد صاروا 
بعملهم هذا من أكابر محرمي الحروب الذين يستحقون المحاكمة والأعدام ‏ . 

ول مع هؤلاء شيطان بن النضير » وأحد أكابر مجرمي معركة الأحزاب حبي بن أخطب 
والد صفية أم الموّمنين رضي الله عنها , كان قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم 
قريش وغطفان ؛ وفاءً لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه حينا جاء يثيره على الغدر والخيان أيام 

ا 


غزوة الأحزاب , فلما أي به - وعليه حلة قد شقها من كل ناحية بقدر أملة أكلا يسليها - 
مجموعة يداه إلى عنقه بحبل » قال لرسول الله َك : أما والله ما لمت نفسي في معاداتك » ولكن 
من يغالب الله يغلب . ثم قال : أيها الناس » لا بأس بأمر الله » كتاب وقدر وملحمة كتبها الله 
على بني إسرائيل تم جلس فضربت عنقه . 

وقتل من نسائهم امرأة واحدة » كانت قد طرحت الرحا على خلاد بن سويد فقتلته » فقتلت 
لأجل ذلك . 

وكان قد أمر رسول الله بقتل من ون امم ررك نر ١‏ يك كان تفن اليه عر 
القرظي . فترك حيا » فأسلم » وله صحبة . 

واستوهب ثابت بن قيس الزيير بن باطا وأهله وماله - وكانت للزيير يد عند ثابت - فوهبهم 

له » فقال ثابت بن قيس : قد وهبك رسول الله عل إل ووهب لي مالك وأهلك فهم لك . 

لاو اي الع و مرا ا 
و الي اباي 11 ا 

وأسلم منهم تلك الليلة نفر من قبل النزول » فحقنوا دماءهم وأمواهم وذرارهم . وخرج تلك 
الليلة عمرو - وكان رجلا لم يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الل عكل عافراه تمك رن 
مسلمة قائد الحرس النبوي . فخلى سبيله حين عرفه . فلم يعلم أين ذهب . 

د رسول الله عله أموال بني قريظة بعد أن يكم ار 
ابا وي ا واوا 

واصطفى رسول الله عه لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة » فكانت عنده 
حتى توفي عنها وهي في ملكه . هذا ما قاله ابن إسحاق”" وقال الكلبي : إند عَم أعتقها . 
وتزوجها سنة "هم وماتت مرجعه صن حبحه ة الودا ع فدفها بالبقيع!" . 
)١(‏ انظر ابن هشام 515/٠‏ . 
(6) تلقيح فهوم أهل الأثر ص١١‏ . 


ات 


ولا أتم أمر قريظة أجيبت دعوة العبد الصالح سعد بن معاذ رضي الله عنه - التي قدمنا 
ذكرها في غزوة الاحزاب - وكان النبي عَدهِ قد ضرب له تحيمة في المسجد ليعوده من قريب » 
فلما تم أمر قريظة انتقضت جراحته . قالت عائشة : فانفجرت من لبته فلم يرعهم - وني 
المسجد خيمة من بني غفار - إلا والدم , يسيل إلييم » » فتمالوا ايااعل اجيم » ما هذا يآتينا من 
قبلكم » فإذا سعد يغذوا جرحه دما فمات منها" . 

وف الصحيحين عن جابر أن رسول الله يه قال : اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن 
معاذ . صحح الترمذي من حديث أنس : قال : لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال 
المنافقون اما أخف جنازته » فقال رسول الله ع : وإن الملائكة كانت محمله 6(" . 


قتل في حصار بني قريظة رجل واحد من المسلمين , وهو خلاد بن سويد » الذي طرحت 
عليه الرحى امرأة من قريظة » ومات في الحصار أبو سنان بن محصن أخو عكاشة . 

أما أبو لبابة » فأقام مرتبطاً ست ليال » تأتيه امرأنه في وقت كل صلاة فتحله للصلاة » ثم 
يعود فيرتبط بالجذع » » ثم نزلت توبعه على رسول الله عه سَحَرأء وهو في بيت أم سلمة » 
فقامت عل باب حجرتها » وقالت لي : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك » فثار الناس 
ليطلقوه» فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله عَيلت » فلما مر النبي عََهِ خارجا إلى صلاة الصبح 
أطلقه . 

وقعت هذه الغزوة في ذي القعدة سنة هه » ودام الحصار - تنبا وعغرين ليل10, 

وأنزل الله تعالى في غزوة الأحزاب وبني قريظة آيات من سورة الأحزاب » علق فيها على أهم 
جزئيات الوقعة بين حال المومنين والمنافقين , ثم تحذيل الأحزاب » ونتائج الغدر من أهل 
الكتاب . 





. 011/5 صحيح البخاري‎ )١( 

(؟) صحيح البخاري 0١‏ .:وصحيح مسلم 07914/7 2 وجامع الأرمدئ . 

(6) جامع الترمذي 375/7 . 

(4) ابن هشام 710/١‏ ع 778 »2 وانظر لتفصيل هذه الغزوة ابن هشام 00 إلى 7177 وصحيح البخاري 
؟/.» . 04١‏ ء زاد المعاد 75 1/4ء مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص7837 » 
20144 75000145. 


- 7148 


النشاط العسكري بعد هذه الغزوة 


مقتل سلام بن أب الحتقيق 

اي ا رايعم ؤي رسول الله يكل , فلم 
فرغ المسلمون من أمر قريظة استأذنت الخزرج رسول الله عَم في قتله » وكان قتل كعب بن 
الأشرف على أيدي رجال فن الاوض # افرغبيت الخزرج في إحراز فضيلة مثل فضيلتهم ؛ فلذلك 
أسرعوا إلى هذا الاسعذان . 

وأذن رسول الله عه في قتله » ونبى عن قتل النساء والصبيان » فخرجت مفرزة قوامها 

خرجت هله المفرزة » واتجهت نحو خيبر » إذ كان هناك حصن أي رافع , فلما دنوا منه 
تروقق غرمك الهس ورا ح الناس بسرحهم - قال عبد الله بن عتيك لأصحابه : اجلسرا 
الكو نإل منطان وض يراب , امل أ دمل : ؛ فأقبل حتى دنا من الباب » ثم تقنع 
شوبه كآنه يقضي حاجته » وقد دخل الناس » فهتف به البواب : يا عبد الله إن كنت تريد أن 
تدخل فادخل . فإلي أريد أن أغلق الباب . 

ا د لير 
ا ا ا ا 
أغلقت علي من داخخل . قلت : إن القوم لو نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله » فانتبيت إليه : 
)١‏ انظر فتح الباري 5147/10 . 
(؟) أي المفاتيح على وتد . 

- 514 


فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله » ؛ لا أدري أين هو من البيت . قلت "اراق كال : من 
هذا ؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش » فما أغنيت شيئا » وصاح » 
فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ‏ ثم دخلت إليه » فقلت : وما هذا الصوت يا أبا رافع ؟ 
فقال : لأمك الويل , إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف » ؛ قال : فأضربه ضرية أثخنته ولم 
أقتله ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حت أخذ في ظهره » فعرفت أني قنلته » فجعلت أفتح 
الأبواب باباً بابأ » حتى انتبيت ت إلى درجة له » فوضعت رجلي » وأنا أرى أني قد انتهيت إلى 
الأرض , فوقعت في ليلة مقمرة » فانكسرت ساق » فعصبتها بعمامة » ثم انطلقت حتى جلست 
على الباب . فقلت : لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته؟ فلما صاح الديك صاح الناعي على 
السور فقال : أنعي أبا رافع تاجر أهل الحجاز » فانطلقت إلى أصحابي فقلت : النجاء » فقد 
قتل الله أبا رافع . فانتبيت إلى النبي عه » فحدثته فقال : « ابسط رجلك » فبسطت رجلي 
فمسحها فكانا لم أشتكها 0" . : 

هذه رواية البخاري » وعند ابن إسحاق أن جميع النفر دخلوا على ألي رافع » واشتر كوا في 
قتله » وأن الذي تحامل عليه بالسيف حتى قتله هو عبد الله بن أنيس » وفيه أنهم ما قتلو ليلا ٠‏ 
وانكسرت ساق عبد الله بن عتيك حملوه » وأتوا منهرأ من عيونهم فدخلوا فيه » وأوقد اليبود 
. النيران » واشتدوا في كل وجه » حتى إذا يفسوا رجعوا إلى صاحبهم » وإنهم حين رجعوا احتملوا 
عبد الله بن عتيك حتى قدموا على رسول الله ع3ه0" . 

كان مبعث هذه السرية في ذي القعدة أو ذي الحجة سنة هه(" . 

ولما 2 رسول الله عه من الأحزاب وقريظة » واقتص من مجرمي الحروب أخذ يوجه 


حملات تأديبية إلى القبائل والأعراب » الذين لم يكونوا يستكينون للأمن والسلام إلا بالقوة 
القاهرة . 





)1( صحيح البخاري إبالاة . 
0) ابن هشام 5437/7 ١‏ 776 . 
2( رحمة للعالمين رقف مع ما يؤخذ من المصادر الأخرى المذكورة في غزوة الأحزاب وقريظة . 


- 17٠ ل‎ 


سرية محمد بن مسلمة: 

كانت أول سرية بعد الفراغ من الأحزاب وقريظة » وكان عدد قوات هذه السرية ثلاثين 
راكبا . 

تحركت هذه السسرية إلى القرطاء » بناحية ضرية بالبكرات من أرض نجد » وبين ضرية 
والمدينة سبع ليال » تحركت لعشر ليال خلون من انحرم سنة 5ه إلى بطن بني بكر بن كلاب » 
فلما أغارت عليهم هرب سائرهم » فاستاق المسلمون نعم وشاءً » وقدموا المدينة لليلة بقيت من 
حرم ومعهم ثمامة بن أثال الحنفي سيد بني حنيفة » كان قد خرج متنكرا لاغتيال النبي َك 
الو سو سياه لدان ادع لمشلهون" #اافلها بجاعوا يد ريط ره «زيمنا زرة شرن سا ره 
المسجد . فخرج إليه النبي عَيَيْلُّهُ فقال : « ما عندك يا ثمامة » ؟ فقال : عندي خير يا محمد , 
إن تقتل تقتل ذا دم » وإن تنعم تنعم على شاكر . وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شعت » 
فتركه » ثم مرّ به مرة أخرى . فقال له مثل ذلك » فرد عليه م رد عليه أولا » ثم مر مرة ثالثة 
فقال ‏ بعد ما دار بينهما الكلام السابق : أطلقوا قامة » فأطلقوه » فذهب إلى نحل قريب من 
المسجد . فاغتسل . ثم جاءه فأسلم , وقال : والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إليّ من 
وجهك . فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ » ووالله ما كان على وجه الأرض دين أبغض عل 
من دينك » فقد أصبح دينك أحب الأديان إليّ » وإن خيلك أخذتي وأنا أريد العمرة » فبشره 
رسول الله عه » وأمره أن يعتمر » فلما قدم على قريش قالوا : صبأت يا ثامة » قال : لا والله , 
ولكني أسلمت مع محمد عَيلُه » ولا والله لا يأتيكم من الهامة حبة حنطة حتى يأذن فيها 
رسول الله عقا . وكانت يمامة ريف مكة . فانصرف إلى بلاده » ومنع الحمل إلى مكة . حتّى 
جهدت قريش » وكتبوا إلى رسول الله مَك يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى نمامة يحل إلييم حمل 
الطعام » ففعل رسول الله ملكو . 
غزوة بني لحيان: 

بنو لحيان هم الذين كانوا قد غدروا بعشرة من أصحاب رسول الله عي بالرجيع » وتسببوا 
في إعدامهم » ولكن لما كانت ديارهم متوغلة في الحجاز إلى حدود مكة . والتارات الشديدة قائمة 
(؟) زاد المعاد ١١4/7‏ , مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النبجدي ص757 , 797 . 


12 ات 


بين المسلمين وقريش والأعراب » لم يكن يرى رسول الله عَُهِ أن يتوغل في البلاد بمقربة من 
العدو الأكبر » فلما تحاذلت الأحزاب » واستوهنت عزائمهم » واستكانوا للظروف الراهنة إلى حد 
ماء رأى أن الوقت قد ان لأن يأخذ من بني لحيان ثأر أصحابه المقتولين بالرجيع » فخرج إلمهم 
في ربيع الأول أو جمادى الأو سنة 5ه في مائتين من أصحابه » واستخلف على المدينة ابن أم 
مكتوم » وأظهر أنه يريد الشام ء ثم أمسرع السسير حتى انتهى إلى بطن غران - واد بين أمح 
وعسفان » حيث كان مصاب أصحابه » فترحم عليهم ودعا لهم - وسمعت به بنو الحيان » فهربوا 
في رؤوس الحبال » فلم يقدر منهم على أحد » فأقام يومين بأرضهم » وبعث السرايا » فلم يقدروا 
عليهم » فسار إلى عسفان » فبعث عشرة فوارس إلى كراع الغميم لتسمع به قريش » ثم رجع إلى 
المدينة » وكانت غيبته عنها أربع عشرة ليلة 


متابعة البعوث والسرايا: 

ثم تابع رسول الله عيله في إرسال البعوث والسرايا . وهاك صورة مصغرة منها : 

لاسي ع يوي 0 
ا 

؟ - سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة » في ربيع الأول أو الآخر سنة 5ه . خخرج ابن 
عو بجا ار ليوا ا ادا وهم مائة ‏ فلما ناموا 

7“ سسيرية أي 08 550 فك بعة 
ين لعل إآر قال مساب عيمه بو ةقارع ونه أردزة رذ إل ماين 
فساروا ليلتهم مشاة » ووافوا بني ثعلبة مع الصبح » فأغاروا عليهم » فأعجزوهم هربا في الجبال » 
وأصابوا رجلا واحدأً فأسلم » وغنموا نعما وشاءً . 

؛ - سرية زيد بن حارثة إلى الجموم » في ربيع الآخر سنة 5ه . والجموم ماء لبني سيم في. 
مر الظهران » خرج إلهم زيد فأصاب امرأة من مزينة يقال لها حليمة » فدلتهم على محلة من بني 


ا 


سليم أصابوا فيها نعماً وشاءً وأسرى » فلما قفل بما أصاب » وهب رسول الله عَيه للمزينية نفسها 
وزوجها . 

ه - سرية زيد أيضأ إلى العيص » في جمادى الأولى سنة *ه » في سبعين ومائة راكب » 
وفنا الت أموال عي فريك كان 'قائليها ابو الخاض فكع وستول الله 12 دوالك أبنو 
العافى نان زيمت فانتعكها ريا وساف ١‏ فطلب مف رشتول انه كلل يرف اموا العرر عليه 
ففعلت . وأشار رسول الله عه على الناس برد الأموال من غير أن يكرههم » فردوا الكثير 
والقليل والكبير والصغير » حتى رجع أبو العاص إلى مكة , وأدى الودائع إلى أهلها , ث أسلم 
وهاجر » فرد عليه رسول الله عَته زينب بالنكاح الأول بعد ثلاث سنين ونيف . 5 نبت في 
الحديث الصحيح” ردها بالنكاح الأول ؛ لأن اية تحريم المسلمات على الكفار لم تكن نزلت إذ 
ذاك » وأما ما ورد من الحديث من أنه رد عليه بنكاح جديد أو رد عليه بعد ست سنين فلا يصح 
معنى » ”ا أنه ليس بصحيح سندا”” . والعجب ممن يتمسكون بهذا الحديث الضعيف »ء فإنهم 
يقولون : إن أبا العاص أسلم في أواخر سنة مان قبيل الفتح » ثم يناقضون أنفسهم » فيقولون : إن 
زينب ماتت في أوائل سنة ثمان . وقد بسطنا الدلائل في تعليقنا على بلوغ المرام » وجنح موسى بن 
عقبة أن هذا الحادث وقع في سنة ‏ من قبل أي بصير وأصحابه » ولكن ذلك لا يطابق الحديث 
السيحيح ولا الضتعيفت. . 

مدر يد هذا إل التارفكا أو انق نهو لق جاح الاعراسعة اع عرب رين 
ةعكر ردلا إل في ليا + قورت الأعراين :وشا أن كر رضول ال 207 عبار 
إلهم » فأصاب من نعمهم عشرين بعيرا » وغاب أربع ليال . 

- سرية زيد أيضاً إلى وادي القرى » في رجب سنة 1ه . خخرج زيد في أنني عشر رجلا 
إلى وادي القرى ؛ لاستكشاف حركات العدو إن كانت هناك ٠‏ فهجم عليهم سكان وادي 
القرى » فقتلوا تسعة » وأفلت ثلاثة فيهم زيد بن حارثة9؟ . 


. انظر سنن ألي داود مع شرحه عون المعبود باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا ألم بعدها‎ )١( 

. 195/1١98/9 انظر الكلام على الحديثين في تحفة الأحوذي‎ )١( 

)2 رحمة للعالمين 755/5 » وانظر هذه السرايا المصدر المذكور ء وزاد المعاد 200115١ 61٠0/7‏ 157ء وحواشي 
تلقيح فهوم أهل الأثر ص58 » 75 . 


رن ” 


4 - سرية الخبط - تذكر هذه السرية في رجب سنة 4ه » ولكن السياق يدل على أنها 
كانت قبل الحديبية » قال جابر » بعثنا النبي عَيْكَْهِ في ثلاثمائة راكب أميرنا أبو عبيدة بن الجراح » 
نرصد عيراً لقريش » فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط » فسمى جيش الخبط » فنحر رجل 
ثلاث جزائر » ثم نحر ثلاث جزائر , ثم حر ثلاث جزائر , ثم إن أبا عبيدة هاه » فالقى إلينا البحر 
دابة يقال لا : العنبر » فأكلنا منه نصف شبر » وأدهنا منه » حتى ثابت منه أجسامنا , 
وصلحت » وأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه » فنظر إلى أطول رجل في الخيش وأطول جمل » 
فحمل عليه , ومر تحته » وتزودنا من لحمه وشائق » فلما قدمنا المدينة » أتينا رسول الله عَُْه ‏ 
فذكرنا له ذلك » فقال : هو رزق أخرجه الله لكم » فهل معكم من لحمه شيء تطعمونا , 
فأرسلنا إلى رسول لله عه منه0" . ظ 

وإنما قلنا : إن سياق هذه السرية يدل على أنه كانت قبل الحديبية ؛ لأن المسلمين لم يكونوا 
يتعرضون لعير قريش بعد صلح الحديبية . 


. ١4546 01١140/19؟ صحيح البخاري 5775/7 571 , صحيح مسلم‎ )١( 


2 1ت 


غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع 
(في شعبان سنة 3ه) 


وهذه الغزوة وإن لم تكن طويلة الذيل » عريضة الأطراف . من حيث الوجهة العسكرية ؛ 
إلا أمبا وقعت فيها وقائع أحدثت البلبلة والاضطراب في المجتمع الإسلامي » وتمخضت عن 
افتضاح المنافقين » والتشريعات التعزيرية التي أعطت المجتمع الاسلامي صورة خاصة من النبل 
والكرامة وطهارة النفوس . ونسرد الغزوة أولاً » ثم نذكر تلك الوقائع . 

كانت هذه الغزوة في شعبان سنة ست من الهجرة على أصح الأقوال('2 . وسببها أنه بلغه 
َه أن رئيس بني المصطلق الحارث بن أني عار جر وريه يد علداين العركيا ريتوت 
حرب رسول الله » فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي ؛ لتحقيق الخبر فأتاهم , ولقى الحارث بن 
أبي ضرار وكلمه ورجع إلى رسول الله عه فأخبره الخير . 

وبعد أن تأكد لديه عله صحة الخبر ندب الصحابة » وأسرع في الخروج » وكان خروجه 
لليلتين خلتا من شعبان . وخرج معه جماعة من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قبلها » واستعمل على 


١‏ والدليل على ذلك ما ثبت في حديث الافك من أن القضية كانت بعدما أنزل الحجاب » واية الحجاب نزلت في 
شآن زينب » وزينب إذ ذاك كانت تحته » فإنه عه سأها عن عائشة فقالت : أحمي معي وبصري . قالت 
عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي مُه » وأما ما وقع في حديث الافك من أن سعد بن معاذ 
وسعد بن عبادة تنازعا في أصحاب الافك , ومعلوم أن سعد بن معاذ مات عقب غزوة بني قريظة » فالظاهر أن 
هذا وهم الراوي » فقد روى ابن إسحاق حديث الإفك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن 
عائشة » فلم يذكر فيه سعد بن معاذ بل ذكر أسيد بن حضير » قال أبو محمد بن حزم : وهذا هو الصحيح 
الذي لا شك فيه » وذكر سعد بن معاذ وهم ( وانظر زاد المعاد ١١5/7‏ ) والعجب من محمد الغزالي أنه نسب 
إلى ابن القيم أنه يعتبر هذه الغزوة من حوادث السنة الخامسة ( فقه السيرة ص777 ) مع أن كلامه في اهدي 
1١1١/1١‏ ) يالى عن ذلك . 


 7”756 


المدينة زيد بن حارثة » وقيل أبا ذر » وقيل تميلة بن عبد الله الليثي » وكان الحارث بن ضرار قد 
وجه عيناً ؛ ليأتيه بخبر الجيش الإسلامي » فألقى المسلمون عليه القبض وقتلوه . 

ولما بلغ الحارث بن أني ضرار ومن معه مسير رسول الله عه وقتله عينه » خخافوا خحوفا 
شديداً » وتفرق عنهم من كان معهم من العرب ٠‏ وانتبى رسول الله عي إلى المريسيع - بالضم 
فالفتح مصغرا » اسم لماء من مياههم في ناحية قديد إلى الساحل فتهبيووا للقتال » وصف 
رسول الله عَم أصحابه » وراية المهاجرين مع أبي بكر الصديق » وراية الأنصار مع سعد بن 
عبادة » فتراموا بالنبل ساعة » ثم أمر رسول الله عَيلُهِ فحملوا حملة رجل واحد » فكانت 
النصرة . وانهزم المشركون » وقتل من قتل » وسبى رسول الله عه الننساء والذراري والنعم 
والشاء » ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد » قتله رجل من الأنصار ظناً منه أنه من العدو . 

كذا قال أهل المغازي والسير » قال ابن القهم : وهو وهم ١‏ فإنه لم يكن بينهم قتال » وإنها 
أغار علهم على الماء فسيى ذراريهم وأموالهم كا في الصحيح : أغار رسول الله عله على بني 
المصطلق وهم غارون » وذكر الحديث”" انتهى . 

وكان من جملة السبي جويرية بنت الحارث سيد القوم » وقعت في سهم ثابت بن قيس 
فكاتبها » فأدى عنها رسول الله عه وتزوجها , فأعتق المسلمون بسبب هذا التزويج مائة أهل 
بيت من بني المصطلق قد أسلموا » وقالوا : أصهار رسول الله عَيلُك0" . 

وأما الوقائع التي حدثت في هذه الغزوة ؛ فلأجل أن مبعثها كان هو رأس النفاق عبد الله بن 
أني وأصحابه ؛ نرى أن نورد أولاً شيئاً من أفعالهم في المجتمع الاسلامي . 
دور المنافقين قبل غزوة بني المصطلق: 
ليرا اسدكلى أ عاد جم طق تلاز اندر اج اق 
رسول الله عه حنقاً شديداً . لأن الأوس والخزرج كانوا قد اتفقوا على سيادته » وكانوا ينظمون 
له الخرز ؛ ليتوجوه إذ دحل فيهم الإسلام » فصرفهم عن ابن أني كان يرى أن رسول الله علا 
حو الذي أجل مجه 


(1) وانظر صحيح البخاري كتاب العتق 740/١‏ , وانظر أيضاً فتح الباري 41/9 . 
)2( رك الحا مالا نهارن هنا ان تي دجون ا 4 


1 


وقد ظهر حنقه هذا وتحرقه منذ بداية المحجرة قبل أن يتظاهر بالاسلام » وبعد "أن تظاهر به . 
ركب رسول الله عَيته مرة على حمار ؛ ليعود سعد بن عبادة » فمر بمجلس فيه عبد الله بن أبي , 
فتكهر انة أى: أنقه وقال :اللا فيرو علها نولا كل رسول أت 2 هل :لخدن القران #واقال: 
اجلس في بيتك » ولا تغشنا في مجلسنا”" . 

وهذا قبل أن يتظاهر ا تظاهر به بعد بدر » لم يزل إلا عدوا لله ولرسمولة 
وللمؤمنين » ولم يكن يفكر إلا في تشتيت المجتمع الإسلامي » وتوهين كلمة الإسلام » وكان 
يوالي أعداءه » وقد تدخل في أمر , ني قينقاع ب ذكرنا » وكذلك تر 
والغدر والتفريق بين المسلمين » وإثارة الارتباك والفوضى في صفوفهم بما مضى 

وكان من شدة مكر هذا المنافق وخداعه بالموّمنين » أنه كان بعد التظاهر بالاسلام » يقوم 
كل جمعة حين يجلس رسول الله َيه للخطبة » فيقول : هذا رسول الله عه بين أظهركم » 
لمح سي اي ور ان قوم 
رسول الله عله وبخطب . وكان من وقاحة هذا المنافق أنه قام في يوم الجمعة التي بعد أحد مع 
ما ارتكبه من الشر والغدر الشنيع - قام ليقول ما كان يقوله من قبل » فأخذ المسلمون بثيابه من 
نواحيه » وقالوا له : اجلس أي عدو الله » لست لذلك باهل » وقد صنعت ما صنعت » فخرج 
يتخطى رقاب الناس وهو يقول : والله لكأنما قلت بجرا أن قمت أشدد أمره » فلقيه رجل من 
الأنصار بباب المسجد فقال : ويلك » ارجع يستغفر لك رسول الله عله » قال : والله ما أبتغي 
أن يستغفر لي( . 

وكانت له اتصالات ببني النضير يؤامر معهم ضد المسلمين » حتى قال لهم : لثن أخرجتم 
لنخرجن معكم » ولئن قوتلم لننصرنكم . 

وكذلك فعل هو وأصحابه في غزوة الأحزاب من : إثارة ل 
الله في قلوب الموْمنين ما قد قص الله تعاللى في سورة الأحزاب « وَإِديعولَ الْمسقُونَ وَالَدِيَ . 


وو ل لس سس سم وعديو 


فشي ا اا ووه :ا عورا » إلى قوله 0 سيون الاب عير 1 


. 9/79 امه . صحيح البخاري 9714/7 » وصحيح مسلم‎ . 584/١ ابن هشام‎ )١( 
. ٠١8/5 ابن هشام‎ )6( 


1 1 


أ تاحاب يووا لوهم ,ادوس ف اراب سحلو عن ناي وز حاثوأفِم 
مَاقَكُوأ لا قليلا» . 
00٠‏ بيد أن جميع أعداء الاسلام من اليهود والمنافقين والمشركين كانوا يعرفون جيدأً أن سبب غلبة 
الإسلام ليس هو التفوق المادي , وكثرة السلاح والجيوش والعدد ؛ ونا السبب هي القيم 
والأخلاق والمثل التي يتمتع بها امجتمع الإسلامي » وكل من يمت بصلة إلى هذا الدين » وكانوا 
يعرفون أن منبع هذا الفيض إنما هو رسول الله يله . الذي هو المشل الأعلى ‏ إلى حد 
الأعجاز - لمذه القيم . 

كا عرفوا بعد إدارة دفة الحروب طيلة خمس سنين » أن القضاء على هذا الدين وأهله لا يمكن 
بطريق استخدام السلاحء فقرروا أن يشنوا حربا دعائية واسعة ضد هذا الدين من ناحية 
الأخلاق والتقاليد » وأن يجعلوا شخصية الرسول أول هدف هذه الدعاية . ولا كان المنافقون هم 
الطابور الخامس في صفوف المسلمين » ولكونهم سكان المدينة » كان يمكن لهم الاتصال 
بالمسلمين واستفزاز مشاعرهم كل حين . تحمل فريضة الدعاية هؤلاء المنافقون » وعلى رأسهم ابن 
إلي . 

وقد ظهرت خطتهم هذه جلية بعد غزوة الأحزاب , حينا تزوج رسول الله عي بأم 
المؤمنين زينب بنت جحش » بعد أن طلقها زيد بن حارثة » كان من تقاليد العرب أنهم كانوا 
يعتبرون المتبنى مثل الابن الصلبي » فكانوا يعتقدون حرمة حليلة المتبنى على الرجل الذي تبناه , 
فلما تزوج النبي عَيكُّهُ بزينب وجد المنافقون ثلمتين ‏ حسب زعمهم - لإثارة المشاغب ضد 
البي عه . 
٠‏ الأولى : أن زوجته هذه كانت زوجة خامسة ؛ والقران م يكن أذن في زواج ج بأكثر من 
أربع نسوة » فكيف صح له هذا الزواج ؟ 

الثانية :أن زينب كانت زوجة ابنه - متبناه - فالزواج بها من أكبر الكبائر » حسب تقاليد 
العرب - وأكثروا من الدعاية في هذا السبيل » واختلقوا قصصاً وأساطير , قالوا : إن محمدا راها 
موا ميته يو الي مووي اك ا 
نشروا هذه الدعاية امختلقة كرا فيك بقيت اثاره في كتب التفسير والحديث إلى هذا الزمان » وقد 


ات 


أثرت تلك الدعاية أثرأ قويأ في صفوف الضعفاء حتى نزل القران بالايات البينات » فيبا شفاء لما 
ل الستور يشيع عر سبعة لجر قله الدعاية أن الله استفتح سورة الأحرات بقوله : «يكأما 


ع سر 2« صر 


التق للهلا تلع | كَعرنَ فقن كانه كار عَليعً مما 4# 0: .)١‏ 
وهذه إشارات عابرة » وصورة مصغرة ثما اقترفه المنافقون قبل غزوة بني المصطلق . وكان 
النبي َو يكابد كل ذلك بالصبر واللين والتلطف . وكان عامة المسلمين يحترزون عن شرهم . 
لاسر روه بافتضاحهم مرة بعد أخرى » حسب قوله تعالى : 
مع 7 +2 2 لوم 1 سم 22 2س هيه 00 تكرام 
كاين انك ينتيرب ف حكل عار كَوََأر مَرَرن 2 لابثوؤب ولاش 


يَرَكَرُورت 4# (1117:9). 


دور المنافقين قَّ غزوة بنى المصطلق: 

7 كانت نت غزوة بني بي المصطلق » وخر اخ فا اللافقرت مكار قرده 0 (لوَحَرجايية 
ا آذه | صا لكر 0 ا ل و-ه 6 
بالشر فأثاروا الاو تباك الشديد في صفوف 0 لاه الشنيعة ضد ابي قر ؛ وهاك 


بعض التفصيل عنبها . 
.١‏ قول المنافقين: < لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل »4 


كان رسول الله عه بعد الفراغ من الغزو مقا على المريسيع » ووردت واردة الناس » ومع 
فاقلا » فصرخ الجهني : يا معشير الأنصار . وصرخ جهجاه : يا معشر المهاجرين . فقال 
رسول الله عي : أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟ دعوها فإنها منتنة . وبلغ ذلك عبد الله بن 
أي بن سلول فغضب - وعنده رهط من قومه » فيهم زيد , بن أرقم غلام حدث - وقال : أو قد 
فعلوها » قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا » والله ما نحن وهم إلا كا قال الأول : سمن كلبك يأكلك » 
أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . ثم أقبل على من حضره فقال لحم : هذا 


كك 


ما فعلتم بأنفسكم » أحللتموهم بلادك » وقاسمتموهم أموالكم » أما والله لو أمسكتم عنهم 
ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دارم . 

فأخبر زيد بن أرقم عمه بالخبر » فأخبر عمه رسول الله َيه وعنده عمر , فقال عمر : مر 
عباد بن بشر فليقتله . فقال : فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ؟ لا » 
ولكن أذن بالرحيل . وذلك في ساعة لم يكن يرتحل فيها » فارتحل الناس » فلقيه أسيد بن حضير 
فحياه » وقال : لقد رحت في ساعة منكرة ؟ فقال له : أو ما بلغك ما قال صاحبكم ؟ يريد ابن 
أبي » فقال : وما قال ؟ قال : زعم أنه إن رجع إلى المديعة ليخرجن الأعز منها الأذل » قال : 
فأنت يا رسول الله . ترجه منها إن شعت » هو والله الذليل وأنت العزيز » ثم قال : يا رسول الله » 
ارفق به » فوالله لقد جاءنا الله بك » وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ٠‏ فإنه يرى أنك استلبته 
ملكا . 

ثم مشى بالناس يومهم ذلك حتى أمسى , وليلتهم حتى أصبح , وصدر يومهم ذلك حتى 
آذتهم الشمس » ثم نزل بالناس » فلم يليثوا أن وجدوا مس الأرض » فوقعوا نيام . فعل ذلك:؛ 
ليشغل الناس عن الحديث . 

أما ابن أبي فلما علم. أن زيد بن أرقم بلغ الخبر جاء إلى رسول الله عله » وحلف بالله 
ما قلت ما قال » ولا تكلمت به , وقال من حضر من الأنصار : يا رسول الله » عسى أن يكون 
الغلام قد أوهم في حديثه , ول يحفظ ما قال الرجل » »؛ فصدقه » قال زيد : فأصابني هم لم يصبني 
مثله قط » فجلست في بيتي » فأنزل الله © إِوَاآ مقو 4 إلى قوله <( ا 
اف هوا ع[ م من هد رشول امه حل يسو إل «سشريكي اليه لل : 
فأرسل إليّ رسول الله عله فقرأها علَّ » ثم قال : إن الله قد صدقك227 . 

وكان ابن هذا المنافق ‏ وهو عبد الله بن عبد الله بن أبي ‏ رجلاً صالحاً من الصحابة 
الأخيار » فتبرأ من أبيه » ووقف له على باب المدينة » واستل سيفه » فلما جاء ابن أي قال له : 
والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله عه » فإنه العزيز وأنت الذليل » فلما جاء 


(1) انظر صحيح البخاري ١ 4949/١‏ 717/1 72لا 9ال/اء وابن هشام 0179-7 191721941 . 


ىك 


النبي عَيه أذن له » فخلى سبيله » وكان قد قال عبد الله بن عبد الله بن أبي : يا رسول الله إن 
أردت قتله فمرني بذلك » فاأنا واللّه أحمل إليك رأسه20 . 


1 8 حديت الافك: 


وني هذه الغزوة كانت قصة الافك » وملخصها أن عائشة رضي الله عنها كانت قد خرج بها 
رسول الله َيه معه في هذه الغزوة بقرعة أصابتها » وكانت تلك عادته مع نسائه » فلما رجعوا 
من الغزوة نزلوا في بعض المنازل » فخرجت عائشة لحاجتها » ففقدت عقدا لأختها كانت أعارتها 
إياه ؛ فرجعت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه في وقتها » فجاء النفر الذين كانوا يرخلون 
هودجها فظنوها فيه فحملوا ال هودج , ولا ينكرون خفته ؛ لأمها رضي الله عنها كانت فتية السن لم 
يغشها اللحم الذي كان يثقلها » وأيضاً فإن النفر لما تساعدوا على حمل الحودج لم ينكروا خفته » 
ولو كان الذي حمله واحدا أو اثنين لم يخف عليهما الحال » فرجعت عائشة إلى منازنهم » وقد 
أصابت العقد . فإذا ليس به داع ولا يجيب » فقعدت في المنزل » وظنت أمهم سيفقدونها 
فيرجعون في طلبها , واللّه غالب على أمره » يدبر الأمر فوق عرشه كا يشاءء فغلبتها عيناها , 
فنامت . فلم تستيقظ إلا بقول صفوان بن المعطل : إنا لله وإنا إليه راجعون » زوجة 
رسول الله مه ؟ - وكان صفوان قد عرس في أخريات الحيشٍ لأنه كان كثير النوم » فلما راها 
عرفها , وكان يراها قبل نزول الحجاب . فاسترجع وأناخ راحلته » فقربها إليها » فركبتها , 
وما كلمها كلمة واحدة » ولم تسمع منه إلا استرجاعه , ثم سار بها يقودها » حتى قدم بها » وقد 
نزل الجيش في حر الظهيرة » فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته » وما يليق به » 
ووجد الخبيث عدو الله ابن ألي متنفسا » فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه ‏ 
فجعل يستحكي الإفك » ويستوشيه » ويشيعه » ويذيعه » ويجمعه , ويفرقه » وكان أصحابه 
يتقربون به إليه » فلما قدموا المدينة أفاض أهل الافك في الحديث » ورسول الله عليه ساكت 
لا يتكلم , ثم استشار أصحابه ‏ لما استلبث الوحي طويلاً ‏ في فراقها » فأشار عليه على رضي 
الله عنه أن يفارقها , ويأخذ غيرها , تلويحاً لا تصريحاً » وأشار عليه أسامة وغيره بإمساكها ء وأن 
لا يلتفت إلى كلام الأعداء . فقام على المنبر يستعذ من عبد الله بن ألي » فأظهر أسيد بن حضير 





. نفس المصدر الأخير . ومختصر السيرة للشيخ عبد الله النبجدي ص577‎ )١( 
7 


سيد الأوس رغبته في قتله » فأخذت سعد بن عبادة ‏ سيد الخزرج وهي قبيلة ابن أي - الحمية 
القبلية » فجرى بينهما كلام تثاور له الحيان » فخفضهم رسول الله ع حتى سكتوا وسكت . 

أما عائشة ؛ فما رجعت مرضت شهراً » وهي لا تعلم عن حديث الافك شيئاً » سوى أنها 
كانت لا تعرف من رسول الله عه اللطف الذي كانت تعرفه حين تشتكي #قلمتا قهبت 
خرجت مع أم مسطح إلى البراز ليلا » ٠‏ فعئرت أم مسطح في مرطها ء فدعت على ابنها » 
فاستنكرت ذلك عائشة منها » فأخيرتها الخبر » فرجعت عائشة واستأذنت رسول الله عَللكع ؛ 
لتأتي أبومها وتستيقن الخير ‏ ثم أتتبما بعد الإذن حتى عرفت جلية الأمر » فجعلت تبكي »؛ فبكت 
ليلتين ويوما » لم تكن تكتحل بنوم » ولا يرقا لها دمع » حتى ظنت أن البكاء فاتق كبدها » وجاء 
رسول الله عَيلهُ في ذلك » فتشهد وقال : أما بعد يا عائشة ‏ فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا » فإن 
كنت بريئة فسيبرئك الله » وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوني إليه » فإن العبد إذا 
اعترف بذنبه » ثم تاب إلى الله تاب الله عليه . 

وحينئذ قلص دمعها » وقالت لكل من أبويها أن يجيبا » فلم يدريا ما يقولان » فقالت : والله 
لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم » وصدقتم به » فلن قلت لكم : إني 
بريكة - واللّه يعلم أني بريئة - لا تصدقوني بذلك » ولثن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم إني منه 
بريكة - لتصدقي والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف . قال :(قصير ميل وآللَهُ 
لْمسَسَعَانْ عل مَاتصِفُونَ # . 

م تحولت واضطجعت » ونزل الوحي ساعته » فسُرّي عن رسول الله عه وهو يضحك » 
فكانت أول كلمة تكلم بها : يا عائشة ء أما الله فقد برأك » فقالت ها أمها : قومي إليه .. 
فقالت عائشة ‏ إدلالاً ببراءة ساحتها » وثقة بمحبة رسول الله مَك : والله لا أقوم إليه » 
ولا أحمد إلا الله . ظ 

والذي أنزله الله بشأن الافك هوقوله تعالى : «إِنَالَننَجَآمويالافك ء ةك ٠‏ الععشر 
الآيات . 

009 ز[ز[1 [[ذ [ ز[ |[ 1[ [ 1 1 1 22*11 
ثانين » ول يحد الخبيث عبد الله بن أي مع أنه رأس أهل الإفك » والذي تولى كبره » إما لآن 


- 7577 


الحدود تحفيف لأهلها » وقد وعده الله بالعذاب العظم في الآخرة » وإما للمصلحة التي ترك 
لأجلها قبله(') . 

وهكذا وبعد شبر أقشعت سحابة الشك والارتياب والقلق والاضطراب عن جو المدينة ) 
وافتضح رأس النافقين افتضاحاً لم يستطع أن يرفع رأسه بعد ذلك » قال ابن إسحاق : وجعل 
بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه . فقال 
رسول الله مله لعمر : كيف ترى يا عمر ؟ أما والله لو قئلته يوم قلت لي اقتله لأرعدت له 
3و ع ١‏ ءٍِ ٠١‏ ملانئد © 
نف » ولو أمرتها اليوم بقتله لقتلته . قال عمر : قد والله علمت لأمر رسول الله عه أعظم بركة 
من أمري'" . 


(1) صحيح البخاري 5514/١‏ 37957/50 637917 5948ء زاد المعاد 1١4 1١1/7‏ غ ١١5‏ وابن هشام 
؟ ا إلى 3١07‏ . 
(؟) ابن هشام 797/7 . 


يريو 


البعوث والسرايا بعد غزوة المريسيع 


. سرية عبد الرحمن بن عوف إلى ديار بني كلب بدومة الجندل » في شعبان سنة "ه‎ - ١ 
: أقعده رسول الله عَيُْ بين يديه : وعممه بيده » وأوصاه بأحسن الأمور في الحرب » وقال له‎ 
» إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم  » فمكث عبد الرحمن بن عوف ثلاثة أيام يدعوهم إلى الاسلام‎ 
فأسلم القوم وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ , وهي أم أي سلمة » وكان أبوها رأسهم‎ 
. وملكهم‎ 

موص بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك , في شعبان سنة <ه . وذلك أنه 
بلغ رسول الله أن بها جمعا يريدون أن يمدوا اليهود » فبعث إليها علياً في مائتي رجل » وكان يسير 
الليل ويكمن النهار » فأصاب عيناً لهم , فأقر أمهم بعثوه إلى خيبر يعرضون عليهم نصرتهم على أن 
يجعلوا لهم تمر خيبر » ودل العين على موضع تجمع بني سعد . فأغار عليهم على . فأخذ خمسمائة 
بعير وألفي شاة » وهربت بنو سعد بالظعن . وكان رئيسهم وبر بن عليم . 

©" - سرية أي بكر الصديق أو زيد بن حارثة إلى وادي القرى » في رمضان سنة 5ه . 

كان بطن فزارة يريد اغتيال النبي عَيّهِ » فبعث رسول الله ع أبا بكر الصديق قال ضلعة ين 
الأكوع : ونترجت معه » حتى إذا صلينا الصبح أمرنا فشننا الغارة » فوردنا الماء » فقتل أبو بكر 
من قتل » ورأيت طائفة وفيهم الذراري » فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فأدركتهم » ورميت 
بسهم بينهم وبين الحبل » فلما رأوا السهم وقفوا ٠‏ فيهم امرأة هي أم قرفة عليها قشع من أديم , معها 
. ابنتها من أحسن العرب , فجكت بهم أسوقهم إلى أي بكر . فنفلني ابو بكر ابنتها » فلم أكشف 
ها ثوبأء وقد سأله رسول الله مه بنت أم قرفة » فبعث با إلى مكة » وفدي بها أسرى من 


2172 


المسلمين هناك(" . 
لذلك » فلاقت جزاءها وقتل الثلائون . 

- سرية كرز بن جابر الفهري”" إلى العرنيين » في شوال سنة *ه وذلك أن رهطأ من 
عكل وعرينة أظهروا الإسلام » وأقاموا بالمدينة فاستوخموها » فبعثهم رسول الله عه في ذود في 
رع أء يديا أبانا ألا : للها سوط ور برل له 2 ا 
ع سودي اليو أن ا ب 
ا ل 
الحرة 0 وحديتهم فْ 5-5 عن يا 
ل ب كم أ ذهب ا 1 ل أبا سفيان كان أرسل أعرايياً 
لاغتيال النبي َيه , بيد أن المبعوثين لم ينجحا في الاغتيال , لا هذا , ولا ذاك » ويذكرون أن 
عمراً قتل في الطريق ثلاثة رجال » ويقولون إن عمرا أخذ جثة الشبيد خبيب في هذا السفر » 
والمعروف أن خبيبا استشهد بعد الرجيع بأيام أو أشهر . ووقعة الرجيع كانت في صفر سنة 4ه » 
فلا أدري هل اختلط السفران على أهل السير » أو كان الأمران في سفر واحد في السنة الرابعة » 
وقد أنكر العلامة المنصور فوري أن تكون هذه السرية سرية حرب أو مناوشة . واللّه أعلم . 

هذه هي السرايا والغزوات بعد الأحزاب » وبني قريظة » لم يحر في واحدة منها قتال مرير » 
وإنما وقعت فها وقعت مستاقفة حفيفة : فليسية هته البعوث الا دوريات العطلاعية + أو 
تحركات تأديبية ؛ لارهاب الأعراب والأعداء الذين لم يستكينوا بعد . ويظهر بعد التأمل في 
الظروف أن حرى الأيام كان قد أخذ في التطور بعد غزوة الأحزاب » وأن أعداء الإسلام كانت 


. انظر صحيح مسلم 84/7 ويقال : إن هذه السرية كانت سنة سبع‎ )١( 

29 هذا هو الذي كان قد أغار على سرح المدينة قبل بدر في غزوة سفوان ثم أسلم وقتل شهيداً يوم فتح مكة . 
(5) زاد المعاد ١77/9‏ . 

63 صحيح البخاري 5 . 


77376 


معنوياتهم في انهيار متواصل » ولم يكن بقي لهم أمل في نجاح كسر الدعوة الإسلامية وخضد 
شوكتها.» إلا أن هذا التطور ظهر جلياً بصلح الحديبية » فلم تكن الهدنة إلا الاعتراف بقوة 
الإسلام » واتتسجيل على بقائها في ربوع الحزيرة العربية . 


- 71- 


وقعة الحدييبية 
6 ذي المعدة سنة "١‏ هم) 

سبب عمرة الحديبية: 

ولما تعدم التطور ف الدزيرة العربية إلى حول كبر 0 ام 0 أخحذت طلائع الفتح 
الأعظم ونجا حم الدعوة الاسلامية بدو شيعأ فشيكا 6 وبدأت المقهيدات لإقرار حق المسلمين ف 
أداء عبادتهم في المسجد الحرام » الذي كان قد صد عنه المشركون منذ ستة أعوام . 

ار رسول الله مله ف النام وهو بالدينة» أنه وغل هو وأسجاية سيد اراز وأغيذ 
مفتاح الكعبة , وطافوا واعتمروا » وحلق بعضهم وقصر بعضهم » فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا . 
وحسبوا أ: نهم داخلو مكة عامهم ذلك . وأخبر أصحابه أنه معتمر فتجهزوا للسفر . 


استنقار المسلمين: 

واستنفر العرب ومن حوله من البوادي ليخرجوا معه , فأبطأ كثير من الأعراب » وغسل 
ثيابه » وركب ناقته القصواء . واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم أو نميلة الليثي » وخرج منها يوم 
الإثنين غرة ذي القعدة سنة 5ه ء ومعه زوجته أم سلمة » في ألف وأربعمائة » ويقال ألف 


المسلمون يتحركون إلى مكة: 
وتحرك ني اتجاه مكة , فلما كان بذي الحليفة قلد اهدي وأشعره » وأحرم بالعمرة » ليأمن 
الناس من حربه » وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخيره عن قريش » حتى إذا كان قريباً من 
عسفان أتاه عينه » فقال : إفي تركت كعب بن لوؤي قد جمعوا لك الأحابيش » وجمعوا لك 
جموعا وهم مقاتلوك . وصادوك عن البيت . واستشار النبي َك أصحابه وقال : « أترون نميل 
-3737” ل 


إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم ؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين » وإن نجوا يكن 
عنق قطعها الله » أم تريدون أن نوم هذا البيت فمن صدنا عنه قاتلناه » ؟ فقال أبو بكر : الله 
ورسوله أعلم » إِنما جعنا معتمرين » لم نجىء لقتال أحد » ولكن من حال بيننا وبين البيت 
قاتلناه » فقال النبي عَيهُ : « فزوحوا » فراحوا » . 


محاولة قريش صد المسلمين عن البيت: 

[ وكانت قريش لما سمعت روج النبي مه عقدت مجلساً استشارياً » قررت فيه صد 
امسلمين عن البيت كيفما يمكن ؛ فبعد أن أعرض رسول الله عله عن الأحاييش » نقل إليه 
رجل من بني كعب أن قريشأ نازلة بذي طوى » وأن مائتي فارس في قيادة خالد ؛ بن الوليد مرابطة 
بكراح الغميم » في الطريق الرئيسي الذي يوصل إلى مكة . وقد حاول خالد صد المسلمين » فقام 
بفرسانه إزاءهم يترااى الجيشان » ورأى خالد المسلمين في صلاة الظهر يركعون ويسجدون 
فقال : لقد كانوا على غرة » لو كنا حملنا عليهم لأصبنا منبم » ثم قرر أن يميل على المسلمين 
وهم في صلاة العصر ‏ ميلة واحدة » ولكن الله أنزل حكم صلاة الخوف » ففاتت الفرصة 
خالدا . 


59 الطريق 0 الاحتناب عن اللقاء الدامي: 


برو كج وو برااي ا اوأر 0 
يفضي إلى الحرم مارأ بالتنعيم » تركه إلى اليسار » فلما رأى خالد قترة الجيش الإسلامي قد خالفوا 
عن طريقه انطلق يركض نذيرا لقريش ظ 

وسار رسول الله عه . حتى إذا كان بثنية المرار بركت راحلته » فقال الناس : حل حل ». 
فأ لحت » فقالوا : خلأت القصواء » خلأت القصواء » فقال النبي عَيهِ : ٠‏ ما خلأت القصواء 
وما ذاك ها مخلق » ولكن حبسها حابس الفيل » , ثم قال : ؛ والذي نفسي بيده لا يسألوني خحطة 
يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها » » ثم زجرها فوثبت به » فعدل حتى نزل بأقصى 


 ”*”*82- 


الحديبية » على تمد(" قليل الماء ‏ نما يتبرضه”" الناس تبرضا , فلم يلبث أن نزحوه » فشكوا إلى 
رسول الله عَم العطش » فانتزع سهماً من كنانته , ثم أمرهم أن يجعلوه فيه » فوالله ما ايقن 
هم بالري حتى صدروا . 


بديل يتوسط بين رسول الله يَئْةٍ - وقريش: 

وما اطمآن رسول الله عي جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة » وكانت خزاعة 
عيبة0© نصح لرسول الله عَييه من أهل تهامة , فقال : إني تركت كعب بن لوّي » نزلوا أعداد 
مياه الحديبية » معهم العوذ المطافيل29. وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . قال 
رسول الله عيلل : «إنا لم نجىء لقتال أحد » ولكن جئنا معتمرين » وإن قريشاً قد أنبكتهم 
الحرب وأضرت بهم » فإن شاءوا ماددء هم » ويخلوا بيني وبين الناس » وإن شاعوا أن يدخلوا فيا 
دخل فيه الناس فعلوا » وإلا فقد جموا ء وإن أبوا إلا القتال فوالذدي فد ةلالا ضر 
أمري هذا حتى تنفرد سالفتي » أو لينفذن الله أمره . 

قال بديل : سأبلغهم ما تقول » فانطلق حتى أنى قريشاً : إفي قد جئتكم من عند هذا 
الرجل , ومعته يقول قولاً » فإن شكتم عرضته عليكم . فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا أن تحدثنا 
عنه بشيء . وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته . قال : “ممعته يقول كذا وكذاء فبعثت قريش 
مكرز بن حفص . فلما راه رسول الله عه قال : هذا رجل غادر » فلما جاء وتكلم قال له مثل 
ما قال لبديل وأصحابه » فرجع إلى قريش وأخيرهم . 


رسل قريش: 

م قال رجل من كنانة ‏ اسمه الحليس بن علقمة - : دعوني اته . فقالوا : آنه . فلما 
أشرف على النبي عه وأصحابه قال رسول الله ْلَه هذا فلان » وهو من قوم يعظمون البدن , 
فابعثوها » فبعثوها له , واستقبله القوم يلبون » فلما رأى ذلك . قال : سبحان الله ما ينبغي و لاء 





. ممد: حوض‎ )١( 

(5) يتيرض : يأخذ منه القليل . 

(9) عيبة نصح الرجل : موضع سره . 

(4) استعار العوذ المطافيل للنساء مع أولادهن ؛ والعوذ : الإبل حديثة النتاج » والمطافيل : التي معها أولادها . 
> 


أن. يصدوا عن البيت » فرجع إلى أصحابه فقال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ٠‏ وما أرى أن 
يصدوا » وجرى بينه وبين قريش كلام أحفظه . ظ 

فقال عروة بن مسعود الثقفي : إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها » ودعوني اته 
فقالوا : انه » فاتاه » فجعل يكلمه » فقال له النبي عَي نحوا من قوله لبديل » فقال له عروة عند 
ذلك : أي محمد , أرأيت لو استأصلت قومك . هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله 
قبلك » وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها . وأرى أوباشاً من الناس خخلقاً أن يفروا 
ويدعوك » فقال له أبو بكر : امصص بظر اللات » أنحن نفر عنه » ؟ قال : من ذا ؟ قالوا : أبو 
بكرء قال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت عندي لم أجزك بها لأجبتك . وجعل يكلم 
النبي عَييهِ » وكلما كلمه أخذ بلحيته » والمغيرة بن شعبة عند رأس النبي عَيَه ومعه السيف 
وعليه المغفر » فكلما أهوى عروة إلى لحية النبي عَكُهُ ضرب يده بنعل السيف » وقال : أخر 
يدك عن لحية رسول الله عه » فرفع عروة رأسه وقال : من ذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة » فقال : 
أي غدر » أو لست أسعى في غدرتك ؟ وكان المغيرة صحب قرماً في الجاهلية فقتلهم » وأخذ 
أموالهم » ثم جاء فأسلم ٠‏ فقال النبي عَيَيْتهِ : أما الإسلام فأقبل , وأما المال فلست منه في شيء 
( وكان المغيرة ابن أخي عروة ) . 

ثم إن عروة جعل يمرق أصحاب رسيل الله مُه وعلاقتهم به » فرجع إلى أصحابه » فقال : 
أي قوم والله لقد وفدت على الملوك » على قيصر وكسرى والنجاشي ‏ والله ما رأيت ملكأ يعظمه 
أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا » والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم . 
فدلك بها وجهه وجلده » وإذا أمرهم ابتدروا أمره » وإذا توضا كادوا يقتتلون على وضرئه » وإذا 
تكلم خفضوا أصواتهم عنده » وما يحدون إليه النظر تعظهأ له » وقد عرض عليكم خطة رشد 
فاقبلوها . ظ ظ 
هو الذي كف أيديهم عنكم: 

وما رأى شباب قريش الطائشون » الطامحون إلى الحرب » رغبة زعمائهم في الصلح , فكروا 
في خخطة تحول بينهم وبين الصلح » فقرروا أن يخرجوا ليلا ويتسللوا إلى معسكر المسلمين » ويحدثوا 
أحداثاً تشعل نار الحرب » وفعلاً قد قاموا بتنفيذ هذا القرار » فقد خرج سبعون أو ثمانون منهم 


552 


ليلا فهبطوا من جبل التنعيم » وحاولوا التسلل إلى معسكر المسلمين ؛ غير أن محمد بن مسلمة قائد 
الحرس اعتقلهم جميعا. ورغبة في الصلح أطلق سراحهم 1 
لله « وَهوارَى كف ديهم عدخ يديك عنم ل م أ عد بعْدِ أن أَظفرَكُم عَليهِمٌ 


.)55:54( 


عثمان بن عفان سفيرا إلى قريش: 

وحينئذ أراد رسول الله عَيَيِّهُ أن يبعث سفيراً يؤكد لدى قريش موقفه وهدفه من هذا 
السفر » فدعا عمر , بن الخطاب لرسله إلييم » فاعتذر قائلا : يا رسول الله ليس لي بمكة أحد من 
بني كعب يغضب لي إن أوذيت » فأرسل عان بن عفان , فإن عشيرته بها » وإنه مبلغ 
ما أردت » فدعاه » وأرسله إلى قريش » وقال : أخبرهم أنا لم نأت لقتال » وإِغا جثنا عماراً , 
وادعهم إلى الإسلام . وأمره أن يأني رجالا بمكة مؤمنين » ونساء مؤمنات » فيبشرهم بالفتح , 
ويخبرهم أن الله عز وجل مظهر دينه بمكة » حتى لا يستخفي فيها أحد بالإيمان . 

فانطلق عهان حتى مر على قريش ببلدح » فقالوا : أين تريد ؟ فقال : بعئني رسول الله عَإفل 
كذا وكذا , قالوا : قد سمعنا ما تقول . فانفذ لحاجتك » وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص » 
فرحب به ثم أسرج فرسه » فحمل عؤان على الفرس » وأجاره وأردفه حتى جاء مكة » ويلغ الرسالة 
إلى زعماء قريش . فلما فرغ عرضوا عليه أن يطوف بالبيت » لكنه رفض هذا العرض » وأنى أن 
يطوف حتى يطوف رسول الله عي . 


إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان: 

واحتبسته قريش عندها - ولعلهم أرادوا أن يتشاوروا فيا بينهم في الوضع الراهن » وييرموا 
أمرهم » ثم يردوا عنهان بجواب ما جاء به من الرسالة ‏ وطال الاحتباس » فشاع بين المسلمين أن 
عئان قتل » فقال رسول الله عَهيكِ لما بلغته تلك الاشاعة : لا نبرح حتى نناجز القوم » ثم دعا 
أصحابه إلى البيعة » فثاروا إليه يبايعونه على أن لا يفروا » وبايعته جماعة على الموت » وأول من 
بايعه أبو سنان الأسدي . وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرات , في أول الناس 
ووسطهم واخرهم . وأخذ رسول الله ميته بيد نفسه وقال : هذه عن عثان » ولما تت البيعة جاء 


7551 


عثهان فبايعه » ولم يتخلف عن هذه البيعة إلا رجل من المنافقين يقال له جد بن قيس . 

أخذ رسول الله يه هذه البيعة تحت شجرة » وكان عمر آخذا بيده » ومعقل بن يسار 
اخذا بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله عه » وهذه هي بيعة الرضوان التي أنزل الله فيها 
(لتذرضص مدع الشؤي ويب ؤي بولك ليرد الآية (54 : )١18‏ . 


إبرام الصلح وبنوده: 

وعرفت قريش حراجة الموقف » فأسرعت إلى بعث سهيل بن عمرو لعقد الصلح » وأكدت 
له أن لا يكون في الصلح إلا أن يرجع عنا عامه هذا » لا تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا 
عنوة أبدأ . فأتاه سبيل بن عمرو » فلما رآه عليه السلام قال : قد سهل لكم أمرم » أراد القوم 
الصلح حين بعثوا هذا الرجل » فجاء سهيل فتكلم طويلاً » * م اتفقا على قواعد الصلح وهي 
هذه : ظ 

ب التعرل - ل - يرجع من عامه » فلا يدخل مكة وإذا كان العام القابل دخلها 
المسلمون فأقاموا بها ثلاثا » معهم سلاح الراكب » السيوف في القرب ٠‏ ولا تتعرض قريش لهم 
بأي نوع من أنواع التعرض . 

. وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين » يأمن فيها الناس » ويكف بعضهم عن بعض‎ - ١ 

؟ - من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دل فيه » ومن أحب أن يدخل في عقد 
قريش وعهدهم دخل فيه » وتعتير القبيلة التي ت. تضم إلى أي الفريقين جز من ذلك الفريق » فأي 
عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق . 

3 انين أل سانا عن ريق من تين إذة وليه أيه عازيا نيم سزردة غأمر )ون جا 
قريشاً ممن مع محمد أي هارباً منه ‏ ل يرد عليه . ظ 

لع يو و ا سواه اب اي ل 7 
بو عا ساو : لو نعلم أنلك رسول الله ما صددناك عن 
ابيع (لالكداك: ولكن كني اعد برو فيد فال : إني رسول الله وإن كذبتموني ‏ 


722 78ت 


وأمر علياً أن يكتب محمد بن عبد الله » ويمحو لفظ رسول الله » فأبى على أن يمحو هذا اللفظ ‏ 
فمحاه عََهُ بيده » ثم تمت كتابة الصحيفة ء ولما تم الصلح دخلت خزاعة ني عهد 
رسول الله عه - وكانوا حليف بني هاشم منذ عهد عبد المطلب 5 قدمنا في أوائل المقالة » 
فكان دخوهم في هذا العهد ؛ تأكيداً لذلك الحلف القديم - ودخلت بنو بكر في عهد قريش . 


رد أبي جندل: 

وبينا الكتاب يكتب إذ جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده » قد خرج من أسفل مكة 
حتى رمى بنفسه بين ظهور المسلمين » فقال سبيل : هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده . 
فقال النبي عَُهُ : إنا لم نقض الكتاب بعد . فقال : فوالله إذاً لا أقاضيك على شيء أبدا . فقال 
النبي عله فأجزه لي . قال : ما أنا بمجيزه لك . قال : بلى فافعل , قال : ما أنا بفاعل . وقد 
ضرب سهيل أبا جندل في وجهه , وأخذ بتلابيبه وجره ؛ ليرده إلى المشركين , وجعل أبو جندل 
يصرخ بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أأردٌ إلى المشركين يفتنوني في ديني ؟ فقال 
رسول الله عَْيَهِ : يا أبا جندل اصبر واحتسب »ء فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين 
فرجاً ومخرجاً , إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً » وأعطيناهم على ذلك » وأعطونا عهد الله فلا 
نغدر بهم . 

فوثب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ألي جندل يمشي إلى جنبه ويقول : اصبر يا أبا 
جندل » فإنما هم المشركون . وإنما دم أحدهم دم كلب » ويدني قائم السيف منه , يقول عمر : 
رجوت أن ياخذ السيف فيضرب به أباه » فضن الرجل بابيه » ونفذت القضية . 


النحر والحلق للحل عن العمرة: 

ولما فرغ رسول الله عله من قضية الكتاب قال : قوموا , فانحروا , فوالله ما قام منهم أحد 
حتى قال ثلاث مرات » فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة » فذكر لما ما لقي من 
الناس » فقالت : يا رسول الله أتحب ذلك ؟ اخرج , ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك » 
وتدعو حالقك فيحلقك , فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك » نحر بدنه » ودعا 
حالقه فحلقه , فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا » وجعل بعضهم يحلق بعضاء حتى كاد 


- 738779 - 


بعضهم يقتل بعضاً غما , وكانوا نحروا البدنة عن سبعة » والبقرة عن سبعة » ونحر رسول الله عه 
جملاً كان لأني جهل كان في أنفه برة من فضة . ليغيظ به المشركين ٠‏ ودعا رسول الله ع 
للمحلقين ثلاث بالمغفرة وللمقصرين مرة وفي هذا السفر أنزل الله فدية الأذى لمن حايق رأسه 
ظ بالصيام » أو الصدقة » أو النسك في شآن كعب بن عجرة . 


الاباء عن رد المهاجرات 

ثم جاء نسوة مؤمنات فسأل أولياوهن أن يردهن عليهم بالعهد الذي تم في الحديبية » فرفض 
طلبهم هذا » بدليل أن الكلمة التي كتبت في المعاهدة بصدد هذا البند هي : ( وعلى أنه لا يأتيك 

منا رجل » وإن كان على دينك إلا رددته علينا )27 فلم تدخل النساء في العقد رأساً . وأنزل الله 
في ذلك كاي نماض الوه متت مورت فَامسَحوهة4 حتى بلغ لغ «بعصم بعصع 
ال افري# » فكان رسول الله يه يمتحنهن بقوله تعالى «يكأمها التَإدَاجَاء م متك * سَابِعسَك 
لكأن لامش رك بتعا 4 إل » فمن أقرت بهذه الشروط قال لها : قد بايعتك . ثم 1 يكن 

يردهن . 

وطلق المسلمون زوجاتهم الكافرات بهذا الحكم . فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في 
الشرك . تزوج بإحداهما معاوية , وبالأخرى صفوان بن أمية . 
ماذا يتمعخض عن بنود المعاهدة: 

هذه هي هدنة الحديبية » ومن سبر أغوار بنودها مع خلفياتها لا يشك أنها فتح عظم 
للمسلمين » فقريش لم تكن تعترف بالمسلمين أي اعتراف » بل كانت تهدف استعصال 
شأفتهم » وتنتظر أن. تشهد يومأ ما نبايتهبم » وكانت تحاول بأقصى قوتها الحيلولة بين الدعوة 
الاسلامية » وبين الناس ؛ بصفتها ممثلة الزعامة الدينية والصدارة الدنيوية في جزيرة العرب ١‏ ومجرد 
الحنوح إلى الصلح اعتراف بقوة المسلمين . وأن قريشا لا تقدر على مقاومتهم . ثم البند الثالث 
يدل لفحواه على أن قريشاً نسيت صدارتها الدنيوية وزعامتها الدينية » وأنها لاتهمها الآن إلا 
نفسهاء أما سائر الناس وبقية جزيرة العرب فلو دخلت في الاسلام بأجمغها , فلا يهم ذلك 
علش قم اد بأي نوع من أنواع التدخل . أليس هذا فشلاً ذريعاً بالنسبة إلى 

- 55 


9 ؟ وفتحا مبيناً بالنسبة إلى المسلمين ؟ إن الحروب الدامية التي عرتدين اللسلمين. ودين 

عدائهم لم تكن أهدافها بالنسبة إلى المسلمين - مصادرة الأموال وإبادة الأرواح » وإفناء 
0 ؛ أو إكراه العدو على اعتناق الاسلام » وإنما كان الهدف الوحيد الذي يبدفه ار من 
هذه الحروب هو الحرية الكاملة للناس في العقيدة والدين # فمن شَاء فلمُؤمِن ومن شََ 
ليكتر) . لا يحول بينهم وبين ما يريدون أي قوة من القوات , وقد حصل هذا الهدف بجميع 
أجزائه ولوازمه » وبطريق ربما لا يحصل بمثله في الحروب مع الفتح المبين » وقد كسب المسلمون 
لأجل هذه الحرية نجاحاً كبيراً في الدعوة » فبينا كان عد المسلمين لا يزيد على ثلائة آلاف فبل 
اللهدنة ؛ صار عدد الجيش الإسلامي في ستتين عند فتح مكة عشرة الاف . 


أما البند الثاني ؛' فهو جزء ثان هذا الفمح المبين » فالمسلمون لم يكونوا بادئين بالحروب . 
وإنما بدأتها قريش » يقول الله تعالى «وهم جد ء رك أبَكَ_مَرَرَ 4 أما المسلمونفلم 
يكن المقصود من دورياتهم العسكرية إلا أن تفيق قريش عن غطرستها » وصدها عن سبيل الله ؛ 
وتعمل معهم بالمساواة » كل من الفريقين يعمل على شاكلته فالعقد بوضع الحرب عشر 
سنين حد لهذه الغطرسة والصد . ودليل على فشل من بدأ الحرب وضعفه واتهياره . 

ما البند الأول ؛ فهو حد لصد قريش عن المسجد الحرام » فهو أيضاً فشل لقريش » وليس 
فيه ما يشفي قريشأ سوى أنها يمحت في الصد لذلك العام الواحد فقط . 

أعطت قريش هذه الخلال الثلاث للمسلمين » وحصلت وا الج سد ردي 
ما في البند الرابع ؛ ولكن تلك الخلة تافهة جدا » ليس فيها شيء يضر بالمسلمين ؛ فمعلوم أن 
المسلم ما دام مسلما لا يفر عن الله ورسوله » وعن مدينة الإسلام » ولا يفر إلا إذا ارتد عن 
الاسلام ظاهرا أو باطنا , فإذا ارتد فلا حاجة إليه للمسلمين » وانفصاله من امجتمع ك2 
خير من بقائه فيه » وهذا الذي أشار إليه رسول الله عه بقوله : إنه من ذهب منا إليهم فأبعده 
اله" , وأما من أسلم من أهل مكة - فهو وإن لم يبق للجوئه إلى المدينة سبيل - لككن أرض الله 
س1 كن اليه رانس اسايق حييا )تن رف انل للدي عن السام جيا؟ 
وهذا الذي أشار إليه النبي عي بقوله 9 ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومحرجا 0 


١. صحيح مسلم باب صلح الحديبية ؟* مه‎ ١ 
. نفس المصدر‎ )١( 





212:02 


والأخذ بمثل هذا الاحتفاظ , وإن كان مظهر الاعتزاز لقريش » لكنه في الحقيقة ينبىء عن 
شدة انزعاج قريش وهلعهم وخورهم » وعن شدة خوفهم على كيانهم الوثني » وكأمهم كانوا قد 
أحسوا أن كيانهم اليوم على شفا جرف هار » لا بد له من الأخذ بمثل هذا الاحتفاظ ٠‏ وما سمح 
به البى مله من أنه لا يسترد من فر إلى قربش من المسلمين » فليس هذا إلا دليلاً على أنه 
يعتمد على تثبيت كيانه وقوته كال الاعتاد » ولا يخاف عليه من مثل هذا الشرط . 


حزن المسلمين ومناقشة عمر مع النبي - وَل -: 

هذه هي حقيقة بنود هذه المدنة , لكن هناك ظاهرتان عمت لأجلهما المسلمين كابة 
وحزن شديد » الأولى : أنه كان قد أخبرهم أنا سنأتي البيت فنطوف به » فماله يرجع ولم يطف 
به ؟ الخانية : أنه رسول الله عه وعلى الحق » والله وعد إظهار دينه » فماله قبل ضغط قريش » 
وأعطي الدنية في الصلح ؟ كانت هاتان الظاهرتان مثار الريب والشكوك والوساوس والظنون . 
وصارت مشاعر المسلمين لأجلهما جريحة » بحيث غلب الهم والحزن على التفكير في عواقب بنود 
الصلح . ولعل أعظمهم حزناً كان عمر بن الخطاب » فقد جاء إلى النبي عَْي وقال : يا رسول 
الله ألسنا على حق وهم على باطل ؟ قال : بلى . قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ 
قال : بلى . قال : ففيم نعطى الدنية في ديننا » ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن 
الخطاب إفي رسول الله ولست أعصيه » وهو ناصري » ولن يضيعني أبداً . قال : أو ليس كنت 
تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : بلى » فأخبرتك أنا نأتيه العام ؟ قال : لا . قال : فإنك 
اتيه ومطوف به . 

م انطلق عمر متغيظاً فأ أبا بكر » فقال له جا قال لرسول الله مه » ورد عليه أبو بكر ء 
با رد عليه رسو الله م سواء »وز : فاستمسك بغرزه حتى تموت » فوالله إنه لعلى الحق . 

ثم نزلت #8 إِنَافسَحنَا لَك فسَحَامْبِيئًا © إلخ فأرسل رسول الله إلى عمر فأقرأه إياه » فقال : 
يا رسول الله أو فتح هو ؟ قال : : نعم . فطابت نفسه ورجع . 0 

ثم ندم عمر على ما فرط منه ندم شديداً . قال عمر : فعملت لذلك أعمالا » مازلت 
أتصدق وأصوم وأصل وأعتق من الذي صنعت يومئذ » مخافة كلامي الذي تكلمت به » حتى 


8ع اك 


رجوت أن يكون يرا(" . 


انحلت أزمة المستضعفين: 

ولا رجع رسول الله عه إلى المدينة » واطمأن بها انفلت رجل من المسلمين » ممن كان 
يعذب من مكة . وهو أبو بصير رجل من ثقيف حليف لقريش . فأرسلوا في طلبه رجلين وقالوا 
لنبي عَيْكهِ العهد الذي جعلت لناء فدفعه النبي عَْكه إلى الرجلين ؛ » فخرجا به حتى باغا ذا 
الحليفة » فتزلوا يأكلون من تمر لهم » فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا 
يا فلان جيدا . فاستله الآخر . فقال : أجل . والله إنه لجيد » لقد جربت به ثم جربت . فقال 
أبو بصير : أرني أنظر إليه » فأمكنه منه ٠‏ فضربه حتى برد . 

وفر الآخر حتى أنى المدينة . فدخل المسجد يعدو , فقال رسول الله عه حين راه : لقد 
رأى هذا ذعرأ » فلما انتهى إلى النبي عَم قال : قتل صاحبي » وإفي لمقتول » فجاء أبو بصير 
وقال : يا نبي الله » قد والله أوفى الله ذمتك . قد رددتني إليهم . ثم أنجاني الله منهم » قال رسول 
اله : ويل أمه » مسعر حرب لو كان له أحد » فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إلههم » فخرج 
حتى أنى سيف البحر » وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل » فلحق بأبي بصير » فجعل لا يخرج 
من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير . حتى اجتمعت منهم عصابة . فوالله ما يسمعون 
بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها » فقتلوهم وأخذوا أموالهم . فأرسلت قريش إلى 
النبي مه تناشده الله والرحم لما أرسل » فمن أتاه فهو امن . فأرسل النبي َيه إلييم » فقدموا 
عليه المدينة0" . 
إسلام أبطال من قريش: 


وف أوائل سنة 7 من الحجرة بعد هذه الهدنة أسلم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد 


291078 2 7178/١ انظر لتفصيل هذه الغزوة والهدنة » فتح الباري 155/7 إلى 458 ء صحيح البخاري‎ )١( 
ء ابن هشام ؟/./.؟‎ ٠١5031١8 0110/1 لمك املك "روه . »؛» صحيح مسلم‎ 
؟انززاد العاد2110400576055/16 5ن عم سيرة ابول اللشيع عبد‎ 17 
. 1١ , تارم عمر بن الخطاب لابن الجوزي صة"”‎ » 5٠6 إلى‎ "٠ الله النبجدي ص"‎ 

. المصادر السابقة‎ )1١١ 


75781 - 


(0) 


وعثهان بن طلحة . ولما حضروا عند النبي مَ قال : إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها(" . 


اختلفوا كثيرا في تعيين السنة التي أسلم فيها هؤلاء الصحابة . وعامة كتب أسماء الرجال تصرح أنها سنة ثمان . 
ولكن قصة إسلام عمرو بن العاص عند النجاشي معروفة » وأسلم خالد وعثان بن طلحة حين رجع عمرو بن 
العاص من الحبشة فإنه بعد الرجوع قصد المدينة فلقياه في الطريق » وحضر الثلاثة عند النبي عَكته وأسلموا 
وهذا يقتضي أنهم أسلموا في أوائل سنة سبع . والله أعلم . 

-78- 


المرحلة الثانية 
طور جديد 


إن هدنة الحديبية كانت بداية طور جديد في حياة الاسلام » والمسلمين » فقد كانت قريش 
أقوى قوة وأعندها وألدها في عداء الاسلام » وبانسحابها عن ميدان الحرب إلى رحاب الأمن 
والسلام » انكسر أقوى جناح من أجنحة الأحزاب الثلاثة - قريش وغطفان واليهود - ولما كانت 
قريش بمثلة للوثنية وزعيمتها في ربوع جزيرةالعرب , انخفضت حدة مشاعر الوثنيين » وامهارت 
نزعاتها العدائية إلى حد كبير . ولذلك لا نرى لغطفان استفزازا كبيرا بعد هذه الحدنة » وجل 
ما جاء منهم إنما جاء من قبل إغراء الييود . 

أما الممود فقد كانوا جعلوا خيبر بعد جلائهم عن يثرب وكرا للدس والتتامر . كانت 
شياطينهم تبيض هناك وتفرخ » وتؤجج نار الفتنة » وتغري الأعراب الضاربة حول المدينة : 
وتبيت للقضاء على النبي عَيّه والمسلمين . أو لالحاق الخسائر الفادحة بهم : ولذلك كان أول 
إقدام حاسم من النبي عَيهِ بعد الهدنة هو شن الحرب الفاصلة على هذا الوكر . 

ولكن هذه المرحلة التي بدأت بعد الهدنة أعطت للمسلمين فرصة كبيرة » لنشر الدعوة 
الإسلامية وإبلاغها » وقد تضاعف نشاط المسلمين في هذا المجال » وبرز نشاطهم في هذا الوجه 
على نشاطهم العسكري . ولذلك نرى أن نقسم هذه المرحلة على قسمين : 

. النشاط في محال الدعوة » أو مكاتبة الملوك والأمراء‎ )١( 

)١(‏ النشاط العسكري 

وقبل أن نتابع النشاط العسكري في هذه المرحلة » نتناول موضوع مكاتبة الملوك والأمراء » 
إذ الدعوة الاسلامية هي المقدم طبع » بل ذلك هو الهدف الذي عانى له المسلمون ما عانوه من 
المصائب والالام » والحروب والفتن » والقلاقل والاضطرابات . 

5494 - 


مكانبة الملوك والأمراء 


في أواخر انسنة السادسة حين رجع رسول الله عَيْلِ من الحديبية كتب إلى الملوك يدعوهم 
إلى الاسلام . 
ل يا حا ل سم لا يلون إلا يعابه 
هذا النقش ثلائة أسطر ا ا 7 00 » هكذا : 
الله 
و1 
٠ |‏ ْ جمد 
فوري أن النبي عل أل نوو لاء الرصلل ره رشابي بر ادر اال ازع د 
بأيام”'2 . وفها يلي نصوص هذه الكتب » وبعض ما تمخضت عنه . 
.١‏ الكتاب إلى النجاشى ملك الحبشة: 
وهذا النجاشي امه أصحمة بن الابجر ٠‏ كتب إليه النبي عَيَتُه مع عمرو بن أمية الضمري 
لعا لكر سن من الهجرة 0 
وساي حي و 00 
)١(‏ صحيح ضاغيت البخاري +/؟ نال لالم : 
0( رحمة للعالمين ١/1‏ . 


0:4 1ت 


فقد ورد في آخر الكتاب ذكر هؤلاء المهاجرين بهذا اللفظ ( وقد بعثت إليكم ابن عمي جعفراً 
ومعه نفر من المسلمين , فإذا جاءك فأقرهم ودع التجبر ) . 

وروق البيقن عن أبن إسيحاق نص كتاب كتبه النبي عَيه إلى النجاشي وهو هذا : هذا 
كتاب من محمد النبي إلى النجا؛ شي الأصحم عظم الحبشة : ٠‏ سلام على من اتبع الهدى » وامن 
باله ورسوله , وأشبد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ٠‏ لم يتخذ صاحبة ولا ولدأ . وأن محمداً 
عبده ورسوله ‏ وأدعوك بدعاية الإسلام »فإني أنا رسوله فأسلم تسلم ٠‏ #قل يتاه لالكتي تالو 
ِلحكَلِمَترسوام بسنا َك اهلكيه سي لَا يَسَحدَ بعص فعضا 
اين دو نٍ امون نولا صَفولُوا هس دوا ينام يِمُو 4 » فإن أبيت فإن عليك إئم 
النصاري من قومك . 

وقد أورد المحقق الكبير الدكتور حميد الله ( باريس ) نص كتاب قد عثر عليه في الماضي 
القريب - ؟ أورده ابن القيم مع الاختلاف في كلمة فقط ‏ وبذل الدكتور في تحقيق ذلك 
النص جهداً بليغاً واستعان في ذلك كثيراً باكتشافات العصر الحديث , وأورد صورته في الكتاب 
وهو هكذا . 


بسم الله الرحمن الرحمم 

من محمد رسول الله إلى النجاشي عظم الحبشة » سلام على من اتبع الهدي , أما بعد فإني 
أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام الموّمن المهيمن » وأشبد أن عيسبى ابن 
مريم روح الله وكلمته ألفاها امرض القول الطية العية مانت تعنيى من روه اسه 
كا خلق ادم بيده » وإني أدعو إلى الله وحده لا شريك له ء والموالاة ة على طاعته » وأن تتبعني , 
وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله عه » وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل » وقد بلغت 
ونصحت ., فاقبل نصيحتي , والسلام على من اتبع الهدى(" . 

وأكد الدكتور امحترم أن هذا هو نص الكتاب الذي كتبه النبي عَيِه إلى النجاشي بعد 
الحديبية » أما.صحة هذا النص فلا شك فيها بعد النظر في الدلائل » وأما أن هذا الكتاب هو 
الذي كتب بعد الحديبية فلا دليل عليه » والذي أورده البييقي عن ابن إسحاق أشبه بالكتب التي 


)01( انظر رسول أكرم كي سيامبي زند كي و بالأرفو) ضير ١1550 ١1255:53565:6‏ يولي 
زاد المعاد : أسلم أنت بدل والسلام على من اتبع الهداى . انظر زاد المعاد 50/8 . 


7301 


كتبها النبي َيه إلى ملوك وأمراء النصاري بعد الحديبية » فإن فيه الآية الكرعة : « يتأهل 
الكتب تمَالوَأإق حلم لِمَمِ # إلخ م كان دأبه في تلك الكتب ؛ وقد ورد فيه اسم الأصحمة 
صريحا » وأما النص الذي أورده الدكتور حميد الله » فالأغلب عندي أنه نص الكتاب الذي كتبه 
النبي عَيكُهِ بعد موت أصحمة إلى خليفته » ولعل هذا هو السبب في ترك الاسم . 

٠‏ وهذا الترتيب ليس عندي عليه دليل قطعي سوى الشبادات الداخلية التي تؤديها نصوص 
هذه الكتب . والعجب من الدكتور حميد الله أنه جزم أن النص الذي أورده البييقي عن | 
عباش هو نص الككتاب الذي كتبه النبي عَيقهِ بعد موت أصحمة إلى خليفته مع أن اسم أصحمة 
وارد في هذا النص صريحا والعلم عند الهلا . 

ولا بلغ عمرو بن أمية الضمري كتاب النبي مُه إلى النجاشي أخذه النجاشي » ووضعه 
على عينه ونزل عن سريره على الأرض » وأسلم على يد جعفر بن أني طالب . وكتب إلى 
النبي عَيلهِ بذلك . وهاك نصه . 
٠‏ بسم الله الرحمن الرحم 
إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله 
وبركاته » والله الذي لا إله إلا هو . أما بعد : 


فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيا ذكرت من أمر عيسى » فورب السماء والأرض » إن 
عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا » إنه م قلت » وقد عرفنا ما بعشت بها إلينا » وقد قرينا ابن 
عمك وأصحابك فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدقا وقد بايعتك » وبايعت ابن عمك » 
وأسلمت عل يديه لله رب العالمين22 . ظ 


ركان النبي عه قد طلب من النجاشي أن نرسل جعفراً ومن معه من مهاجري الحبشة » 
فأرسلهم في سفيتتين مع عمرو بن أمية الضمري » فقدم بهم على النبي عه وهو بخيبر"» ٠‏ توفي 
النجاشي هذا في رجب سنة تسع من الهجرة بعد تبوك » ونعاه النبي عَيْيُك يوم وفاته » وصلى عليه 
دل انظر ذه المباحث كتاب الدكتور حميد الله و رسوم أكرم كي سياسي زندكي » ص/ ٠‏ » إلى ١١5‏ ومن 

. ١33١ إلى‎ ١ 
. 517/7 (9؟) زاد المعاد‎ 
. 359/9 ابن هشام‎ )5( 


7052 


صلاة الغائب . ولما مات وتخلف على عرشه ملك آخر كتب إليه النبي عَيّ كتابا اخر 
ولا فرق هل اليل آم ليولا 


وكتب النبي عه إلى جرم بن متى”" , الملقب بالمقوقس ملك مصر والاسكندرية : ٠‏ بسم 
الله الرحمن ن الرحيم ) من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظم القبط . سلام على من اتبع 
المدى . أما بعد » فإني أدعوك بدعاية الإسلام » أسلم تسلم » وأسلم يؤّتك الله أجرك مرتين . 
فإن توليت فإن علي إثم أهل القبط. «إيتاه ل الكتب تا تَمَالوَأإلَ حكلمة سواء سسا دسق 

> . ار سرح وام ل رمه 2# م 

ألاسَبْدَإٍلَاأسَه وَلَاضْرِكَ يِوِضَيك ولا َتَحِدَ ماري أي ين طون ّم فإن نَوَلُوًا 
فَقَولُواً”ْ مْهحَدُو اباك سورت 4 . 

واختار الحمل هذا الكتاب حاطب بن ألي بلتعة . فلما دخل حاطب عل المقوقس قال له : 
إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى , فأخذه الله نكال الآخرة والأولى » فانتقم به ثم انتقم 
منه. فاعتبر بغيرك » ولا يعتبر غيرك بك . 

فقال المقوقس : إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه . 

فقال حاطب : ندعوك إلى دين الإسلام الكافي به الله فد ما سواه » إن هذا النبي دعا 
الناس فكان أشدهم عليه قريش , وأعداهم له اليبود » وأقرمهم منه النصارى » ولعمري ما بشارة 
موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد . وما دعاؤنا إياك إلى القران إلا كدعائك أهل التوراة إلى 
الانجيل ٠‏ فكل نبي أدرك قومأ فهم أمته » فالحق عليهم أن يطيعو يطيعوه » وأنت ممن أدركه هذا النبي , 
ولسنا نهاك عن دين المسيح , ولكنا نأمرك به . 


. 994/7 ربا يؤخذ هذا مما رواه مسلم عن أنس‎ )١( 
؛ وقال الدكتور حميد الله 9 إن اسمه‎ ١78/١ (؟) هذاعلى رأي العلامة المنصورفوري في كتابه رحمة للعالمين‎ 
. ١ 8١ص بنيامين » انظر : رسول أكرم كي سيامبي زندكي‎ 
هذا النص أورده ابن القيم في زاد المعاد 11/7 والذي أورده الدكتور حميد الله أخذاً من صورة الكتاب الذي‎ )*( 
ش عثر عليه في الماضي القريب يختلف بعض كلماته عن هذا النص ء ففيه 9 فأسلم تسلم يؤتك الله » الخ . وفيه‎ 
. 1517 02 إثم أهل القبط » انظر : رسول أكرم كي سيامبي زندكي ص1557‎ ٠ «إثم القبط » بدل قوله‎ 
200 


. فقال المقوقس : إني قد نظرت في أمر هذا النبي » فوجدته لا يأمر بمزهود فيه » ول أجده 
بالساحر الضال »ء ولا الكاهن الكاذب » ووجدت معه اية النبوة بإخراج الخبء والأخبار 
بالنجوى وسأنظر . 

وأخذ كتاب النبي َيه فجعه في حق من عاح » وتم عليه ودقع ب إلى جارة له م 
دعا كاتباً له يكتب بالعربية » فكتب إلى رسول الله عَم : 

٠‏ بسم الله الرحمن الرحيم » محمد بن عبد الله من المقوقس عظم القبط ؛ سلام عليك » أما 
بعد » فقد قرأت كتابك » وفهمت ما ذكرت فيه , وما تدعو إليه » وقد علمت أن نبياً بقي . 
وكنت أظن أنه يخرج بالشام » وقد أكرمت رسولك » وبعثت إليك بجاريتين » لهما مكان في 
القبط عظم » وبكسوة , وأهديت إليك بغلة لتركبها » والسلام عليك . 


وم يزد على هذا ولم يسلم . والجاريتان مارية » وسيرين ٠‏ والبغلة دلدل بقيت إلى رمن 
ماوية10) :واد النبي َيه مارية سرية له ء وهي التي ولدت له إبراهيم . وأما سيرين فأعطاها 
باق ب قاب الاأساري + 


؟. الكتاب إلى كسرى ملك فارس: 


وكتب النبي عَيْكتُه إلى كسرى ملك فارس ١‏ بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد رسول الله 
إلى كسرى عظم فارس » سلام على من اتبع الهدى », وامن بالله ورسوله » وشهد أن لا إله إلا الله 
وحده لا شريك له ؛ وأن محمد عبده ورسوله ؛ وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس 
كافة » لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين » فأسلم تسلم , فإن أبيت فإن إثم المجوس 
عليك . 

واختار الحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السبمي » فدفعه السبمي إلى عظم البحرين » 
ولا ندري هل بعث عظم البحرين رجلا من رجالاته » أم بعث عبد الله السهمي . وأيا ما كان 
فلما قرىء الكتاب على كسرى مزقه » وقال في غطرسة : عبد حقير من رعيقي يكتب اسمه قبلي » 
ولما بلغ ذلك رسول الله عه قال : مزق الله ملكه » وقد كان كا قال » فقد كتب كسرى إلى 
باذان عامله على المِن : ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين » فلياتياني 


- 7608 


به فاغمار باذان رحلين تمن غنده + وبعكيمنا بكتاب إلى :رسول الله عوك يامزه أن ينضرف 
معهما إلى كسرى ء فلما قدما المدينة » وقابلا النبي عيبم قال أحدهما : إن شاهنشاه ( ملك 
الملوك ) كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك » وبعئني إليك 
لتنطلق معي وقال قولاً #هديدياً , فأمرهما النبي عَرْتُهِ أن يلاقياه غدا . 

ا ل د ات 
جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر » فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله » وأخذ الملك 
لنفسهء وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبء(© » وعلم 
رسول الله عَْيلُهِ الخبر من الوحي », فلما غدوا عليه أخبرهما بذلك : فقالا : هل تدري ما تقول ؟ 
إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر » أفنكتب هذا عنك ». ونخبره الملك . قال : نعم أخبراه ذلك 
عني » وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى ! وينتبي إلى منتبى الخف والحافر . وقولا 
له : إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك » وملكتك على قومك من الابناء » فخرجا من عنده حتى 
قدما على باذان فأخيراه الخبر » وبعد قليل جاء كتاب بقتل شيرويه لأبيه » وقال له شيرويه في 
كتابه : انظر الرجل الذي كان كتب فيه ألي إليك ؛ فلا #بجه حتى يأتيك أمري . 

وكان ذلك سبباً في إسلام باذان ومن معه من أهل فارس بالهن7" . 
#. الكتاب إلى قيصر ملك الروم: 

وروى البخاري ضمن حديث طويل نص الكتاب الذي كتبه النبي عَنّه إلى ملك الروم 
هرقل . وهو هذا : 

٠‏ بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظم الروم » سلام على من 
اتبع الهدى » أسلم تسلم » أسلم يتك الله أجرك مرتين » فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين » 
يتاه لالكتب تعالوا إل مك لمتسوا وَآهِيَتَسَنَاوَيَْت أَلَا لاه وَلَاهثْركَ يوءسَيْمَاو 
1 يدبا بصا يباين دون مون وو مو ترات مرك 0 
(5) محاضرات تاريخ الأم الاسلامية للخضري ١41/١‏ » فتح الباري 1517/8 ١748‏ وانظر رحمة للعالمين أيضا 


١ 3‏ 
(؟)6 صحيح البخاري ١/ؤذء»ه.‏ 


- 75606 


واختار لحمل هذا الكتاب دحية بن خليفة الكلبي » وأمره أن يدفعه إلى عظم بصرى » 
ليدفعه إلى قيصر » وقد روى البخاري عن ابن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخيره أن هرقل 
أرسل إليه في ركب من قريش » وكانوا تجاراً بالشام في المدة التي كان رسول الله عَكِ ماد فيها أبا. 
سفيان وكفار قريش » فأتوه وهم بإيلياء''" » فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم » ثم دعاهم 
ودعا ترجمانه فقال : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قال أبو سفيان : فقلت 
أنا أقربهم نسباً » فقال : ادنوه مني » وقربوا أصحابه » فاجعلوهم عند ظهره , ثم قال لترجمانة : 
إني سائل هذا عن هذا الرجل , فإن كذبني فكذبوه » فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا 
ثم قال: أول ما سألبي عنه أن قال : كيف نسبه فيكم ؟ فقلت : هو فينا ذو نسب » قال : 
فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟ قلت : لا . قال : فهل كان من ابائه من ملك ؟ 
قلت : لا . قال : فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم . قال : أيزيدون أم 
ينقصون ؟ قلت : بل يزيدون . قال : فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه : 
قلت : لا . قال : فهل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا . قال : فهل يغدر ؟ 
قلت : لا ء ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها ‏ قال : ول تمكنني كلمة أدخل فيها شيئا 
غير هذه الكلمة - قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم . قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت : 
الحرب بيتنا وبينه سجال » ينال منا وننال منه . قال : ماذا يأمرك ؟ قلت : يقول : اعبدوا الله 
وحده, ولا تشركوا به شيكاً » واتركوا ما يقول آباؤم » ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف 
والصلة . فقال للترجمان : قل له : سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب » وكذلك 
الرسل تبعث في نسب من قومها » وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله » فذكرت أن 
لا . قلت : لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله » وسألتك هل 
كان من ابائه من ملك فذكرت أن لا » فقلت : فلو كان من ابائه من ملك قلت : رجل يطلب 
)4 كان قيصر جاء إذ ذاك في إيلياء ‏ بيت المقدس ‏ من حمص » شكراً لما من الله عليه من إلحاق الزيمة الساحقة 
بالفرس ( انظر صحيح مسلم 464/7 ) , وكانت الفرس قد قتلوا كسرى أبرويز » وصا حوا الروم على رد ما كانوا 
قد احتلوا من بلاد قيصر ء وردوا إليه الصليب الذي تزعم النصارى أن المسيح عليه السلام كان قد صلب 
عليه » فكان قيصر قد جاء إلى إيلياء ( بيت المقدس ) سنة 5759م ( أي سنة /اه ) يضع الصليب في 
موضعه » ويشكر الله على هذا الفتح المبين . 
27052 


ملك أبيه » وسألتك هل كتتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال » فذكرت أن لا فقد 
أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس . ويكذب عل الله » وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم 
ضعفاؤهم » فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه » وهم أتباع الرسل » وسألتك أيزيدون أم ينقصون ؟ 
فذكرت أمهم يزيدون .» وكذلك أمر الإيمان حتى يتم » وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن 
يدخل فيه ؟ فذكرت أن لا , وكذلك الايمان حين تخالط بشاشته القلوب » وسألتك هل يغدر ؟ 
فذكرت أن لا وكذلك الرسل لا تغدر » وسألتك بماذا يأمر ؟ فذكرت أنه يأمرك أن تعبدوا 
لله » ولا تشركوا به شيا » وينهام عن عبادة الأوثان » ويأمرك بالصلاة والصدق والعفاف , فإن 
كان ما تقول حقأ فسيملك موضع قدمي هاتين » وقد كنت أعلم أنه خارج , ولم أكن أظنه أنه 
منكم , فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه » ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه » ثم 
دعا بكتاب رسول الله عه فقرأه » فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده » وكثر 
اللغط . وأمر بنا فأخرجنا » قال : فقلت لأصحابه حين أخرج: ونام قاين أن كش 
إنه ليخافه ملك بني الأصفر » فما زلت موقناً بأمر رسول الله مُه أنه سيظهر حتى أدخل الله 
عل الاسلام2"0 . 

هذا ما راه أبو سفيان من أثر هذا الكتاب على قيصر ء وقد كان من أثره عليه أنه أجاز 
دحية بن خليفة بن الكلبي » حامل كتاب الرسول عَكه بمال وكسوة . ولا كان دحية بحسمى 
في الطريق لقيه ناس من جذام , فقطعوها عليه » فلم يتركوا معه شيئاً » فجاء رسول الله ع 
قبل أن يدخل بيته » فأخبره » فبعث رسول الله عه زيد بن حارثة إلى حسمى » وهي وراء 
وادي القرى في خمسمائة رجل » فشن زيد الغارة على جذام » فقتل فيهم قتلاً ذريعاً » واستاق 
نعمهم ونساءهم » فأخذ من النعم ألف بعير , ومن الشاء خمسة آلاف . والسبي مائة من النساء 
والصبيان . 

وكان بين النبي عَيْه وبين قبيلة جذام موادعة , فأسرع زيد بن رفاعة الجذامي أحد زعماء 
هذه القبيلة بتقديم الاحتجاج إلى النبي عَيُّهِ » وكان قد أسلم هو ورجال من قومه ونصروا دحية 


حين قطع عليه الطريق » فقبل النبي عه احتجاجه وأمر برد الغنائم والهسبي . 


. 94 , 98/9 صحيح مسلم‎ . 4/١ صحيح البخاري‎ )1١( 
- -لاهة”‎ 


وعامة أهل المغازي يذ كرون هذه السسرية قبل الحديبية » وهو خحطأ واضح ؛ فإن بعث 
الكتاب إلى قيصر كان بعد الحديبية . ولذا قال ابن القم : هذا بعد الحديبية بلا شك(" . 


. الكتاب إلى المندر بن ساوى: ‏ 


1111111110 

إليه العلاء بن الحضرمي بذلك الكتاب » فكتب المنذر إلى رسول الله َيه : أما بعد يا رسول 
الله» فإني قرأت كتابك على أهل البحرين » فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه » ودخل فيه . 
ومنبم من كرهه». وبأرضي حوس ويهود #فاخدت إلى في ذلك أمرك ؛ فكتب إليه 


رسول الله عكنه : 

« بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى » سلام عليك » فإني 
أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله » أما بعد فإني أذكرك الله 
عز وجل » فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه , وإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني , 
ومن نصح لهم فقد نصح لي » وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا » وإفي قد شفعتك في قومك » 
فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه » وعفوت عن أهل الذنوب » فاقبل منهم » وإنك مهما تصلح 
فلم نعزلك عن عملك ومن أقام على مبودية أو محوسية فعليه الجزية 6(" . 

57. الكتاب إلى هوذة بن على صاحب اليمامة: 

وكتب النبي عي إلى هوذة بن علي صاحب الهامة : 

١‏ بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي » سلام على من اتبع 
الهدى » واعلم أن ديني سيظهر إلى منتبى الخف والحافر » فأُسلم تسلم » وأجعل لك ما تحت 
يديك » . 

عار ل عن الاي تاي شجرو لمكي انلها كم تباط ل رذ بهذا 
الكتاب مختوماً أنزله . وحياه » وقرأ عليه الكتاب , فرد عليه رداً دون رد » وكتب إلى النبي عَيه : 


. 8 بعاد جع تن أهل الأثر ص‎ ١١7/57 انظر زاد المعاد‎ -)١( 
والتص الذي أورده الدكتور حميد الله لخدا من عور الكتاب الذي عثر عليه في‎ . 57 ٠ 51/7 (؟) زاد المعاد‎ 
. » لا إله غيره ؛ بدل قوله : « لا إله إلا هو‎ ٠ الماضي القريب يختلف في كلمة واحدة » ففيه‎ 


عاخرة 1ن 


ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله » والعرب تهاب مكاني . فاجعل لي بعض الأمر أتبعك » وأجاز 
سليطأً يجائزة » وكساه أثواباً من نسج هجر ء فقدم بذلك كله على النبي عَيه فأخيره, وقرأ 
النبي َيه كتابه فقال : لو سألني قطعة من الأرض ما فعلت ٠‏ باد » وباد ما في يديه . فلما 
انصرف رسول الله عله من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة مات . فقال 
النبي عله : أما إن الهامة سيخرج بها كذاب يتنبى » يقتل بعدي » فقال قائل : يا رسول الله 
من يقتله ؟ فقال : أنت وأصحابك » فكان كذلك27» . 


. الكتاب إلى الحارث بن أبيى شمر الغسانى صاحب دمشق: 


كنب إليه النبي مَل : « بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد رسول الله إلى الحارث بن ألي 
شمر » سلام على من اتبع الهدى , وامن به وصدق ء وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده 
لآ شريك له ء يبقي لك ملكك » . 

واختار لحمل هذا الكتاب شجاع بن وهب من بني أسد بن خزيمة » ولما أبلغه الكتاب 
قال : من يتزع ملكي مني ؟ أنا سائر إليه . ولم يسلم”" . 
4. الكتاب إلى ملك عمان: 

وكتب النبي عَينه كتاباً إلى ملك عمان جيفر وأخيه عبد ابني الجلندى . ونصه  :‏ بسم الله 
الرحمن الرحيم » من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندى , سلام على من اتبع الهدى ‏ 
أما بعدء فإني أدعوك بدعاية الاسلام » أسلما تسلما » فإفي رسول الله (عَيُْهِ) إلى الناس كافة , 
لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين » فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما » وإن أبيما أن 
تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل » وخيلي تحل بساحتكما » وتظهر نبوتي على ملككما » . 

واختار لحمل هذا الكتاب عمرو بن العاص رضي الله عنه . قال عمرو : فخرجت حتى 
انتهيت إلى عمان » فلما قدمتها عمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين » وأسبلهما خلقاً - 
فقلت : إني رسول رسول الله َيه إليك وإلى أخيك , فقال : أخبي المقدم علي بالسن والملك » 


. 57/9 زاد المعاد‎ )١١ 
. ١15/١ (؟) نفس المصدر 87/7 . محاضرات تارجم الأم الإسلامية للخضري‎ 


609 


وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك , ثم قال : وما تدعو إليه ؟ قلت : أدعو إلى الله وحده 
لا شريك له » وتخلع ما عبد من دونه » وتشهد أن محمد عبده ورسوله . قال : يا عسرو » إنك 
ابن سيد قومك ٠‏ فكيف صنع أبوك ؟ فإن لنا فيه قدوة . قلت : مات ول يؤمن بمحمد عل . 
ووددت أنه كان أسلم وصدق به » وقد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للاسلام . قال : 
فمتى تبعته ؟ قلت : قريباً . فسألني أين كان إسلامك ؟ قلت : عند النجاشي » وأخبرته أن 
النجائي قد أسلم » قال : وكيف صنع قومه بملكه , فقلت أقروه واتبعوه . قال : والأساقفة 
والرهبان تبعوه ؟ قلت : نعم . قال : انظر يا عمرو ما تقول , إنه ليس من خصلة في رجل أفضح 
له من الكذب . قلت : ما كذبت » وما نستحله في ديننا » ثم قال : ما أرى هرقل علم بإسلام 
النجاشي . قلت : بلى » قال : فبأي شيء علمت ذلك ؟ قلت : كان النجاشي يخرج له خرجاً . 
فلما أسلم وصدق بمحمد عَيَكلهِ » قال : لا والله لو سألني درهماً واحداً ما أعطيته » فبلغ هرقل 
ار ل ا ار ل و ال ا 
هرقل : رجل رغب في دين » فاختاره ل: لنفسه ‏ ما أصنع به ؟ والله لولا الضن بملكي لصنعت أ 
صنع . قال : انظر ما تقول يا عمرو ؟ قلت : والله صدقتك . قال عبد : فأخبرني ما الذي يأمر 
به وينبى عنه ؟ قلت : يامر بطاعة الله عز وجل » وينبى عن معصيته » ويامر بالبر وصلة الرحم ١‏ 
وينبى عن الظلم والعدوان » وعن الزنا » وعن الخمر » وعن عبادة الحجر والوثن والصليب . قال : 
ما أحسن هذا الذي يدعو إليه » لو كان أخي يتابعني عليه لركبنا حتى نؤمن بمحمد عَهيله 
ونصدق به » ولكن أخي أضر بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا . قلت : إنه إن أسلم ملكه 
رسول الله عه على قومه . فأخذ الصدقة من غنيهم فيردها على فقيرهم » قال : إن هذا لخلق 
حسن . وما الصدقة ؟ فأخيرته بما فرض رسول الله م ني الصدقات في الأموال حتى انتييت 
إلى الابل . قال : يا عمرو » وتؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى الشجر وترد المياه ؟ فقلت : 
نعم , فقال : والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون لهذا . قال : فمكثت ببابه 
أياماً » وهو يصل إلى أيه فيخبره كل خبري , ثم إنه دعاني يوما فدخلت عليه » فأخخذ أعوانه 
بضبعي » فقال : دعوه » فأرسلت , فذهبت لأجلس », فأبوا أن يدعوني أجلس , فنظرت إليه 
فقال : تكلم بحاجتك » فدفعت إليه الكتاب مختوما » ففض خاتمه » وقرأ حتى انتهى إلى آخره » ثم 
دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته » إلا أني رأيت أخاه أرق منه » قال : ألا تخبرني عن قريش كيف 


716 - 


صنعت ؟ فقلت : تبعوه » إما راغب في الددين » وإما مقهور بالسيف . قال : ومن معه ؟ قلت : 
الناس قد رغبوا في سدم واختاروه على غيره » وعرفوا بعقولهم مع هدي الله إياهم أمهم كانوا في 
ضلال » فما أعلم أحدا بقي غيرك في هذه الخرجة , وأنت إن لم تسلم اليوم وتبعته توطئك الخيل 
وتبيد خحضراءك » فأسلم تسلم » ويستعملك على قومك , ولا تدخل عليك الخيل والرجال قال : 
دعني يومي هذا . وارجع إلي غدا . 

فرجعت إلى أخيه فقال “ياغدروه إن لأرجو أن دوملع إن ل يضن علكه:. حتى إذا كان 
الغد أتيت تيت إليه » فأبى أن يأذن لي » فانصرفت إلى أخيه » فأخبرته أني لم أصل إليه ؛ ٠‏ فأوصلني 
إليه » فقال : إني فكرت فيا دعوتي إليه » فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما في يدي , 
رهو لا تبلغ خيله ههنا ء وإن بلغت خيله لقت قنالاً ليس كقتال من لاق . قلت : أنا خارج 
غداً » فلما أيقن بمخرجي خلا به أخبوه , فقال : ما نحن فها ظهر عليه » وكل من أرسل إليه قد 
أجابه » فأصبح فأرسل إلي » فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعاً ٠‏ وصدقا النبي عَيه » وخليا 
بيني وبين الصدقة , وبين الحكم فيا بينهم , وكانا لي عونا على من خالفني2" . 

وسياق هذه القصة تدل على أن إرسال الكتاب إليهما تأخر كثيراً عن كتب بقية الملوك . 
والأغلب أنه كان بعد الفتح . 

وبهذه الكتب كان النبي عَيك قد أبلع دعوته إلى أكثر ملوك الأرض . فمنهم من امن به 
ومنهم من كفر . ولكن شغل فكرة هؤلاء الكافرين » وعرف لديهم باسمه ودينه . 


. 57 2. 57/# زاد المعاد‎ )١( 


-1711- 


النشاط العسكري 
بعد صلح ال حديبية 


غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد 


هذه الغزوة حركة مطاردة ضد فصيلة من بني فزارة قامت بعمل القرصنة في لقاح 
رسول لله ميته . 

وهي أول غزوة غزاها رسول الله َه بعد الحديبية » وقبل خيير . ذكر البخاري في ترجمة 
باب أمها كانت قبل خيبر بثلاث » وروى ذلك مسلم مسنداً من حديث سلمة بن الأكوع . 
وذكر الجمهور من أهل المغازي أنها كانت قبل الحديبية وما في الصحيح أصح مما ذكره أهل 
المغازي("2 . 

وخلاصة الروايات عن سلمة بن الأأكوع بطل هذه الغزوة أنه قال : بعث رسول الله عه 
اهز مر اانه رباع + ,لاعن يقر لل لطا ».فنا أسيسةا إلا عون رضن اررض ا 
أغار على الظهر » فاستاقه أجمع » وقتل راعيه » فقلت : يا رباح خذ هذا الفرس فابلغه طلحة » 
وأخبر رسول الله َيِل . ثم قمت على أكمة » واستقبلت المدينة » فناديت ثلاثا : يا صباحاه » ثم 
خرجت في اثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجر أقول : ظ 

أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع 

فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم » فإذا رجع إل فارس جلست في أصل الشجرة » ثم رميته 
فعمقرت به؛ حتى إذا دخلوا في تضايق الحبل علوته » فجعلت أرميهم بالحجارة » فما زلت 
كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله تعالى من بعير من ظهر رسول الله عه إلا خلفته وراء ظهري » 
وخلوا بيني وبينه » ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة » وثلاثين رمحا يستخفون » 
)١(‏ انظر صحيح البخاري باب غزوة ذات قرد ؟/7. وصحيح مسلم باب غزوة ذي قرد وغيرها 20 


٠6 14‏ ء وفتح الباري 450/17 + 45١‏ 45176 ء زاد المعاد ١7١/1‏ . 


717 - 


ولا يطرحون شيئاً إلا جعلت عليه اراما من الحجارة » يعرفها رسول الله عه وأصحابه . حتى 
أنوا متضايقاً من ثنية فجلسوا يتغدون » وجلست على رأس قرن » فصعد إلي منهم أربعة في 
الجبل » قلت : هل تعرفونني ؟ أنا سلمة بن الأكوع » لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته , 
ولا يطلبني فيدركني » فرجعوا . فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله عي يتخللون 
الشجر . فإذا أولهم أخرم . وعلى أثره أبو قتادة » وعلى أثره المقداد بن الأسود , فالتقى عبد الرحمن 
وأخرم » فعقر بعبد الرحمن فرسه » وطعنه عبد الرحمن فقةله » وتحول على فرسه ولحق أبو قتادة 
بعبد الرحمن فطعنه فقتله » وولى القوم مدبرين » نتبعهم , أعدو على رجلى » حتى يعدلوا قبل 
غروب الشمس إلى شعب فيه.فاء يقال له ذا قرد » ليشربوا منه » وهم عطاش » فاجايتهم عنه » 
فما ذاقوا قطرة منه » ولحقني رسول الله عَيتُهِ والخيل عشاء » فقلت : يا رسول الله إن القوم 
عطاش » فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما عندهم من السرح » وأخذت باعناق القوم , 
فقال : يا ابن الأكوع . ملكت فأسجح 22 , ثم قال : إنهم ليقرون الآن في غطفان . 

وقال رسول الله مُه : خير فرساننا اليوم أبو قتادة » وخير رجالتنا سلمة . وأعطافي 
سهمين » سهم الراجل وسهم الفارس ٠‏ وأردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة . 

استعمل رسول الله مله على المدينة في هذه الغزوة ابن أم مكتوم » وعقد اللواء للمقداد بن 
عمرو(" . 


. أسجح : أي مهل والمعنى قدرت فاعف‎ )١( 
: 1. 32س( انظر المصدرين السابقين » وزاد المعاد‎ 


- 7115 - 


(عزوة خيبر ووادي القرى) 
(في المحرم سنة /اله) 


كانت خيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على بعد ستين أو ثمانين ميلا من المدينة في 

جمة الشهال وهي الان قرية في مناخها بعض الوخامة . 
وي لقني 

ولما اطمآن رسول الله عي من أقوى أجنحة الأحزاب الثلاثة : دمة أمنا بات بعد الهدنة 
أراد أن يحاسب الحناحين الباقيين ‏ اليهود وقبائل نجد ‏ حتى يتم الأمن والسلام » ويسود الهدوء 
في المنطقة » ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله والدعوة إليه . 

وما كانت خيبر هي وكرة الدس والتآمر » ومركز الاستفزازات العسكرية ومعدن التحرشات 
وإثارة الحروب » كانت هي الجديرة بالتفات المسلمين أولا . 

أما كون خيبر بهذه الصفة , فلا ننسبى أن أهل خيير هم الذين حزبوا الأحزاب ضد 
المسلمين » وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة » ثم أخذوا في الاتصالات بالمنافقين - الطابور 
الخامس في المجتمع الاسلامي - وبغطفان وأعراب البادية ‏ الجناح الثالث من الأحزاب ‏ وكانوا 
هم أنفسهم يبيئون للقتال , فألقوا المسلمين بإجراءاتهم هذه في محن متواصلة » حتى وضعوا خطة 
لاغتيال النبي عه » وإزاء ذلك اضطر المسلمون إلى بعوث متوالية » وإلى الفتك برأس هؤلاء 
لمتامرين » مثل سلام بن أي الحقيق » وأسير بن رزام » ولكن الواجب على المسلمين إزاء هؤلاء 
الييود كان أكبر من ذلك . وإئما أبطأوا في القيام بهذا الواجب ؛ لأن قوة أكبر وأقوى وألد وأعند 

- وهي قريش - كانت مجاببة للمسلمين » فلما انتبت هذه المجاببة صفا الجو محاسبة 
هؤلاء امجرمين » واقترب هم يوم الحساب . 


75356 - 


الخروج إلى خيبر: 

قاال ابن إسحاق : أقام رسول الله َيه بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض 
لمحرم » ثم خرج في بقية انحرم إلى خيبر . 

قال المفسرون : إن خيبر كانت وعدا وعدها الله تعالى بقوله : « وعد ا مغانم 


م رع قار ال ل ىر ييا 


كديره تأخدوئها فَعَجَلَ ل هذ 4 48 ٠١:‏ ) يعني صلح الحديبية» وبالمغائم الكثيرة خيبر 
عدد الجيش الاسلامي: 

ولا كان المنافقون وضعفاء الايمان تحلفوا عن رسول الله عد في غزوة الحديبية 
تعالى نبيه عي فهم قائلا ول لسارت القت اك ران 
درويائت يوست أَدية مكمه َع قل لنت لك 4 هه لاله 0 
و لاا مهلام 4 وا 

ها أيه مول يروج إل عير أ أن لاخرع مه إن راغب في الجهاد : 
الليثي » والآول أصح عند امحققين(" . 

وحينئذ قدم أبو هريرة المدينة مسلما » فواى سباع بن عرفطة في صلاة الصبح فلما فرع من 
صلانه أى سباعا فزوده » حتى قدم على رسول الله عَيهِ وكلم المسلمين فاشركوه وأصحابه في 
سهماتهم . 
اتصال المنافقين باليهود: 

وقد قام المنافقون يعملون لليهود . فقد أرسل رأس النافقين عبد الله بن ألي إلى بود خيبر : 
أن تحمدا قصد قصد م وتوجه إليكم 4 فخلوا حذرم 4 ولا افوا منة ) فإن عدد م وعدتكم 
كثيرة » وقوم محمد شرذمة قليلون » عزّل لا سلاح معهم إلا قليل . فلما علم ذلك أهل خيير . 
أرسلوا كنانة بن ألي الخقيق وهوذة بن قيس إلى غطفان . يستمدو:هم ل نهم كانوا حلفاء يبود 
)١(‏ انظر فتح الباري 7ه »ء زاد المعاد ١*”*/7‏ . 


3 143 3 


- 75060 


خيبر » ومظاهرين لهم على المسلمين . وشرطوا لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين . 
الطريق إلى خيبر: 
وسلك رسول الله عه في اتجاهه نحو خيدر جبل عصر ( بالكسر وقيل بالتحريك ) ثم على 
الصهباء » ثم نزل على واد يقال له الرجيع , وكان بينه وبين غطفان مسيرة يوم وليلة » فتبيات 
غطفان وتوجهوا إلى خيير , لإمداد اليهود » فلما كانوا ب يبعض الطريق سمعوا من خلفهم حساً 
ولغطأ » فظنوا أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا » وخلوا بين رسول الله مره وبين 
خيبر . 
ثم دعا رسول الله عل الدليلين 5 يسلكان بالجيش - وكان اسم أحدهما 
حسيل - ليدلاه على الطريق الأحسن » حتى يدخخل خيبر من جهة الشمال - أي جهة الشام - 
فيحول بين اليهود وبين طريق فرارهم إلى الشام كا يحول بينهم وبين غطفان . 
قال أحدهما : أنا أدلك يا رسول الله - عَيِ - » فأقبل حتى انتبى إلى مفرق الطرق 

المتعددة وقال : يا رسول الله هذه طرق يمكن الوصول من كل منها إلى المقصد » فأمر أن يسميها 
له واحداً واحداً . قال : اسم واحد منها حزن فألى النبي عه من سلوكه » وقال : اسم الآخر 
شاش » فامتنع منه أيضاً وقال : امم آخر حاطب . فامتنع منه أيضاً » وقال حسيل : فما بقي إلا 
واحداً قال عمر : ما اسمه قال : مرحب ء فاختار النبي عه سلوكه . 
بعض ما وقع في الطريق: 

, عن سلمة بن الأكوع قال : خرجنا مع النبي عَيه إلى خيير فسرنا ليلا ء فقال‎ ١ 
رجل من القوم لعامر : يا عامر ألا تسمعنا من هنوباتك ؟ ب وكان..عامر رجلا شاعرا. - فنزل‎ 
: يحدو بالقوم . يقول‎ 

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقناولا صلينا 

فاغفر فداء لك ما اتقينا ‏ وثبت الاقدام إن لاقهينا 

وألقفين سكينةعلينا إنا إذا صيح بناأبينا 
وبالصياح عولوا علينا 


57 - 


فقال رسول الله عَكَهِ  :‏ من هذا السائق » ؟ قالوا : عامر بن الأكوع . قال : ٠‏ يرحمه 
الله » . قال رجل من القوم : وجبت يا نبي الله » لولا أمتعتنا به("» 

وكانوا يعرفون أن رسول الله عَييلَهِ لا يستغفر لانسان يخصه إلا استشهد” , وقد وقع في 
حرب يبر . 

؟ - وفي الطريق أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا 
اله ) فقال رسول الله عله رعق السك اك لا تدعرن امم ولاعانا ركه 
تدعون سميعاً قريياً؟ . 

" - وبالصبياء من أدنى خيير صلى العصر ء ثم دعا بالأزواد » فلم يت إلا بالسويق فامر به 
فثري » فأكل وأكل الناس » ثم قام إلى المغرب » فمضمض ؛ ومضمض الناس . ثم صلى ولم 
يتوضاً2؟» , ثم صلى العشاء" . 
الجيش الاسلامى إلى أسوار خيبر: 

بات المسلمون الليلة الأخيرة التي بدأ في صباحها القتال قربي من خيبر » ولا تشعر بهم 
اليهود.ء وكان النبي عَيُِه إذا أنى قوماً بليل لم يقربهم حتى يصبح » فلما أصبح صلى الفجر 
بغلس » وركب المسلمون » فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم » ولا يشعرون » بل خخرجوا 
لأرضهم » فلما رأوا الجيش قالوا : محمد . والله محمد والخميس » ثم رجعوا هاربين إلى مدينتهم » 
فقال النبي عَوْيتهِ : ؛ الله أكبر » خربت خيبر » الله أ بر خربت خيبر . إنا إذا نزلنا بساحة قوم 
فساء صباح المنذرين" 

وكان النبي مَرييهِ اختار لمعسكره منزلاً » فأتاه حباب بن المنذر فقال : يا رسول الله أرأيت 
هذا المنزل أنزلكه الله » أم هو اللأي في الحرب ؟ قال : ١‏ بل هو الرأي » » فقال : يا رسول الله 
)0( صحيح البخاري باب غزوة خيير 307/1 , صحيح مسلم باب غزوة ذي قرد وغيرها 116/1 . 
(؟) نفس المصدر الآخير . 


)4 صحيح البخاري ٠١8/7‏ . 
(4) نفس المصدر 507/9 . 


(ه) مغازي الواقدي ( غزوة خخيير ص؟١١‏ ) . 
() صحيح البخاري باب غزوة خيير 507/7 :75804 . 
اال 


إن هذا المنزل قريب جداً من حصن نطاة » وجميع مقاتلي خيبر فيها » وهم يدرون أحوالنا » ونحن 
لا ندري أحواهم » وسبهامهم تصل إلينا . وسهامنا لا تصل إليهم » ولا نأمن من بياتهم » وأيضاً 
هذا بين النخلات » ومكان غائر » وأرض وخخيمة » لو أمرت بمكان خخال عن هذه المفاسد نتخذه 
معسكراً . قال عََه : « الرأي ما أشرت » ثم تحول إلى مكان آخر » . 

ولا دنا من خيبر وأشرف عليها قال : ١‏ قفوا » . فوقف الحيش فقال : ١‏ اللهم رب السعاوات 
السبع وما أظللن » ورب الأرضين السبع وما أقللن » ورب الشياطين وما أضللن , فإنا لنسألك 
خير هذه القرية » وخير أهلها » وخير ما فيها » ونعوذ بك من شر هذه القرية » وشرء أهلها » وشر 
ما فيها » أقدموا بسم الله 206 . 
التهيؤ للقتال وحصون خيبر: 

ولما كانت ليلة الدخول قال : « لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه , 
ورسوله » » فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله َكل ؛ كلهم يرجو أن يعطاها فقال : ٠‏ 
لون لوتيد قا ابييل لل عريضاتي ميا لل دازف أ 
فبصق رسول الله عل في عينيه ممعي روغ لد الع 
لاسرال اناا عر با ين عيرس سو ييا الاي ا در 
واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم9 . 

وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين » شطر فيها خمسة حصون : 


"' - حصن قلعة الزيير 
4 - حصن ألي 5 
)١(‏ ابن هشام 3059/19 . ظ 
هه وكان لأجل هذه الشكوى تخلف في أول المسير » ثم لحق بالحيش . 
(*) صحيح البخاري باب غزوة خيبر 0.5/7 » 507 » ويؤخذ من بعض الروايات أن إعطاء الراية لعلي كان بعد 
فشل عدة محاولات لفتح حصن من حصونهم . والراجح عند المحققين هو ما ذكرنا . ظ 
-7358 - 


ه - حصن النزار . 
والحصون الثلاثة الأولى تقع في منطقة يقال لها ( النطاة ) . وأما الحصنان الآخران فيقعان 
في منطقة تسمى بالشق . 
أما الشطر الثاني . ويعرف بالكتيبة » ففيه ثلائة حصون فقط : 
- حصن القموص ( كان حصن بني ألي الحقيق من بني النضير ) . 
- حصن الوطيح . 
م٠‏ - حصن السلالح . 
وني خيبر حصون وقلاع غير هذه الثانية » إلا أنبا كانت صغيرة لا تبلغ إلى درجة هذه 
القلا ع في مناعتها وقوتها . 
والقتال المرير إنما دار في الشطر الأول منها , أما الشطر الثاني فحصونها الثلائة مع كثرة 
المحاربين فيبا سلمت دونا قتال . 


بدء المعركة وفتح حصن 


اي 
الأول لليهود لمكانه الاستراتيجي . وكان هذا الحصن هو حصن مرحب البطل اليبودي الذي 
كان يعد بالألف . 

خرج علي بن أي طالب رضي الله عنه بالمسلمين إلى هذا الحصن . ودعا الييود إلى 
الاسلام ؛ فرفضوا هذه الدعوة , وبرزوا إلى المسلمين ومعهم ملكهم مرحب » فلما خرج إلى 
ميدان القتال دعا إلى المبارزة . قال سلمة بن الأأكوع : فلما أتينا خيبر خرج ملكهم مرحب 


يخطر بسيفه يقول : 
قد علمت خيبير أني مرحب شاكي السلاح بطل محرب 
إذا الحروب أقبلت تلهب 
فبرز له عمي عامر فقال : 


قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغنسامر 
- 554 - 


فاختلفا ضربتين » فوقع سيف مرحب في ترس عمي عامر » وذهب عامر يسفل له » وكان 
سيفه قصيرا » فتناول به ساق اليبودي ليضربه » فيرجع ذباب سيفه » فاصاب عين ركبته فمات 
منه » وقال فيه النبي عَيكه : ؛ إن له لأجرين وجمع بين أصبعيه , إنه لحاهدٌ محاجدٌ قل عرني مثى 
ا مثله »() , 2 
٠‏ ويبدو أن مرحبا دعا بعد ذلك إلى البراز مرة أخرى , وجعل يرتجز بقوله : قد علمت خيبر 
أني مرحب .. إلخ» فبرز له على بن أني طالب . قال سلمة بن الأكوع : فقال علي : 

أنا الذي سمعني أمي حيدره كليث غابات كريهالمنظره ‏ 

اوفيهيم بالصاع كيل السندره 

فضرب رأس مرحب فقتله » ثم كان الفتح على يديه22 . 

ولا دنا على رضي الله عنه من حصونهم اطلع يبودي من رأس الحصن » وقال : من أنت » 
فقال : أنا على بن ألي طالب » فقال المبودي : علوتم وما أنزل على موسى . 

ثم خرج ياسر أخو مرحب وهو يقول : من يبارز ؟ فبرز إليه الزيير » فقالت صفية أمه : 
يا رسول الله » يقتل ابني ؟ قال : « بل ابنك يقتله » . فقتله الزيير . 

ودار القتال المرير حول حصن ناعم » قتل فيه عدة سراة من اليبود » انبارت لأجله مقاومة 
الهيود » وعجزوا عن صد هجوم المسلمين » ويؤخذ من المصادر أن هذا القتال دام أياما لاق 
المسلمون فيها مقاومة شديدة » إلا أن اليبود يشسوا من مقاومة المسلمين » فتسللوا من هذا الحصن 
إلى حصن الصعب , واقتحم المسلمون حصن ناعم . 


فتح حصن الصعب بن معاذ: 
وكان حصن الصعب الحصن الثاني من حيتث القَوة والمناعة بعل حصن ناعم 4 قام المسلمون 
)١(‏ صحيح مسلم باب غزوة خيبز 177/7 » باب غزوة ذي قرد وغيرها ١1١0/7‏ ء صحيح البخاري باب غزوة 
خيبر 50/37 . ظ 
(؟) بين المصادر اختلاف كبير في الرجل الذي قتل مرحباً » وفي اليوم الذي قتل فيه » وفتح هذا الحصن . وبعض 
هذا /الاختلاف موجود في سياق روايات الصحيحين أيضاً , وهذا الترتيب أخذناه بعد ترجيح سياق رواية 
البخاري . ش | 


> 


بالهجوم عليه تحت قيادة الحباب بن المنذر الأنصاري » ففرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام » وفي 
اليوم الثالث » دعا رسول الله عَم لفنتح هذا الحصن دعوة خاصة . 

وروى ابن إسحاق : أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله عَيْيّهِ » فقالوا : لقد جهدنا 
وما بأيدينا من شيء » فقال : « اللهم إنك قد عرفت حاهم » وأن ليست بهم قوة » وأن ليس 
بيدي شيء أعطيهم إياه » فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء » وأكثرها طعاماً وودكا » . فغدا 
الناس ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ . وما بخيير حصن كان أكثر طعاماً وودكا 
منه(؟ , 

ولا ندب النبي عَيُْه المسلمين بعد دعائه لمهاجمة هذا الحصن كان بنو أسلم هم المقاديم في 
المهاجمة . ودار البراز والقتال أمام الحصن . ثم فتح الحصن في ذلك اليوم قبل أن تغرب 
الشمس . ووجد فيه المسلمون بعض المنجنيقات والدبابات . 

ولأجل هذه امجاعة الشديدة التي ورد ذكرها في رواية إبن إسحاق كان رجال من الجيش قد 
ذبحوا الحمير » ونصبوا القدور على النيران » فلما علم رسول الله عَيُهِ بذلك مبى عن لحوم الحمر 


الي 


فتح قلعة الزبير: 


وبعد فتح حصن ناعم والصعب تحيل اليبود من كل حصون النطاة إلى قلعة الزيير » وهو 
حصن منيع في رأس قلة » لا تقدر عليه الخيل والرجال لصعوبته وامتناعه » ففرض عليه 
رسول الله ع الحصار ء وأقام محاصراً ثلاثة أيام . فجاء رجل من اليهود » وقال : يا أبا القاسم 
إنك لو أقمت شهرا ما بالوا » إن لهم شرابا وعيونا تحت الأرض » يخرجون بالليل ويشربون منها , 
م يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك » فإن قطعت مشربهم عليه أصحروا لك . فقطع ماءهم 
علييم » فخرجوا فقاتلوا أشد القتال » قتل فيه نفر من المسلمين » وأصيب نحو العشرة من 
الييود » وافتتحه رسول الله عا . 


. ابن هشام ملخصا ؟/7357 , والودك : دمم اللحم‎ )١( 
1 


فتح قلعة أبي: 

وبعد فتح قلعة الزيير انتقل اليبود إلى قلعة أبي وتحصنوا فيه » وفرض المسلمون عليهم 
الحصار » وقام بطلان من اليهود واحد بعد الآخر بطلب المبارزة » وقد قتلهما أبطال المسلمين » 
وكان الذي قتل المبارز الثاني هو البطل المشهور أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري صاحب 
العصابة الحمراء » وقد أمسرع أبو دجانة بعد قتله إلى اقتحام القلعة » واقتحم معه الحيش 
الاسلامي » وجرى قتال مرير ساعة داخل الحصن . ثم تسلل اليهود من القلعة » وتحولوا إلى 


حصن النزار اخر حصن في الشطر الأول . 
فتح حصن النزار: 


كان هذا الحصن أمنع حصون هذا الشطر ء وكان اليهود على شبه اليقين بأن المسلمين 
لا يستطيعون اقتحام هذه القلعة » وإن بذلوا قصاري جهدهم في هذا السبيل » ولذلك أقاموا في 
هذه القلعة مع الذراري والنساء » بيئا كانوا قد أخلوا منها القلاع الاربعة السابقة . 

وفرض المسلمون على هذا الحصن أشد الحصار . وصاروا يضغطون عليهم بعنف » ولكون 
الحصن يقع على جبل مرتفع منيع لم يكونوا يجدون سبيلاً للاقنحام فيه » أما الييود فلم يجترئوا 
للخروج من الحصن . للاشتباك مع قوات المسلمين » لكنهم قاوموا المسلمين مقاومة عنيدة برشق 
النبال » وبالقاء الحجارة . 

وعندما استعصى حصن النزار على قوات المسلمين » أمر النبي عه بنصب الات 
المنجنيق » ويبدو أن المسلمين قذفوا بها القذائف », فاوقعوا الخلل في جدران الحصن » واقتحموه ‏ 
ودار قتال مرير في داخل الحصن » انهزم أمامه اليبود هزيمة منكرة » وذلك لأمهم ل يتمكنوا من 
التسلل من هذا الحصن كا تسللوا من الحصون الأخرى » بل فروا - من فروا ‏ من هذا الحصن 
تاركين للمسلمين نساءهم وذراريهم . ظ 
ويعد فتح هذا الحصن المنيع تم فتح الشطر الأول من خيبر » وهي ناحية النطاة والشق » 
وكانت في هذه الناحية حصون صغيرة أخرى » إلا أن الييود بمجرد فتح هذا الحصن أخلوا هذه 
الحصون , وهربوا إلى الشطر الثاني من بلدة خيبر . 


- 797 ل 


فتح الشطر الثانى من خيبر: 

ولما فتح ناحية النطاة والشق » تحول رسول الله عي إلى أهل الكتيبة والوطيح والسلام 
حصن أي الحقيق من بني النضير » وجاءهم كل فل كان انهزم من النطاة والشق » وتحصن هوٌلاء 

واختلف أهل المغازي هل جرى هناك قتال في أي حصن من حصونها الثلاثة أم لا ؟ 
فسياق ابن إسحاق صرع في جريان القتال لفتح حصن القموص . بل يؤخذ من سياقه أن هذا 
الحصن تم فتحه بالقتال فقط من غير أن يجري هناك مفاوضة للاستسيلام2"0 . 

أما الواقدي » فيصرح تمام التصريح أن قلاع هذا الشطر الثلاثة إنما أخذت بعد المفاوضة » 
ويمكن أن تكون المفاوضة قد جرت لاستلام حصن القموص بعد إدارة القتال . وأما الحصنان 
الاخران فد سلما إلى المسلمين دوتما قتال . 

ومهما كان فلما أنى رسول الله عله إلى هذه الناحية. الكتيبة ‏ فرض علٍ أهلها أشد 
الخحصار 1 ودام الحصار أربعة عشر يوما ) واليبود لا يخرجون من حصونهم » حتى هم 
رسول الله عه أن ينصب عليهم المنجنيق » فلما أيقنوا بال هلكة سألوا رسول الله عه الصلح . 
المحاوضة: 

وأرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله عه : أنزل فأكلحك ؟ قال : نعم فنزل » وصالح على 
حقن دماء من في حصونبهم من المقاتلة » وترك الذرية لهم » ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم » 
ويخلون بين رسول الله ع وبين ما كان لهم من مال وأرض وعلى الصفراء والبيضاء ‏ أي 
الذهب والفضة - والكراع والحلقة إلا ثوباً على ظهر إنسان”" . فقال رسول الله َيه : وبرئت 
منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئاً » فصا حوه على ذلك27 . وبعد هذه المصالحة تم 
تسليم الحصون إلى المسلمين » وبذلك ثم فتح خيبر . 
)١(‏ ابن هشام 271/9 7/5 . 
(؟) ولكن صرح في رواية ألي داود أنه عاهد على أن المسلمين يسمحون لليبود عند جلاثهم عن خيبر أن يأخذوا من 

الأموال ما حملت ركابهم ( انظر سنن ألي داود » باب ما جاء في حكم أرض خيير 7/3/9 ) . 
(5) زاد المعاد ١757/9‏ . 


731975 - 


قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهد: 

ول رفع افيد عب وان مقرو عا راجيا سيا نيه بال يتل وين 
أخطب » كان احتمله معه إلى خيير حين أجليت النضير . 

قال ابن إسحاق : وأتي رسول الله عه بكنانة بن الربيع » وكان عنده كنز بني النضير » 
فسأله عنه » فجحد أن يكون يعرف مكانه » فأتى رجل من اليهود فقال : إني رأيت كنانة يطيف 
يذه الخربة كل غداة . فقال : رسول الله ع2 لكنانة : أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك ؟ قال : 
نعم ! فأمر بالخربة » فحفرت » فأخرج منها بعض كتزهم » ثم سأله عما بقي » فألى أن يؤّديه . 
فدفعه إلى الزيير » وقال : عذبه حتى تستأصل ما عنده » فكان الزيير يقدح بزند في صدره حتى 
اردع ان ل تله وول 217 ل ول اميد ون ةب لوي 0 اا 
مَسُلمة ( وكان محمود قتل تحت جدار حصن ناعم ألقى عليه الرحى » وهو يستظل بالجدار 
فمات ). 

وذكر ابن القيم أن رسول الله مُه أمر بقتل ابني ألي الحقيق » وكان الذي اعترف عليبما 
باخفاء المال هو ابن عم كنانة . ش 

بت رمعل فقا 87ل ميان يدت سنن بن النطان ع ار ترس ان ابن أل اناي 
وكانت روف حديثة عهد بالدخول . 
قسمة الغنانم: 

وأراد رسول الله عل أن يحلى اليبود من خيبر » فقالوا : يا محمد , دعنا نكون في هذه 
الأرض نصلحها . ونقوم عليبا » فنحن أعلم بها منكم , ولم يكن لرسول الله َيه ولا لأصحابه 
غلمان يقومون عليها » وكانوا لا يفرغون يقومون عليها » فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل 
زرع » ومن كل شر م دا لرسول ال ع أن يقرهم . وكان عبد لل بن رواحة يغصه عم . 

وقسم أرض خيبر على ستة وثلائين سهماً » وجمع كل سبم مائة سهم » فكانت ثلاثة اللاف 
وستائة سهم » فكان لرسول الله عه والمسلمين النصف من ذلك وهو ألف وثمانمائة سهم . 
لرسول الله عله سهم كسهم أحد المسلمين » وعزل النصف الآخر وهو ألف وثمانفائة سهم : 


- 377 


يب لنوقيه .وما ينزل دعن أمور:المتلمين ع بوإنا قسنت عل الك :وقاقاقة ميوت لحا كانت 
طعمة من الله لأهل الحديبية من شبد منهم ومن غاب » وكانوا ألفا وأربعمائة وكان معهم مائتا 
فرس » لكل فرس سهمان » فقسمت على ألف وقانفائة سهم » فصار للفارس ثلاثة أسهم : 
وللراجل سهم واحد'" . 

ويدل على كثرة مغانم خيبر ما رواه البخاري عن ابن عمر قال : ما شبعنا حتى فتحنا 
خيبر » وما رواه عن عائشة قالت : لما فتحت خيبر قلنا : الآن نشبع من القر("؟ . ولما رجع 
رسول الله َيه إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من 
النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل7" . 


قدوم جعفر بن أبي طالب والاشعريين: 

وفي هذه الغزوة قدم عليه ابن عمه جعفر بن أبي طالب وأصجابه » ومعهم الأشعريون أبو 
موسبى وأصحابه . 

قال أبو موسى : بلغنا محرج رسول الله عله ونحن بالهن » فخرجنا مهاجرين - أنا وأخوان 
لي - في بضع وخمسين رجلا من قومي » فركبنا سفينة ‏ فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة ‏ 
فوافقنا جعفراً وأصحابه عنده , فقال : إن رسول الله عَهيلةِ بعثنا وأمرنا بالاقامة » فأقيموا معناء 
فأقمنا معه حتى قدمنا فوافقنا رسول الله عي حين فتح خيير » فأسهم لناء وما قسم لأحد غاب 
عن فتح خيبر شيئاً إلا لمن شبد معه , إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه » قسم لهم 


معهم9؟ . 
وما قدم جعفر عل النبي عَتّه تلقاه وقبله » وقال : والله ما أدري بأيهما أفرح ؟ بفتح خيير 
ام بقلوم جعفر" 


.1١"811ا/؟ زاد المعاد‎ 40١1١ 

(؟1) صحيح البخاري 509/7 . 

(49 زاد المعاد ١48/7‏ ء صحيح مسلم 975/7 . 

(4) صحيح البخاري 447/١‏ ء وانظر أيضاً ضح الباري 184/7 » 488 487٠1447٠‏ . 
(ه)» زاد المعاد ١389/9‏ . 


- 599/60 


وكان قدوم هؤلاء على أثر بعث الرسول ع إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري . يطلب 
توجبههم إليه » فأرسلهم النجاشي على مركبين , وكانوا ستة عشر رجلاً » معهم من بقي من 
نسائهم وأولادهم . وبقيتهم جاؤوا إلى المدينة قبل ذلك . 
الزواج بصفية: 

ذكرنا أن صفية جعلت في السبايا حين قتل زوجها كنانة بن أني الحقيق لغدره » ولما جمع 
السبي جاء دحية بن خليفة الكلبي . فقال : يا نبي الله » أعطني جارية من السبي . فقال : 
اذهب فخذ جارية . فأخذ صفية بنت حبي » فجاء رجل إلى النبي عه فقال : يا نبي الله 
أعطيت دحية صفية بنت حبي سيدة قريظة وبني النضير » لا تصلح إلا لك » قال : ادعوه بها . 
فجاء بهاء فلما نظر إليها النبي عه قال : خذ جارية من السبي غيرها » وعرض عليها 
النبي عه الاسلام فأسلمت » فأعتقها وتزوجها » وجعل عتقها صداقها » حتى إذا كان بسد 
ووم عليها حيس من القر والسمن والسويق » وأقام عليها ثلاثة أيام في الطريق يبني بها29 . 

ورأى بوجهها خضرة » فقال : ما هذا ؟ قالت : يا رسول الله » رأيت قبل قدومك علينا 
كأن القمر زال من مكانه » وسقط في حجري »ء ولا والله ما أذكر من شأنك شيئاً » فة فقصصتها 
على زوجي » فلطم وجهي . فقال : تّنين هذا الملك الذي بالمدينة29 . 


أمر الشاة المسمومة: 

ولا اطمن رسول الله بخيير بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث » - امرأة سلام بن 
مشكم - شاة مصلية » وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله عه ؟ فقيل لها : الذراع , 
فأكثرت فيها من السم . يي ا ا ريا مسا 
رسول الله مه تناول الذراع » فلاك منها مضغة » فلم يسغها يسغها, ولفظها . ها : إن هذا 


. ١78/١ محاضرات تاريخ الأم الإسلامية للخضري‎ )١( 
. 7/9 .05ت زاد المعاد‎ 504/5 » 1١ (؟) صحيح البخاري‎ 
. نفس الصدر الأخيرء واين هشام دم‎ 0 


1 


العظم ليخبرني أنه مسموم . ثم دعا بها فاعترفت . فقال : ما ملك على ذلك ؟ قالت : قلت : 
إن كان ملكا استرحت منه , وإن كان نبياً فسيخير» فتجاوز عنها . 

وكان معه بشر بن البراء بن معرور , أخذ منها أكلة » فأساغها . فمات منبا . 

واختلفت الروايات في التجاوز عن امرأة وقتلها . وجمعوا بأنه تجاوز عنها أولاً » فلما مات 


00 
قتلى الفريقين فى معارك خيبر: 


من أشجع » وواحد من أسلم » وواحد من أهل خيبر » والباقون من الأنصار . 

ويقال : إن شهداء المسلمين في هذه المعارك لم١‏ رجلة . وذكر العلامة المنصور فوري 8 ١‏ 
رجلا » ثم قال: : في وجدت بعد التنفحص.7؟ اسما » واحد منها في الطيري فقط , وواحد عند 
الواقدي فقط . وواحد مات لأجل أكل الشاة المسمومة » وواحد اختلفوا هل قتل في بدر أو 
خيبر . والصحيح أنه قتل في بدر9 . 

أما قتلى اليبود فعددهم ثلائة وتسعون قتيلاً . 
فدك: 

ونا بلغ رسول الله عي إلى خيدر » بعث محيصة بن مسعود إلى يبود فدك ؛ أيدذعوهم إلى 
الإسلام فابطأوا عليه » فلما فتح الله خيير قذف الرعب في قلوبهم » فبعثوا إلى رسول الله كك 
يصالحونه على النصف من فدك ١‏ ؛ بمثل ما صالح عليه أهل خيبر » فقبل ذلك منهم . فكانت فدك 
لرسول الله ميل خالصة , لأنه لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب . 





. انظر زاد المعاد 8/10" ا .1 ل2 فتح الباري 1 ؛ وأصل القصة مروية في البخاري مطولاً وختصراً‎ )١( 
./م‎ , 7810/١ ولي ابن هشام‎ م00١5‎ 445/١ 

(5) رحمة للعالمين 2558/5 7.2558" . 

5) ابن هشام 771/7 , 7077 . 


- 7717 - 


وادي القرى: 

ولما فرغ رسول الله عَم من خخيير » انصرف إلى وادي القرى » وكان بها جماعة من اليبود » 
وانضاف إليهم جماعة من العرب . 

فلما نزلوا استقبلتهم هود بالرمي وهم على تعبئة » فقتل مدعم عبد لرسول الله ع » فقال 
الناس : هنيئاً له الجنة » فقال النبي عَيْيتّه : كلا . والذي نفسبي بيده إن الشملة التي أخذها يوم 
خيير من المغانم » لم تصبها المقاسم , لتشتعل عليه نار . فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى 
النبي عَتُه بشراك أو شراكين » فقال النبي مَل : شراك من نار أو شراكان من نار("© . 

نم عباً رسول الله عله أصحابه للقتال » وصفهم » ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة » وراية 
إلى الحباب بن المنذر » وراية إلى سبل بن حنيف » وراية إلى عبّاد بن بشر ء ثم دعاهم إلى 
الإسلام فأبوا » وبرز رجل منهم » فبرز إليه الزيير بن العوام فقتله ‏ ثم برز آخخر فقتله » ثم برز اخر 
فبرز إليه علي , بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله » جتى قتل منهم أحد عشر رجلاً » كلما قئل 
منبم رجل دعا من بقي إلى الإسلام . 

وكانت. الصلاة تحضر هذا اليوم ابعر امح هاعرت إلى الإإسلام وإلى 
الله ورسوله » فقاتلهم حتى أمسوا ء وغدا عليهيم ٠‏ فلم ترا تفع الشمس قيد ريح حتى أعطوا 
ما بأيديهم » وفتحها عنوة » وغنمه الله أموالهم » وأصابوا أثاثاً ومتاعاً كثيراً . 

وأقام رسول الله َيه بوادي القرى أربعة أيام » وقسم على أصحابه ما أصاب بها » وترك 
الأرض والنخل بأيدي اليهود » وعاملهم عليها”" ( م عامل أهل خيير ) . 
ثيماء : 


المسلمين » دبل يعوا من للماء العسىم يعرضوت الصا . فقبل ذلك منهم رسول الله كه » 
وأقاموا بأمواه7) 6 وكتب هم بذلك كتاياً 6 وهاك نصه : هذا كتاب محمد وشول الله لبي 


. 508/5 صحيح البخاري‎ )١( 
. 1١847 011557/5 زاد المعاد‎ )50( 
. ١49/5 نفس المصدر‎ )09 


- 1778 


عاديا » إن هم الذمة » وعليبم الجزية » ولا عداء ولا جلاء » الليل مد , والنهار شد » وكتب 
خالد بن سعيد2"2 . 


العودة إلى المدينة: 

م أخذ رسول الله في العودة إلى المدينة » وفي مرجعه ذلك سار ليلة » ثم نام في آخر الليل 

ببعض الطريق » وقال لبلال : 1 اي للبت لالوعاتن زعر ويه ال ااعانوم 
قم يسيقظ أحد ء حت شرم الشمس ؛ أول من اميقظ بد ذلك و ل ا 
السْنف 29 

وبعد النظر في تفصيل معارك خيبر يبدو أن رجوع النبي عَيهِ كان في أواخر صفر أو في 
سرية أبان بن سعيد: 

كان النبي َيه يعرف أكثر من كل قائد عسكري أن إخلاء المدينة تَاماً بعد انقضاء 
الأشهر الحرم ليس من الحزم قطعاً » بينا الأعراب ضاربة حوها تطلب غرة المسلمين للقيام بالنبب 
والسلب أو أعمال القرصنة » ولذلك أرسل سرية إلى نجد لارهاب الأعراب » تحت قيادة أبان بن 
سعيد » بينا كان هو إلى خيبر » وقد رجع أبان بن سعيد بعد قضاء ما كان واجباً عليه » فوافى 
النبي َيه بخيبر » وقد افتتحها . 

والأغلب أن هذه السرية كانت في صفر سنة /اه . ورد ذكر هذه السرية في البخاري92© . 
قال ابن حجر : لم أعرف حال هذه السرية9؟ . 





)0( أبن سعد . 
(1) ابن هشام 510/7 , والقصة معروفة مروية في عامة كتب الحديث : وانظر زاد المعاد ١417/7‏ . 
ونه انظر صحيح البخاري باب غزوة خيبر 5908/7 508 . 
(45) فتح الباري 451/17 . 
7 


بقية السرايا والغزوات 


فى السنة السابعة 


غزوة ذات الرقاع: 

ولا فرغ رسول الله كه عن كسر جناحين قويين من أجنحة الأحزاب الثلاثة ؛ تفرغ تام 
للالتفات إلى الجناح الثالث » أي إلى الأعراب القساة الضاربين في فيافي نجد , والذين ما زالوا 
يقومون بأعمال النبب والسلب بين اونة وأخرى . 

ولما كان هؤلاء البدو لا تجمعهم بلدة أو مدينة » ولم يكونوا يقطنون الحصون والقلاع ‏ 
كانت الصعوبة في فرض السيطرة عليهم وإخماد نار شرهم تام تزداد بكثير عما كانت بالنسبة إلى 
أهل مكة وخيبر , ولذلك لم تكن تحدي فيهم إلا حملات التأديب والارهاب » وقام المسلمون 
واي ا 
قام رسول الله ع بحملة تاديبية عرفت بعزوه ةذات لرقاع . 

وعامة أهل المغازي يذكرون هذه الغزوة في السنة الرابعة » ولكن مساهمة ألي مومبى 
وقعت في شهر ربيع الآول سنة /اه . 

وملخص ما ذكره أهل السير حول هذه الغزوة أن النبي عي مع باجتاع أنمار أو بي ثعلبة 
وبي كارب من عطفاد » فأسرع بالخروج إليهم في أربعمائة أو سبعمائة من أصحابه » واستعمل 
على امدبنة أبا ذر أو عبان بن عفان , وسار فول في بلادهم حت وص] ل 
يومئذ صلاة الخوف . 


لوت 


وني البخاري عن أي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله عَيكه ونحن 
ستة نفر بيننا بعير نعتقبه » فنقبت أقدامنا » ونقبت قدماي » وسقطت أظفاري . فكنا نلف على 
أرجلنا الخرق . فسميت ذات الرقاع ؛ لما كنا نعصب الخرق على أرجلنا'؟ . 


وفيه عن جابر : كنا مع النبي عي بذات الرقاع » فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها 
لو سيو ا ارانيد ؛ يستظلون بالشجر » ونزل 
ربسول الله عَيه تحت شجرة فعلق بها سيفه . قال جابر متا نومة ؛ فججناء رتجل من 
المشمركين ؛ فاخترط سيف رسول الله عله » فقال : أتخافني ؟ قال : لا . قال : فمن يمنعك 
مني ؟ قال : الله . قال جابر : فإذا رسول الله عَيْْتهِ يدعونا » فجثنا فإذا عنده أعرالي جالس , 
فقال رسول الله عقا : إن هذا اخترط سيفي وأنا نام ؛ فاستيقظت وهو في يده صلتاء فقال 
لي : من يمنعك مني ؟ قلت : الله . فها هو ذا جالس . ثم لم يعاتبه رسول الله عللته . 

وف رواية : وأقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين , ثم تأخروا . وصلى بالطائفة الأأخرى 
ركعتين » وكان للنبي عَيْ أربع » وللقوم ركعتان9 . 

وني رواية أي عوانة : فسقط السيف من يده , فأخذه رسول الله عَم » فقال : من يمنعك 
مني ؟ قال : كن خير اخذ . قال : تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ قال الأعرابي : 
أعاهدك أن لا أقاتلك ‏ ولا أكون مع قوم يقاتلونك , قال : فخلى سبيله . فجاء إلى قومه » فقال 
جنتكم من عند خخير الناس92) 

وني رواية البخاري قال مسدد عن أبي عوانة عن ألي بشر : اسم الرجل غورث بن الحارث(1) 
قال ابن حجر : ووقع عند الواقدي في سبب هذه القصة أن اسم الأعراني دعثور , وأنه أسلم . 
لكن ظاهر كلامه أنهما قصتان في غزوتين والله أعله* . 

وني مرجعهم من هذه الغزوة سبوا امرأة من المشركين » فنذر زوجها أن لا يرجع حتى بريق 





. ١18/5 صحيح البخاري باب غزوة ذات الرقاع 5917/5 . وصحيح مسلم باب غزوة ذات الرقاع‎ )١( 
. 797/5وه‎ 014.8 5.١1/١ صحيح البخاري‎ )١( 

(*) مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص574 ٠‏ وانظر فتح الباري 415/7 . 

(15) صحيح البخاري 0917/7 . 

(5) فتح الباري 478/10 . 


738١1 


دماً في أصحاب محمد عله » فجاء ليلاً » وقد أرصد رسول الله َه رجلين ربيئة20 للمسلمين 
من العدو » وهما عباد بن بشر وعمار بن ياسر » فضرب عبادا وهو قائم يصلي بسهم فنزعه » ولم 
يطل صلاته » حتى رشقه بثلاثة أسهم » فلم ينصرف منها حتى سلم » فأيقظ صاحبه » فقال : 
سبحان الله » هلا نبهتني » فقال : إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها”" . 

كان لهذه الغزوة أُثر في قذف الرعب في قلوب الأعراب القساة » وإذا نظرنا إلى تفاصيل 
السرايا بعد هذه الغزوة ؟ نرى أن هذه القبائل من غطفان لم تحترىء أن ترفع رأسها بعد هذه 
الغزوة » بل استكانت شيئاً فشيئا حتى استسلمت » بل وأسلمت ٠‏ حتى نرى عدة قبائل من هذه 
الأعراب تقوم مع المسلمين في فتح مكة ‏ وتغزو حنيناً » وتأخذ من غنامها » ويبعث إليها 
المصدقون فتعطي صدقاتها بعد الرجوع من غزوة الفتح » فبهذا تم كسر الأجنحة الثلاثة التي 
كانت ممثلة في الأحزاب » وساد المنطقة الأمن والسلام » واستطاع المسلمون بعد ذلك أن يسدوا 
بسهولة كل خلل وثلمة حدثت في بعض المناطق من بعض القبائل » بل بعد هذه الغزوة بدات 
اتقهيدات لفتوح البلدان والممالك الكبيرة » لأن داخخل البلاد كانت الظروف قد تطورت لصالح 
الاسلام والمسلمين . 

وبعد الرجوع من هذه الغزوة أقام رسول الله َي إلى شوال سنة /اه . وبعث في خلال 
ذلك عدة سرايا » وهاك بعض تفصيلها : 

١‏ - سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح بقديد » في صفر أو ربيع الأول سنة 
/اه . كان بنو الملوح قد قتلوا أصحاب بشير بن سويد » فبعثت هذه السرية لاخذ الثار . فشنوا 
الغارة في الليل فقتلوا من قتلوا » وساقوا النعم » وطاردهم جيش كبير من العدو » حتى إذا قرب 
من المسلمين نزل مطر » فجاء سيل عظيم حال بين الفريقين اح انا 
الانسحاب . 

نوي سمي لوست اذى النافة لل فالغدرن وقد شط فك ره كانه الملرلقام: 

* - سسرية عمر بن الخطاب إلى تربة في شعبان سنة اه . ومعه ثلاثون رجلا » كانوا 
(؟) زاد المعاد ١١7/5‏ »ء وانظر لتفصيل مباحث هذه الغزوة ابن هشام 5١7/5‏ ء إلى ٠١9‏ ء زاد المعاد ١١١/5‏ » 

. 178 إلى‎ 4١0/17 ع فتح الباري‎ 0١ 


211 


يسورون الليل ويستخفون في النبار » وأتى الخبر إلى هوازن فهربوا » وجاء عمر إلى محلهم , فلم 
يلق أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة . 

4 - سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بناحية فدك في شعبان سنة /اهء في 
ثلاثين رجلا . خرج إلمهم واستاق الشاء والنعم » » ثم رجع فأدركه الطلب عند الليل » فرموهم 
بالنبل حتى ففي نبل بشير وأصحابه » فقتلوا < جميعا إلا بشير فإنه ارتث إلى فدك » فأقام عند يبود , 
حتى برأت جراحه » فرجع إلى المدينة . 

الحو و مج 0 وس وي رو ا 0 
ل ل 
قال : لا إله إلا الله . فقال النبي عََتُهُ » هلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب ؟ 

عسي بال ريرض إل برل داري عل دين ا . وذلك أن أسيرا 
الع سيار وساي وو اع اوباب او 
أفضى إلى قتل أسير وأصحابه الثغلاثين . 

- سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن وجبار ( بالفتح » أرض لغطفان وقيل لفزارة 
ب عي ا بي 0 
او اي ا 

#دترية أ عرد الأسلني إلى الغابة . ذكرها ابن القيم في سرايا السنة السابعة قبل 
عمرة القضاء » وملخصها أن رجلا من جثم بن معاوية أقبل في عدد كبير إلى الغابة » يريد أن 
خطة حربية حكيمة » وهزم العدو هزيمة منكرة » واستاق الكثير من الابل والغن”"2 . 

)١١‏ زاد المعاد 494/57 ١‏ » ٠6٠ء‏ وانظر لتفصيل هذه السرايا رحمة للعالمين 33٠6 » ١78/7‏ 6 34863 » زاد المعاد 

6446/5 ١19ء‏ تلقيح فهوم أهل الأثر مع حواشيها ص 7١‏ ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله 

النجدي ص؟؟7 , +077 5871 . 


1ت 


عمرة الفضاء 


قال الحا : تواترت الأخبار أنه عله لما هل ذو القعدة أمر أصحابه أن يعتمروا قضاء 
عمرتهم » وأن لا يتخلف منهم أحد شهد الحديبية » فخرجوا إلا من استشهد » وخرج معه اخرون 
معتمرين » فكانت عدتهم ألفين سوى النساء والصبيان . أه('" . 

واستخلف على المدينة عويف أبا رهم الغفاري » وساق ستين بدنة » وجعل عليها ناجية بن 
جندب الأسلمي » وأحرم للعمرة من ذي الحليفة » ولى » ول المسلمون معه » وخرج مستعداً 
بالسلاح والمقاتلة » خشية أن يقع من قريش غدر . فلما بلغ يأجج وضع الأداة كلها . 
الحجف ٠.‏ والمجان » والنبل » والرماح » وخلف عليها أوس بن خولي الأنصاري في مائتي رجل ١‏ 
ودخل بسلاح الراكب والسيوف في القرب”" . 

وكان رسول الله َيه عند الدخول راكب على ناقنه القصواء » والمسلمون متوشحو 
السيوف » محدقون برسول الله عَيْل يلبون . ظ 

وخرج المشركون إلى جبل قعيقعان ‏ الحبل الذي في شمال الكعبة ‏ ليروا المسلمين ‏ 
قالوا فها بينهم : إنه يقدم عليكم وفد وهنتهم حمى يثرب » فأمر النبي عَيُْه أصحابه أن برملوا 
الأشواط الثلاثة » وأن يمشوا ما بين الركنين . ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا 
الابقاء» وإنما أمرهم بذلك ليري المشركين قوته2» يإ أمرهم اا ؛ أي أن يكشفوا 
المناكب الينى » ويضعوا طرفي الرداء على اليسرى . 


)0( فتح الباري ٠٠١7‏ 
(9) نفس المصدر وزاد المعاد ١51/5‏ . 


. 1١5/١ يبتع الخاري وتان اا ود كوه ؛ صحيح مسلم‎ ١ 


ا 


وي التي تطلعه على الحجون .- وقد صف المشركون 
ينظرون إليه ‏ فلم يزل يلبي حتى استلم الركن بمحجنه . ثم طاف » وطاف المسلمون : 
يقد الأ ين روانطة ين وني برل 34 114 بر عرديا فين 
حلوا بني الكفر عن سبيله > خلولوا قفكلالخير في رسوله 
قد أنزل الرحمن في تنزيله في صحف تقلى على رسووله 
يارب إني مومن بقيله فإي رأيت الحى في #ب وله 
بجان خجحي التفهل لسحيكلة. الصرووضف كع شل ريا 
قرنا محا ادام عن متسل .ماهد ف ايارس باينا 

وفي حديث أنس فقال عمر : يا ابن رواحة بين يدي رسول الله عه » وني حرم الله تقول 
الشعر ؟. فقال له النبي عَيّهِ : ٠‏ خل عنه يا عمر » فلهو أسرع فيهم من نضح النبل 296 . 

ورمل رسول الله ميته والمسلمون ثلاثة أشواط » فلما رآهم المشركون قالوا : هؤلاء الذين 
زعمتم أن الحمى قد وهنتم , هؤلاء أجلد من كذا وكذا9" . 

ولما فرغ من الطواف سعى بين الصفا والمروة » فلما فرغ من السعي » وقد وقف الحدي عند 
المروة » قال : « هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر » . فنحر عند المروة وحلق هناك » وكذلك 
فعل المسلمون , ثم بعث ناسا إلى ياجج » فيقيموا على السلاح . وياتي الآخرون فيقضون 

وأقام رسول الله عه بمكة ثلاث » فلما أصبح من اليوم الرابع أنوا علياً» فقالوا : قل 
لصاحبك : اخرج عنا » فقد مضى الأجل » فخرج النبي عَيْيَْه . ونزل بسرف فأقام بها . 

ولما أراد الخروج من مكة تبعتهم ابنة حمزة » تنادي يا عم يا عم » فتناوها على » واختصم فيها 
علي وجعفر وزيد » فقضى النبي عي لجعفر , لأن خالتها كانت تحته . 

وني هذه العمرة تزوج النبي َه بميمونة بنت الحارث العامرية » وكان رسول الله عله قبل 


. اضطربت الاشعار وترتيبها في الروايات فجمعنا بين شتيتها‎ )١( 
3 ١.7 رواه التمرمدي ؛ أبواب الاسعذان وال باب ما جاء في انشاد الشغر‎ (32 
. 1١5/١ صحيح مسلم‎ )6( 

م86” - 


الدخول في مكة بعث جعفر بن أي طالب بين يديه إلى ميمونة » فجعلت أمرها إلى العباس , 
وكانت أختها أم الفضل تحته » فزوجها إياه » فلما خرج من مكة خلف أبا رافع ليحمل ميمونة 
إليه خين يمشي » فبنى بها بسرف0" . 

وسميت هذه العمرة بعمرة القضاء ؛ إما لأعبا كانت قضاء عن عمرة الحديبية » أو لأمها 
وقعت حسب المقاضاة أي المصالحة التي وقعت في الحديبية » والوجه الثاني رجحه المحققون9) 
وهذه العمرة تسمى باربعة أسماء : القضاء » والقضية » والقصاص » والصلح”" . 

وبعد الرجوع من عمرة القضاء بعث عدة سراياء هاك تفصيلها : 

١‏ سرية ابن أني العوجاء » في ذي الحجة سنة /اه , في خمسين رجلا بعئه رسول الله إلى 
بني سليم » ليدعوهم إلى الاسلام » فقالوا : لا حاجة لنا إلى ما دعوتنا » ثم قاتلوا قتالاً شديداً . 
جرح فيه أبو العوجاء » وأسر رجلان من العدو . 

؟ - سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك في صفر سنة 
4ه . بعث في مائتي رجل » فأصابوا من العدو نعماً » وقتلوا منهم قتلى . 

٠‏ - سرية ذات أطلح في ربيع الأول سنة 4ه . كانت بنو قضاعة قد حشدت جموعاً 
كبيرة للاغارة على المسلمين » فبعث إليهم رسول الله َيه كعب بن عمير الأنصاري في خمسة 
عشر رجلاً » فلقوا العدو » فدعوهم إلى الإسلام » فلم يستجيبوا لهم , وأرشقوهم بالنبل حتى 
استشهدوا كلهم إلا رجل واحد » فقد ارتث من بين القتلى!2 . 

؛ - سرية ذات عرق إلى بني هوازن في ربيع الأول سنة ؛ده . كانت بنو هوازن قد أمدت 
الأعداء مرة بعد أخرى » فأرسل إليه شجاح بن وهت الأسدي في خمسة وعشرين رجلا ؛ 
فاستاقوا نعماً من العدو , ولم يلقوا كيدا" . 


)0 زاد المعاد ١861/1‏ . 

(؟) انظر زاد المعاد ١715/1١‏ ء فتح الباري ٠ ١/8‏ 

(6) انظر نفس المصدر الأخير . 

(4) رحمة للعالمين 771١/9‏ . 

() نفس المصدر وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الموزي ص77 حاشية . 
ظ - 581 - 


معركة مؤنة 


وهذه المعركة أكبر لقاء مثخن » وأعظم حرب دامية خاضها المسلمون في حياة 
رسول الله عَينُهُ » وهي مقدمة وتمهيد لفتوح بلدان النصارى » وقعت في جمادى الأولى سنة 
مها.0 وفق أغسطس أو سبتمبر سنة 5175م . 

وموتة ( بالضم فالسكون ) هي قرية بأدنى بلقاءالشام » بينها وبين بيت المقدس مرحلتان . 

وسبب هذه المعركة أن رسول الله مَييْدُةِ بعث الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظم 
بصرى » فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني - وكان عاملا على البلقاء من أرض الشام من قبل 
قيصر - فأوئقه رباطأ , ثم قدمه » فضرب عنقه . 

وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الحرائم » يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب , 
فاشعك ذلك عل رول الت كلل حين تقلت اليه الأخنان ع فههر: اليه يها قزامة 'ثلغنة اللاف 
مقاتل١'؟‏ » وهو أكبر جيش إسلامي » لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب . 
أمراء الجميش ووصية رسول الله يل - إليهم: 

3 صاالك : 

أمزرهول الل 112 خل هذا العنق ويندين تحارقةو برقال ونان قل نويد عفر وات 
قل جعفر فعبد الله بن رواحة 6( . وعقد هم لواء أبيض » ودفعه إلى زيد بن حارثة"© . 
)1( زاد المعاد ١5/5‏ » فتح الباري 51١/7‏ . 


(؟)4) صحيح البخاري باب غزوة مؤتة من أرض الشام 51١١/7‏ . 
)2 مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص777 . 


- لام - 


0 : 0 الاين ديز ب 00 إلى ا 1 
ا ا 0 


توديع الجيش الإسلامي وبكاء عبدالله بن رواحة 
وما تبياً الميش الإسلامي للخروج حضر الناس » ودعوا أمراء رسول الله عه » وسلموا 
عليهم » وحينئذ بكى أحد أمراء الجيش » عبد الله بن رواحة » فقالوا : ما ييكيك ؟ فقال : أما 
والله ما لي حب الدنيا » ولا صبابة بكم » ولكني سمعت رسول الله َي يقرأ آية من كتاب الله 
يذكر فيها النار « وَإِنَمِتَكْإلاواردهًا كأنَعل ريك حَنْمَا مّقْضِيًا © ( 7١:19‏ ) فلست 
أدري كيف لي بالصدر بعد الورود ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله بالسلامة » ودفع عنكم ‏ 
ورد م إلينا صالحين غانمين » فقال عبد الله بن رواحة 
لكنني أسأل الرحمن مغفرة 2 وضربة ذات فرغ"0© تقذف الزيدا 
أو طسمهنسة 'يمسدئ تبراق موضيزة ‏ اعمسريية تفيل الا تساف والكتسنا 
حتى يقال إذا مروا على جدثي أرشدهالله من غازء وقد رشدا 
ثم خرج القوم » وخرج رسول الله عَيكلّه مشيعاً لمم حتى بلغ ثنية الوداع » فوقف 
وودعهم'' . 
تحرك الجيش الإسلامي» ومباغتته حالة رهيبة: 
وتحرك اليش الاسلامي في اتجاه الشهال حتى نزل معان ء» من أرض الشام , مما يل الحجاز 
الشهالي » وحيتئذ نقلت إليهم الاستخبارات بأن هرقل نازل بماب من أرض البلقاء في مائة ألف من 
الروم » وانضم إليهم من لخم وجذام وبلقين وبهراء وبلي مائة ألف . ظ 
)١(‏ نفس المصدرء ووه للعالمين 771١/7‏ . 
(؟) الفرغ : السعة . 
(؟) الحدث : القبر . | 
(4) بن هشام 777/7 4 79ء زاد المعاد ؟/67١‏ , مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النبجدي ص577 . 


- 7848 - 


المجلس الاستشاري بمعان: 


لم يكن المسلمون أدخلوا في حسابهم لقاء مثل هذا الحيش العرمرم » الذي بوغتوا به في هذه 
الارض البعيدة - وهل هبجم جيش صغير » قوامه ثلائة الاف مقاتل فحسب , على جيش كبير 
عرمرم » مثل البحر الخضم » قوامه مائتا ألف مقاتل ؟ حار المسلمون » وأقاموا في معان ليلتين 
يفكرون في أمرهم » وينظرون ويتشاورون , ثم قالوا : نكتب إلى رسول الله عله » فنخبره بعدد 
عدونا » فإما أن يمدنا بالرجال , وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له . 

ولكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأي » وشجع الناس » قائلا : يا قوم والله إن التي 
تكرهون للتِي خرجتم تطلبون , الشهادة » وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة , ما نقاتلهم إلا 
بهذا الدين الذي أكرمنا الله به » فانطلقوا » فإنما هي إحدى الحسنيين » إما ظهور وإما شهادة . 
وأخيراً استقر الرأي على ما دعا إليه عبد الله بن رواحة 
الجيش الإسلامى يتحرك نحو العدو: 

وحينئذ بعد أن قضى الجيش الإسلامي ليلتين في معان » تحركوا إلى أرض العدو » حتى 
لقيتهم جموع هرقل بقرية من قرى البلقاء يقال لها ؛ « مشارف » . ثم دنا العدو . وانحاز المسلمون 
إلى متة » فعسكروا هناك » وتعبأوا للقتال » فجعلوا على ميمنتهم قطبة بن قتادة العذري » وعلى 
الميسرة عبادة بن مالك الأنصاري . 
بداية القتال» وتناوب القواد: 


وهناك في مؤتة التقى الفريقان » وبدأ القتال المرير » ثلائة الاف رجل يواجهون هجمات 
تي ألف مقاتل . معركة عجيبة تشاهدها الدنيا بالدهشة والحيرة » ولكن إذا هبت ريم الايمان 


جاءت بالعجائب . 

أخذ الراية زيد بن حارثة ‏ حب رسول الله عَيكه - وجعل يقاتل بضراوة بالغة » وبسالة 
لا يوجد لها نظور إلا في أمثاله من أبطال الإسلام » ؛ فلم يزل يقاتل ويقاتل حتى شاط في رماح 
القوم » وخر صريعا . 


- 7”84 


وحينئذ أخذ الراية جعفر بن أي طالب » وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير » حتى إذا أرهقه 
القتال اقتحم عن فرسه الشقراء فعقرها » ثم قاتل حتى قطعت بمينه » فأخذ الراية بشهاله » ولح يزل 
بها حتى قطعت شماله » فاحتضنها بعضديه » فلم يزل رافعا إياها حتى قتل . يقال : إن رومياً 
ضربه ضربة قطعته نصفين » وأثابه الله بجناحيه جناحين في الجنة » يطير بهما حيث يشاء ء 
ولذلك سعي مجعفر الطيار » وبجعفر ذي الجناحين . 

روى البخاري عن نافع أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومثذ وهو قتيل » فعددت 
لويد ابو ادا 
فوجددناء في الى ؛ ا ما في جسده 75 وتسعين من طعنة ورعية0». “©. وني 59 النمري 
عن نافع زيادة 9 فوجدنا ذلك فيا أقبل من جسده 290 . 

ونا قتل جعفر بعد القتال بمثل هذه الضراوة والبسالة أخذ الراية عبد الله بن رواحة » وتقدم ظ 
بها » وهو على فرسه » فجعل يستنزل نفسه » ويتردد بعض التردد حتى حاد حيدة » ثم قال : 

أقسمت ينانفس لقنزلنه ‏ كارهةأو لقط وعنه 

إن أجلب التناس وشدوا الرنه ‏ ملي أراك تكرهين الجنه 

ثم نزل » فأتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال : شد بهذا صلبك » فإنك قد لقيت في أيامك 
هذه ما لقيت » فاخذه من يده فانتهس منه مبسة ء ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم » فقاتل 
حتى قتل . ظ 
الراية إلى سيف من سيوف الله: 

وحينئذ تقدم رجل من بني عجلان ‏ اسمه ثابت بن أرقم ‏ فأخذ الراية وقال : يا معشر 
لماعو اسطاحرا عل ركل بح قار : أنت . قال ا ا 


1 مجع الخارور» اي تروائزة بن أرض الشاء 1 . 


< . 51١١/7 نفس المصدر‎ )١( 
وجمع بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي‎ ٠ انظر فتح الباري »© .ء وظاهر الحديثين التخالف في العدد‎ )9( 
1 السهام . انظر المصدر المذ كور‎ 


584" 


خالد بن الوليد , فلما أخذ الراية قاتل قتالاً مريراً » فقد روى البخاري عن خالد بن الوليد قال : 
لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف . فما بقى في يدي إلا صفيحة يمانية('2 . وفي لفظ 
آخر : لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف » وصبرت في يدي صفيحة لي يمانية9© . 
200 د صلا 7 00 م )د 1 - 
وقد قال رسول الله ع يوم مؤتة - مخيراً بالوحي ٠‏ قبل أن يأني إلى الناس الخبر من ساحة 
1 


القثال كل الراية زيد فاضي 2 َّ أخذ جعفر ناضيين 1 9 أخذ ابن رواحة فاصيب 


- وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله » حتى فتح الله علههم9 . 


نهاية المعرككه: 

ومع الشجاعة البالغة والبسالة والضراوة المريرتين كان مستغريا جدا أن ينجح هذا الجيش 
الصغير 5 الصمود امام تيارات ذلك البحر الغطمطم من جيوش الروم 2 قفي ذلك الوقت اظهر 
خالد بن الوليد مهارته ونبوغه في تخليص المسلمين ما ورطوا أنفسهم فيه . 

واختلقت الروايات كثيرا فها آل إليه أمر هذه المعركة أخيراً . ويظهر بعد النظر في جميع 
الروايات أن خالد: بن الوليد تجح في الصمود أمام جيش الرومان طول النهار » ني أول يوم من 
الغتال » وكاث يشعر بمسيس الحاجة إلى مكيدة حربية » تلقى الرعب في قلوب الرومان ؛ حتى 
يجح 5 الأنحياز بالمسلفة من غير أن يقوم الرومان خركات المطاردة ؛ فققّد كان يعرف يد أن 
الإفلات: هن براثتهم صعب جدا لو انكشف المسلمون , وقام الرومان بالمطاردة . 

فلما أصبح اليوم الثاني غير أوضاع الجيش » وعبأه من جديد , فجعل مقدمته ساقة , 
وعيمنته ميسس ره 4 وعل العكس » فلماأ راهم الأعداء انكروا حالهم 4 وقالوا 8 جاءهم مذلد )6 
فرعبوا » وصار خالد ‏ بعد أن ترااى الجيشان , وتناوشا ساعة - يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً , 
مع حفظ نظام جيشه ٠‏ ول يتبعهم الرومان ظنا منهم أن المسلمين يحدعو:هم » ويحاولون القيام 
بمكيدة ترمي هم 6 الصحراء : 

وهكذا انحاز العدو إلى بلاده » ولم يفكر في القيام بمطاردة المسلمين » ونجح المسلمون في 
)١(‏ صحيح البخاري باب غزوة مؤتة من أرض الشام 511/9 . 
)١(‏ نفس المصدر 51١1/95‏ . 


(6) نفس المصدر 511/5 . 


5 


الانحياز سالمين » حتى عادوا إلى المدينة2© . 


واستشهد يومكذ من المسلمين اثنا عشر رجلا » أما الرومان » فلم يُعرف عدد قتلاهم غير أن 
تفصيل المعركة يدل على كثرتهم . 
أثر المعركة: 


وهذه المعركة وإن لم يحصل المسلمون بها على الثأر » الذي عانوا مرارتها لأجله » لكنها 
كانت كبيرة الأثر لسمعة المسلمين » إنها ألقت العرب كلها في الدهشة والحيرة » فقد كانت 
الرومان أكبر وأعظم قوة على وجه الأرض » وكانت العرب تظن أن معنى جلادها هو القضاء على 
النفس وطلب الحتف بالظلف , فكان لقاء هذا الجيش الصغير - ثلاثة الاف مقاتل ‏ مع ذلك 
الجيش الضخم العرمرم الكبير - مائتا ألف مقاتل ‏ ثم الرجوع عن الغزو من غير أن تلحق به 
خسارة تذكر » كان كل ذلك من عجائب الدهر » وكان يؤْ كد أن المسلمين من طراز آخر غير 
ما ألفته العرب وعرفته » وأنهم مؤيدون ومنصورون من عند الله » وأن صاحبهم رسول الله حقاً . 
ولذلك نرى القبائل اللدودة التي كانت لا تزال تثور على المسلمين جنحت بعد هذه المعركة إلى 
الاسلام » فأسلمت بنو سليم وأشجع وغطفان وذبيان وفزارة وغيرها . 
وكانت هذه المعركة بداية اللقاء الدامي مع الرومان » فكانت توطفة وتمهيدا لفتوح البلدان 
الرومانية » واحتلال المسلمين الأراضي البعيدة النائبة . 
م اعاء 
ونا علم رسول الله عله بموقف القبائل العربية التي تقطن مشارف الشام في معركة مؤتة » 
من اجتاعهم إلى الرومان ضد المسلمين » شعر بمسيس الحاجة إلى القيام بحكمة بالغة توقع الفرقة 
بينبا وبين الرومان » وتكون سبباً للائتلاف بينها وبين المسلمين » حتى لا تتحشد مثل هذه 
الجموع الكبيرة مرة أخرى . 
(1) انظر فتح الباري 51/97 ؛ ١ه‏ »ء زاد المعاد 1657/7 ء. وتفصيل المعركة مأخوذ من هذين المصدرين والتي 
- 347 - 


واختار لتنفيذ هذه الخطة عمرو بن العاص ؛ لأن أم أبيه كانت امرأة من بلي » فبعثه إليهم في 
جمادى الآخرة سنة 4ه على إثر معركة مؤتة ليستالفهم » ويقال : بل نقلت الاستخبارات أن 
جمعا من قضاعة قد تجمعوا , يريدون أن يدنوا من أطراف المدينة » فبعثه إليهم » ويمكن أن يكون 
السببان اجتمعا معا . 

وعقد رسول الله عه لعمرو بن العاص لواء أبيض » وجعل معه راية سوداء » وبعثه في 
ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار . ومعهم ثلائون فرسا , وأمره أن يستعين بمن مر به من بلي 
وعذرة وبلقين؛ فسار الليل وكمن النبار » فلما قرب من القوم بلغه أن لحم جمعا كثيرا » فبععث 
رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله عَهْه يستمده , فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في ماثتين 
وعقد له لواء ؛ وبعث له مسراة المهاجرين والأنصار - فيهم أبو بكر وعمر ‏ وأمره أن يلحق 
بعمرو . وأن يكونا جميعا ولا يختلفا , فلما لحق به أراد أبو عبيدة أن يوم الناس » فقال عمرو : 
إنما قدمت عل مددا , وأنا لق فأطاعه أبو عبيدة » فكان عمرو يصلي بالناس. 

وسار حتى وطىء بلاد قضاعة , فدوخها حتى أنى أقصى بلادهم , ولقي في آخر ذلك 
جمعاً . فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا . 

وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريد إلى رسول الله عه » فأخيره بقفوهم وسلامتهم , 
وما كان في غزاتهم . 

وذات السلاسل ( بضم السين الأولى وفتحها : لغتان ) بقعة وراء وادي المرى » بينها وبين 
المدينة عشرة أيام . وذكر ابن إسحاق أن المسلمين نزلوا على ماء بأرض جذام يقال له السلسل , 
فسمي ذات السلاسل7" . 
سرية أبى قتادة إلى خضرة: 

كانت هذه السرية في شعبان سنة 4ه . وذلك لأن بني غطفان كانوا يتحشدون في خضرة 
- وهي أرض محارب بنجد - فبعث إليهم رسول الله َيه أبا قتادة في خمسة عشر رجلاً فقتل 
منهم » وسبى وغنم » وكانت غيبته خمس عشرة ليلة("© . 
(1) انظر ابن هشام 0377/5 454 5656 »» زد المعاد ١61/79‏ . 
(؟) رحمة للعالمين 777/5 » تلقيح فهوم أهل الأثر ص77 . 


” 


غزوة فتح مكة 


قال ابن القيم : هوالفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين , 
واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين , من أيدي الكفار والمشركين » وهو الفتح الذي 
استبشر به أهل السماء » وضربت أطناب عزه على منا كب الجوزاء » ودخل الناس به في دين الله 
أفواجا » وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتباجاً أ ه.(" . 


8 العا جا الوا ا و 10 
أن اقيل التي : م إل أي ليقي ادر يرا خلا شري بغار مدر ترش أ أي ا 
تلك القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق . 

وحسب هذا البند دخلت خزاعة في عهد رسول الله عي » ودخلت بنو بكر في عهد 
قريش » وصارت كل من القبيلتين في أمن من الأخرى » وقد كانت بين القبيلتين عداوة وتوترات 
في الجاهلية » فلما جاء الاسلام » ووقعت هذه الهدنة » وأمن كل فريق من الآخر اغتنمها بنو 
بكر » وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم فخرج نوفل بن معاوية الديلي في جماعة من بني 
بكر في شهر شعبان سنة /ه » فأغاروا على خزاعة ليلا » وهم على ماء يقال له ٠‏ الوتير » فأصابوا 
منهم رجالاً » وتناوشوا واقتتلوا » وأعانت قريش بني بكر بالسلاح » وقاتل معهم رجال من قريش 
مستغلين ظلمة الليل » حتى حازوا خزاعة إلى الحرم » فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر : يا نوفل » نا 


. ١50/١ زاد المعاد‎ )١( 


7945 


قد دخلنا الحرم , إِلك لحك . فقال كلمة عظيمة : لا إله اليوم يا بني بكر » أصيبوا تأركم , 
فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم » أفلا تصيبون تارم فيه ؟ 
ولا دخلت خزاعة مكة لجاوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي » وإلى دار مولى لهم يقال له 
رافع . 
ا 1 7 5 نه عفار ١‏ - 55 
وأسرع عمرو بن سال الخزاعي . فخرج حتى قدم على رسول الله عه أدينه » فوقف 
عليه » وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال : 


سارت إن لافتيين سيدا 
قد كنم ولدأ وكنا والد") 
فانصر . هداك الله » نصرا أيدا 
فبيسيع نيول القع تنه عرد 
إن سم خسفا وجهه تربدا 
إن قريشا أخلفوك الموعذا 
وجعلكلو لي في كداء رصدا 
وهم أذل . وأقل عددا 


شحلق: ايشها واتحه الأجلدانة 
في امعداسفيا وم ننزع يدا 
وادع عبد الله ياتوا مددا 
ابيض مشل البدر » يسمو صعدا 
في فيلق كالبحر يجري مزبدا 
ونتقضواميناقك الموّكدا 
واعسسيوا إدلعنك دعبيو أحمندا 
هم بيتونا بالوتير هجدا 


وقتلونا ركعاً وسجدا””» 
فقال رسول الله عله : نصرت يا عمرو بن سالم » ثم عرضت له سحابة من السماء فقال : 
م خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة » حتى قدموا على رسول الله عله 
المدينة » فأخبروه بمن أصيب منهم » وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم » ثم رجعوا إلى مكة . 
أبو سفيان يخرج إلى المدينة ليجدد الصلح: 
ولا شك أن ما فعلت قريش وحلفاؤها كان غدراً محضا ونقضاً صريحاً للميثاق ل يكن له أي 
)١(‏ الأتلد : القديم , يشير إلى الحلف الذي كان بين خزاعة وبين بني هاشم منذ عهد عبد المطلب . 


(؟) يشير إلى أم عبد مناف ‏ وهي حبى زوجة قصي ‏ كانت من خزاعة . 
9 يقول : قتلنا وقد أسلمنا . 


-”*46 2 


مبرر » ولذلك سرعان ما أحست قريش بغدرها » وخافت وشعرت بعواقبه الوخيمة » فعقدت 
يحلساً استشارياً » وقررت أن تبعث قائدها أبا سفيان ممثلاً لها ؛ ليقوم بتجديد الصلح . 

وقد أخبر رسول الله عي أصحابه بما ستفعله قريش إزاء غدرتهم . قال : كانكم بآبي 
سفيان قد جاء؟ ليشد العقد , ويزيد في المدة . 

وخرج أبو سفيان - حسب ما قررته قريش قلق يدل إن ورا ميعسفاة - وهو راجع 
من المدينة إلى مكة ‏ فال : من أين أقبلت يا بديل ؟ - وظن أنه أنى النبي هله - فقال : 
سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي . قال : أو ما جكت محمداً ؟ قال : لا . 

فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان : لين كان جاء المدينة لقد علف بها النوى , فأقى 
مبرك راحلته» فأخذ من بعرها ففتهء فرأى فيها النوى » فال : أحلف بالله لقد جاء بديل 
محمداً . 

وقدم أبو سفيان المدينة » فدخل على ابنته أم حبيبة » فلما ذهب ليجلس على فراش 
رسول الله َك طوته عنه » فقال : يا بنية » أرغبت لي عن هذا الفراش » أم رغبت به عني ؟ 
قالت : بل هو فراش رسول الله عه » وأنت رجل مشرك نجس . فقال : والله لقد أصابك 
بعدي شر . 

ثم خرج حتى أنى رسول الله ع فكلمه ا 0 
أن يكلم رسول الله عه » فقال : ما أنا بفاعل , ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه . فقال : 
اي ا ا م00 
علي بن أي طالب » وعنده فاطمة » وحسن غلام يدب بين يد يديبما » فقال : يا علي » إنك أمس 
القوم بي رحماً » وإني قد جىت في حاجة » فلا أرجعن كا جئت خائياً » اشفع لي إلى محمد , 
فقال : ويحك يا أبا سفيان » لقد عزم رسول الله عَيلهِ على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه . 
فالتفت إلى فاطمة » فقال : هل لك أن تأمري ابنك هذا فيجير بين الناس » فيكون سيد العرب 
إلى آخر الدهر ؟ قالت : والله ما ييلغ ابني ذأك أن يجير بين الناس » وما يجير أحد على 


رسول الله َلك . 


7471 - 


وحيتئذ أظلمت الدنيا أمام عيني ألي سفيان » فقال لعلي بن ألي طالب في هلع وانزعاج 
ويأس وقنوط : يا أبا الحسن إفي أرى الأمور قد اشتدت على » فانصحني . قال : والله ما أعلم 
لك شيئاً يغنى عنك . ولكنك سيد بني كنانة » فقم فأجر بين الناس » ثم الحق بأرضك . قال : 
أو ترى ذلك مغنياً عني شيئاً ؟ قال : لا والله ما أظنه » ولكني لم أجد لك غير ذلك . فقام أبو 
سفيان في المسجد » فقال : أيها الناس » إني قد أجرت بين الناس » ثم ركب بعيره » وانطلق . 

ولما قدم على قريش » قالوا : ما وراءك ؟ قال : جعت محمداً فكلمته » فوالله ما رد علي 
شيئاً » ثم جعت ابن أي قحافة فلم أجد فيه خيراً» ثم جعت عمر بن الخطاب » فوجدته أدنى 
العدوء ثم جىت علياً فوجدته ألين القوم » قد أشار على بشيء صنعته » فوالله ما أدري هل يغني 
عني شيئا أم لا ؟ قالوا : وبم أمرك ؟ قال : أمرني أن أجير بين الناس » ففعلت » قالوا فهل أجاز 
ذلك محمد؟ قال : لا . قالوا: ويلك , إن زاد الرجل على أن لعب بك . قال : لا والله 
ماوجدت غير ذلك . 


التهيؤة للغزوة ومحاولة الإخفاء: 

يوؤّخذ من رواية الطبراني أن رسول الله عه أمر عائشة - قبل أن يأني إليه خبر نقض 
الميثاق بثلاثة أيام ‏ أن تجهزه , ولا يعلم أحد, فدخل عليها أبو بكر ء فقال : يا بنية ما هذا 
الجهاز ؟ قالت : والله ما أدري . فقال : والله ما هذا زمان غزو بني الأصفر » فاين يريد رسول 
الله ؟ قالت : واللّه لا علم لي . وفي صباح الثالئة جاء عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين راكبا » 
وارتجحر : يا رب إفي ناشد محمد .. الأبيات . فعلم الناس بنقض الميثاق » وبعد عمرو جاء بديل 
ثم أبو سفيان وتأكد عند الناس الخبر» فأمرهم رسول الله ع بالجهاز » وأعلمهم أنه سائر إلى 
مككة . وقال اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها . 

وزيادة في الاخفاء والتعمية بععث رسول الله عله سرية قوامها ثمانية رجال تحت قيادة أي 
قتادة بن ربعي إلى بطن إضم فها بين ذي نحشب وذي المروة على ثلاثة برد من المدينة » في أول 
لوو مان رجن دهي لمق لقان أن كك ورجه إل نلك الشاحية » واتذخيي بلك 
الأخبار » وواصلت هذه السرية سيرها » حتى إذا وصلت حيعا أمرت بلغها أن رسول الله ع3 


- 7561/- 


خرج إلى مكة ع فسارت إليه حتى لحقته(") 5 


وكتب حاطب بن ألي بلتعة إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول الله عه إليهم ‏ ثم أعطاه 
ازأك وبل نذا جملا عل آنا ليثلة ونيا ».قله ف لزوت رلمياء ل خريدت بده بآ 
رسول الله َيه الخبر من السماء بما صنع حاطب » فبعث علياً والمقداد » فقال : انطلقا حتى تأتيا 
روضة خاخ » فإن بها ظعينة معها كتاب إلى قريش » فانطلقا تعادى بهما خيلهما حتى وجدا 
المرأة بذلك المكان » فاستنزلاها » وقالا : معك كتاب ؟ فقالت ما معي كتاب » ففتشا رحلها 
فلم يجدا شيئأء فقال لما علي : أحلف بالله » ما كذب رسول الله يي ولا كذبناء والله 
لتخرجن الكتاب أو لنجردنك . فلما رأت الجحد منه قالت : أعرض » فأعرض » فحلت قرون 
رأسها » فاستخرجت الكتاب منها » فدفعته إليهما , فأنيا به رسول الله عه » فإذا فيه : ( من 
حاطب بن أي بلتعة إلى قريش ) رهم بمسير رسول اله مه » فدها رسول الله أ حاعباً. 
فقال : ما هذاءيا حاطب ؟ فقال : لا تعجل علٍّ يا رسول الله » والله إفي لمؤمن باللأمورسوله . 
وما ارتددت ولا بدلت » ولكني كنت امرأ ملصقا في قريش لست من أنفسهم » ولي فيهم أهل 
وعشيرة وولد » وليس لي فيهم قرابة يحمونهم » وكان من معك لهم قرابات يحمونهم » فأحببت إذ 
فاتتي ذلك أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي . فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله 
أضرب عنقه » فإنه قد خان الله ورسوله » وقد نافق » فقال رسول الله ع : إنه قد شهد بدراً , 
وما يدريك يا عمر » لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شكتم فقد غفرت لكم » 
فذرفت عينا عمر » وقال : الله ورسوله أعلم"؟ . 

وهكذا أخذ الله العيون , فلم يبلغ إلى قريش أي خير من أخبار تجهز المسلمين وتبيئهم 
للزحف والقتال . 


)001 وهذه السرية لقيت عامر بن الأضبط » فسلم عليهم بتحية الإسلام , فقتله محلم بن جثامة لشيء كان بينهما » 

003 وأخذ بعيره ومتبعه, فأنزل الله ل ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً © الآية » وجاؤوا بمحلم 
ليستغفر له رسول الله يِه » فلما قام بين يديه قال : اللهم لا تغفر لمحلم , وقاها ثلاثاً » فقام وإنه ليتلقى 
دموعه بطرف ثوبه » قال ابن إسحاق : وزعم قومه أنه استغفر له بعد ذلك . انظر زاد المعاد ١6٠١/7‏ » وابن 

ظ هشام 822511777/7؟57. 

- انظر صحيح البخاري قت ءا 

]د 


الجيش الاسلامى يتحرك نحو مكة: 
ولعشر خلون من كبر رمضان المبارك سنة /ه غادر رسول الله عله المديتة متها إلى 
مكة » في عشرة . الااف من الصحابة رضي الله عنهم واستخلف على المدينة أبا رهم الغفاري . 
وما كان بالجحفة أو فوق ذلك لقيه عمه العباس بن عبد المطلب » وكان قد خرج بأهله 
وعياله مسلماً مهاجراً , ثم لما كان رسول الله عَوْتهِ بالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث 
وابن عمته عبد الله بن ألي أمية . فاعرض عنبما ؛ لما كان يلقاه منهما من شدة الأذى والهجو , 
فقالت له أم سلمة : لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك . وقال علي لأني سفيان بن 
الحارث : ائت رسول الله عَم من ضبل وجهه فق له ما قال إخوة يوسف ليوسف :لاه 
لَقَدَ ءَاكَرَك أَسَمْعكَمَاةَ إن كن حيرت 4 )1١ : ١١١‏ فإنه لايرضى أن بكو اليد 
اع . ففعل ذلك أبو سفيان , فقال له رسول الله عه طلَاتَثِب عَل كماو 
ف ملك رشوائ حا لجميرت 4 ١١(‏ 4 فانشده أبو فيان أبياناً معنا ؛ 
كيده حين أحمل راية ‏ تغلب خيل اللات خيل محمد 
لكالمدلج الحيران أظلم ليله فهذاأواني حين أهدى فأهتدي 
هداني هاد غير نفسي ودلني ‏ عل الله من طردته كل مطرد 
فضرب رسول الله عله صدره وقال : أنت طردتني كل مطرد(" . 


الجميش الإسلامى ينزل بمر الظهران: 

وواصل رسول الله عَهه سيره وهو صالم . والناس صيام » حتى بلغ الكديد - وهو ماء بين 
عسفان وقديد - فأفطر وأفطر الناس معه(" , ثم واصل سيره حتى نزل بمر الظهران - وادي 
فاطمة ‏ نزله عشاء ء فأمر الجيش » فأوقدوا النيران » فأوقدت عشرة الاف نار » وجعل 
رسول الله عله على الحرس عمر بن الخطاب رضي الله عنه . 


)201 حسن إسلام ألي سفيان هذا بعد ذلك » ويقال : إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله عَيتّهِ منذ أسلم حياء منه » 
وكان رسول الله عه يحبه . وشهد له بالجنة » وقال : أرجو أن يكون خلفاً من حمزة . ولما حضرته الوفاة قال : 
لا تبكوا على , فوالله ما نطقت بخطيئة منذ أسلمت . زاد المعاد 0151/59 117 . 
(؟) صحيح البخاري 5١7/76‏ . 
1-5 


أبو سفيان بين يدي رسول الله 6 -: 


وركب العباس - بعد نزول المسلمين بمر الظهران ‏ بغلة رسول الله عه البيضاء » وخرج 
يلتمس لعله يجد بعض الحطابة أو أحداً يخبر قريشاً ؛ ليخرجوا يستأمنون رسول الله مَك قبل أن 
يدخلها . 

وكان الله قد عمى الأخبار عن قريش » فهم على وجل وترقب » وكان أبو سفيان يخرج 
يتتجسس الأخبار ؛ فكان قد خرج هو وحكيم بن حزام » وبديل بن زرقاء يتجسسون الأخبار . 

قال العباس : والله إني لأسير عليها - أي على بغلة رسول الله عه - إذ سمعت كلام أبي 
سفيان وبديل بن ورقاء » وهما يتراجعان ٠‏ وأبو سفيان يقول : ما رأيت كالليلة نيران قط 
ولا عسكرا . قال : يقول بديل : هذه والله خزاعة » خمشتها الحرب » فيقول أبو سفيان : خزاعة 
أقل وأذل من أن تكون هذه خيرائها وعسكرها . 

قال العباس : فعرفت صوته » فقلت : أبا حنظلة ؟ فعرف صوتي » فقال : أبا الفضل ؟ 
قلت : انعم . قال انلك ناك انو .رام . قلت : هذا رسول الله عَهكه في الناس » واصباح 
قريش والله . 

قال : فما الحيلة ؟ فداك أبي وأمي » قلت : واللّه لئن ظفر بك ليضربن عنقك » فاركب في 
عجز هذه البغلة, حتى اي بك رسول الله ميته فأستأمنه لك » فركب خلفي » ورجع 
صاحباه . 

قال : فجعت به » فكلما مررت به على نار من نيران المسلمين » قالوا : من هذا ؟ فإذا روا 
بغلة رسول الله عه وأنا عليها قالوا : عم رسول الله َيه على بغلته . حتى مررت بنار عمر بن 
الخطاب ». فقال : من هذا ؟ وقام إلي » فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال : أبو سفيان » 
عدو الله ؟ الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولاعهدء ثم خرج يشتد نحو 
رسول الله مله » وركضت البغلة فسبقت » فاقئحمت عن البغلة » فدخلت على 
رسول الله عله » ودخل عليه عمر » فقال : يا رسول الله » هذا أبو سفيان فدعني أضرب 
عنقه » قال : قلت : يا رسول الله » إفي قد أجرته » ثم جلست إلى رسول الله َه فأخذت 
برأسه» فقلت : والله لا يناجيه الليلة أحد دوني » فلما أكثر عمر في شأنه قلت : مهلاً يا عمر » 


لك 


فوالله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت مثل هذا , قال : مهلا يا عباس ٠‏ فوالله 
لاسلامك كان أحب إل من إسلام الخطاب , لو أسلم ‏ وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك 
كان أحب إلى رسول الله مُه من إسلام الخطاب . 

فقال رسول الله عكهِ : اذهب به يا عباس إلى رحلك » فإذا أصبحت فأتني به » فذهيت ‏ 
فلما أصبحت غدوت به إلى رسول الله عي , فلما رآه قال : ويحك يا أبا سفيان . ألم يأن لك 
أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ قال : بأبي أنت وأمي . ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ؟ لقد ظننت 
أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئا بعد . 

قال : ويحك يا أبا سفيان . ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله » قال : بأبي أنت وأمي . 
ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ؟ أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيئا . فقال له العباس : 
ويحك أسلم » واشبد أن لا إله إلا الله » وأن محمد رسول الله » قبل أن تضرب عنقك » فأسلم 
وشهد شهادة الحق . 

قال العباس : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر . فاجعل له شيك . قال : نعم . 
من دخل دار أبي سفيان فهو امن ومن أغلق عليه بابه فهو امن » ومن دخحل المسجد الحرام فهو 
ان 
الجيش الإسلامى يغادر مر الظهران إلى مكة: 

وفي هذا الصباح صباح يوم الثلاثاء للسابع عشر من شهر رمضان سنة مه غادر 
رسول الله َيه مر الظهران إلى مكة , وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم 
الحبل(2 » حتى مر به جنود الله فيراها » ففعل . فمرت القبائل على راياتها » كلما مرت به قبيلة 
قال : يا عباس من هذه ؟ فيقول ‏ مثلاً ‏ : سليم » فيقول : مالي ولسلليم ؟ ثم تمر به القبيلة 
فيقول : يا عباس من هؤلاء ؟ فيقول : مزينة » فيقول : مألي ولمزيئة ؟ حتى نفدت القبائل . 
مار به قبيلة إلا سأل العباس عنباء فإذا أخبره قال مالي ولبني فلان ؟ حتى مر به 
رسول الله مه في كتيبته الخضراء , فيا المهاجرون والأنصار ء لا يرى منهم إلا الحدق من 
الحديد , قال : سبحان الله يا عباس من هؤلاء ؟ قال : هذا رسول الله عله في المهاجرين 
)١(‏ الخطم : الأنف . شيء يخرج من الحبل يضيق به الطريق . 

03 





والأنصار . قال : ما لأحد ببؤلاء قبل ولا طاقة . ثم قال : والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك 
ابن أخيك اليوم عظيأ . قال العباس : يا أبا سفيان , إنها النبوة » قال : فنعم إذن . 

وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة » فلما مر بأبي سفيان قال له اليوم يوم الملحمة » 
اليوم تستحل الحرمة , اليوم أذل الله قريشاً . فلما حاذى رسول الله عَيتُهِ أبا سفيان قال : 
باترشول الله ألم تسمع ما قال سعد ؟ قال : وما قال ؟ فقال : كذا وكذا . فقال عثان وعبد 
الرحمن بن عوف : يا رسول الله ما نأمن أن يكون له في قريش صولة » فقال رسول الله عه : 
بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة » اليوم يوم أعز الله فيه قريشأً . ثم أرسل إلى سعد فتزع منه اللواء » 
ودفعه إلى ابنه قيس » ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعد . وقيل : بل دفعه إلى الزيير 


قريش تباغت زحف الجيش الاسلامي: 

ولا مر رسول الله ع بأبي سفيان قال له العباس : النجاء إلى قومك . فأسرع أبو سفيان 
حتى دخل مكة » وصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش » هذا محمد » قد جاء ثم فيا لا قبل لكم 
به » فمن دخل دار أبي سفيان فهو امن . فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة » فأخذت بشاربه 
فقالت : اقتلوا الحميت الدسم الأخمش الساقين , قبح من طليعة قوم . 

قال أبو سفيان : ويلكم , لا تغرنكم هذه من أنفسكم » فإنه قد جاء؟ بما لا قبل لكم به » 
فمن دخل دار أي سفيان فهو امن . قالوا : قاتلك الله » وما تغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق 
عليه بابه فهو امن » ومن دخل المسجد فهو آمن . فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد »ء ويثوا 
أوباشا لهم . وقالوا : نقدم هؤلاء فإن كان لقريش شيء كنا معهم , وإن أصييوا أعطينا الذي 
سنا 0 0 بن أي جهل » وصفوان بن أمية . وسبيل بن 
قبل ذلك سلاحاً » فقالت له اله :اذ تعد ما أرى ؟ قال : ححمد وأصحابه قالت : ول 
ما يقوم محمد وأصحابه شيء . قال : إني والله لأرجو أن أخدمك. بعضهم . ثم قال : 

لسر فمالي عله هاا سنك ح كامل وله 
وذو غرارين سريع السّلهاه 

)0 لف 21 جاجد سول شه الراك شنو الله كلسي : 


5 


فكان هذا الرجل فيمن اجتمعوا في الخندمة . 
الجيش الإسلامي بذي طوى: 

أما رسول الله عه فمضى حتى انتبى إلى ذي طوى -- وكان يضع رأسه تواضعاً لله حين 
رأى ما أكرمه الله به من الفتح . حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل - وهناك وزع 

جيشه وكان خالد بن الوليد على المجنبة المنى - وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من 
نبال الروو سنن لل ويد كنل تايا 1ن العا الل لع ار 
فاحصدوهم حصداً . حتى توافوني على الصفا . 

وكان الزيير بن العوام على المجنبة اليسرى » وكان معه راية رسول الله َك » فأمره أن يدخل 
مكة من أعلاها ‏ من كداء ‏ وأن يغرز رايته بالحجون , ولا يبرح حتى يأتيه . 

وكان أبو عبيدة على الرجالة والحسر - وهم عد ااانا يأخذ بطن 
الوادي » حتى ينصب لمكة بين يدي رسول الله 
الجيش الإسلامي يدخل مكة: 

وتحركت كل كتيبة من الجيش الاسلامي على الطريق التي كلفت الدخول ٠نها‏ فأما خالد 
وأصحابه فلم يلقهم أحد من المشركين إلا أناموه » وقتل من أصحابه من المسلمين كرز بن جابر 
الفهري وخنيس بن بخالد بن ربيعة » كانا قد شذا عن الجيش , فسلكا طريقاً غير طريقه فقتلا 
مارح يدوي احور امايو و و يد 


امعان لبجو امرك ١‏ للق عل بان لالت أن عا قت 
تقول ؟ فال : 


إنك لو شهدت يومالخندمة إذفر صفون وفر عكرمه 
واستقبلتنا بالسيوف المسلمه يمقطعن كل ساعد وجمجمه 
شرنا تتلا يتمع الأ عمعييه المشواميت لفيا شويتب 1 
م تنطقي في اللوم أدنى كلمه 
)١(‏ النهيت والهمهمة : أصوات . 
5 


أتبل خالد يوس ا ا 
ابي ع 0 


الرسول ‏ يو - يدخل المسجد الحرام ويطهره من الأصنام: 

ثم بض رسول الله ع ؛ والمهاجرون والأنصار بين' يديه وخلفه وحوله » حتى دخل 
المسجد ؛ فأقبل إلى الحجر الأسود » فاستلمه , ثم طاف بالبيت » وفي يده قوس » وحول البييت 
وعليه ثلاثمائة وستون صناً » فجعل يطعنها بالقوس . ويقول : «( وَقُلجَاه ألْحَقٌ ور ورَهَقَ انل 
إَالبتَطِلْكانَ رُهوقا» (17: )8١‏ « ساحن وبل وَمَابيية يد # (74: 11) 
والأصنام تتساقط على وجوهها . 

وكان طوافه على راحلته . ولم يكن محرماً يومكذ » فاقتصر على الطواف » فلما أكمله دعا 
عئان بن طلحة » فأخذ منه مفتاح الكعبة » فأمر بها ففتحت » فدخخلها » فرأى فيها فيبا الصور . 
ورأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - يستقسمان بالأزلام » فقال : قاتلهم الله 
والله ما استقسما بها قط . ورأى في الكعبة حمامة من عيدان » فكسرها بيده » وأمر بالصور 


فمصحصست . 


الرسول ‏ يك يصلي فى الكعبة ثم يخطب أمام قريش: 

ثم أغلق عليه الباب » وعلى أسامة وبلال » فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب » حتى إذا 
كان بينه وبينه ثلاثة أذرع وقف » وجعل عمودين عن يساره , وعمودا عن يينه » وثلاثة أعمدة 
وراءه - وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ‏ ثم صلى هناك » ثم دار في الببت » وكبر في 
نواحيه » ووحد الله » ثم فتح الباب » وقريش قد ملت المسحد صفرنا وراد يسح 
فأخحذ بعضادتي الباب , وهم نحته » فقال : 


لا إله إلا الله وحده لا شريك له » صدق وعذه » ونصر عبذه » وهزم الأحزاب وحدهء ألا 
كل مأثرة أو مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين » إلا سدانة البيت وسقاية الحاج » ألا وقتيل الخطاً 


© 2 


شبه العمد ‏ السوط والعصا ‏ ففيه الدية مغلظة . مائة من الابل . أربعون منها في بطونها 
أولادها . 

ود ماودو رام ادير باساب 1 ادمع 
وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية لامها لاس إِنَاَلقَس وين د رودق وجَعلنكٍ 22 1 
تَعارَونَأحكرَم ون فدح َه لخبي # زه : 08 . 


تريب عليكم اليوم: 

ثم قال ب تياو ا 0 خيرأ» أخ كريم وابن ن أخ كريم » 
قال : فإني أقول لكم كا قال يوسف لاخوته : «الَاتَثْرِ ريب لفحم لوم 4 اذهبوا فأنتم الطلقاء . 
مفتاح البيت إلى أهله: 

ثم جلس رسول الله َيه في المسجد , فقام إليه عللّ رضي الله عنه » ومفتاح الكعبة في 
يده » فقال : يا رسول الله » اجمع لنا الحجابة مع السقاية » صلى الله عليك » وفي رواية : أن 
الذي قال ذلك هو العباس » فقال رسول الله عيل : أين عهان بن طلحة ؟ فدعي له » فقال 
له : هاك مفتاحك يا عثان » اليوم يوم بر ووفاء » وفي رواية ابن سعد في الطبقات أنه قال له حين 
دفع المفتاح إليه : خذوها خالدة تالدة , لا ينزعها منكم إلا ظالم , يا عهان » إن الله استأمنكم 
على بيته » فكلوا ثما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف . 
بلآل يؤذن على الكعبة 

وحانت الصلاة #أفامر رشيول لله عَويُمِ بلالاً أن يصعد فيوٌذن على الكعبة » وأبو سفيان بن 
حرب ؛ وعتاب بن أسيد » والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة » فقال عتاب : لقد أكرم الله 
أسيدا أن لا يكون مع هذا . فيسمع منه ما يغيظه , فقال الحارث : أما والله لو أعلم أنه حق 
لا تبعته » فقال أبو سفيان : أما والله لا أقول شيئا » لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء : 
فخرج عليهم النبي مَه فقال لهم : قد علمت الذي قلتم , ثم ذكر ذلك هم . فقال الحارث 
وعتاب : نشهد أنك رسول الله , والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول : أخبرك 


25520 2 


صلاة الفتح أو صلاة الشكر: 

ودخل رسول الله ميك يومئذ دار أم هانىء بدت أبي طالب ؛ فاغتسل وصللى ماني ركعات في 
بيتها » وكان ضحى » فظنها من ظنها صلاة الضحى وإنما هذه صلاة الفتح » وأجارت أم هانىء 
حموين لحاء فقال رسول الله ميك : قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء , وقد كان أخوها علي بن 
أني طالب أراد أن يقتلهما » فأغلقت عليهما باب بيتها » وسألت النبي عَم » فقال لحا ذلك . 


إهدار دماء رجال من أكابر المجرمين: 

وأهدر رسول الله ع يومعذ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين » وأمر بقتلهم وإن وجدوا 
تحت أستار الكعبة . وهم عبد العزى بن خطل » وعبد الله بن ألي سرح » وعكرمة بن ألي 
جهل , والحارث بن نفيل بن وهب » ومقيس بن صبابة » وهبار بن الاسود » وقينتان كانتا لابن 
خطل » كانتا تغنيان بهجو النبي مَكَه » وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب ؛ وهي التي وجد 
معها كتاب حاطب . 

فأما ابن ألي سرح » فجاء به عؤان إلى النبي َه ؛ وشفع فيه فحقن دمه » وقبل إسلامه 
بعد أن أمسك عنه » رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله » وكان قد أسلم قبل ذلك 
وهاجر , ثم ارتد ورجع إلى مكة . ظ 

وأما عكرمة بن ألي جهل ففر إلى الهن » فاستأمنت له امرأته » فأمنه النبي عََتهِ فتبعته » 
فرجع معها وأسلم » وحسن إسلامه . 

وأما ابن خطل فكان متعلقا بأستار الكعبة » فجاء رجل إلى النبي مُه وأخيره فقال : 
اقتله . فقتله . ظ 

وأما مقيس بن صبابة فقتله ثميلة بن عبد الله » وكان مقيس قد أسلم قبل ذلك ثم عدا على 
رجل من الأنضار فقتله , ثم ارتد ولحق بالمشركين . 
وأما الحارث فكان شديد الأذى لرسول الله مه بمكة , فقتله علي . 


وأما هبار بن الأسود فهو الذي كان قد عرض لزينب بنت رسول الله مه حين هاجرت » 


28١" 


فنخس ببهأ حتى سقطت عمل صحرة وأسقطت جنينها . ففر هبار يوم مكة . ثم أسلم وحسم 


اسلامه . 
وأما القينتان فقتلت إحداهما . واستؤّمن للأخرى » فأسلمت . كا استؤمن لسارة 


قال ابن حجر : وذكر أبو معشر فيمن أهدر دمه الحارث بن طلاطل الخزاعي فقتله علي : 
وذكر الحم أيضاً ممن أهدر دمه كعب بن زهير.» وقصته مشهورة وقد جاء بعد ذلك » وأسلم 
ومدح » ووحشي بن حرب + وهند بدت عتبة امرأة أني سفيان . وقد أسلمت » وأرنب مولاة ابن 
خطل أيضا قتلت » وأم سعد . قتلت فها ذكر ابن إسحاق وافكملة الغدة قانية رجال وست 
نسوة» ويحتمل أن تكون أرنب وأم سعد القينتان , اختلف في اسمهما » أو باعتبار الكنية 
واللقب(2 . 


إسلام صفوان + بن أمية» وفضالة بن عمير: 

لم يكن صفوان ممن أهدر دمه ء لكنه بصفته زعوأ كبيرا من زعماء قريش خخاف على نفسه 
وفر » فاستامن له عمير بن وهب الجمحي رسول الله عه فأمنه » وأعطاه عمامته التي دخل بها 
مكة » فلحقه عمير وهو يريد أن يركب البحر من جدة إلى الهِن فرده » فقال لرسول الله عل : 
اجعلني بالخيار شهبرين . قال : أنت بالخيار أرئعة ابي > ثم أسلم صفوان ١‏ وقد كانت أمرأته 
أسلمت قبله » فأقرهما على النكاح الأول . 

وكان فضالة رجلا جريكا جاء إلى رسول لله يله : وهو ني الطواف . ليقتله فأخيره 
الرسول عه بها في نفسه فأسلم . 
خطبة الرسول - يد فى اليوم الثاني من الفتح: 

وما كان الغد من يوم الفتح قام رسول الله ع في النامس خخطبا ٠‏ ف فحمد الله » وأثنى عليه . 


ومحده بما هو أهله 5 م قال : أيبا الناس » إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض» فهي 
حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة » فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسففك فيها دما أو 


. ١7١١/4 ضتح الباري‎ )1١( 
1 


يعضد بها شجرة » فإن أحد ترص لقتال رسول الله عه فقولوا : إن الله أذنه لرسوله ولم يأذن 
الو ا يي سو لاسي 
الغائب 
وفي رواية : لاا يعضد شوكه ء ولا ينفر صيده » ولا تلتقط ساقطته إلا من عرفها » ولا يختل 
خلاه » فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر » فإنه لقينهم وبيوتهم » فقال : إلا الاذخر . 
وكانت خزاعة قتلت يومشذ رجلا من بني ليث بقتيل لحم في الجاهلية » فقال رسول الله ع 
بهأءا الصدد : يا معشر خزاعة » ارفعوا أيديكم عن القتل فلقد كثر القتل إن نفع , لقد قتلتم قنيلا 
لأدينه » فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله تخير النظرين » إن شاؤوا فدم قاتله » وإن شاؤوا فعقله . 
وف رواية : فقام رجل من أهل الهن يقال له ٠‏ أبو شاه » فقال : اكتب لي يا رسول الله » 
فقال رسول الله عَككِ : اكتبوا لأبي شاه(" . 
تخوف الأنصار من بقاء الرسول ‏ كَلِةِ - فى مكة: 
ولاتم فنح مكة على الرسول عه وهي بلده ووطنه ومولده ‏ قال الأنصار فيا بينهم : 
أترون رسول الله عه إذ فنح الله عليه أرضه وبلده أن يقيم بها - وهو يدعو على الصفا رافعاً 


يديه - فلما فرغ من دعائه قال : ماذا قلتم ؟ قالوا : لا شيء يا رسول الله » فلم يزل بهم حتى 
أخبروه » فقال رسول الله ميته : معاذ الله امحيا محياكم , والممات مماتكم . 


أخذ البيعة: 

وحين فتح اللدمكة على رسول الله عله والمسلمين تبين لأهل مكة الحق » وعلموا أن 
لا سبيل إلى النجاح إلا الاسلام » فأذعنوا له » واجتمعوا للبيعة » فجلس رسول الله عليه على 
الصفا يبايع الناس » وعمر بن الخطاب أسفل منه » يأخذ على الناس » فبايعوه على السمع 
والطاعة فها استطاعوا . 


)١(‏ انظر هذه الروايات صحيح البخاري ١/742174715153715ل‏ وكالء دلت لالت 
وصحيح مسلم 471//١‏ 478 2 489 ء وابن هشام 415/7 4١5‏ ء أبو داود 775/١‏ . 


2ن 22 


وفي المدارك7" : روي أن النبي عَيْه لما فرغ من بيعة الرجال أخذ في بيعة النساء » وهو على 
الصفا » وعمر قاعد أسفل منه , يبايعهن بأمره » ويبلغهن عنه » فجاءت هند بنت عتبة امرأة أبي 
سفيان متنكرة خوفاً من رسول الله عه أن يعرفها , لما صنعت بحمزة » فقال رسول الله عَم : 
أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئاً » فبايع عمر النساء على أن لا يشركن بالله شيئاً . فقال 
رسول الله عي : ولا تسرفن . فقالت هند : إن أبا سفيان رجل شحيح » فإن أنا أصبت من 
ماله هنات ؟ فقال أبو سفيان : وما أصبت فهو لك حلال » فضحك رسول الله مويه وعرنها . 
فقال : وإنك ند ؟ قالت : نعم » فاعف عما سلف يا نبي الله » عفا الله عنك . 

فقال : ولا يزنين . فقالت : أو تزني الحرة ؟ فقال : ولا يقتلن أولادهن . فقالت : ربيناهم 
صغاراً » وقتلتموهم كباراً ‏ فأنتم وهم أعلم ‏ وكان ابنها حنظلة بن أني سفيان قد قتل يوم بدر 
- فضحك عمر حتى استلقى , فتبسم رسول الله كله . 

فقال : ولا يأتين ببهتان . فقالت : والله إن الببتان لأمر قبيح » وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم 
الأخلاق » فقال : ولا يعصينك في معروف . فقالت : والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن 

وما رجعت جعلت تكسر صنمها وتقول : كنا منك في غرور . 
إقامته ‏ يِه - بمكة» وعمله فيها: 

وأقام رسول الله عَكّه بمكة تسعة عشر يوماً » يجحدد معالم الاسلام » ويرشد الناس إلى الهدى 
والتقى » وخلال هذه الأيام أمر أبا أسيد الخزاعي . فجدد أنصاب الحرم » وبث سراياه للدعوة 
إلى الإسلام » ولكسر الأوثان التي كانت حول مكة » فكسرت كلها , ونادى مناديه بمكة : من 
كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدع في بيته صا إلا كسره . 


السرايا والبعوث: 


١‏ - ولما اطمأن رسول الله عه بعا. الفتح بععث خالد بن الوليد إلى العزى » لخمس ليال 
بقين من شبر رمضان ( سنة 8ه ) لييدمها . وكانت بنخلة » وكانت لقريش وجميع بي كنانة ) 


. انظر مدارك التتزيل للنسفي تفسير اية البيعة‎ )١( 
2-25 


وهي أعظم أصنامهم ‏ وكان سدنتها بني شيبان » فخرج إليها خالد في ثلاثين فارساً حتى انتبى 
الييا» فهدمهاء ولا رجع سأله رسول الله عه : هل رأيت شيئاً ؟ قال : لا قال : فإنك لم 
عبدمها » فارجع إليها فاهدمها , فرجع خالد متغيظا قد جرد سيفه » فخرجت إليه امرأة عريانة 
سوداء ناشرة الرأس » فجعل السادن يصيح بها » فضربها خالد فجزها باثنتين » ثم رجع إلى 
رسول الله عَيهِ فأخبره » فقال : نعم , تلك العزى » وقد أيست أن تعبد في بلادم أبدا . 

. ثم بعث عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى سواع ليهدمه » وهو صم لحذيل برهاط‎ - ١ 
على ثلائة أميال من مكة » فلما انتهبى إليه عمرو قال له السادن : ما تريد ؟ قال : أمرني‎ . 
رسول الله مَك أن أهدمه » قال : لا تقدر على ذلك » قال : لم ؟ قال : تمنع . قال : حتى الآن‎ 
أنت على الباطل ؟ ويحك . فهل يسمع أو ييصر ؟ ثم دنا فكسره » وأمر أصحابه فهدموا بيت‎ 
. خزانته » فلم يجدوا فيه شيا » ثم قال للسادن : كيف رأيت ؟ قال : أسلمت لله‎ 


؟ - وفي نفس الشهر بعث سعد بن زيد الأشبلي في عشرين فارساً إلى مناة » وكانت 
بالمشلل عند قديد للأوس والخزرج وغسان وغيرهم » فلما انتبى سعد إليها قال له سادنها : 
ما تريد ؟ قال : هدم مناة » قال : أنت وذاك » فأقبل إليبا سعد » وخرجت امرأة عريانة سوداء 
ثائرة الرأس » تدعو بالويل » وتضرب صدرها » فقال ها السادن : مناة دونك بعض عصاتلك » 
فضريها سعد فقتلهاء وأقبل إلى الصمم فهدمه وكسره » ولم يجدوا في خزائته شيا . 
؛ - ولما رجع نخالد بن الوليد من هدم العزى بعئد رسول الله َيه في شعبان من نفس 
السنة (4ه) إلى بني جذيمة » داعيا إلى الإسلام » لا مقائلا . فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلا 
من المهاجرين والأنصار وبني سللم » فانتبى إليهم » فدعاهم إلى الإسلام » فلم يحسنوا أن يقولوا : 
أسلمنا » فجعلوا يقولون : « صبانا صبأنا » فجعل خالد يقتلهم ويأسرهم , ودفع إلى كل رجل 
من كان معه أسيراً » فأمر يوماً أن يقتل كلل رجل أسيره » فأَلى ابن عمر وأصحابه حتى قدموا على 
النبي عَهُهُ » فذكروا له » فرفع عه يديه وقال : اللهم إني أبرأ إليك ما صنع خخالد 
ا 
وكانت بنو سليم هم الذين قتلوا أسراهم دون المهاجرين والأنصار » وبعث رسول الله عه 


. ؟/؟9؟5‎ 0 16٠0/١ صحيح البخاري‎ )1١( 


221 


علي فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم » وكان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف كلام وشر في 
ذلك ٠‏ لخ عَكهِ فقال : مهلاً يا خالد » دع عنك أصحابي » فوالله لو كان أحدٌ ذهباً , ثم 
أنفقته في سبيل الله ما أدركت' غدوة رجل من أصحالي ولا روحته2 . 

تلك هي غزوة فتح مكة . وهي المعركة الفاصلة والفتح الأعظم الذي قضى على كيان 
الوثنية قضاءً باتأ : ٠‏ لم يترك لبقائها مالا ولا مبرراً في ربوع الجزيرة العربية » فقد كانت عامة 
القبائل تنتظر ماذا يتمخض عنه العراك والاصطدام الذي كان دائرا بين المسلمين والوثنيين » 
وكانت تلك القبائل تعرف جيدا أن الحرم لا يسيطر عليه إلا من كان على الحق » وكان قد تأكد 
لديهم هذا الاعتقاد الجازم أي تأكد قبل نصف القرن حين قصد أصحاب الفيل هذا البيت ‏ 
فأهلكوا وجعلوا كعصف مأكول . 

اوكان صلح الحديبية مقدمة وتوطئة بين يدي هذا الفتح العظيم » أمن الناس به وكلم بعضهم 
بعضاً » وناظره في الإسلام » وتمكن من اختفى من المسلمين بمكة من إظهار دينه والدعوة إليه 
والمناظرة عليه » ودخل بسببه بشر كثير في الإاسلام . حتى إن عدد الجيش الاسلامي الذي لم 
يزد في الغزوات السالفة على ثلاثة الاف إذا هو يزخر في هذه الغزوة في عشرة الاف . 

وهذه الغزوة الفاصلة فتحت أعين الناس » وأزالت عنها اآخر الستور التي كانت تحول بينها 
وبين الإسلام . وببذا الفتح سيطر المسلمون على الموقف السياسي والديني كليهما معأ في طول 
جزيرة العرب وعرضها » فقد انتقلت إليهم الصدارة الدينية والزعامة الدنيوية . 

فالطور الذي ان قد بدأ بعد هدنة الحديبية لصالح المسلمين قد تم » وكمل ببذا الفتح 
لمبين » وبدأ بعد ذلك طور آخر كان لصالح المسلمين تماما » وكان لهم فيه السيطرة على الموقف 
تامأ . ول يبق لأقوام العرب إلا أن يفدوا إلى الرسول عله » فيعتنقوا الاسلام » ويحملوا دعوته إلى 
العالم » وقد تم استعدادهم لذلك في سنتين اتيتين . 


)١(‏ أخذنا تفاصيل هذه الغزوة من ابن هشام 784/5 إلى 471 » وصحيح البخاري ١/كتاب‏ الجهاد وكتاب 
المناسك 5١7/59‏ إلى 555:5١‏ ء فتح الباري 5/8 إلى 1" » وصحيح مسلم 451/١‏ 0 1758 ,؛ 
.٠٠١* . ٠0/5058‏ .*٠ء‏ وزاد المعاد ١58/1‏ إلى ١14‏ »ء ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله 
النجدي ص577 إلى ”5١‏ . 


31ت 


المرحلة الثالثة 


وهي آخر مرحلة من مراحل حياة الرسول 2 ؛ تمثل النتائج التي' أغرتها دعوته الاسلامية 
بعد جهاد طويل وعناء ومتاعب وقلاقل وفتن واضطرابات ومعارك وحروب دامية » واجهتها طيلة 
بضعة وعشرين عاماً . ظ 

وكان فتح مكة هو أخطر كسب حصل عليه المسلمون في هذه الأعوام ؛ تغير لأجله بحرى 
الايام » وتحول به جو العرب ؛ فقد كان الفتح حدا فاصلا بين المدة السابقة عليه وبين ما بعده , 
فإن قريشاً كانت في نظر العرب حماة الدين وأنصاره ‏ والعرب في ذلك تبع لهم . فخضوع 
ليق يد الي ا أخمر عل التو الى ل جريا قريب 

ويمكن أن نقسم هذه المرحلة إلى صفحتين : 

. صفحة المجاهدة والقتال‎ )١١ 

(؟) صفحة تسابق الشعوب والقبائل إلى اعتناق الاسلام . 

وهاتان الصفحتان متلاصقتان تناوبتا في هذه المرحلة » ووقعث كل واحدة منهما خلال 
الأخرى » إلا أنا اخترنا في الترتيب الوضعي » أنا نأتي على ذكر كل من الصفحتين متميزة عن 
الأخرى . ونظراً إلى أن صفحة القتال ألصق بما مضى , وأكثر مناسبة من الأخرى قدمناها في 
الترتيب . 


1 


عزوة حنين 


إن فتح مكة جاء عقب ضربة خاطفة شده ها العرب . وبوغتت القبائل المجاورة بالأمر 
الواقع » الذي لم يكن يمكن لا أن تدفعه . ولذلك لم تمتنع عن الاستسلام إلا بعض القبائل 
الشرسة القوية المتغطرسة , وني مقدمتها بطون هوازن وثقيف . واجتمعت إليها نصر وجشم 
وسعد بن بكر وناس من بني هلال - وكلها من قيس عيلان - رأت هذه البطون من نفسها عزاً 
وأنفة أن تقابل هذا الانتصار بالخضوع , فاجتمعت إلى مالك بن عوف النصري , وقررت المسير 


مسير العدو ونزوله بأوطاس 


وما أجمع القائد العام - مالك بن عوض - المسير إلى حرب المسلمين ساق مع الناس 
أموالهم ونساءهم وأبناءهم . فسار حتى نزل بأوطاس - وهو واد في دار هوازن بالقرب من حنين , 
لكن وادي أوطاس غير وادي حنين ؛ وحنين وأد إلى جنب ذي امجاز ١‏ بينه وبين مكة بضعة عشر 
ميلا من جهة عرفات”2 . 


مجرب الحروب يغلط رأي القائد: 
وما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس . وفيهم دريد بن الصمة ودر كر ل 
إلا رأيه ومعرفته بالحرب . وكان شجاعاً جربا - قال دريد : بأي واد أنتم ؟ قالوا : بأوطاس , 
قال : نعم محال الخيل . لا حزن ضرس . ولا سبل دهس . مالي أسمع رغاء البعير » ونباق 
الحمير . وبكاء الصبي وثغاء الشاء ؟ قالوا : ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم 
)١(‏ انظر فتح الباري 77/8 . 17 . 
41# 


وأبناءهم » فدعا مالك وسأله عما حمله على ذلك , فقال : أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله 
وماله ليقاتل عنهم » فقال : راعي ضأن والله » وهل يرد المنبزم شيئا ؟ إمها إن كانت لك لم ينفعك 
إلارجل بسيفه ورمحه » وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك . ثم سال عن بعض البطون 
والرؤساء , ثم قال : يا مالك إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا » ارفعهم إلى 
ممتنع بلادهم وعلياء قومهم . ثم القّ الضباة على متون الخيل » فإن كانت لك لحق بك من 
وراعك » وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد اخروية أهلك ومالك . 

ولكن مالكاً ‏ القائد العام رفض هذا الطلب قائلاً : والله لا أفعل , إننك قد كيرت وكبر 
عقلك . والله لتطيعني هوازن أو لأتكآن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري » وكره أن يكون 
لدريد فيها ذكر أو رأي » فقالوا : أطعناك . فقال دريد : هذا يوم لم أشبده ول يفتني . 

ياليتني فهيا جذع أخب فيا ضع 


سلاح استكشاف العدو: 


وجاءت إلى مالك عيون كان قد بعثهم للاستكشاف عن المسلمين » جاءت هذه العيون 
وقد تفرقت أوصاهم . قال : ويلكم , ما شأنكم ؟ قالوا : رأينا رجالاً بيضا على خيل بلق , والله 
ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى . 
سلاح استكشاف رسول الله َك : 

ونقلت الأخبار إلى رسول الله يق بمسير العدو , فبعث أبا حدرد الأسلمي » وأمره أن 
يدخل في الناس » فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم , ثم يأنيه بخبرهم » ففعل . 


الرسول - يقد - يغادر مكة إلى حنين: 
وفي يوم السبي - السادس من شهر شوال سنة مه - غادر رسول الله عه مكة - وكان 
ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله في مكة - خرج في اثني عشر ألفأ من المسلمين » عشرة 
لاف من كانوا خرجوا معه لفتح مكة ء وألفان من أهل مكة , وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام . 
واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها » واستعمل على مكة عتاب بن أسيد . 
500 


ونا كان عشية جاء فارء , + فقا ل : إفي طلعت جبل كذا وكذا » فإذا أنا بهوازت على بكرة 
بهم بظعنهم ونعمهم وشائهم » فتيسم رسو ل الله عفيل وقال : تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء 
لله ؛ وتطوع للحراسة تلك الليلة أنس بن أني مرئد الغنوي 0 

وفي طريقهم إلى حنين رأرا سدرة عظيمة خخضراء يقال لها ذات أنواط . كانت العرب تعلق 
عليها أسلحتهم » ويذيحون عندها ريمكفون . فقال ‏ بعض أهل اليش لرسول َي : اجعل لنا 
ذات أنواط , ٠‏ ؟ هم أنواط . فقال : الله أكبر » قلتم والذي نفس محمد بيده كا قال قوم موسى : 
اجعل لنا إِلأ ما لهم الحة . قال : إنكم قوم تجهلون . إنها السنن » لتركبن ممئن من كان 
قبلكه”" . 

وقد كان بعضهم قال نظراً إلى كثرة اليش : أن نغلب اليوم ؛ وكان قد شق ذلك على 


رسول الله عه . 


ايت بال ماة والمم احمين: 
اليش الإسلامى سماعءت: بالرماة والمواجحمين 


انتهى اخيش الام 00 معي أينة إل ربعاء لعشر تعلون مز شوال 4 وكان مالك بن 
عوف قد سبقهم ع ف | . سه بالل علن :ادنك الوادي ؛ وقرق كتمنايه 6 ف الطرق بالمداخل 1 
الح والأخباء 0 4 وأصذر الهم أم و بان يرسهوا ا المسلمين ول م هوا . :م يدوا 

وبالسحر عب رسول الله عَفامع جيشه » وعد الألوية والرايات وفرقها على الناس » وؤ, عدماية 
الصبح استقبل المسلمود وي حييونل 0 وشمرعيوا ينحدروكت فيه 4 وهضم يد يرون بو جود كبتاء 
العدو في مضايق هذا الوادن: تبيناهم ينحطون إذا هم عمطر علييم النبال » وإذا كتائب. العدو قد 
اوحارو ا 0 المسلمون راجعين , لا يلوي اجداكل اعاديج رانك 
هزيمة منكرة » حتى قال أبو سمفيأن بي: ن حخرب 6 وهو حديث عهد بالأسارام : 0 تاتهي هزيمتهم 
دون البحر الأحمر - وصرخ جبلة أو كلدة بن انيد : ألا بطل السسحر اليوم 2 





:3غ( انظر سنن أي داود . 
(؟) روى ذلك الترمذي . 


41١6 


وانحاز رسول الله عه جهة المين وهو يقول : هلموا إل أيها الناس » أنا رسول الله » أنا 
محمد بن عبد الله » ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين وأهل بيته . 
وحيتكذ ظهرت شجاعة النبي عَْلُهِ التي لا نظير لها . فقد طفق يركز بغلته قبل الكفار وهو 
يقول : 
أناا ابي لا كذب )2 أناابن عبد ال مط لب 
بيد أن أبا سفيان بن الحارث كان اخذاً بلجام بغلته » والعباس بركابه » يكفائها » أن 
لا تسرع . ثم نزل رسول الله يله فاستنصر ربه قائلاً : اللهم أنزل نصرك . 


رجوع المسلمين واحتدام المعركة: 

وأمر رسول الله ميل عمه العباس ‏ وكان جهير الصوت - أن ينادي الصحابة قال 
العباس : فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا 
صوتي عطفة البقر على أولادها » فقالوا : يا لبيك » يا لبيك( . ويذهب الرجل ليثني بعيره فلا 
يقدر عليه » فيأخذ درعه » فيقذفها في عنقه » ويأخذ سيفه وترسه » ويقتحم عن بعيره » ويخلي 

6 كين ملع للع بس امود يم ايده 2 
الك الفريقان 5 شديدة ؛ ونظر 2 الله ١‏ عله بن ساحة القتال » وقد استحر 4 
فقال : « الآن حمي الوطيس » . ثم أخذ رسول الله عه قبضة من تراب الأَرض » فرمى بها في 
0 : شاهت الوجوه » فما خخلق الله إنسان إلا ملا عينيه ترابً من تلك القبضة ؛ فلم 
انكسار حدة العدىو وهزيمته الساحقة: 

وما هي إلا ساعات قلائل بعد رمي القبضة حتى انهزم العدو هزعة منكرة » وقتل من 
ف وعدم لو الستيت برا المسلمون ما كان مع العدو من مال 0 


)10( صحيح مسلم ../١‏ 
جا 221 


وهذا هو التطور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله «ويوم يجمه 
كترست تمدن دحك عبِداوَسَافَد مكيارش رحبت علي 
0 مُترت 12060 نمه 2ك سل واه عل التي دنا أنرَلَ يووا لَوتَرَوْهوعَرَبَ 
لِْسَِكفْيُوأ ولك جر الْكَفرِينَ © (1 : 57:78 . 
حركة المطاردة: 

ولا امبزم العدو صارت طائفة منهم إلى الطائف . وطائفة إلى نحلة » وطائفة إلى أوطاس » 
فأرسل النبي عت إلى أوطاس طائفة من المطاردين يقودهم أبو عامر الأشعري » فتناوش الفريقان 
القتال قليلاً » ثم امهزم جيش المشركين , وفي هذه المناوشة قتل القائد أبو عامر الأشعري . 

وطاردت طائفة أخرى من فرسان المسلمين فلول المشركين الذين سلكوا نلة » فأدركت 
دريد بن الصمة فقتله ربيعة بن رفيع . 

وأما معظم فلول المشركين الذين حأوا إلى الطائف ؛ فتوجه إلههم رسول الله عه بنفسه بعد 
أن جمع الغناتم . 
الغنائم: 

وكانت الغنائم : السبي ستة الاف رأس ؛ والابل أربعة وعشرون ألفا , والغنم أكثر من أربعين 
ألف شاة » وأربعة الاف أوقية فضة , أمر رسول الله َيه ببجمعها ثم حبسها بالجعرانة » وجعل 
عليبا مسعود بن عمرو الغفاري » ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف . 

وكانت في السبي الشياء بنت الحارث السعدية ؛ أخت رسول الله عه من الرضاعة » فلما 
جيء بها إلى رسول الله عله عرفت له نفسها فعرفها بعلامة فأكرمها . وبسط لا رداءه , 
وأجلسها عليه » ثم من عليها » وردها إلى قومها . 


غزوة الطائف: 
وهذه الغزوة في الحقيقة امتداد لغزوة حنين » وذلك أن معظم فلول هوازن وثقيف دخلوا 
الطائف مع القائد العام - مالك بن عوف النصري - وتحصنوا بها » امار الحم رجول اله 2 
بعد فراغه من حنين وجمع الغناتم بالجعرانة في نفس الشير - شوال سنة 4ه . 
- 10 - 


وقدم خخالد بن الوليد على مقدمته طليعة في ألف رجل » ثم سلك رسول الله عه إلى 
الطائف ف » فمر في طريقه على النخلة الهانية » ثم على قرن المنازل ثم على لية » وكان هناك حصن 
لمالك بن عوف فأمر بهدمه , ثم واصل سيره حتى انتبى إلى الطائف فنزل قريباً من حصنه : 
وعسكر هناك , وفرض الحصار على أهل الحصن . 

ودام الحصار مدة غير قليلة » ففي رواية أنس عند مسلم أن مدة حصارهم كانت أربعين 
يومأء وعند أهل السر خلاف في ذلك » فقيل : عشرين يوماً » وقيل : بضعة عشر » وقيل : 
ثُانية عشر » وقيل : خمسة عشر(" . 

ووتعت في هذه المدة مراماة ومقاذفات» فالمسلمون أول ما فرضوا الحصار رماهم أهل الحصن 
رميأ شديداً كأنه رجل جراد » حتى أصيب ناس من المسلمين يجراحة » وقتل منهم اثنا عشر 
رجلا ؛ واضطروا إلى الارتفاع عن معسكرهم إلى مسجد الطائف اليوم » فعسكروا هناك . 

ونصب النبي مُه المنجنيق على أهل الطائف » وقذف به القذائف » حتى وقعت شدخة 
في جدار الحصن , فدخل نفر من المسلمين يتحت دبابة”2 , ودخلوا بها إلى الجدار ليحرقوه » 
فأرسل عليهم العدو سكك الحديد محماة بالنارء فخرجوا من تحتها » فرموهم بالنبل وقتلوا منهم 
رجالاً . 

وأمر رسول الله عيهِ - كجزء من سياسة الحرب لالجحاء العدو إلى الاستسلام - أمر بقطع 
الأعناب وتحريقها . فقطعها المسلمون قطعاً ذريعاً » فسألته ثقيف أن يدعها لله والرحم » فتركها 
لله والرحم . 

ونادى مناديه عه : أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهر حر ء فخرج إليهم ثلاثة 
وعشرون”" رجلا فيهم أبو بكرة ‏ تسور حصن الطائف وتدلى منه ببكرة مستديرة يستقى 
علييا » فكناه رسول الله عي « أبا بكرة » - فأعتقهم رسو الله ع » ودفع كل رجل منهم 
إلى رجل من المسلمين يمونه » فشق ذلك على أهل الحصن مشقة شديدة . 
)١(‏ فتح الباري 40/4 . ظ ١‏ 
6 لم تكن الدبابة كدبابتنا اليوم » وإِنما كانت تصنع من الخشب » كان الناس يدخلون في جوفها ثم يدفعونها في 


أصل الحصن لينقبوه وهم في جوفها , أو ليد خلوا من النقبات . 
(*) صحيح البخاري 570/٠‏ . 


-218- 


ولما طال الخصار ع واستعصى الحصن » وأصيب المسلمون بما أصيبوا من رشق النبال 
وبسكك الحديد المحماة ‏ وكان ري ل ار بعلت اعفار 
رسول الله يك نوفل بن معاوية الديلي فقال : هم تعلب في جحر ء إن أقمت عليه أخذته وإن 
تركته لم يضرك » وحينئذ عزم رسول الله عه على رفع الحصار والرحيل ؛ فأمر عمر بن الخطاب 
فأُذن في الناس : إنا قافلون غداً إن شاء الله » فثقل عليهم وقالوا الدميارة اد 
رسول الله َيِه : اغدوا على القتال » فغدوا فأصابهم جراح » فقال : إنا قافلون غدا إن شاء الله » 
فسروا بذلك وأذعنوا » وجعلوا يرحلون » ورسول الله عه يضحك . 

ولما ارتحلوا واستقلوا قال : قولوا : ايبون تائبون عابدون » لربنا حامدون 

وقيل : يا رسول الله ادع على ثقيف » فقال : اللهم اهد ثقيفا وات بهم . 
قسمة الغنائم بالجعرانة: 

وما عاد رسول الله عه بعد رفع الحصار عن الطائف ؛ مكث بالجعرانة بضع عشرة لياة 
لا يقسم الغنائم » ويتأنى بها » يبتغي أن يقدم عليه وفد هوازن تائبين » فيحرزوا ما فقدوا » ولكنه لم 
يجعه أحد » فبداً بقسمة المال » ليسكت المتطلعين من رؤساء القبائل وأشراف مكة , فكان المؤلفة 
قلوهم أول من أعطى وحظي بالأنصبة الحزلة . 

وأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الابل » فقال : ابني يزيد ؟ فأعطاه 
مثلها » فقال : اببي معاوية ؟ فأعطاه م؛ مثلها , وأعطى حكيم بن حزام مائة من الابل » ثم سأله مائة 
أخرى » فأعطاه إياها . وأعطى صقوان بن أمية ماثة من الابل ثم مائة ثم مائة ‏ كذا في 
الشفاء(" » وأعطى الحارث بن الحارث بن كلدة مائة من الابل » وكذلك أعطى رجالا من 
رؤساء قريش وغيرها مائة مائة من الإبل » وأعطى اخرين خمسين خمسين وأربعين أربعين حتى 
شاع في الناس أن محمدا يعطي عطاء ما يخاف الفقر , فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى 
اضطروه إلى شجرة » فانتزعت رداءه فال : أيها الناس ردوا على ردالي » فو الذي نفسي بيده لو 
كان عندي شجر تبهامة نعماً لقسمته عليكم ء ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذابا . 


. 85/١ الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض‎ )١( 


8151 


ثم قام إلى جنب بعيره فأخذ من سنامه وبرة » فجعلها بين إصبعه ء ثم رفعها » فقال : أيِها 
الناس » والله مالي من فيئكم . ولا هذه الوبرة إلا الخمس » والخمس مردود عليكم . 

وبعد إعطاء المؤلفة قلوبهم أمر رسول الله عه زيد بن ثابت بإحضار الغنائم والناس » ثم 
فرضها على الناس » فكانت سهامهم لكل رجل أربعا من الإبل وأربعين شاة » فإن كان فارسا أخذ 
ني عشر بعيرا وعشرين ومائة شاة . 

كانت هذه القسمة مبنية على سياسة حكيمة » فإن في الدنيا نام كثيرين يققادون إلى الحق 
من بطونهم » لا من عقوم , فكما بدي الدواب إلى طريقها بحزمة برسيم تظل تمد إليها فمها 
حتى تدخحل حظيرتها آمنة » فكذلك هذه الأصناف من البشر تحتاج إلى فنون من الإغراء حتى 
تستأنس بالايمان وعبش ل(2 . 


الأنصار تجد على رسول الله - كيد : 

وهذه السياسة ل تُفهم أول الأمر » فأطلقت ألسنة شتى بالاعتراض » وكان الأنصار ممن 
وقعت عليهم مغارم هذه السياسة » لقد حرموا جميعاً أعطية حنين » وهم الذين نودوا وقت الشدة 
فطاروا يقاتلون مع الرسول عَيله حتى تبدل الفرار انتصاراً » وهاهم أولاء يرون أيدي الفارين 
ملأى » وأما هم فلم يمنحوا شيئاً قط(" . 

روى ابن إسحاق عن ألي سعيد الخدري قال : لما أعطى رسول الله عَيْهُ ما أعطى من 
تلك العطايا في قريش وني قبائل العرب , ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الي من 
الأنصار في أنفسهم » حتى كثرت فيهم القالة » حتى قال قائلهم : لقي والله رسول الله عه 
قومه » فدخل عليه سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا 
عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ؛ قسمت في قومك » وأعطيت عطايا 
عظاماً في قبائل العرب » ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء . قال : ١‏ فأين أنت من 
ذلك يا سعد ؟» قال : يا رسول الله ما أنا إلا من قومي : قال : « فاجمع لي قومك في هذه 
الحظيرة » » فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة » فجاء رجال من المهاجرين فتركهم 


. 599 » كلمة محمد الغزاللي في فقه السيرة ص798؟‎ )7-١١ 
"7ه‎ 


فدخلوا » وجاء اخخرون فردهم » فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال : لقد اجتمع لك هذا الحي من 
الأنصار , فأتاهم رسول الله عَهْتُهِ » فحمد الله , وأثنى عليه » ثم قال : 

ويا معشر الأنصار مقالة بلغتنى عنكم . وجدة وجدتّوها عل في أنفسكم ؟ ألم اتكم 
ضلالاً فهداك الله ؟ وعالة فأغناك الله » وأعداء فألف الله بين قلوبكم » ؟ قالوا : بلى » الله ورسوله 
أمن وأفضل . 

ثم قال : « ألا تجيبوني يا معشر الأنصار » ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله 
المن والفضل . قال : « أما والله لو شكتم لقلمم » فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك , 
ومخذولاً فنصرناك 6 وظرينا فاويناك 4 وعائلا فاسيناك ١‏ 

أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوم ليسلموا » ووكلتم 
إلى إسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير » وترجعوا 
ولو سلك الناس شعبا » وسلكت الانصار شعبا ؛ لسلكت شعب الانصار » اللهم ارحم 
الاتضان 6 :وأبناء (الاتضان + واباء أبتاء الاتضار 6 

فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم . وقالوا : رضينا برسول الله عَيُك قسم| وحظا » ثم انصرف 
رسول الله عد » وتفرقوا('" . 


قدوم وفد هوازن: 

وبعد توزيع الغنائم أقبل وفد هوازن مسلماً » وهم أربعة عشر رجلا » ورأسهم زهير بن 
صرد » وفيهم أبو برقان عم رسول الله عه من الرضاعة , فسألوه أن يمن عليهم بالسبي 
والأموال » وأدلوا إليه بكلام ترق له القلوب . فقال : « إن معي من ترون . وإن أحب الحديث 
إلي أصدقه » فابناؤم ونساؤم أحب إليكم أم أموالكم ؟» قالوا : ما كنا نعدل بالأحساب شيا . 
فقال  :‏ إذا صليت الغداة - أي صلاة الظهر - فقوموا فقولوا : إنا نستشفع برسول الله عل 
إلى المؤمنين » ونستشفع بالمؤمنين إلى رسول الله عه أن يرد إلينا سبينا » » فلما صلى الغداة 


. 55١ . 577/5 ابن هشام 449/5 , ..5ه » وروى مثل ذلك البخاري‎ )1١( 


2 


قاموا فقالوا ذلك » فقال رسول الله كه : : أما ما كان لي وليني عبد المطلب فهو لكم ؛ 
وسأسأل لكم الناس » » فقال المهاجرون والأنصار : ما كان لنا فهو لرسول الله َه فقال 
الأقرع بن حابس أما أنا وبنو تيم فلا . وقال عبينة بن حصن : أما أنا وبنو فزارة فلا . وقال 
العباس بن مرداس : أما أنا وبنو سليم فلا . فقالت بنو سليم : ما كان لنا فهو لرسول الله عتتكه . 
فقال العباس بن مرداس : وهنتموني . 

فقال رسول الله عَيكُهِ  :‏ إن هؤلاء القوم قد جاعوا مسلمين , وقد كنت استأنيت سبيهم » 
وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيقاً . فمن كان عنده منهن شيء فطابت نفسه بأن يرده 
فسبيل ذلك » ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد علمهم » وله بكل فريضة ست فرائض من أول 
ما يفيء الله علينا ؛ » فقال الناس : قد طيبنا لرسول الله عق فقال : : إنا لا نعرف من رضي 
منكم ممن مم عرض . فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤٌم أمرم » فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم » لم 
يتخلف منهم أحد غير عبينة بن حصن فإنه ألى أن يرد عجوزأ صارت في يديه منهم : » م ردها 
بعد ذلك » وكسا رسول الله َه السبى قبطية قبطية . 


العمرة والانصراف إلى المدينة: 

ولا فرغ رسول الله عَيُّهِ من قسمة الغناتم في الجعرانة أُهَلّ معتمرا منها » فأدى العمرة : 
وانصرف بعد ذلك راجعاً إلى المدينة بعد أن ولى على مكة عتاب ابن أسيد » وكان رجوعه إلى 
المدينة لست ليال بقيت من ذي القعدة سنة 4ه . 

قال محمد الغزالي : لله ما أفسح المدى الذي بين هذه الآونة الظافرة بعد أن توج الله هامته 
بالقتح المبين » وبين مقدمه إلى هذا البلد النبيل منذ ثمانية أعوام ؟ 

لقد جاء مطاردا يبغي الأمان » غريباً مستوحشاً ينشد الإيلاف والايناس » فأكرم أهله 


مثواه » واووه ونصروه » واتبعوا النور الذي أنزل معه » واستخفوا بعداوة الناس جميعا من أجله » 
وهاهو ذا بعد ثمانية أعوام يدخل المدينة التي استقبلته مهاجرا خائفا ؛ لتستقبله مرة أخرى وقد 


25375 - 


دانت له مكة » وألقت تحت قدميه كبرياءها وجاهليتبا فأميضها ؛ ليعزها بالإسلام » وعفا عن 

خطيئاتها الأولى # تومن يَمَقَ وَمَضَيرٌ قر رك أله َايضِيمٌ أ جر الْمْحَسِيْينَ ١١١4‏ : 
00( 

ات 


)١(‏ فقه السيرة ص7١"‏ . وانظر لتفصيل هذه الغزوات - فتح مكة وحنين والطائف » وما وقع خلالها ‏ زاد المعاد 
ج؟ من ص ١7١‏ إلى ٠١١‏ » وابن هشام ج؟ من ص 5884 إلى 5.١‏ ء وصحيح البخاري أبواب غزوة الفتح 
وحنين وأوطاس والطائف وغيرها ج؟ من ص7١"‏ إلى 51" ؛ وفتح الباري جم من ص" إلى مه . 


227 


البعوث والسرايا 
بعد الرجوع من غزوة الفتح 


وبعد الرجوع من هذا السفر الطويل الناجح أقام رسول الله عي بالمدينة يستقبل الوفود » 
ويبعث العمال » ويبث الدعاة » ويكبت من بقى فيه الاستكبار عن الدخول في دين الله » 
والاستسلام للأمر الواقع الذي شاهدته العرب . وهاك صورة مصغرة من ذلك : 
المصدقون: ظ 

قد عرهنا ما تقدم أن رجوع رسول الله عه إلى المدينة كان في أواخر أيام السنة الثامنة فما 
هو إلا أن استبل هلال المحرم من سنة 9ه ء وبعث رسول الله عَيُمِ المصدقين إلى القبائل . وهذه 


هي قامتهم : 

. عيينة بن حصن إلى بي يم‎ 20246١١ 

)22 يزيد بن الحصين إلى أسلم وغفار . 

)22 عباد بن بشر الأشبلي ظ إلى سلم ومزينة . 

(2)5 عمرو بن العاص إلى بي فزارة . 

59) الضحاك بن سفيان ا إلى بي كلاب . 

(0) بشير بن سفيان إلى بني كعب . 

(4) ابن اللتبية الازدي ' إلى بني ذبياك . ظ ٠‏ 
(4)9 المهاجر بن أإلي أمية هٍ إلى صنعاء. (وخرج عليه الأسود العنسبي وهو 


ا 
2572 


)2٠١(‏ زياد بن لبيد إلى حضر موت. 


. عدي بن حاتم إلى طيء وبني أسد‎ )١١( 

. مالك بن نويرة إلى بني حنظلة‎ )١ 

. الزبرقان بن بدر إلى بني سعد (إلى قسم منهم)‎ )١( 

. قيس بن عاصم إلى بني سعد (إلى قسم منهم)‎ )١5( 

. العلاء بن الحضرمي إلى البحرين‎ )1١5( 

(17) علي بن أبي طالب إلى نجران (الجمع الصدقة والجزية كليهما) . 


وليس هؤلاء العمال كلهم بعثوا في احرم سنة 9ه ؛ بل تأخر بعث عدة منهم إلى اعتناق 
حرم سنة )شا . وهذا يدل على مدى جاح الدعوة الاسلامية بعد هدنة الحديبية » وأما بعد فتح 
مكة فقد دخل الناس في دين الله أفواجا . 


السرايا: 

وك بعثث المصدقون إلى القبائل ؛ مست الحاجة إلى بعث عدة من السرايا 4 مع سيادة الام 
على عامة مناطق الجزيرة . وهاك لوحة تلك السرايا : 

, صرية عيينة بن حصن الفزاري - في المحرم سنة 9ه - إلى بني كيم » في خمسين فارسا‎ -١ 
لم يكن فيهم مهاجري ولا أنصاري » وسببها أن بني تيم كانوا قد أغروا القبائل » ومنعوهم عن أداء‎ 
. الجزية‎ 

وخرج عبينة بن حصن يسير الليل ويكمن النهار » حتى هجم عليهم في الصحراء » فولى 
القوم مدبرين )2 وأخذ منهم أحد عشر رجلا وإحدى وعشرين امراة وثلاثين صبيا » وساقهم 
إلى المدينة » فأنزلوا في دار رملة بنت الحارث . 

وقدم فيهم عشرة من رؤسائهم » فجاعوا إلى باب النبي عَيكُه , فنادوا : يا محمد اخرج إلينا » 
فخرج فتعلقوا به » وجعلوا يكلمونه » فوقف معهم , ثم مضى حتى صلى الظهر » تم جلس في 
صحن المسجد » فأظهروا رغبتهم في المفاخرة والمباهاة » وقدموا خطيمهم عطارد بن حاجب 
فتكلم , فأمر رسول الله عه ثابت بن قيس بن هماس - خطيب الاسلام ‏ فأجابهم » ثم 

- 5756 


قدموا شاعرهم الزبرقان بن بدر فأنشد مفاخرا » فأجابه شاعر الاسلام حسان بن ثابت على 
البديبة . ظ 

ولما فرغ الخطيبان والشاعران قال الأقرع بن حابس : خخطيبه أخطب من خخطيبنا » وشاعره 
أشعر من شاعرنا » وأصواتهم أعلى من أصواتنا » وأقوالهم أعلى من أقوالنا » ثم أسلموا فأجازهم 
رسول ال َكل أحسن + جوائزهم , ورد عليهم نساءهم وأبناءهم" . 

١‏ - سرية قطبة بن عامر إلى حي من خشعم بناحية قبالة » بالقرب من تربة » في صفر سنة 
5ه . خرج قطبة في عشرين رجلا على عشرة أبعرة يعتقبونها فشن الغارة » فاقتتلوا قتالاً شديداً 
حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعا » وقتل قطبة من قتل » وساق المسلمون النعم والنساء والشاء 
إلى المدينة . 

- سرية الضحاك بن سفين الكلاني إلى بني كلاب في ربيع الأول سنة هه . بعت 
هذه السرية إلى ا ا ل ال المسلمون وقتلوا منهم 
رجلا . 

- سرية علقمة بن مجزز المد حي إلى سواحل جدة في شهر ربيع الآخر سنة 4ه في 
ثلاثمائة . بعثهم إلى رجال من الحبشة كانوا قد اجتمعوا بالقرب من سواحل جدة للقيام ياعمال 
القرصنة ضد أهل مكة . فخاض علقمة البحر حتى انتهى إلى جزيرة . فلما سمعوا بمسير المسلمين 
إلميم هربوا(" . 

ه - سرية علي بن ألي طالب إلى صم لطيء . يقال له القلس - ليهدمه - في شهر ربيع 
الأول سنة 6ه . بعنه رسول الله ملم في خمسين ومائة على مائة بعير وخمسين فرساً » ومعه راية 
سوداء ولواء أبيض » فشنوا الغارة على محلة حاتم مع الفجر . فهدموه وملأوا أيدييم من السبي 
والنعم والشاء » وني السبي أتحت عدي بن حاتم » وهرب عدي إلى الشام » ووجد المسلمون في 


)١(‏ هكذا ذكره أهل المغازي أن هذه السرية كانت في المحرم سنة 9ه . وفيه نظر ظاهر ء فإن السياق يشعر أن 
الأقرع بن حابس لم يكن أسلم قبلهاء وقد ذكروا أن الأقرع بن حابس هو الذي قال حين امسترد 
رسول الله مَك سبايا بني هوازن :.أما أنا وبنو تيم فلا . وهذا يقتضي إسلامه قبل هذه السرية . 
(؟) فتح الباري 55/8 . 
5 


خزانة القلس ثلاثئة أسياف وثلاثة أدرع » وفي الطريق قسموا الغنائم » وعزلوا الصفي 
بغ صاابز 5 5 5 

لرسول الله عله . ولم يقسموا آل حاتم . 

ولما جاءوا إلى المدينة استعطفت أخت عدي بن حاتم رسول الله مويه قائلة : 
يا رسول الله » غاب الوافد وانقطع الوالد , وأنا عجوز كبيرة » ما بي من خدمة . فَمُنَّ عَلَّ » مَنّ 
الله عليك . قال : ٠‏ هن وافدك » ؟ قالت : عدي بن حاتم . قال : ٠‏ الذي فر من الله 
ورسوله 4؟ ثم مضى » فلما كان الغد قالت مثل ذلك » وقال لها مثل ما قال أمس . فلما كان بعد 
الغد قالت مثل ذلك » فمَنْ عليها » وكان إلى جنبه رجل - ترى أنه على -- فقال لها : ٠‏ سليه 
الحملان ‏ . فسألته » فأمر لما به . 

ورجعت أخت عدي بن حاتم إلى أخييا عدي بالشام » فلما لقيته قالت عن 
سول الله مكل :+ لق قدا ,فاطلة تنا اكات بولك يفتعلها ٠:‏ اله براضيا أو راهيا قحا عدى يقير أمان 
ولا كتاب » فأتقى به إلى داره » فلما جلس بين يديه حمد الله وأثنى عليه » ثم قال  :‏ ما يفرك ؟ 
أيفرك أن تقول : لا إله إلا الله ؛؟ فهل تعلم من إله سوى الله »؟ قال : لا . ثم تكلم ساعة ثم 
قال : « إنما تفر أن يقال : الله أكبر فهل تعلم شيئاً أكبر من الله » ؟ قال : لا . قال : ١‏ فإن 
الود مغضوب عليهم » وإن النصارى ضالون » . قال: فإني حنيف مسلم . فانبسط وجهه 
0 1 5 أ 5 بابز : 
فرحا » وأمر به فتزل عند رجل من الأنصار » وجعل يأني النبي عه طرفي النبار("© . 

وني رواية ابن إسحاق عن عدي : أن النبي عَيْيهُ لما أجلسه بين يديه في داره قال له : إيه 
يا عدي بن حاتم » ألم تكن ركوسيا ؟ قال : بلى . قال : أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع ؟ 
قال : قلت : بلى . قال : فإن ذلك لم يحل لك في دينك . قال : قلت أجل والله . قال : وعرفت 
أنه نبي مرسل » يعرف ما يجهل29 . 

وفي رواية لأحمد أن النبي عَيْتِّ قال : يا عدي أسلم تسلم . فقلت إني من أهل دين . 
قال : أنا أعلم بدينك منك . فقلت : أنت أعلم بديني مني ؟ قال : نعم » ألست من الركوسية 





, زاد المعاد ؟/له.؟‎ )١( 
ابن هشام "؟إامه.‎ )( 


"0 


وأنت تأكل مرباع قومك ؟ فقلت : بلى قال لك . قال : فلم يعد أن 
قاها فتواضعت ها( . 

10100 1[ ز ز[ [ز 1 ز[ 5 7 0011ذظ' 
أناه آخر فشكا إليه قطع السبيل » فقال : يا عدي . هل رأيت الحيرة ؟ فإن طالت بك حياة 
فلترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ؛ لا تحاف أحدا إلا الله » ولئن طالت بك 

حياة لتفتحن كنوز كسرى , ولثن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو 

فضة ويطلب من يقبله » فلا يجد أحداً يقبله منه ‏ الحديث ‏ وفي آخره : قال عدي : فرأيت 
ل ل ل ل 
كسسرى بن هرمز » ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القامم عَكُه « يخرج ملء 
كفه 96 . 


(؟1) صحيح البخاري انظر مشكاة المصاييح 0715/17 . 
ظ -478- 


غزوة تبوك ‏ 


فى رجب سنة 1ه 


إن غزوة فتح مكة كانت غزوة فاصلة بين الحق والباطل . ل يبق بعدها مجال للريبة والظن في 
رسالة محمد مَِنُهِ عند العرب » ولذلك انقلب المجرى ماما » ودخخل الناس في دين الله أفواجا 
كا سيظهر ذلك ثما تقدمه في فصل الوفود » ومن العدد الذي حضر في حجة الوداع ‏ 
وانتبت المتاعب الداخلية واستراح المسلمون ؛ لتعليم شرائع الله » وبث دعوة الإسلام . 


سبب الغرزوة: 

إلا أمها كانت هناك قوة تعرضت للمسلمين من غير مبرر » وهي قوة الرومان - أكبر قوة 
عسكرية ظهرت على وجه الأرض في ذلك الزمان - وقد عرفنا فما تقدم أن بداية هذا التعريض 
كانت بقتل سفير رسول الله عه الحارث بن عمير الأزدي - على يدي شرحبيل بن عمرو 
الغساني » حيئا كان السفير يحمل رسالة النبي عه إلى ععظم بصرى » وأن النبي عي أرسل 
بعد ذلك سرية زيد بن حارثة التي اصطدمت بالرومان اصطداما عنيفا في مؤتة » ولم تنجح في 
أخذ الثأر من أولئك الظالمين المتغطرسين » إلا أمها تركت أروع أثر في نفوس العرب » قريههم 
وبعيدهم . 

ول يكن قيصر ليصرف نظره عما كان لمعركة مؤتة من الأثر الكبير لصالح المسلمين » وعما 
كان يطمح إليه بعد ذلك كثير من قبائل العرب من استقلالهم عن قيصر » ومواطاتهم 
للمسلمين . إن هذا كان خطرا يتقدم ويخطو إلى حدوده خطوة بعد خطوة » ويهدد الثغور 
الشامية التي تحاور العرب ٠‏ فكان يرى أن القضاء يجب على قوة المسلمين قبل أن تتجسد في 


1ت 


صورة خطر عظم لا يمكن القضاء عليها » وقبل أن تثير القلاقل والثورات في المناطق العربية 
امجاورة للرومان . ظ 

ونظراً إلى هذه المصالح لم يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة ؛ حتى أخذ يببىء الجيش 
من الرومان والعرب التابعة لهم من ال غسان وغيرهم » وبدأ يجهز لمعركة دامية فاصلة . 
الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان: 

وكانت الأنباء تترامى إلى المدينة بإعداد الرومان ؛ للقيام بغزوة حاسمة ضد المسلمين » حتى 
كان الخوف يتسورهم كل حين » لا يسمعون صوتاً غير معتاد إلا ويظنونه زحف الرومان : 
ويظهر ذلك جليا مما وقع لعمر بن الخطاب » فقد كان النبي عَ آى من نسائه شهراً في هذه 
السنة (9ه) وكان هجرهن واعتزل عنهن في مشربة له . ولم يفطن الصحابة إلى حقيقة الأمر في 
بدايته فظنوا أن النبي عه طلقهن , فسرى فيهم الهم والحزن والقلق » يقول عمر بن الخطاب 
وهو يروي هذه القصة - : وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر » وإذا غاب 
كنت أتيه أنا بالخبر - وكانا يسكنان في عوالي المدينة » يتناوبان إلى النبي عقي - ونحن نتخوف 
ملكأ من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا » اكدااتذت صدورنا منهج ناذا ناخب 
الأنصاري يدق الباب » فقال : افتح , افتح » فقلت : جاء الغساني ؟ فقال : بل أشد من 
ذلك » اعتزل رسول الله عَإْيكِ أزواجه . الحديث2© . 

وفي لفظ آخخر ( أنه قال ) : وكنا تحدثنا أن آل غسان تنعل النعال لغزونا » فتزل صاحبي يوم 
نوبته » فرجع عشاء » فضرب بابي ضرباً شديداً وقال : أنائم هو ؟ ففزعت » فخرجت إليه : 
وقال : حدث أمر عظم . فقلت : ما هو ؟ أجاءت غسان ؟.قال : لا بل أعظم منه وأطول . 
طلق رسول الله ع نساءه . الحديث”© . 

وهذا يدل على خطورة الموقف . الذي كان يواجهه المسلمون بالنسبة إلى الرومان . ويزيد 
ذلك تأكدا ما فعله المناققون حينا نقلت إلى المدينة أخبار إعداد الرومان » فبرغم ما رآه هؤلاء 
المنافقون من نجاح رسول الله عَُ في كل الميادين . وأنه لا يوجل من سلطان على ظهر الأرض » 
(؟) نفس المصدر 714/١‏ . 
ظ ظ 5 


بل يذيب كل ما يعترض في طريقه من عوائق » برغم هذا كله طفق هؤلاء المنافقون يأملون في 
تحقق ما كانوا يخفونه في صدورهم , وما كانوا يتربصونه من الشر بالإسلام وأهله . ونظرا إلى 
قرب تحقق امالهم أنشاوا وكرة للدس والتامر » في صورة مسجد » وهو مسجد الضرار » أسسوه 
كفرا وتفريقاً بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب لله ورسوله » وعرضوا على رسول لله ع أن 
يصلى فيه » وإتما مرامهم بذلك أن يخدعوا المؤمنين , فلا يفطنوا ما يون به في هذا المسجد من 
الدس والمؤامرة ضدهم . ولا يلتفتوا إلى من يرده ويصدر عنه . فيصير وكرة مامونة لهؤلاء 
المنافقين ولرفقاهم في الخارج ؛ ولكن رسول الله عَم أخر الصلاة فيه - إلى قفوله من الغزوة ‏ 
لشغله بالجهاز » ففشلوا في مرامهم وفضحهم الله » حتى قام الرسول يِه ببدم المسجد بعد 
القفول من الغزو » بدل أن يصلى فيه . 
الآأخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان: 

كانت هذه هي الأحوال والأخبار الي يواجهها ويتلقاها المسلمون » إذ بلغهم من الأنباط 
الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة أن هرقل قد هيأ جيشا عرمرماً قوامه أربعون ألف 
مقاتل , وأعطى قيادته لعظم من عظماء الروم » وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام وغيرهما من 
متنصرة العرب » وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء . وهكذا تُثل أمام المسلمين خطر كبير . 


زيادة خطورة الموقف: 

والذي كان يزيد خطورة الموقف أن الزمان كان فصل القيظ الشديد » وكان الناس في عسرة 
وجدب من البلاء وقلة من الظهر . وكانت القار قد طابت . فكانوا يحبون المقام في ثمارهم 
وظلالهم » ويكرهون الشخوص على الحال » من الزمان الذي هم فيه . ومع هذا كله كانت 
المسافة بعيدة . والطريق وعرة صعبة . 


الرسول ‏ كد - يقرر القيام بإقدام حاسم: 
ولكن الرسول ع كان ينظر إلى الظروف والتطورات بنظر أدق وأحكم من هذا كله . إنه 
كاان يرى أنه لو توانى وتكاسل عن غزو الرومان في هذه الظروف الحاسمة » وترك الرومان لتجوس 
خلال المناطق التي كانت تحت سيطرة الاسلام ونفوذه » وتزحف إلى المدينة ؛ كان له أسوأ أثر 
4*1 - 


على الدعوة الإسلامية » وعلى سمعة المسلمين العسكرية » فالجاهلية التي تلفظ نفسها الأخير بعد 


مالقيت من الضربة القاسمة في حنين ستحيا مرة أخرى » والمنافقون الذي يتربصون الدوائر 


بالمسلمين بمخناجرهم من الخلف » في حين تهجم الرومان بحملة ضارية ضد المسلمين من الأمام , 
وهكذا يخفق كثير من الحهود التي بذلها هو وأصحابه في نشر الإسلام » وتذهب المكاسب التي 
حصلوا عليها بعد حروب دامية ودوريات عسكرية متتابعة متواصلة ... تذهب هذه المكاسب 
00070 1 ظ 

كان رسول الله َيه يعرف كل ذلك جيداً » ولذلك قرر القيام ‏ مع ما كان فيه من 
العسرة والشدة ‏ بغزوة فاصلة يخوضها المسلمون ضد الرومان في حدودهم »ولا يمهلونهم حتّى 
يزحفوا إلى دار الاسلام . ظ 


الاعلان بالتهيؤ لقتال الرومان: 

ولا قرر رسول الله عو الموقف أعلن في الصحابة أن يتجهزوا للقتال » وبعث إلى القبائل 
من العرب وإلى أهل مكة يستنفرهم » وكان قل ما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها » ولكنه 
نظرأ إلى خطورة الموقف وإلى شدة العسرة أعلن أنه يريد لقاء الرومان » وجلى للناس أمرهم ؛ 
ليتأهبوا أهبة كاملة » وحضهم على الجهاد » وثزلت قطعة من سورة براءة تثيرهم على الجلاد , 
. وتحنهم على القتال ورغهم رسول الله عَم في بذل الصدقات » وإنفاق كرام الأموال في سبيل 


الله . 


المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو: 

ولم يكن من المسلمين أن “معوا صوت رسول الله مه يدعو إلى قتال الروم إلا وتسابقوا إلى 
امتثاله » فقاموا يتجهزون للقتال بسرعة بالغة » وأخذت القبائل والبطون تمبط إلى المدينة من كل 
صوب وثاضة »وم يرض أحد من المسلمين أن يتخلف عن هذه الغزوة - إلا الذين ني قلوهم 
مرض وإلا ثلاثة نفر ‏ حتى كان يجيء أهل الحاجة والفاقة يستحملون رسول الله مَك ؛ 
ليخرجوا إلى قدال الروم » فإذا قال لهم : « لأ 2 مآ لحك عليه تَولوأوَأ دمر 
تَفِيص مِنَالدَمع حرَناأ لابج دوا مايسْفِقُورت » (؟ : ؟9). ظ 


2737 م 


ما تسابق المسلمون في إنفاق الأموال وبذل الصدقات . كان عثان بن عفان قد جهز عير 
للشام » مائنا بعير بأقتابها وأحلاسها » ومائتا أوقية » فتصدق بها ثم تصدق بمائة بعير بأحلاسها 
وأققابها » ثم جاء بألف دينار فنثرها في حجره عه » فكان رسول الله ع يقليها ويقول : 
« هاضر عئان ما عمل بعد اليوم )!2 » ثم تصدق وتصدق ., حتى بلغ مقدار صدقته تسعمائة 
بعير ومائة فرس سوى النقود . 

وجاء عبد الرحمن بن عوف ممائتي أوقية فضة » وجاء أبو بكر بماله كله » ولم يترك لأهله إلا 
الله ورسوله - وكانت أربعة الاف درهم » وهو أول من جاء بصدقته » وجاء عمر بنصف ماله » 
وجاء العباس بمال كثير » وجاء طلحة وسعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة » كلهم جاعوا بمال : 
وجاء عاصم بن عدي بتسعين وسقأ من القر » وتتابع الناس بصدقاتهم قليلها وكثيرها » حتى كان 
منهم من أنفق مدا أو مدين لم يكن يستطيع غيرها ؛ وبعت النساء ما قدرن عليه من مسك 
ومعاضد وخلاخل وقرط وخواتم . 

وم يمسك أحد يده ولم ييخل بماله إلا المنافقون الذي يمرو ت؟ لْمُطوَعِيرت صن 


ماس مير 


لينف أصّدَمَت وَال لَيجَدُوَلَا جهدَف يحون » (5:؟9») 


الجيش الاسلامي إلى تبوك: 

وهكذا تجهز اليش » فاستعمل رسول الله عوك عل المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري » 
الس بو يا وات عل احا عر بن ا الب لبر ةامر د وساي لذي 
المنافقون فخرج فلحق برسول الل عقاو 1 فرده إلى المدينة وقال : لأ ألا ترصى أن تكون مني 
بمنزلة هارون من موسى ء إلا أنه لا نبي بعدي » . 

ثم تحرك رسول الله مَك يوم الخميس نحو الشهال يريد تبوك » ولكن الجيش كان كبيراً 
وو را لوعي ب سان ار ببح 
بالنسبة إلى لزاه والمرا ص ؛ فكان فانية عشر رجلا يعتقبون بعيراً واحدا وركا أكلوا أوراق 


. 7١1/79 جامع الترمذي . مناقب عان بن عفان‎ )١( 


47ت 


واي وري 

ومر الجيش الإسلامي في طريقه إلى تبوك بالحجر - ديار مود الذين جابوا الصخر بالواد , 
أي وادي القرى- فاستقى الناس من برها » فلما راحوا قال رسول الله عَيكُه : « لا تشربوا من 
مائها ولا تتوضأوا منه للصلاة . وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الابل , ولا تأكلوا منه 
شيئأ ؛ » وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها ناقة صالح عليه السلام . 
٠‏ وني الصحيحين عن ابن عمر قال : لما مر النبي عَلهِ بالحجر قال : ٠‏ لا تدخلوا مساكن 
الذين ظلموا أنفسهم ؛ أن يصيبكم ما أصابهم , إلا أن تكونوا باكين » » ثم قنع رأسه وأسرع 
بالسير حتى جاز الوادي(")2 . 

واشتدت في الطريق حاجة الجيش إلى اماء حتى شكوا إلى رسول اليه » فدعا اله 
فأرسل الله سحابة فأمطرت حى. ارتوى الناس ع واحتملوا حاجاتهم من الماء . < 

ولما قرب من تبوك قال : « إنكم ستاتون غدا إن شاء الله تعالى عين تبوك » وإنكم لن تأتوها 
ليها رجلان » والعين تبض بشيء من مائها » فساهما رسول الله عَيْيَْهِ : و هل مسستا من مائها 
شيئا » ؟ قالا : نعم . وقال لهما ما شاء الله أن يقول , ثم غرف من العين قليلا حتى اجتمع 
الوشل » ثم غسل رسول الله مُه فيه وجهه ويده » ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى 
الناس » ثم قال رسول الله عَييتكهِ : « يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى هاهنا قد ملىء 
جناناً »«"© , ظ 

وفي الطريق أو لما بلغ تبوك ‏ على اخعلاف الروايات - قال رسول الله عله : « هب 
عليكم الليلة ريح شديدة » فلا يقم أحد منكم . كمعن ندال يعور فرج اعقالة ) ,افهيت رع 
ظيده الا رول حك الع حي اله يو قي 


00 صحيح البخاري باب نزول النبي مَيهِ الجر ؟//771 . 
(؟) رواه مسلم عن معاذ بن جبل 747/7 . 

(*) نفس المصدر . 

ظ عا 1 


الجيش الإسلامى بتبوك: 

نزل اليش الأاسلامي بتبوك » فعسكر هناك . وهو مستعد للقاء العدو , وقام 
رسول الله عه فييم خخطيباً » فخطب خخطبة بليغة , أنى بجوامع الكلم » وحض على خير الدنيا 
والآخرة » وحذر وأنذر » وبشر وأبشر » حتى رفع معنوياتهم » وجبر بها ما كان فيهم من النقص 
والخلل من حيث قلة الزاد والمادة والمؤنة . وأما الرومان ومحلفاؤهم فلما سمعوا يزحف 
رسول الله َه أخذهم الرعب فلم يجترئوا على التقدم واللقاء » بل تفرقوا في البلاد في داخل 
حدودهم » فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين العسكرية » في داخل الجزيرة 
وأرجائها النائية . وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياسية كبيرة خطيرة » بما لم يكونوا 
يمحصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بين الجيشين . 

جاء يحنة بن روبة صاحب أيلة » فصالح الرسول عَيَُْهِ وأعطاه الجزية » وأتاه أهل جرباء 
وأهل أذرح » فاعطوه الجزية » وكتب لهم رسول الله عَيُهُ كتاباً فهو عندهم » وكتب لصاحب 
أيلة ١‏ بسم الله الرحمن الرحيم » هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن روبة وأهل أيلة » 
سفنهم وسياراتهم في البر والبحر لهم ذمة الله هذمة محمد النبي » ومن كان معه من أهل الشام وأهل 
البحر » فمن أحدث منهم حدثأ , فإنه لا يحول ماله دون نفسه » وإنه طيب لمن أخذه من 
النائن + وأنه لا محل أن تسو ماع يدوت عدولا طريقاً تريدولة من بن أو عير 6 

وبعث رسول الله ميم خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة الجندل في أربعمائة وعشرين فارساً , 
وقال له : إنك ستجده يصيد البقر » فاتاه خالد » فلما كان من حصنه بمنظر العين » خرجت 
البقر » حك بقرونها باب القصر ؛ فخرج أكيدر لصيدها - وكانت ليلة مقمرة - فتلقاه خالد 
من خيله » فأخذه وجاء إلى رسول الله عله » فحقن دمه , وصالحه على ألفي بعير » وثمالغائة 
رأس » وأربعمائة درع » وأربعمائة رمح » وأقر بإعطاء الجزية » فقاضاه مع يحنة على قضية دومة 
وتبوك وأيلة وتهاء . 

وأيقنت القبائل التي كانت تعمل لحساب الرومان أن اعتادها على سادتها الأقدمين قد فات 


د 5:7"6 


أوانه » فانقليبت لصالح المسلمين » وهكذا توسعت خلود الدولة الاسلامية » حتى لاقت حدود 
الرومان مباشرة » وشهد عملاء الرومان نبايتهم إلى حد كبير . 


الرجوع الى المدينة: 
ورجع الحيش الإسلامي من تبوك مظفرين منصورين » لم ينالوا كيدا » وكفى الله المؤمنين 
القتال » وفي الطريق عند عقبة حاول اثنا عشر رجلا من المنافقين الفتك بالنبي عه وذلك أنه 
حينا كان يمر بتلك العقبة كان معه عمار يقود بزمام ناقته » وحذيفة بن الهان يسوقها » وأخذ 
الناس ببطن الوادي » فانتهز أولىك المنافقون هذه الفرصة . فبينا رسول الله عي وصاحباه 
يسيران إذ سمعوا وكزة . القوم من ورائهم؛ قد غشوه وهم ملتمون » فبعث حذيفة فضرب وجوه 
رواحلهم بمحجن كان معهء فأرعبهم الله ٠‏ فأسرعوا في الفرار حتى الحقوا بالقوم » وأخبر 
رسو الله 2132 بأسمائهم . ؛ ويماهموا بهء. فلذلك كان حذيفة يسمى بصاحب سير 
رسول الله عه » وفي ذلك يقول الله تعالى 9 وَهَمِوأيمَالَدينَالُوا © . 
ونا لاحت للنبي عََكلهِ معالم المدينة من بعيد قال : هذه طلة . وهذا أحد» جبل يحبنا 
ونحبه , وتسامع الناس بمقدمه » فخرج النساء والصبيان والولائد يقابلن الجيش بحفاوة بالغة 
ويقلن(" : ا 
طلعالبدر عليناسا من ثليات اردع 
وجب الشكر عينتا ملادع الله داع 
وكان خروجه ميك إلى تبوك في رجب وعوده ني رمضان , واستغرقت هذه الغزوة خمسين 
يوم . أقام منها عشرين يوماً في تبوك . والبواقي قضاها في الطريق جيئة وذهوبا ا 
الغزوة آخر خزواته ع . 


المخلفون: 
ظ وكانت هذه الغزوة - لظزوفها الخاصة بها اختباراً شديداً من الله تعالل ‏ امتاز به 
المؤمنون من غيرهم . كا هو دأبه تعالى في مثل هذه المواطن » حيث يقول لل تاكن عار يدر 


(1) هذا رأي ابن القيم وقد مضى البحث عليه في ص7١‏ . 
ظ -5 - 


ا ا ير صر 


َلْمدَمِنِينَ عل ع" مَآ ملحي يلطرب 59 : )فد خرج لهذه الغزوة كل 
من كان مؤمنا صادقاً , حتى صار التخلف أمارة على نفاق الرجل » فكان الرجل إذا تخلف 
وذكروه لرسول الله َه قال لهم : دعوه » فإن يكن فيه خير سيلحقه الله بكم » وإن يكن غير 
ذلك فقد أراحكم منه » فلم يتخلف إلا من حبسهم العذر » أو الذين كذبوا الله ورسوله من 
المنافقين » الذين قعدوا بعد أن استاذنوا للقعود كذباً » أو قعدوا ولم يستاذنوا رأسا . نعم كان 
هناك ثلاثة نفر من المؤمنين الصادقين تحلفوا من غير ميرر . وهم الذين أبلاهم الله » ثم تاب 
عليهم . 

وما دخل رسول الله عي المدينة بدأ بالمسجد » فصلى فيه ركعتين » ثم جلس للناس ٠‏ فأما 
لمنافقون - وهم بضعة وثمانون رجلاًة'© - فجاؤوا يعتذرون بأنواع شتى من الأعذار » وطفقوا 
يحلفون له فقبل منهم علانيتهم » وبايعهم » واستغفر لهم » ووكل سرائرهم إلى الله . 

وأما النفر الشلاثة من المؤمنين الصادقين - وهم كعب بن مالك » ومرارة بن الربيع , 
وهلال بن أمية - فاختاروا الصدق » فأمر رسول الله كته الصحابة أن لا يكلموا هؤلاء 
الغلاثة » وجرت ضد هؤلاء الشلاثئة مقاطعة شديدة » وتغير لهم الناس » حتى تنكرت لهم 
الأرض » وضاقت عليهم بما رحبت » وضاقت عليهم أنفسهم » وبلغت بهم الشدة أنهم بعد أن 
قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أمروا أن يعتزلوا نساءهم » حتى نمت على مقاطعتهم خمسون 
ليلة ثم م أنزل ا لله 00 00 حَعََإِدَاصَاقت علوم لاض يمَارَحْبتَ 
وَصَافقتَ هنأش وَطيوا ملي َيه ليه شاب لهم لَمويوأ َه 
.)١18: 0‏ 

وفرح المسلمون ١‏ وفرح الشلاثة فرحا لا يقاس مداه وغايته » فبشروا وأبشروا واستبشروا 
وأجازوا وتصدقوا » وكان أسعد يوم من أيام حياتهم . 

وأمر انين حبسهم العذر ققد قال تعالل فم : «ليسعِلٌَالصعماء ولاعل المرضئ 


َلاعلَ لذ لإجدور مايسففوت حرعإ إذَاتصحوأبنه ورسولد© »الآيتين (81:9) 





)١(‏ 2 ذكر الواقدي أن هذا العدد كان من منافقي الأنصار ء وأن المعذرين من الأعراب كانوا أيضاً اثنين وثمانين رجلا 
من بني غفار وغيرهم » وأن عبد الله بن ألي ومن أطاعه من قومه كانوا من غير هؤلاء » وكانوا عدا كثيرا ( انظر 
فتح الباري ١١5/8‏ ) . 
لاد 


وقال فيهم رسول الله َه حون دنا من المدينة : 9 إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً » ولا قطعتم 


وادياً إلا كانوا معكم, ال لك ارول اله برس التي 06 وهم 
بالمدينة . 


أثر الغزوة: 

وكان لهذه الغزوة أعظم أثر في بسط نفوذ المسلمين وتقويته على جزيرة العرب » فقد تبين 
للناس أنه ليس لأي قوة من القوات أن تعيش في العرب سوى قوة الاسلام » وبطلت بقايا أمل 
وأمنية كانت تتحرك في قلوب بقايا لجار والمنافقين الذين كانوا يتريصون الدوائر بالمسلمين » 
. وكانوا قد عقدوا امهم بالر ومان ؛ فقد استكانوا بعد هذه الغزوة » واستسلموا للأمر الواقع » الذي 
لم يجدوا عنه محيدأ ولا مناصاً . 

ولذلك ل يبق للمنافقين أن يعاملهم المسلمون بالرفق واللين » وقد أمر الله بالتشديد عليهم » 
حق ىعن قبول صدقاتيم واوعن الصلاة علميع » واااستغفان قم والقيام عل فبريهم ؛ وامر 
بهدم وكرة دسهم وتامرهم التي بنوها باسم المسجد » وأنزل فيهم ايات افتضحوا بها افتضاحا تاما . 
لم يبق في معرفتهم بعدها أي خفاء . كأن الآيات قد نصت على أسمائهم لمن يسكن بالمدينة . 

ويعرف مدى ا هذه الغزوة من أن العرب وإن كانت قد أخذت في التوافد إلى 
رسول الله َيه بعد غزوة فتح مكة ؛ بل وما قبلها , إلا أن تتابع الوفود وتكائرها بلغ إلى القمة 


بعد هذه الغزو و0 , 


نزول القران حول موضوع الغزوة: 


نزلت ايات كثيرة من سورة براءة حول موضوع الغزوة » نزل بعضها قبل الخروج » وبعضها 
بعد الخروج - وهو في السفر ‏ وبعض آخر منها بعد الرجوع إلى المدينة » وقد اشتملت على 





)31( أحذنا ا تفاصيل هذه الغزوة من أبن هشام 1ه إل ام ع وزاد المعاد م ؟ إلى ١١‏ وصحيح البخاري 
اي ل اا اك ؛ 4١4‏ وغيرها وصحيح مسلم مع شرحه للنووي 515/7 . 
وفتح الباري ١١١/8‏ إلى ١7‏ ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي من ص551 إلى 1١1‏ . 
-2738- 


ذكر ظروف الغزوة ( وفضح المنافقين 2 وفضل امجاهدين والنخلصين وقبول التوبة 22 المومنين 


بعض الوقائع المهمة فى هذه السنة: 

وفي هذه السنة وفعت عدة وقائع لها أهمية في التاريم : 

(1) بعد قدوم رسول الله عه من تبوك وقع اللعان بين عويمر العجلاني وامرأته . 

)١(‏ رجمت المرأة الغامدية التي جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة » رجمت بعد 
ما فطمت ابنها . 

(5) توني النجاشي أصحمة » ملك الحبشة » وصلى عليه رسول الله َيل صلاة الغائب . 

(5) توفيت أم كلثوم بنت النبى عَيْلهِ » فحزن عليها حزنا شديداً » وقال لعئان : ١‏ لو 
كانت عندي ثالثة لزوجتكها » . 

(5) مات رأس المنافقين عبد الله بن أبي سلول بعد مرجع رسول الله عله من تبوك , 
فاستغفر له رسول الله عَتُهُ » وصلٍ عليه بعد أن حاول عمر منعه عن الصلاة عليه » وقد نزل 
القران بعد ذلك بوافقة عمر . 


11 


حح أبى بكر رضي الله عنه 


وفي ذي القعدة أو ذي الحجة من نفس السنة (9ه) بععث رسول الله عَويلك أبا بكر 
الصديق رضي الله عنه أميرا على الحج ؛ ليقيم بالمسلمين المناسك . 

ثم نزلت أوائل سورة براءة بنقض المواثيق ونبذها على سواء » فبعث رسول الله َيه علي بن 
أي طالب ليؤدي عنه ذلك » وذلك تمشيا منه على عادة العرب في عهود الدماء والأموال , فالتقى 
على بأبي بكر بالعرج أو بضجنان » ققال أبو بكر : أمير أو مأمور ؟ قال علي : لا بل مأمور ثم 
مضياء وأقام أبو بكر للناس حجهم ء حتى إذا كان يوم النجحر » قام علي بن أبي طالب عند 
الجمرة » فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله عَيتهِ . ونبذ إلى كل ذي عهد عهده , وأجل لهم 
أربعة شبور » وكذلك أجل أربعة أشهر لمن لم يكن له عهد ء وأما الذين ل ينقصوا المسلمين 
شيكا » ولم يظاهروا عليهم أحدا » فأبقى عهدهم إلى مدمهم . 

وبعث و رع وي ينادون في الناس : ألا لايحج بعد هذا 8 مشرك ء 

وكان هذا النداء بمثابة إعلان نهاية الوثنية في جزيرة العرب ٠»‏ وأنها لا تبدىء ولا تعيد بعد 
هذا العام!'2 . ظ 


. 547/١ ء الالاء زاد المعاد 75/7 . 55 ء, ابن هشام‎ 577/50 481 23770/١ صحيح البخاري‎ )١( 
.©235636 02+ 


2-2252 


نظرة على الغزوات 


إذا نظرنا إلى غزوات النبي ع وبعوثه وسراياه ؛ لا يمكن لنا ولا لأحد ممن ينظر ني أوضاع 
ريع واثارها وشلفات) - لا يمكن لنا إلا أن نقول : إن النبي عي كان أكير قائد عسكري في 
الدنيا » وأسدهم وأعمقهم فراسة وتيقظا . إنه صاحب عبقرية فذة في هذا الوصف , ؟! كان 
سيد الرسل وأعظمهم في صفة النبوة والرسالة » فلم خض معركة من المعارك إلا في الظرف ومن 
الجهة اللذين يقتضيهما الحزم والشجاعة والتدبير » ولذلك 'لم يفشل في أي معركة من المعارك التي 
خاضها لغلطة في الحكمة وما إليها من تعبئة الجيش ٠‏ وتعيينه على المراكز الاستراتيجية » واحتلال 
أفضل المواضع وأوئقها للمجابهة » واختيار أفضل خطة لادارة دفة القتال » بل أثبت في كل ذلك 
أن له نوعا اخر من القيادة غير ما عرفتها وتعرف الدنيا في القواد . ولم يقع ما وقع في أحد وحنين 
إلا من بعض الضعف في أفراد الجيش عاق حون - أو من جهة معصيتهم أوامره » وتركهم التقيد 
والالتزام بالحكمة والخطة اللتين كان أوجبهما عليهم من حيث الوجهة العسكرية . 

وقد تحلت عبقريته عَيه في هاتين الغزوتين عند هزيمة المسلمين » فقد ثبت يجابها للعدو , 
واستطاع بحكمته الفذة أن يخييهم في أهدافهم ‏ كا فعل في أحد ‏ أو يغير يحرى الحرب حتى 
يبدل الهزيمة انتصاراً ‏ م في حنين - مع أن مثل هذا التطور الخطير » ومثل هذه الهزيمة الساحقة 
تأخذان بمشاعر القواد » وتتركان على أعصابهم أ سوأ الأثر» لا يبقى لمم بعد ذلك إلا هم النجاة 
اليو 

هذه هي من ناحية القيادة العسكرية الخالصة . أما من نواح أخرى » فإنه استطاع بهذه 
الغزوات فرض الامن وبسط السلام . وإطفاء نار الفتنة » وكسر شوكة الاعداء في صراع 


0007 


الإسلام والوثنية » وإلجائهم إلى المصالحة » وتخلية السبيل لنشر الدعوة » كا استطاع أن يتعرف 
على امخلصين من أصحابه ممن هو يبطن النفاق » ويضمر نوازع الغدر والخيانة . 

. وقد أنشأً طائفة كبيرة من القواد الذين لاقوا بعده الفرس والرومان في ميادين العراق والشام » 
ففاقوهم في تخطيط الحروب وإدارة دفة القتال » حتى استطاعوا إجلاءهم من أرضهم رم 
وأموالحم من جنات وعيون » وزروع ومقام كريم » ونعمة كانوا فيها فاكهين . 

كا استطاع رسول الله عه بفضل هذه الغزوات » أن يوفر السكنى والأرض والحرف 
والمشساغل للمسلمين » حتى تفصى من كثير من مشاكل اللاجئين الذين لم يكن لحم مال 
ولا دار » وهياً السلاح والكراع والعدة والنفقات » حصل على كل ذلك من غير أن يقوم بمثقال ‏ 
ذرة من الظلم والطغيان والبغي والعدوان على عباد الله . 

وقد غير أغراض الحروب وأهدافها الي كانت تضطرم نار الحرب لأجلها في الجاهلية » فبينا 
كانت الحرب عبارة عن النبب والسلب والقتل والإغارة والظلم والبغي والعدوان » وأخذ الثأر » 
والفوز بالوتر » وكبت الضعيف » وتخريب العمران » وتدمير البنيان » وهتك حرمات النساء , 
والقسوة بالضعاف والولائد والصبيان وإهلاك الحرث والنسل » والعبث والفساد في الأرض - في 
الجاهلية - إذ صارت هذه الحرب - في الاسلام ‏ جهاداً في تحقيق أهداف نبيلة » وأغراض. 
سامية وغايات محمودة » يعتز بها المجتمع الانساني في كل زمان ومكان , فقد صارت الحرب 
جهاداً في تخليص الانسان من نظام القهر والعدوان . إن نظام العدالة والنصف » من نظام يأكل 
فيه القوي الضعيف » إلى نظام يصير فيه القوي ضعيفاً حتى يؤّخذ منه » وصارت جهاداً في 
تخليص المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم 
أهلها واجعل لنا من لدنك ويا . واجعل لنا من لدنلك تير #«وضارت حهادا ق تطوير أرفل 
الله من الغدر والخيانة والإثم والعدوان إلى بسط الأمن والسلامة والرأفة والرحمة ومراعاة المحقوق 
والمروءة . 

كا شرع للحروب قواعد شريفة ألزم التقيد بها على جنوده وقوادها » ولم يسمح لهم الخروج 
عنها بحخال . روى سلمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله ع إذا أمر أميراً عللى جيش أو 
. سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله عز وجل » ومن معه من المسلمين خيراً . ثم قال : اغزوا باسم 
الله » في سبيل الله » قاتلوا من كفر الله » اغزوا » فلا تغلوا ولا تغدروا » ولا تمثلوا» ولا تقتلوا 

9 03 


وليداً .. الحديث . وكان يأمر بالتيسير ويقول : يسروا ولا تعسروا ء وسكنوا ولا تنفروا(' . وكان 
إذا جاء قوما بليل لم يغر عليهم حتى يصبح , ونبى أشد النبي عن التحريق في النار » ونهى عن 
قتل الصبية » وقتل النساء وضربهن » ونبى عن النهب حتى قال : إن النهبى ليست بأحل من 
الميتة . ونبى عن إهلاك الحرث والنسل وقطع الأشجار إلا إذا اشتدت إليها الحاجة » ولا يبقى 
سواه سبيل . وقال عند فتح مكة : لا تجحهزن على جري , ولا تتبعن مدبرا » ولا تقتلن أسيرا ‏ 
وأمضى السنة بأن السفير لايقتل. وشدد في ابي عن قتل المعاهدين حتى قال : من قتل 
معاهداً لم يرح رائحة الجنة » وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً ... إلى غير ذلك من 
القواعد النبيلة الي طهرت الحروب من أدران الجاهلية » حتى جعلتها جهادا مقدسا" . 





. صحيح مسلم ؟/0825 85م‎ )١( 
والجهاد فى الإسلام للأستاذ ألى إلا‎ , 58 . 509. 55 . 50 . 54/١ (؟) انظر ذلك مفصلاً في زاد المعاد‎ 
و في د 3 لي عل‎ 
. 76١7 الموفودي ص" ١؟ إلى‎ 


- 887 - 


الناس يدخلون فى دين الله أفواجا 


كانت غزوة فتح مكة - ا قلنا - معركة فاصلة » قضت على الوثنية قضاء باتأء عرفت 
العرب لأجلها الحق من الباطل » وزالت عنهم الشبهات . فتسارعوا إلى اعتناق الإسلام . قال 
عمرو بن سلمة : كنا بماء مر الناس » وكان يمر بنا الركبان فتساطم : ما للناس ؟ ما هذا 
الرجل ؟ - أي النبي َه - فيقولون : يزعم أن الله أرسله » أوحى إليه . أوحى اللدكذا » 
فكنت أحفظ ذاك الكلام » فكانما يقرأ في صدري » وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح . 
فيقولون : اتركوه وقومه » فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق . فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر 
كل قوم بإسلامهم , وبدر ني قومي بإسلامهم , فلما قدم قال : جتتكم والله من عند النبي 
يله - حقاً . فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذاء وصلاة كذا ني حين كذاء فإذا 
حضرت الصلاة فليوٌّذن أحد5 ء وليؤمكم أكثرم قراناً . الحديث”" . 
وهذا الحديث يدل على مدى أثر فتح مكة في تطوير الظروف » وتعزيز الإسلام » وتعيين 
الموقف للعرب » واستسلامهم للإسلام » وتأكد ذلك أي تاكد بعد غزوة تبوك » ولذلك نرى 
الوفود تقصد المدينة تترى في هذين العامين - التاسع والعاشر - ونرى الناس يدخلون في دين الله 
أفواجا » حتى إن الجيش الإاسلامي الذي كان قوامه عشرة الاف مقاتل في غزوة الفتح , إذا هو 
ا ا ؛) قب| عضي عل نع مك عام نل ثم نرى في 
لوداع بحراً من رجال الإسلام - مائة ألف من الناس أوهانة ورا روفة را رعمزن الها دوم 
يوج ا رسول الله عه بالعلبية والتكبير والتسبيح والتتحميد تدوي له الآفاق » وترتج له 
الأرجاء . 





5152651 صحيح البخاري ؟/8‎ )1١( 


4 22ت 


الوفود: 

والوفود التي سردها أهل المغازي يزيد عددها على سبعين وفدا » ولا يمكن لنا استقصاءها , 
وليس كبير فائدة في بسط تفاصيلها » وإنا نذكر منها إجمالاً ماله روعة أو أهمية في التاريخ . 
وليكن على ذكر من القارىء أن وفادة عامة القبائل وإن كانت بعد الفتح ؛ ولكن هناك قبائل 
توافدت قبله ايضا : 

)١(‏ وفد عبد القيس ‏ كانت لهذه القبيلة وفادتان : الأولى سنة خمس من المحجرة أو قبل 
ذلك . كان رجل منهم يقال له منقذ بن حيان » يرد المدينة بالتجارة » فلما جاء المدينة بتجارته 
بعد مقدم النبي عه » وعلم بالإسلام أ سلم وذهب بكتاب من النبي ع إلى قومه فأسلموا » 
فتوافدوا إليه في شهر حرام في ثلاثة أو أربعة عشر رجلا » وفيها سألوا عن الإيمان وعن الأشربة » 
وكان كبيرهم الأشج العصري الذي قال فيه رسول الله عي : إن فيك خخصلتين يحبهما الله : 
الحلم والأناة . 

والوفادة الشانية كانت في سنة الواودة وكان عددهم فيها أربعين رجلا . وكان فييم 
الجارود بن العلاء العبدي » وكان نصرانيا فاأسلم وحسن إسلامه9('" . 

» وفد دوس - كانت وفادة هذه القبيلة في أوائل سنة سبع » ورسول الله م خيبر‎ )١( 
وقد قدمنا حديث إسلام الطفيل بن عمرو الدومي , وأنه أسلم ورسول الله عَيه بمكة , ثم رجع‎ 
إلى قومه » فلم يزل يدعوهم إلى الإسلام » وييطئون عليه حتى يكس منهم , ؛ ورجع إلى‎ 
فطلب منه أن يدعو على دوس ء فقال : اللهم اهد دوساً . ثم أسلم هؤلا‎ ٠ رسول الله عه‎ 
فوفد الطفيل بسبعين أو انين بيتأ من قومه إلى المدينة في أوائل سنة سبع ورسول الله عي مخيير‎ 
. فلحق به‎ 

() رسول فروة بني عمرو الحذامي - كان فروة قائداً عربياً من قواد الرومان » عاملاً لهم 
على من يليبم من العرب , وكان منزله معان وما حوله من أرض الشام » أسلم بعدما رأى من 
جلاد المسلمين وشجاعتهم» وصدقهم اللقاء في معركة مؤتة سنة 4ه. ولما أسلم بعث إلى 
رسول الله عله رسولاً بإسلامه , وأهدى له بغلة بيضاء , وما علم الروم بإسلامه أخذوه 


. 25 ١ 86/8 فتح الباري‎ » 55/١ شرح صحيح مسلم للنروي‎ )١( 
- 8850 - 


فحبسوه » ثم خيروه بين الردة والموت » فاختار الموت على الردة » فصلبوه بفلسطين على ماء يقال 
. له عفراء » وضربوا عنقه!" . 

(4) وفد صداء ‏ جاء هذا الوفد عقب انصراف رسول الله عَيُْكِ من الجعرانة سنة ./ه . 
وذلك أن رسول الله َه هيا بعثاً من أربعمائة من المسلمين » وأمرهم أن يطأوا ناحية من اليهن 
فيها صداء » وبينا ذلك-البعث معسكر بصدر قناة علم به زياد بن الحارث الصدالي » فجاء إلى 
رسول الله عل فقال : جكتك وافداً على من وراني » فاردد الجيش وأنا لك بقومي » فرد الحيش 
من صدر قناة » وجاء الصدالي إلى قومه فرغبهم في القدوم على رسول الله َيه » فقدم عليه 
خمسة عشر رجلا منهم , وبايعوه على الإسلام » ثم رجعوا إلى قومهم » فدعوهم , ففشا فيهم 
الاسلام » فواق رسول الله عَيَْهِ منهم مائة رجل في حجة الوداع . 

(5) قدوم كعب بن زهير بن ألي سلمى كان من بيت الشعراء » ومن أشعر العرب » 
وكان بجو النبي عَيَكدهِ » فلما انصرف رسول الله ع من غزوة الطائف سنة 4ه » كتب إلى 
كعب بن زهير أخوه بجير بن زهير أن رسول الله عي قدل رجالاً بمكة ممن كانوا هجونه 
ويؤذونه » ومن بقي من شعراء قريش هربوا في كل وجه , فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر 
إلى رضول الله عه » فإنه لا يقتل أحداً جاء تائباً » وإلا فائج إلى نجاتك . ثم جرى بين الأخوين 
مراسلات ضاقت لأجلها الأرض على كعب » وأشفق لوال ب انيل وا باز 
في جهينة » وصلى معه الصبح » فلما انصرف أشار عليه الجهني ) ٠‏ فقام إلى رسول الله عه حتى 
جلس إليه » فوضع يده في يده » وكان رسول الله عه لا يعرفه فقال : يا رسول الله . إن 
كعب بن زهير » قد جاء ليستأمن منك تائباً مسلماً» فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ؟ 
قال : ١‏ نعم 6 . قال : أنا كعب بن زهير فوب عليه رجل من الأنصار يستأذن ضرب عنقه » 
فقال مساب ل 


قال فبها - وهو يعتذر إلى رسول الله عه » ويمدحه ‏ : ظ 





(1) زاد المعاد. */هغ » تفهم القران ١19/5‏ . 


- 28- 


بانت سعاد فقابي اليوم متبول 
تيف أن ررسول الله أوعدني 
مهلا هداك الذي أعطاك نافلةال 
لآاتجاخدن بسأقوال الوشة ولم 
لقد أقوم مقاماً لو يقوم به 
لفل يرعد. إلا أن يكون له 
حتى وضعت ييني ماأنازعه 
فلهو أخوف عندي إذ أكلمه 
من ضيغم بضراء الارض محدره 
إن الرسسول لسور يستفساء: نه 


سح رهبا ا يسن كيرد 
والعفو عند رسول الله مامول 
تقبران ا بوط ومعيل 
أذنب؛ ولو كثرت ف الأقاويل 
أرى وأسمع مالو يسمعالفيل 
من الرسول بإذن الله تتقويل 
في كف ذي نقمات قيله القيل 
وقهيل : إنك منسوب ومسوّول 
في بطن عثر غيل دونه غيل 
مهند من سيوف الله مسلول 


تم مدح المهاجرين من قريش ؛ لأنهم لم يكن تكلم منهم رجل في كعب حين جاء إلا 
تخير » وعرض في أثناء مدحهم على الأنصار لاستئذان رجل منهم في ضرب عنقه » قال : 

يمشون مشبي الجمال الزهر يعصمهم ضرب إذا عرد السود التنايل 

فلما أسلم وحسن إسلامه مدح الأنصار في قصيدة له وتدارك ما كان قد فرط منه في 
فاو «قالى تلك التهوة: 

من ببرة كرع القيياة فبلا يرل 

وروا المكارم كابراً عن كابر 


في مقنب من صالحي الأنصار 
له ايدان فهو بجو الاخمار 

(5) وفد عذرة قدم هذا الوفد في صفر سنة 5ه اعم عع رمد وى رين 
النعمان . قال متكلمهم حين سكلوا من القوم : نحن بنو عذرة ء أخوة قصي لأمه . نحن الذين 
عضدوا قصياً » وأزاحوا من بطن مكدة خزاعة وبني بكر » لنا قرابات وأرحام » فرحب بهم 
انبي عه » وبشرهم بفتح الشام » وتباهم عن سؤال الكاهنة » وعن الذبائح التي كانوا 
يذبحونها . أسلموا وأقاموا أياماً ثم رجعوا . 

(90) وفد بلي - قدم في ربيع الأول سنة 9ه ء وأسلم وأقام بالمدينة ثلاثاً » وقد سأل رئيسهه 
أبو الضبيب عن الضيافة هل فيبا أجر ؟ فقال رسسول الله عت الاح وال سروت صنهه إلى 
غني أو فقير فهو صدقة؛ , وسأل عن وقت الضيافة » فقال : « ثلاثة أيام » » وسأل عن ضالة 

4غ - 


الغنم فقال : و هي للك أو لأخيك أو للذئب »؛ » وسأل عن ضالة البعير » فقال : ؛ لك وله ؟ 
ل ةل 


(8) وفد ثقيف ‏ كانت وفادتهم في رمضان سنة 5ه . بعد مرجع رسول الله عه من 
تبوك . وقصة إسلامهم أن رئيسهم عروة بن مسعود الثقفي جاء إلى رسول الله مه بعد مرجعه 
من غزوة الطائف في ذي القعدة سنة 2ه قبل أن يصل إلى المدينة » فأسلم عروة » ورجع إلى 
قومه » ودعاهم إلى الإسلام - وهو يظن أنهم يطيعونه ؛ لأنه كان سيدا مطاعاً في قومه » وكان 
أحب إليهم من أبكارهم - فلما دعاهم إلى الاسلام رموه بالنبل من كل وجه حتى قتلوه » ثم 
أقاموا بعد قتله أشبهراء ثم ١‏ ثتمروا بينبم ) ؛ ورأوا أنه لا طاقة لحم بحرب من حولم من العرب 
- الذين كانوا قد بايعوا وأسلموا - فأجمعوا أن يرسلوا رجلاً إلى رسول الله عه ٠‏ فكلموا 
عبد ياليل بن عمرو » وعرضوا عليه ذلك فأنى » وخاف أن يصنعوا به إذا رجع مثل ما صنعوا 
بعروة » وقال : لست فاعلاً حتى ترسلوا معي رجالا » فبعثوا معه معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من 
بني مالك » فصاروا ستة فيهم عثان بن أُني العاص الثقفي , وكان أحدثهم سنا . 

فلما قدموا على رسول الله عليه ضرب عليهم قبة في ناحية المسجد » لكي يسمعوا القران » 
ويروا الناس إذا صلوا » ومكثوا يختلفون إلى رسول الله عيْدُكِ » وهو يدعوهم إلى الإسلام » حتى | 
سأل رئيسهم أن يكتب لهم رسول الله َي قضية صلح بينه وبين ثقيف. يأذن لهم فيها بالزفى 
وشرب الخمور وأكل الربا » ويترك هم طاغيتهم اللات » وأن يعفيهم من الصلاة » وأن لا يكسروا 
أصنامهم بأيديهم » فأنى رسول الله عه أن يقبل شيعا من ذلك » فخلوا وتشاوروا » ؛ فلم يجدوا 
حيصا عن الاستسلام لرسول الله يه » فاستسلموا وأسلموا» واشترطوا أن يتولى 
رسول الله عه هدم اللات » وأن ثقيفاً لا مبدمونها بأيديهم أبدأ ؛ فقبل ذلك » وكتب لحم 
ظ كتاباً » وأمر علمهم عهان بن أبي العاص الثقفي » ) لأنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم 
الدين والقران ؟ وذلك أن الوفد كانوا كل يوم يغدون إلى رسول الله عَيك » ويخلفون عهان بن 
أي العاص في رجاهمء » فإذا رجعوا وقالوا بالهاجرة عمد عثان بن ألي العاص إلى 
رسول الله عله » فاستقرأه القرآن » وسأله عن الدين . وإذا وجده نائماً عمد إلى أي بكر لنفس 
الغرض » ( وكان من أعظم الناس بركة لقومه في زمن الردة » فإن ثقيفاً لما عزمت على الردة قال 


-  ة#ةمك-‎ 


هم : يا معشر ثقيف كتتم آخخر الناس إسلاماً » فلا تكونوا أول الناس ردة » فامتنعوا على الردة » 
وثبتوا على الإسلام ) . 

ورجع الوفد إلى قومه فكتمهم الحقيقة » وخوفهم بالحرب والقتال » وأظهر الحزن والكابة , 
وأن رسول الله َه سأهم الإسلام وترك الزنى والخمر والربا وغيرها وإلا يقاتلهم؛ فأخذت ثقيف 
نخوة الجاهلية » فمكثوا يومين أو ثلاثة يريدون القتال , ثم ألقى الله في قلومهم الرعب ٠‏ وقالوا 
للوفد : ارجعوا إليه فأعطوه ما سأل » وحينئذ أبدى الوفد حقيقة الأمر» وأظهروا ما صاحوا 
عليه » فاسلمت ثقيف . 

وبعث رسول الله عَم رجلا لهدم اللات ؛ أمر علييم خالد , و رتنه قاد ا مور رد 
شعبة » فأخذ الكرزين وقال لأصحابه : والله لأاضحكنكم من ثقيف . فضرب بالكرزين » ثم 
سقط يركض .ء فارتج أهل الطائف ٠‏ وقالوا : أبعد الله المغيرة » قتلته الربة » فوثب المغيرة فقال : 
قبحكم الله » إنما هي لكاع حجارة ومدر » ثم ضرب الباب فكسره , ثم علا أعلى سورها » وعلا 
الرجال فهدموها وسووها الارعريسى حور أساسها » وأخرجوا حليها ولباسها » فبيتت ثقيف » 
ورجع خالد مع مفرزته إلى رسول الله عييثة َه بحليها وكسوتبها » فقسمه رسول الله عه من يومه » 
وحمد الله على نصرة نبيه وإعزاز دينه”"» 

(4) رسالة ملوك الهِن - وبعد مرجع النبي عَيُهِ من تبوك قدم كتاب ملوك حمير» وهم 
الحارث بن عبد كلال , ونعيم بن عبد كلال , والنعمان بن قيل ذي رعين » ومدان ومعافر . 
ورسوهم إليه َيِه مالك بن مرة الرهاوي » بعثوه بإسلامهم ومفارقتهم الشرك وأهله » وكتب 
الهم رسول الله ع كتاياً بين فيه ما للمؤمنين وما علميم ؛ وأعطى فيهم المعاهدين ذمة الله وذمة 
رسوله إذا أعطوا ما علهم من الجزية » وبعث إليهم رجالاً من أصحابه أميرهم معاذ بن جبل . 

)٠١(‏ وفد همدان - قدموا سنة 9ه بعد مرجعه عَيُْهُ من تبوك , فكتب لهم 
رسول الله َيه كتاباً أقطعهم فيه ما سألوه . وأمر علمهم مالك بن الفط » واستعمله على من 
أسلم من قومه.. وبعث إلى سائرهم خالد بن الوليد يدعوهم إلى 00 فأقام ستة أشهر 
بدعوهم فلم يبيو » ثم بعث على بن أني طالب » وأمره أن يقفل خالدا » فجاء على إلى مدا ؛ 
وقرأ علييم كتاباً من رسول الله عه ْلَه . ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا جميعا ؛ وكتب علي ببشارة 
زاد المعاد />؟ ,507 , 8؟ء أبن هشام ع/807ه إلى 5 . 


515 


إسلامهم إلى رسول الله َيه » فلما قرأ الكتاب خر ساجداً » ثم رفع رأسه فقال : السلام على 
مدان . السلام على همدان . ظ 

)١١(‏ وفد بني فزازة ‏ قدم هذا الوفد سنة 9ه بعد مرجعه عََيثُّه من تبوك » قدم في بضعة 
عشر رجلا جاؤوا مقرين بالاسلام ٠‏ وشكوا جدب بلادهم » فصعد رسول الله َك المنبر » فرفع 
يديه واستسقى » وقال : اللهم اسق بلادك وببامك » وانشر رحمتك » وأحي بلدك الميت » اللهم 
انتقنا غينا + :مقا عرض + فريعا + » طبقا » واسعاً » عاجلاً » غير أجل » نافعاً غير ضار ء اللهم 
سقيا رحمة , الل و ور رو يري امور الل عور 
على الأعداء”"" . 


)١١(‏ وفد نجران - ( نجران » بفتح النون وسكون الميم : بلد كبير على سبع مراحل من 
مكة إلى جهة اليمن » كان يشتمل على ثلاث وسبعين قرية » مسيرة يوم للراكب السريع”" , وكان 
يؤلف مائة ألف مقاتل كانوا على دين المسيحية ) . 

وكانت وفادة أهل نجران سنة 4ه . وقوام الوفد ستون رجلا » منهم أربعة وعشرون من 
الأشراف » فههم ثلاثة كانت إلههم زعامة أهل نجران . أحدهم العاقب . كانت إليه الامارة 
والحكومة واسمه عبد المسيح . والثاني السيد . كانت تحت إشرافه الأمور الثقافية والسياسية واسمه 
الأميم أو شرحَييْل :+ والثالك الأستقفن وكانك إلبة الوغامة الديدية + والقيادة الزوهانية وات أ 
حارثة بن علقمة . 

وما نزل الوفد بالمدينة » ولقي النبي عَيُِ سأهم وسألوه, ثم دعاهم إلى الاسلام , وتلا 
عم القوآن فامتعواء ووه عما قول في عيسى عليه السلاع » فمكث رسول ال له بو 
دع يلد علبه « إن ممَلْعِسَئعند أَهَهْكَمَكَلٍ ءام حَلككمٌمِن راب شُرَقَالَ َو 
2 10 لْحَقٌّ من َك تكن ينانوي 0 يفن حَاجَكَ فِيهِ مِن بعَمَاجَا ا 
َعَلْتهَال ودع بدن وَإسَء كر ونسَآء اواك وأنشسنا وَأنضْسك دورج زو 
وعس وميم 0 ا ا 0 ٌ 





0 


019 زاد المعاد 48/8 . 
(؟) فتح الباري 44/8 . 


5 10 


ولا أصبح رسول الله عَم أخبرهم بقوله في عيسى بن مريم في ضوء هذه الآية الكريمة ؛ 
وتركهم ذلك اليوم ؛ ليفكروا في أمرهم » فأبوا أن يقروا بما قال في عيسى . فلما أصبحوا وقد أبوا 
عن قبول ما عرض عليهم من قوله في عيسبى , وأبوا عن الإسلام دعاهم رسول الله عه إلى 
لمباهلة » وأقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خميل له » وفاطمة تمَشي عند ظهره » فلما رأوا 
نه انك بوالقي كلا وتشاورو[ 6 ققال كز :من العاقت :والسِيد لاز + لا تقغلفوال ل كان 
واو ا دو و ل لو ل 
هلك الا ا ل الور بارت جا ل ارد 1011 : إنا نعطيك 
ما سألتنا . فقبل رسول الله مُه منهم الجزية » وصالحهم على ألفي حلة » ألف في رجب » وألف 
في صفر , ومع كل حلة أوقية » وأعطاهم ذمة الله وذمة رسوله » وترك لهم الحرية الكاملة في 
دينهم ؛ وكتب لهم بذلك كتابا » وطلبوا منه أن يبعث عليهم رجلا امينا » فبعث عليبم امين هذه 
الأمة أبا عبيدة بن الجراح ؛ ليقبض مال الصلح . 

ثم طفق الاسلام يفشو فيهم » فقد ذكروا أن السيد والعاقب أسلما بعد ما رجعا إلى نجران . 
وأن النبى عله بعث إلهم علياً ؛ ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم » ومعلوم أن الصدقة إنما تؤخذ من 
لعي 1 

)١(‏ وفد بنى حنيفة - كانت وفادمهم سنة 9ه . وكانوا سبعة عشر رجلا فيهم مسيلمة 
الكذاب”'! - وهو مسيلمة ؛ بن قامة بن كير بن حبيبه بن اخارث: من بي خنيفة نزل هذا 
الوفد في بيت رجل من الأنصارء ثم جازوا إلى النبي عه فأسلموا » واختلفت الروايات في 
وواراك يا لوي امايو و0 والأنفة 
والاسة وو إلى الإمارة » وأنه م بحضر مع سائر الوفد إلى رسول الله عه » وأن 


النبي عي عه أراد اسغلافه بالاحسان بالمول القع أولا غ2 فلمًا راق أن ذلك لا يجدي فيه نفعا 
تقرس فكالخر 
01١‏ فتح الباري 94/8 . 15 ء زاد المعاد 58/17 0 59 ء 61 6521 وقد اضطربت الر وايات في بيان كيفيه وفد 


أجران . حتى جنح بعض امحققين إلى أن وفادة أهل نجران كانتت مرتين كام مهفا ما رجح 
عندنا في هذا الوفد . 


(5) فتح الباري 87/8 . 


 ةةهأ‎ 


وكان النبي عَه قد أي قبل ذلك في المنام أنه أتي بخزائن الأرض » فوقع في يديه سواران 
من ذهب » فكبرا عليه وأهماه , فأوحى إليه أن انفخهما , فنفخهما , فذهبا , فأولهما كذابين 
يخرجآن من بعده . فلما صدر من مسيلمة ما صدر من الاستنكاف - وقد كان يقول : إن 
جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته - جاءه رسول الله َه وني يده قطعة من جريد , ومعه 
ووو و ا ا ا يعيويد سود و ديب 
مسيلمة : إن شىعه شئت خخلينا بنك وبين الأمر ‏ ثم جعلته لنا بعدك , فقال : لو سألتتي هذه القطعة 
موا يتم أمر الله فيك » ولكن أدبرت ليعقرنك الله » والله إني لأراك الذي أريت 
فيه ما رأيت » ؛ وهذا ثابت يجيبك عني انعيرفق21, 

وأخيرا وقع ما تفرس فيه 10000 

حتى ادعى أنه أشرك في الأمر مع النبي َيِه » فادعى النبوة » وجعل يسجع السجعات , وأحل 
لقومه الخمر والزنا » وهو مع ذلك يشهد لرسول الله عَيتُّ أنه نبي » وافتتن به قومه فتبعوه , 
وأصفقوا معه . حتى تفاقم أمره, فكان يقال له رحمان الهامة لعظم قدره فيهم . وكتب إلى 
رسول الله َيه كتاباً قال فيه : إني أشركت في الأمر مععك , وإن لنا نصف الأمر » ولقريش 

نصف الأمر ء فرد عليه رسول الله لُك بكتاب قال فيه : 9 ربح الْأرضَ لله نوْرِنُها من 
دمن عادو والعيقبة للمتّقبرت 7#" . ْ 

وعن ابن مسعود قال : جاء ابن النواحة » وابن أثال رسولا مسيلمة إلى النبي عَيكُهِ » فقال 
هما : أتشهدان أني رسول الله ؟ فقالا : نشهد أن مسيلمة رسول الله . فقال النبي عَيْبلُهِ : امنت 
بالله ورسوله : لو كنت قاتلا رسولاً لقتلتكما» . 

كان ادعاء مسيلمة النبوة سنة عشر ء وقتل في حرب الهامة في عهد أني بكر الصديق 
رضي الله عنه في ربيع الأول سنة 1ه قد قتله وحشي قاتل حمزة . وأما المتنيىء الثاني » وهو الأسود 


)1 اد مخ بحري باب وفد بني حنيفة ؛ وباب قصة الأسود العنسي ؟ اع مه وفيتح الباري .78م 
الى 0-0 

(؟) زادالمعاد عدم ؟ى , 

ف رياه الامام أمدء مشكاة المصابيح ؟إلاع م 1 


5075ه 


العنسي الذي كان بالمن , فقتله فوروز » واحتز رأسه قبل وفاة النبي عي بيوم وليلة » فأتاه الوحي 
فأخبر به أصحابه , ثم جاء الخبر من الهن إلى ألي بكر رضي الله عنه(" . 
الو اا ا ا ا و0 
اتفقا على الفتك بابي عل » فلما جاء الوفد جعل عامر يكلم النبي مه ».ودار أ أربد خلفه , 
النبي عَتتّهِ » فلما رجعا أرسل الله على أربد وجمله صاعقة فأحرقته » وأما عامر فتزل على امرأة 
حارلية :ناعضي يقكةا ف علقة قينات وهو يقول + أغدة كقنة اعون توهونا ينك السلولية + 
وفي صحيح البخاري : أن عامراً أنى النبي عه فقال : أخيرك بين خصال ثلاث : يكون 
لك أهل السبل ولي أهل المدر » أو أكون خليفتك من بعدك » أو أغزوك بغطفان بألف أشقر 
وألف شقراء » فطعن في بيت امرأة » فقال : أغدة كغدة البعير » في بيت امرأة من بني فلان , 
)١5(‏ وفد تجيب ‏ قدم هذا الوفد بصدقات قومه ثما فضل عن فقرائهم وكان الوفد ثلاثة 
عشر رجلاً » وكانوا يسألون عن القران والسنن يتعلمونها » وسألوا رسول الله عه أشياء فكتب 
لهم بها » ولم يطيلوا اللبث . وما أجازهم رسول لله ع بعثوا إليه غلاما كانوا خلفوه في رحالهم . 
فجاء الغلام » وقال : والله ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي ويرحمني , 
وأن يجعل غناي في قلبي » فدعا له بذلك » فكان أقنع الناس » وثبت في الردة على الاسلام : 
وذكر قومه ؛ ووعظهم فثبتوا عليه , والتقى أهل الوفد بالنبي عي مرة أخرى في حجة الوداع 
سنة ٠‏ اها. 
الات اجر سن اانه بال ا د ا 1 
العرب بفضل » ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه , إلا زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما فيه » , 
وسماه زيد الخير . 5 9 5 
)١(‏ فتح الباري 459/8 . 


*7عهة 


وهكذا تتابعت الوفود إلى المدينة في سنتي تسع وعشر » وقد ذكر أهل المغازي والسير منها 
وفود أهل المن , والأزد وبني سعد هذيم من قضاعة » وبني عامر بن قيس ٠‏ وبي أسد » ومهراء » 
وخولان » ومحارب » ويبني الحارث بن كعب » وغامد » وبني المنتفق » وسلامان » وبني عبس » 
ومزينة » ومراد » وزبيد » وكندة » وذي مرة » وغسان » وبني عيش » ونخع ‏ وهو اخر الوفود , 
ل د السوناي رجل ‏ وكانت وفادة الاغلبية من هذه الوفود سنة 9 
و١٠ه‏ وقد تأخرة وفادة بعضبا إلى سنة ١١ه‏ ا . 

وتتابع هذه الوفود يدل على مدى ما نالت الدعوة الإسلامية من القبول التام » وبسط 
السيطرة والنفوذ على أنحاء جزيرة العرب وأرجائها » وأن العرب كانت تنظر إلى المدينة بنظر 
التقدير والإجلال » حتى لم تكن ترى محيصاً عن الاستسلام أمامها » فقد صارت المدينة عاصمة 
لجزيرة العرب , لا يمكن صرف النظر عنها ‏ إلا أننا لا يمكن لنا القول بأن الدين قد تمكن من 
أنفس هؤلاء باسرهم ؛ لأنه كان وسطهم كثير من الأعراب الحفاة الذين أسلموا تبعاً لسادتهم , 
وم تكن أنفسهم قد خلصت بعد ما تأصل فيبا من الميل إلى الغارات » ولم تكن تعاليم الإسلام 
قد هذبت أنفسهم مام التبذيبٍ ؛ وقد وصف القران بعضهم 7 في سورة التوبة امراب 
مد كُفْراوَنضَاهَاوَأْجَدَرا يمدو مأل أل رسُولوم وه 0 
أ من سد افق فق معرما ا ديهم دَابرَة السوءِ وَألهسَمِيعٌ 2 عم 
(6510:5م 5 ) وأثثى على أخرين منهم قال: نوست الأتبموةم كبو 


عر 2 


الآحروَيتَخْدْ ً يَتَحِذْمَايَنفقٌ فربكت عن لاله َهوَصَلَوَتٍ أَلرَسُو أل افيه 1 0 2 
َرَحميفن هددحم 4 (515:5950). 
أما الحاضرون منهم في مكة والمدينة وثقيف » وكثير من اليمن والبحرين ؛ فد كان الاسلام 


فييم قويأ » ومنهم كبار الصحابة وسادات المسلمين”" . 


)0 0 محاضرات تاريخ الأم الاسلامية ١55/١‏ . وانظر في تفاصيل الوفود التي ذكرناها أو اشرنا 
إلياء صحيح البخاري 0315/١‏ 037155/5- 2511 253548 556359 . وابن هشام ا ؛ 
.هع امثه2 ١٠٠اسص‏ 2 ١أا١أاهمه2‏ "لاه ث“”“ا١اه2‏ :اص بالاه 2 يلاه 85"د 2 .ةوه 2 ه22 
4ه .506 ته إلى ١501ء‏ وزاد المعاد 55/7 إلى ٠٠١‏ ء وفتح الباري 87/8 إلى * ٠١‏ ورحمة للعالمين ١814/١‏ 


الى 16 


9 


نجاح الدعوة وأثرها 


وقبل أن نتقدم خطوة أخرى إلى مطالعة أواخر أيام حياة الرسول عَيْتُهِ ؛ ينبغي لنا أن نلقي 
نظرة إجمالية على العمل الجلل الذي هو فذلكة حياته , والذي امتاز به عن سائر الأنبياء 
والمرسلين » حتى توج الله هامته بسيادة الأولين والآخرين . 

إنه عَكيه قيل له : «! يتما الْمرَيَلُ يا الل إلا يلا » الآيات . وا يمسو 
ووَلَذِرَ #الآيات » فقام . وظل قائماً أكثر من عشيرين عاماً » يحمل على عاتقه عبء الأمانة 
الكبرى في هذه الأرض » عبء البشرية كلها » وعبء العقيدة كلها » وعبء الكفاح والجهاد 
في ميادين شتى . 

حمل عبء الكفاح والجهاد في ميدان الضمير البشري الغارق في أوهام الجاهلية وتصوراتها , 
لمثقل بأثقال الأرض وجواذبها » والمكبل بأوهاق الشهوات وأغلالها » حتى إذا خلص هذا الضمير 
في بعض صحابته ما يثقله من ركام الجاهلية والحياة الأرضية » بدأ معركة أخرى في ميدان آخر ‏ 
بل معارك متلاحقة .. مع أعداء دعوة الله المتألبين عليها » وعلى المومنين بها » الحريصين على قتل 
هذه الغرسة الزكية في منبتها ؛ قبل أن تدمو وتّد جذورها في التربة » وفروعها في الفضاء » وتظل 
متاعتا نت اخرى .. ولم يكد يفرغ من معارك الجزيرة العربية ؛ حتى كانت الروم تعد هذه الأمة 
الجديدة » وتتهياً للبطش بها على تخومها الشمالية . 

وفي أثناء هذا كله لم تكن المعركة الأولى - معركة الضمير - قد انتبت » فهي معركة 
خالدة » الشيطان صاحبها » وهو لايني لحظة عن مزاولة نشاطه في أعماق الضمير الإنساني ) 
ومحمد عَيَْهِ قاتم على دعوة الله هناك , وعلى المعركة الدائبة في ميادينها المتفرقة » في شظف من 
العيش » والدنيا مقبلة عليه » وفي جهد وكد » والمؤمنون يستروحون من حوله ظلال الأمن 


0:8: 


والراحة حة ؛ في نصب دام لا ينقطع ؛ وفي صبر جميل على هذا كله » وفي قيام الليل » وفي عبادة 
لربه » وترتيل لقرانه » وتبتل إليه ما أمره أن يفعل(" . 

وهكذا عاش في المعركة الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عاماً » لا يلهيه شأن عن شأن في 
خلال هذا الأمد » حتى نجحت الدعوة الاسلامية على نطاق واسع تتحير له العقول » فقد دانت 
ها الجزيرة العربية » وزالت غبرة الجاهلية عن افاقها » وَصَّححَت العقول العليلة » حتى تركت 
الأصنام ؛ بل كسرت . وأخخذ الحو يرتج بأصوات التوحيد » وسمع الأذان للصلوات ؛ يق أخراء 
الفضاء خلال الصحراء التي أحياها الإيمان الجديد , وانطلق القراء ثمالاً وجنوباً » يتلون آيات 
الكتاب ؛ ويقيمون 5 لله . 


هناك قاهر ومقهور 0 وسادات وعبيد 0 وحكام ومحكومون 0 وظالم ومظلوم واتما الناس كلهم 
عباد الله » إخوان متحابون , متمثلون لأحكامه : أذهب الله عنهم عُبيّة الجاهلية ونخوتها وتعاظمها 
ل يي و ري 
وهكذا تحققت - 59 هذه الدعوة - الوحدة العربية » والوحدة الإنسانية والعدالة 
الاجتاعية ( والسعادة البشرية ف قضاياها ومشاكلها الدنيوية ( وفي مسائلها الاخروية فتقلب 
خخرئ الأيام ؛ وتغير وجه الأرض 5 وانعدل خط التاريخ 5 وتبدلت العقلية . 
إن العالم كانت تسيطر عليه روح الجاهلية - قبل الدعوة ‏ ويتعفن ضميره » وتأسن 
روحه , وتختل فيه القيم والمقاييس . ويسوده الظلم والعبودية » وتجتاحه موجة من الترف الفاجر 
والحرمان التاعس . وتغشاه غاشية الكفر والضلال والظلام » على الرغم من الديانات السماوية , 
التي كانت قل أدركها التحرين © وسسرى فييا الضعف » وفقدت سيطرتها عل النفوس . 
واستحالت 5 ٠‏ طقوسا جامدة لا حياة فيها ولا روح . 
| فلما قامت هده الدعوة بدورها ف حياة البشرية ؛ خلصت روح البشر سس الوهم والخرافة : 
ومن العبودية والرق ؛ ومن الفساد والتعفن » ومن القذارة والانحلال » وخلصت امجتمع الإنساني 


كلمة سيد قطب في ظلال القرآن 01/8/59 148 . 


8501 - 


من الظلم والطغيان . ومن التفكك والانهيار . ومن فوارق الطبقات . واستبداد الحكام . 
واستذلال الكهان . وقامت ببناء العالم عل اسن من العفة والنظافة . والايجابية والبناء » والحرية 
والتجدد » ومن المعرفة واليقين . والثقة والايمان والعدالة والكرامة » ومن العمل الدائب ؛ لتنمية 
الحياة » وترقية الحياة » وإعطاء كل ذي حق حقه في الحياة2"9 . 

وبفضل هذه التطورات شاهدت الحزيرة العربية نبضة مباركة لم تشاهد مثلها منذ نش فوقها 
العمران » ول يتألق تاريخها تألقه في هذه الأيام الفريدة من عمرها . 


. ١ من كلمة سيد قطب في مقدمة ماذا خسر العالم باخطاط المسلمين ص؛‎ )١( 


- #617 


حجة الوداع 


تمت أعمال الدعوة » وإبلاغ الرسالة » وبناء مجتمع جديد على أساس إثبات الألوهية لله 
زنقيعا عق شيرة 4 وعل اسان رسئالة عمد يك وان قائفا بحن ليفك فى اقلت 
رسول الله عه » يشعره أن مقامه في الدنيا قد أوشك على النهاية » حتى إنه حين بعث معاذاً على 
الهن سنة ٠ه‏ قال له فها قال : يا معاذ » إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا » ولعلك أن 
عر بمسجدي هذا وقبري » فبكى معاذ خشعا لفراق رسول الله عه . 

وشاء الله أن يرى رسوله عَيَكهِ ثمار دعوته » التي عانى في سبيلها ألواناً من المتاعب بضعاً 
وعشرين عام » فيجتمع في أطراف مكة بأد تبائلالعرب ومطلها »فيأخذوا منه شرئع الدين 
وأجكامه » وياخذ منهم الشبادة على أنه أدى الأمانة » وبلغ الرسالة » ونصح الأمة . 

أعلن النبي عَيُهُ بقصده لهذه الحجة المبرورة المشهودة » فقدم المدينة بشر كثير » كلهم 
يلمس أن ياتم برسول الله عَّهاا2 . وني يوم السبت لأربع بقين من ذي القعدة عبياً النبي عه 
للرحيل” » فترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه وقلد بدنه » وانطلق بعد الظهر » حتى بلغ ذا 
الحليفة قبل أن يصلى العصر » فصلاها ركعتين » وات عاداسى إصع نذا ابيع در 
لأصحابه : أتاني الليلة ات من ربي فال : صل في هذا الوادي المبارك » وقل : عمرة في 


حبحة(5) 5 


)١(‏ روى ذلك مسلم عن جابر » باب حجة النبي مه 544/١‏ . ظ 
0( حقق ذلك ابن حجر تحقيقا أنيقاً ؛ مع تصحيح ما ورد من أنه خرج لخمس بقين من ذي العقدة انظر فتح 
الباري 54/8 ٠١‏ . 
(9') رواه البخاري عن عمر 7١1/١‏ . 
-مهةة - 


وقبل أن يصلى الظهر اغتسل لاحرامه » ثم طيبته عائشة بيدها بذريرة وطيب فيه مسك » في 
بدنه ورأسه » حتى كان وبيص الطيب يرى في مفارقه ولحيته » ثم استدامه ولم يغسله » ثم لبس 
إزاره ورداءه » ثم صلى الظهر ركعتين » ثم أهل بالحج والعمرة في مصلاه» وقرن بينهما » ثم 
خرج » فركب القصواء » فأهل أيضأ , ثم أهل لما استقلت به على البيداء . 

ثم واصل سيره حتى قرب من مكة » فبات بذي طوى » ثم دحل مكة بعد أن صلى الفجر 
واغتسل من صباح يوم الأحد لأربع ليال خلون من ذي الحجة سنة ١٠ه‏ - وقد قضى في 
الطريق تمان ليال » وهي المسافة الوسطى - فلما دخل المسجد الحرام طاف بالبيت » وسعى بين 
الصفا والمروة » ول يحل , لأنه كان قارنا قد ساق معه ادي » فنزل بأعلى مكة عند الحجون ‏ 
وأقام هناك . ولم يعد إلى الطواف غير طواف الحج 

وأمر من لم يكن معه هدي ني أصحابه أن يجعلوا إحرامهم عمرة » فيطوفوا بالبيت وبين 
الصفا والمروة » ثم يحلوا حلالاً تامأء فترددوا » فقال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت 
ما أهديت » ولولا أن معي اهدي لأحللت . فحل من لم يكن معه هدي , وسمعوا وأطاعوا . 

ول اليم الاين ين اذى الحيفة دوهن يزع التزوية سد توج إل ع + فصل نيا الور 
والعصر والمغرب والعشاء والفجر - خمس صلوات - ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس » 
فأجاز حتى أتى عرفة » فوجد القبة قد ضربت له بنمرة » فنزل بها » حتى إذا زالت الشمس أمر 
بالقصواء فرحلت له » فأتى بطن الوادي » وقد اجتمع حوله مائة ألف وأربعة وعشرون أو أربعة 
وأربعون ألفا من الناس » فقام فيهم خطيباً , وألقى هذه الخطبة الجامعة : 

«أيها الناس »ء اسمعوا قولي » فإني لا أدري لعلى لا ألقاكى بعد عامي هذا بهذا الموقف 
أبدا0"© . 

إن دماء كم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذاء في شبرك هذا في بلدك هذا . ألا 
كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ‏ ودماء الجاهلية موضوعة . وإن أول دم أضع من 
دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث - وكان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ‏ وربا الجاهلية 
موضوع » وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب » فإنه موضوع كله . 


. 5.07/59 ابن هشام‎ )١( 


694 


. فاتقوا الله في النساء » فإنكم أخذتمّوهن يامانة الله » واستحللتم فروجهن بكلمة الله » ولكم 
عليين أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه » فإن فعلن ذلك ا 
عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف . 

وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمم به » “كتاب اللّهلا) . 
أيها الناس » إنه لا نبي بعدي . ولا أمة بعدكم , ألا فاعبدوا ربكم » وصلوا خمسكم . 
وصوموا شهرك » وأدوا زكاة أموالكم » طيبة بها أنفسكم . وتحجون بيت ربكم . وأطيعوا ولاة 
أمرم » تدخلوا جنة ربكم" . 
ون ادي اويا و ب 
فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء » وينكتها إلى الناس ١‏ اللهم اشهد » . 


مرات9؟ . ظ 
١ 5 5 50‏ ماب 57 ا 
وكان الذي يصرخ في الناس بقول رسول الله ع - وجو بعركه - ربيعة بن أمية بن 
خلف9 . 


وبعد أن فرغ النبي عه من إلقاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى 89 أَلْيومَأ كملْتُ لكم 
ديس وَأَمَمَثُ علي يضمت وَرَضِيتٌ آ َم الإسْلودينا 4 ره : ”3 ) وعندما مععها عمر 
بكى » فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان" . 

وبعد الخطبة أذن بلال ثم أقام » فصلى رسول الله َي بالناس الظهر » ثم أقام فصلى 
العصر » ولم يصل بينهما شيئأ » ثم ركب حتى أنى الموقف . فجعل بطن ناقته القصواء إلى 
الصخرات ؛ وجعل حبل المشاة بين يديه » واستقبل القبلة » فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس » 
وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص » وأردف أسامة » ودفع حتى أل المزدلفة » فصلى بها 


. 5917/١ صحيح مسلم باب حجة النبي عه‎ )١( 

(؟) معدن الأعمال . ورواه ابن ماجه وابن عساكر ء رحمة للعالمين 55/١‏ . 
(0) مسلم 7910/١‏ . 

(:) ابن هشام ؟/505 . 

(0) رواه البخاري عن ابن عمر ... انظر رحمة للعالمين 756/١‏ . 


- #8" - 


المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين » ولم يسبح بينهما شيئا » ثم اضطجع حتى طلع الفجر , 
فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة » ثم ركب القصواء حتى أنى المشعر الحرام , 
فاستقبل القبلة » فدعاه » وكبره » وهلله » ووحده » فلم يزل واقفا حتى أسفر جدأ . 

فدفع ‏ من المزدلفة إلى منى - قبل أن تطلع الشمس , وأردف الفضل بن عباس حتى أتى 
بطن محسر » فحرك قليلآً » ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى » حتى أنى 
الجمرة التي عند الشجرة ‏ وهي الجمرة الكبرى نفسها » كانت عندها شجرة في ذلك الزمان . 
وتسمى يجمرة العقبة وبالجمرة الأولى - فرماها بسبع حصيات » يكبر مع كل حصاة منها » مثل 
حصى الخذف رمى من بطن الوادي , ثم انصرف إلى المنحر » فنحر ثلاثأ وستين بدنة بيده » ثم 
أعطى علي فنحر ما غبر - وهي سبع وثلاثون بدنة » تمام المائة ‏ وأشركه في هديه » ثم أمر من 
كل بدنة ببضعة » فجعلت في قدر » فطبخت .» فاكلا من لحمها » وشربا من مرقها . 

ثم ركب رسول الله عه » فأفاض إلى البيت » فصلى بمكة الظهر » فأتى على 
بني عبد المطلب يسقون على زمزم » فقال : ١‏ انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على 
سقايتكم لنزعت معكم » » فناولوه دلوا فشرب منه(" . 

وخطب النبي عي يوم النحر ‏ عاشر ذي الحجة - أيضاً حين ارتفع الضحى » وهو على 
بغلة شهباء » وعلى يعبر عنه » والناس بين قاثم وقاعد<" . وأعاد في خطبته هذه بعض ما كان ألقاه 
أمس » فقد روى الشيخان عن أي بكرة قال : خطبنا النبي عي يوم النحر » قال : 

« إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض » السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة 
حرم » ثلاث متواليات » ذو القعدة وذو الحجة واحرم » ورجب مضر الذي بين جمادى 
وشعبان © . 

وقال : « أي شبر هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم » فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير 
اسمه » قال : « أليس ذا الحجة» ؟ قلنا : بلى . قال : « أي بلد هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم , 
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه » قال : « أليست البلدة » ؟ قلنا : بلى . قال : « فأي 


. 1.6. رواه مسلم عن جابر » باب حجة النبي كيه ١//انق رول وول‎ )١( 
. 32س( روى ذلك أبو داود » باب أي وقت يخطب يوم النحر ا‎ 


"0 


يوم هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه » قال : ( أليس 
يوم النحر » ؟ قلنا : بلى . قال : « فإن دماء م وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم 
هذاء في بلد م هذاء في شهبرك هذا » . 

١‏ وستلقون ربكم » فيسألكم عن أعمالكم , ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم 
رقاب بعض » . 

٠‏ ألا هل بلغت » ؟ قالوا : نعم » قال : « اللهم اشهد . فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ 
أوعى من سامع 206 . ظ ظ 

وف رواية أنه قال في تلك الخطبة : ١‏ ألا لا يمني جان إلا على نفسه , ألا لا يمني جان على 
ولده » ولا مولود على والده » ألا إن الشيطان قد يكس أن يعبد في بلدم هذا أبدا » ولكن ستكون 
له طاعة فيا تحتقرون من أعمالكم » فسييرضى به )20 . 

وأقام أيام التشريق بمنى يؤدي المناسك ويعلم الشرائع » ويذكر الله » ويقيم سنن الهدى من 
ملة إبراهم » ويمحو اثار الشرك ومعالمها » وقد خطب في بعض أيام التشريق أيضأ» فقد روى 
أبو داود بإسناد حسن عن سراء بنت نبهان قالت : خخطبنا رسول الله عه يوم الرؤوس » فقال : 
١‏ أليس هذا أوسط أيام التشريق 206 . وكانت خطبته في هذا اليوم مثل خطبته يوم النحر» 
ووقعت هذه الخطبة عقب نزول سورة النصر . 

وف يوم النفر الثاني - الثالث عشر من ذي الحجة - نفر النبي عََقيلهُ من منى » فنزل بخيف 
بني كنانة من الأبطح » وأقام هناك بقية يومه ذلك » وليلته » وصل هناك الظهر والعصر والمغرب 
والعشاء » ثم رقد رقدة » ثم ركب إلى البيت » فطاف به طواف الوداع » وكان قد أمر الصحابة 

ولما قضى مناسكه حث الركاب إلى المدينة المطهرة » لا ليأخذ حظاً من الراحة » بل 





. 7714/١ صحيح البخاري » باب الخطبة أيام منى‎ )١( 
. >” وابن ماجة في الحج » مشكاة المصابيح‎ ١70 رواه الترمذي 9/.م/؟ ؛‎ )١؟(‎ 
. 7559/١ أبو داود . باب أي يوم يخطب بمنى‎ )'( 


- 5171 - 


ليستأنف الكفاح والكدح لله وفي سبيل الله('© . 
أخر البعوث: 


كانت كبرياء دولة الروم قد جعلتها تأبى عليه حق الحياة » وحملها على أن تقتل من أتباعها 
من يدخخل فيه » كا فعلت بفروة بن عمرو الجذامي الذي كان واليا على معان من قبل الروم . 

ونظراً إلى هذه الحراءة والغطرسة أخذ رسول الله عَكُهُ يجهز جيشاً كبيرا في صفر سنة 
١ه‏ وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة » وأمره أن يوطىء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض 
فلسطين » يبغي بذلك إرهاب الروم وإعادة الثقة إلى قلوب العرب الضاربين على الحدود » حتى 
لايحسبن أحد أن بطش الكنيسة لا معقب له » وأن الدخول في الاسلام يجر على أصحابه 
الحتوف فحسب . 

وتكلم الناس في قائد الجيش لحداثة سنه » واستبطأوا في بعثه » فقال رسول الله َه : إن 
تطعنوا في إمارته » فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل » وابم الله إن كان خليقا للإمارة » وإن 
كان من أحب الناس إلى » وإن هذا من أحب الناس إل بعده(" . 

وانتدب الناس يلتفون حول أسامة » وينتظمون في جيشه » حتى خرجوا ونزلوا الجرف » على 
فرسخ من المدينة ‏ إلا أن الأخبار المقلقة عن مرض رسول الله عَيكُهِ أكرهتهم على التريث » حتى 
يعرفوا ما يقضي الله به. وقد قضى الله أن يكون هذا أول بعث ينفذ في خلافة أي بكر 
الصديق2© . 


)١(‏ انظر لتفصيل حجة النبي يَقلُهِ صحيح البخاري كتاب المناسك ج١‏ 7171/59 وصحيح مسلم باب حجة 
النبي عه وفضح الباري ج" من شرح كتاب المناسك وج8/١٠‏ إلى 1١١‏ وابن هشام ٠01/7‏ إلى ٠08‏ 
زاد المعاد 5١8 ٠ 1١95/1١‏ إلى 751١‏ . 

00( صحيح البخاري . باب بعث النبي عَيّه أسامة . 

() المصدر السابق وابن هشام 05٠60 2, 5٠١5/1‏ . 


17 ات 


إلى الرفبيق الأعلى 


طلائع التوديع: 

ما تكاملت الدعوة » وسيطر الإسلام على الموقف , أخذت طلائع التوديع للحياة والأحياء 
تطلع من مشاعره عي » وتتضح بعباراته وأفعاله . 

إنه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يوم » بينا كان لا يعتكف إلا عشرة أيام 
فحسب » وتدارسه جبريل القران مرتين » وقال في حجة الوداع : إني لا أدري لعلى لا ألقا م بعد 
عامي هذا بهذا الموقف أبدا » وقال وهو عند جمرة العقبة : خذوا عني مناسككم ١‏ ؛ فلعلي لا أحج 
بعد عامي هذا , وأنزلت عليه سورة النصر في أوسط أيام التشريق » فعرف أنه الوداع » وأنه نعيت 
إليه نفسه . 

وفي أوائل صفر سدة ١ه‏ خرج النبي عَوقهِ إلى أحد . فصلى على الشهداء كالمودع 
للأحياء والأموات , ثم انصرف إلى المنبر فقال : إن فرطكم , وإني شهيد عليكم , وإني الله 
لأنظر إلى “حوضي الآن » وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض » أو مفاتيح الأرض » وإني والله 
ما أخحاف أن تشركوا بعدي » ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها('© . 

وخرج ليلة - في منتصفها - إلى البقيع فاستغفر لهم , وقال : السلام عليكم يا أهل 
المقابر » ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه » أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ‏ ؛ يتبع 
آخرها أوها » الآخرة شر من الأولى . وبشرهم قائلاً : إنا بكم للاحقون . 
بداية المرض: ‏ 

وني اليوم التاسع والعشسرين من شهر صفر سنة ١١ه ‏ وكان يوم الاثنين ‏ شهد 
)١(‏ متفق عليه » صحيح البخاري 080/5 . 

- 455 - 


واتقدت الحرارة » حتى إنهم كانوا يجدون سورتها فوق العصابة التي تعصب بها رأسه . 
يوما . 
الأسبوع الأخير: 
وثقل برسول الله ع امرض » فجعل يسأل أزواجه : أين أنا غدا ؟ أين أنا غدا ؟ ففهمن 
مراده » فأذن له يكون حيث شاء » فانتقل إلى عائشة » يمشي بين الفضل بن عباس وعلى بن ألي 
طالب » عاصباً رأسه تخط قدماه حتى دخل بيتها » فقضى عندها آخر أسبوع من حياته . 
وكانت عائشة تقرأ بالمعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله عله » فكانت تنفث 
على نفسه » ومسحه بيده رجاء البركة . 
قبل الوفاة ببتخمسة أيام: 
ويوم الأربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة » اتقدت حرارة العلة في بدنه » فاشتد به الوجع 
وغمي » فقال : هريقوا علي سبع قرب من ابار شتى . حتى أخرج إلى الناس » فأعهد إلمهم » 
فاقعدوه في خضب . وصبوا عليه الماء » حتى طفق يقول : 9 حسيكم » حسبكم » . 
وخطب الناس - والناس مجتمعون حوله ب فقال : 
و لعنة الله على اليبود والنصارى » اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » - وفي رواية 9 قاتل 
اللهاليهود والنصارى اتحذوا قبور أنبيائهم مساجد(© ‏ وقال : لا تتخذوا قبري وثنا يعبد (© . 
وعرض نفسه للقصاص قائلا : و من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه ع 
ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه © . 
م نزل فصل الظهر , ثم رجع فجلس عل المنبر » وعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها : 


. 75١0 موطأ الإمام مالك ص‎ » 57/١ صحيح البخاري‎ )١( 
. (؟) موطا الإمام مالك ص55‎ 


8160 - 


فقال رجل : إن لي عندك ثلاثة دراهم » فقال : أعطه يا فضل » ثم أوصى بالأنصار قائلاً : 

« أوصيكم بالأنصار » فإنبم كرشي وعيبتي » وقد قضوا الذي عليهم » وبقي الذي لهم , 
فاقبلوا من محسنهم » وتجاوزوا عن مسيئهم » وفي رواية أنه قال : « إن الناس يكثرون » وتقل 
الأنصار » حتى يكونوا كالملح في الطعام » فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه فليقبل من 
محسنهم » ويتجاوز عن مسيتهم )20 . 

قال إن عيدا ووه الله أن عام تهرة «الناقنا تا شان ورين عا يوه لافار 
ما عنده ) قال أبو سعيد الخدري : فبكى أبو بكر . قال : فديناك بابائنا وأمهاتنا . فعجبنا له : 
فقال الناس : انظروا إلى هذا الشيخ » يخبر رسول الله عتم عن عبد خيره اللهبين أن يؤتيه من 
زهرة الدنيا » وبين ما عنده » وهو يقول : فديناك بابائنا وأمهاتنا . فكان رسول الله يل هو 
امير » وكان أبو بكر أعلمنا" . 

ثم قال رسول الله عَلُهِ : « إن أمن الناس عل في صحبته وماله أبو بكر » ولو كنت متخذا 
خليلاً غير رلي لاتخذت أبا بكر خليلاً » ولكن أخوة الاسلام ومودته » لا يبقين في المسجد باب 
إلا ضسدع إلا بات أي :بكر غ25 


قبل أربعة أيام: ‏ 

ويوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال - وقد اشتد به الوجع - : « هلموا أكتب لكم 
كتابا لن تضلوا بعده » - وفي البيت رجال فيهم عمر - فقال عمر : قد غلب عليه الوجع , 
وعند.م القران » حسبكم كتاب الله . فاختلف أهل البيت واختصموا » فمنهم من يقول : قربوا 
يكتب لكم رسول الله يه » ومنهم من يقول ما قال عمر » فلما أكاروا اللفط والاختلاف قال 
رسول الله عه : 9 قوموا عني )10 . 

. وأوصى ذلك اليوم بثلاث : أوصى بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب » 
)١(‏ صحيح البخاري 0/١‏ . 
20( متفق عليه » مشكاة المصابيح 047/15 . 
(؟) متفق عليه . مشكاة المصابيح */54ه . صحيح البخاري 2511/١‏ 549215479 778/9520 . 
(5) رواه البخاري عن أم الفضل باب مرض النبي عه ؟/717> . 

تكاس 20 


وأوصى بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم » أما الثالث فنسيه الراوي » ولعله الوصية بالاعتصام 
بالكتاب والسنة » أو تنفيذ جيش أسامة , أو هي ١‏ الصلاة وما ملكت أيمانكم ) . 


والنبي عله مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم 
يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام -. وقد صلى بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب » فقرأ فيها 
بالمرسلات عرفا29 . 

وعند العشاء زاد ثقل المرض », بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد . قالت عائشة : فقال 
النبي مُه : « أصلى الناس » ؟ قلنا : لا يا رسول الله » وهم ينتظرونك . قال : « ضعوا لي ماء 
في المحضب » . ففعلناء فاغتسل » فذهب لينوء فأغمي عليه », ثم أفاق » فقال : « أصلى 
الناس »© ؟ - ووقع ثانياً وثالثاً ما وقع في المرة الأولى من الاغتسال ثم الإغماء حينا أراد أن ينوه 
فأرسل إلى أني بكر أن يصل بالناس » فصلى أبو بكر تلك الأيام2" ؛ 11 صلاة في 
جيانة 1 

وراجعت عائشة النبي عَيُمِ ثلاث أو أربع مرات ؛ ليصرف الإمامة عن ألي بكر » حتى 
لا يتشاءم به الناس » فأبى » وقال : « إنكن صواحب يوسف . مروا أبا بكر فليصل بالناس » . 


قبل يوم أو يومين: 

ويوم السبت أو الأحد وجد النبي عَيتُهُ في نفسه خفة . فخرج بين رجلين لصلاة الظهر , 
وأبو بكر يصلى بالناس » فلما راه أبو بكر ذهب ليتأخر» فأوما إليه بأن لا يتاخر , قال : 
وأجلساني إلى جنبه » فأجلساه إلى يسار ألي بكر فكان أبو بكر يقتدي بصلاة 
يسول لله مه » ويسمع الناس التكير”؟ . 


قبل يوم: ظ 
وقبل يوم من الوفاة - يوم الأحد -. أعتق النبي عَيييُهْ غلمانه » وتصدق بسبعة دنانير كانت 
عنده » ووهب للمسلمين أسلحته » وني الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها , 
)١(‏ متفق عليه مشكاة المصابيح ٠١5/١‏ . 
)١(‏ صحيح البخاري 99/١‏ . 
)4 صحيح البخاري 298/١‏ 99 . 
5 


وكانت درعه موه مرهونة عند يبودي بثلاثين صاعاً من الشعير . 
أخر يوم من الحياة: 

روى أنس بن مالك : أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الإثنين - وأبو بكر يصلي 
بهم لم يفجأهم إلا رسول الله عَيُهِ كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم » وهم في صفوف 
الصلاة » ثم تبمم يضحك » فنكص أبو بكر على عقبيه ؛ ليصل الصف » وظن أن 
رسول الله ع يريد أن يخرج إلى الصلاة » فقال أنس ورم السلبوت ان ينجرا قامبلاتيم ‏ 
فرحا برسول الله عه » فأشار إليهم بيده رسول الله عله أن موا صلاتكم ء ثم دخل الحجرة 
وأرخى الستر2"© . 

م 4 أت عل سول ل يك ونت سل أرى . 

ونا ارتفع الضحى » دعا النبي عه فاطمة فسارها بشبيء فبكت . ثم دعاها » فسارها 
بشيء فضحكت » قالت عائشة » فسألنا عن ذلك - أي فيا بعد - فقالت : سارنفي النبي. عَيكا 
أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه ء فبكيت , ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه 
نضح :”2 

وبشر النبي عه فاطمة بأنبا سيدة نساء العالمين2© . 

ورأت فاطمة ما برسول الله عه من الكرب الشديد الذي يتغشاه » فقالت : واكرب 
أباه . فقال لها : ١‏ ليس على أبيك كرب بعد اليوم ؛©) : 

ودعا الحسن والحسين فقبلهما » وأوصى بهما خيرا» ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن 

وطفق الوجع يشتد ويزيد » وقد ظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حتى كان يقول : 
ديا عائشة , ما أزال أجد أل الطعام الذي أكلت بخيبر » فهذا أوان وجدت انقطاع أببري من 
)١(‏ نفس المصدرء باب مرض النبي ع9 540/7 . 
)32س( صحيج البخاري ال 
2 ويدل بعض الروايات أن هذا الار والبشارة لم يكن في آخر يوم من حياته بل في آخو أسبوع . رحمة للعالمين 


1 
(1) صحوح البخاري 141/١‏ . 


148 ة- 


ذلك الع 130 
وأوصى الناس » فال : « الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم » , كرر ذلك مرارا9 . 


الاحتضار: 

وبدأ الاحتضار فأسندته عائشة إليهاء وكانت تقول : إن من نعم الله عل أن 
رسول الله عه توفي في بيتي وف يومي وبين سحري ونحري » وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند 
هوتهاء اوتكل عد الرعى جايو أو بكر سنوييةة التبرالةهءبوانا عسيندة رسول الله 12 قراينة 
ينظر إليه » وعرفت أنه يحب السواك » فقلت : اخذه لك ؟ فاشار برأسه أن نعم ء فتناولته : 
كأحسن ما كان مستنا ‏ وبين يديه ركوة فيها ماء » فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه. 
يفول 9:3 لآ اله الآ الله + إن للعوت كرات واه الفوية .1 

وماعدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو إصبعه . وشخص بصره نحو السقف » 
وتحركت شفتاه » فأصغت إليه عائشة وهو يقول : « مع الذين أنعمت عليهم من النبيين 
والصديقين والشهداء والصالحين . اللهم اغفر لي وارحمني ١‏ وألحقني بالرفيق الاعلى , اللهم الرفيق 
الأعلى »9 , 

كرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً » ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى . إنا لله وإنا إليه راجعون . 

وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحى من يوم الإثنين ١١‏ ربيع الأول سنة ١١ه‏ . وقد تم 
له عله ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام . 


تفاق, الأحزان على الصحابة: 
وتسرب النباً الفادح ؛ وأظلمت علٍ المدينة أرجاؤها وافاقها . قال أنس : ما رأيت يوما قط 





. 5719//7 نفس المصشر‎ )١( 

(؟) نفس المصدر . 

. 572 صحيح البخاري . باب مرض النبي‎ (١ 

(4) نفس المصدر والياب . وباب آخر ما تكلم النبي عه 552/١‏ . 2789 .541714 . 


22142 


كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخحل علينا فيه رسول الله عه » وما ينيدا كن اربراة الام 
من يوم مات فيه رسول الله يدوه" . ظ 

ولما مات قالت فاطمة : يا أبتاه أجاب ربا دعاه . يا أبتاه » من جنة الفردوس مأواه . 
يا أبتاه » إلى جبريل ننعاه!'" . 


موقم عمر: 

ووقف عمر بن الخطاب - وقد أخرجه الخبر عن وعيه ‏ يقول : إن رجالاً من المنافقين 
يزعمون أن رسول الله عه توفى ‏ وإن رسول الله عله ما مات , لكن ذهب إلى ربه ما ذهب 
موسى بن عمران , فغاب عن قومه أربعين ليلة » ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات . 

واله بير جعن رسول الله ميك . ٠‏ فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات . 


موقف أبى بكر: 

وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل » فدخل المسجد » فلم يكلم الناس , 
حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله عَلُهُ » وهو مغشى بثوب حيرة » فكشف عن وجهه  »‏ 
ثم أكب عليه » فقبله وبكى » ثم قال : بأبي أنت وأمي ء لا يجمع الله عليك موتتين » أما الموتة 
التي كتبت عليك فقد متها . ظ 

ثم خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس » فقال : اجلس يا عمر . فألى عمر أن يجلس » فاقبل 
الناس إليه » وتركوا عمر » فقال أبو بكر أن يعد ومن كن مكو يعد عمدا جيك لزن مدا 
و ا اموا وم ا . قال الله : «وَمَاححمَد إلا ول 


2226 سل ع8 0 _ِ- 


ياه كي 0 سَمَبِْى كه 0 4 قل ان عام والله لكأن 





1 رواه الدارمي . مشكاة ة المصابيح 4ه‎ )١( 


00 صحيح البخاري باب مرض النبي عه 841/7 . 
(*) ابن هشام هه" . 


217 ا 


الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر ء فتلقاها منه الناس كلهم , فما أسمع 
بشرأ من الناس إلا يتلوها . 

قال ابن المسيب : قال عمر : والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقا 
رجلاي » وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها , علمت أن النبي عَيَهِ قد مات7) . 


التجهيز وتوديع ا مسد الشريف إلى الأرض: 
وحوار وردود بين المهاجرين والانصار في سقيفة بني ساعدة » وأخيرا اتفقوا على خلافة أبي بكر 
رسول الله عَيَْه . حتى كان آخر الليل - ليلة الثلاثاء - مع الصبح » وبقي جسده المبارك على 
فراشه » مغشى بثوب حبرة » قد أغلق دونه الباب أهله . 

ويوم الثلاثاء غسلوا رسول الله عَيْييّهِ من غير أن يجردوه من ثيابه » وكان القامون بالغسل 
العباس وعلياً » والفضل وقثم ابني العباس » وشقران مولى رسول الله ع » وأسامة بن زيد . 
وأوس بن خولي . فكان العباس والفضل وقم يقلنونه + بواسسافة وشقران يصبان الماء » وعلي 
يغسله » وأوس أسنده إلى صذره . 

ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف » ليس فيها قميص ولا عمامة(" . 
أدرجوه فيها إدراجا . 

كا . : 0 5 ب“ ابلهت . ع ام 

واختلفوا في موضع دفنه » فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله َيه يقول : ما قبض نبي 
إلادفن حيث يقبض .ء فرفع أبو طلحة فراشه الذي تُوْفٍ عليه ,» فحفر تحته » وجعل القبر لحدا . 

ردقل الناى التجرة اربوالا عقارة فهر + ييلوة عل رسول :ات 2ك ولا يز من أحدء 
وصلى عليه أولاً أهل عشيرته . ثم المهاجرون , ثم الأنصار » وصلت عليه النساء بعد الرجال » ثم 
صلل عليه الصبيان . 


.514١ 6510/59 صحيح البخاري‎ )١( 
. 305/١ ؛ صحيح مسلم‎ ١73/١ فم متفق عليه . صحيح البخاري‎ 


ا 


ومطبى في ذلك يوم الثلاثاء كاملاً » حتى دخلت ليلة الأربعاء » قالت عائشة : ما علمنا 
بدفن رسول الله عََيهِ حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل من ليلة الأربعاء"" . 


)2غ( ظ غتصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص 59/١‏ » وانظر لتفصيل لحوقه بالرفيق الأعلى : صحيح 
البخاري » باب مرض النبي ع وعدة أبواب بعده مع فتح الباري وصحيح مسلم ومشكاة المصابيح باب وفاة 
النبي عَوُه وابن هشام 545/7 إلى 570 وتلقيح فهوم أهل الأثر ص78 . 79 ورحمة للعالمين 57/١‏ إلى 
وتعيين عامة الأوقات من المصدر الأخير . 


3-0 - 


البيت النبوى 


)١(‏ كان البيت النبوي في مكة قبل الهجرة يتألف منه عليه الصلاة والسلام » ومن زوجته 
خحديجة بنت خويلد » تزوجها وهو ني خمس وعشرين من سنه , وهي في الأربعين » وهي أول من 
تزوجها من النساء » ولم يتزوج عليها غيرها . وكان له منها أبناء وبنات , أما الأبناء » فلم يعش 
منهم أحد » وأما البنات فهن : زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة , فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة 
ابن خالتها أبو العاص بن الربيع , وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثان بن عفان رضي الله عنه 
الواحدة بعد الأخرى , وأما فاطمة فتزوجها علي بن أي طالب بين بدر وأحد , ومنها كان الحسن 
والحسين وزينب وأم كلثوم . 

ومعلوم أن النبي عَم كان ممتازاً عن أمته بحل التزوج بأكثر من أربع زوجات لأغراض 
كثيرة » فكان عدد من عقد عليبن ثلاث عشرة امرأة » منبن تسع مات عنهن » واثنتان توفيتا في 
حياته » إحداهما خديجة » والأخرى أم المساكين زينب بنت خزية » واثنتان لم يدخل بهما . 
وهاهي أسماؤهن وشيء عنهن . 

(؟) سودة بنت زمعة » تزوجها رسول الله عه في شوال سنة عشر من النبوة » بعد وفاة 
خديجة بأيام » وكانت قبله عند ابن عم ها يقال له السكران بن عمرو » فمات عنها . 

(7) عائشة بنت أي بكر الصديق . تزوجها في شوال سنة إحدى عشرة من النبوة » بعد 
زواجه بسودة بسنة » وقبل ال هجرة بسنتين وخمسة أشهر » تزوجها وهي بنت ست سنين » وبني بها 
في شوال بعد الهجرة بسبعة أشهر في المدينة » وهي بنت تسع سنين , وكانت بكرأ ول يتزوج 
بكرأ غيرها » وكانت أحب الخلق إليه » وأفقه نساء الأمة . وأعلمهن على الاطلاق . 


ا/ض ب 


(4) حفصة بنت عمر بن الخطاب » تأيمت من زوجها خنيس بن حذافة السهمي بين بدر 
وأحد » فتزوجها رسول الله عه سنة لاه . 

(5) زينب بنت خزيمة من بني هلال بن عامر بن صعصعة » وكانت تسمى أم المساكين , 
لرحمتها إياهم ورقتها علييم » كانت تحت عبد الله بن جحش » فاستشهد في أحد » فتزوجها 
رسول الله عه سئة 4ه . ماتت بعد الزواج بشهرين أو ثلاثة أشهر . 

(1) أم سلمة هند بنت أبي أمية » كانت تحت أي سلمة » فمات عنها في جمادى الأخرى 
سنة 4هاء فتزوجها رسول الله عَم في شوال من نفس السنة . 

070) زينب بنت جحش بن رياب من بي أسد بن خزيمةء وهي بنت عمة 
رسول الله ييه » وكانت تحت زيد بن حارثة - الذي كان يعتبر ابنأ للنبي عَيَكلهِ - فطلقها 
زيد » فانزل الله تعالى يخاطب رسول لله عه «فلما قضئ ريد مها وطرازوحتكها4 2# وفيها 
نزلت من سورة الأحزاب ايات فصلت قضية التبني ‏ وسنأتي على ذكرها ‏ تزوجها 
رسول الله َه في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة . 

ل ا ا ا 0 بني المصطلق في 
سهم ثابت بن قيس بن هماس » فكاتبها » تقضى رسول لل ع تابه ء وتزوجها في شعبان 
سنه "ه . 

(9) أم حبيبة رملة بنت أي سفيان » كانت تحت عبيد الله بن جحش » وهاجرت معه إلى 
الحبشة » فارتد عبيد الله وتنصر » وتوني هناك , وثبتت أم حبيبة على دينها وهجرتها » فلما بعث 
ما ا 
حبيبة فزوجها إياه وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة 

)٠ 2‏ صفية بنت حبي بن أخطب من بني إسرائيل , ٠‏ كانت من سبي خيير » فاصطفاها 
رسول الله َل لنفسه » فأعتقها وتزوجها بعد فتح خيبر سنة /اه . 

)١١(‏ ميمونة بنت الحارث , أخت أ الفضل لبابة بنت الحارث » تزوجها في ذي القعدة 

سنة /اه» في عمرة القضاء : بعد أن حل منها على الصحيح . 


175 4ت 


فهؤلاء إحدى عشرة سيدة تزوج ببن الرسول عه » وبنى بهن وتوفيت منهن اثنقان 
- خديجة وزينب أم المساكين - في حياته » وتوفي هو عن التسع البواقي 

وأما الاثنتان اللتان م يبن +هما » فواحدة من بني كلاب » وأخرى من كندة » وهي المعروفة 
بالجونية » وهناك خلافات لا حاجة إلى بسطها . 

وأما السسراري فالمعروف أنه تسسرى باثنتين إحداهما مارية القبطية » أهداها له المقوقس , 
فأولدها ابنه إبراهيم » الذي توفي صغيراً بالمدينة في حياته عله » في /١‏ أو 79 من شبر شوال 
سنة ١٠ه‏ وفق 71 يناير سنة 7707م . والسرية الثانية هي ريحانة بنت زيد النضرية أو القرظية : 
كانت من سبايا قريظة » فاصطفاها لنفسه ء وقيل : بل هي من أزواجه َيِه , أعتقها 
فتزوجها . والقول الأول رجحه ابن القيم . وزاد أبو عبيدة اثنتين أخريين » جميلة أصابها في بعض 
السبي » وجارية وهبتها له زينب بنت جحش”22 . 

ومن نظر إلى حياة الرسول َه عرف جيدا أن زواجه ببذا العدد الكثير من النساء في 
أواخر عمره بعد أن قضى ما يقارب ثلاثين عاماً من ريعان شبابه وأجود أيامه مقتصراً على زوجة 
واحدة شبه عجوز - خديجة ثم سودة ‏ عرف أن هذا الزواج لم يكن لأجل أنه وجد بغتة في 
نفسه قوة عارمة من الشبق ع الدبو سل او باو ادو انين ند 
هناك أغراض أخرى أجل وأعظم من الغرض الذي. يحققه عامة الزواج 

فاتجاه الرسول عه إلى مصاهرة أبي بكر وعمر بزواجه بعائشة وحفصة - وكذلك تزويجه 
ابنته فاطمة بعلي بن أي طالب » وتزويجه ابنته رقية ثم أم كلفوم بعهان بن عفان - ي؛ وال أنه 
يبغي من وراء ذلك توثيق الصلات بالرجال الأربعة » الذين عرف بلاءهم وفداءهم للإسلام في 
الأزمات التي مرت به » وشاء الله أن يجتازها بسلام . 


وكان من تقاليد العرب الاحترام للمصاهرة » فقد كان الصهر عندهم نأا قن اراتك القت 
بين البطون امختلفة . وكانوا يرون مناوأة ومحاربة الأصبار 0 ة وعاراً عل أنفسم ١‏ فاراد 
0 لله عَبه بزواج عدة من أمهات المؤمنين أن يكسر سورة عداء القبائل للإسلام » ويطفىء 
حدة بغضائها . كانت أم سلمة من بني مخزوم - حي أي جهل وخالد بن الوليد ‏ فلما تزوجها 


8/1 انظر زاد المعاة‎ )١( 


- 59/65 


رسول الله عله لم يقف خالد من المسلمين موقفه الشديد بأحد » بل أسلم بعد مدة غير طويلة 
طائعاً راغباً » وكذلك أبو سفيان لم يواجه رسول الله ع بأي محاربة بعد زواجه بابنته أم حبيبة ‏ 
وكذلك لا نرى من قبيلتي بي المصطلق وبني النضير أي استفزاز وعداء بعد زواجه بجويرية 
وصفية ؛ بل كانت جويرية أعظم النساء بركة على قومها » فقد أطلق الصحابة أسر مائة بيت من 
ال الله عي » وقالوا : أصبار رسول ا كنا المن من 

لأثر البالغ في النفوس . 

وأكبر من كل ذلك وأعظم أن النبي عت كان مأمورا بتزكية وتثقيف قوم لم يكونوا يعرفون 
شيئاً من اداب الثقافة والحضارة والتقيد بلوازم المدنية » والمساهمة في بناء المجتمع وتعزيزه . 

والمبادىء التي كانت أسسا لبناء امجتمع الاسلامي » لم تكن تسمح للرجال أن يختلطوا 
بالنساء » فلم يكن يمكن تثقيفهن مباشرة مع المراعاة هذه المبادىء , مع أن مسيس الحاجة إلى 
تتقيفهن لم يكن أهون رأقل من الرجال » بل كان أشد وأقوى . 

وإذن فلم يكن للنبي َيه سبيل إلا أن يختار من النساء الختلفة الأعمار والمواهب ما يكفي 
لهذا الغرض » فيزكيين ويربهن » ويعلمهن الشرائع والأحكام , ويثقفهن بثقافة الإسلام حتى 
يعدهن ؛ لتربية البدويات والحضريات » العجائز منهن والشابات » فيكفين مؤنة التبليغ في 
النساء . 

وقد كان لأمهات المؤمنين فضل كبير في نقل أحواله - عه المنزلية للناس » خصوصاً 
من طالت حياته منهن كعائشة » فإنها روت كثيراً من أفعاله وأقواله . 

وهناك نكاح واحد كان لنقض تقليد جاهلي متأصل , وهي قاعدة التبني » وكان للمتبنى 
غند العرب في الماهلية جميع الحرمات والحقوق التي كانت للابن اتقيقي سواء بسواء . وكانت 
قد تأصلت تلك القاعدة في القلوب » بحيث لم يكن محوها منهلاً » » لكن كانت تلك القاعدة 
تعارض معارضة شديدة للأسس والمبادىء التي قررها الإسلام في النكاح والطلاق 5 اث وغير 
ذلك من المعاملات » وكانت تلك القاعدة تجلب كثيرا من المفاسد والفواحش التي جاء 
الاسلام ؛ ليمحوها عن امجتمع . 

وهدم تلك القاعدة أمر الله تعالى رسول 2َِنّهِ أن ينكح ابنة عمته زينب بنست جحش » 


- 275 


وكانت نحت زيد » ولم يكن بينهما توافق » حتى هم زيد بطلاقها » وذلك في ساعة تألب 
الأحزاب على رسول الله عي والمسلمين » وكان رسول لله عت يخاف دعاية المنافقين والمشركين 
والمهود » وما يكون له من الأثر السبيء في نفوس ضعفاء المسلمين » فأحب أن لا يطلق زيد ؛ 
حتى لا يقع رسول الله عله في هذا الامتحان . 

ولاشك أن هذا التردد والانحياز 205 بابق مطابقة تامة للعزيمة النني بعث بها 


ار 


رسول الله عار ) فعاتبه الله ل ذلك وقال مكو عله 


عير 


أن 


١ 


100 ترس 


مْسِكعَلَيِكَ رَوِبَكَ وق أ ألم وَنحْنى في نفس لك ماأألله مبّديه بعد الاسواية 
تخشله4 (155: 0517 . 

وأخيرا طلقها زيد » وتزوجها رسول الله عن في أيام فر الخصان عل ابي فريظة بعد أن 
انقضت عدتها الاي ل ا ولا خالا وح و 
لله ذلك النكاح بنفسه يقول : « فلم قضى ويد ينها وَطِرًا ربكا لج لايكونَ عل 
الْمَؤْمِنينَ حرف أَروع أدعِيَآيه إدَاقَصَومنجنَ وطن م : 07” ) وذلك ليهدم قاعدة 
البني فعلا ؟ همه أقولا : أدعوهح لا بيهم هوأقسط عند أله 4ع:ه).ه« ما 
كان مد بأ حرم رَحَالكُ ولك يسو لاله وَدَائَ يعن 4 550 .)1١:‏ 

وم من التقاليد المتأصلة الجازمة لا يمكن هدمها أو تعديلها مجرد القول » بل لا بد له من 
مقارنة فعل صاحب الدعوة » ويتضح ذلك بما صدر من المسلمين في عمرة الحديبية » كان هناك 
أوافك المسلمون الذين راهم عروة بن مسعود الثقفي , لا يقع من النبي َيِه نخامة إلا في يد 
أحدهم » وراهم يتبادرون إلى وضوئه حتى كادوا يقتتلون عليه » نعم كان أولنك الذين تسابقوا إلى 
البيعة على الموت أو على عدم الفرار تحت الشجرة . والذين كانوا فيهم مثل أبو بكر وعمر » لما أمر 
نبي عي أولنك الصحابة امتفانين في ذاته - بعد عقد الصلح - أن يقوموا فينحروا هديهم / 
قم لامتثال أمره أحد . حتى أخذه القلق والاضطراب ٠‏ ولكن لما أشارت عليه أم سلمة أن يقوم 
إلى هديه فينحر , ولا يكلم أحدا ففعل , تبادر الصحابة إلى اتباعه في فعله » فتسابقوا إلى نحر 
جزورهم . وببذا الحادث يتضح جلي ما هو الفرق بين أثري القول والفعل لهدم قاعدة راسخة . 

وقد أثار المنافقون وساوس كثيرة » وقاموا بدعايات كاذبة واسعة حول هذا النكاح » أثر 
بعضها في ضعفاء المسلمين , لا سها أن زينب كانت خامسة أزواجه عَيْيتهُ . ولم يكن يعرف 


ل/ا/اغ - 


؛ فراع 3 


المسلمون حل الزواج بأكثر من أربع نسوة » وأن زيداً كان يعتبر ابنأ للنبي عه » والزواج بزوجة 
الابن كان من أغلظ الفواحش » وقد أنزل الله في سورة الأحزاب حول الموضوعين ما شفى 
وكفى » وعلم الصحابة أن التبني ليس له أثره في الإسلام » وأن الله تعاللى وسع لرسوله مَك في 
الزواج ما لم يوسع لغيره » لاغراضه النبيلة الممتازة . 
هذاء وكانت عشرته عَيهِ مع أمهات المؤمنين في غاية الشرف والنبل والسمو والحسن » م 
كن في أعلى درجة من الشرف والقناعة والصبر والتواضع والخدمة والقيام بحقوق الزواج » مع أنه 
كان في شظف من العيش لا يطيقه أحد قال انع : ما أعلم النبي ع رأى رغيفاً مرققا حتى 
لحق بالله » ولا رأى شاة سميطأ بعينه قط( . وقالت عائشة ئشة : إن كنا لننظر إلى الحلال ثلاثة أهلة 
كرون ونا ارقدت اق أبينات رسول الله يك نار . فقال لها عروة : ما كان دك 
قالت : الأسودان ؛ التمر والماء('2 . والأخبار بهذا الصدد كثيرة . 
0 الشظف والضيق ١‏ حدر نين )ما برحب العتاب إلا مرة واحدة ‏ حسب 
مقتضى البشرية » وليكون سبباً لتشريع الأحكام - فأنزل الله آية التخيير 2 لتقل 
20206 الْحَيو ءادن زتها الي أميَسك وأسرشك مركا 


حميلا 3 الس بسي فدهك 0 عن كنَ جا 
منبن إلى انحتيار الدنيا . 


وكذلك لم يقع منبن ما يقع بين الضرائر مع كارتهن | شيع يسير من يعون حسب 
اقتضاء البشرية » ثم عاتب لله عليه فلم يعدن له مرة اشر وهو الذي ذكره اللّه في سورة 
التحريم بقوله «جَااليَىلِرعْمْمَآ نانك 4 إلى عمام الاية الخامسة . 

0 أرى أنه لا حاجة إلى البحث في موضوع مبدأً تعدد الزوجات » فمن نظر في حياة 
سكان أوربا الذين يصدر م: منهم النكير الشديد على هذا المبداً » ونظر إلى ما يقاسون من الشقاوة 
والمرارة 4 وما انون من الفضائح واحرائم الشنيعة ( وما يواجهون من البلايا والقلاقل لانحرافهم عن 
هذا لمبدأ كفى له ذلك عن البحث والاستدلال » فحياتهم أصدق شاهد على عدالة هذا المبدأ , 
وإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار . 

)01( صحيح البخاري 3557/7 . 
(1) 2 نفس المصدر والصفحة : 
278 - 


الصفات والأخلاق 


كان النبي عي يمتاز من كال ححلّقه وكمل تُخلّقه ما لا يحيط بوصفه البيان , وكان من أثره 
أن القلوب فاضت بإجلاله» والرجال تفانوا في حياطته و تارق 1ل جرت الدانا ارخل غرة 
فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام » ولم الوا ان تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر » وما أحبوه 
كذلك إلا لآن أنصبته من الكمال الذي يعشق عادة لم يرزق بمثلها بشر - وفها يلي نورد ملخص 
الروايات في بيان جماله وكاله مع اعتراف العجز عن الاحاطة . 


جمال الخلق: 

قالت أم معبد الخزاعية عن رسول الله عه - وهي تصفه لزوجها . حين مر بخيمتها 
مهاجراً -: ظاهر الوضاءة ‏ أبلج الوجه » حسن الخلق ٠‏ لم تعبه نُجَلةَ »ول تزر به صعلة » وسيم 
قسمم » في عينيه ذَعْج » وني أشفاره وطف . وني صوته صحل . وفي عنقه سطع » أحور , 
أكحل » أزج » أقرن » شديد سواد الشعر » إذا صمت علاه الوقار » وإن تكلم علاه البباء ؛ 
أجمل الناس وأبهاهم من بعيد » وأحسنه وأحلاه من قريب , حلو المنطق » ؛ فضل » لا نزرء 
ولا هذر » كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن » ربعة » لا تقحمه عين من قصر ولا تشنؤٌه من 
طول » غصن بين غصنين , فهو أنظر الثلاثة منظراً » وأحسنهم قدراً , له رفقاء يحفون به ء إذا 
قال استمعوا لقوله » وإذا أمر تبادروا إلى أمره » محفود , محشود , لا عابس ولا مفند(" . 

وقال علي بن أبي طالب - وهو ينعت رسول الله َيه - : لم يكن بالطويل الْمممّط ‏ 
ولا القصير المتردد , وكان رَبْعة من القوم » ولم يكن بالجَعُد القطِطٍ , ولا بالسَّبَط » وكان جَعْدا 
4»)١9(‏ زاد المعاد 45/7 . الثجلة : ضخامة البدن . الصعلة )فر الرامن . وسم قسم : حسن جميل . 3 

سواد العين . وفي أشفاره وطف : في شعر أجفانه طول . صحل : بحة وخشونة . سطع : طول . 

الحاجب الرقيق في الطول . لا نزر ولا هذر : أي وسط لا قليل ولا كثير . محفود ا 0 

- 2/4 





رجلا » ولم يكن بالمطَهّم ولا بالمكلقم . » وكان في الوجه تدُوير » وكان أبيض مشرباء أَدْعَجَ 

الفضين :+ اعنات الأشمار, جَلِيلَ الماش والكقّد » دقيق المسربة » أجرد » 3 شْئْنَ الكفين 

يو ا او لوا ا يو سويد لبوا ادر 

ا ا ا 0 

ناعته : لم أراة قبله ول بعذه مثله) ره . 
وف روأية عنه : أنه كان ضخم الرأس ٠‏ م ضخم الكراديس » طويل المسربة » إذا مشى تكفاً 

تكفيا كأفا ينحط من صيب2© . 
وقال جابر بن سمرة : كان ضليع الفم » أشكل العين » مُنهوس العقبين9" . 
وقال أبو الطفيل : كآن أبيض » مليح الوجه » مقصدة(" . 
وقال أنس بن مالك : كان بسط الكفين . وقال ا رف ا أ اق 

ولا ادم » قبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء”*» 

> ويعظمونه ويسرعون في طاعته . النحشود : الذي يجتمع إليه الناس . ولا مفندا : لا يفند أحدا أي يهجنه 
ويستقل عقله بل جميل المعاشرة حسن الصحبة » صاحبه كريم عليه . 

)١(‏ ابن هشام 401/١‏ 2 407 » وجامع الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي ٠.4‏ ء والممغط : المتناهي في 
الطول. . امعد : ملتوي ومنقبض الشعر . القطط : شديد الجعودة . السبط : المسترسل . المطهم : منتفخ 
الوجه وقيل الفاحش السمن » وقيل النحيف الجسم 5 المكلم : هو اجتاع لحم الوجه بلا جهومة . أهدب 
الأشفار : طويل شعر الأجفان . جليل المشاش : أي عظم رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين . 
الكتد : مجتمع الكتفين وهو الكاهل . أجرد : هو الذي ليس على بدنه شعر . المسربة : الشعر الدقيق الذي 
هو كأنه قضيب من الصدر إلى السرة . الشّعْن : الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين . البديية : المفاجاة . 

)٠(‏ نفس المصدر الأخير . الكراديس : رؤوس العظام وقيل هي ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين والمرفقين 


: والمنكبين أراد أنه ضخم الأعضاء . ظ 

() صحيح مسلم ١08/١‏ ضليع الفم او د . أشكل العين 506 . منبوس العقب : قليل 
العم 

(84) نفس المصدر . مقصداً اي ا 


)2( اصحيع البخاري 01 . أزهر اللون : أبيض مشرب بحمرة . الأبيض الأمهق : شديد البياض كلون 
6 . الآدم : الأسمر والمعنى : ليس بأسمر ولا بأييض كريه البياض بل أبيض يياضاً نيرا مشرباً . 


جا “ارات 


وقال : إنما كان شبيء - أي من الشيب - في صدغيه . وفي رواية : وفي الرأس 'بذ0"© . 

ا ا 

وقال عبد الله بن بسر : كان في عنفقته شعرات بيض”" 

ا ارو ا ا ا ل سه 
حمراء » لم أر شيئاً قط أحسن منه2؟ . 

وكان يسدل شعره أولاً لحبه موافقة أهل الكتاب » ثم فرق رأسه بعد . 

قال الزراء > كان حيس انامس وها ايح خلا , 

وسكل : أكان وجه النبي َيه مئل السيف ؟ قال : لاء بل مثل القمر . وفي رواية : كان 


وجهه مستديراً(؟؟ . 
وقالت الربيع بنت معود ١‏ لو رأيته اياك الشمس طالعة(* . 
وقال جابر بن سمرة : رأيته في ليلة إضحيان » فجعلت فجعلت أنظر إلى رسول الله عََقيّه وإلى القمر 


وعليه حلة حمراء ‏ فإذا هو أحسن و اق 
وقال أبو هريرة : ما رأيت شيشاً أحسن من رسول الله عفن » كأن الشمس تحري في 
وجهه ء وما رأيت أحداً أسرع في مشيه من رسول الله متك كأنما الأرض تطوى له » وإنا 





: نفس المصدر . وصحيح مسلم 5.. والنبذ : يضم النون وفتح الباء أو بفتح النون وتسكين الباء ومعناها‎ )1١( 
. شعرات متفرقة‎ 

. 9007٠ 05-01/١ صحيح البخاري‎ (1 

(0) نفس المصدر 0٠07/١‏ . 

(14) نفس المصدر . 

(ه) صحيح البخاري 507/١‏ . 

(7) نفس المصدر 507/١‏ ؛ وصحيح مسلم 598/5 . 


1١ 0 (7)‏ 0 ». وصحيح مسلم 599/7 . 
(4) رواه الدارمي .... مشكاة المصابيح 511/7 . 


53 روأه الترمدي في الشهائل ص ذه والدارمي .. . مشكاة المصابيح 200006 1 


المىة 


لنجهد أنفسنا » وإنه لغير مكترث2© . 
وقال كعب بن مالك : كان إذا سر استنار وجهه . حتى كأنه قطعة قمر9؟ . 
وعرق مرة وهو عند عائشة . فجعلت تبرق أسارير وجهه ء فتمثلت له بقول أي كبير 
الهذلي : ظ 
وإذا نرت إلى أمسرة وجهه 2 برقت كبرق العارض المتهلل) 
وكان أبو بكر إذا رأه يقول : 
افع مصطفى با خير يدعو كضسوء اعدو زايله الظلام(؛) 
ا 0 
9 ا كذلك كان رسول الله 52 
وقال جابر بن سمرة : كان في ساقيه حُمُّوشة » وكان لا يضحك إلا تبسهاً » وكنت إذا 
نظرت إليه قلت : أكحل العينين . وليس بأكحل”" . 
قال ابن العباس : كان أفلج الثنيتين . إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه!*» . 
وأما عنقه فكأنه جيدٌ دُمْيّة في صفاء الفضة . وكان في أشفاره غطف ء وفي لحيته كثافة , 
وكان واسع الحبين » أزج الحواجب في غير قرن بينهما , أقنى العرنين » سبل الخدين » من لبته إلى 
)١(‏ جامع الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي 707/4 » مشكاة المصابيح 018/5 . 
(5) صحيح البخاري 5.7/١‏ . 
(؟) رحمة للعالمين ١77/5‏ . 
(: » ه) خلاصة السير ص١٠‏ . ظ 
(3) مشكة المصابيح 75/١‏ . وراوه الترمذي في أبواب القدر : باب ما جاء في التشديد في الحوض في القدر 
؟ زه" . 
)6 جامع الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي ٠.05/4‏ . والحموشة : أي دقة ولطافة متناسبة لسائر أعضائه . 
(م) رواه الدارمي ... مشكاة المصابيح 5١/١‏ . والأفلج : الذي بين أسنانه تباعد . والثايا : أسنان مقدمة' 
0 الفم. 


- 872شة د 


سرته يجري كالقضيب » ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره » أشعر الذراعين والمنكبين » سواء 
البطن والصدر ؛ مسيح الصدر عريضه , طويل الزند ؛ رحب الراحة » سَبْط القصّب » حُْمْصَاد 
الأُمَصّين » سائل الأطراف , إذا زال زال قلعا » يخطو تكفيا ويمشي هونا(" . 

قال الى :با سيك عريرا ولادياها لوعن كت الجن للد وبرلا مات رما قد 
أو ها افق سوق روائة تنا ينث عفرا قطاولاتميكا ولاطنا» ايام رخ ار عرفت 
رسول الله ميك" . 

وقال أبو جحيفة : أخذت بيده » فوضعتها على وجهي » فإذا هي أبرد من الثلج » وأطيب 
الحة نحن لاف" 

وقال جابر بن سمرة -- وكان 52 1 مسستح حدي فوجدت ليده برد أو ريحا كنم أخرجها 
من حونة عطار(" . 

وقال أنس : كأن عرقه اللوْلوُ . وقالت أم سليم : هو من أطيب الطيب”*” . 

وقال جابر : لم يسلك طريقاً فيتبعه أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرفه » أو قال : 
من ريح عرقه”) . 

وكان بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة » يشبه جسده ء وكان عند ناغض كتفه 
اليسرى » جمعا عليه خيلان كأمثال الثاليل" . 





1 خلاصة السير ص4١‏ . ٠.‏ . الحيد : العنق . الدهية : الصورة المصورة . الأقنى : الذي ارتفع أعلى أنفه 
واحدودب وسطه وضاق منخراه . والعرنين : الأنف وما صلب منه . سبط القصب : الممتد الذي ليس فيه 
تعقد ولا نتوء . والقصّب يريد بها ساعديه وساقيه . الأَحْمْصّ من القدم : الموضع الذي لا يلصق بالأرض منها 
عند الوطء . والخمصان : المبالغ منه أي أن ذلك الموضع من أسفل قدميه شديد التجاني عن الأرض . 

(؟) صحيح البخاري 507/١‏ ., صحيح مسلم . 

)4 صحيح البخاري ا 

(4) صحيح مسلم 51 . جونة عطار : التي يعد فيه الطيب وخرز . 

(د) نفس المصدر . 

رد رواه الدارمي ... مشكاة المصابيح 5١1/5‏ . 

(1ذ) صحيح مسلم 5 .5586 . الثاليل : هو هذه الحبة التي تظهر في الجلد كالخمصة فما دوتيا . 


5 


كمال النفس ومكارم الأخلاق: ظ 

كان النبي مَك يمتاز بفصاحة اللسان » وبلاغة القول » وكان من ذلك بالمحل الأفضل , 
والموضع الذي لا يجهل » سلاسة طبع » ونصاعة لفظ . وجزالة قول » وصحة معان » وقلة 
تكلف . أوتي جوامع الكلم » وخص ببدائع الحكم . وعلم ألسنة العرب » يخاطب كل قبيلة 
بلسانها » ويحاورها بلغتها » اجتمعت له قوة عارضة البادية وجزالتها » ونصاعة ألفاظ الحاضرة 
ورونق كلامها . إلى التاييد الإلحي الذي مدده الوحي . 

وكان الحلم والاحتال , والعفو عند المقدرة » والصبر على المكاره » صفات أديه الله بها ع 
وكل حليم قد عرفت منه زلة » وحفظت عنه هفوة , ولكنه مَك لم يزد مع كثرة الأذى إلا 
صبرأ » وعلى إسراف الجاهل إلا حلماً » قالت عائشة : ما خير رسول الله مي بين أمرين إلا 
اختار أيس هما ما م يكن إِما » فإن كان إماً كان أبعد الناس عنه » وما انتقم لنفسه إلا أن تنتبك 
حرمة الله فينتقم لله "2 , وكان أبعد الناس غضباً . وأسرعهم رضاً .0 

وكان من صفة الحود والكرم على ما لا يقادر قدره » كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر» 
قال ابن عباس : كان النبي عَُهِ أجود الناس . وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل , 
وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان , فيدارسه القران , فلرسول الله مَل أجود بالخير من 
الريح المرسلة(” . وقال جابر : ما سكل شيئاً قط فقال : ل0" . 

وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل » كان أشجع الناس » حضر 
المواقف الصعبة » وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة » وهو ثابت لا يبرح » ومقبل لا يدبر » 
ولا يتزحزح , وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة » وحفظت عنه جولة سواه » قال علي : كنا 
إذا حمي البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله عه » فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه0"؟ . 
قال أنس : فزع أهل المدينة ذات ليلة » فانطلق ناس قِبَل الصوت ء فتلقاهم رسول الله مَل 


. 5.57/١ صحيح البخاري‎ 2)١( 
. 5.01/١ نفس المصدر‎ )١( 
.ةهثال/١ نفس المصدر‎ )“( 
. ومثل ذلك روى أصحاب الصحيح والسئن‎ 894/١ انظر الشفاء للقاضي عياض‎ )54( 


- 8غ - 


راجعاً » وقد سبقهم إلى الصوت » وهو على فرس لأني طلحة عري » في عنقه السيف » 
يقول : ل تراعوا » لم تراعوا”"2 . 
وكان أشد الناس حياء وإغضاء ء قال أبو سعيد الخدري : كان أشد حياء من العذراء في 
خدرهاء وإذا كره شيفاً عرف في وجهه'" , وكان لا ينبت نظره في وجه أحد » خافض 
الطرف » نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء » جل نظره الملاحظة » لا يشافه أحدأً بم 
يكره حياء وكرم نفس » وكان لا يسمي رجلاً بلغ عنه شيء يكرهه » بل يقول: ما بال أقوام 
يصنعون كذا . وكان أحق الناس بقول الفرزدق : 
يغضي حياء ويغضى من مهابته ‏ فلا يكلم إلا حين ييتسم 
وكان أعدل الناس » وأعفهم , وأصدقهم لهجة » وأعظمهم أمانة » اعترف له بذلك 
حاوروه وأعداؤه » وكان يسمى قبل نبوته الأمين , ويتحاكم إليه في الجاهلية قبل الإسلام » روى 
ا يا : إنا لا تكذبك , ولكن نكذب بما جكت به » فأتزل الله 
تعالى فيهم « وتم بولك وَلكنَألظِينَيَايتِ يَأَويَجْسَدُونَ 74" . (7 : 77) وسأل 
هرقل أبا سفيان » هل تتبمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال : لا . 
وكان أشد الناس تواضعا » وأبعدهم عن الكبر يمنع عن القيام له كا يقومون للملوك » وكان 
17 ماه ٠‏ ويجالس الفقراء » ويجيب دعوة العبد , ويجلس في أصحابه كأحدهم » قالت 
لك ان هرت تلن عط نويه يدل يلة #اايعدل أخداة قفدت وان بشرا من 
ا شاته » ويخدم نفسه(؟! . 
وكان أوفى الناس بالعهود , وأوصلهم للرحم » ٠‏ وأعظم شفقة ورأفة ورحمة بالناس » أحسن 
الناس عشرة وأدباً » وأبسط الناس خلقاً » أبعد الناس من سوء الأخلاق » لم يكن فاحشاً : 
ولا متفحشاً, ولا لعاناًء ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيعة السيئة » ولكن يعفو 
ويصفح ء وكان لا يدع أحدأ يمشبي خلفه. وكان لا يترفع على عبيده و! وإمائه في مأكل 
1 صحيح مسلم 507/9 », وصحيح البخاري 4017/١‏ . 
(5) صحيح البخاري 504/١‏ . 
() مشكة المصابيح 07١/5‏ . 
(1:) نفس المصدر 687١/5‏ . 


- 5486 


ولا ملبس » ويخدم من خدمه , ولم يقل لخادمه أف قط ء ول يعاتبه على فعل شيء أو تركه » 
وكان يحب المساكين ويجالسهم » ويشهد جنائزهم . ولا يحقر فقيرا لفقره . كان في بعض أسفاره 
فأمر بإصلاح شاة » فقال رجل : عل ذيحها وقال آخر : عل سلخها, وقال آخر: علي 
طبخها , فقال مه : وعللُ جمع الحطب » فقالوا : نحن نكفيك . فقال : قد علمت أنكم 
تكفوني » ولكني أكره أن أتميز عليكم . فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه » وقام 
وجمع الحطب”" . ظ ظ 

ولنترك هند بن أبي هالة يصف لنا رسول الله َيه ؛ قال هند فها قال : كان رسول 
لله عه متواصل الأحزان , داتم الفكرة . ليست له راحة , ولا يتكلم في غير حاجة » طويل 
السكوت . يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه - لا بأطراف فمه - ويتكلم بجوامع الكلم » فصلا 
لا فضول فيه ولا تقصير ‏ دمثا ليس بالجاني ولا بالمهين » يعظم النعمة وإن دقت ء لا يذم 
شيئاً » ولم يكن يذم ذواقاً ‏ ما يطعم - ولا يمدحه » ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء 
حتى ينتصر له » لا يغضب لنفسه ولا يتتصر لحا سماحة ‏ وإذا أشار أشار بكفه كلها , وإذا 
تعجب قلبها » وإذا غضب أعرض وأشاح ‏ وإذا فرح غض طرفه » جل ضحكه التبسم » ويفتر 
عن مثل حب الغمام . 

وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه » يؤلف أصحابه ولا يفرقهم » يكرم كريم كل قوم . ويوليه 
عليهم » ويحذر الناس » ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره . 

يتفقد أصحابه » ويسأل الناس عما في الناس » ويحسن الحسس ويصوبه , ويقبح القبيح 
ويوهنه » معتدل الأمر ‏ غير مختلف . لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا » لكل حال عنده عتاد , 
لا يقصر على الحق » ولا يجاوزه إلى غيره .. الذين يلونه من الناس خيارهم » وأفضلهم عنده 
أعمهم نصيحة » وأعظمهم عنده منزلة السديو مواساأة وموازرة . ظ ظ 

كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر . ولا يوطن الأماكن - لا بميز لنفسه مكاناً ‏ إذا انتهى 
إلى القوم جلس حيث ينتبي به امجلس » ويأمر بذلك . ويعطي كل جلسائه نصيبه ؛ حتى 
لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه » من جالسه أو قاومه الحاجته صابره حتى يكون هو 
المنصرف عنه » ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول » وقد وسع الناس بسطه 
)١(‏ خلاصة السير صض>7> . 

- 485- 


وخلقه » فصار هم أباً. وصاروا عنده في الحق متقاربين » يتفاضلون عنده بالتقوى , مجلسه 
يحلس حلم وحياء وصبر وأمانة » لا ترفع فيه الأصواتء ولا تؤبن فيه الحرم - لا تحشى فلتائه ‏ 
يتعاطفون بالتقوى » يوقرون الكبير » ويرحمون الصغير » ويرفدون ذا الحاجة » ويوؤنسون الغريب . 

كان داتم البشر ء ؛ سبل الخلق . لين الجانب » ليس بفظ » ولا غليظ » ولا صخاب » 
ولا فحاش » ولا عتاب » ولا مداح » يتغافل عما لا يشتبي » ولا يقنط منه » قد ترك نفسه من 
ثلاث : الرياء » والا كثار ‏ وما لا يعنيه » وترك الناس من ثلاث : لا يذم أحداً » ولا يعيره ؛ 
ولا يطلب عورته » ولا يتكلم إلا فيا يرجو ثوابه » إذا تكلم أطرق جلساؤه » كأنما على رؤوسهم 
الطير » وإذا سكت تكلموا ؛ لا يتنازعون عنده الحديث » من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ » 
حديثهم حديث أوهم » يضحك مما يضحكون منه » ويعجب ما يعجبون منه » ويصير للغريب 
على الحفوة في المنطق » ويقول : إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه » ولا يطلب الثناء إلا من 
مكاىء(') . 

وقال خخارجة بن زيد : كان النبي عله أوقر الناس في مجحلسه ء لا يكاد يخرج شيئاً من 
أطرافه » وكان كثير السكوت » لا يتكلم في غير حاجة » يعرض عمن تكلم من غير جميل » كان 
ضحكه تبسيا » وكلامه فصلاً » لا فضول ولا تقصير . وكان ضحك أصحابه عنده التبسم , 
توقيرا له واقتداء به(" . 

وعلى الجملة فقد كان النبي عه محلل بصفات الكمال المنقطعة النظير » أدبه .ربه فأحسن 
تأدييه » حتى خاطبه مثنيا عليه فقال : 9 وَإِنّكَ لعَلَ خلقٍ عَظِيمٍ © (14 : 4) وكانت هذه 
الخلال بما قرب إليه النفوس , وحببه إلى القلوب » وصيره قائداً بوي إليه الأففدة » وألان من 
شكيمة قومه بعد الاباء » حتى دخلوا في دين الله أفواجا . 

وهذه الخلال التي أتينا على ذكرها خطوط قصار من مظاهر كاله وعظيم صفاته , أما حقيقة 
ما كان عليه من الأمجاد والشمائل فأمر لا يدرك كنبه , ولا يسبر غوره » ومن يستطيع معرفة كنه 
أعظم بشر في الوجود بلغ أعلى قمة من الكمال » استضاء بنور ربه » حتى صار < خلقه القران ؟ 


)01 انظر الشفا للقاضي عياض ١1١101566174 15+ 171 171/١‏ ء وانظر أيضاً شمائل الترمذي . 
9؟) نفس المصدر ٠١/١‏ . 


-لامة - 


اللهم صل على محمد وعلى آل محمد » كا صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم » إنك ميد 


بيد 


اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد » 5 باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم » إنك حميد 


بحيد 
صفي الرحمن المباركفوري 
الجامعة السلفية 1ه 
بنارس الحند 0055م 


-ثمة - 


ثبت المراجع 


١‏ إخبار الكرام بأخبار المسجد الحرام 
شباب الدين أحمد بن محمد الأسدي المكى (م 77١٠١ه)‏ المطبعة السلفية 
بنارس الحند 1195ه/9177١م‏ . 


١‏ الأدب المفرد ظ 

محمد بن إسماعيل البخاري (1757ه) طبع استانبول 4 0١ه‏ . 
الأعيلام 

خير الدين الزركلى . الطبعة الثانية القاهرة 948١م‏ . 
4 - البداية والنباية 


إسماعيل بن كثير الدمشقي مطبعة السعادة مصر 915١م‏ . 
© بلوغ المرام من أدلة الأحكام 
أحمد بن حجر العسقلاني (+457-717ه) المطبع القيومي كانفور الهند 
55 7اها. 
” - تاريخ أرض القران 
السيد سلمان الندوي (7١ه)‏ معارف بريس أعظم كده ‏ الهند 966١م‏ 
( الطبعة الرابعة ) . 
- تاريخ إسلام 
شاه أكبر خان نجيب ابادي مكتبة رحمت ديوبند يولي الهند . 
4 - تاريخ الأم والملوك 
ابن جرير الطبري المطبعة الحسينية المصرية . 
584 - 


8 تاريخ عمر بن الطاب 
أبو الفرج عبد الرحمن بن الموزي مطبعة التوفيق الأدبية بمصر . 

٠‏ تحفة الأحوذي 
أبو العلى عبد الرحمن المباركفوري (م 767١ه ‏ 9765١م)‏ جيد برق يريس 
دهل الحند 7145١-117517ه‏ . 


١‏ تفسير ابن كثير 
إسماعيل بن كثير الدمشقي دار الأندلس روات 
١5‏ تفهم تفهم القران ظ 
الأستاذ السيد أبو الأعلى المودودي مركز 0 مكتبة جماعت إسلامي الند . 
١‏ - تلقيح فهوم أهل الأثر 
أبو الفرج عبد الرحمن بن الحوزي (م 1417ه6ه) جيد برقي بو الا ْ 
١‏ جامع الترمذدي 
أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ١7(‏ ٠ه‏ 1170ه) المكتبة 
( الرشيدية دهلي المند ) . ظ 


© المهاد في الإسلام ( الأردو ) 
الأستاذ السيد أبو الأعلى المودودي » إسلامك ببليكشنز لميتد لاهور 
( باكستان ) الطبعة الرابعة /11م. 


5 - خلاصة السير ظ 
حب الدين أبو جعفر أحمد بن عبد الله الطيري م 1ه دلي برنتينكٌ بريس 
ظ دهلى الحند 47 ١ه‏ . 
7 - رحمة للعالمين 


محمد سليان سلمان المنصورفوري (م ١97١م)‏ حنيف بككديودلي . 
- رسول أكرم كي سيامي زندكى 
الدكتور حميد الله » باريس سالم كمبيني ديوبنديو ‏ لي الحند 1971م . 


-559 


4 الروض الأنف 
أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (8 . 8١-5‏ هه) المطبعة الجمالية 
بمصر 87 8اه/4١191١ام.‏ 

 ”٠‏ ززاد المعاد 
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن بكر بن أيوب المعروف بابن القيم 
)761١-591(‏ المطبعة المصرية الطبعة الاولى /151١-9758١ام.‏ 

١‏ سفر التكوين 

0" سنن ابن ماجة 
أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني (1-701/ا1ه) . 

”7 - سنن أبي داود 


4 - سنن الدسائي 
أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النساني (0 ١7-5١‏ ه) المكتبة السلفية 
لاهور ( باكستان ) . 

© السيرة الحلبية 
ابن برهان الدين . 

5 7 السيرة النبوية 


أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أبوب الحميري 5١7(‏ أو 4١1ه)‏ شركة 
مكتبة ومطبعة مصطفى الباي الحلبي وأولاده بمصر المطبعة الثانية 71/6 1ه 
06ام. 

 ”07‏ شرح شذور الذهب 
أبو محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف المعروف بابن هشام الانصاري 
(1-04) مطيعة السعادة بمصر . 


451١ 


عض ضح بام 
أبو زكريا محبي الدين يحبى بن شرف النووي (1777ه) المكتبة الرشيدية دهلي 
الهند 5/ا” اه . 
شرح المواهب اللدنية 
الزرقافي نسخة عتيقة محرومة الاوائل . 
"٠‏ 9 الشفا بتعريف حقوق المصطفى 
القاضي عياض مطبعة عثانية استانبول 7157١ه‏ . 
"١‏ صحيح البخاري 
محمد بن إسماعيل البخاري (057١ه)‏ المكتبة الرحيمية ( ديوبند الهند ) 
87-14١اها.‏ 
لامع يسم 
مسلم بن الحجاج القشيري (١7؟ه)‏ المكتبة الرشيدية دهلي الهند 1117١ه.‏ 
- صحيفة حبقوق 
4" - صلح الحديبية ظ ظ 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الثانية ) دار الفكر ١9١ه‏ ١97١م‏ . 
©" - الطبقات الكيرى 
محمد بن سعد مطبعة بريل ليدن ؟1777١ه‏ . 
6” - عون المعبود شرح أبي داود 
ظ أبو الطيب شمس الحق العظم ابادي ( الطبعة الأولى الندية ) . 
/ا _ غزوة أحد ظ 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الثانية ) . 
4" غزوة بدر الكيرى 
محمد أحمد باشميل ( الطيعة الثالثة ) 1715١ه‏ 1917م . 
4 - غزوة خيير 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الثانية ) دار الفكر ١94791١-1١81١‏ . 


447 


+٠‏ - غزوة بي قريظة 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الأولى ) 1ه 955١م‏ . 


١‏ - فتح الباري 
أحمد بن على بن حجر العسقلاني (8617-177) المطبعة السلفية ومكتبتها , 
الروضة . القاهرة . 
4 - فقه السيرة 
محمد الغزالمي . دار الكتاب العرني بمصر الطبعة الثانية ©/1 ١ه‏ 5685 ١م‏ . 
*4 - في ظلال القران 
سيد قطب » دار إحياء التراث العرلي بيروت لبنان الطبعة الثالثة . 
4 4 - القران الكريم 


6 - قلب جزيرة العرب 
فؤاد حمزة المطبعة السلفية ومكتبتها » الروضة بمصر ”٠ه‏ “١ه‏ 97١ام.‏ 
45 - ماذا خسر العالم بانخطاط المسلمين 
السيد أبو الحسن على الحسني الندوي الطبعة الرابعة مكتبة دار العروبة القاهرة 
١ه‏ ١5ؤوام.‏ 
7 - محاضرات تاريخ الأم الإسلامية 
الشيخ محمد الخضري بك , المكتبة التجارية الكبرى بمصر » الطبعة الثامنة 
1اها. 
- مختصر سيرة الرسول 
شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب القيمي النجدي (م 5 )١١١‏ مطبعة السنة 
المحمدية القاهرة الطبعة الأولى ©٠/ا1١1ه‏ 0 955١م.‏ 
6 - مختصر سيرة الرسول 
الشيخ عبد الله بن محمد النجدي ال الشيخ (م بمصر 47 7١ه)‏ المطبعة السلفية 
ومكتبتها الروضة بمصر 7179١ه‏ . 


5347" 


هه مدارك العزيل 
8١‏ مرقاة المفاتيح ج ١‏ 


4ه -8ه9١ام.‏ 


5ه - مروج الذهب 

أبو الحسن علي المسعودي مطبعة الشرق الإسلامية القاهرة . 
“اه المستدرك 

أبوعبد الله محمد الحاكم النيسابوري (5 ١‏ 4 ه) دائرة المعارف العثمانية حيدرآباد. الهند. 
4 - مسند أحمد 


الامام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (م554١ه)‏ . 
ه - مسند الدارمي 
أبو محمد عبد الله بن عبد الله الرحمن الدارمي ١165-18ه‏ . 
مشكاة المصابيح 
ولي الدين محمد بن عبد الله التبريزي » المكتبة الرحيمية ديوبند يوني - اند . 
- معجم البلدان 
ياقوت الحموي . 
4 _المواهب اللدنية 
للقسطلاني المطبعة الشرفية "7" ١هء‏ لاه 4م . 
64 - موطأً الإمام مالك. 
الامام مالك 57 الأصبحي (175١ه)‏ المكتبة الرحيمية وو 
لهند . 
5 وفاء الوفا 
عل بن أحمد السمهودي 


- 545 - 


فهرس الموضو عات 


فيضي الصفحة 


مقدمة الناشر م ا اس ل يا ب ا ل ا ل 1 
كلمة المؤلف ل 0 
موقع العرب وأقوامها ب0 0 ا 0 
موقع العرب لامع روف ومو فو 24:05 اقشع و ابوه خط المت وكستو وو ارو 18 
أقوام العرب يي ا ا ب لي ل 
الحكم والإمارات في العرب من و و واطواه المقا وا مو م مرو ام 
الملك باليمِن تسو ة ‏ لحيد ون رن وان وي السوفة او اا ا 1 
الملك باحيرة 5 
الملك بالشام لمعا واوا موايئه يم #1 سرح ماه اماف ووو رامو زاون ا 1 
الامارة بالحجاز ا 0 
الحكم في سائر العرب ميو اسم ا و ا ا 1 
الحالة السياسية ف ند الاب لق وما موي ا ا ا 0 
ديانات العرب اس ل ا 0 
الحالة الدينية 0000 ا 
صور من امجتمع العرني الجاهل ل ل ا 
الحالة الاجتاعية 010111 0 





الحالة الاقتصادية ل 1 
الأخلاق... يي 11000000 
نسب النبي 2ه وأصرقه. .. . 020212121201 0 
نسب النبي عَقه. .... 0000 ”و 
الاسرة النبوية حسف للقي مناه ب اخ عرو اه توج عبن و عا وا ا 4 
المولد وأربعون عاماً قبل النبو: 111 0 
المولد ا ا 0 27231 ظ5ط5 4ه 
في بني سعد :81135 اد مسق60 000148 ووو موعن اومان سو 68 
إلى أمه الحنون 006 عاك وا دو عا اه ار ا ره ل لماو راع الا اتا تل اا ع ل 1/7 8 
الى عد العهلوفه د امد هعمد كد جاه عفوه دسو ما ور اسه اش حو امو ان لاه 
إلى عمه الشفيق مون او ل ل ا ا ل ا ل ا 2017 
يستسقى الغمام بوجهه اع اا اننا انا عا ل يه وا ادص م اا 6 ا 11 9 
بحيرا الراهب وو مواد 6 يق ل جات 3 اي ا 1ه ف كو اولان لان لاد وما ف 9/1 
خري الفتهار ا 
علقت الفسرل ا 1 1ذ[1ذ1ذز[ز[ز[ز[ ز[ ز 1 1 00001111 
حياة الكدح ا 
زواجه -حدجة 0 اناو كا كان ماران اكرول نواد لالش قا ماق ساو م ا ع 1107 
بناء الكعبة وقضية التحكيم نبت ولط ا ال ولط 11 
السيرة الاجمالية قبل النبوة 0001011 0 0 
في ظلال النبوة والرسالة. ..... اا ا ا 
في غار حراء ا 111 1 1 1 اا 0 
جبريل ينزل بالوحي... ا 
فترة الوحي اناه ا م 214 13 ارط اانه زايط اك كاج الع اط م قاس لامر فر 117 
5 





لع 


جبريل ينزل بالوحي مرة تأنية 25 


استطراد في بيان أقسام الوحي مسيسهة” 
أمر القيام بالدعوة إلى الله وموادها ا 


الخبر يبلغ إلى تريش جا عا 

المرحلة الثانية ١‏ الدعوة اي 00 
أول أمر بإظهار الدعوة ا 
الدعوة في الأقربين ا ا 


ن الحجاج عن استّا ع الدعوة 
مجلس الاستشاري لكف | جاج عن استّا ع - 
أساليب شتى مجابهة الدعوة 232000 


فريش يهبددون أبا طالب 0 


قريش بين يدي أي طالب مرة أخرى 


فكرة الطغاة في إعدام النبي عه ل 


0000 


إسلام حمزة رضي الله عنه. .. . . واف ف اوقفاو ولو جع وا لسع عه انع الو جام االو ل 1101714 
إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه 1 1 1[ 1[ 1 0 

ممثل قريش بين يدي الرسول عَيك ل ابا و اوتا ااا اسع نمه ا ا 

أبو طالب يجمع , بني هاشم وبني عبد المطلب مرو ا جا وك سو اح و ال 
المقاطعة العامة 1 1 1 ااا 0 
ميثاق الظلم والعدوان 000 
ثلاثة أعوام في شعب أي طالب 001 

نقض صحيفة الميئاق 00 0 

اخر وفد قريش إلى ألي طالب ل 
عام الحزن ما ا سي ع ما مقا وعلط طق از 71 عايج 313 لو قو واو لو 1ج 7 108 1721 ١‏ 
وفاة أي طالب اا 0 
خحديجة إلى رحمة الله ا بب 00010212‏ 0 0 

تراك الأحزان يا اا 0 00 
الزواج بسودة رضي الله عنها ان 1 6 واد وا و و ا ل ا ا ١‏ 
عوامل الصير والثبات لو وو او انك كو حاعة بس جا 1 ا م ل ١‏ 
المرحلة الثالثة ( دعوة الإسلام خارج مكة ) 11 1 1 1[ 1[ ااا 
الرسول عَم في الطائف ا ل 

عرض الإسلام على القبائل والأفراد 0 ا 0 
القبائل التي عرض عليها الاسلام 0 
المؤمنون من غير أهل مكة 0 ا 

ست نسمات طيبة من أهل يغرب اواو واو ملا لك ل بم ال وو وا رش 1141 
استطراد - تزويج رسول الله عويك بعائشة 27 00 لض 
الإإسراء والمعراج انا سانا وما تممه لو و ارد طم ارق سم ا ام ل 1 
بيعة العقبة الأولى 0 1 1 1 1 1 1 ا ااا 


سفير الاسلام في المدينة 00101 0 000 
النجاح المغتبط ال اا ةج و ل نه فعا امعط ان اس وو و 1 
ببعة العقبة الثانية م ا ا 217 ضاق 
بداية امحادثة وتشريم العباس لخطورة المسؤولية ا 
بنود البيعة ا ا[ 1 00 
التاكيد من خطورة البيعة 00 0 01 
عقد البيعة ا 
اثنا عشر نقيبا ا 
نقباء الخزرج ا ا ا 1 
شاك الا ومن 111[ ز[ز[ [ [ [ز 0 
شيطان يكتشف المعاهدة 000001 ااال 
استعداد الأنصار لضَربٍ قريش ما 
قريش تقدم الاحتجاج إلى رؤساء يغرب اا 0 
تأكد الخبر لدى قريش ومطاردة المبايعين 0 
طلائع الهجرة ا ا ا ا يو 818 | 
في دار الندوة ( برلانت قريش ) خم لمات ا و ان المسسناما حس الت وو ار قاض 1 ١‏ 
النقاش البرلماني والاجماعي على قرار غاشم بقتل النبي عي ا 
هجرة النبي عله ا ااا 0 
تطويق فز ل الزسول 207 اا 00 
الزشتول لل قافر حخة ا ا 1 1 ذا 
من الذار إل الغاز 11 1 1 1 ا ااا 0 
اذ هما فى الغار 0 0 هو اسن ف ام ا جه لاسن سوك ان بالا سج و 1 1 
في الطريق إلى المدينة وجا اشيج جا افوس نع واي ا الال ور سا الول الود عه ا و ل 1101 
الترول شنا ا 1[1[ذ[1[ [ [ ا 00007 


الدخول في المدينة 00 ا 
الحياة في المدينة 0000 0 0 0 1 1 1 1 1 1 1 1 1 0 
المرحلة الأولى ‏ الحالة الراهنة في المدينة عند الهجرة 0 ما ا اذا 

بناء مجتمع جديد اذزتِ 2 000012 

بناء المسجد التبوي 0 0 

المؤاخاة بين المسلمين 5 151 [1[1[ز[ [ [ ز ز ز ز ز 0 

ميثاق التحالف الإسلامي 0000011 0 

أثر المعنويات في المجتمع 0001-11-11 
معاهدة مع اليبود ‏ بنود المعاهدة 0000 ا 
الكفاح الدامي 25235575 0 1 1 1 1 1 1 ذ ا 

استفزازات قريش ضد المسلمين ل ا د وي م و ا ا ل 

إعلان عزيمة الصد عن المسجد الحرام ااا ا 0 

قريش تهدد المهاجرين لامعلل عن الا كرية رن اران عات افاي 1101 ف لايق لاله ا ل 034 

الإذن بالقتال ملي ا ل ا ل وق ااه ان و لب ونا وال مو عمط 1 11 

الغزوات والسرايا قبل بدر آزؤزؤز ةز زةز ز ز ز ز ز ز ز ز 1 111111111 1 
غزوة بدر الكيرى 100010 1 ااا 

سبب الغزوة 0 

مبلغ قوة اليش الإإسلامي وتوزيع القيادات 00000 اا 

اليش الاسلامي يتحرك نحو بدر جو لانن 01 دلوت سو عه ويه او عو د الا لطتو يي فك ١‏ 

النذير في مكة ب00000 0 0 0 

أهل مكة يتجهزون للغزو او ال ف ا ان تاه اسه ون ساس ةاوه ا الو ا سو ا 

قوام الجيش المكي 0 

مشكلة قبائل بني بكر 00010 ا 0 

جيش مكة يتحرك 00 ااا 

660 


الغير تفلت ال 000010101212100 00 اا 
هم الجيش المكي بالرجوع ا 0 
حراجة موقف الحيش الاسلامي ع قن ني جح دوه ع اوس كسد و 1 
مجلس الاستشاري ا 0 اا 
الجيش الاسلامي يواصل سيره تي اوجح مو الت و ا ا ل 103140 
الرسول مَيهِ يقوم بعملية الاستكشاف 1 
الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي ا 
نزول المطر ا 
الجيش الاسلامي يسبق إلى أهم المراكز العسكرية 1 
مقر القيادة ا 
تعبئة الجيش وقضاء الليل 0 اا 
جيش المكي في عرصة القتال جاه اا دوة ا الما الك امت ا اا م 1 
الجيشان يتراان ا 1 
ساعة الصفر وأول وقود المعركة ا 
المبارزة ل ب 1101 
اهجوم العام ا 2 
الرسول عَوي يناشد ربه ل ااا 0 
نزول الملائكة اااي اي 1 1[ [1[ذ1[1 [ز[ز[ز ز ز ز 11 ا ا 
اهجوم المضاد ا 
ابليس ينسحب عن ميدان القتال ل ا 1 
الهزيمة الساحقة 0101 اا 
صمود أي جهل 1 
مصرع ألي جهل ا 
من روائع الايمان في هذه المعركة ا 1 


قتلى الفريقين ا 0 
مكة تتلقى نبا ال مزيمة 00111 0 
المدينة تتلقى أنباء النصر 00 
الجيش النبوي يتحرك نحو المدينة 0000101012 اا ا 
وفود التهنئة 0000001 0 0 
قضية الأسارى 0 
القران يتحدث حول موضوع المعركة 0 
النشاط العسكري بين بدر وأحد 0 1 1 1 1 اا 00 
غزوة بني سايم بالكدر 000 ااا 
مؤامرة لاغتيال النبي عله 000 
غزوة بي قينقاع عا يك قمع ناه ع 2 ليع و اع قو وان وم ؤب باتعو لتنا نبوا او ا 1 
نموذج من مكيدة الهيود 5537 006 000000 ا 
بنو قينقا ع ينقضون العهد 0 
الحصار ثم التسليم ثم الجلاء --05000 500000 ااطع طم ع 11 
غزوة السويق ونان ولدلا ا ل عر اا و 0 
غزوة ذي أمر اا ا 0 0 
قتل كعب بن الأشرف ا 00 
غزوة بحران ع ع ع له + ع و6 :ةد ون عه ع2 ه41 31514 افا رن لطا عد لق ار تون و م 2 7 
سرية زيد بن حارئة »ود رقع شاه لطر ا عر اد غج ماعن انها نا لاه الو ف ل ل عاد 03 اا 11 ماع رن 2187 1 
غزوة أحد ا 000 
استعداد قريش لمعركة ناقمة 0 00 
قوام جيش قريش وقيادته المامافة عا عع لم عع ممع ع 6 قم عع لاقع ولع انع لع امي 544 
جيش مكة يتحرك 0 
الاستخبارات النبوية تكشف حركة العدو ب 001 00 


استعداد المسلمين للطوارىء 1 1 ا 
الجيش المكي إلى أسوار المدينة 00101011 ا ا اا 
المجلس الاستشاري لاخذ خطة الدفاع 01 ااا 
تكتيب الحيش الاسلامي وخروجه إلى ساحة القتال ا و 111 
استعراض اليش او و م اق حفس اا ناجوه الع الأو و لوي 17 
بيت بين أحد والمدينة ا 
رد عبد الله بن ألي وأصحابه عافن مناه اح بج اخافا لا وو لو وو 1181 
بقايا الجيش الاسلامي إلى أحد مس السو لاا ا 
خطة الدفاع ا ااا 0021211111 1 
الرسول عَيلهِ ينفث روح البسالة في الجيش 0 0 00 
تعبئة اخيش المكي اي 
مناورات سياسية من قبل قريش 0 0 
جهود نسوة قريش في التحميس و ان الا ا ا ار 1 
اول وقود المعركة ]ج0201 ا 
ثقل المعركة حول اللواء وإبادة حملته 0000121 ال 
القتال في بقية النقاط ا ا 
مصرع أسد الله حمزة بن عبد المطلب ا" 
السيطرة على الموقف ل 00000000 
من أحضان المرأة إلى مقارعة السيوف والدرقة ا ا 1101 
نصيب فصيلة الرماة في المعركة و 1 
ال هزيمة تنزل بالمشركين و ال ام و وات كر 111 
غلطة الرماة الفظيعة ا ا ا ل سه و اسه ستو و و و 11 
خالد بن الوليد يقوم بخطة تطويق الجيش الاسلامي 000000 0 
موقف الرسول الباسل إزاء عمل التطويق ا م 111 


ل 7 


ل 0*8 


تبدد المسلمين في الموقف ا و ١‏ 
احتدام القتال حول رسول الله يكل 00 0 
أحرج ساعة في حياة الرسول عله 00 
بداية تجمع الصحابة حول الرسول عله ل 0 
تضاعف ضغط المشركين 0 اا 
البطولات النادرة مدو و ون مجو كوه امشو دو لوقام لواسون ما ولام و 1111 
إشاعة مقتل النبي عََقُِ وأثره على المعركة ا ال ا 
الرسول عَيك يواصل المعركة وينقذ الموقف م 
مقتل ألي بن خلف 255 0315 لإ تان مودو مووود وحن العو و عم الخو و ل 1 
طلحة ينبض بالنبي َي ا 101 1 | ا 
اخر هجوم قام به المشركون 000101008 ااا 
تشويه الشبداء ااا 
مدى استعداد أبطال المسلمين للقعال حت مهاية المعركة ااا وس سمي 
بعد انتهاء الرسول عه إلى الشعب 1 15151[ 1[ اا 
ثماتة ألي سفيان بعد نهاية المعركة وحديثه مع عمر ا ا 
مواعدة التلاقي في بدر لعي اناه نك وان كي مط عاو ند لسع كم ا خم ا 104 
التثبت من موقف المشركين ا 1 ز 1 ز ز 1 اا 
تفقد القتلى والجرحى شع 1112ل ظعو انعا لوطه لطن ماق اا ووم لوو ا ا و 11 
جمع الشهداء ودفنهم مدن جلي و وت 1ج ادو اطسو 1 الو ا د رعق و مع لل ار قرا لو قا اد ا لا 
الرسول عَيْيته ينني على ربه عز وجل ويدحه كم امام ادر وعدن لوطو ا ب 1 
الرجوع إلى المدينة » ونوادر الحب والتفاني ا لظا سوسا تقالو لجيه تا ا ل 
الرسول عَيِ في المدينة ا 
قتلى الفريقين ااي 000 
حالة الطوارىء إلى المدينة 1 1ذ1ذ[1ذ[ذ[1[ذ[ز1ذ1 1 [1[1[1[1[1[1[ذ[ز [ز[ [ [ [ [ [ [ ا 000 


غزوة حمراء الأسد يط ع م 80 6 عاط عم قرف 8 جا 6ع ع زعام ع لجنا ء لزجة اطلت ل لبا ل ا ا ع 6 114 
القران يتحدث حول موضوع المعركة ا ل 
الحكم والغايات المحمودة في هذه الغزوة اب 0 
السرايا والبعوث بين أحد والأحزاب و ال 
سرية أي سلمة ا 
بعث عبد اللهدبن أنيس مجك و الطامه لي ماو ماه وعم عمق ود ولاه ولع مادا متو ا 
بعث الرجيع 11 1 0 
ماساة بر معونة 00 0 
غزوة بني النضير الوقن ووو معام ووه اوأر كوا ياواه وا بحي ااا ل لاما 
غزوة نجد 10 1 اا 
غزوة بدر الثانية 11[ |[ [ز ز ز ز ز 0 0 
غزوة دومة الجندل 00001 اا 
غزوة الأحزاب 0 0 
غزوة بني قريظة ا 
النشاط العسكري بعد هذه الغزوة 11 1 ز 1 ا ا ا ا 
مقتل سلام بن ألي الحقيق..... الي ا ا ا ا 
سرية محمد بن مسلمة 234 وساناي نم و واوادا ا وه اانا ارده ونع ل ال م 
غزوة بني لحيان له 230616 ااي كز وعااتتون وبا اح امه ماللا ام 
متابعة البعوث والسرايا 0 0 ا 
غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع ا ل 
دور المنافقين قبل غزوة بي المصطلق طاان ب و3 مجهي وو وجد ا حو بلي ا 
دور المنافقين في غزوة بي المصطلق اختاو وو م ا ا و ا 
١‏ قول المنافقين « لكن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الآذل » ا 
"' - حديث الافك ا ل لو ا 0 


الموضوء الصفحة 


البعدث والسرايا بعد غزوة المريسيع 0 
وقعة الحديبية --1-1.ٍ1ٍ002020210212121 ل 
سبب عمرة الحديبية ااا 
استنفار المسلمين 0 
المسلمون يتحركون إلى مكة از اا 
محاولة قريش صد المسلمين عن البيت 00 0 اا 

تبديل الطريق ومحاولة الاجتناب عن اللقاء الدامي 000 

بديل يتوسط بين رسول ا 111 اخريض 

تسل تريش 0 

هو الذي كف أيدمهم عنكم 0 

عنهان بن عفان سفيرا إلى قريش.. اا ا 
إشاعة مقتل عثان وبيعة الرضوان 1 

إبرام الصلح وبنوده ابا از امه كج وعد امام رن العم وه افا ااه ام ما عا و 11611 

رد أي جندل 1110 1 1 ااا 

النحر والحلق للحل عن العمرة ا 

الاباء عن رد المهاجرات مم اوعد لع لقاع نم سمت ا قا او الوا لولج ا ارو 111 

ماذا يتممخض عن بنود المعاهدة 0 

حزن المسلمين ومناقشة عمر مع النبي عَيْه ا ا ا 1 
انحلت أزمة المستضعفين ل ا 1 
إسلام أبطال من قريش 1 1 1 1 1 1 ااا 
المرحلة الثانية ( طور جديد ) ا 0 م م ا 1 1 
مكاتبة الملوك والأمراء. . ا اا ااا ا ا ا 
١‏ - الكتاب إلى النجاشي ملك الحبشة 00 


كت 


17 الكتاب إلى المقوقس ملك مصر سكن يوان اع ا ا م‎ - ١ 

- الكتاب إلى كسرى ملك فارس وكة بلية اا وب وام ا ا ا 1 6 

؛ - الكتاب إلى قيصر ملك الروم اك 351 وام عن جد وار املا و واو م ين 3 16 

ه - الكثئاب إلى المنذر بن ساوي 00000 0 

١‏ - الكتاب إلى هوذة بن علي صاحب الهامة 1 1 اا 

- الكتاب إلى الحارث بن ألي شمر الغساني صاحب دمشق لماعم ا 6 

م - الكتاب إلى ملك عمان امات ا سام تمن اا لماعو واوا مم 
النشاط العسكري بعد صلح الحدييية الاق ال واوا الاو ل لاير بان 
غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد 0 1 اا 
غزوة خيبر ووادي القرى 0000011 ا 
عبت الددوة ا ا 
الخحروج إلى خيبر 11[ 1[ اا 0 

عدد الجيش الاسلامي 001 ا 
اتصال المنافقين باليبود اخر نواه ها تان لا وح ب ا ا ا 
الطريق إلى خيبر 00011 ا ا 

بعض ما وقع في الطريق ا 0 اا ا 
الجيش الاسلامي إلى أسوار خيبر ا 0 

التبيو للقتال وحصون خيبر 1 1[ ا ا 

بدء المعركة وفتح حصن ناعم حو لحا اع ووو و اسحا موسو وو ام م 

فتح حصن الصعب بن معاذ 000001 0 

فتح قلعة الزيير لوصا دوو د وجتمن ون بجوو اجو باع ل 

فتح قلعة الي 11 1 1 1 ا ا 

فتح حصن التزار واد انعد تنه 1د قسن اندم تدك دده و ا و الم ا ليام 


2 1 + و‎ ١ 1 


فتح الشطر الثاني من خيبر جاه ان لكي 351 اام ها من :1 ساعد تائف لع حا لو العام لاا للك ع 110117 
المفاوضة اا اا ا 001 ا 
قتل ابني أبي الحقيق لنقض المعاهدة 0000211 ا 0 اا 
قسمة الغناتم ل ا ا اااي 0000 
قدوم جعفر بن أي طالب والأشعريين اي ده وح ل وود فط اوه ماعوة 17108 
الزواج 558 ل ومو وا لد وام ور لو وماد لق مالي ا 01 
امر الشاة المسمومة م فاح 1016 لاو امال لالط أيه ا حفط لج الا اواو فر 10101 
قتلى الفريقين في معارك خيبر ما ةن تسمه انظه انفوااواسد الور ووفم ل 101017 
فدك 1 1 1 1 0 0 0 اا 
وادي المقرى 0000101 0 ا 
تهاء 0000 
العودة إلى المدينة 00 0 ا 
سرية أبان بن سعيد 11111 000 0 0 0 2ط 
بقية السرايا والغزوات في السنة السابعة ا ااا 
غزوة ذات الرقاع 0 0001-1 0 ا 
عمرة القضاء ال 0000 ا 
معركة مؤتة ل ون ل للح مالل ل حل للا ل وال اال سعريت ا 0 0 ا 
سبب المعركة قد ا اجا ا للم اح ا ار 
أمراء الجيش ووصية رسول الله مَل 5000000 ظ ا 
توديع الحيش الإسلامي وبكاء عبد الله بن رواحة و ل ا 
تحرك الجيش الاسلامي ومباغتة حالة رهيبة 0101010101211 ا 
المجلس الاستشاري بمعان 001012 ا 
الجيش الاسلامي يتحرك نحو العدو 00001 0 588 


02*82 


الووخهوة 


بداية القتال وتناوب القواد اماما اما بسع عه نع واج ا ل قرم 
الراية إلى سيف من سيوف الله تفار سي لايس م و 
مهاية المعركة 000 
قتلى الفريقين ا 0 0 0 
ثر المعركة 0 
سرية ذات السلاسل اوعفد احانه جرا باو مون طن و واسطاوو اه لانو واولا او 11 ا ا ا 1 
سرية أي قتادة إلى خضرة الما و ا ا 0 
غزوة فتح مكة 000001 00 
سبب الغزوة ا 
أبو سفيان يخرج إلى المدينة ليجدد الصلح زز ‏ 0 0 0 0 ااا 00 
التبيؤ للغزوة ومحاولة الاحفاء اللاادفه للملا د خم د و واطا رماو الالو اا ا ا 
الجيش الاسلامي يتحرك نحو مكة ا ع ادعو اواو لعا م لام 
الجيش الإسلامي ينزل بمر الظهران 00000101111 0 0 
أبو سفيان بين يدي رسول الله عات 1 
الحيش الاسلامي يغادر مر الظهران إلى مكة ا 
فريش تباغت زحف الحيش الإسلامي وما لان ارو حر وس اي ا 
الجيش الإسلامي بذي طوى 1010 ا 
الحيش الإسلامي يدخل مكة 1[1[1[ز[ز[ز[ [ 10000000 
الرسول عَهِ يدخل المسجد الحرام ويطهره من الأصنام 00000 
الرسول عََتّه يصلى في الكعبة ثم يخطب أمام قريش 07700000 
لا تنريب عليكم اليوم 0000 0 0 
مفتاح البيت إلى أهله اا 7بب1ب000000012121 0 
بلال يؤذن على الكعبة 10000000101 


صلاة الفتح أو صلاة الشكر اا 
إهدار دماء رجال من أكابر المجرمين 000101 ا 
إسلام صفوان بن أمية وفضالة بن عمير 00000 100000 
خخطبة الرسول عَْيْهِ في اليوم الثاني من الفتح 0 ا 0 00 
تحوف الأنصار من بقاء رسول الله ميته في مكة ل 

أذ البيعة از[ ا 100 
إقامته َيه بمكة وعمله فيها 0001001 0 0 ا 
السرايا والبعوث 00121 ا 
المرحلة الثالثة ا يي ب00121 ا 
غزوة .حنين اا ب-0002 ااا 
مسير العدو ونزوله بأوطاس ااا 
يجرب الحروب يغلط رأي القائد ا 
سلاح اكتشاف العدو ا 

سلاح استكشاف رسول الله عَييه 52552017 ا ا 
الرسول َيه يغادر مكة إلى حنين يبي ا 00 
اليش الاسلامي يباغت الرماة المهاجمين 0020111 ا ل 
رجوع المسلمين واحتدام المعركة ا 
اتكسار حدة العدو وهزيمته الساحقة 0 0 0100 

عركة الطارة ا ا 
000 الغنائم ا اا ا ااا ا 
غزوة الطائف 00000 ا 
قسمة الغناتم بالجعرانة 0001 00 
الأنصار تجد على رسول الله مَل 1 


0١ 


قدوم وفد هوازن 2 
العمرة والانصراف إلى المدينة 171111 م ا 
البعدث والسرايا بعد الرجوع من غزوة افع اا 
المصدقون ا نص ولا لون تا وو م و م 
السرايا 00010 ا 
غزوة تبوك ا 000 
سبب الغزوة 000001 00 
الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان ا 06000 
الأخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان 7 000 
زيادة خطورة الموقف 0 ا 
الرسول عَيَهِ يقرر القيام بإقدام حاسم 0600 
الاعلان بالتهبيوؤ لقتال الرومان 000000000000 0 
المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو و لو 
الجيش الإسلامي إلى تبوك 00 اا 
الحيش الاسلامي بتبوك 0111 0 0 
ال جوع إلى المدينة 0 1 00010 الخو و ا ا الو 21 
التخلفون 0 
أثر الغزوة از ذ 0000 
نزول القران حول موضوع الغزوة اذ[ 00 
بعض الوقائع المهمة في هذه السنة اورام اب اقرط 4 ما دول شه رن و 2 
حج أبي بكر رضي الله عنه 00 00 
نظرة على الغزوات 00011 0 0 00 
الناس يدخلون في دين الله أفواجاً اذ 1 [ذ[ذ[ [ [ 00000011 


061١١ - 


الوفود ال 0001010010 ل 
نجاح الدعوة وأثرها 000002020212111 ااا 
حجة الوداع 0000 ا ل 
اخر البعوث 0 
إلى الرفيق الأعلى ا ا 
طلائع التوديع 0001213231111 ا ا 

بداية المض 000001 1 1 1 7[3[1[ثك 
الاسبوع الاخير 008 ا ا 

قبل الوفاة مخمسة ايا 00 

قبل أربعة أيام ا ا وي ل ا 11 1 

قبل يوم أو يومين ال 0101 ا 

قبل يوم ا 

آخر يوم من الحياة ا لا ا 1 51 
الاحتضار طشان ادم انه ل لماه لو اع فته نحو م مانو ع ناوالا وا اش 1 511110 

تفاقم الأحزان على الصحابة 0 
موقف عمر ال 0020101 
موقف بي بكر 2123323 000 000007 0 0 10000 
التجهيز وتوديع الحسد الشريف إلى الأرض 000 مو مد ع و ا ا ا 201 
البيت النبوي ا 
الضفات والأخخلاق 11 1[ ااا 
جمال الخلق ا دببببب0102212 ا ا 

كال النفس ومكارم الاخلاق ون اال اط ل بل مني ااا اا ع وو ال 91 

ثبت المراجع 0010101212111 ا م